|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
طار وارتفع
أيقن صالح بأن الجينات هي السبب في
خطواته الجانبية، وأن سيره المنحرف لم يُولد معه بل ورثه عن أبيه الذي كان يشبه
السرطان المشوّه، ليس له إلا ذراع واحد يضرب به حيثما ملكت يده، ويسرع في التقدم
جانبياً بساق واحدة حتى يتفوق على من يخطو مستقيماً في السير إلى الأمام.
أدرك بهذا أنه قد يستطيع إصلاح
المشكلة، تبيّن له أن بإمكانه الاستقامة والسير بخطى مستقيمة إلى الأمام إن شاء ذلك
ليصبح معتدلاً كالآخرين، حتى لا يميزه أو يلتفت إليه أحد، بعد ذلك، بريبة واستغراب.
أيقن أنه يستطيع إصلاح ما أفسده والده، إن قرر عدم السير على خطاه.
ولكن هل يريد الانحراف عن تلك الهوية
والسيرة والسلوك؟ هل يريد الاستقامة في خطواته ليضيع بين الناس ويصبح باعتداله
واحداً منهم؟ هل يتخلى عن تميزه لمجرد أن البعض يرى في ذلك إعاقة؟ مع أنه مجرد
اختلاف في الرؤية والوجهة والخطى؟ هل يتخلى عن ميراث آبائه وأجداده ليصبح كالآخرين؟
من يدري؟.. لو أراد لنا الخالق أن
نتشابه لخلقنا كما السيارات بكميات تجارية هائلة لا فرق بين الواحدة منها والأخرى
إلا في اللون وسنة الصنع. من يدري؟.. لو تمكن والده من الاستقامة والاعتدال لما
انحرفت قدماه ورضي بالسير جانبياً كالسرطان.
هذا ما جعله يفكر بالحفاظ على فرادته
وتميزه في آن معاً، وما دفعه إلى الجنوح نحو التحدي والسعي إلى ما لا يقبل به العقل
والمنطق، فانكب على بذل الجهود لإتقان فن الطيور، وقضى عمره في تعلم سبل التحليق
والطيران حتى أتقنه.
بلغ مستوى الكفاءة والبراعة لديه أن
قفز عالياً في كبد السماء الصافية مرة، فارتقى بنفسه ليبلغ رفعة الطيور الجارحة
التي خشيت ملامحه الغريبة وتجنبته وابتعدت عنه نحو أعالي الوديان السحيقة كي لا
يتبعها طائر لا تعرف إن كان فريسة أم مفترساً.
انطلق بصدره العاري من إحدى القمم
الشاهقة كالعقاب متحدياً ينشد مقارعة النسور، فطاف وارتعش وانتشى، تداعب ملامحه
النسمات وهو يعلو متألقاً بين الطيور الجارحة باختلاف وفرادة وامتياز يحلق سابحا في
المدى سعيا إلى كنف دافئ في الأفق. فهل تحت قرص الشمس متسعا لغير الهوية والقدر؟
=-=-=-=-=-=-=-نهاية
الكتاب. © 2004-2009. All Rights Reserved-كافة الحقوق محفوظة للمؤلف
[محتويات]
[إهداء]
[شكر]
[مقدمة]
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م