اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 ملف التسلُح العربي
الجزيرة، برنامج أرشيفهم وتاريخنا، ملف التسلح- الحلقة الثانية
 

12-11-2006

 

ملف التسلح العربي.. العرب وصفقات السلاح ج2
ضيوف الحلقة:

- أندريه ستيبانوف/ مستشرق وخبير في الشؤون الإستراتيجية بموسكو
- جورج جوفي/ أستاذ تاريخ وسياسات الشرق الأوسط بجامعتي لندن وكمبردج
- مارك فايثيان/ أستاذ دراسات إستراتيجية–جامعة وولف هامبتون بلندن
- عادل سليمان/ محلل إستراتيجي من القاهرة
- ألبرت مكاشوف/ جنرال وعضو مجلس الدوما الروسي
- مارتن والكر/ وكالة يونايتد برس إنترناشيونال في واشنطن

تاريخ الحلقة: 10/11/2006

- حركة الضباط الأحرار والسلاح السوفياتي
- حرب اليمن والعلاقات المصرية السعودية
- السلاح الأميركي في لبنان ولعبة التوازنات
- المخاوف الكويتية من العراق

 







"إن النفقات المصرفية على الأسلحة ليست منطقية، ولذلك يجب وقفها وتكريس استخدام هذه الأموال في قضايا التنمية".

الرئيس الكوبي

فيديل كاسترو.

[تعليق صوتي]

في الأرشيف الأميركي يوجد تقرير بعثة المسح والتقييم لأثيوبيا وإيران وشبه الجزيرة العربية الموجه إلى لجنة العلاقات الدولية الأميركية في ديسمبر عام 1977 والذي يقدم جملته الموجزة حول المنطقة حيث يقول، إن العداوات التاريخية والتي كانت حادة في أغلبها بين هذه الأقطار وبالأخص أقطار شبه الجزيرة العربية بدأت تختفي في الوقت الذي دفعته فيه لمواجهة العدو المشترك إسرائيل، على أي حال فإنه عندما يتم تسوية النزاع العربي الإسرائيلي بشكل دائم فإن العلاقات العدائية في الداخل العربي يمكن أن تُبعث مرة أخرى وإذا أُخذ بالاعتبار الكم الهائل لهذه الأسلحة المعقدة والموجودة حاليا في المنطقة فإن شدة وعنف تجدد مثل هذه الصراعات يمكن أن يكون ذا خطورة بالغة.

حركة الضباط الأحرار والسلاح السوفياتي

[تعليق صوتي]

هل لنا هنا أن نسأل أهناك فارق بين ترك تلك العداوات إلى ما بعد حل الصراع العربي الإسرائيلي أو الإسراع بتزكيتها في حينها لتشكل استنزافا مستمرا للقدرات الداعمة للموقف العربي الموحد من ذلك الصراع؟ إنه سؤال نضعه في المخيلة قبل فتح تلك الملفات الجديدة للتسلح في المنطقة.

[تعليق صوتي]

يبدو أن حركة الضباط الأحرار في مصر ظلت محوراً للعديد من المواقف والقلاقل في الداخل المصري والخارج العربي وهو ما نتتبعه من خلال رحلتنا بين الأرشيفات المختلفة، في التاسع من أغسطس عام 1955 التقى سولود السفير السوفييتي في القاهرة مع جمال عبد الناصر ليقدم بعد ذلك تقريره إلى الخارجية السوفييتية ذاكرا أن رئيس وزراء مصر جمال عبد الناصر أعرب عن إرادة مصر إنشاء أفضل العلاقات مع الاتحاد السوفييتي، لكن بعض الحقائق الموضوعية تحول دون ذلك، فمثلا ومنذ فترة غير بعيدة قام السفير البريطاني بزيارة عبد الناصر وأعلن له بصورة واضحة أن بريطانيا والدول الغربية سوف توقف تصدير السلاح إلى مصر في حالة عقدها لأي اتفاقية مع الاتحاد السوفييتي وأنهم سوف يضيفون إلى ذلك عددا من العقوبات التجارية والاقتصادية ضد مصر وقد أعرب السفير الأميركي في مصر عن الموقف نفسه، إن عبد الناصر لا يعلم مدى خطورة هذه المواقف لكنه مقتنع بضرورة أخذها على محمل الجد.

نزار عبد القادر - بحث متخصص في شؤون التسلح - بيروت: كان طبعا هم الإدارة الأميركية أن لا تعطي لمصر الأسلحة اللازمة لحاجتها الأمنية خوفا من أن تستعمل هذه الأسلحة ضد إسرائيل وطبعا كان هناك ضغط اللوبي الصهيوني في ذلك الزمن كان له تأثيره الكبير على القرار الأميركي، عندها وجد عبد الناصر بأنه لا مناص من البحث عن مصادر أخرى..

أندريه ستيبانوف - مستشرق وخبير في الشؤون الاستراتيجية - موسكو: الاتجاه الاستقلالي الوطني لمثلا مصر في عهد عبد الناصر طبعا هذا الاتجاه تصادم مع التعنت والنوايا الاستعمارية البريطانية والأميركية ومحاولات إملاء الشروط لمصر ويعني منع تزويد مصر بالاحتياجات العسكرية البسيطة التي كانت مشروطة بمطالبة الأمن القومي لمصر وفي هذه الحالة عبد الناصر تقدم مباشرةً إلى الاتحاد السوفييتي برجاء تزويد مصر بالسلاح المطلوب يعني والاتحاد السوفييتي وافق وعلى أساس الاعتبارات السياسية يعني صياغة الصفقة كانت عبر تشيكوسلوفاكيا..

فلاديمير سورين - رئيس المركز الاستراتيجي للقضايا الحيوية - موسكو: إنه بتوجهه إلى تشيكوسلوفاكيا أراد القول إن جمال عبد الناصر يعتمد على المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفييتي وفي الجهة الأخرى يعرض أوجه تناقضه الأيديولوجي مع الغرب.

[تعليق صوتي]

بالطبع كانت المخاوف من الكيان الصهيوني هي الهدف الأول للحصول على السلاح السوفييتي لكن وقائع أخرى كانت تفرض نفسها على الواقع المصري، في عام 1953 كانت مصر وإنجلترا اتفقتا ونتيجة تنامي القوى الوطنية والقومية في السودان على منح هذا البلد حكومة خاصة به ضمن ما يشبه حكما ذاتيا وهو ما مكَّن إنجلترا من الإبقاء على قواتها العسكرية هناك مُشكِّلة تهديدا دائما للسيادة المصرية وهو ما انعكس من خلال التقرير الذي قدمه السفير السوفييتي في القاهرة إلى خارجيته حول اجتماعه مع السيد علي صبري مدير مكتب رئيس الوزراء المصري بتاريخ الثاني والعشرين من أغسطس عام 1955، حيث جاء في التقرير إن مصر تعبر عن قلقها من الأوضاع غير المستقرة في السودان وبالتدخل البريطاني في هذا الشأن، كما أضاف بأن إسرائيل تقوم باعتداءات مستمرة ضد الجيش المصري عند الحدود مع غزة، تبعا لما تم ذكره الرئيس جمال عبد الناصر بأن التدخلات البريطانية في المنطقة سوف يتم إيقافها إذا علم الإنجليز بأن الجيش المصري مسلح ومستعد بشكل جيد، لذلك يطلب جمال عبد الناصر أن أنقل إلى الحكومة السوفييتية الإسراع بإرسال شحنات الأسلحة إلى مصر والتي يتم التشاور بشأنها في برن.

"
جمال عبد الناصر  أعلن أن أحد الأهداف الكبرى لثورة 23 يوليو بناء جيش وطني قوي عبر التعاون مع بريطانيا والولايات المتحدة، إلا أنه فشل في تحقيق هدفه
"
           عادل سليمان

عادل سليمان – محلل استراتيجي - القاهرة: الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت لم تكن لديه خبرة كبيرة في عملية توريد الأسلحة وتدعيم قوى خارجية وإعادة تنظيم جيوشها وما إلى ذلك، بينما على الجانب الآخر جمال عبد الناصر في ذلك الوقت كان يرى أن أمامه تحديا كبيرا، هو أعلن أن أحد الأهداف الكبرى لثورة 23 يوليو بناء جيش قوي.. وطني قوي، هذا الهدف حاول أن يحققه من خلال التعاون مع بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وفشل ثم جاءت التهديدات الإسرائيلية على الحدود المصرية وغارات غزة 1955 وما إلى ذلك..

[تعليق صوتي]

يكمل سولود في تقريره إلى الخارجية السوفييتية بدايةً تطلب الحكومة المصرية إرسال طائرات شحن وطائرات قاذفة بأسرع وقت ممكن بل وإن الحكومة المصرية توافق على أن يتم تسليم الطائرات مباشرة من الاتحاد السوفييتي وبقيادة طيارين سوفييت قادرين على إنزال الطائرات في مطار ألماظة في القاهرة، إن شحنات الأسلحة السوفييتية لمصر مهم جدا وخصوصا الطائرات وذلك بحسب الحكومة المصرية سوف يضع البريطانيين أمام واقع مؤثر وهو قدرة الجيش المصري على المقاومة، عدا ذلك فإن الطائرات الشاحنة مهمة جدا في حال قرار الدولة المصرية إرسال مساعدات عسكرية إلى السودان، كذلك أبلغني السيد صبري بأن حكومته غير قادرة على الاتصال ببعثتهم في برن لحثهم على الإسراع في المباحثات وذلك لأنه قد طُلب منهم عدم الاتصال بالبعثة الدبلوماسية المصرية في برن والقيام بذلك في الحالات القصوى فقط ومن الجدير بالذِكر أن الاضطرابات في السودان استمرت حتى عام 1956 حين أُعلن استقلال السودان بقيادة إسماعيل الأزهري وأُجبرت الوحدات البريطانية على الانسحاب من هناك.

جورج جوفي - أستاذ تاريخ وسياسات الشرق الأوسط بجامعتي لندن وكمبردج - لندن: يبدو لي أن المخاوف البريطانية بشأن السودان تعود إلى حقبة قديمة كانت ترغب بريطانيا بإنشاء علاقة مستعمرات دقيقة فيها تهدف إلى إبقاء النفوذ البريطاني هناك، لذا كانت السياسة الحكومية البريطانية دوما منشغلة فيما بين مصالحها الاستراتيجية العامة ومصالحها التجارية وبين مكان إبقاء نفوذها.

[تعليق صوتي]

ظل البحث في الأرشيف السوفيتي متواصلا إلى أن وجدنا تلك الوثيقة التي تشير إلى أن القيادة المصرية كانت تلح طوال عام1955 على الحصول على عتاد عسكري سوفيتي لأسباب أخرى وهو ما نراه بتاريخ السادس والعشرين من سبتمبر عام 1955 في تقرير آخر لسولود حول اجتماعا جديد مع علي صبري، أعلمني السيد صبري بأن الدولة المصرية قلقة للغاية من الأعمال والاتصالات الأميركية في مصر والتي تجري عبر السفارة الأميركية في القاهرة فقد حصلت محاولة للاتصال مع قيادات حزب الوفد والإخوان المسلمين الممنوعين من أجل الاتفاق معهم حول أعمال مضادة للحكومة لكن وبحسب المعلومات فإن قادة تلك الأحزاب لم يوافقوا على التعاون مع الأميركيين ولم ينجح الأميركيون في حياكة مؤامراتهم.

أندريه ستيبانوف: لا حاجة إلى دبابات أو طيارات أو يعني مدفعية ثقيلة لقمع منظمة الأخوان المسلمين، سلاح خفيف يعني والأدوات البسيطة لمطاردة المقاومة الإسلامية في مصر.

حرب اليمن والعلاقات المصرية السعودية

[تعليق صوتي]

كما كان الضباط الأحرار يشكون من بعض القوى من حولهم كانوا كذلك يشكلون قوة مزعجة لأطراف أخرى كما توضح ذلك وثيقة صيغت في أيار/ مايو من عام 1969 تحمل رأي الخارجية البريطانية في الملك فيصل حيث تقول إنه معجب ببريطانيا وقد ورث عن أبيه معظم شعوره بالصداقة نحونا، إلا أن مشكلة ألبريني غير المحلولة تكبت تلك الصداقة وتلون أحكامه علينا، أما الولايات المتحدة فقد قبلها كحقيقة من حقائق الحياة في السعودية الحديثة ورغم أنه يجد الكثير من موجبات الانتقاد في السياسة الأميركية، إلا أنه يتجنب قدر الاستطاعة جرح مشاعر أقوى أصدقاء السعودية والحرب العربية الإسرائيلية في يوليو من عام 1967 لم تؤثر بشكل جوهري على صداقته لبريطانيا والولايات المتحدة ويبقى ناصر في نظره عدوا أخطر من إسرائيل ومع ذلك فهو يتمتع بمشاعر شديدة القوة حيال القدس.

مارتن والكر – وكالة يونايتد برس انترناشيونال - واشنطن: هكذا كانت الأمور في ذلك الوقت في عام 1960 فقد كان ناصر لا يزال حيا في مصر وانخرط في حرب كلامية شديدة مع الحكومة الملكية السعودية وقد استُخدم الغاز السام في ذلك الصراع وكانت حربا شديدة على الحدود اليمنية السعودية وشارك بها ضباط مصريون ومستشارون عسكريون مصريون.

[تعليق صوتي]

في كتابه الإخوان والأميركان يؤكد المؤلف حمادة إمام أن السعودية كانت أكثر الدول فرحة بقيام الثورة لأسباب عديدة، يأتي في مقدمتها أن قائد ثورة يوليو خلَّص آل سعود من أسرة محمد علي تلك الأسرة التي ارتبطت في أذهان آل سعود بزوال الدولة السعودية الأولى والثانية بالإضافة إلى أن أحلام وأطماع فاروق كانت لا تقل عن أحلام أجداده حتى أن فكرة خلافته للمسلمين كانت تراوده في أيامه الأخيرة.

"
العرب لم يكونوا ليتفقوا فيما بينهم وكان دائما ثمة شيء ما يقودهم إلى التنازع
"
          ألبرت مكاشوف

ألبرت مكاشوف – جنرال وعضو مجلس الدوما الروسي - موسكو: القضية تنحصر في أن العرب لم يكونوا ليتفقوا فيما بينهم وكان دائما ثمة شيئا ما يقودهم إلى التنازع.

[تعليق صوتي]

لكن العلاقة بين نظام الرئيس عبد الناصر والنظام الملكي السعودي انتقلت إلى مرحلة التوتر وعدم الثقة فالأرشيف السوفيتي يقدم لنا مرة أخرى محضر اجتماع المبعوث السوفيتي إلى مصر مع عبد الناصر الذي قال فيه عبد الناصر، إن المشكلة الرئيسية الآن في الشرق الأوسط هي موضوع الوحدة الفدرالية بين مصر وسوريا وعن مواقف الدول من تلك الوحدة تطرق الحديث إلى السعودية التي قال عنها عبد الناصر مبتسما، إن السعوديين غير قادرين على التفريق بين رمح أو سلاح نووي ثم أضاف أيضا بأنه وفي السنة الماضية وعند قيامه بزيارة السعودية حطت طائرته في الظهران وقد رأى بأم العين بأن المكان هو قاعدة عسكرية أميركية.

نيكولاس فيلوتيس - سفير سابق في الأردن ومصر وإسرائيل - واشنطن: كانت المصافحة الشهيرة في البحيرات المُرة بين الملك عبد العزيز والرئيس روزفلت بداية لعمل الشركات الأميركية في السعودية حيث لم يكن للإنجليز أي تواجد.

[تعليق صوتي]

في فترة لاحقة تطورت الشكوك السعودية تجاه نظام عبد الناصر من مجرد النموذج المقلق إلى مستوى وجود قواتها في الخاصرة السعودية الجنوبية عبر مساندتها للجمهوريين ضد نظام الإمامة المماثل للنظام الملكي، هذا ما يثبته الأرشيف البريطاني، في تقرير من الخارجية البريطانية إلى السفارة في جدة بتاريخ العشرين من فبراير عام 1966 ينقل عن الأمير سلطان قوله، إن ناصر سيرفض على الأغلب شروط فيصل وإن القتال في اليمن سيندلع مجددا وبالتالي فإن الدعم السعودي للملكيين في اليمن لا يمكن تجنب استئنافه وإن ناصر سيهاجم المناطق الحدودية السعودية، كما أن فيصل يرغب في معرفة موقف أصدقائه من هذا الاحتمال، في الواقع هناك مأزق، الاستسلام والمخاطر المحتملة على المصالح السعودية والبريطانية أو الدفاع عن نفسه وهو مطمئن إلى اتفاقية الدفاع الجوي الأخيرة وهل ترسل حكومة جلالة الملكة سربا من الطائرات المقاتلة للتحليق بالألوان السعودية؟ يتحدث السير ستان هاوس عن صعوبة تزويد السعوديين بالطائرات في المدة القريبة التي يطلبها سلطان ولكنه سيبحث إمكانية تجديد طائرات، أما بالنسبة إلى الطيارين فهم المشكلة وهو يقترح تسريع برنامج تدريب الطيارين السعوديين لأن سلاح الجو البريطاني يجد صعوبة في تأمين طيارين ويشير السيد تومسون إلى صعوبة تصور توظيف فريق طيران بريطاني من دون التسبب في حرج سياسي خطر للسعودية وأن لا يكون هدفا للدعاية القاهرية.

مارك فايثيان – أستاذ دراسات سياسية بجامعة وولفر هامبتون - لندن: هذا دور مثير للاهتمام بتجارة الأسلحة البريطانية مع الشرق الأوسط فغالبا ما طلبت دول شرق أوسطية مثل المملكة العربية السعودية والكويت عناصر إضافية مع الصفقة وغالبا ما كانت تستغلها لعقد الصفقة لذلك كانت تحصل عليها.

[تعليق صوتي]

بلغ مستوى المخاوف السعودية أثناء حرب اليمن آفاقا واسعة، في الحادي عشر من آذار/مارس عام 1966 أرسلت الخارجية البريطانية إلى سفيرها في واشنطن رسالة تقول فيها، أثناء مرور الأمير سلطان بلندن في طريقه إلى واشنطن سأل عما إذا كانت حكومة جلالتها مستعدة لإرسال سرب من طائرات سلاح الجو الملكي للتحليق بالعَلَم السعودي للدفاع عن السعودية في مواجهة ضربة جوية قوية في حال تشدد المعارك في اليمن وقد أعطيناه جواب محبطا عندما مرَّ بلندن في طريق العودة إلى بلاده ولكنه عاد وطلب تزويدهم على الأقل بطائرات وعلى وجه السرعة حتى لو لم نتمكن من تأمين الطواقم الأرضية والجوية سيحاول السعوديون تأمين ذلك بأنفسهم، الوثيقة تشير إلى اللغة الحاسمة لسلطان وأنه أمهل البريطانيين أسبوعا واحدا للرد، تتحدث الوثيقة عن القلق البريطاني الحقيقي في حال عدم تلبية الطلب السعودي ويتلخص في أن تُلغي الرياض صفقة الطائرات التي ستوقَّع في نهاية آذار وبالتالي التحول نحو الطائرة الأميركية F104.

مارتن والكر: أعتقد أن الأمر ممكن تماما بالنظر إلى الدور البريطاني القوي بنُصح الجيش السعودي وبالطبع كان السعوديون آنذاك يفاوضون لشراء طائرات لايتينغ الحربية البريطانية.

مايك لويس – منظمة "الحملة ضد تجارة الأسلحة" البريطانية - لندن: عناصر من القوى الجوية الملكية وشركة BA سيستيم البريطانية التي كانت جزءا من الصفقة رافقوا هذه الأسلحة والطائرات المقاتلة وقاموا بأعمال الصيانة وفي حالات عدة قادوا هذه الطائرات بأنفسهم أيضا، هذا إذا لا يمثل بشكل ما جزءا من سيطرة الغرب على سوق الأسلحة فقط بل أيضا سيطرته الفعلية على القوات المسلحة نفسها.

[تعليق صوتي]

الخلاصة التي تنقلها الخارجية إلى سفيرها في واشنطن لإبلاغها للأميركيين الحلفاء التقليديين للسعودية هي إرسال سرب من طائرات سلاح الجو الملكي والتي يمكن أن توصف بحسن النية، مهمة التدريب لمدة قصيرة لنقُل أسبوعين وللتغطية على ذلك يمكن القول إن السرب أُرسل بهدف المشاركة في استعراض جوي سعودي والبدء في جعل عناصرهم تألف هذا النوع من المُعدات وتضيف الوثيقة أن هناك مخاطر سياسية واضحة في ذلك خاصة إذا ما اندلعت المعارك بين السعودية ومصر وفي المقابل فإن الفشل في إنجاز عقد الطائرات ستكون أضراره جسيمة، تضيف الوثيقة أنه في مثل هذه الظروف فإننا على الأغلب سنقبل بالمخاطر السياسية الجدية من وراء إرسال طائرات سلاح الجو الملكي إلى السعودية لكن الطائرات ستكون بلا محيط راداري لازم للعمليات الدقيقة، كما أن موضوعها سيكون في الرياض أو جدة وأن مداها القصير لن يمكِّنها من العمل بالقرب من منطقة الجبهة اليمنية ولهذا لا يمكن اعتبار ذلك تورطا ضد مصر إلا إذا جرى اختراق للمجال الجوي السعودي.

مارك فايثيان: سبَّب هذا مشاكل كبيرة للحكومة البريطانية فهل تسمح للطيارين البريطانيين الذين شعروا أنهم كالمرتزقة بالذهاب والطيران هناك؟ ماذا لو نشبت حرب؟ ماذا لو أسقطت طائرة مصرية طيارا بريطانيا؟ ماذا ستكون العواقب الدولية؟ ولكنها قررت أن قيمة الصفقة كبيرة جدا وأنهم لا يستطيعون المخاطرة بها، لذلك إذا أراد الأمير سلطان بعض الطيارين فسيحصل عليهم.

أندريه ستيبانوف: الاتحاد السوفييتي ساعد النظام الجمهوري النشر في اليمن وزود بكل السلاح هو السعودية والأردن زودت القوة الملكية ضد الجمهورية بنفس السلاح وهناك كانت الجبهة الداخلية العربية.. العربية ليس يعني جبهة العرب ضد إسرائيل.

[تعليق صوتي]

تكاثرت المخاطر التي تهدد النظام السعودي على حدودها مع اليمن، عجْز سلطة عُمان عن التعامل مع اشتداد الثورة في ظفار ونزاعاتها الحدودية مع قطر حول دوحة سلوى وترافقت هذه الوقائع مع ما أثير من حملات إعلامية سبقت اجتياح إسرائيل لأراضي عدد من الدول العربية عام 1967، عن تلك الفترة يقدم لنا الأرشيف الوطني البريطاني ضمن أوراق الحربية بتاريخ الثلاثين من يناير عام 1967 تحت عنوان عاجل من السفارة في جدة إلى الخارجية، رئيس الأركان السعودي طلب بصورة عاجلة من خلال الملحق العسكري التالي، الجيش السعودي يحتاج بصورة فورية إلى التزود ببطاريات مدافع مضادة للطائرات، عدد اثنان أو ثلاثة مع متطلبات أخرى وعربات ويجب أن يكون أداء هذه المدافع أفضل من أنواع أربعين مليمترا السابقة ومن المفضل هيكلية للطواقم، كما يرغب السعوديون بطواقم جاهزة لتشغيل المدافع وقت الاعتداءات، لكنهم يدركون أنه لأسباب سياسية فإن إرسال طواقم كهذه سيكون في غاية الصعوبة ولهذا فهم يأملون في فريق من المدربين لتلك الأسلحة في السعودية أو المملكة المتحدة.

مايك لويس: المشكلة هي أن هذا التصدير للخدمات العسكرية يخضع لقدر أقل من التحكم والمسائلة من بيع الأسلحة نفسها وهذه سمة بارزة لصفقات الأسلحة الرئيسية مع الشرق الأوسط في الستينيات والسبعينيات، حيث يتم توفير التدريب وأحيانا ذهاب العسكريين مع الأسلحة إلى الشرق الأوسط.

[تعليق صوتي]

يواصل الأرشيف البريطاني تقديم الوثائق التي تلقي الضوء على المواقف المختلفة لدول المنطقة من الأحداث الجارية ومنها وثيقة وزارة الدفاع البريطانية بتاريخ السادس من نيسان/أبريل عام 1967 حول لقاء بين الأمير سلطان وزير الدفاع السعودي وداوسون مبعوث وزارة الدفاع البريطانية والذي يقول، عبَّرت عن ارتياحي من وقف إطلاق النار بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وعُمان وكذلك الامتنان للدور الذي لعبته السعودية على هذا الصعيد، الأمير سلطان اعترض على الفور وقال إن الوضع هناك هو من صنيعة أيدينا عندما تجاهلنا نصيحة الملك فيصل حول الانسحاب من عدن وقال أيضا، إن وقف النار سيسري ولكن علينا الانتظار لبعض الوقت قبل التأكد من ذلك.

نيكولاس فيلوتيس: في الواقع نحن لم نأخذ الموضوع بشكل جدي حتى بعد القرار البريطاني بالانسحاب من غرب قناة السويس بعد عام 1956، عندما قال الإنجليز إنهم سيغادرون الخليج وغادروه بعد أن خسروا الهند وباتت مناطق مثل عُمان غير ذات أهمية، لقد كنا نتعاون مع الإنجليز في إيران فقد كان هناك النفط والحرب الباردة وأعتقد أن الإنجليز كانت لديهم الأسبقية هناك، ثم فوجئنا بانسحاب الإنجليز مع الحرب الباردة وظهور دول جديدة وظواهر جديدة بدءا من الانقلاب على الملكية في مصر وظهور القومية العربية والعروبية بميول اشتراكية وكان الروس قد تمكنوا من تحقيق تقدم جدِّي كجزء من الحرب الباردة لذلك كان علينا أن نلعب دورنا.


[فاصل إعلاني]

السلاح الأميركي في لبنان ولعبة التوازنات

[تعليق صوتي]

كان الحدث الأكبر في أوائل سنة 1958 هو قيام الوحدة بين مصر وسوريا وعلى عكس المتوقع أزعجت تلك الوحدة الكثير من الجيران من حولها وهو ما تعكسه برقية الثالث والعشرين من مايو/أيار من كيكتف السفير السوفييتي في لبنان إلى وزارة الخارجية السوفييتية حيث يقول، في الثالث والعشرين من أيار/مايو قمت بزيارة وزير خارجية لبنان شارل مالك بدعوة منه، سلمني السيد مالك نص رسالة الاعتراض على تدخل الجمهورية العربية المتحدة بالشؤون الداخلية اللبنانية والذي قد تم إرساله إلى الأمم المتحدة وقد كان أُرسل هذا الاعتراض إلى جامعة الدول العربية، أبلغني بأن الحكومة اللبنانية ترغب في التشاور مع الاتحاد السوفييتي بهذا الخصوص، خلال الحديث أبديت اهتماما بموقف لبنان في حال إمكانية تسحين العلاقة بينه وبين الجمهورية العربية المتحدة، كذلك تساءلت عن أية إثباتات لدى الجهة اللبنانية بشأن التدخل في شؤونه الداخلية والموقف اللبناني في المشروع الأميركي الإنجليزي وحلف بغداد بشأن القيام بإنزال عسكري في لبنان، أجابني مالك بأن لبنان يرغب في حل هذه المسألة بصورة سلمية وهو مستعد للسفر إلى مصر إذا تطلب الأمر ذلك لكن حكومة الجمهورية العربية رفضت البلاغ اللبناني وعند إشارته إلى خطاب الرئيس عبد الناصر عن الاحترام الكامل للسيادة والاستقلال اللبناني علق مالك بأن الخطاب في نصه هاجم الحكومة اللبنانية أيضا ومن حديث مالك علمت أن شريط مسجل لخطاب عبد الناصر الذي تم نقله عبر إذاعة دمشق سوف يقدم إلى مجلس الأمن كإثبات على العدائية ضد لبنان كما أنه أضاف بأن هناك وقائع تشير إلى دخول عصابات مسلحة إلى الأراضي اللبنانية من الحدود السورية فيما بعد التقى الرئيس فؤاد شهاب مع الرئيس جمال عبد الناصر وتوصلا إلى تحييد لبنان عن المد القومي السائل في المنطقة واعتبرت مصر في تلك الفترة أنها التهديد الإقليمي الرئيسي للاستقرار الداخلي لهذا الكيان السياسي الذي لا يتفق مع الرؤية الأيدلوجية الناصرية وكان هذا اللقاء وسيلة لتحييد التهديد الناصري ولتجاوز أبعاده القومية الداخلية.

نعوم تشومسكي - كاتب ومفكر أميركي - بوسطن: من أسباب انزعاج الأميركيين من ناصر أنه كان يتحدث ولا أدري أنه إذا كان سينفذ كلامه عن استخدام مقدرات الشرق الأوسط لمنفعة شعوبه وهذا محرم ومن العجيب أن لندن وواشنطن لم تتهمه بالعودة إلى الهتلرية فهذا النفط ليس لشعوب المنطقة بل هو لنا.

[تعليق صوتي]

يواصل السفير السوفييتي في لبنان بالنسبة إلى السؤال الثالث أجاب مالك بأنه يتعاطى مع حركة التدخل العسكري من قبل الدول الغربية وحلف بغداد بشكل إيجابي وأكد بأن الحكومة اللبنانية وبكل صلابة تريد الدفاع عن استقلال لبنان والدول الغربية مهتمة بجل هذه الأزمة العالقة وأنهم لن يجلسوا مكتوفي الأيدي لكن الدول اللبنانية لا تريد تأزيم الوضع على المستوى الدولي.

نزار عبد القادر: بسبب الانقلاب الذي حدث في العراق نزلت القوات الأميركية إلى الشواطئ اللبنانية عام 1958 وبالواقع أنهيت الأحداث في لبنان وعاد لبنان بالواقع للتوافق مع عبد الناصر مع بقاء مما يقولوا المظلة الأميركية هنا عندها دخل إلى لبنان أو لأول مرة سلاح أميركي هو عبارة عن كتيبة من دبابات أم 41 كانت 18 دبابة وأنا من اللذين خدموا على هذه الدبابات في الجيش اللبناني كان هذا أول دخول للأسلحة الأميركية إلى لبنان أي أهدت الولايات المتحدة كتيبة دبابات 16 دبابة للبنان هدية.

[تعليق صوتي]

استمر الاهتمام الغربي بلبنان ودوره في لعبة التوازن السياسي والعسكري في تلك المنطقة التي لم تتوقف عن الاشتعال في الخامس والعشرين من مايو/ أيار عام 1973 تسلم وزير الخارجية الأميركي تقريرا يقول إننا نقوم بدراسة شاملة للوائح قدمت من الجيش اللبناني بالأسلحة المطلوبة لإعادة بناء قدرات الجيش اللبناني بعد الاشتباكات مع الفدائيين الفلسطينيين ويتركز الطلب اللبناني على أسلحة للقيام بتحركات سريعة لمواجهة خطر الإرهابيين وكذلك أي خطر من تدخل سوري محتمل، اللائحة تضمنت دبابات M 60 وطائرات سكاي هوك 48 وطائرات هليكوبتر وبوارج بحرية بالإضافة إلى أننا نقوم بشحن معدات تم الاتفاق عليها تحت اتفاقية FMS مع لبنان استنادا إلى الترتيبات التي حصلت في السابع عشر من أيار لتنظيم نشاطات ووجود الفدائيين في لبنان، نجحت الحكومة اللبنانية أقلها على الورق في تقوية موقفها من الفدائيين، غير أن الاختبار الحقيقي لفعالية هذا الاتفاق يمكن في تطبيقه إذ أن اتفاق السابع عشر من أيار يدعو إلى نزع الأسلحة الثقيلة من مخيمات اللاجئين وتوقيف التدريبات العسكرية داخل المخيمات وهناك تحظير أيضا على الفدائيين من ارتداء البدلات العسكرية ومن حمل الأسلحة في المدينة وسرعان ما بدأ الفدائيون بمخالفة الاتفاقية وإنما في الوقت نفسه أوضحوا أنهم ليسوا مهتمين بجولة قتال جديدة مع الجيش اللبناني من جهتهم إن الرئيس فرنجي والجيش يتحركون بحذر ولا يصرون على تنفيذ فوري لبنود الاتفاق.

نزار عبد القادر: كان هناك كثير من المباحثات وسافرت وفود إلى الولايات المتحدة وبعضها إلى بريطانيا وبعضها إلى فرنسا من أجل الحصول على كمية من الدبابات والأسلحة المتطورة من أجل تدعيم وضع الجيش اللبناني خاصة وأن.. ولكن يبدو أن الأولويات السياسية الأميركية في المنطقة قد تغيرت ولذلك لم يحصل لبنان على ما كان يعد نفسه به في تلك الفترة لأنه كان قد دخل مشروع كسينغر والذي كان يريد بالواقع أن يقوم بترتيبات مؤقتة بدلا من مجابهة الفلسطينيين وقد عمل الأميركيون بالواقع مع أطراف عربية وبعض الأطراف في الحكم اللبناني من أجل بالواقع احتواء الفلسطينيين في لبنان إلى حين إيجاد حل سلمي لقضيتهم لكن لم يحدث الحل السلمي ولم يحصل لبنان على الأسلحة.

عادل سليمان: توريد صفقات السلاح بصفة عامة لها جانبين، أولا تعزيز نفوذ الدولة المصدرة، ثانيا خدمة مصالحها الإقليمية في هذه المنطقة يعني الجانبين يجب أن يتحققا بتزود نفوذها ثم بتخدم مصالحها بتقوية طرف معين أو خلق توازن معين بيخدم مصالحها في المنطقة فإذا كانت بتسعى الولايات المتحدة لتقوية لبنان هي تعلم تماما أن هذه التقوية ليست ضد مصالح إسرائيل ولكنها على حساب توازنات داخلية في المنطقة نفسها.

[تعليق صوتي]

فضلا عن الدوافع الشعبية الداخلية لكل بلد على حدة لثورة الجيوش على الأنظمة الملكية، إلا أن انقلاب الثالث والعشرين من يوليو في مصر والذي قاده جمال عبد الناصر ورفاقه مثَّل مفارقة عجيبة إذ إنه كما كان مصدر خشية للأنظمة الملكية إلا أنه مثَّل أيضا نموذجا وحافزا للعسكريين في أكثر من بلد عربي ومنها العراق للسيطرة على السلطة إذ تؤكد العديد من المصادر أن اللجنة العليا للضباط الأحرار التي أعدت للانقلاب كانت ترفض قتل الملك أو تصفية العائلة المالكة إنما كانت هناك عدة آراء حول طريقة التعامل معه بعد الإبقاء على حياته فالبعض من الضباط الأحرار ومنهم عبد الكريم قاسم كان يرى الإبقاء على حياته وإظهاره على شاشة التلفزيون ليعلن تأييده للثورة والبعض الآخر رأى التعامل معه بالطريقة التي تعامل معها العسكريون الثوار في مصر مع الملك فاروق، من جهة أخرى وعلى جبهة قريبة من هناك بدأت المخاوف الكويتية من مساعي الضم العراقية منذ بدايات نشوء دولة الكويت ولكنها تفاقمت بشكل أوسع إثر انقلاب عبد الكريم قاسم في الخامس والعشرين من يوليو / تموز عام 1959، أرسلت قيادة القوات البريطانية في الجزيرة العربية إلى وزارة الدفاع في لندن رسالة تقول، الكويتيون تلقوا إشعارا رسميا من الوزارة يفيد بأنه يمكن تزويدهم بدبابات من نوع مارك 8 أو مارك 5 خلال أسابيع ولأنهم يعلمون أن العراقيين يملكون دبابات من طراز مارك 7 فإنهم يصرون على أن دبابات مارك 8 فقط يمكنها الاستجابة لاحتياجاتهم ولهذا فإن المطلوب هو ست عشرة دبابة للكويت ولاستعمال القوات البريطانية في مجال الاستخبارات هناك قلق كويتي من المدة القصيرة اللازمة لوصول القوات العراقية لبلدهم، لذا فهم بحاجة إلى استخبارات جيدة لتزويدهم بالتحذيرات اللازمة للنوايا العراقية كما أنهم يجدون صعوبة في بناء شبكة استخبارات في العراق ولهذا الاعتبار فإن علينا إعطاء أولوية لبناء شبكة استخباراتية تمكننا من التأثير وقت الحاجة وقبل أن يُطلب منا.

المخاوف الكويتية من العراق

مارتن والكر: يجب تذكر سياق تلك الحاجة بالتحديد فقد حدثت عام 1959 عندما كانت الكويت ستستقل تماماً وقد حدث انقلاب في العراق عام 1958 وكانت الحكومة العراقية الجديدة تصرح بأن الكويت مجرد محافظة عراقية، لذلك فإن آل صُباح حكام الكويت كانوا يرغبون بجمع المعلومات الاستخباراتية الممكنة من داخل العراق حول النوايا العراقية.

[تعليق صوتي]

ظلت المخاوف الكويتية من النوايا العدوانية للعراق تجاهها وتطورت ردود أفعال الكويت أكثر ففي الـ 12 من سبتمبر/أيلول عام 1959 تلقت وزارة الدفاع البريطانية رسالة أخرى من قيادة قوات الجزيرة العربية تقول، الكويتيون على ما يبدو باتوا أقل وعياً بالنوايا العراقية ولديهم مشاكل داخلية تتعلق بموازنة الدفاع كما أنهم الآن مدركون للمشاكل التقنية الخاصة بإدارة وتشغيل الدبابات ولهذا فهم يأملون في وصلوها بعد العام 1960 حتى يتمكنوا من هضم تقنياتها وهم الآن متمسكون وبقوة في أن تكون الدبابات الـ 16 من نوع سنتوريون من طراز مارك ثمانية وهم على استعداد للانتظار حتى يتسلموها ويبدو أن الأولوية بالنسبة إليهم هي التفاخر أمام العراقيين بأنهم يحصلون على الأحدث والأفضل.

عادل سليمان: كان الهدف الرئيسي هو بناء القوة كرمز للسيادة هي دول حديثة النشوء حديثة الاستقلال ثم دخل عنصر رئيسي وهو عنصر البترول والثروة فاستكمالاً لشكل سيادة الدولة كان هناك ميل من هذه الدول لبناء قوات عسكرية متطورة باهظة التكاليف بأسلحة غاية في التقدم والتطور يعني بيسموها الـ.. بينما كانت حالة التطور التعليمي التكنولوجي في هذه المجتمعات في ذلك الوقت لا تتناسب مع التطور التكنولوجي لهذه المعدات وهذه الأسلحة.

[تعليق صوتي]

بالبحث في الأرشيفات الغربية عثرنا على ما يبدو أنه تفسير للخوف الكويتي ففي الـ 21 من مايو/أيار من عام 1963 أرسلت السفارة البريطانية في بغداد رسالة إلى الخارجية في لندن حول لقاء بين الملحق العسكري الجوي بمصاحبة السيد براون من مجموعة (Hawker siddeley de havilland) والتكريتي قائد سلاح الجو العراقي وحلمي مدير الإمدادات حيث قال التكريتي إنه يريد أن يجعل سلاح الجو يتشكل من مصادر بريطانية في التدريب والتزويد وإن هذا الرأي مدعوم من وزير الدفاع وسأل الملحق الجوي عن الترتيبات السوفيتية وتأثيرها على هذا التوجه الجديد، أجاب التكريتي إن هُوية سلاح الجو لم تخسر شيئاً وأضاف أنه إذا ما تحول سلاح الجو العراقي إلى المعدات البريطانية فإن ذلك قد يبعد مصر أيضاً عن التزود بالسلاح السوفيتي وهكذا ورغم علم السوفيت بأنهم خسروا المعركة السياسية في العراق إلا أن الرغبة لازالت لديهم على بيع السلاح، مثال على ذلك كان الروس قد عرضوا بيع سربين من طائرات ميج 21 بأسعار مضاربة وأشار التكريتي أنه يأمل في أن تكون بريطاني مستعدة للمساعدة في تزويده بما يحتاج إليه لإعادة بناء سلاح الجو وإذا لم يحصل ذلك فليس هناك خيار آخر سوى الاستمرار في العلاقة مع السوفيت وأنه هو ووزير الدفاع لديهما الرغبة في اقتلاع الشيوعية في العراق وتساءل عما يمكن لبريطانيا أن تفعله في هذا الإطار تدخل حليم وقال للمحلق الجوي إن عقداً لشراء صواريخ أرض جو سوفيتية جرى فسخه وإن العراقيين فتحوا اعتماداً بنكياً في لندن لتغطية مصاريف التدريب التكريتي ذكر بأن العراق يحتاج إلى مدربين وطائرات نقل وقنابل ضوئية وأنه مهتم بمروحيات بريطانية وأميركية لكن احتياجه الفوري هو الأخذ بـ 16 طائرة هامتر في الحال على أن يتم الدفع في مطلع السنة المالية القادمة أي في أبريل من عام 1964.

أندريه ستيبانوف: إحنا رحبنا بالانطلاقة التقدمية للعراق في 1958 ولكن العلاقات مع النظام البعثي في بغداد بين هذا النظام والاتحاد السوفيتي هناك كانت يعني موجات التفاؤل وثغرات تشاؤم لأن عندما هذا النظام بدأ العمليات العسكري ضد الأكراد وكما الحزب الشيوعي العراقي طبعاً وصلت فترة البرود ساد البرود علاقات الاتحاد السوفيت والعراق.

[تعليق صوتي]

لكن مواصلة البحث في الأرشيف البريطاني تكشف عن أسباب أخرى لطلبات السلاح العراقية في التاسع من يونيو عام 1963 ترسل السفارة البريطانية في بغداد إلى الخارجية في لندن رسالة جديدة حول لقاء بين الملحق العسكري الجوي والبريجيدير التكريتي الذي بدا مسروراً بقرارنا تزويدهم بخمسمائة صاروخ على الفور في هذا اللقاء نشير إلى ضرورة الاستعجال بالتزويد بالصواريخ الخاصة بست طائرات هامتر تصل في نهاية عام 1963 وكرر أنه بدون وصول هذه الأسلحة فإن الطائرات البريطانية ستكون بلا فائدة بالنسبة إليه وهو يأمل بالتزود بصواريخ أخرى وفي المدى القريب وقبل وصول طائرات الهامتر الجديدة في الـ 22 من الشهر نفسه تتضح أسباب التعجل العراقي في طلب الأسلحة إذ تقر اللجنة الوزارية الخاصة بالتصدير الإستراتيجي في اجتماعها بالـ 19 من يونيو بأنها فحصت الطلبات العراقية لذخائر البنادق الصغيرة وصواعق للألغام وصواريخ للطائرات وأن هذه الأسلحة مطلوبه بصورة عاجلة من العراقيين من أجل العمليات ضد الأكراد وأن اللجنة كلها مع الرأي القائل إن مصلحتنا تكمن في التزويد التدريجي للأسلحة من أجل تلبية المتطلبات العراقية في هذه المرحلة.

أندريه ستيبانوف: الاتحاد السوفيتي امتنع عن التزويد لأنه كان يعارض سياسة بغداد نحو الأكراد ونحو جناح السياسة الداخلية التقدمية الشيوعية.

مايك لويس: تشكل الأنظمة القمعية غالباً أفضل زبائن للأسلحة والسبب هو أنها ترغب في شراء الأسلحة للقمع الداخلي والعدوان الخارجي.

أندريه ستيبانوف: في هذه الفترة يمكن تثبيت وتسجيل الواقع أن بريطانيا ساعدت نظام بغداد في مكافحة الأكراد بتزويد هذا النظام بسلاح المواجهة ضد الأكراد.

[تعليق صوتي]

هكذا كان الحال طوال الستينيات، تقرير يذكر التخوف الغربي الرحيم من العدوات العربية التاريخية وتقارير عديدة تذكر لك الصفقات التسليحية للعرب في مواجهة بعضهم البعض ولكن كان على الغرب تفسير الأمور للصديق الإسرائيلي ففي تقرير الأول من يونيو من عام 1973 والمقدم إلى كيسنغر حول أحد اللقاءات مع دنيتس السفير الإسرائيلي في واشنطن يرِد في البند الأول النقاط التي طلبنا من السفير دنيتس في هذا الصدد هي التالية، إنه من الضروري من أجل مصالحنا الوطنية الحفاظ على السيطرة والانتماء الغربي في منطقة الخليج وشبة الجزيرة العربية، بالفعل إن إسرائيل لطالما طلبت وأصرت على نمو الدور الأميركي في المنطقة، لقد وسعنا علاقاتنا مع المملكة العربية السعودية في المجال العسكري والاقتصادي خلال سنوات عدة مما يهيئ المملكة بلعب دور ريادي في المنطقة وتقوية النفوذ الأميركي وإضعاف أي احتمال لتواجد روسي، إنه من مصلحتنا أن تقوم بيننا وبين السعودية ودول أخرى في المنطقة ذوات حكومات معتدلة علاقات وثيقة تعتبر مفيدة لهم وللولايات المتحدة أيضاً وإن السعودية متخوفة جداً من التهديد العراقي واليمني لذلك فهي بحاجة إلى مقاتلات ذوات إمكانية عالية لكي تلعب دوراً دفاعياً في الإطار العربي.

نعوم تشومسكي: سيطرة الولايات المتحدة على السعودية تمنحها القوة الإستراتيجية العظيمة التي تحدثت الخارجية الأميركية عنها في الأربعينيات والمحافظة على دولة عربية شكلية هناك يعطي أميركا ميزات كبيرة ورغم أنهم قد لا يتعاونون 100% في بعض الأحيان ولكن العلاقة حميمة.

[تعليق صوتي]

"
الاعتداءات الإسرائيلية على البلدان العربية تشكل جزءا آخر من الأسباب الرئيسية التي دفعت دول المنطقة إلى مضاعفة ميزانياتها العسكرية السنوية
"
              تقرير مسجل

رغم كل ما سبق تشير الوثائق أيضاً إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية على البلدان العربية تشكل جزءاً آخر من الأسباب الرئيسية التي دفعت دول المنطقة إلى مضاعفة ميزانياتها العسكرية السنوية وإذا أخذنا الفترة الممتدة بين عامين 1966 و1972 لشهدنا ارتفاعاً هائلاً في الميزانية العسكرية السعودية على سبيل المثال، إذ تقول وثيقة صادرة عن وكالة الاستخبارات الأميركية في كانون/ أول ديسمبر من عام 1972 إن نفقات الدفاع السعودية قد ارتفعت من 183.7 مليون دولار عام 1966 إلى 762.2 مليون دولار عام 1972 أي أنها تضاعفت أربع مرات خلال ست سنوات فقط لتبلغ 30% من مجموع الميزانية هناك.

عادل سليمان: السلاح وتصدير السلاح يعتبر أحد الموارد الرئيسية للدول الكبرى والدول المنتجة ويمثل نسبة عالية من دخلها ومن مصلحتها أن يكون هناك طلب على المنتج بتاعها، هذا الطلب لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كانت هناك منطقة صراع وبالتالي هي بطريق غير مباشر بيكون من مصلحتها أن تكون هناك صراعات في مناطق متعددة من العالم ثم تزكية هذه الصراعات ثم عدم وضع حد حتى لهذه الصراعات ومحاولة تركها لفترات طويلة مستمرة ومشتعلة حتى يكون هناك حاجة بصفة مستمرة إلى استيراد السلاح، إذا عدنا إلى الوقائع التاريخية التي شهدتها تلك السنوات سنجد أن اليمن والعراق وقطر وعُمان وثورة ظفار كانت مصدراً للقلق السعودي حتى عام 1966 بالإضافة إلى دخول القوات العراقية بضعة كيلو مترات داخل الكويت عام 1967 إلا أن احتلال سيناء وغزة والضفة والجولان من قِبل إسرائيل وما تبعه من حرب استنزاف بين سوريا ومصر من جهة والقوات الإسرائيلية من الجهة الأخرى استمرت حتى عام 1970 ولم تهدأ الأوضاع العسكرية سوى بعد حرب السادس من أكتوبر عام 1973، إذاً أين يكمن التهديد الموجه ضد العرب؟ سؤال نواصل البحث عنه في طيات الأرشيفات المختلفة.


المصدر: الجزيرة

--------------------انتهت.

[محتويات]  [مقدمة] 
[الفصل الاول]  [الفصل الثاني]  [الفصل الثالث]  [الفصل الرابع]  [الفصل الخامس] 
[ملحق أول]  [ملحق ثاني]  [ملحق ثالث] 
[الجزيرة 1]  [الجزيرة 2]  [الجزيرة 3]  [الجزيرة 4]  [الجزيرة 5] 
[شبكة محيط]  [الكتاب الالكتروني]  [جريدة الأخبار]  [جريدة المستقبل]  [السعودية تحت المجهر] 

 

 
 
 
 


Hit counter
ابتداء من 22 تموز 2007

 

 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster