اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
  ملف التسلح العربي
2-التسلح نتيجة مخاوف الدول الداخلية ومن بعضها البعض.
 

أسلحة منوعة

 

مع ذلك فإن الجزء الأكبر من الوثائق التي بين أيدينا تؤكد حقيقة مختلفة تماما، وهي أن الهدف من وراء صفقات التسلح لم يكن في السواد الأعظم منه موجها لصد السياسة التوسعية لتل أبيب إلا في مراحل معينة يصبح فيها التهديد مباشرا، ولا يشكل خطرا على دولة واحدة فحسب بل على وجود الأمة العربية برمتها.

وكأن البلدان العربية كانت تعمل ضمن مبدأ التسلح لمواجهة تهديدات الدولة العربية المجاورة أولا، مع أنها قد تسخر نذرا من قدراتها لمواجهة أطماع "العدو الاسرائيلي المشترك" بعد إعلانه الحرب على إحدى دول المجابهة.

لا شك أن التهديد الرئيسي لمصر كان يأتيها أولا من الحدود مع الدولة العبرية التي واجهت عدة حروب ضدها فكانت أول مواجهة لها في الأربعينات من القرن الماضي ضمن ما عرف بحرب النكبة ثم في الخمسينات في العدوان الثلاثي على مصر وفي النكسة عام 1967 إلى جانب حرب تشرين أول أكتوبر من عام 1973.

          ومع ذلك فقد كان للنزاعات السياسية الداخلية لمصر والمخاوف من المعارضة الداخلية دور ضمني في سعيها للتسلح تعزيزا لجاهزيتها العسكرية في مواجهة ما يتهدد أمن واستقرار السلطة الفتية التي تأسست إثر الانقلاب "الضباط الأحرار" أو" ثورة يوليو 1952".

          من الواضح أن القيادة المصرية كانت تلح طوال عام 1955 في الحصول على عتاد عسكري سوفيتي لأسباب داخلية وإقليمية،  وهذا ما تشير إليه الوثيقة الروسية رقم(204) 26-9-1955 وفيها محضر اجتماع للسفير السوفيتي في القاهرة بمدير مكتب رئاسة الوزراء المصرية حينها السيد علي صبري الذي أعرب عن استيائه وامتعاض الرئيس جمال عبد الناصر لتأخر صفقة الأسلحة السوفيتية وسط ضغوط يتعرض لها من قبل الأخوان المسلمين الذين يتعرضون لمحاولات التحالف مع الأمريكيين واحتمالات اتفاقهم مع الأمريكيين على حياكة وتنفيذ مؤامرات ضد الحكم هناك.

 الوثيقة رقم 204
تاريخ 26/9/1955

محضر جلسة السفير السوفييتي في مصر " د.س. سولد"  مع مدير مكتب رئيس الوزراء المصري " علي صبري ".

سري للغاية

أعلمني السيد صبري بأن الدولة المصرية قلقة للغاية من الأعمال و الاتصالات الأمريكية في مصر و التي تجري عبر السفارة الأمريكية في القاهرة، فقد حصلت محاولة للاتصال مع قيادات حزب الوفد و الأخوان المسلمين " الممنوعين " ! من أجل الاتفاق معهم حول أعمال مضادة للحكومة. لكن و بحسب المعلومات فإن قادة تلك الأحزاب لم يوافقوا على التعاون مع الأمريكان ، و لم ينجح الأمريكان في حياكة مؤامراتهم.

          في وثيقة أخرى تبرز مخاوف مصر الاقليمية سببا رئيسيا لرغبتها في التسلح إذ يتحدث السفير السوفيتي في القاهرة عبر الوثيقة رقم(189) 9-آب أغسطس 1955 عن قلق الرئيس جمال عبد الناصر من احتمالات انضمام العرب إلى حلف العراق- تركيا، وانطلاقه من تلك المخاوف للحصول على مزيد من الأسلحة.

وثيقة رقم 189
 تاريخ 09/08/1955

محضر اجتماع السفير السوفيتي " د.س. سولو" مع رئيس وزراء مصر " ج. عبد الناصر"

سري:

أعرب رئيس وزراء مصر " ج. عبد الناصر" عن إرادة مصر إنشاء أفضل العلاقات مع الاتحاد السوفيتي لكن بعض الحقائق الموضوعية تحول دون ذلك، فمثلا ومنذ فترة غير بعيدة قام السفير البريطاني بزيارة " ج. عبد الناصر" وأعلن له بصورة واضحة بأن بريطانيا و الدول الغربية سوف توقف تصدير السلاح إلى مصر في حالة عقدها لأية اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي و أنهم سوف يضيفون الى ذلك عددا من العقوبات التجارية و الاقتصادية ضد مصر. وقد أعرب السفير الأمريكي في مصر عن الموقف نفسه. إن " ج. عبد الناصر" لا يعلم مدى خطورة هذه المواقف لكنه مقتنع بضرورة أخذها على محمل الجد!

كما أضاف " ج. عبد الناصر" أن الحكومة المصرية قد قررت إرسال بعثة عسكرية إلى براغ في تاريخ الثالث عشر من أغسطس من أجل إجراء محادثات لشراء الأسلحة السوفيتية. لكن و خوفا من إمكانية تجميد بريطانيا للأموال المصرية في البنوك البريطانية بقيمة 130 مليون جنيه استرليني، قررت الحكومة المصرية أرجاء زيارة البعثة إلى براغ حتى يتم حل المسألة في البنوك البريطانية كحد أقصى وهو نهاية شهر أغسطس الحالي.

لكن وعلما بكل تلك الأوضاع فان الحكومة المصرية مهتمة جدا بشراء الأسلحة السوفيتية.

و أعرب “ ج. عبد الناصر" عن شكر دولته لموقف الاتحاد السوفيتي الداعم لكفاحه ضد الإمبريالية. وأنه مؤمن بأن النصر على الإمبريالية يتطلب تضامن جميع القوى و الأطراف. وركز" ج. عبد الناصر" على ضرورة إقامة علاقات تفاهم كاملة مع الاتحاد السوفيتي.

وقد أعرب " ج. عبد الناصر" أنه يجري المحادثات مع الدولة السوفيتية في جو من الانفتاح و الصدق التام لأنه مؤمن بوحدة المسار و المصالح العربية السوفيتية.

وقد أجبته، ( السفير السوفيتي في مصر د.س. سولو) بأن الاتحاد السوفيتي يسعى إلى أفضل العلاقات الأخوية مع الشعب و الدولة المصرية و هو دائما يعقد محادثاته مع مصر في جو من الصدق و الانفتاح التام، لأن هذه سياسة الاتحاد السوفيتي الساعية للسلام و الصداقة بين شعوب العالم.

  وقد بلغت الرغبة المصرية في تسريع العتاد السوفيتي ذروتها مع تنامي الاستفزازات القادمة من جنوب السودان حاملة بصمات بريطانية واضحة. فقد بعث السفير السوفيتي في القاهرة بمحضر اجتماع له مع مدير مكتب رئاسة الوزراء صبري.. عبر وثيقة تحمل رقم(192) 22-8-1955 يؤكد فيها اعتقاد عبد الناصر أن الاستفزازات الانجليزية جنوب السودان والاسرائيلية في فلسطين ستتوقف بعد حصوله على أسلحة سوفيتية، كما طالب بإرسال الطائرات القتالية وطائرات شحن محملة بالصواريخ على جناح السرعة وفق اتفاق براغ، معلنا موافقته على أن تنقل بطياريها.

وثيقة رقم 192
تاريخ 22/8/1955

محضر جلسة السفير السوفيتي في مصر "د. س. سولد" مع مدير مكتب رئيس الوزراء المصري "علي صبري"

سري للغاية

اتصل " صبري" بالسفارة وطلب استقباله للتشاور حول أمور عاجله وذلك بطلب من رئيس الوراء المصري "جمال عبد الناصر"

وأبلغني التالي:

-          أن مصر تعبر عن قلقها من الأوضاع الغير مستقرة في السودان و بالتدخل البريطاني في هذا الشأن كما أضاف بأن إسرائيل تقوم باعتداءات مستمرة ضد الجيش المصري عند الحدود (غزة).

-          تبعا لما تم ذكره أن الرئيس "جمال عبد الناصر" بأن التدخلات البريطانية في المنطقة سوف يتم إيقافها إذا علم الإنكليز بأن الجيش المصري مسلح و مستعد بشكل جيد.

-          لذلك يطلب " جمال عبد الناصر" إن أنقل إلى الحكومة السوفيتية الإسراع بإرسال شحنات الأسلحة إلى مصر والتي يتم التشاور بشأنها في “برانم".

وبداية تطلب الحكومة ألمصريه إرسال طائرات شحن وطائرات قاذفه بأسرع وقت ممكن بل وأن الحكومة المصرية توافق إن يتم تسليم الطائرات مباشره من الاتحاد السوفيتي وبقيادة طيارين سوفيات قادرين على أنزال الطائرات في مطار "المازي" في القاهرة.

-          أن شحنات الأسلحة السوفيتية لمصر مهم جدا وخصوصا الطائرات وذلك بحسب الحكومة المصرية سوف يضع البريطانيين أمام واقع ناجز وهو قدرة الجيش المصري على المقاومة عدى ذلك فأن الطائرات الشاحنة مهمة جدا في حال قرار الدولة المصرية إرسال مساعدات عسكريه إلى السودان كذلك أبلغني السيد "صبري" بأن حكومته غير قادرة على الاتصال ببعثتهم في "برانم"لحثهم على الإسراع في المباحثات وذلك لأنه قد طلب منهم عدم الاتصال بالبعثة الدبلوماسية المصرية في "برانم" والقيام بذلك في الحالات القصوى فقط.

وفي 29-10 من عام 1956 وقع العدوان الثلاثي على مصر وتقدمت القوات الفرنسية والإنجليزية والاسرائيلية نحو المدن المصرية بعد اجتياحها لشبه جزيرة سيناء، ورغم المقاومة البطولية للجيش المصري في مواجهة العدوان إلا أن التسلح والعتاد المصري ما كان ليبلغ مستوى مجابهة اعتداء خارجي مشترك بتلك القوة والجبروت.

          هناك العديد من الوثائق السوفيتية التي تتحدث في  تلك الفترة عن وساطات قامت بها موسكو مساهمة منها في حل النزاعات العربية-العربية، كان من أبرزها الوثيقة رقم (75) 23-5-1958 وهي رسالة بعث بها السفير السوفيتي في لبنان .. يتحدث فيها عن اتهام لبنان للجمهورية العربية المتحدة، (دولة الوحدة التي قامت بين مصر وسوريا) بالتدخل في شئونها ورفع المسألة إلى هيئة الأمم المتحدة.

وثيقة رقم 75
تاريخ 23/5/1958

برقية السفير السوفيتي في لبنان "س.ب.كيكتيف" لوزارة الخارجية السوفيتية.

سري للغاية:

في 23من أيار /مايو قمت بزيارة وزير خارجية لبنان "شارل مالك" بدعوة منه.

- سلمني السيد "مالك" نص رسالة الاعتراض على تدخل الجمهورية العربية المتحدة بالشؤون الداخلية اللبنانية والذي قد تم إرساله إلى الأمم المتحدة, السيد "كلير"وقد كان أرسل هكذا الاعتراض إلى جامعة الدول العربية.

- وأبلغني بأن الحكومة اللبنانية ترغب بالتشاور مع الاتحاد السوفيتي بهذا الخصوص.

- خلال الحديث أبديت اهتماما بموقف لبنان في حال إمكانية تحسين العلاقة بينه وبين الجمهورية العربية المتحدة؟!!  كذلك تساءلت عن أية إثباتات لدى الجهة اللبنانية بشأن التدخل في شؤونه الداخلية ,والموقف اللبناني في المشروع الأمريكي , الإنكليزي وحلف بغداد بشأن القيام بإنزال عسكري في لبنان؟؟

- أجابني "مالك" بأن لبنان يرغب بحل هذه المسألة بصورة سليمة وهو مستعد للسفر إلى مصر , إذا تتطلب الأمر ذلك لكن حكومة الجمهورية العربية رفضت البلاغ اللبناني وعند إشارتي أمر خطاب الرئيس "جمال عبد الناصر" عن الاحترام الكامل للسيادة و الاستقلال اللبناني

علق "مالك" بأن الخطاب في نصه هاجم الحكومة اللبنانية أيضا...

- ومن حديث مالك علمت إن شريطا مسجلا لخطاب "جمال عبد الناصر" الذي تم نقله عبر إذاعة دمشق سوف يقدم إلى مجلس الأمن كإثبات على العدائية ضد لبنان, كما انه أضاف بان هناك وقائع تشير إلى دخول عصابات مسلحة إلى الأراضي اللبنانية من الحدود السورية.

- بالنسبة للسؤال الثالث, أجاب مالك بأنه يتعاطى مع حركة التدخل (العسكري) من قبل الدول الغربية و

حلف بغداد بشكل ايجابي وأكد بأن الحكومة اللبنانية و بكل صلابة نريد الدفاع عن استقلال لبنان, والدول الغربية مهتمة بحل هذه ألازمة العالقة, وأنهم لن يجلسوا مكتوفي الأيدي, لكن الدولة اللبنانية لا تريد تأزم الوضع على المستوى الدولي.

* من روح إعلان "تأسس" (الوكالة السوفيتية للأنباء) من 19/ مايو-آذار*                                                                                               "كيكتيف"

 عند التطرق إلى طلب العتاد والتسلح ضمن إطار النزاعات العربية الداخلية لا بد من الإشارة إلى الصراعات التي شهدتها الأراضي اليمنية منذ الإطاحة بحكم الإمامة وما رافق التدخل العسكري المصري من مخاوف إقليمية لدى السلطات الملكية من توسع النفوذ المصري في المنطقة، وتحديدا لدى القيادة السعودية التي يتحدث عنها الأمير سلطان(..؟..) في أكثر من وثيقة بريطانية نذكر من بينها: تقريرا من الخارجية البريطانية إلى جدة بتاريخ 20-2-1966 حول الصراع الدائر في اليمن وأثره على التسلح في المنطقة ككل.

وقد ارتبط تنامى الطلب السعودي على الأسلحة الأمريكية والبريطانية وغيرها بصراعات رئيسية ثلاث شهدتها العقود الأربعة الأخير من القرن العشرين وهي تتمثل في حرب اليمن عام 1962 والحرب العراقية الإيرانية عام 1980 والغزو العراقي للكويت عام 1990. وقد تأسست القوات المسلحة السعودية في تشرين الأول نوفمبر عام 1962 حيث عهد بها إلى وزير الدفاع الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي ما يزال على رأسها. شهدت القوات المسلحة السعودية انقساما مبكرا منذ بداياتها ما بين قوات نظامية تابعة لوزارة الدفاع وأخرى تسمى قوات الحرس الوطني وتتألف في غالبيتها من رجال القبائل وتكمن مهمتها في تحقيق التوازن العسكري الداخلي مع القوات النظامية لتوفير ضمانة أكبر للاستقرار الداخلي.

ولا شك أن أحداثا جانبية أخرى لعبت دورا في تنامي التسلح لدى جناحي القوة العسكرية في السعودية  كان قيام الثورة الإيرانية عام 1979 وما تلاها من توتر إقليمي من أبرزها. فإلى جانب الدعم العسكري المفتوح الذي قدمته السعودية للعراق، اندفعت المملكة لشراء صواريخ أرض أرض متوسطة المدى من طراز( سي إس إس 2) الصينية والتي قدر عددها ب 12 منصة حسب أرقام المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. ((التقرير الاستراتيجي العربي 2002-2003 ص384)      

وفي وثيقة تشير إلى مستوى المخاوف الذي بلغتها القيادة السعودية أثناء حرب اليمن، حتى جعلتها تطلب قدوم القوات البريطانية مباشرة كي تتدخل لصالحها. تحمل هذه الوثيقة عبارة سري ورقم 2744 بتاريخ 11 آذار مارس 1966 طلب الأمير سلطان.. من لندن طواقم عسكرية لإدارة المعدات عندما تطلب السعودية ذلك في حال اشتداد المعارك على الحدود مع اليمن.  

استمرت المخاوف السعودية في ظل تنامي المخاطر التي تهدد حدودها مع اليمن وعجز سلطنة عمان عن التعامل مع اشتداد الثورة في ظفار ونزاعاتها الحدودية مع قطر حول دوحة سلوى، وترافقت هذه الوقائع  مع ما أثير من حملات إعلامية سبقت اجتياح إسرائيل لأراضي عدد من الدول العربية عام 1967.

يبدو أن هذه المجموعة من الظروف كانت سببا  دفع القيادة السعودية إلى إرسال طلب عاجل مكتوب بخط اليد، يحفظه الأرشيف الوطني البريطاني ضمن أوراق الحربية في ملف كامل ضمن وثيقة تحمل رقم 36 مؤرخة في 30-1-1967 تحت عنوان عاجل جدة إلى الخارجية. يطلب فيها رئيس الأركان السعودي وبصورة مستعجلة صواريخ مضادة للطائرات. علما أن طلب الأسلحة جرى بطريقة عمومية جدا إذ ليس فيه تعريف تقني واضح للأسلحة المطلوبة. وفي الرسالة يطلب السفير البريطاني استشارة الأمريكيين حول إمكانية بيع هذا النوع من الأسلحة والمعدات.    

          كتب مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية (السي أي إيه) في عهد الرئيس ليندون جونسون،  ريتشارد هيلمز في مذكراته عن الفترة التي سبقت حرب عام 1967 يقول أن إسرائيل كانت تستطيع بدرجة شبه مؤكدة أن تفرض سيطرتها الجوية المطلقة على شبه جزيرة سيناء خلال 24 ساعة من المبادرة بشن الحرب. أو خلال يومين أو ثلاثة فيما لو بادرت الجمهورية العربية المتحدة إلى الهجوم. وتستطيع القوات الهجومية المدرعة إختراق خط الدفاع المصري المزدوج في سيناء خلال ثلاث إلى أربعة أيام، وإجبار المصريين على الانسحاب باتجاه غرب قناة السويس خلال سبعة إلى تسعة أيام. وتستطيع اسرائيل احتواء أي هجمات تشنها سوريا أو الأردن خلال هذه الفترة.

          ويقول رتشارد هيلمز في مذكراته أن القوات الإسرائيلية لا توازي عدديا القوات المجتمعة لجيرانها العرب، من حيث عدد الطائرات والمدرعات والمدافع والسفن والقوة البشرية، ومع ذلك فهي تستطيع الحفاظ على تفوقها على القوات العربية المسلحة، من جميع نواحي العمليات القتالية. (الخليج 28-9-2005)  

وفي اطار آخر نجد أن القلق السعودي من النزاعات العسكرية الدائرة على الحدود اليمنية العمانية قد دفع القيادة الأولى في هذا البلد إلى إلقاء اللوم على بريطانيا لخروجها من عدن رغم نصائحها المتكررة بتأجيل هذا الانسحاب. هذا ما نقرأه في وثيقة من وزارة الدفاع البريطانية موقعة من قبل داوسون في 6-4-1976. تتحدث الوثيقة في بدايتها عن التطورات العمرانية في المملكة ، وعن موقع الدين الطاغي في الحياة اليومية ، ويتطرق الى النفاق الاجتماعي من خلال التاكيد على الاسلام في الوقت الذي تناول معظمهم الخمور معه ، ثم يتناول الدور الخاص للعائلة المالكة وسيطرتها على كل مناحي الحياة ومقدرات البلاد الاقتصادية. ثم يجري الحديث على لسان الملك حول الحاجة لمضاعفة الخدمات الجوية. وياتي كاتب الوثيقة على ذكر البذخ والتبذير الهائلين، وكيف ان ولي العهد الامير عبدالله قال انه يأمل في تزويد الحرس الوطني بطائرات مروحية تغطي احتياجاتها حيال الأزمة العسكرية المستعرة على حدودها، وعندما تطرق الى موضوع وقف النار بين عمان واليمن الجنوبي علق الامير سلطان مباشرة بان "ذلك من صنع ايدينا وان لندن لم تستمع لنصيحة الملك فهد في حينه حول الانسحاب البريطاني من عدن".

من جهة أخرى وعلى جبهة قريبة من هناك بدأت المخاوف الكويتية من مساعي الضم العراقية منذ بدايات نشوء دولة الكويت ولكنها تفاقمت بشكل أوسع إثر انقلاب عبد الكريم قاسم في  14-تموز يوليو من عام 1958 وقد تجلى ذلك في وثيقتان بريطانيتان تحملان الرقمين 94 و95 لعام 1958 تحتويان على طلبات للأسلحة والذخيرة. ولكن الوثيقة الأبرز تحمل تاريخ 25-7-1959 يطلب فيها الكويتيون مساعدة في مجال الاستخبارات حيث لا إمكانية لديهم، كما يقول الطلب، في تشكيل وحدات للاستخبارات داخل العراق لتجنب احتلال مفاجئ. والطريف في هذه الوثيقة أنه رغم الإصرار الكويتي على نوع محدد من دبابة مارك 8، جاء الرد البريطاني بالاستعداد لبيعهم نوعين من الدبابات، أحدهما للقوات الكويتية والآخر للقوات البريطانية المرابطة هناك.

          كما تبرز مركزية التهديد العراقي في تسليح الكويت ردا على هواجسه من مخاطر بغداد، في وثيقة بريطانية تحمل إشارة سري للغاية بتاريخ 12-9-1959، وهي موجهة من قيادة العمليات إلى وزارة الدفاع حول زيارة الكويت لتقييم الأوضاع هناك تحت عنوان تخطيط الكويت.

          تعود صفقات التسلح البريطاني مع العراق إلى عام 1963 حيث تؤكد وثيقة بريطانية مؤرخة في 21-5-1963 إلى حوار مع التكريتي يطلب فيه من الملحق العسكري البريطاني دعما عسكريا لأن روسيا عادت تعرض بيع طائرات ميغ 21  بصفقات فورية وبأسعار جيدة، رغم خسارتهم السياسة في العراق، تبعتها  رد في وثيقة أُرخت في 30 أيار مايو 1963 لتعرب عن الاستعداد للتعاون العسكري وتدريب 50 طيار عراقي.

إلا أن الأهم والأكثر وضوحا لأسباب التسليح هي الوثيقة الثالثة والتي تعود إلى  9-7-1963 والموجهة من بغداد إلى الخارجية إذ تؤكد موافقة بريطانيا على تزويد الجيش العراقي بصواريخ وأسلحة عاجلة لمواجهة الأكراد. كما تلخص الوثيقة محضر اجتماع بحث في الحرب على الأكراد بين الجنرال التكريتي والملحق العسكري البريطاني.

          وفي الوثائق الأمريكية تقرير قدم إلى وزير الخارجية بتاريخ 25-5-1973 يرد فيه أن الحكومة الأمريكية تقوم بدراسة شاملة للوائح قدمت من الجيش اللبناني بالأسلحة المطلوبة لإعادة بناء الجيش اللبناني بعد الاشتاك مع الفدائيين الفلسطينيين. ويركز الطلب اللبناني على أسلحة للقيام بتحركات سريعة لمواجهة خطر الارهابيين وكذلك خطر التدخل السوري. تشمل اللائحة دبابات M6OA1   وطائرات Skyhawk A48  وطائرات هيليكوبتر وبوارج بحرية. ويشير التقرير بأن الحكومة الأمريكية تقوم بشحن معدات تم الاتفاق عليها وذلك ضمن اتفاقية FMS ضمن مذكرة تتحدث عن الوضع السياسي بعد توقيع اتفاقية مع الفدائيين في 17-5-1973 التي دعمت وضع الحكومة لما تنص عليه من إزالة الأسلحة الثقيلة من المخيمات ومنع الفلسطينيين من حمل السلاح في المدن، تنتهي بالقول أن الحكومة تتعامل بحذر مع تطبيق الاتفاقية.

          وفي تقرير آخر قدم لوزير الخارجية هنري كيسنجر في 1-6-1973 يرد في البند الأولب منه أنه من الضروري جدا الحفاظ على السيطرة والانتماء الغربي في منطقة الخليج.. وأنه من مصلحة الولايات المتحدة أن تقوم علاقات قوية بين أمريكا والسعودية ودول أخرى من المنطقة ذوات حكومات معتدلة. وأن السعودية متخوفة من التهديد العراقي واليمني، لهذا فهي بحاجة إلى مقاتلات ذات قدرات عالية. 

          مع ذلك ورغم كل ما سبق تشير الوثائق أيضا إلى أن الاعتداءات الاسرائيلية على البلدان العربية تشكل جزءا آخر من الأسباب الرئيسية التي دفعت دول المنطقة إلى مضاعفة ميزانياتها العسكرية السنوية.

وإن أخذنا الفترة الممتدة بين عامي 1966 و1972 لشهدنا ارتفاع هائلا في الميزانية العسكرية السعودية على سبيل المثال، إذ تقول وثيقة صادرة عن وكالة الاستخبارات الأمريكية السي أي إيه في كانون أول ديسمبر من عام 1972 أن نفقات الدفاع السعودية قد ارتفعت من 183,7   مليون دولار عام 1966 إلى 762,2 مليون دولار عام 1972. أي أنها تضاعفت أربع مرات خلال ست سنوات فقط لتبلغ 30% من مجموع الميزانية هناك.

          وإذا عدنا إلى الوقائع التاريخية التي شهدتها تلك السنوات الست الممتدة بين عام 66 و72 سنجد أن اليمن والعراق وقطر وعمان وثورة ظفار كانت حتى عام 1966 مصادر القلق السعودي الرئيسة،بالإضافة إلى دخول القوات العراقية بضعة كيلومترات داخل الكويت عام 1967.

 إلا أن احتلال سيناء والضفة والجولان من قبل إسرائيل، وما تبعها من حرب استنزاف بين سوريا ومصر من جهة والقوات الاسرائيلية من الجهة الأخرى، واستمرت حتى عام 1970، وما تخلل ذلك من حرب دموية أودت بحياة آلاف الفلسطينيين في اللأردن، واحتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، طمب الصغرى والكبرى  وأبو موسى، كلها عوامل أسهمت في تخصيص السعودية لتلك المبالغ على الإنفاق العسكري لديها.

هذا ما يشكل مدخل للعنوان التالي المتعلق بالشروط التي أخذت تفرض على صفقات التسلح المعقودة مع الدول العربية والتي كان من أبرزها عدم السماح بنقل الأسلحة إلى طرف ثالث. علما أن هناك صفقات أجريت بعيدا عن هذا الشرط عندما كانت تتناسب والمصالح الدولية للبائع على وجه الخصوص.

نذكر منها صفقة الأسلحة البريطانية التي مولتها التي بيعت للنميري إثر ضربه لمحاولة الانقلاب الفاشلة عام1971 وصفقة الأسلحة التي بيعت لعمان بتمويل سعودي لضرب ثورة ظفار..  

2- صفقات بشروط ابتزاز ومساس بالسيادة

          عادة ما يسبق التوقيع على صفقات التسلح مع أي دولة في العالم جولات من المفاوضات البديهية التي قد تتعلق بمواصفات الأسلحة وما سيطرأ عليها من تعديلات تتناسب مع ظروف الجهة المستوردة وتواريخ التسليم بمراحلها المختلفة وكيفية تسديد الاتزامات المالية أو ما يتعلق بالصيانة وقطع الغيار والتركيب وغيرها. إلا أن الاطلاع على الوثائق المتعلقة بوثائق ملف التسلح كشف عن مجموعة شروط تتعدى هذه الحدود لتلامس جوانب اقتصادية وسياسية قد تصل حد المساس بحرية الخيارات المادية والسياسية للبلد الشاري على وجه الخصوص.

          من أولى هذه النماذج وأبسطها بعض المحادثات التي جرت بين جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة وجمهورية مصر العربية حول صيانة بعض الطائرات والمعدات العسكرية التي خلفتها المعاهدات العسكرية التي توقفت بين مصر والاتحاد السوفيتي السابق عشية نشوب حرب أكتوبر وخروج الخبراء السوفيت من هناك.     

رسالة حررت في برلين بتاريخ 11 آب 1983 مكونة من صفحتين تحمل توقيع يد شالك موجهة الى غونتر ميتاغ عضو المكتب السياسي وكاتب اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الالماني الموحد يخبره فيها حول بيع خدمات الهندسة الفنية للقوات المسلحة في جمهورية مصر العربية.

الرسالة تقول : منذ منتصف 1982 يتم تنفيذ اتفاقية مع القوات المسلحة المصرية لصيانة 25 طائرة من نوع ميغ 21 اضافة الى تسليم قطع غيار. أعمال الصيانة التي أجريت منذ ذلك الحين لقيت ارتياح الشريك الذي تقدم بطلبات اضافية

ـ صيانة 35 طائرة من نوع ميغ 21 كاتفاقية لاحقة لعام 1983 / 84

ـ صيانة 20 محركا لطائرات ميغ.

الرسالة تقدم اقتراحا بشأن أسلوب مواصلة العمل للحفاظ على قوة التأثير الايجابية في المفاوضات القادمة حول بيع 3000 شاحنة نقل بما في ذلك قطع الغيار ( قيمة الصفقة 68،2 مليون دولار ) وأنواع أخرى من شاحنات النقل. ومن أجل مواصلة العلاقات التجارية الجيدة مع القوات المسلحة ومع وزارة الدفاع في جمهورية مصر تؤكد الرسالة على ضرورة تقديم عروض لتلبية الطلبات المعلنة أعلاه والدخول في غضون وقت وجيز في مفاوضات. القيمة التقديرية للاتفاقيتين بين 10 و 12 مليون دولار.

نفهم من ذلك أن المانيا الديمقراطية تلبي طلبات صيانة طائرات ميغ لتقوية فرص عقد صفقات أخرى تشمل شاحنات نقل وقطع غيار تحتاجها مصر. ويتضح هنا أن الدول المشترية للاسلحة تدخل في دوامة بابرامها أية صفقة لأنها تحتاج الى الصيانة وقطع الغيار وبالتالي فهي معرضة دوما للابتزاز التجاري. وقد برهنت بعض الوثائق أن الدول المنتجة تصر في تعاقدها على أن تتم أعمال الصيانة في البلد المنتج وهي في هذه الحالة المانيا الديمقراطية  ومن خلال فنيين المان ما يعود عليها بأرباح اضافية.

رسالة حررت في برلين بتاريخ 11 آب 1983 مكونة من صفحتين تحمل توقيع السيد شالك موجهة الى غونتر ميتاغ عضو المكتب السياسي وكاتب اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الالماني الموحد يخبره فيها حول بيع خدمات الهندسة الفنية للقوات المسلحة في جمهورية مصر العربية.

تقول الوثيقة: منذ منتصف 1982 يتم تنفيذ اتفاقية مع القوات المسلحة المصرية لصيانة 25 طائرة من نوع ميغ 21 اضافة الى تسليم قطع غيار. أعمال الصيانة التي أجريت منذ ذلك الحين لقيت ارتياح الشريك الذي تقدم بطلبات اضافية

ـ صيانة 35 طائرة من نوع ميغ 21 كاتفاقية لاحقة لعام 1983 / 84.

ـ صيانة 20 محركا لطائرات ميغ.

الرسالة تقدم اقتراحا بشأن أسلوب مواصلة العمل للحفاظ على قوة التأثير الايجابية في المفاوضات القادمة حول بيع 3000 شاحنة نقل بما في ذلك قطع الغيار ( قيمة الصفقة 68،2 مليون دولار ) وأنواع أخرى من شاحنات النقل. ومن أجل مواصلة العلاقات التجارية الجيدة مع القوات المسلحة ومع وزارة الدفاع في جمهورية مصر تؤكد الرسالة على ضرورة تقديم عروض لتلبية الطلبات المعلنة أعلاه والدخول في غضون وقت وجيز في مفاوضات. القيمة التقديرية للاتفاقيتين بين 10 و 12 مليون دولار.

 نجد هنا أن جمهورية المانيا الديمقراطية تلبي طلبات صيانة طائرات ميغ ضمن شروط محددة لتقوية فرص عقد صفقات أخرى تشمل شاحنات نقل وقطع غيار تحتاجها مصر. نرى في المقابل أن الدول المشترية للاسلحة تدخل في دوامة عند ابرامها أية صفقة، لأنها تحتاج الى الصيانة وقطع الغيار من البائع وحده أو على أبعد تقدير ممن جهات تدور في فلكه، ما يبقي على نفوذه المباشر أو غير المباشر كما يبقيه عرضة دائمة للابتزاز التجاري. وقد برهنت بعض الوثائق على أن الدول المنتجة تصر باستمرار  على أن تتم أعمال الصيانة في البلد المنتج أومن خلال فنيين من هذا البلد. 

DL2VA 7624وثيقة أخرى من ألمانيا الديمقراطية تشير إلى جانب آخر من الشروط التي فرضت على اليمن الشمالي الذي كان من زبائن برلين الشرقية، حاله كحال اليمن الجنوبي.  وقد حررت الوثيقة في صنعاء بتاريخ 29 شباط 1972 وهي موجهة من رئيس الوفد الحكومي لالمانيا الديمقراطية الى عبد الوهاب محمود رئيس الوفد الحكومي لجمهورية اليمن العربية وهي مكونة من 5 صفحات وتعلن أن المفاوضات التي جرت بشأن الاتفاقية بين الحكومتين الالمانية واليمنية المبرمة في 28 أبريل 1965 حول التعاون الاقتصادي أسفرت عن الاتفاق التالي:

أ حكومة المانيا الديمقراطية تعلن بمراعاة الوضع الاقتصادي الصعب لجمهورية اليمن العربية موافقتها على اعادة جدولة تسديد الديون المستحقة بتاريخ 31 ديسمبر 1972 في اطار الاتفاقية المذكورة آنفا على النحو التالي:

بالنسبة الى عام 1970             164.038.28 دولار

بالنسبة الى عام 1971             216.917.28 دولار

بالنسبة الى عام 1972             244.272.48 دولار

وتعلن هذه الوثيقة عن التزام اليمن وتعهده بشراء بضائعه المختلفة من شركات المانية بما في ذلك قطع الغيار لطائرات حربية بقروض المانية.

كان اليمن الشمالي يأخذ قروضا مالية مع بعض التسهيلات كخفض نسبة الفائدة مقابل التزامه بشراء المنتجات الألمانية حصريا. وقد لوحظ أن هذا من الأساليب التي تتبعها الدول المصدرة للأسلحة حفاظا على الشريك المستورد وبالتالي احكام الهيمنة المالية والاقتصادية عليه، الامر الذي يؤدي حتما الى ممارسة التأثير المباشر على سياسته وسيادته في اتخاذ القرارات المصيرية.

في نموذج آخر من الوثائق الألمانية المتعلقة باليمن محضر متفق عليه مدون في صنعاء بالعربية بتاريخ 22 نوفمبر 1986 مع توقيعين أصليين بالعربية والالمانية الوثيقة مكونة من صفحتين وتكشف من جهة نوعية العلاقات العميقة التي كانت قائمة بين الجانبين في المجال العسكري ومن جهة أخرى عن اسلوب المساومة في عقد الاتفاقات بحيث أن الجانب الألماني يحاول الضغط بشتى الوسائل للحصول على شروطه المناسبة. تشمل هذه الصفقة قيمة مالية بحدود 30 مليون دولار.

          قد نجد في الوثائق البريطانية النموذج الأمثل للدلالة على طبيعة الشروط المفروضة في صفقات التسلح، وتحديدا منها تلك الخاصة بموضوع الدبابات التي طلبتها الكويت عام 1959 متأثرة بما رأته من تهيديد لوجودها إثر الانقلاب العراقي عام 1958. تحمل الوثيقة عبارة سري للغاية من وزارة الدفاع الى قيادة القوات البريطانية في الجزيرة  العربية الموضوع دبابات للكويت. المفارقة هي ان الطلب الكويتي يتركز على نوع من الدبابات وقد جاء الرد البريطاني يقول أن هذا النوع غير ضروري... وان علينا اقناعهم بان قواتنا تستخدم هذا النوع ولا يمكننا انتاج 16 دبابة من النوع المطلوب وان الدبابات المتوفرة في عدن هي من نوع اقل اهمية. وفي رسالة أخرى جاءت بعد هذه، بتاريخ 31 يوليو 1959 نشهد طريقة اخرى للاقناع وهي ان الكويت سيشتري دبابات لقواته واخرى للقوات البريطانية المرابطة على أراضيه من نفس النوع.

تشكل ثيقة تحمل تاريخ 11 مايو 1969  وهي نموذج من المشاكل التي تعرض لها الكويتيون في شروط شراء الأسلحة والعتاد من بريطانيا، وتحديدا في مجال النوعية، إذ يشكو الكويتيون من ان الوسطاء يعقدون الامور ويزيدون السعر. تتحدث رسالة السفير عن لقاء له مع شخص يدعى خلف استمر ساعتين وهو مقرب ومسموع من الامير.

وهناك وثيقة أخرى من السفارة البريطانية في الكويت بتاريخ 24 نوفمبر68 حول تعيين وكيل لبيع السلاح الى الكويت وهو ما يظهر رغبة المقربين من الامير ان تكون العلاقة بين البلدين حكومة لحكومة على هذا الصعيد قد فشلت، مقابل الإصرار البريطاني على اعتماد وكيل لشركات السلاح البريطانية يقدم لها الخدمات في الكويت.

وفي العقد التالي لم تتغير شروط الصفقات العسكرية البريطانية إلى الكويت إذ تشرح وثيقة تحمل تاريخ 25 ابريل 73  حيثيات الموافقة على الصفقة بعد ما تردد عن احتلال العراق لمركز شرطة كويتي في 20 مارس، حيث طلبت حكومة الكويت من بريطانيا مراجعة كل سياساتها التسليحية والتدريبية المتعلقة في هذا البلد ووضع قواتها هناك. كما ان قائد القوات البريطانية في الشرق الاوسط الجنرال باتلر يؤيد هذه الاحتياجات قائلا " من مصلحتنا السياسية دعم الكويت التي تعتمد علينا في مواجهة العراق التي تتفوق بقواتها عددا وعدة.  اقتصاديا لنا مصلحة في بيع دبابات شيفتين لبلد نعتمد عليه نفطيا 20%، ويملك 10% من احتياطي الاسترليني.

اننا ببيع هذا النوع من السلاح لبلد لا يشكل ساحة حرب ونحن نصر في العقد على انه لا يمكن اعادة بيع الاسلحة ولمدة غير محدودة (تماما كما ورد في عقد طائرات الجاغوار للسعودية والكويت) ويشمل ايضا الحق في منع قطع الغيار الحيوية للدبابات اذا ما اخل الكويت بشروط العقد.

ان مخاطر انتقال هذه الدبابات الى مصر او سوريا او الاردن قد جرى تقليلها وهذا يجب شرحه للاسرائيليين.

          من الواضح أن الشرط الأساسي الذي تركز عليه الوثيقة هنا يتعلق بعدم نقل الأسلحة إلى أي بلد حدودي مع إسرائيل بل أن يقتصر استخدامه على مواجهة أطماع بلد عربي آخر هو العراق.  

وفي وثيقة أخرى صدرت عن الخارجية البريطانية بتاريخ 1 مايو 1973 يتم اعادة تأكيد شروط العقد التي تضع مدة غير محدودة لعدم نقلها الى اي بلد اخر، وان يكون بند قطع الاساسية واضحا اذا ما خرق العقد.

لا شك أن هذه التأكيدات قد جاءت إثر حملات إعلامية انتشرت في أجواء ما قبل حرب رمضان الشهيرة قيل فيها وحسب وثيقة صدرت بتاريخ 28 ابريل 1973 حول تصريحات كويتية نشرت في التايمز عن لسان  وزير الخارجية الكويتي ان القيادة العسكرية العربية، اشترت طائرات حربية بريطانية لحساب مصر وأن الطيارين المصريين جرى تدريبهم على قيادتها

هناك.

ثم جاء رد من وزير الدولة للشؤون الخارجية توضيحا للموقف البريطاني موجه للبرلمان بتاريخ 10 مايو 1973، اهمية هذه الوثيقة انها تناقش الحاجة الفعلية للجيش الكويتي ويشبه طلب دبابات شيفتين بانه مثل طلب العاب للاطفال، لان هناك مشاكل لاحقة ووجع رأس في قضايا الصيانة والتدريب خاصة واننا اختبرنا المشاكل الفنية لهذا النوع المتطور من الدبابات مع ايران ويتساءل هل نحن معنيون بان يشتري الكويتيون العدد والنوعية المناسبة اما اننا نريد بيعهم اقصى ما نستطيع من الاشياء التي يعتقدون انهم بحاجة لها.

وثيقة سري من وزارة الدفاع بتاريخ 7مايو 73

الرسالة تطلب شطب الشرط الخاص بوقف تسليم قطع الغيار الاساسية لدبابات شيفتين اذا ما اخل الكويتيون بشروط العقد، ويقول ان هذا الشرط فضيحة وغير منطقي وسيؤثر على سمعة مبيعات السلاح.

وثيقة من الخارجية بتاريخ 14 مايو من نفس العام حول موضوع الشرط يحاول توضيح الامر ويدافع عنه

          وثيقة الى الدفاع حول الشرط لدبابات شيفتين  ويقول ان لا داعي في الوقت الحاضر لابلاغ الكويتيين بهذا الشرط المتعلق بقطع الغيار لكن يجب ان يكون واضحا موضوع منع اعادة البيع.

          وهناك وثيقة أخرى في هذا الإطار من دائرة الشرق الاوسط البريطانية بتاريخ 12/4/73 تجيب على طلب الكويت شراء طائرات جاغوار، الرسالة تدعم هذا الطلب وتبرره بان الكويت بعيدة عن الاراضي المحتلة من اسرائيل، وان خطر العراق اكبر من المخاوف من ان تسلم الكويت هذه الطائرات لمصر وان تشارك هذه الطائرات بعمليات ضد اسرائيل.

وتضيف الوثيقة اقتراحا باضافة بنود (كما فعلنا مع السعودية) لمنع تسليم بيع او اعارة هذه الطائرات لطرف ثالث وكذا اضافة بند ان التدريب يكون فقط للطواقم الكويتية، وفي حال طرق الاتفاق نمتنع عن تسليم قطع غيار حيوية، كما ان هذه الشروط غير محددة بمدة زمنية.

وثيقة من القاهرة الى  الخارجية بتاريخ 6 سبتمر73، انباء صحفية عن الغاء السعودية شراء صفقة طائرات فانتوم من الولايات المتحدة بسبب الشروط الأمريكية .

وثيقة أخرى من السفارة البريطانية في واشنطن الى الخارجية بتاريخ 22/9/73 متابعة لازمة صفقة الهليوكبتر التي اشتريت من السعودية لصالح مصر، تدخل امريكي، لمحاولة وقف الصفقة، وتذكير بعدم التسليم لطرف ثالث.

حين اعتقد البريطانيون أن المشاركة السعودية في الحرب لا تعدو مجرد كلاما دعو إلى استثناء الرياض من الحظر المفروض على دول الشرق الأوسط وذلك في رسالة بتاريخ 12/ 10/73 وفيها دعوة صريحة إلى ضرورة استثناء السعودية من الحظر، كما تحتوي الرسالة على نظرة استخفاف طريفة تقول بما معناه ان مشاركة السعودية في الحرب (حرب 73) لا تعدو مجرد كلام.

ومع ذلك نجد في الوثائق البريطانية نفسها ما يتعارض كليا مع مبدأ عدم الشراء لطرف ثالث ولا يكترث بفكرة تمويل إحدى الدول لأسلحة تستفيد منها دولة أخرى وذلك حين تعلق الأمر بصفقة سلاح مربحة تضمن من خلالها حماية المصالح البريطانية وعدم تهديد إسرائيل وإضعاف الدور السوفيتي في المنطقة في آن معا.

في الصفحة الرابعة من ملف بريطاني يتعلق بإحدى أبرز صفقات التسلح التي تبعت محاولة الشيوعيين على جعفر النميري عام 1971 وثيقة  من وزرارة الدفاع  موجهة الى كورنيل في الخرطوم  في 5 اغسطس 71 الحديث يدور عن وسيط سلاح بريطاني متحمس لبيع السلاح للسودان يدعى دنلوب ـ وهناك تساؤل عما اذا كانت المسالة تتعلق بالحصول على نسبة او عمولة على المبيعات ، بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة على النميري ، يؤكد دنلوب ان الحكومة بصدد انهاء اعتمادها على السلاح السوفيتي وانهم يرغبون في الحصول على تاكيدات من أن بريطانيا مستعدة للتزويد وبنفس المعدات، وتطلب الوزارة من الملحق العسكري التأكد من ان هذه هي خطة الحكومة الفعلية وليست لعبة من شركة لورنهو يحاول دنلوب تسويقها.

وفي الصفحة 5 من الوثيقة كشف لعملية نصب دولية لدنلوب وتورينغتون من شركة لونهو في الكويت برفقة وزيري الدفاع والمالية السوداني بهدف اطلاع الكويت على الرغبة في التخلص من السوفييت ومستشاريهم وسلاحهم، وبحث امكانية تمويل الكويت لمشتريات السلاح

6- وزارة الدفاع البريطانية تبرم اتفاقا مع لورنهو يحيث تغطي الشركة صفقة ب 10 مليون جنيه لصالح حكومة السودان التي اعتمدتهم وكيلا لهم في لندن، وسيحصلوا على نسبة 2 % من كل صفقة، وتظهر دنلوب اهتماما بدبابات سنتوريون ومدافع ومعدات  اخرى.  

  الوزارة تطلب الححذر الشديد في التعامل مع لورنهو لان اهتمامهم الاساسي هو الربح ويدعون لابلاغ دنلوب والوزراء السودانيين اننا مهتمون استعدادنا بتزويدهم بالسلاح.  وفي الصفحة 7 وثيقة من السفارة في الخرطوم الى الخارجية في لندن، فيها إشارة الى أن دنلوب يتحدث عن أن تمويل الصفقة سيتم عبر الكويت.

8- من السفارة في الكويت الى الخارجية في لندن بشير الى ان دنلوب اخبرهم بمعلومات قاطعة ان الكويت ستوفر للسودان 10 ملايين جنيه نقدا و60 مليون قرض ميسر لتغطية صفقة السلاح، كما ان السودانيين ياملون في مساعدة ليبيا ب 15 مليون جنيه، شرط ان يحل الخبراء المصريين محل السوفييت.  

9- من الخرطوم للخارجية : التأكد من ان الكويت سيمول الصفقة خاصة وان لا معلومات متوفرة عن ذلك سوى من دنلوب.  

10- قسم المبيعات في وزارة الدفاع يناقش الطلبية السودانية

11- من الخرطوم  الى الخارجية بحث موضوع التمويل وترتيب القروض، كما تحتوي الوثيقة على ضمانات شركة لورنهو بالاضافة الى تفاصيل الاسعار للتدريب والمساندة العسكرية.  

12- من الدفاع الى السفارة الخرطوم عودة الى دنلوب ومراجعة الطلبية التسليحية.  

13- من الخارجية الى السفارة في الخرطوم : اشارة الى تمويل الدفاع لكورس تدريبي خاص بالكابتن بابكر محمد

14-  من كولونيل في الخرطوم : تظهر هذه الوثيقة انه رغم كل هذا الحديث عن صفقة سلاح ولم يتقدم أي طرف رسمي سوداني بطلب شراء، والقصة كلها من طرف دنلوب الذي يتمتع بعلاقة خاصة مع خالد حسن عباس ثم مع النميري وان له تأثير قوي على قراراتهم المالية.

15- نقاش حول نوعيات السلاح البريطاني التي ستحل محل السلاح السوفيتي.

16- عودة الى عدم طرح الموضوع رسميا من قبل الحكومة السودانية ومع ذلك يجب ان نبقى على استعداد لاقتناص الفرصة ، وكتوصية بمتابعة تمويل الكويت او ليبيا للصفقة

17 – من الخارحية إلى الخرطوم: معلومات من دنلوب ان خالد حسن عباس وزير الدفاع لديه رغبة بزيارة لندن لمناقشة مشتريات السلاح.

18- نقاش حول ترتيبات الزيارة ونوعية الاسلحة التي بمكن بيعها.

19- من الخارجية : حضر وزير الدفاع السوداني الى لندن وقد علمنا من سفير السودان ان الوزير في زيارة خاصة، وتساؤل عما اذا كان على لندن ان تنتظر حتى تطرح الخرطوم موضوع المشتريات بصورة رسمية

ترد في الملف اشارة الى اسم الجنرال عوض خلف الله قائد لقوات الجوية السودانية الذي يبدو لعب ادوارا مهمة في الصفقة

وهناك بعض الاسماء التي تحتاج منا إلى مزبد من المتابعة :

A J CRIG
North African department
L G failiknor & lieutenant colonel AULOTH from the embassy at sudan 

          أما الشروط الأمريكية فقد بلغت في ذروتها حد الدعوة إلى احتكار أسواق التسلح السعودية، وهذا ما تحدثت عنه صحيفة نيوزويك الأمريكية (1857-Current file) في 2 نيسان 1988. (صفحة 6).   حين أثارت فضيحة طرد السفير الأمريكي في الرياض السيد هيوم A . هوران، وإعادة السفير السابق والتر إل. كاتلر ليحتل منصبه إثر احتجاج واشنطن على توقيع السعودية على  صفقة لشراء صواريخ من الصين ونشرها في شبه الجزيرة العربية. لم يفرج عن أي وثائق رسمية حول قضية طرد السفير الأمريكي من السعودية وإستعادة نظيره السابق وظروف الأزمة الدبلوماسية التي رافقت تلك الفترة.

ومع ذلك فقد نشرت أنباء عن ذلك في عدة صحفة منها الواشنطن بوست وصحيفة Middle East Policy Surveyالنصف شهرية، التي قالت أن السيد هارون كان سفيرا سابقا للولايات المتحدة في السودان وقد عرف بإتقانه البارع للغة العربية، وكان قد تسلم منصب سفير واشنطن في الرياض في أيلول سبتمبر الماضي.

          وقد جاء طرد السيد هوران من منصبه، وفق ما ذكرت الصحيفة، إثر مطالبة  مجموعة من 31 عضوا في مجلس الشيوخ  الولايات المتحدة بوقف جميع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى السعودية حتى يتم سحب الصواريخ الصينية المنتشرة لديها.

           أرسل أعضاء الكونغريس هذه الرسالة إلى وزير الخارجية حينها السيد جورج شولتز يدعون فيها الادارة الأمريكية  إلى إعادة النظر في طلب دعم الكونكرس لميزانية قيمتها 450 مليون دولار مخصصة لطائرات أواكس الرادارية الاستطلاعية.

          تقول الرسالة الموجهة من قبل أعضاء مجلس الشيوخ أن على الولايات المتحدة أن تعيد النظر في أي صفقة بيع أسلحة جديدة إلى الرياض حتى تحل هذه القضية ويتم سحب الصواريخ الصينية". كما تدعو "إدارة ريغان إلى توضيح الموقف الأمريكي المعارض تماما تجاه صفقة الصواريخ الصينية".

          وتختتم نيويورك تايمز استعراضها لأزمة التسلح  الدبلوماسية بالقول أن السعودية بدأت مفاوضاتها حول الصواريخ الصينية منذ ثلاثة أعوام إثر معارضة الكونغريس بيع 48 مقاتلة أمريكية من نوع إف 16 إلى السعودية. وقد وافقت واشنطت بعد ذلك وفي أواخر عام 1987على بيع 24 من تلك الطائرات حفاظا على مستوى القوة الجوية السعودية في تلك الفترة.

          ولا شك أن حماية المنشآت النفطية السعودية ما زالت في تصاعد مستمر فقد ذكر تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية أ.ف.ب مؤخرا أن المملكة تنفق 1.5 مليار دولار سنويا لحماية منشآتها النفطية. وقد نقلت عن لسان نواف عبيد المدير الاداري ل"مشروع تقييم الأمن القومي السعودي" وهو عبارة عن هيئة استشارية حكومية، نقلت عنه أن المملكة زادت نفقاتها السنوية في هذا المجال من 1.2 مليار عام 2004 إلى 1.5 مليار لعام 2005، نتيجة تنامي الهجمات الارهابية على السعودية منذ ثلاثة أعوام. (الحياة 28-9-2005 ص15)

          تشير هذه المسألة إلى اتساع دائرة الجدال حول الشروط التي تفرض على صفقات التسلح المعقودة مع السعودية. ولا تعتبر هذه الأزمة الأمريكية السعودية الوحيدة المتعلقة بصفقات التسلح بين البلدين إذ سبقها عام 1986 أزمة حادة بين الكونغريس والرئيس الأمريكي رونالد ريغان حين صوت 66 عضوا في مجلس الشيوخ أي أقل من ثلثي الأصوات المطلوبة بصوت واحد، للإلغاء الفيتو الذي استخدمه الرئيس بدعم من 34 صوتا فقط، ضد قرار الكونغريس بمنع صفقة أسلحة مع السعودية. وكانت المعارضة في الكونغريس تركز انتقاداتها على دعم السعودية لسوريا وليبيا ومنظمة التحرير الفلسطينية، ما أدى إلى حذف جانب من الصفقة وإلغاء الدبابات والطائرات المروحية منها.

          كما وقعت أزمة مشابهة نسبيا 1984 عندما وقعت السعودية عقدا لشراء صواريخ فرنسية مضادة للطائرات بقيمة أربعة مليارات ونصف المليار دولار. علما أن هذه الصواريخ كانت مخصصة لحماية آبار النفط السعودية من الطائرات المحلقة على علو منخفض.

          تشكل هذه الصواريخ نظاما دفاعيا تؤكد بعض الكتيبات أنها تبلغ أهدافا لا تبعد أكثر من 6,9 أميال وهي تحمل اسم شاهين، أو عين الصقر. وقد أكدت صحيفة نيويورك تايمز في 17-1-1984 أن ضباطا أمريكيون أشاروا إلى أن السعودية قد لجأت إلى الصواريخ الفرنسية إثر جدالات أدت إلى عدم اتفاق حول شراء صواريخ أمريكية مشابهة تسمى تشابارال.   

          نفهم من ذلك أن واشنطن لا تحتاج إلى وضع شروط مكتوبة على السعودية فالشروط هناك سرعان ما تصبح شائعة ومطروحة لنقاش مفتوح، ومع ذلك قد نحتاج إلى الاضائة على ذلك عبر ما تذكره الوثائق من دراسات للكشف عن شروطها المفروضة على بيع أسلحتها إلى المملكة أو الكويت. وهذا ما نراه في تقرير موجه إلى الخارجية الأمريكية في 1-6-1973 يقول في بنده الثاني أن القرار الأمريكي ببيع مقاتلات إلى السعودية والكويت تم بعد دراسة دقيقة وشاملة لميزان القوى في المنطقة. وتفيد الدراسة بأن السعودية بحاجة إلى فترة تتراوح بين 3 و5 سنوات لاستيعاب التقنية المتقدمة والمعقدة لطائرات الإف 4. بالاضافة إلى أن هذه الفترة المطلوبة ستعيق السعودية من إرسال المقاتلات إلى أي طرف ثالث. ولذلك فإن هذه الصفقات لن تؤثر على ميزان القوى في المنطقة.

وتضيف الوثيقة في بندها الرابع أن" الشروط القانونية والعملية التي ستفرض على السعودية بالاضافة إلى التقدم التقني والعسكري الاسرائيلي يجعلنا نعتقد أن الخطر على إسرائيل أقل بكثير مما تتصوره القيادة الاسرائيلية.

          أما شروط واشنطن المفروضة على إسرائيل فلا تتعدى مجرد دعوتها إلى الصمت تجنبا للحرج الاعلامي فقط. ففي حين وضعت كل الشروط الممكنة لتكبيل سبل استعمال المقاتلات الأمريكية من قبل السعودية في غير وجهتها، نجد في وثيقة أمريكية أخرى تتعلق بمقاتلات الإف 4 نفسها، رسالة من وزير الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأدنى، سيسكو، في 6-4-73 يقول فيها أن الولايات المتحدة قررت بيع إسرائيل 48 مقاتلة جوية من نوع إف 4  سيتم إرسالها على فترة أربع سنوات  بأعداد متساوية أي 12 مقاتلة سنويا مدءا من نهاية العقد الحالي. وأكد سيسكو أن هذه المعلومات يجب أن تبقى سرية، مشيرا إلى حادثة سابقة تسربت فيها معلومات عن صفقات سابقة وكانت نتيجتها سيئة.   

          من الواضح أن هذا النوع من الشروط  الأمريكية والبريطانية وغيرها المفروضة على العرب كانت موجهة ضد مصر وسوريا على وجه الخصوص، أما بالنسبة للدول التي تواجه نزاعات داخلية أو حدودية مع بعضها البعض أو تقع في إطار النفوذ البريطاني والأمريكي نفسه فلا مانع من تمرير الأسلحة لها. بل تأكد أنها كانت تدعو بعض الدول إلى تمويل صفقات دول أخرى بأمس الحاجة إليها لمواجهة ما تعتبره توسعا للنفوذ السوفيتي في المنطقة، كما هو حال ما عرف بالجبهة الشعبية لتحرير ظفار في سلطنة عمان، والتي عرفت بميولها اليسارية وتقربها من اليمن الجنوبي والاتحاد السوفيتي، ما يبرر السعي البريطاني لتسليح السلطان قابوس حفاظا على نفوذها في السلطنة ولكن على حساب بلد عربي آحر وليس على حسابها الخاص.

هذا ما نراه في وثيقة من الخارجية البريطانية في 23 اكتوبر 1973تقول.. يجب ان تعلم ان العمانيين يفاوضون لشراء 12 مركبة صلاح الدين من مجموع 18 وهذه ستدفع من السعودية برجاء نصيحة الامير ليكون اكثر حكمة لعمل هدية من 6-8 اليات للعمانيين قبل انتهاء التسليم. هنا لم يعد شرط عدم السماح بنقل الأسلحة لمدة غير محددة ضروريا بل أصبح محببا ولا بد من زيادة الصفقة وتوسيعها.

           هذا ما جاءت تؤكده وثيقة بريطانية أخرى من السفارة في القاهرة الى الخارجية في 19 يونيو 1973حول شروط بيع السلاح للعرب، فهي تناقش مقال لاحسان عبد القدوس وهذه الشروط ان يستخدم السلاح فقط ضد العرب انفسهم، العراق، جنوب اليمن، ولكن ليس ضد اسرائيل.

رغم كل الأمثلة التي سيقت ضمن عنوان الشروط التي يصر البائع الغربي على إلحاقها بالصفقات المعقودة مع الدول العربية، نجد بعد انتهاء الحرب الباردة وانتشار القوات الأمريكية بأعداد كبيرة في منطقة الخليج وما حولها،( بلغت حسب معطيات التقرير السنوي ل"مركز الخليج للأبحاث" حتى عام 2004 أيلول سبتمبر 193200 جندي) نجد أن دول المنطقة أخذت في صفقاتها الجديدة تسعى لفرض شروط سياسية مقابلة. 

          هذا ما تتحدث عنه صحيفة الغارديان اللندنية في عددها الصادر  في 27-أيلول 2005 إذ تقول أن محادثات سرية جرت بين بريطانيا والسعودية لتأمين صفقة أسلحة بلغت قيمتها 75 مليار دولار، وأن هذه المباحثات قد تعرقلت لرغبة السعودية بفرض شروط عرف منها إعادة رحلات الخطوط الجوية البريطانية إلى الرياض، (إثر تنامي العمليات الارهابية هناك) وترحيل عدد من المعارضين السعوديين المقيمين في لندن، إلى جانب تعليق تحريات الفساد الجارية حول صفقة التسلح الشهيرة باليمامة والتي يتهم بالتورط فيها عدد من أفراد العائلة المالكة.

          وتقول الغارديان أن رئيس الوزراء توني بلير قد زار السعودية في الثاني من تموز يوليو 2005 وحث الأمير سلطان بن عبد العزيز على شراء طائرات "تايفون جيت". كما قام وزير الدفاع البريطاني جون ريد بزيارة الرياض بعد بلير بثلاثة أسابيع لمتابعة الصفقة. وتوضح الصحيفة أن المعارضين المطروحة أسماءهما هما سعد الفقيه، زعيم حركة الاصلاح في الجزيرة العربية، ومحمد المسعري، الذي تعاون مع الفقيه في إنشاء لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية في السعودية.

          وقد دخلت المقاتلة تايفون (أنظر baesystems_com_files )  مرحلة التجربة والخدمة في القوات الجوية البريطانية ليبلغ سعر الواحدة منها 45 مليون جنيه استرليني. ويقول منتجوها أنها أكثر الطائرات تعددا في المهام، إذ يمكنها مهاجمة أهداف أرضية وجوية لتبلغ سرعتها 2123 كلم في الساعة، وأن بيعها للسعودية سيشكل أكبر صفقة منذ ما عرف بصفقة اليمامة.

          وفي تصريحات أدلى بها الدكتور سعد الفقيه لصحيفة القدس اللندنية في 28-9-2005 قال أن حجم الانفاق على الجيش السعودي يزيد أربعين مرة عن إنفاق الجيش الأردني، و20 ضعفا لما ينفق على الجيش السوري، وأنه يوازي ما ينفق على جيوش إيران وتركيا وإسرائيل مجتمعة.

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

© 2007-2009. All Rights Reserved-كافة الحقوق محفوظة للمؤلف

[محتويات]  [مقدمة] 
[الفصل الاول]  [الفصل الثاني]  [الفصل الثالث]  [الفصل الرابع]  [الفصل الخامس] 
[ملحق أول]  [ملحق ثاني]  [ملحق ثالث] 
[الجزيرة 1]  [الجزيرة 2]  [الجزيرة 3]  [الجزيرة 4]  [الجزيرة 5] 
[شبكة محيط]  [الكتاب الالكتروني]  [جريدة الأخبار]  [جريدة المستقبل]  [السعودية تحت المجهر] 

 

 
 
 
 






Hit counter
ابتداء من 30 كانون الاول 2007

 

 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster