|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
20-11-2006 - نزار عبد القادر/ باحث
متخصص في شؤون التسلح -
عادل سليمان/ محلل إستراتيجي - جورج جوفي/ أستاذ تاريخ
وسياسات الشرق الأوسط بجامعتي لندن
وكمبردج -
مارتن والكر/ وكالة يونايتد برس إنترناشيونال -
جوديث كيبر/ معهد دراسات الشرق الأوسط -
وآخرون - شروط السيادة على السلاح
"يمكن صياغة أحد مشاكل الحد من تصدير الأسلحة بكيفية
التدخل في تدويل حيازة الأسلحة كي لا يستفيد منها اللاعبون غير المرغوب
فيهم" تقرير معهد ستوكهولم عن الإنفاق العسكري 2002 [تعليق صوتي] كانت أحلام الاستقلال قائمة وأماني التحرر الوطني سائدة
في وعينا تهيّمن عليه وتقوده، تحلم بالخلاص من ربقة الظلم وجحيم
العبودية وهكذا اندفعت الدول في محيط المنطقة تدافع عن سيادتها وتتحصن
داخل حدودها لتبحث عن الأمان المفقود في ظل سياسات تتنكر للحقوق وعصور
لا تعترف سوى بالقوة. [تعليق صوتي] لطالما تغنى العرب بالسيف والدرع والحرب حكايات وحكايات
عن فنون الكر والفر والطعن والضرب، طال الحديث عن الماضي التليد والوعد
والوعيد حتى أسماؤنا ظلت تحمل مرادفات النصر المجيد والقوة والبأس ولكن
هل كان من ثمن لسلاح الدفاع عن النفس؟ [تعليق صوتي] كان من الضروري النظر إلى الشروط التي تخضع لها صفقات
التسلح وتتبع العديد من تلك الصفقات وسط أكوام من الوثائق التي تحكي عن
ظروفها وشروطها بين الطرفين البائع والمشتري وذلك كي نتمكن من الخروج
بحكم صحيح وموضوعي حول النُظم المتبعة في هذا الإطار، كانت تلك الطائرة
هي بطلة النموذج الأول لتلك الاتفاقيات من الأرشيف الألماني رسالة
حُررت في برلين بتاريخ الحادي عشر من آب عام 1983 من السيد شالك إلى
جونتر ميتاج عضو المكتب السياسي وكاتب اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي
الألماني الموّحد، يقول منذ منتصف عام 1982 يتم تنفيذ اتفاقية مع
القوات المسلحة المصرية لصيانة خمس وعشرين طائرة من نوع ميغ إحدى
وعشرين إضافة إلى تسليم قطع غيار، أعمال الصيانة التي أجريت منذ ذلك
الحين لقيت ارتياح الشريك الذي تقدم بطلبات إضافية، صيانة خمس وثلاثين
طائرة من نوع ميغ إحدى وعشرين كاتفاقية لاحقة لعام 1983، 1984 صيانة
عشرين محرك لطائرات ميغ، الرسالة تقدم اقتراحا بشأن أسلوب مواصلة العمل
للحفاظ على قوة التأثير الإيجابية في المفاوضات القادمة حول بيع ثلاثة
آلاف شاحنة نقل بما في ذلك قطع الغيار، قيمة الصفقة ثمانية وستون فاصلة
اثنين مليون دولار وأنواع أخرى من شاحنات النقل ومن أجل مواصلة
العلاقات التجارية الجيدة مع القوات المسلحة ومع وزارة الدفاع في
جمهورية مصر تؤكد الرسالة على ضرورة تقديم عروض لتلبية الطلبات المعلنة
أعلاه والدخول في غضون وقت وجيز في مفاوضات، القيمة التقديرية
للاتفاقيتين بين عشرة واثني عشرة مليون دولار هكذا يتضح الحرص الألماني
على إرضاء الشاري وبالطبع الحصول على المكاسب المادية من وراء الصفقة
من دون أن تظهر شروط خاصة. عادل سليمان - محلل استراتيجي - القاهرة: قد لا تكون
هناك شروط أو بنود محددة في صفقات السلاح تمس السيادة الوطنية بشكل
واضح ومحدد وصريح إنما هي كانت بتلقي بلا شك بقدر من الأعباء والمطالب
على الدولة المستورِدة للسلاح عليها أن تراعيها بشكل أو آخر. [تعليق صوتي] حالة أخرى من التسهيلات في الشروط ترد في الوثيقة
الموجهة من رئيس الوفد الحكومي لألمانيا الديمقراطية إلى عبد الوهاب
محمود رئيس الوفد الحكومي لجمهورية اليمن العربية في صنعاء بتاريخ
التاسع والعشرين من شباط عام 1972 تعلن أن المفاوضات التي جرت بشأن
الاتفاقية بين الحكومتين الألمانية واليمنية المبرمة في الثامن
والعشرين من أبريل من عام 1965 حول التعاون الاقتصادي أسفرت عن الاتفاق
التالي؛ تعلن حكومة ألمانيا الديمقراطية مراعاة للوضع الاقتصادي الصعب
لجمهورية اليمن العربية موافقتها على إعادة جدولة تسديد الديون
المستحقة بتاريخ الحادي والثلاثين من ديسمبر من عام 1972 في إطار
الاتفاقية المذكورة آنفا على النحو التالي بالنسبة إلى عام 1970 مائة
وأربعة وستون ألفا فاصل ثمانية وثلاثين فاصل ثمانية وعشرين دولار،
بالنسبة إلى عام 1971 مائتان وستة عشر ألفا فاصل تسعمائة وسبعة عشر
فاصل ثمانية وعشرين دولار، بالنسبة إلى عام 1972 مائتان وأربعة وأربعون
ألفا فاصل مائتين واثنين وسبعين فاصل ثمانية وأربعين دولار وتعلن
الوثيقة عن التزام اليمن وتعهده بشراء بضائعه المختلفة من شركات
ألمانية بما في ذلك قطع الغيار لطائرات حربية بقروض ألمانية. مايك لويس - منظمة الحملة ضد تجارة الأسلحة البريطانية
- لندن: هذا ما تحبه بعض الدول أن تسميه دبلوماسية الدفاع أي السعي
لتحقيق علاقات أفضل مع دول أخرى عبر صفقات السلاح وتقديم الخدمات
الأخرى وهذا لا يرمي إلى التأثير بالأنظمة أو تغييرها بل هو ببساطة
يهدف لضرب عصفورين بحجر من خلال تحقيق أرباح تجارية وتحسين العلاقات
الدبلوماسية. [تعليق صوتي] مع تواصل البحث في الأرشيف وجدنا في وثائق ألمانيا
الاتحادية نوعا آخر من الشروط وذلك فيما يخص صفقات التسلح الفرنسية
المعقودة مع تونس لإحكام السيطرة على منطقة شمال أفريقيا برمتها عبر
إحكام القبضة المفروضة على الجزائر ومحاصرة المد القومي هناك، في
الثالث من أكتوبر عام 1957 ترد رسالة من سفارة ألمانيا الاتحادية في
باريس إلى وزارة الخارجية الألمانية في بون تكشف عن الأسباب التي جعلت
حكومة باريس توافق على بيع أسلحة لتونس، من بين تلك الأسباب الخوف من
نشأة فراغ يمكن أن يملأه الجزائريون وعناصر سابقة في المقاومة التونسية
وبالتالي وجب تقوية شوكة الجيش الحكومة التونسي كما أن وزير خارجية
فرنسا بينو اقترح على شركات إيطالية تصدير أسلحة إلى تونس تحت شروط
معينة بينها أن تكون الأسلحة خفيفة وحاملة لعلامات لتفادي تهريبها إلى
الجزائر، كذلك لدى الرئيس بورقيبة عرض مصري اعتبره مبادرة رمزية من دون
قبوله، من جانب آخر أبلغت الحكومة الفرنسية الرئيس بورقيبة أنها مستعدة
لبيع أسلحة في إطار حلول شاملة لبعض القضايا العالقة بين فرنسا
وتونس. آلان مينار - كاتب متخصص في شؤون الشرق الأوسط - باريس:
ابتداء من عام 1955 عندما حصل الانقلاب واندلعت الحرب في الجزائر غيّرت
فرنسا نظرتها فهي بالتأكيد لن تعطي أسلحة لشعب يحاربها والجزائر محاطة
بتونس والمغرب لذلك كان بيع الأسلحة لهذين البلدين مراقباً بعناية، لن
ترغب فرنسا أبدا في أن تستعمل أسلحتها في الجزائر ضد جيوشها أرى في ذلك
منطقا بديهيا. [تعليق صوتي] يتكرر الموقف ذاته في الرسالة الواردة من سفارة ألمانيا
الاتحادية في تونس بتاريخ الرابع عشر من نوفمبر عام 1957 إلى وزارة
الخارجية في بون والتي تقول إن سفير فرنسا في تونس عقد لقاء مع الرئيس
بورقيبة وأخبره خلاله باستعداد فرنسا لتصدير أسلحة إلى تونس بشرط أن
ترفض عروض صادرات أسلحة من مصر والولايات المتحدة وتقول الوثيقة كذلك
إن رئيس الوزراء الفرنسي جيلارد استدعى أمس في الثالث عشر من نوفمبر
عام 1957 السفير الأميركي لدى فرنسا وطلب منه العدول عن صادرات الأسلحة
إلى تونس لأن ذلك سيؤثر على موقع فرنسا هناك، الجانب الأميركي أوضح أنه
مستعد لتلبية الطلب الفرنسي إذا توصل الفرنسيون والتونسيون إلى تفاهم
مباشر. هنري مارتر - الرئيس الفخري لشركة إيروسبيسيال للسلاح -
باريس: أجل المنافسة مع الولايات المتحدة قائمة في كل مكان ومن الطبيعي
أن تقوم حكومات مستقلة ومسؤولة كحكومتي المغرب وتونس بإجراء مناقصة بين
الولايات المتحدة وفرنسا وبلدان أخرى كالمملكة المتحدة وغيرها، لا حاجة
لأن نخفي ذلك فهذا طبيعي وهو من مسؤولياتهم احترام استقلال الشريك أمر
أساسي وإحدى مزايا فرنسا هي أننا نحترم استقلال شركائنا، لا نريد أن
نعطيهم الأوامر على الإطلاق بل نحن أصدقاء والاستقلال حق لا يجب علينا
أن نمسه. [تعليق صوتي] كثيراً ما تقترن الشروط المفروضة مع ظروف الابتزاز
المحيطة بالصفقات كما نرى في الوثيقة الصادرة عن سفارة ألمانيا
الاتحادية في تونس بتاريخ السادس عشر من نوفمبر عام 1957 في صورة تقرير
سياسي شامل حول صادرات الأسلحة الأجنبية إلى تونس، هذا التقرير يرصد
جهود الحكومة التونسية لبناء الجيش والشرطة ويكشف أيضا عن المبالغ
المالية للأسلحة المقتناة ففرنسا زودت تونس في عامي 1955 و1956 بأسلحة
ومعدات عسكرية بقيمة ثمانمائة مليون فرنك فرنسي كما نجحت تونس في
اقتناء خمسمائة مسدس رشاش من السويد وحصلت على ذخيرة وأسلحة خفيفة من
ألمانيا الاتحادية بقيمة نحو ثلاثين مليون فرنك وحصلت تونس على أسلحة
خفيفة إضافية من بلجيكا وسويسرا، كذلك تفضح الوثيقة أن فرنسا تستغل
الضيق الذي تعاني منه تونس في تجهيز القوات المسلحة وقوات الدرك
والشرطة لممارسة الضغط السياسي وإجبار تونس على إبرام تحالف دفاعي مع
باريس واتخاذ مواقف مساندة لفرنسا تجاه القضية الجزائرية، التقرير يكشف
أيضا عن ولاء الرئيس بورقيبة للدول الغربية لأنه رغم رفض فرنسا لصادرات
الأسلحة وتهرّب ألمانيا من صادرات أسلحة إلى تونس فإن بورقيبة لم يتوجه
بطلبات إلى دول المعسكر الشرقي ومصر التي كانت تقدّم إليه عروضاً كما
أن بلجيكا وإيطاليا وأسبانيا كانت تمتنع عن ذلك بسبب التدخلات
الفرنسية. آلان مينار: بورقيبة كان ليبرالياً وليس شيوعياً لذا لم
يكن مأخوذاً بسحر الاشتراكية التي تتوارد في الاتحاد السوفيتي بالإضافة
إلى أن إدارته لبلده مختلفة كلياً عن إدارة سوريا أو مصر، لا يجب أن
ننسى مَن هم الذين لجئوا إلى الشرق في سوريا ومصر إنهم العسكريون الذين
تكونوا على أسس اشتراكية فبورقيبة كان محامياً ولا دخل له في
الجيش. هنري مارتر: رغم أن قراراته لم تكن مناسبة لفرنسا في
وقت من الأوقات إلا أنني أجد أن بورقيبة قد تصرف بما يخدم مصلحة الشعب
التونسي وكما يفرض واجبه ليه وبرأيي فإن ما فعله مثير للإعجاب.
[تعليق صوتي] في العراق نجح الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الكريم
قاسم بالإطاحة ليس فقط بالحكم الملكي هناك وإنما أيضاً العائلة الملكية
برمتها وكذلك بأتباعها وأتباع الإنجليز المخلصين بقيادة نوري السعيد في
واحد من أكثر المشاهد دموية في التاريخ العربي الحديث وهو الانقلاب
الذي أفرز وضعاً مقلقاً لجميع الملكيات والمشايخ المجاورة للعراق، على
الرغم من ذلك ظلت الشروط والإملاءات البريطانية على حالها في تلك
البقعة المضطربة وهو ما توضحه وثيقة وزارة الدفاع البريطانية إلى قيادة
قواتها في الجزيرة العربية وكان الموضوع دبابات للكويت، المفارقة هي أن
الطلب الكويتي يتركز على نوع من الدبابات بينما جاء الرد البريطاني
يقول إن هذا النوع غير ضروري وأن علينا إقناعهم بأن قواتنا تستخدم هذا
النوع ولا يمكننا إنتاج ستة عشر دبابة من النوع المطلوب وأن الدبابات
المتوفرة في عدن هي من نوع اقل أهمية وبتاريخ الحادي والثلاثين من
يوليو عام 1952 يحاول الكويتيون الإقناع بأنهم سيشترون دبابات للقوات
الكويتية وأخرى للقوات البريطانية المرابطة على أراضيها من النوع
نفسه.
جورج
جوفي - أستاذ تاريخ وسياسات الشرق الأوسط جامعتي لندن وكمبردج: إن مدى
ضرورة استعمالات صفقات السلاح هو بند يثار في المراسلة الخاصة بين
الحكومة البريطانية والشركات وتم الاعتراف في الكثير من الحالات بأن
استعمالات الأسلحة المباعة لا تتناسب مع مصلحة الدول الشارية، هذا
تصرّف نهجي ويعود منشأه إلى زمن بعيد ويهدف إلى شيئين، الشيء الأول هو
رغبة الحكومة البريطانية بزيادة مبيعات الأسلحة عالمياً وهي تقبع في
المركز الثاني من بين الدول المصدرة للسلاح في العالم بعد الولايات
المتحدة الأميركية، بل إنها تتقدم في ذلك على روسي والشيء الثاني هو
رغبة العديد من دول الشرق الأوسط في استعراض ملكيتها وقدرتها على
معالجة أحدث الأسلحة بغض النظر عن فائدتها. [تعليق صوتي] الدبابة البريطانية شيفتن مفخرة أي سلاح للمدرعات حول
العالم في زمن بداية إنتاجها لذلك دارت من حولها قصتنا التالية التي
وقعت في إحدى جولات الخلافات الحدودية المتكررة بين العراق والكويت، من
الأرشيف البريطاني استخرجنا وثيقة الخامس والعشرين من أبريل عام 1973
التي تحمل أنباء عن احتلال العراق لمركز شرطة كويتي في العشرين من مارس
ومن ثم طلبت حكومة الكويت من بريطاني مراجعة كل سياساتها التسليحية
والتدريبية المتعلقة بهذا البلد ووضع قواتها هناك، كما أن قائد القوات
البريطانية في الشرق الأوسط الجنرال باتلر يؤيد هذه الاحتياجات قائلاً
من مصلحتنا السياسية دعم الكويت التي تعتمد علينا في مواجهة العراق
التي تتفوق بقواتها عدداً وعدة، اقتصادياَ لنا مصلحة في بيع دبابات
شيفتن لبلد نعتمد عليه نفطياً بنسبة 20% ويملك 10% من احتياطي
الإسترليني، إننا نبيع هذا النوع من السلاح لبلد لا يشكل ساحة حرب ونحن
نُصِر في العقد على أنه لا يكن عادة بيع الأسلحة ولمدة غير محدودة
تماماً كما ورد في عقد طائرات الجاغور للسعودية والكويت ويشمل أيضاً
الحق في منع قطع الغيار الحيوية للدبابات إذا ما أخل الكويت لشروط
العقد، إن مخاطر انتقال هذه الدبابات إلى مصر أو سوريا أو الأردن قد
جرى تقليلها وهذا يجب شرحه للإسرائيليين. شالوم بروم - مركز دراسات النزاعات بواشنطن: إسرائيل
قلقة على الدوام من احتمال تشكيل ائتلاف عربي معادي لإسرائيلي، أي حلف
عسكري قد يتسبب بحرب ضد إسرائيل وقد حصل ذلك جزئياًَ لا بل تماماً مرات
عدية في تاريخ دولة إسرائيل. مارتن والكر – وكالة يونايتد برس انترناشيونال: ليس من
السهل العمل بطراز جديد من الدبابات لنقول مثلاً أن المصريين لا يملكون
دبابات شيفتن وفجأة أعارتهم الكويت سرية أو كتيبة أو فرقة من تلك
الدبابات، الجيش المصري ليس مدرب على استخدامها ولا يملك البنية
التقنية اللازمة لتشغيلها وليس لديه القطع الاحتياطية لها ومن الصعوبة
بما كان أن تذهب من الكويت إلى الحدود الإسرائيلية. [تعليق صوتي] كانت أجواء عام 1973 مفعمة بالشك في النوايا العربية
تجاه الحليف المدلل في المنطقة إسرائيل وبالتالي شكّل هذا المحور عامل
ضاغط ضد أي صفقة محتملة للعرب مع الغرب وهكذا وجدنا في الأرشيف
البريطاني وثيقة الثامن والعشرين من أبريل لعام 1973 التي تحوي تصريحات
كويتية نُشرت في التايمز عن لسان وزير الخارجية الكويتي، إن القيادة
العسكرية العربية اشترت طائرات حربية بريطانية لحساب مصر وإن الطيارين
المصريين جرى تدريبهم على قيادتها هناك، ثم في العاشر من مايو من عام
1973 جاء رد وزير الدولة للشؤون الخارجية توضيحاً للموقف البريطاني
أمام البرلمان حيث يناقش الحاجة الفعلية للجيش الكويتي ويشبّه طلب
دبابات شيفتن بأنه مثل طلب ألعاب للأطفال لأن هناك مشاكل لاحقة وصداع
سينجم عن قضايا الصيانة والتدريب خاصة وأننا اختبرنا المشاكل الفنية
لهذا النوع المتطور من الدبابات مع إيران ويتساءل التساؤل الحاسم، هل
نحن معنيون بأن يشتري الكويتيون العدد والنوعية المناسبة أو أننا نريد
بيعهم أقصى ما نستطيع من الأشياء التي يعتقدون أنهم بحاجة إليها؟ أحمد عبد الحليم – خبير إستراتيجي وعضو المجلس المصري
للشؤون الخارجية: هناك علاقة مباشرة بين حجم التسليح والتكنولوجيا،
يعني إذا كانت التكنولوجيا أقل من المطلوب بنجد أن حجم التسليح عالي
جداً، حينما ينقلب الحال وترغب دولة من الدول في أن تقلل حجم القوات
المسلحة علشان توجّه الموارد بتاعاتها اتجاهات أخرى عليها هنا أن تبدأ
في تغيير نُظم السلاح اللازمة بحيث تجيب حاجات أكثر تقدماً ولكن قادرة
على أن تؤدي نفس المهام. [تعليق صوتي] يستمر التنازع الداخلي في بريطاني حول تسليح الكويت في
تلك الفترة ففي السابع من مايو من عام 1973 يأتي التوضيح من وزارة
الدفاع البريطانية التي تطلب شطب الشرط الخاص بوقف تسليم قطع الغيار
الأساسية للدبابات شيفتن إذ ما أخلّ الكويتيون بشروط العقد وتضيف أن
هذا الشرط فضيحة وغير منطقي وسيؤثر على سمعة مبيعات السلاح ولكن في
الرابع عشر من مايو في العام نفسه تتقدم الجهة المسؤولة عن السياسة
الخارجية البريطانية وهي وزارة الخارجية لتوضيح الأمر لوزارة الدفاع
وتدافع عن هذا الشرط حول دبابات شيفتن وتقول إنه لا داعي في الوقت
الحاضر لإبلاغ الكويتيين بهذا الشرط المتعلق بقطع الغيار لكن يجب أن
يكون واضح موضوع منع إعادة البيع. مايك لويس: لكن مرة تلو الأخرى انتهى الأمر بأن تقاتل
الدول الغربية ضد أعداء يحملون أسلحة صنعتها هذه الدول وباعتها إلى دول
أصبحت فيما بعد عدوة أو إلى دول صديقة صدّرتها إلى هؤلاء الأعداء. [تعليق صوتي] رحلة البحث في الوثائق البريطانية الخاصة بتسليح الكويت
في تلك الفترة التي سبقت حرب السادس من أكتوبر تتواصل لتصل بنا إلى
قراءة الموقف البريطاني من تسليح العرب بصفة عامة، في الثاني عشر من
أبريل من عام 1973 ترد دائرة الشرق الأوسط البريطانية على طلب الكويت
شراء طائرات جاغور حيث تدعم هذا الطلب وتبرره بأن الكويت بعيدة عن
الأراضي المحتلة بإسرائيل وأن خطر العراق أكبر من مخاوف تسليم الكويت
هذه الطائرات لمصر وأن تشارك هذه الطائرات بعمليات ضد إسرائيل وتضيف
الوثيقة اقتراحاً بإضافة بنود كما فعلنا مع السعودية لمنع بيع أو إعارة
هذه الطائرات لطرف ثالث وكذا إضافة بند أن التدريب يكون فقط للطواقم
الكويتية وفي حال خرق الاتفاق نمتنع عن تسليم قطع غيار حيوية كما أن
هذه الشروط غير محدودة بمدة زمنية. أندريه ستيبانوف - مستشرق وخبير في الشؤون
الإستراتيجية: في معظم الاتفاقات المرتبطة بالتزويد بالسلاح يعني بيع
وشراء السلاح هناك الشرط الذي يقول أنه يمنع لأي دولة بيع السلاح
المشترى من الخارج إلى دولة ثالثة وفي بعض الأحيان هذه الشروط موجودة
ومن الضروري الالتزام بتلك الشروط يعني في الاتفاقية. [تعليق صوتي] تختلف النظرة البريطانية في بعض الأحيان عن النظرة
الأميركية لمواقف الأطراف المختلفة في الشرق الأوسط وبالتالي تختلف
وتتباين السياسات أحياناً تبعاً للمصالح السياسية والاقتصادية خاصة في
صفقات مثل صفقات السلاح المربحة وهكذا تراقب الخارجية البريطانية عبر
سفاراتها في القاهرة في السادس من سبتمبر عام 1973 أنباء صحفية عن
إلغاء السعودية شراء صفقة طائرات فانتوم من الولايات المتحدة بسبب
الشروط الأميركية. مايك لويس: كانت واشنطن غير مستعدة لتصدير الأسلحة إلى
السعودية بينما كانت بريطانيا مستعدة على الدوام كي تملئ هذا الفراغ
التجاري بشكل مكشوف وذلك بهدف تحقيق مصالحها التجارية. [تعليق صوتي] في الثاني والعشرين من الشهر نفسه ترد رسالة من السفارة
البريطانية في واشنطن إلى الخارجية متابعة لازمة صفقة الهليكوبتر التي
اشتُريت من السعودية لصالح مصر حيث ترصد التدخل الأميركي لمحاولة وقف
الصفقة وتشدد على التذكير بعدم التسليم لطرف ثالث وبعد قيام الحرب
بالفعل واتضاح حجم الدعم السعودي لكلٍ من القاهرة ودمشق تأتي رسالة
الثاني عشر من أكتوبر وفيها دعوة صريحة إلى ضرورة استثناء السعودية من
الحظر، كما تحتوي الرسالة على نظرة استخفاف طريفة تقول ما معناه إن
مشاركة السعودية في الحرب لا تعدو مجرد كلام. مارتن والكر: أظن أنه معروف بشكل كبير في الغرب إن
انضمام السعوديين إلى اتحاد عسكري ضد إسرائيل كانت فرصته ضئيلة جداً
أولاً لأسباب تعيق نقل المعدات هناك وثانياً لأن السعوديين لم يكونوا
آن ذاك ودودون جداً مع بقية الدول العربية وقد كانوا سعداء بمعارضة
إسرائيل سياسياً ودبلوماسياً ولكنهم يتبعون تقليد عدم الانخراط في حروب
تدور خارج حدودهم إنهم لا يحبون هذا وهم قلقون من الحركات الانفصالية
الداخلية وجيشهم ليس ماهر جداً وقد كانت أفضل المعدات التي يشترونها
تخصص للحرص الوطني والذي كانت وظيفته الأساسية هي السيطرة على الوضع
الداخلي.
[فاصل إعلاني] [تعليق صوتي] قد تشكل تجربة التسلح السعودي نموذجاً فريداً يساهم في
شرح المفارقة التي تميز أداء الدول الغربية الكبرى في تسليح المنطقة
عبر صفقات تعود عليها بأرباح هائلة من دون أن تؤثر سلباً على مصالحها
السياسية في هذه البلدان بل ونزاعاتها العسكرية المباشرة معها ناهيك عن
توجهاتها التقليدية في ضمان الأمن الإسرائيلي من دول الجوار، في الرابع
من مارس من عام 1952 ترد رسالة من البعثة الفرنسية إلى وزير الشؤون
الخارجية الفرنسي وإدارة أفريقيا المشرق حيث تكشف أن الجيش السعودي
يتابع تنظيمه على رأسه الأمير مشعل وقد توفرت له ميزانية ضخمة إذ خصص
له مبلغ مائة وستة وعشرون مليون فرنك فرنسي ليحقق هدفه ولقد حصل الأمير
مشعل من والده الملك على الاستقلالية التامة في استخدام هذه الأموال
كما حصل على موافقة الأميركيين في استقلالية ذاتية مشابهة لشراء
الأسلحة من خارج الولايات المتحدة على الرغم من الاتفاقات المعقودة
بينهما في هذا المجال، هكذا يفرش الصياد شباكه لاصطياد الفريسة خاصة
وقد لمح الضوء الأخضر الأميركي لتبدأ الصفقات العسكرية بعد ذلك مباشرة
بين البلدين إذ تكشف إحدى الكشوف الفرنسية المسجلة في التاسع من يوليو
تموز عام 1952 عن طلب ترخيص من شركة غوفلو لتحشن إلى السعودية خمسمائة
ألف رصاصة لمسدسات من عيار 7.65. هنري مارتر: أكن الكثير من الاحترام والصداقة للمملكة
العربية السعودية، إنه بلد مستقل يتخذ قراراته تبعاً لعوامل مختلفة تصب
جمعيها في المصالح السعودية ولم أسمع أنهم قد يكونون بحاجة إلى إذن من
الأميركيين. [تعليق صوتي] تستمر رحلة الصداقة بين السلطات الفرنسية والسعودية مما
ساهم في التوّصل إلى صفقات تسلح مهمة حيث في العاشر من أغسطس عام 1955
تؤكد وثيقة فرنسية أن الأمير مشعل قد كُلف من قبل الملك والأمير فيصل
بطلب أسلحة من فرنسا وفي هذه المناسبة تكلم الأمير فيصل بإيجابية عن
بلدنا ويضيف كاتب الوثيقة الموجّهة إلى الإدارة العامة للإدارة
الأفريقية أن الأمير دعاه لأن يشرح للحكومة الفرنسية رغبة الملك سعود
والأمير فيصل بإنشاء علاقات ودية صادقة مع الحكومة الفرنسية.
نعوم
تشومسكي - كاتب ومفكر أميركي: إن تجارة الأسلحة منطقية جداً للولايات
المتحدة وأيضا بالنسبة إلى بريطانيا وفرنسا التي تملك صناعة عسكرية
عالية التقنية وإحدى الطرق لكسب الأرباح هي بيع أسلحة عالية التقنية
وجعل الآخرين يدفعون ثمنها ومَن هؤلاء الذين سيدفعون ثمنها؟ إنهم الذين
يكسبون دولارات من بيع النفط فهنالك عدد محدود من القصور التي يمكنهم
بناؤها أو شراؤها على شواطئ الريفيرا لذلك يشترون المقاتلات لإعادة
تدوير عائدات النفط لترجع إلى الاقتصاد الأميركي والبريطاني والفرنسي
ولهذا أهمية استراتيجية واقتصادية. [تعليق صوتي] السيادة في تلك المنطقة ليست لأهلها هذا على ما يبدو ما
حرصت عليه كتلة العالم الغربي الحر كما يطلقون عليه وهكذا أصبحت صفقة
الأسلحة بين فرنسا والسعودية موضوعاً مهما للمناقشة عبر اللجنة الشهيرة
للتنسيق بين كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة حيث تذكر وثيقة
السفارة الفرنسية في واشنطن إلى الخارجية في الأول من أيلول سبتمبر عام
1954 أعلمني الممثلان الأميركي والبريطاني بأنه ليس لدى حكومتيهما أي
اعتراض على تسليم الأسلحة للسعودية الوارد في البرقية بتاريخ الثاني
عشر من آب المنصرم، من الأرشيف الفرنسي تظهر أيضا وثيقة ترفض صفقة تسلح
أميركية لأسباب تسوّقها فرنسا مقرونة بالأرقام والبيانات اللازمة بحسب
ما يرد في وثيقة السفارة الفرنسية في واشنطن في السادس عشر من أبريل من
عام 1954 التي تنادي بعدم الموافقة على تسليم الولايات المتحدة ستين
رشاشا أليا إلى المملكة العربية السعودية، إن الجدول الصادر بتاريخ
التاسع من نوفمبر من عام 1953 والمتعلق بمقارنة القوات الأرضية العربية
مع الإسرائيلية يقدم لهذا البلد ثلاثة وتسعين سيارة مصفحة فقط بينما
يزود مجموع البلدان العربية بتسعمائة واثنتين وثمانين سيارة مصفحة. آلان مينار: لا يجب أن نرى هذه العلاقات حسب مقياس
الترخيص بل حسب مقياس المنافسة الاقتصادية وحسب القدرة أو عدم القدرة
على اختراق السوق، أي إذا سلمتك صفقة أسلحة هل ستسلمني صفقة أسلحة؟ يجب
رؤية الموضوع بهذا المنطق. [تعليق صوتي] في إطار ذات الشروط التي عادة ما تقيّد صفقات التسلح
الموجّهة إلى المنطقة يمدنا الأرشيف الفرنسي بنموذج آخر يشير إلى تدخل
الدول المصدِّرة في وضع التصورات والتقديرات المتعلقة بإمكانية أو حاجة
الدول إلى استعمال هذه المعدات أو تلك مما تطلب استيراده من الأسلحة
كما يرد في وثيقة السفارة الفرنسية في واشنطن في التاسع عشر من أغسطس
عام 1955 إلى الخارجية التي تقول سوف يصلنا الموقف الأميركي من تسليم
المعدات الحربية الفرنسية إلى السعودية بعد أيام قليلة وقد كان هم
الولايات المتحدة الوحيد في هذا الإطار ألا يصدّر إلى السعودية أسلحة
هي غير مهيأة لاستعمالها لذلك لن توافق الولايات المتحدة على تزويد
السعودية بطائرات ليس هناك أي داع لاستعمالها في المنطقة. مارك فايثيان – أستاذ دراسات سياسية بجامعة وولفر
هامبتون: صارت الأمور جيداً لفترة من الزمن فقد كانت الدول الثلاثة
تتقابل بشكل سري عبر ممثليها لمناقشة تنظيم السوق التي كانوا يقتسمونها
وكان للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أسواق هامة للشرق الأوسط لا
يُسمح لغيرهم بدخولها. آلان مينار: كان النفوذ الأميركي قويا جدا بالإضافة إلى
أن السعودية لم يكن لديها جيش فعلي أو حتى طائرات فلمدة طويلة استعانت
بلدان الخليج والعربية السعودية بسائقي دبابات أو طيارين غير سعوديين
لأن التدريب المناسب لم يكن متوفرا لهم. [تعليق صوتي] أقدمت الرياض في تلك الفترة على توقيع معاهدة للدفاع
المشترك مع القاهرة 1955 في مرحلة كان فيها الرئيس جمال عبد الناصر قد
وضع رأسه بين أنياب الأسد البريطاني إثر تأميم قناة السويس وبدت في
الأفق أجواء العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي والإسرائيلي على مصر
عام 1956 وهكذا شعر السعوديون بالمماطلة الفرنسية في تسليم صفقة التسلح
المتفق عليها مع باريس وقد انعكس ذلك بداية في تاريخ السابع والعشرين
من فبراير عام 1956 في رسالة من بول كلارتون المسؤول عن الشؤون
الخارجية في فرنسا إلى كريستيان بينو الوزير الفرنسي لشؤون الخارجية
لإفريقيا المشرق حيث تتحدث الوثيقة عن لقاء جرى مع الأمير فيصل، لقد
أصر الأمير فيصل على مقابلتي بالرغم من جدول أعماله المشحون وسألني عما
توّصلت إليه الحكومة الفرنسية من قرارات فيما يتعلق بالطلب السعودي
للأسلحة فأجبت جلالته بأننا ما زلنا في صدد دراسة هذا الملف ولم نتخذ
قرارا نهائيا في هذا الشأن، فيما يتعلق بالأسلحة أصر الأمير فيصل إلي
بأنه وصلته معلومات رفض أن يكشف عن مصدرها تقول إن فرنسا لن تسلم
السعودية الأسلحة الواردة في العقد وبعد أن شكا من طمع البريطانيين
ببترولهم ومن سياسة الأميركيين الصهيونية أكد أن الصديق الحقيقي
للسعودية هي فرنسا مشيرا إلى أنه في حال خذله هذا الصديق لن يعود لديه
إلا روسيا ثم أكد لي السعودية مستعدة للتعاون مع فرنسا إلى أكبر حد
وذلك على الصعيد السياسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأيضا على
الصعيد الاقتصادي وبالفعل لقد حققنا تحسنا ملحوظا في تبادلتنا مع
المملكة. آلان مينار: لقد أطلعت على هذا النص وأشير إلى أن فيصل
قال إن الأميركيين لا يريدون المساعدة بينما نحن لا نريد مساعدة من
الإنجليز فإذا رفضتم أنتم الفرنسيين مساعداتنا فلن يبقى أمامنا إلا
الشيطان أي روسيا وأعني بذلك روسيا السوفيتية. مارك فايثيان: بشكل أساسي كان للعائلات الملكية في
الشرق الأوسط أسلوبان أحدهما يعتمد على حقيقة تنافس الدول الغربية فيما
بينها كثيرا خاصة أن فرنسا وأميركا وبريطانيا حافظت على التعاون فيما
بينها لوقت طويل وكانت تلك الدول تمارس لعبة الغرب ضد الشرق وكانت بعض
الدول تقوم بهذا الأمر بفعالية أكثر من غيرها فكان التهديد على بعضها
أشد منها الآخر ولكن كانت الكويت والأردن والمملكة العربية السعودية
تضغط باستخدام ورقة اللعب السوفيتية للحصول على أفضل صفقة لها. [تعليق صوتي] في الثامن والعشرين من أبريل يصرّح السعوديون بمخاوفهم
من تعطيل أو إلغاء الصفقة حيث ترد في رسالة السفارة الفرنسية في جدة
إلى وزارة الخارجية تلك العبارة، يعتقد الأمير فيصل أننا نتجنب تسليم
الأسلحة، في الحادي والعشرين من يوليو عام 1956 قبيل عشر أسابيع فقط من
العدوان الثلاثية على مصر تتضح خلفيات الموقف الفرنسي كما ورد في تلك
الوثيقة التي تكشفه، قام الوزير مستشار السفارة البريطانية صباح اليوم
بزيارة لمدير أفريقيا المشرق وعبّر السيد ريلي للسيد هوني رو عن امتنان
حكومته الصادق لعدم إرسال الأربعين دبابة من نوع (AMX) وثمانية عشر مدفعا من عيار 155 إلى
المملكة العربية السعودية التي كنا قد التزمنا في تقديمها لهذا البلد
وأضاف أن الحكومة البريطانية سوف تسعد إذا استطعنا تخفيض قيمة الأسلحة
المقرر تسليمها وتوقع تسليم أسلحة على مراحل، أجاب السيد رو أنه بحسب
تقديره من الصعب أن ترجع الحكومة عن قرارها فيما يتعلق بالمائة وعشرين
مدفع المضاد للطائرات. هنري مارتر: ربما كانت هناك مشكلة وربما لا عندما تم
إبرام تلك الصفقة لكنني لا أتذكر، ما أعرفه هو أنه كان هناك تعاون
عسكري كبير بين المملكة العربية السعودية وفرنسا وما يزال قائما وأننا
زودنا المملكة بمعدات كثيرة لكن مبدئيا قد تكون هناك حوادث معينة لا
علم لي بها. آلان مينار: أعتقد أنه من الطبيعي جداً أن تكون فرنسا
قد رفضت بيع أسلحة بهذه الأهمية إلى بلد وقّع معاهدة دفاع مع مصر بينما
كانت فرنسا في فترة حرب مع مصر، هناك منطق سياسي ودبلوماسي يفرض إلغاء
هذه الصفقة. مارك فايثيان: انقسمت الدول الغربية فيما بينها حول
قناة السويس بعد عام 1956 وخاصة انعدام الثقة بين فرنسا والولايات
المتحدة عندما بدأت فرنسا بتجاهل وتجاوز اتفاقية لجنة التسليح ثم
تبعتها البقية ومع نهاية الخمسينيات انهار الجهد الذي كان ناجحا جدا في
الجزء الأول من ذلك العقد.
[تعليق صوتي] على الرغم من الضوء الأخضر الأميركي السابق لإطلاق يد
السعودية في الحصول على السلاح من أية مصادر إلا أنها في الواقع كانت
تمارس سياسة بلغت في ذروتها حد الدعوة إلى احتكار أسواق التسلح السعودي
وهو ما تحدثت عنه صحيفة نيوزويك الأميركية في الثاني من نيسان أبريل من
عام 1988 حيث أثارت فضيحة طرد السفير الأميركي في الرياض السيد هيوم
هوران وإعادة السفير السابق والتر كاتلر ليحتل منصبه إثر احتجاج واشنطن
على توقيع السعودية على صفقة لشراء صواريخ من الصين ونشرها في شبه
الجزيرة العربية وبالطبع لم يُفرج بعد عن أية وثائق رسمية حول قضية طرد
السفير وظروف الأزمة الدبلوماسية التي رافقت تلك الفترة. مارتن والكر: لم يتم تأكيد أن طلب الاستبدال بوالتر
كاتلر كان مطلبا سعودياً مباشراً ولكن قيل لي من قبل دبلوماسيين
سعوديين وأميركيين في العراق أن هذا ما حدث ويجب أن أضيف أني صديق شخصي
لوالتر كاتلر وأعرفه جيداً وهو دبلوماسي جيد. [تعليق صوتي] مع ذلك نُشرت أنباء في عدة صحف منها الواشنطن بوست
وصحيفة ميدل أيست بوليسي النصف شهرية التي قالت أن السيد هوران كان
سفيرا سابقا للولايات المتحدة في السودان وقد عُرف بإتقانه البارع للغة
العربية وكان قد تسلم منصب سفير واشنطن في الرياض في أيلول سبتمبر
الماضي وقد جاء طرد السيد هوران من منصبه وفق ما ذكرت الصحيفة إثر
مطالبة مجموعة من واحد وثلاثين عضواً في مجلس الشيوخ الولايات المتحدة
بوقف جميع مبيعات الأسلحة الأميركية إلى السعودية حتى يتم سحب الصواريخ
الصينية المنتشرة لديها. نيكولاس فيلوتيس - سفير سابق في الأردن، مصر، إسرائيل:
كان يعبّر فقط عن الموقف الرسمي للحكومة الأميركية ولم يأتي بذلك لكي
يزعج الملك فهد وموضوع استدعائه أكثر تعقيداً من ذلك. أحمد عبد الحليم: بالنسبة للصواريخ طلبوا منهم أنهم
يحطوها في مكان بعيد عن إسرائيل بحيث لا تصل إلى إسرائيل. جوديث كيبر - معهد دراسات الشرق الأوسط: إن المملكة
العربية السعودية دولة كبيرة وهامة جدا وبالتأكيد عندما تقرر المملكة
شراء أسلحة فإن هذا قرارها المستقل التي لا تملك الولايات المتحدة
السيطرة عليه. [تعليق صوتي] ولكن يبدو أن للسيطرة أشكالاً أخرى فقد أرسل أعضاء
الكونغرس رسالة إلى وزير الخارجية حينها السيد جورج شولتز يدعون فيها
الإدارة الأميركية إلى إعادة النظر في طلب دعم الكونغرس لميزانية
قيمتها أربعمائة وخمسون مليون دولار مخصصة لطائرات أواكس الرادارية
الاستطلاعية، تقول الرسالة الموجّهة من قبل أعضاء مجلس الشيوخ إن على
الولايات المتحدة أن تعيد النظر في أي صفقة بيع أسلحة جديدة إلى الرياض
حتى تحل هذه القضية ويتم سحب الصواريخ الصينية كما تدعو إدارة ريغان
إلى توضيح الموقف الأميركي المعارض تماماً تجاه صفقة الصواريخ الصينية
وتختم نيويورك تايمز استعراضها لأزمة التسلح الدبلوماسي بالقول أن
السعودية بدأت مفاوضاتها حول الصواريخ الصينية منذ ثلاثة أعوام إثر
معارضة الكونغرس بيع ثمان وأربعين مقاتلة أميركية من نوع أف خمسة عشر
إلى السعودية وقد وافقت واشنطن بعد ذلك في أواخر عام 1987 على بيع أربع
وعشرين من تلك الطائرات حفاظا على مستوى القوة الجوية السعودية في تلك
الفترة. مارتن والكر: السعوديون يفضلون إظهار استقلالهم بشراء
الأسلحة من حيث يشاؤون أما الصعوبات التي واجهوها بخصوص شراء الصواريخ
من الصين هي أن إسرائيل عارضت الأمر بقوة وإن أقوى تجمع في واشنطن هو
اللوبي المساند لإسرائيل وهو يستطيع عبر منظمات الانتخابات اليهودية
واستخدام أموال دعم الحملات الانتخابية الضغط بشكل ذكي جداً مثل تجمع
إيباك لتوليد ضغط هائل على الحكومة الأميركية. [تعليق صوتي] في عام 1986 نشبت أزمة حادة بين الكونغرس والرئيس ريغان
حيث صوَّت ستة وستون عضوا في مجلس الشيوخ أي أقل من ثلثي الأصوات
المطلوبة بصوت واحد لإلغاء الفيتو الذي استخدمه الرئيس بدعم من أربعة
وثلاثين صوتاً فقط ضد قرار الكونغرس بمنع صفقة أسلحة مع السعودية وكانت
المعارضة في الكونغرس تركز انتقاداتها على دعم السعودية لسوريا وليبيا
ومنظمة التحرير الفلسطينية مما أدى إلى حذف جانب من الصفقة وإلغاء
الدبابات والطائرات المروحية منها، كما وقعت أزمة مشابهة نسبياً عام
1984 عندما وقّعت السعودية عقدا لشراء صواريخ فرنسية مضادة للطائرات
بقيمة أربعة مليارات ونصف المليار دولار، على الرغم من هذه الصواريخ
كانت مخصصة لحماية آبار النفط السعودية من الطائرات المحلّقة على علو
منخفض إذ تشكل نظاما دفاعيا تؤكد بعض الكتيّبات أنها تبلغ أهدافا لا
تتجاوز سبعة أميال وهي تحمل اسم شاهين أو عين الصقر وقد أكدت صحيفة
نيويورك تايمز في السابع عشر من يناير عام 1984 أن ضباط أميركيين
أشاروا إلى أن السعودية قد لجأت إلى الصواريخ الفرنسية إثر جدالات أدت
إلى عدم الاتفاق حول شراء صواريخ أميركية مشابهة تسمى تشبرال. جوديث كيبر: أحياناً يُطلب من الولايات المتحدة بيع
أسلحة ذات تقنية معقدة وسرية وتقرر عدم البيع وبالتالي تختار تلك الدول
الذهاب إلى روسيا أو فرنسا أو المملكة المتحدة أو الصين للحصول على
أسلحة مماثلة. [تعليق صوتي] لم تكن واشنطن في حاجة إلى وضع شروط مكتوبة على
السعودية فالشروط هناك سرعان ما تصبح شائعة ومطروحة لنقاش مفتوح ومع
ذلك فقد نحتاج إلى الإضاءة على ذلك عبر ما تذكره الوثائق من دراسات
للكشف عن شروطها المفروضة على بيع أسلحتها إلى المملكة أو الكويت وهذا
ما نراه في تقرير موجّه إلى الخارجية الأميركية في الأول من يونيو عام
1973 يقول إن القرار الأميركي ببيع مقاتلات إلى السعودية والكويت تم
بعد دراسة دقيقة وشاملة لميزان القوى في المنطقة وتفيد الدراسة بأن
السعودية بحاجة إلى فترة تتراوح بين ثلاث أو خمس سنوات لاستيعاب
التقنية المتقدمة والمعقدة لطائرات الأف أربعة بالإضافة إلى أن هذه
الفترة المطلوبة ستعيق السعودية من إرسال المقاتلات إلى أي طرف ثالث
ولذلك فإن هذه الصفقات لن تؤثر على ميزان القوى في المنطقة، تضيف
الوثيقة في بندها الرابع أن الشروط القانونية والعملية التي ستُفرض على
السعودية بالإضافة إلى التقدم التقني والعسكري الإسرائيلي يجعلنا نعتقد
أن الخطر على إسرائيل أقل بكثير مما تتصوره القيادة الإسرائيلية. مايك لويس: لدي دول حاجات دفاعية لم تتم تلبيتها لكن في
حالة السعودية فإن طائرتي تيفون واليوروفايتر اللتين بيعتا للقوة
الجوية السعودية هما في الحقيقة متقدمتان بشكل هائل يجعلهما أكثر بكثير
مما تحتاجه للدفاع عن نفسها. [تعليق صوتي] في حين وضعت الإدارة الأميركية كل الشروط الممكنة
لتكبيل سُبل استعمال المقاتلات الأميركية من قبل السعودية في غير
وجهتها نجد في وثيقة أميركية أخرى تتعلق بمقاتلات الأف أربعة نفسها
رسالة من نائب وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جوزيف سيسكو
في السادس من أبريل عام 1973 يقول فيها إن الولايات المتحدة قررت بيع
إسرائيل ثمان وأربعين مقاتلة جوية من نوع أف أربعة سيتم إرسالها على
فترة أربع سنوات بأعداد متساوية أي اثنتي عشرة مقاتلة سنويا بدء من
نهاية العقد الحالي وأكد سيسكو أن هذه المعلومات يجب أن تبقى سرية
مشيراً إلى حادثة سابقة تسرّبت فيها معلومات عن صفقات سابقة وكانت
نتائجها سيئة. جوديث كيبر: الواقع أن للولايات المتحدة حليفان
استراتيجيان في المنطقة وهي مستعدة لعمل أي شيء للمحافظة على أمنهما
وهما إسرائيل بسبب الديمقراطية وأمور أخرى والسعودية بسبب النفط
وستستمر الولايات المتحدة في التزامها بهذا التحالف الاستراتيجي مع
السعودية وإسرائيل. [تعليق صوتي] الجبهة الشعبية لتحرير ظفار في سلطنة عُمان والتي عُرفت
بميولها اليسارية وتقرّبها من اليمن الجنوبي والاتحاد السوفيتي أشعلت
حربا ثورية في أواسط الستينيات ضد نظام السلطان سعيد ثم قابوس من بعده
واللذين كانا يعتمدان على البريطانيين في كل النواحي ولاسيما الدفاع
وقيادة الجيش. مارتن والكر: في تلك الحقبة كانت عُمان محمية ومُسيطر
عليها من قبل البريطانيين وكان الجيش العماني بآسره يقاد من قبل
البريطانيين وكانت سياسة الجيش والاتصالات بأيد بريطانية، لم يكن في
لندن أي قلق البتة من أن يفعل الجيش العماني أي شيء من دون موافقة
البريطانيين. [تعليق صوتي] بالفعل تحركت بريطانيا لمساندة السلطان حفاظا على
نفوذها ولكن من حساب بلد عربي آخر وليس من حسابها الخاص كما يتضح من
وثيقة الخارجية البريطانية في الثالث والعشرين من أكتوبر عام 1973
والتي تقول يجب أن تعلم أن العمانيون يفاوضون لشراء اثنتي عشرة مركبة
صلاح الدين من مجموع ثماني عشر وهذه ستُدفع من السعودية برجاء نصيحة
الأمير ليكون أكثر حكمة لعمل هدية من ست إلى ثمان آليات للعمانيين قبل
انتهاء التسليم، يتضح هنا سقوط شرط عدم السماح بنقل الأسلحة لمدة غير
محددة بل أصبح محبباً إلى جانب زيادة الصفقة وتوسيعها. مارك فايثيان: العلاقات بين بريطانيا وعُمان وثيقة ومنذ
نيل عُمان الاستقلال في السبعينيات كانت تحت حماية البريطانيين من عدة
نواح وهناك علاقة وثيقة بين البلدين، البريطانيون يدربون قوات الأمن،
المؤسسات البريطانية كالقوات البريطانية الخاصة ساندت العمانيين ضد
الثوار في السبعينيات أيضاً وفي الواقع القوات العمانية في السبعينيات
قامت بالمساعدة في العمليات المشتركة مع القوات الأرضية
البريطانية. [تعليق صوتي] من خلال البحث في الأرشيفات المتعددة توصلنا إلى نتائج
عديدة حول شروط السيادة على السلاح وعلى الأرض ولكن الشرط الأهم لخصته
أمامنا وثيقة واحدة صادرة في السادس عشر من يونيو عام 1973 موجهة من
السفارة البريطانية في القاهرة إلى الخارجية في لندن حول شروط بيع
السلاح للعرب فهي تناقش مقالاً لإحسان عبد القدوس، هذه الشروط هي أن
يُستخدم السلاح فقط ضد العرب أنفسهم العراق جنوب اليمن ولكن ليس ضد
إسرائيل، إلى حلقة جديدة من حلقات التاريخ الذي تحكيه وثائق السلاح. --------------------انتهت.
[محتويات]
[مقدمة]
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م