|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
أسلحة منوعة
"تتلخص شروط صفقات التسلح المعقودة مع الدول العربية المعاصرة منذ
قيامها في أن يستخدم
هذا
السلاح ضد العرب أنفسهم فقط" (عن وثيقة من السفارة البريطانية في
القاهرة إلى الخارجية في لندن 19-6- 1973
وهي
تناقش مقالة للأديب الأستاذ إحسان عبد القدوس)
إن العداوات التاريخية والتي كانت حادة في أغلبها بين هذه الأقطار،
وبالأخص أقطار شبه الجزيرة العربية قد بدأت تختفي في الوقت الذي دُفعت
فيه لمواجهة العدو المشترك اسرائيل، وعلى أي حال فإنه عندما يتم تسوية
النزاع العربي- الاسرائيلي بشكل دائم فإن العلاقات العدائية في الداخل
العربي يمكن أن تُبعث مرة أخرى، وإذا أخذ بالاعتبار الكم الهائل لهذه
الأسلحة المعقدة الموجودة حاليا في المنطقة، فإن شدة وعنف تجدد مثل هذه
الصراعات يمكن أن يكون ذا خطورة بالغة. ( عن تقرير بعثة المسح والتقييم
لأثيوبيا وإيران وشبه الجزيرة العربية الموجه للجنة العلاقات الدولية
الأمريكية. ديسمبر1977)
شهدت منطقتنا في تاريخها المعاصر مجموعة من الحروب المدمرة لمواردها
الطبيعية والبشرية وصلت إلى معدل حرب كبيرة واحدة خلال كل عشر سنوات
بدءا من حروب الاستقلال إلى العدوان الثلاثي على مصر ونكسة عام
1967وحرب أكتوبر 73 واجتياح اسرائيل عام1982 للبنان مرورا بحرب الخليج
الأولى فاجتياح الكويت وصولا إلى غزو العراق. ناهيك عن الحروب البينية
والنزاعات الحدودية والداخلية المستمرة والاستنزاف الفلسطيني الدائم
في الانتفاضتين الأولى والثانية.
وقد بلغت الجيوش العربية خلال النصف الثاني من القرن الماضي
أحجاما هائلة إذ قيل الكثير عن قوة الجيش المصري الذي كان على بعد
سنوات قليلة من امتلاك القنبلة الذرية. ووصف الجيش العراقي بأنه السادس
في العالم رغم ضرب إسرائيل لمفاعله النووية وقبل أن تحله الوحدات
الأمريكية لتختفي آلته العسكرية كاملة بين ليلة وضحاها، ويتحول إلى
ثلاثة ملايين طن من الصواريخ والقنابل والذخائر والألغام المهملة في
مناطق شاسعة أو قطع غيار لآليات تباع في أكواخ حزام الفقر المحيطة
بالعاصمة بغداد. (عن تقرير الهيئة الوطنية العراقية لشئون الألغام نشر
في صحيفة البيان 16-8-2005)
وهذا ما ينطبق إلى حد كبير على الجيش الليبي الذي سلم مشروعات أسلحة
الدمار الشامل لديه طوعا مقابل السماح له بالعودة إلى "كنف المجتمع
الدولي". وهناك العديد من الدول العربية التي تخصص ميزانيات هائلة من
صادرات النفط وثرواتها الطبيعية لامتلاك أحدث الأجهزة والعتاد
والتدريبات والخبرات العسكرية لدى أعظم دول العالم, لتنتهي صلاحيتها
بعد مُدد قصيرة دون أن تستخدم إلا في نزاعات حدودية مع بلدان عربية
مجاورة. كما حصل بين الجزائر والمغرب ومشكلة الصحراء الغربية والحروب
بين اليمنين الجنوبي والشمالي أو النزاعات الحدودية بين السعودية
والبحرين
وقطر الإمارات واليمن.
بدأ تكديس الأسلحة في منطقتنا إثر ما عرف بمرحلة التحرر الوطني الذي
عادة ما يُستتبع
في كثير من دول العالم بالتنمية والتقدم الصناعي والزراعي والاجتماعي,
وهذا ما لم تشهده دولنا لوقائع كثيرا ما تلقى تبعاتها على الحرب
و"التهديدات التي تتعرض لها الأمة". فهل كانت هذه حقيقة واقعة أم أنها
شعارات فارغة الهدف منها قمع الحركات الشعبية المطالبة بتحقيق إنجازات
على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والوحدوية مستخدمة الدرع العسكري
الذي تكدس بحجة الدفاع عن قضايا الأمة ومصيرها؟
هناك مجموعة من الأسئلة التي طرحها هذا الملف. من أين جاءت صفقات
الأسلحة؟ ما هي تفاصيل هذه الصفقات؟ من هي الدول المستفيدة منها؟ وما
هو مستوى جودتها العسكرية؟ وما هي شروطها؟ هل كانت من الأسلحة الكفيلة
بالدفاع عن "قضايا الأمة"؟ أم للدفاع عن السلطات الحاكمة؟ هل هي
صفقات من تلك التي انتهت مدتها ولا بد من التخلص منها؟وهل أرسلتها بعض
الدول تضامنا مع قضايا شعوبنا العادلة أم لأهداف ومصالح خاصة بها؟ وهل
كانت تبيعنا أسلحة تحجبها عن أعدائنا أم تبيعنا أسلحة دفاعية لتبيع
أعداءنا أسلحة هجومية أشد فتكا منها؟
لقد واجهنا أثناء محاولات الاجابة على هذه الأسئلة مجموعة
من العوائق الموضوعية المتعلقة في السواد الأعظم منها بحساسية
الأرشيفات ومراكز البحث الغربية تجاه عنوان الملف والوثائق المطلوبة
لإنجازه، ويبدو أن لكون الجهة التي تطلبها من أصول عربية علاقة بالأمر.
فعندما طلب مراسلنا في لندن إحدى الملفات المتعلقة بأكبر صفقة تسلح بين
بريطانيا والمملكة السعودية، تلكأ الأرشيف الوطني في الإفراج عن
الوثيقة عبر رسالة يقول فيها أنها مفقودة (.؟.)
Dear
Mr Masharqa,
Concerning
DEFE 68/133 we have found, following our research, that the
information you require may be held within a record that has been
classed as Missing. This means that the record has been misplaced
and cannot be located. This may have happened at The National
Archives or whilst the record was in the temporary possession of the
government department that originally transferred it to us.
Kind
regards,
ويبدو أن إصرار مراسلنا والتمسك بما يعرف هناك بقانون
Freedom of Information قد ساهم في التراجع عن هذه الرسالة
(بعد استشارة وزارة الدفاع) والعثور على الملف وتسليمه لمراسلنا بعد
أسبوع كامل من المراجعات. فجاءت الرسالة التالية تقول:
Dear
Mr Masharqa,
Kind regards,
مع ذلك فقد تم الإفراج عن هذا
الملف جزئيا، أي أن عددا من الوثائق قد سحبت منه أو ألغيت بعض فقراته
لدواع أمنية كما يقولون. وقد تكررت هذه الحالة أيضا في الأرشيفات
الأمريكية إذ أن الملفات التي أفرج عنها تفتقد إلى كثير من الوثائق
التي سحبت بكاملها، أو حذف منها العديد من الأرقام والفقرات المتعلقة
بأنواع الأسلحة أو بنود الاتفاقيات.
هذا ما
سنلاحظه في ما أصاب الوثائق الأصلية من تشطيب وتشويه متعمد لإخفاء جانب
من معلومات الوثائق المفرج عنها،
وهو
ما
سنستعرضه
في البحث النهائي.
ولم تكن الأسباب الموضوعية هي
الصعاب الوحيدة التي كادت تعيق إنجاز الملف بل هناك عقبات لها طابع
ذاتي يتعلق أولها بتوقف مراسلنا في باريس، الأستاذ توفيق مجيد عن العمل
كليا، ورغم اعتماد الأستاذ حكيم بلطيفة بديلا عنه، بتوصية من الأستاذ
ميشيل الكيك، إلا أن وزارة الخارجية الفرنسية لم تتكرم بمنحه ترخيصا
بالدخول إلى أرشيفاتها بعد،
ما دفعنا إلى التفاهم المبدئي مع باحث في أكاديمية العلوم الفرنسية هو
الأستاذ هشام داوود، وهو يمتلك الحق في الدخول إلى جميع الأرشيفات دون
إذن مسبق، ويبدو أن المسألة لم تجد طريقها للحل الجذري بعد.
كما
جرت
مراجعة جزئية للوثائق الروسية لأن الأرشيف الوطني وأرشيف الخارجية
والدفاع الروسية تتوقف عن العمل في هذه الفترة من فصل الصيف، ومع ذلك
فقد جرى تغطية
سنوات
ال 20 عاما الممتدة بين عامي 1949 و1967.
هذا ما ينطبق على الوثائق
الألمانية أيضا حيث اقتصرت تغطية الأرشيف على ما كان يعرف بجمهورية
ألمانيا الديمقراطية السابقة، وقد سافر مراسلنا في ألمانيا الأستاذ
محمد مزياني في إجازته السنوية والتي كان قد حددها مسبقا مع مكان عمله
الدائم هناك. علما أنه سيعود في الأسبوع الثالث من شهر آب أغسطس ليمضي
ثلاثة أيام في أرشيف "ألمانيا الاتحادية".
مع
أن دور بون في تسلح المنطقة لم يكن بمستوى الدور الذي لعبته برلين في
هذا المجال.
رغم هذه المجموعة من العوائق
الموضوعية والذاتية التي اعترضت البحث، فقد جرى التعامل مع 300 من
الوثائق والملفات التي اختارها مراسلونا من الأرشيفات البريطانية
والروسية والألمانية والأمريكية، لتفوق محتوياتها ال1000 صفحة على
الأقل، جرى انتخابها بعد مراجعة دقيقة لعشرات من الملفات والوثائق
الأخرى المتعلقة بالبحث.
كما جرى الاعتماد على مجموعة من
المصادر شبه الرسمية كالتقرير الموجه من بعثة المسح والتقييم لأثيوبيا
وإيران وشبه الجزيرة العربية إلى لجنة العلاقات الخارجية في الكونغريس
الأمريكي، وتقارير مركز الابحاث الاستراتيجي العالمي ومعهد ستوكهولم
لأبحاث السلم الدولي ومركزي أبحاث الخليج والوحدة العربية، إلى جانب
مواقع إلكترونية وإصدارات إعلامية متنوعة.
وقد أظهرت هذه الدراسة مجموعة
من الاستنتاجات
والظواهر
المشتركة في عمليات التسلح
التي سنستعرض
ملخصا لها عبر مجموعة من النماذج التي جرت متابعتها في معظم صفقات
التسلح أيا كان البلد المصدر لهذه الصفقة أو البلد المستورد
لها،
وذلك
عبر
مجموعة من الوثائق
التي
سنأتي على ذكرها
تحت عناوين
محددة.
أبرز ما لوحظ أثناء دراسة الوثائق
الرسمية في البلدان الأربعة المذكورة أعلاه هو أن العماد الرئيسي في
تسلح المنطقة لم يهدف إلى حمايتها من التهديدات الخارجية التي قد
تأتيها من إسرائيل أو ما قد يسمى بأعداء الأمة ككل بل كان يجري خدمة
لتنافس الدول العظمى على نفوذها في المنطقة.
وهكذا كانت تخصص نسب تزيد عن ثلث
ميزانيات الدول الغنية في المنطقة، كما تثبت الوثائق لحماية نفوذ قوة
عظمى وتواجدها في الوطن العربي على حساب قوة أخرى. وهذا ما نضعه تحت
عنوان التسلح والتسليح في سياق الحرب الباردة.
هناك مسألة جديدة أخرى لا تقل أهمية عن
الأولى سواء من حيث الأعداد الكبيرة للوثائق التي تتناولها أو لأنها
تشكل عمادا رئيسيا لأكبر صفقات التسلح التي عرفتها المنطقة ككل، وهي أن
مخاوف الدول العربية من بعضها البعض ومن نزاعاتها الداخلية شكلت موضوعا
رئيسيا تناولته جميع الوثائق التي تتحدث عن أسباب ومبررات الصفقات
العسكرية الموقعة مع هذا البلد العربي أو ذاك. وهو ما أطلق عليه عنوان
التسلح نتيجة مخاوف الدول الداخلية ومن بعضها البعض.
الشروط التي وقعت من خلالها صفقات
التسلح هي مسألة أخرى برزت أثناء هذا البحث، خصوصا وأنها جاءت لتحدد
أهداف استخدام السلاح قبل شرائه، وقد جاءت في غالبيتها تقول بما معناه
أن هذا السلاح يجب أن يحمي مصالح الدولة البائعة في البلد والمنطقة ولا
يمكن استخدامه للدفاع عن البلد الشاري بل للدفاع عن نفوذ الدولة
البائعة في مواجهة دول الجوار، ولا يمكن إعارته أو بيعه لدولة ثالثة قد
تقع تحت نفوذ قوة عظمى مختلفة، وفي حال الصفقات الغربية كانت غالبيتها
تؤكد إن بالشروط أو في تحديد القدرات العسكرية للأسلحة بأنها لن تصيب
أهداف في الدولة العبرية. وهذا ما وضع تحت عنوان صفقات بشروط ابتزاز
ومساس بالسيادة.
يشكل تسليم الدول المصدرة أسلحة
لطرفي النزاع عنوانا آخر لكثرة ما توفر حوله من وثائق تؤكد في
غالبيتها تسهيلا لتوقيع الصفقات والإسراع في شحن الأسلحة عندما يتعلق
الأمر في صراعات داخلية أو حدودية مع بلد عربي أو إسلامي مباشر.
والصفقات التي تدخل في هذا الإطار كثيرة ومتنوعة ولها صلة بعدد لا بأس
به من الدول العربية المتحاربة فيما بينها.
وقد تميزت صفقات التسلح في المنطقة
بمنافسة أبعد ما تكون عن تلك المعروفة بين الغرب والشرق المتسابقة فيما
بينها أصلا، بل حتى بين دول الغرب على وجه الخصوص، إذ كان كل منها
يتعامل مع صفقات بيع الأسلحة على أنها صفقات تجارية محضة تورد إلى
خزينتها مبالغ وإيرادات ضخمة. وهذا ما وضع في إطار منافسة الدول
المصدرة على الصفقات
الفضائح والفساد في صفقات التسلح
عنوان آخر لا بد من معالجته رغم ندرة الوثائق وصعوبة استخراجها، لما
لهذا الملف من أهمية على مستوى تعامل السلطات والأفراد في الدول
العربية مع صفقات التسلح على أنها مورد مالي لبعض التجار والمنتفعين
المتنفذين في السلطة على شكل خدمات وعمولات مالية على حساب جودة
الأسلحة والحاجة الفعلية للدولة المستوردة.
دور في التسلح الدولي لبعض الدول
وأخيرا تبين خلال البحث أن هناك دور معروف نسبيا لبعض الدول العربية
في التسلح الاقليمي لبعضها البعض، كأن تقوم إحدى الدول بتمويل صفقة
تسلح لصالح أخرى في السر أو في العلن، ولكن الجديد في الأمر أن لبعض
الدول العربية كالأردن والسعودية على وجه الخصوص دور دولي في عملية
التسلح، كدعم السلطة أو المعارضة في هذه الدولة أو تلك من القارة
الأفريقية أو الأمريكية وغيرها.. --------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل © 2007-2009. All Rights Reserved-كافة الحقوق محفوظة للمؤلف
[محتويات]
[مقدمة]
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م