اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 مداخلة الكاتب الفلسطيني الأستاذ رفعت أحمد شناعة
 

 في حفل توقيع كتاب أمريكا بين الهنود والعرب الذي أقيم في قاعة منتدى صور الثقافي يوم الأحد الواقع في4 نيسان 2004 الساعة الخامسة عصراً.

أشعر باعتزاز وأنا أستعرض أمام حضراتكم كتاب"أمريكا بين الهنود والعرب" للزميل الدكتور نبيل خليل، هذا الكاتب الممّيز في مضمونه والذي أضاف مصنّفاً جديداً كانت تفتقر له المكتبة العربية. فقد أغنى الدكتور نبيل خليل وهو الملم بأكثر من لغة، والذي عمل في عدة مجالات إعلامية وصحفية وفكرية، لقد أغنى الكتاب بمعلومات دقيقة حول حقبة من تاريخ البشرية ليست معروفة لدى العديد من الكتاب والمفكرين والساسة، وساعده على ذلك إطلاعه على اللغات الأخرى خاصة الإسبانية والإنكليزية إضافة إلى اللغة الأم.

وقد زاد من أهمية الكتاب التقديم الذي أتحفنا به الأستاذ نصري الصايغ والذي بدأ تقديمه بالتخوف من التأريخ، لأنه يخدع، فالأمور تحتاج إلى مزيد من التمحيص والتدقيق، وهو يرى في الكتاب الذي نستعرضه محاولة شاسعة لاكتشاف أميركا، فهذه القارة الحديثة تحتاج إلى اكتشافات حقيقية، لأن ما ورثناه عن تاريخها يبدو مقلوباً ويمشي على رأسه. والكتاب برأيه يستخرج سجلاً عدلياً ملوثاً يظهر السيرة الشريرة للولايات المتحدة الأميركية، ويضيف مستفيداً من معطيات الحاضر بأنه مرعب أن يكون لأمريكا هذه السيرة الشريرة، ومرعب أن نراها اليوم، وقد كثّفت كل ما ارتكبته في ماضيها، لتلقنه للعالم دفعة واحدة كأن أمريكا اليوم تعيد اكتشاف الكرة الأرضية لتمارس فيها مسلسل القتل الرهيب، الذي أتقنت فنونه مع الهنود، السكان الأصليين لتلك البلاد البكر، فهل نكون نحن، الهنود الحمر العرب؟

العقلية الأمريكية المبنية على الشر والعدوان وإبادة الآخرين بدأت مع الهنود الحمر حيث استخدم المستوطنون البيض الجدد الأسلحة الكيماوية لإبادة الملايين من أهل البلد الأصليين. فميزة "الأبنوس" هذه أو مسيرة الاستعباد المنظم هي" هولوكوست" سبقت الحرب العالمية لتبدأ منها جريمة العصر. وأهل البلد الأصليون ليسوا منقطعي الجذور, وإنما لهم حضارة وثقافة. والأستاذ نصري الصايغ يذكر بأن في العام 1945 دمر ست وستون مدينة من كبريات المدن اليابانية بالنابالم الأميركي، وقبل إلقاء قنبلتي هيروشيما وناكازاكي كان امبراطور اليابان قد أرسل رسالة للرئيس الأميركي هنري ترومان يطلب منه السلام، ولكنه تجاهل هذا الأمر لأن المطلوب كان قتل نصف الشعب الياباني.

ويأتي الأستاذ نصري الصايغ في تقديمه على فكرة رئيسة يركز عليها الدكتور نبيل خليل تتعلق بحقيقة السلام الأميركي. فالولايات المتحدة الأميركية تتحدث كثيراً عن السلام، ولكنها لا ترتكب إلا الحروب، كأن الحرب هي السياسة الخارجية الوحيدة التي توزعها على العالم كما يقول نعوم تشومسكي، أو كأن ارتكاب المجازر جزء لا يتجزأ من سيرورة واستمرار النظام الأميركي وقدرته على الهيمنة، واستفحاله متفوقاً معمّقاً الهوة بينه وبين حلفائه وأعدائه على السواء, فالمجازر عقيدة سياسية، وليست عملاً عابراً. فما مارس الأميركيون ضد الهنود الحمر لا يختلف أبداً عما تمارسه الصهيونية ضد العرب والفلسطنيين بشكل خاص، وما تقوم به اسرائيل يتم برضى أميركا، وتغطية أميركية واسعة.

مؤلف الكتاب "أميركا بين الهنود والعرب" يكشف وبالوقائع زيف الادعاءات الأميركية بأنها رائدة الديمقراطية في العالم، والأحداث التاريخية والوقائع الحالية تؤكد أن هذه الديمقراطية هي أشد فتكاً من الديكتاتورية. فما تطرحه الولايات المتحدة من شعارات براقة  تستهوي الذين لا يقرؤون التاريخ إنما هي للتعمية والتضليل من أجل الوصول إلى المكاسب الاقتصادية.

الكتاب الذي تتوزع مواده على تسعة فصول، غني بالمعلومات، ومميز بالتحليل المنطقي، والربط بين الماضي والحاضر، وسبر أغوار السياسة الأميركية وارتباطها بالحركة الصهيونية، والتوافق على إبادة البشرية، والدول النامية التي تشكل عقبة بوجه الاستثمارات الأميركية.

ما يؤكد عليه الدكتور نبيل خليل هو أن هذه القارة التي وصل إليها المستوطنون البريطانيون واستعمروها كان فيها حضارة، وقد وصل إليها سابقاً حضارات قديمة وعريقة، ولا يمكن أن نغفل الحضارة الفرعونية. وكذلك الحضارة الكنعانية أو الفينيقية الذين كانوا أسياد البحر، ومدينة(بالينكي) تشهد على وجود بعض منحوتات تؤكد وجود هذه الحضارة. كذلك كان الدور الأساسي في اكتشاف أمريكا هو رحّالة مغربي، وهو الذي وضع الخرائط والمعلومات في كتابه"نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" وهي المعلومات التي استند إليها كرستوفر كولومبوس في اكتشافه لأميركا. وكولومبوس في مذكراته يؤكد بأن نسبة الهنود الذين أبيدوا في شمال القارة قد وصلت نسبة الإبادة إلى 100% وكروستوفر يذكر أنه رأى المآذن في جزر الكاريبي.

الحملات الأوروبية استخدمت استراتيجية تقوم على تدمير الحضارات السائدة هناك وإبادة البشر. ويشير الدكتور نبيل خليل على لسان إليزا ماريا نستراس في كتابها حول الأساطير الأميركية بأنه كانت هناك أربعة أسس اعتمدها المستوطنون ضد الهنود:أولاً: أن الهنود أولياء الشيطان ويجب إلغاؤهم.

وثانياً: أن للمستوطنين حق السيطرة على الأرض وثرواتها،

وثالثاً: أن المنظور التأريخي للتطور المسيحي يعتبر أن الهنود ما زالوا في طور البدائية التي لا حاجة لها.

ورابعاً: أن الهنود يقيمون على أرض يحتاج إليها المستوطنون فما عليهم إلاّ الرحيل.

ثم يتحدث الدكتور نبيل خليل عن المجازر التي أفرزتها حروب المستوطنون ضد الهنود الحمر ويأتي على ذكر محاولة الأوروبيين للسيطرة على امبراطورية الأنكا. وعندما دخل أتاوالبا الأنكا حاصره الجنود، وقبضوا عليه وقتلوا الخمسة آلاف الذين كانوا برفقته، وهذه المجزرة حصلت خلال ساعة ونصف الساعة. وقد قاموا باحراق الامبراطور، علماً أن الامبراطور قبل الدخول في المسيحية إلاّ أن ذلك كله لم يغفر له، فأعدموه وحرقوه. فالهنود الحمر كانوا أكثر تحضراً من الانكليز لأنهم كانوا يعيشون في ظل أنبل القوانين، ودستورهم يعرف باسم قانون السلام الأعظم. كما يرى عالم الانسانيات جاك وذروفورد بتفصيل مهيب عن فضل الهنود الحمر على الحضارة الانسانية في ميادين الزراعة والصناعة والتشريع والطب وهذا ما ينكره التاريخ الأميركي ويشوهه ليخفي جريمة إبادة مئة واثنا عشر مليون إنسان، ومحو أكثر من أربعمائة ثقافة من سجل الحضارة الإنسانية في أكبر هولوكوست عرفه التاريخ البشري.

كذلك يشير الدكتور نبيل خليل إلى مجزرة أخرى في ساند كيريك راح ضحيتها أكثر من ثمانمئة هندي أعزل على يد الجنود الأميركيين بقيادة الجنرال الشهير جون شيفينغتون الذي ما زال يعتبر من أبرز أبطال التاريخ الأميركي، وهو الذي قال عبارته المشهورة:" اقتلوا(الهنود) واسلخوا جلودهم، ولا تتركوا صغيراً ولا كبيراً، فالقمل لا يفقس إلاّ من بيوض القمل". هكذا انتهت ما عرف بالحرب الهندية عام 1980 بعد أن قتل من الهنود مئات الآلاف، وأبيدت قبائل بكاملها، وأخضعت القبائل المتبقية. هذه الحرب ضد الهنود الحمر سكان البلد الأصليين لم تتوقف حتى الآن فهو مازال يعاني اقتصادياً، كما أن هناك تهميشاً اجتماعياً وتنكيلاً فكرياً ونفياً. الهنود الحمر يقاومون لاستعادة ثقافتهم وهويتهم.

فالكيان الأميركي قام على أنقاض أمة تعرضت للمجازر والإبادة البشرية الجماعية ولم يتبق من سكانها الأصليين وهم خمسون مليوناً سوى ستة ملايين ما زالوا عرضة للقهر والاستبداد. وفي هذا الاطار يقول جبران الذي عاش في الولايات المتحدة:"ويل لأمة لا ترفع صوتها إلاًّ إذا مشت في جنازة، ولا تفخر إلاّ بالخرائب، ولا تثور إلاّ بين السيف والنطح".

القتل والجريمة وحرب الابادة التي دخلت في صلب العقيدة الأميركية ما زالت بذورها تنتشر في العالم، وما زالت الولايات المتحدة تدفع بهذا الاتجاه وتنمي علاقاتها الاستراتيجية مع إسرائيل عدوة البشرية والتي لا تختلف ممارساتها وسيرتها الاجرامية عن الولايات المتحدة. فصبرا وشاتيلا وجنين ورفح وقبية وكفر قاسم وغيرها ما زالت تشهد على سلوك هذا الطفل المدلل.

يبين الدكتور نبيل خليل أبعاد السياسة الأميركية التوسعية والرغبة في الهيمنة تحت شعار أن أميركا بلد الحرية والديمقراطية وهي تحمل رسالة إلى العالم. فبعد أن سيطرت أميركا وطردت الانكليز والاسبان خرجت من دائرة النفوذ والصراعات الأوروبية ثم بدأت تعمل انطلاقاً من مبدأ مونرو على الاستفراد بالدول الأميركية اللاتينية المستقلة للسيطرة عليها. ونظرية الرئيس مونرو عام 1823 تعتبر أن القارة الأميركية هي كل متكامل

وأن الولايات المتحدة هي حاميتها، وهذا كان منطلقا لتعميم التوسع الإقليمي.

الخطوط العريضة للسياسة الأميركية الخارجية أوضحها السيناتور بيفيريدج حيث قال:" على التجارة الخارجية في العالم أن تصبح ملكاً لنا، وعلى سفننا التجارية أن تشمل العالم، لهذا علينا بناء أسطول عسكري يتناسب مع عظمتنا...."    

وقد كان السيناتور هارت بينتون أكثر وضوحاً عندما قال أمام مجلس الشيوخ عام 1846: "إن قدر أميركا الأبدي هو الغزو والتوسع، إنها كعصا هارون التي صارت أفعى وابتلعت كل الحبال، هكذا ستغزو أميركا الأراضي وتضمها مساحة بعد أخرى..." وقد بدأت الولايات المتحدة بالترجمة العملية لمثل هذه النظريات لقد أرغمت الصين في آب من عام 1942 على توقيع معاهدة نانكين، ثم اتجه الأسطول الأميركي باتجاه اليابان ورست السفن أمام مركز باكوفو للضغط على اليابان من أجل ابرام المعاهدات التجارية الأولى مع الولايات المتحدة، وقد شرعت في فرض المعاهدات على الدول المجاورة، هذه الاستراتيجية التوسعية والتي تكرّست عبر عقود من الزمن تبدو جلية الآن من خلال استخدام النفوذ الأميركي لتدمير دول بكاملها، وقتل شعوبها، والهيمنة على قراراتها السياسية والاقتصادية، ونشر القواعد الأميركية في أرجاء المعمورة لإحكام السيطرة ليس على الأميركيتين فقط وإنما على الكرة الأرضية مستفيدة من حلفائها الاستراتيجيين. هذا الذي تقرأه في كتاب أميركا بين الهنود والعرب والذي يعود مضمونه إلى القرن التاسع عشر يتجسد اليوم عدواناً اجرامياً توسعياً متحدياً المؤسسات الدولية، والرأي العام الدولي، وها هو مجلس الأمن يترنح كيانه أمام الضربات المتتالية التي تكيلها السياسة الأميركية لإنقاذ هذه المؤسسات القادرة على أخذ القرار.

ثم ينتقل الدكتور نبيل خليل إلى المواقف الأميركية خلال فترة الحرب العالمية الأولى، وأبرز ما يؤكده هو قرار الرئيس الأميركي ويلسون بأمركة العالم وتحريك مصالح أوساط الأعمال الأميركية والاعداد لبنى اقتصادية في خدمة الولايات المتحدة أولاً، وللحفاظ على التوازن الدولي، والدفاع عن حرية التجارة دعا إلى إرسال الجيوش والوحدات إلى ساحة القتال في أوروبا.

وهكذا خرجت الولايات المتحدة من الحرب العالمية الأولى بالحصول على المواد الخام الضرورية من البلدان التي تسيطر عليها مقابل الأسلحة التي مّولها بها. وقد ساعدها هذا الانتصارالدولي على القضاء جميع الحركات الداعية إلى الحقوق المدنية والسياسية داخل البلاد. وما يبرر التطلعات التوسعية الأميركية هو رفضها التوقيع على معاهدة فرساي التي قسمت العالم على الدول العظمى. والولايات المتحدة لم توقع لأنها تعتبر حصتها العالم بأسره، وأن الباب يجب أن يبقى مفتوحاً. وهذا ماجعل جميع الاسباب مفتوحة لحرب عالمية ثانية دخلتها الولايات المتحدة عام 1941. وقد تعزز موقف الولايات المتحدة عندما أرسلت وحداتها إلى أوروبا لتشارك في إنزال النورمندي، كما أرسلت وحداتها إلى مناطق مختلفة من العالم، وبفضل مشروع ماريشال أصبحت أوروبا مدينة لأميركا.

وفي ظل الحرب الباردة فإن الرئيس ترومان لم يغير نظريته فقد قال بعد توليه السلطة عام 1945 حيث يقول:" سياستنا يجب أن تكون مساندة الشعوب الحرة التي تقاوم الاذلال الذي تفرضه عليها أقليات مسلحة أو ضغوط خارجية وفي ذلك إشارة إلى الوجود السوفياتي وتأثيراته في المنطقة، وهذا القول هو استمرار لمبدأ مونرو الذي يرى ضرورة تحويل العالم إلى أسواق تجارية تخدم المصالح الاقتصادية الأميركية. والسياسة الأميركية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي أكدت أن الحروب التي كانت تتم إنما تستهدف إخضاعها للنفوذ الأميركي، وهذا المنطق ما زالت تعتمده بعد سقوط الاتحاد السوفياتي للانتشار والهيمنة والتوسع، وايجاد ذرائع ومبررات واهية منها محاربة الارهاب والانتصار للديمقراطية.

أما في ظل العولمة فيشير الكتاب إلى السعي الأميركي من أجل إلغاء جميع الحضارات وثقافات شعوب العالم واستبدالها بسيادة وسلطة الولايات المتحدة وحضارتها التوسعية، وثقافتها الاستهلاكية وعنصريتها التي ترفض الآخر حتى يتأمرك ويعترف بتفوق الجنس الأبيض ويتفانى في خدمته. وهذا يستدعي بالطبع تشتيت التجمعات العرقية، وإقامة دويلات بدلاً منها، وهذا ما رأيناه في يوغسلافيا السابقة إن انقسمت إلى عدة دويلات. وهذا ما نخشى حصوله في بغداد اليوم بعد المحاولات المستميتة من الولايات المتحدة لإثارة الفتنة بين العراقيين.

الولايات المتحدة تسعى إلى الهيمنة عبر مختلف المؤسسات السياسية والأمنية والاقتصادية، ويعطي الكاتب مثالاً على ذلك صندوق النقد الدولي الذي يضم مئة وأربعين عضواً، وتتمتع واشنطن بما يقارب ربع الأصوات إلى جانب حق النقض، وهذا ما يساعدها على عدم تمرير أي مشروع لا يخدم الأهداف السياسية والاقتصادية الأميركية.

إن الحملات العسكرية الأميركية التوسعية التي تشكل جوهر سياستها لا يمكن أن تستمر إلاّ بوجود عدو مخيف ومرعب يهدد الأمن الدولي وهو ما تركز عليه الآن أي الارهاب الدولي، والقاعدة وغيرها. ويتساءل الكاتب إلى متى تستطيع الولايات المتحدة الأميركية وضع كل بيضها في سلة واحدة، هي سلة الحرب أو صناعة الحروب، والدور العسكري والشرطي الوسيط المهيمن على هذا العالم؟

ويتطرق الكاتب إلى الجريمة المنظمة في الولايات المتحدة، وكيف بدأت مشيراً أنها بدأت من خلال المجموعات الأوروبية وغير الأوروبية المطرودة من بلادها والتي نقلت معها بتجارة الأفيون. ثم تطورت العلاقة الرسمية مع المافيات وخاصة المافيا الإيطالية التي تحولت إلى قوة سياسية مهمة، وبدأت قصة التعاون بعد أن تم إغراق مئة وواحد وخمسين سفينة تجارية على طول الشواطئ الأميركية الشرقية. وقد أقرت الاستخبارات الأميركية البحرية في 26/ آذار1942 عدم تردد واشنطن في التعاون الوثيق مع رجالات الجريمة المنظمة والتعامل معها كقوة فاعلة على الأرض، وهذا ما ترك أثراً كبيراً على ازدهار المافيا في الولايات المتحدة.

لقد مارست المخابرات المركزية الأميركية أدواراً إجرامية في مختلف دول العالم فوقفت خلف الكثير من الانقلابات، أو الاغتيالات، كما أنها دعمت الحكومات التي تسير في فلكها رغم اضطهاد وظلم هذه الحكومات لشعوبها.

فأجهزة الاستخبارات الأميركية العاملة في الخارج لا تهدف إلى حماية الأمن القومي كما تدعي واشنطن بل هي أداة لقهر شعوب العالم. فهذه الأجهزة لم تستطع حماية سفينة ليبرتي التي قصفها الطيران الاسرائيلي وأدى إلى مقتل أربعة وثلاثين جندياً أميركياً. والذي أنقذ الباخرة هي البحرية السوفياتية، ولم تحاسب اسرائيل على فعلتها.

وفي الفصل الثامن يركز. بأن اليهود في القرون الوسطى اختاروا العزلة وكانوا مكروهين بسبب نشاطاتهم الربوية وتمسكهم بمفاهيم تستخف بجيمع الأعراق البشرية، وتعتبرها دونية، وهذا ما أدى إلى طردهم وقمعهم، ولاقوا الكثير من المذلة إلى أن نشأت البروتستانتية على يد مارتن لوثر وجون كالفين، وقد تميزت هذه البروتستانتية بأنها جزء من حركة الاصلاح الديني في عصر النهضة، وأعادت دراسة العهدين القديم والجديد على أسس فكرية جديدة استفاد منها اليهود، وهكذا بدأ الأوروبيون البروتستانت يحترمون اليهود. ومع توافق المصالح المشتركة بين البرجوازية اليهودية والصهيونية المسيحية بدأت تتبلور معالم الصهيونية العنصرية الاستيطانية بآفاقها الاستعلائية الدينية في جميع الاتجاهات.

خلال الحرب العالمية الثانية حصلت هجرة يهودية مكثفة إلى الولايات المتحدة من أوروبا وجاءت حملات أخرى من الاتحاد السوفياتي السابق والتي تمت رغماً عن الاتحاد من أجل الحصول على جواز سفر. وهكذا فقد تحول الصهاينة بعد الحرب العالمية الثانية وقيام الكيان الاسرائيلي إلى قوة منظمة أسهمت في تطوير الكيان الاسرائيلي. وهكذا أمسك اليهود بادارة النفوذ الأميركي من مختلف المجالات.

وقد بدأت الحركة الصهيونية في تحديد خطوطها العريضة التي تخدم مصلحة إسرائيل والمشروع التوسعي، واعتمدت الأسس التالية:

أ- التشجيع الدائم للهجرة اليهودية إلى فلسطين.

ب-التأكيد المستمر على العلاقة التاريخية والدينية التي تربط اليهود بفلسطين.

ج_ التذكير بوعد بلفور لإضفاء الشرعية على الكيان الاسرائيلي.

د-ابراز البطولات اليهودية في محاربة النازية.

ه-استغلال مشاعر الرأفة تجاه ما تعرض له اليهود.

و-ابراز اليهود كحقيقة فوق العادة في مجالات البحث والثقافة والعلوم.

وفي الفصل الأخير يثبت الدكتور نبيل أن مبادئ السياسة الأميركية التي سادت في الماضي أو التي برزت بعد أحداث الحادي عشر من أيلول لم تتغير أبداً فأميركا التي أبادت مئة واثني عشر مليوناً من الهنود الحمر ومحو أكثر من أربعمائة ثقافة من سجل الحضارة الانسانية هي ذاتها التي أبادت أربعين مليوناً من مواطني القارة الافريقية طوال ما يزيد على مائتي عام من نظام العبودية. فالادارة الأميركية هي الادارة الأميركية بغض النظر عن رموزها، فالجوهر واحد، وكولن باول في نهاية الأمر لم يختلف عن رامسفيلد لأن الجوهر واحد، وإن اختلفت الأشكال والتحليلات. وهناك مجموعة من العوامل الموضوعية التي تزيد من السياسة العدوانية للولايات المتحدة، ونجد على رأس هذه المجموعة من العوامل الظروف الداخلية الأميركية وما تعانيه من أزمات اقتصادية واجتماعية وترهل بني في التقدم التكنولوجي، وتمركز الثروات في أيدي مجموعة من أصحاب النفوذ الساعين دائماً للسيطرة على مزيد من الثروات. ويطرح الكاتب تساؤلاً هو هل يمكن مواجهة هذا التوسع الأمريكي في عصر تعتبر فيه القوة العظمى الأوحد في العالم؟

ويرى الكاتب كإجابة على التساؤل بأن الأمر لم يعد يستهدف الدول العربية والاسلامية فقط، وانما أيضاً الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي. لكن بالرغم من كل ما سبق لا بد أن نمتلك الثقة بأننا أمة لها تاريخ وتراث ولديها الطاقات والامكانيات، ولا بد من التماسك مع الشعوب الأخرى لمنع واشنطن من فرض نفوذها، وارادتها على الشعوب.

=-=-=-=-=-=-=-إنتهت.

© 2004-2009. All Rights Reserved-كافة الحقوق محفوظة للمؤلف

تقديم الأستاذ محمد سرور

 

[مقدمة اولى]  [مقدمة ثانية]  [مقدمة ثالثة]  [مقدمة رابعة]  [ملخص الكتاب] 
[الفصل الاول]  [الفصل الثاني]  [الفصل الثالث] 
[الفصل الرابع]  [الفصل الخامس]  [الفصل السادس]  [الفصل السابع]  [الفصل الثامن]  [الفصل التاسع] 
[ملحق اول]  [ملحق ثاني]  [ملحق ثالث]  [ملحق رابع] 
[فهرس المحتويات] 

 

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster