|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
أرقام كتاب تؤدي سياسة الهيمنة الأمريكية القائمة في العالم لزيادة أرباح شركاتها العالمية الكبرى إلى وقائع غير إنسانية لا يمكن حصرها ولكن أهمها ما يؤكده برنامج الغذاء العالمي التابع لهيئة الأمم المتحدة من أن ثلاثين مليون شخص يموتون جوعا كل عام، كما ينام ثمانمائة مليون شخص دون عشاء، وأن هناك مئات الملايين من الأطفال في العالم يعانون من الإعاقة الأبدية مقعدين طوال حياتهم بسبب سوء التغذية، وكأنهم أقل من البشر دون أي ذنب يقترفونه إلا سوء الطالع والولادة في مكان ما من تشاد أو زائير على حدود الصحراء الكبرى أو الصومال والسودان وغيرها من بلدان القارة السمراء. مع أن التقدم التكنولوجي المدهش لدى الولايات المتحدة والبلدان الغنية يجعلنا قادرين على إنتاج طعام لا يكفي لستة مليارات نسمة فحسب بل لاثني عشر مليارا، أي ضعف عدد سكان العالم الحالي.
والأشد سوءا فيما تدعيه واشنطن من حرص على نشر الحرية والعدالة والديمقراطية في العالم هو أن البلدان الغنية تراكم فائض زراعي هائل من مشتقات الحليب والفاكهة والحبوب التي تقوم بإتلافها دوريا للحفاظ على أسعار تضمن لها أفضل الأرباح. وهكذا تتلف البشرية آلاف الأطنان من هذه السلع الغذائية القادرة على إنقاذ أرواح الملايين حرصا على مصالح الشركات الكبرى وتنامي أرباحها.
قد لا تكون سياسات الإفقار المتبعة في بلدان الجنوب والمدعومة من قبل صندوق النقد العالمي والمصرف الدولي ومنظمة التجارة العالمية والاتفاقيات الاقتصادية الإقليمية الغير متوازنة وحدها السبب في هذا الواقع الأليم بل وكثيرا ما يتعزز ذلك من خلال النزاعات الداخلية التي تغذيها واشنطن في كثير من المناطق عبر الترويج لتجارة الأسلحة كونها أكبر مصدر لها في العالم. كما يساهم التطور الصناعي في البلدان الغنية وعلى رأسها الولايات المتحدة باستنزاف الثروات الطبيعية في العالم والتأثير سلبا على التوازن البيئي لهذا الكوكب، خصوصا من خلال تدمير آلاف الهكتارات من الغابات الاستوائية سنويا، ما يشكل مرحلة أولى من ظاهرة التصحر الآتية لا محال، والتي تضرب اليوم عدة مناطق كانت خصبة، فتؤدي إلى خسارة ستة ملايين هكتار من الأراضي الزراعية سنويا وتجبر ملايين اللاجئين على مغادرة أوطانهم في المساحات الأكثر تضررا، سعيا للبقاء على قيد الحياة. أما رد مؤسسات الدعم الدولية التي تحرص واشنطن على تصدرها خصوصا عبر وسائلها الإعلامية، فهو خجول لا يكاد يستحق الذكر، فلم يصرف برنامج الغذاء العالمي التابع لهيئة الأمم المتحدة على المساعدات الإنسانية منذ تأسيسه قبل 40 عام، سنة 1963 أكثر من 30 مليار دولار، وهو مبلغ لا يكفي لصنع خمس طائرات تحمل قنابل نووية. كما لا يزيد كثيرا عن المبلغ الذي طالبت به إسرائيل تعويضا عن خسائرها في اجتياح المدن الفلسطينية، ولا يوازي سدس الكلفة العسكرية المحددة لاجتياح العراق والمتوقع أن تصل إلى مائتي مليار دولار.
ومع ذلك تقول إحصاءات المنظمة الدولية أن تسعين مليون شخص من سكان ثمانين بلدا في العالم بقوا على قيد الحياة خلال العقود الأربعة الماضية بفضل المساعدات التي قدمت بمبادرة من هيئة الأمم، ما يعني أن إلغاء خمسة حاملات قذائف نووية من القوة العسكرية الأمريكية وحده كفيل بحل مشكلة المجاعة ولو على المدى القريب، لكننا أمام مشكلة غياب الإرادة، وليس نقص في الثروات اللازمة لتخليص البشرية من هذا الداء المخجل والمهين.
نجد بدل ذلك أنه بفضل النظام العالمي السائد الذي ترعاه واشنطن وتحرص على حمايته أخذت الفوارق التي تفصل بين الفقراء والأثرياء في العالم تزيد اتساعا، فقد تمكنت الولايات المتحد من غزو الفضاء وكادت تبلغ المريخ وما زال سدس البشرية يعاني من المجاعة، وسط مدن وأرياف ساهمت حضاراتها وثقافتها بالكثير من أجل وصول أمريكا والبشرية جمعاء إلى ما وصلت إليه من تقدم تكنولوجي.
قطفت واشنطن ثمار تحولها إلى القوة العظمى الأكبر دون منازع، لنعيش اليوم في عالم تفوق فيه ثروات خمسة عشر شخصا من كبار أغنياء العالم كل ما تنتجه البلدان الأفريقية الواقعة أسفل الصحراء الكبرى بكاملها، عالم يستهلك فيه طفل من البلدان الغنية ما يستهلكه خمسون طفلا من بلدان العالم الثالث، عالم اختارت واشنطن فيه تجاهل حالة اليأس البالغة التي يعيش فيها كثير من البشر، كي تدعو لإقامة تحالف ضد الإرهاب في زمن نحن بأمس الحاجة فيه لإعلان تحالف ضد المجاعة والفقر والتخلف.
© 2004-2009. All Rights Reserved-كافة الحقوق محفوظة للمؤلف
[مقدمة اولى]
[مقدمة ثانية]
[مقدمة ثالثة]
[مقدمة رابعة]
[ملخص الكتاب]
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م