|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
06-11-2006
- تقسيم سوق الأسلحة ومحاولات إقصاء السوفيات
إن مَن يساهمون في تغذية الشر وإعلاء مكانته يجب ألا يتمتعوا بالحصانة جورج بوش يناير 2002 [تعليق صوتي] بدأ تكديس الأسلحة في منطقتنا إثر ما عرف بمرحلة التحرر الوطني الذي عادة ما يُستتبع في كثير من دول العالم بالتنمية والتقدم الصناعي والزراعي والاجتماعي ولكن هذا ما لم تشهده منطقتنا لوقائع كثيراً ما تلقى تبعاتها على الحرب والتهديدات التي تتعرض لها الأمة فقد شهدت المنطقة في التاريخ المعاصر مجموعة من الحروب المدمرة لمواردها الطبيعية والبشرية وصلت إلى معدل حرب كبيرة واحدة خلال كل عشر سنوات، بدءاً من حروب الاستقلال إلى العدوان الثلاثي على مصر ونكسة عام 1967 وحرب أكتوبر عام 1973 واجتياح إسرائيل للبنان عام 1982 مروراً بحرب الخليج الأولى فاجتياح الكويت وصولاً إلى غزو العراق ناهيك عن الحروب البينية والنزاعات الحدودية والداخلية المستمرة والاستنزاف الفلسطيني الدائم في الانتفاضتين الأولى والثانية. وبالرغم من ذلك كانت تلك الفقرة من وثيقة السفارة البريطانية في القاهرة إلى وزارة الخارجية في لندن بتاريخ السادس عشر من حزيران عام 1973 التي تنقل أجزاء من مقال للكاتب إحسان عبد القدوس والتي يطالب فيها وبقوة القيادة السعودية وقف شراء طائرات الفانتوم من الولايات المتحدة التي ستحتفظ بحق التحكم في استخدامها ولن تسمح باستخدامها ضد إسرائيل والمسموح به فقط وعلى سبيل المثال هو ضد اليمن الجنوبي العراق أو المتمردين في ظفار. [تعليق صوتي] لقد واجهنا أثناء محاولات الإجابة على أسئلة هذا الملف مجموعة من العوائق الموضوعية المتعلقة في السواد الأعظم منها بحساسية الأرشيفات ومراكز البحث الغربي تجاه عنوان الملف والوثائق المطلوبة لإنجازه إضافة إلى كون الجهة التي تطلبها ذات أصول عربية، فعندما طلب مراسلنا في لندن إحدى الملفات المتعلقة بأكبر صفقة تسلح بين بريطانيا والمملكة العربية السعودية تلكأ الأرشيف الوطني في الإفراج عن الوثيقة عبر رسالة يقول فيها؛ وفقا لبحثنا فإن المعلومات التي طلبتها يمكن أن تكون محفوظة في سجل صُنِّف على أنه مفقود، هذا يعني أن السجل قد تم حفظه في غير محله ولا يمكن الوصول إليه. ومع إلحاح مراسلنا تم الإفراج عن هذا الملف جزئيا أي أن عددا من الوثائق سُحبت منه أو ألغيت بعض فقراته لدواعي أمنية كما يقولون وقد تكررت هذه الحالة أيضا في الأرشيفات الأميركية إذ إن الملفات التي أُفرج عنها تفتقد إلى كثير من الوثائق التي سحبت بكاملها أو حُذف منها العديد من الأرقام والفقرات المتعلقة بأنواع الأسلحة أو بنود الاتفاقيات، هذا ما سنلاحظه فيما أصاب الوثائق الأصلية من شطب وتشويه متعمد لإخفاء جانب من معلومات في الوثائق المُفرج عنها. أندريه ستيبانوف - موسكو - مستشرق وخبير في الشؤون الاستراتيجية: كل الشحنات والصفقات لبيعها السلاح لدولة أخرى هي يعني ملفوفة بكتمان.. بسرية يعني لأن الأهداف والمقتضيات السياسية العليا مرتبطة ببيع هذا السلاح، هو ليس في كل حال بيع السلاح أو المتاجرة بالسلاح إذاً أمر تجاري بحت فهناك يعني اعتبارات أخرى ومنها سياسية. تقسيم سوق الأسلحة ومحاولات إقصاء السوفيات [تعليق صوتي] من البديهي والمفترض أن يبيّن السواد الأعظم من الوثائق الرسمية أن صفقات التسلح المذكورة فيها عادة ما تأتي نتيجة مجموعة من الوقائع التي تشكل تهديداً خارجيا للدولة التي تجري صفقة التسلح ومن المفترض أن يكمن التهديد الرئيسي بالعدوانية التي ميزت الدولة العبرية منذ قيامها أواسط القرن العشرين تجاه البلدان العربية عموماً وقد استُغلت هذه الحقيقة من قبل بعض البلدان الكبرى لتعزيز مكانتها في المنطقة في مرحلة ما عرف بالحرب الباردة التي اشتعلت بين الدول العظمى بعد الحرب العالمية الثانية لتشكل معسكرين الأول للدول الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية والثاني للدول الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفييتي. [تعليق صوتي] تؤكد المجموعة الأكبر من الوثائق التي تعالج مسألة التسلح في الشرق الأوسط أن المعسكرين المتنازعين استغلا صفقات التسلح والنزاع العربي الإسرائيلي لتعزيز مكانة كلٍ منهما في المنطقة على حساب الآخر وقد برزت هذه الوجهة نحو توزيع النفوذ بين الدول الكبرى على مستوى التسلح والتواجد في المنطقة منذ السنوات الأولى من الحرب الباردة وهو ما نراه بوضوح في رسالة يرشوفا المبعوث السوفييتي في إسرائيل إلى وزارة الخارجية السوفييتية بتاريخ السادس والعشرين من مايو عام 1950 والذي يفضح الاتفاق الأميركي الإنجليزي والفرنسي على توزيع مناطق النفوذ في الشرق الأوسط حيث تم الإقرار باستعداد تلك الدول بحث طلب الدول العربية وإسرائيل لجهة تأمين بيع أو إرسال تلك الأسلحة حيث يعتبر الدكتور سيني القيادي في حزب مابام أن الاتفاق يحتوي روحاً معادية للاتحاد السوفييتي ودعوة لضم إسرائيل إلى جبهة معادية له وعليه بحسب رأي سيني يتم التغاضي عن التناقضات السياسية بين الولايات المتحدة وإنجلترا والتركيز على المصالح من أجل سياسة موّحدة، يتم تقسيم الشرق الأوسط إلى مناطق النفوذ، أميركا سوريا السعودية مصر وإسرائيل، إنجلترا الأردن العراق ومنطقة قناة السويس، فرنسا لبنان.
جوديث كيبر - واشنطن - معهد دراسات الشرق الأوسط: أولاً أعتقد إنه لم تكن هناك أي اتفاقية إنها أسطورة روسية، ثانياً بالطبع كانت فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة متحدين خلال الحرب الباردة في مواجهة السيطرة السوفييتية في بعض دول الشرق الأوسط وانتشار نفوذها وأفكارها ووقفا لذلك التفكير من المؤكد انه كانت هناك اتفاقية تعاون وثيق بين تلك الدول فبإمكان فرنسا وبريطانيا عمل أشياء قد لا يكون ممكناً للولايات المتحدة عملها بينما يمكن للولايات المتحدة عمل أشياء قد لا يكون ممكنا لدول أخرى القيام بها. [تعليق صوتي] إن محاولات التجمّل وإخفاء أو لَي الحقائق لا تجدي نفعا إزاء سيل الوثائق التي تتحدث عن دور هذه اللجنة، فها هي رسالة تحمل عبارة سري جداً صادرة من السفارة الفرنسية في واشنطن إلى إدارة أفريقيا والمشرق في باريس بتاريخ العشرين من نوفمبر عام 1953 تقول إن وزير المالية السعودي وهو الآن في زيارة في فرنسا طلب شراء مائتين وخمسين مسدساً عيار 7.65، لقد جربت الموافقة على هذا الطلب وإنما من واجبي طرح الأمر على لجنة التنسيق ولم يجر التشاور مع اللجنة من الطرف الفرنسي فحسب بل يبدو أن الولايات المتحدة كانت تحتاج إلى موافقة لجنة التنسيق على صفقاتها كما يرد في الوثيقة الصادرة من السفارة الفرنسية في واشنطن بتاريخ التاسع من ديسمبر عام 1955 وتحمل بدورها عبارة سري جداً، تقول استنادا إلى رسالتكم الصادرة في تاريخ الثالث من كانون الأول/ديسمبر وأخذاً بعين الاعتبار تفوق إسرائيل بالقنابل الخفيفة ليس لدينا اعتراض على تسليم الولايات المتحدة قنابل من عيار(B26) الخفيفة إلى السعودية. مارك فايثيان - لندن - أستاذ دراسات استراتيجية – جامعة وولف هامبتون: في الخمسينيات قامت القوى الغربية بجهد كبير لتقسيم سوق الأسلحة في الشرق الأوسط، بعد إقامة إسرائيل أدركوا أن الدول العربية بحاجة إلى الأسلحة وأنه قد يحدث تسابق بين الجيوش العربية للتسلح لذلك أرادوا تلبية احتياجاتها كي تبقى صديقة للغرب وفي الوقت ذاته كي لا يحدث سباق تسلح في المنطقة. [تعليق صوتي] لم يكن المعسكر الغربي يريد التفريط بمواقعه في الشرق الأوسط خاصة إذا كان المنافس المحتمل هم السوفييت حاملي الجرثومة الشيوعية بحسب ما يراه الغرب وهو ما يتضح من خلال برقية الثلاثين من أكتوبر عام 1955 والمقدمة من مولوتوف وزير الخارجية السوفييتي عن لقاءه مع ماكملن وزير الخارجية البريطاني في التاسع والعشرين من أكتوبر عام 1955 في مدينة جنيف السويسرية وننتقي منها بعض الفقرات؛ عبّر ماكملن عن رغبته في التباحث بعدد من الأمور الخاصة بالأوضاع في الشرق الأقصى الأوسط والأدنى كذلك في أوروبا لكنه عاد وطلب قصر المباحثات في الشرق الأوسط، لم أعارض طلبه هذا وأعربت له عن رغبتي في وقت لاحق التحدث عن الأوضاع في مناطق أخرى، بعد ذلك تحدث ماكملن وبطلب من إيدين عن قلق الدولة البريطانية من الأوضاع في الشرق الأوسط بسبب شحنات الأسلحة التي تم تصديرها إلى مصر وأكد قيام الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تبعاً لاتفاقية عام 1950 ولعدد من السنوات بدعم سياسة الحفاظ على السلم والتوازن في المنطقة منعاً لحدوث حالة من سبقا التسلح بين إسرائيل والدول العربية المجاورة وكنا نعلم بأن الاتحاد السوفييتي يمارس السياسة نفسها لكنه وكما يبدو فقد بدأت السياسة السوفييتية بالتغيّر خصوصا مع بيع الأسلحة للدولة المصرية، كما أضاف بأنه في حلة نشوب حرب في منطقة الشرق الأوسط فلا أحد يدري ما الذي سوف تطاله ذيول هذه الصدامات. عادل سليمان - القاهرة - محلل استراتيجي: بدون شك هو كان يعطي حجم أكبر وقدرة أكبر على التأثير في الصراع ما بين القطبين في زمن الحرب الباردة، القطبين الاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية مع الولايات المتحدة والكتلة الغربية، كلما كانت لإحدى الكتلتين دور وتأثير ودعم لطرف من أطراف الصراع كلما كانت لديها أوراق أكثر في اللعب في الصراع في إطار الحرب الباردة. [تعليق صوتي] ظل الغرب على موقفه من محاولات إقصاء السوفييت وضرب مواقعهم مع عدم التفريط حتى بالمعلومات حول مكانته في الشرق الأوسط وهو ما يتضح من تلك الفقرة في الرسالة نفسها من مولوتوف إلى خارجيته حيث يقول؛ عند تعليق ماكملن بأن الدول الغربية اتبعت سياسة التوازن بين دلو الشرق الأوسط لمنع حدوث خلل في ميزان القوى بين إسرائيل ودول الجوار عندها طرحت سؤالا على السيد ماكملن عن كمية الأسلحة التي تم إرسالها إلى إسرائيل ودول الجوار من قِبلهم وهل أنه يريد التحدث عن ذلك أو أن الدولة البريطانية تسعى فقط لتوثيق المعلومات، لم يعلق السيد ماكملن على مداخلتي لكنه تابع تأكيده بأن الحكومة والشعب البريطاني قلقان بسبب الأوضاع القائمة وانعكاساتها خصوصا وأن المشاورات السلمية قائمة في جنيف بين الدول الكبار وطلب مني التفكير في هذا الشأن وأبدى رغبته في متابعة النقاش لحل هذه المسألة، من جهتي أكدت للسيد ماكملن من جديد بأن الاتحاد السوفيتي يسعى جاهداً للحفاظ على السلم والاستقرار في العالم ومنطقة الشرق الأوسط. أندريه ستيبانوف: الاتحاد السوفيتي في مكافحة أميركا وجارياً وراء يعني بعثرة يعني الشيوعيين في العالم كله، طبعاً شجعت وأقامت علاقات مفضلة مع الدول التي وافقت مع سياساتها والتي شاركت في الآراء الاشتراكية والوطنية والشيوعية.
قضية تسليح مصر وفشل الأحلاف العربية [تعليق صوتي] في العاصمة السويسرية التقى مولوتوف أيضاً بجون فوستر دالاس وزير الخارجية الأميركي حيث أثيرت قضية تسليح مصر بينما تبنى الأميركيون الموقف البريطاني السابق نفسه والرافض حتى للتصريح بحقيقة مواقع الغرب في المنطقة وهو ما توضحه رسالة مولوتوف حول وقائع هذا الاجتماع بتاريخ الحادي والثلاثين من أكتوبر عام 1955 والتي جاء فيها على لسان دالاس إن الولايات المتحدة لا تسعى للاعتراض على حق الاتحاد السوفيتي وتشيكوسلوفاكيا أو أي دولة أخرى في بيع الأسلحة لدولة مصر، كذلك هو لا يستطيع الاعتراض على حق مصر في الحصول على الأسلحة لكن استعمال مثل هذه الحقوق بشكل واسع سوف يؤدي إلى أوضاع لا تُحمد عقباها وعند السؤال عند ما إذا كان السيد دالاس يرغب في تبادل المعلومات أجاب دالاس بأنه لم يعرض أي تبادل للمعلومات ولكنه أراد فقط أن يعلم موقف الاتحاد السوفيتي وحلفائه عن صفقة الأسلحة الجاري تصديرها إلى مصر وهل هي صفقة محدودة عندها تستطيع الحكومة الأميركية تهدئة الرأي العام الأميركي وحلفائها. عادل سليمان: ظهرت نظيرات سياسية أميركية عديدة أعلنها جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأميركي في ذلك الوقت عن مناطق فراغ حدثت في المنطقة، ضرورة ملأ.. سياسة ملأ الفراغ في المنطقة بتشكيل أحزاب وتكتلات جديدة الدفاع عن الشرق الأوسط مشروع الدفاع عن الشرق الأوسط، مشروع.. محاولة ضم مصر لهذا التحالف. [تعليق صوتي] بالفعل ضم المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية طيلة سنين يحاول جرّ مصر إلى سياسة الأحلاف العسكرية التي ينشئها حول العالم لمحاصرة كتلة الدول الشيوعية وهو ما تشرحه الوثيقة السوفيتية بتاريخ التاسع من يونيو عام 1955 التي تسجل محضر اجتماع سولود السفير السوفيتي في القاهرة مع صلاح سالم الوزير في حكومة الثورة المصرية والذي يقول إن الإدارة الأميركية مهتمة جداً بمصر حتى أن الرئيس الأميركي أيزنهاور قام بإرسال خطاب خاص إلى الجمهورية العربية المصرية يدعوها إلى إقامة حلف دفاعي في الشرق الأوسط والذي يتألف بشكل رئيسي من تركيا، مصر وباكستان مع ضرورة جذب وإدخال دول المنطقة المتبقية إلى هذا الحلف. وتبعاً للمخطط الأميركي فإن عل الشرق الأوسط أن يتمتع بحلف عسكري واحد ويذكر السفير السوفيتي في هذا السياق بأن أحد مساعدي وزير الخارجية الأميركي كان قد أعلن أن على الولايات المتحدة المساعدة في إنشاء حزام من الدول الصديقة والحليفة حول الدول الأميركية من أجل مساعدتها عسكرياً في الحرب المقبلة ضد الاتحاد السوفيتي. نيكولاس فيلوتيس - سفير أميركي سابق في الأردن، مصر، إسرائيل: نحن دعمنا المشروع بينما تسلم الإنجليز القيادة وقام العرق وإيران وباكستان بتكوين تحالف مناهض للشيوعية بالتعاون منع الإنجليز وكنا ندعمهم. عادل سلميان: هذا كان هدف لكنه لم يمكن تطبيقه في ذلك الوقت لأن هناك كانت قوة قومية بتحمل توجهات ومشروع قومي ضخم وهو مُمَثل في مصر في ذلك الوقت واعتمدت على التعاون الوثيق مع الاتحاد السوفيتي وكسرت هذا الطوق بصفقة السلاح مع الاتحاد السوفيتي، ثم تعميق التعاون معه مما أتاح فرصة للاتحاد السوفيتي أن يزيد من نفذوه في المنطقة ويخلق نوع من التوازن الذي تحول إلى صراع ما بين الكتلتين فيما بعد. [تعليق صوتي] توضح باقي الوثيقة السوفيتية الرؤية المضادة للسياسة الغربية في الشرق الأوسط، أكد الوزير سالم بشكل قاطع على أن مصر ترفض الدخول في هذه الأحلاف وأشار إلى أن مصر تحاول إقامة حلف ثلاثي الأطراف بين سوريا المملكة العربية السعودية ومصر، لكن هذا الحلف لم يتم الاتفاق عليه وذلك بسبب الضغوط الأنغلوأميركية على سوريا لكن مصر تُصر على موقفها وهي لا تخشى الضغوطات الاقتصادية والسياسية. مارتن والكر - وكالة يونايتد برس إنترناشيونال - واشنطن: أعتقد أنه كان من الواضح أن محاولة إنشاء اتحاد عربي لم يكن أمراً مقبولاً في بريطانيا أو أميركا وكانتا ستسران بالقيام بكل ما يفسد إنشاء ذلك الاتحاد. هنري مارتن - الرئيس الفخري لشركة إيروسبيسيال للسلاح: فيما عدا تلك الفترة الصعبة أثناء أزمة السويس التي تشيرين إلها فإننا ندعم بالكامل قيام تفاهم بين المملكة العربية السعودية ومصر للحفاظ على السلام والتوازن في الشرق الأوسط. [تعليق صوتي] يقول الكاتب الأميركي كيشيشيان في كتابه الخلافة في العربية السعودية إن العائلة المالكة في السعودية ارتأت أن الملك سعود بن عبد العزيز لم يعد قادراً على القيام بواجباته في الحكم فاتفق في آذار/مارس من عام 1958 على نقل السلطة التنفيذية إلى رئيس مجلس الوزراء ولي العهد فيصل واحتفظ سعود بلقبه كملك. ويتابع كيشيشيان أن سعود بن عبد العزيز قد ارتكب أخطاء جسيمة كان أبرزها انحيازه إلى صف الدولة المصرية حيث كان عبد الناصر يستحث الجماهير العربية ويدعو إلى تبني سياسات مشتركة ضد الاستعمار وعدم الانحياز في الصراع بين الشرق والغرب ولم تَرُق تلك السياسة للتيار المؤيد لفيصل في العائلة الحاكمة التي كانت مستعدة للتضحية بأمنها من أجل مثاليات العرب وأوهامهم. هنري مارتن: في تلك الفترة كانت هناك الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية وكان الشرق الأوسط مسرحاً للمجابهة بين الاثنين، كما تذكرين كان العراق ومصر محميات سوفيتية نوعاً ما وكانت هناك محاولات لإزالة الاتحاد السوفيتي من الشرق الأوسط لذلك فقد توَّجب على دول مثل المملكة العربية السعودية أن تنتهج سياسات دقيقة للحفاظ على التوازن. [تعليق صوتي] استمرت حلقة البحث في أرشيفات متعددة من أجل البحث عن إجابة عن التساؤل هل كانت الدوائر الغربية تتحرك في مسار واحد داخل الشرق الأوسط وجاءت الإجابة من الأرشيف السوفيتي الذي أظهر أن السفير السوفيتي في إسرائيل بعث برسالة بتاريخ الـ 18 من يونيو عام 1955 إلى وزير الخارجية مولوتوف تحمل أخباراً جديدة، بعد إعلان شريت وزير خارجية فرنسا عن رغبة الحكومة الإسرائيلية في إقامة حلف عسكري مع الولايات المتحدة الأميركية تصاعدت الكثير من الأصوات الرافضة في الوسط السياسي الإسرائيلي، إن وزارة الخارجية الأميركية تستخدم هذه المحادثات من أجل الضغط على إسرائيل وقد أعلن الأمين العام للمنظمة الصهيونية العالمية غولدمان في حديث له أمام الكونغرس الأميركي بأن الحلف المُزمع إقامته مع إسرائيل سوف يعطي أميركا آلية للسيطرة على التسلح الإسرائيلي وأنه سيكون على إسرائيل التعاون في أي حرب قد تعلن على الدولة الأميركية وأكد غولدمان أنه على إسرائيل التعاون ولو مرحلياً مثل إمكانية إقامة قواعد عسكرية أميركية على أرض إسرائيل وقد طلبت الإدارة الأميركية من إسرائيل حل مسألة عودة اللاجئين والحدود مع الدول العربية والموافقة على خطة جونسون من أجل إقامة هذا الحلف. نزار عبد القادر - باحث متخصص في شؤون التسلح - بيروت: طبعاً ترتبط عملية شراء الأسلحة بالعملية.. بالتوجه السياسي للدول، يعني عندما نقول بأن هذه الدولة كانت ضمن النفوذ الغربي كان من الطبيعي أن ننتظر أن تتسلح من الغرب وإذا كانت على خلاف مع الغرب كان لابد لها من أن تدخل ضمن دائرة النفوذ السوفيتي من أجل التسلح من المجموعة الاشتراكية. [تعليق صوتي] تشير الوثائق إلى أن نظرية المؤامرة كانت هي التي تحكم الأجواء السياسية في تلك المرحلة ففي محضر لقاء سنود السفير السوفيتي في مصر مع جمال عبد الناصر رئيس الوزراء المصري بتاريخ الـ 18 من أكتوبر عام 1955 عبّر عبد الناصر عن مخاوفه من الدعاية الأميركية التي تجتاح المنطقة خصوصاً مع اقتراب اجتماع وزراء خارجية الدول الأربعة الكبار في جنيف عن إمكانية انضمام الاتحاد السوفيتي إلى الاتفاق الثلاثي المُعلن بين بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وأن الدول الغربية سوف تقدم تنازلات للاتحاد السوفيتي في المسألة الألمانية مقابل تنازل الاتحاد السوفيتي عن الشرق الأوسط والذي في هذه الحالة سوف يقع بالكامل بين أيدي الدول المستعمرة وهكذا سوف تتم عملية تقسيم مناطق نفوذ الدول العظمى. مارتن والكر: هناك شك كبير يحيط بتلك الوثيقة بالذات وعن مدى ما يعرفه الروس وفي كتابي عن تاريخ الحرب البادرة كانت إحدى النقاط التي ذكرتها أنه في الشرق الأوسط كان ثمة تضارب في المصالح بين البريطانيين والفرنسيين والأميركيين. فلاديمير سورين - رئيس المركز الإستراتيجي للقضايا الحيوية - موسكو: الواقع يؤكد أنه كانت هناك مؤامرة أو اتفاق على هذا التقسيم، نحن نرى بشكل أو بآخر النزعة السياسية ذاتها، هناك دول تعتقد أنها بشكل واقعي يمكنها لعب دور الزعامة حتى في مناطق أخرى في العالم بعيدة عن حدودها وهذه في جوهرها سياسة استعمارية بأشكال مختلفة. [فاصل إعلاني] أميركا ومحاولات استقطاب دول المنطقة [تعليق صوتي] قواعد اللعبة ظلّت كما هي منذ القِدم وحتى اليوم وعبر الغد فإما أن تكون معنا أو فنحن ضدك. وهكذا مرت الأحداث بين فشل حلف بغداد وسقوطه وكذلك السوفيت وبذات السيناريو الانسحابات المتتالية للدول الأعضاء حتى فرغ الحلفان على كلٍ من الولايات المتحدة وبريطانيا، لكن تلك الأحلاف على ما يبدو كانت هي الخطة البديلة للمعسكر الغربي فالأرشيف السوفيتي يقدم لنا محضر جلسة برونييف السفير السوفييت في مصر مع المشير عبد الحكيم عامر نائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة بتاريخ الثالث والعشرين من فبراير من عام 1965 حيث يسرّب السفير معلوماته إلى عامر، من خلال المعلومات الموجودة في موسكو منذ شهر سبتمبر أيلول من السنة الماضية فإن ألمانيا الغربية اتخذت قراراً ببيع إسرائيل ثلاثمائة دبابة من نوع (M 48) كذلك معدات إلكترونية لسلاح المدفعية والإشارة، كما يقوم أخصائيون ألمان بمساعدة الجيش الإسرائيلي في بناء قواعد لإطلاق الصواريخ، كما يتم تدريب أخصائيين إسرائيليين في مراكز داخل ألمانيا الغربية في مطار فويزدورف العسكري على استعمال الرادارات الحربية وقد قدّمت ألمانيا الغربية إلى إسرائيل مساعدات عسكرية بقيمة ثلاثمائة مليون مارك إلى تاريخه وبحسب الاتفاقات بين إسرائيل وألمانيا الغربية سوف يتم تقديم مساعدات عسكرية إضافية بقيمة ثلاثمائة وعشرين مليون مارك وبما أن هذه الصفقات تضر بالمصالح السوفيتية والعربية فإن حكومة الاتحاد السوفيتي تعرض تبادل المعلومات في هذا الشأن إذا واقف الجمهورية العربية المتحدة. عادل سليمان: الاتحاد السوفيتي كان دائم الحرص على استمرار هذا الصراع وتأجيجه، لم يكن من مصلحة الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت عندما كان قائما أن ينتهي الصراع العربي الإسرائيلي لأنه سوف يوقف مورد مهم جداً وهو مورد بيع الأسلحة والسيطرة والنفوذ داخل المنطقة. [تعليق صوتي] تغيّرت الزعامة من بريطانيا إلى ورثيتها في المنطقة الولايات المتحدة الأميركية ولكن ظلت قواعد اللعبة ثابتة ففي تقرير قدم في الأول من يونيو من عام 1973 إلى هنري كيسنيجر متابعة لموضوع الاحتجاج الإسرائيلي على مشروع بيع المقاتلات الجوية الأميركية للسعودية والكويت، يقول التقرير إنه من الضروري جدا الحفاظ على السيطرة والانتماء الغربي في منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية ويؤكد التقرير على الدور الأميركي في السعودية من أجل تطويرها العسكري والاقتصادي الذي يهيأ المملكة للعب دور ريادي في المنطقة وتقوية النفوذ الأميركي وإضعاف أي احتمال للتواجد الروسي هناك. ومن ملفات الـ (C.I.A) وثيقة تحمل عنوان قانون المساعدة الأمنية الطارئة المؤرخ في السادس من ديسمبر عام 1973، تقول الوثيقة وبعد الإشارة إلى ضرورة تقديم 2.2 مليار دولار كمساعدة طارئة لإسرائيل بالإضافة إلى ما يعادل مليار دولار قدمتها خلال الحرب مباشرة، تقول إن الإدارة الأميركية ترى أن الهدف من تقديم هذه المساعدة هو إعلام الطرف العربي وروسيا بأن أميركا ملتزمة بالمحافظة على التوازن العسكري في المنطقة وبحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
نعوم تشومسكي - كاتب ومفكر أميركي: في الواقع إن إعطاء إسرائيل أسلحة يحفز الاقتصاد الأميركي فعندما تعطي الولايات المتحدة أسلحة لإسرائيل فهذا يدفع السعودية لشراء أسلحة أكثر الأمر الذي ينشط التصدير الأميركي تماماً كما لو أن شركة جنرال موتورز أعطتك سيارة فهذا يحفز جارك لشراء سيارة. [تعليق صوتي] لم تقتصر المحاولات الغربية الاستقطابية على مصر وحدها وإنما امتدت إلى سائر دول المنطقة فها هو عرّاب الولايات المتحدة في الشرق الأوسط شاه إيران السابق يؤدي دوره في الوساطة كما تكشف رسالة أندريا غروميكو وزير الخارجي السوفيتي إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي بتاريخ ديسمبر عام 1957، خلال تواجده في بيروت بتاريخ السادس عشر إلى الثالث والعشرين من ديسمبر كانون الأول قام شاه إيران محمد رضا بهلوي بمحادثات مكثفة مع القيادة اللبنانية وخصوصا الرئيس كاميل شمعون محاولا إقناعهم بالانضمام إلى حلف بغداد وأن الدول المشاركة هي إنجلترا، تركيا وإيران وبأن تلك الدول سوف تفتح أسواقها للبضائع اللبنانية في حال انضمام لبنان للاتفاقية لكن القيادة اللبنانية تخشى الانضمام إلى هذا الحلف من السخط الشعبي الذي لا يخفي ممانعته لذلك الحلف. أندريه ستيبانوف: الاتحاد السوفيتي حينذاك كان ينظر لتلك الأحلاف كامتداد طبيعي لحلف الناتو يعني وهدفهم منع التوغل السوفيتي أو توغل الأفكار الاشتراكية والشيوعية للمنطقة وكان الاتحاد السوفيتي ينظر إلى تلك الأحلاف كأعضاء متعنتين للاتحاد السوفيتي. نزار عبد القادر: حدثت ضغوط في لبنان وهذه الضغوط بالواقع يعني من بره النفوذ الأميركي الذي يدخل، من هنا الضغوط للتيار الناصري وتيار القومية العربية والأحزاب التي تؤمن بهذا التيار في لبنان. [تعليق صوتي] كانت الأردن بدورها إحدى المحطات المهمة في لعبة تجاذب المصالح فبالرغم من ارتباطها التاريخي بالغرب بقيادة بريطانيا أولا ثم الولايات المتحدة ثانيا إلا أن البحث في الأرشيف السوفيتي أسفر على عثورنا على هذه الوثيقة التي يعود تاريخها إلى الثاني عشر من ديسمبر من عام 1956 حيث يعد السيد سولود نائب رئيس قسم الشرق الأوسط في الخارجية السوفيتية تقريراً مختصرا حول القدرات العسكرية للأردن ذاكراً؛ في الحادي والثلاثين من يونيو عام 1956 أبلغني نائب الممثل التجاري للاتحاد السوفيتي في يوغسلافيا بأن الملك الأردني حسين اتصل بنا من خلال الهيئة اليوغسلافية لجذب الاستثمار في بيروت المُمَثلة بالسيد مارسي تشنن طالباً منه توضيح إمكانية تصدير الأسلحة السوفيتية ومنها الطائرات النفاثة إلى الأردن. المستشار التجاري للاتحاد السوفيتي الرفيق كراسوك وفي برقيته إلى الإدارة الحكومية للعلاقات الاقتصادية بتاريخ العشرين من أغسطس عام 1956 وبطلب من مدير الهيئة اليوغسلافية لجذب الاستثمار بوباديتش طلب الإسراع في الإجابة على البرقية المرسلة وأكد على الأردن يعرض شراء ثمانمائة وعشر مقاتلات نفاثة، تبعاً لقرار المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي بتاريخ الثالث من أغسطس عام 1956 وبعرض من الرفيق جوكوف والرفيق كوفال اتخذا القرار الناتج عن المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي بتاريخ السادس من سبتمبر عام 1956 بالموافقة على تسليم الأردن عشر طائرات مقاتلة من طراز ميغ 17 تبعاً لطلبنا من الرفيق كيسليوف أعلمنا بأنه وبرأي جمال عبد الناصر فمن الإيجابية تسليم هذه الطائرات للأردن لكنه أضاف بأن بريطانيا لن تكون سعيدة وسوف تسعى إلى منع عملية التسليم، سفير الاتحاد السوفيتي في يوغسلافيا الرفيق فيروبيين وفي برقيته رقم 924 من بلجراد أبلعنا أن ملك الأردن لم يتصل مباشرة بالجهة اليوغسلافية بالنسبة لطلبه شراء الطائرات لكنه أكد لنا أن هذه المعلومات تستند على ما يبدو بعدم رغبة يوغسلافيا تعقيد علاقاتها مع بريطانيا لذلك فإن قرارنا ببيع الأسلحة لم يتم إعلام الأردنيين به. عادل سليمان: أعتقد إذا كانت هذه الوثيقة صحيحة أن كان هناك تنسيق ما بين الأردن وما بين بريطانيا وبين الولايات المتحدة الأميركية لمحاولة جس نبض الاتحاد السوفيتي واستدراكه لبيع أسلحة للأردن. [تعليق صوتي] بغض النظر عن النوايا الحقيقية للملك حسين من هذه الرسالة إلا أنها تكشف عن المزيد من الطلبات الأردنية من السوفيت، في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني عام 1956 أبلغني السفير السوفيتي في سوريا الرفيق نيمتشاين بأنه وخلال لقائه وزير الزراعة الأردني عبد القادر صالح ناطقا باسم الملك حسين والحكومة الأردنية أشار الوزير الأردني إلى أن المملكة الأردنية الهاشمية مستعدة لإقامة علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي ويطلبون منا أن نرسل لهم أسلحة لجيش يبلغ تعداده خمسة وسبعين ألف جندي من الصواريخ والمدفعية المضادة للمدرعات دبابات وطائرات وتساءل صالح إن كانت هناك إمكانية لدى الاتحاد السوفيتي لإرسال أخصائيين ومستشارين بالشأن العسكري. أندريه ستيبانوف: الأردن لم يوافق ورفض هذه الفكرة السوفيتية وهذا الاقتراح السوفيتي وكل السلاح في الأردن يعني ما عدا بعض الأسلحة الخفيفة هي بريطانية أميركية. [تعليق صوتي] إنها الدبابة شفتن التي تمثل عنوان القصة الليبية مع البريطانيين حيث نجد ملف بتاريخ السادس عشر من مارس عام 1971 يحتوى على حديث عن عناصر الشك وعدم الثقة التي يحملها مجلس قيادة الثورة لحكومة جلالة الملك بسبب العلاقات المميزة مع الملك إدريس، من وجهة نظر الليبيين إن إلغاء عقد الشفتن يمكن أن يقيم الدليل على قناعتهم وشككوهم خاصة إذا ما استخدمنا الجزء المتعلق بوقف إدخال الأسلحة الدفاعية إلى منطقة الشرق الأوسط ولن يخفف ذلك من شعور الليبيين بإراقة ماء الوجه وعليه فإن أي مراجعة للعلاقات الليبية البريطانية في هذا المفصل الذي لا يأخذ الشفتن بالاعتبار سيكون ناقصاً. فلاديمير سورين: إذا ما تحدثنا عن ليبيا وإذا لم يتم التعاطي معها وكأنها لا تمثل أي دور في التاريخ فهي تعد أيضاً عنصر في العلاقة الدولية ويمكنها استخدامها هذا لمصالحها، أقصد المنافسة عليها بين الدول العظمى. جورج جوفي - أستاذ تاريخ وسياسات الشرق الأوسط بجامعتي لندن وكمبردج: الحكومة البريطانية كانت منشغلة بإقناع إسرائيل بأنه لا خطر عليها حتى لو قامت بريطانيا ببيع أسلحة إلى ليبيا. [تعليق صوتي] تواصل الوثيقة البريطانية؛ لهذا فإن ما علينا أخذه في الاعتبار هو تقديم اقتراح لليبيين يضمن عدد من دبابات الشفتن لنقل ست أو ثمان مترافقة مع تدريب أولي في المملكة المتحدة لقادة الدبابات والسائقين والرماة والمشغلين الذين سيشكلون نواة المدربين للجيش الليبي وبدون شك سنتمكن من إيجاد هذا العدد من الدبابات لتسليمها خلال عام وربما يكون ذلك كافياً بعدها نأمل أن نتمكن من تزويدهم بكتيبة دبابات كاملة وسيكون لدينا الوقت لخيار التزويد اللاحق بالتوافق مع السياسة والإنتاجية في ذلك الوقت، إن مثل هذا العرض وعلى بعض هذه الأسس مترافقا مع عروض أخرى من شأنه باعتقادي إعادة تطميين الليبيين إلى نوايانا الحسنة تجاههم والتخفيف من اندفاعهم نحو شراء المزيد من المعدات العسكرية السوفيتية وكذا تحفزيهم على التوجه إلى المملكة المتحدة من أجل المزيد من التدريب والمعدات من كافة الأنواع وفي مثل هذا الشأن سيكون ذلك مفيداً لمصالحنا النفطية وكذلك لعلاقتنا مع الدول العربية. عادل سليمان: كان من المهم لبريطانيا وللغرب أن يبعد ليبيا عن هذا المعسكر بأي شكل من الأِشكال. جورج جوفي: الليبيون لم يكونوا راغبين بدبابات شفتن كانوا مهتمين بدبابات سانت ريون الطراز الأحدث والأقوى والذي بالتأكيد بريطانيا رفضت بيعهم إياها. [تعليق صوتي] بعد محاولة الانقلاب الشيوعية الفاشلة في عام 1971 بقيادة العقيد هاشم العطا ومجموعته ضد النوميري أصبحت الفرصة مهيأة للغرب للمرور من هناك وهذا كان المدخل إلى ملف التسلح السوداني الذي يعكس دور صفقات التسلح في إحلال نفوذ دولة كبرى على حساب أخرى في المنطقة إذ تكشف مجموعة المراسلات المتوفرة في هذا الملف الدور الفعلي لصفقات التسلح في ظروف الحرب الباردة، من الوثائق المهمة في هذا الملف رسالة من وزارة الدفاع البريطانية إلى شخص يلقب بالكولونيل في الخرطوم وذلك في الخامس من أغسطس عام 1971 حيث يدور الحديث عن وسيط بريطاني متحمس لبيع السلاح للسودان يدعى دانلوب بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة على النميري، يؤكد دانلوب أن الحكومة السودانية بصدد إنهاء اعتمادها على السلاح السوفيتي وأنهم يرغبون في الحصول على تأكيدات أن بريطانيا مستعدة للتزويد بالمعدات نفسها، تتحدث وثيقة بريطانية أخرى في ذات الشهر عن قيام الوسيط دانلوب وتورنغتون من شركة لورنهو المتخصصة بتجارة الأسلحة بزيارة إلى الكويت برفقة وزيري الدفاع والمالية السودانيين بهدف إطلاع الكويت على الرغبة في التخلص من السوفييت ومستشاريهم وسلاحهم وبحث إمكانية تمويل الكويت لمشتريات السلاح. وفي فقرة أخرى وزارة الدفاع البريطانية تبرم اتفاقا مع لورنهو بحيث تغطي شركة صفقة بعشرة مليون جنيه لصالح حكومة السودان التي اعتمدته وكيلا لهم في لندن وسيحصلون مقابل ذلك على نسبة 2% من قيمة الصفقة، الوزارة تطلب الحذر الشديد في التعامل مع لورنهو لأن اهتمامهم الأساسي هو الربح ويطلبون إبلاغ دانلوب والوزراء السودانيين أننا مهتمون بتزويدهم بالسلاح. مارك فايثيان - أستاذ دراسات سياسية بجامعة وولفر هامبتون: خلال فترة ما بعد الحرب في الشرق الأوسط وفي منطقة أفريقيا بأكملها كانت تجارة الأسلحة عملية سياسية بحتة استُخدمت للمحافظة على نفوذ بعض الحكومات وللتأكد من أن الأنظمة لن تغيّر ولائها خلال الحرب الباردة من الغرب إلى الشرق أو العكس وللإطاحة بالأنظمة التي لا ترعى المصالح الغربية. الحرب الباردة وسباق النفوذ الأميركي السوفياتي [تعليق صوتي] كان لابد لشروط وقواعد اللعبة أن تظل على حالها وبالتالي فقد ظلت الولايات المتحدة الأميركية على دأبها في مراقبة مشتريات مصر وسوريا من الأسلحة السوفيتية فوضعت جداول متخصصة في هذا المجال ومنها جدول يحدد مشتريات البلدين من الأسلحة السوفيتية بين عامي 1969 و1973 والمُعد من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الـ (C.I.A). أندريه ستيبانوف: هذه السياسة كانت طبعاً لنسف هذا المشروع الوحدوي ولاستنزاف تلك البلدان اقتصادياً وبشرياً ومنع بلوغهم مستوى التعادل مع إسرائيل. [تعليق صوتي] كذلك أعدت الـ (C.I.A) جداول أخرى حول التواجد العسكري السوفيتي في عدد من دول العالم الثالث والمنطقة عموماً يشمل أحدها عدد خبراء الدول الاشتراكية العسكريين بين عامي 1975 و1976 وهو آخر ما أُفرج عنه من قبل الاستخبارات الأميركية بهذا الصدد. عادل سليمان: بالقطع كان الهدف هو الخوف من النفوذ السوفيتي لأن النفوذ السوفيتي.. السوفيت كانوا يعتمدون على نشر عقيدة على نشر فكر الماركسية والشيوعية وانتشار العقيدة وهو هذا الأمر الأكثر خطورة. [تعليق صوتي] بعد رحيل الخبراء السوفييت وتوقف الصفقات العسكرية بين مصر والاتحاد السوفيتي وبالرغم من التقارب المصري الأميركي بعيد حرب السادس من أكتوبر عام 1973 إلا أن الولايات المتحدة لم تتردد في مراقبة المشتريات العسكرية المصرية ومتابعة تفاصيلها الدقيقة فقد ورد في التقرير الصادر عن الـ (C.I.A) عام 1976؛ كان عام 1976 تتمة للأعوام الثلاثة السابقة حيث تراجعت المبيعات الروسية لمصر ولكن مصر اشترت أسلحة من دول شيوعية أخرى مثل الصين محركات دبابات وطائرات وقطع غيار أخرى وكوريا الشمالية أسلحة رشاشة وقاذفات صواريخ وقطع غيار والنمسا أسلحة للقوات الأرضية وكجزء من تراجع التواجد السوفيتي في مصر تقلص عدد العسكريين السوفييت من مائتي عسكري عام 1975 إلى مائة وأربعة وخمسين عام 1976. أحمد عبد الحليم - خبير إستراتيجي عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية: كان هناك مساحة للحركة في إطار العلاقات بين الدولتين العظميتين الموجودين في ذلك الوقت، ففي إطار هذا الكلام كان كل طرف يعطي الطرف الموالي له ما يشاء من الأسلحة ولذلك كانت هذه المرحلة قمة مراحل سباق التسلح. [تعليق صوتي] هكذا هدأت الأحوال لبعض الوقت في المنطقة ولكن الحرب الباردة كانت لا تزال مستعرة بين القطبين وهو ما يبرزه تقرير بعثة المسح والتقييم لإثيوبيا وإيران وشبه الجزيرة العربية والموجه إلى لجنة العلاقات الدولية الأميركية في ديسمبر عام 1977 والذي يؤكد أولاً على الجانب المتعلق بالحرب الباردة فيقول في البند الرابع من الموجز؛ إن التأثير التخريبي المضاد الذي تمارسه الدول المدعومة من السوفييت كالعراق واليمن الديمقراطية يتم تنفيذه في المنطقة والحقيقة أن الخوف من الضغط الشيوعي الذي يُمارس من خلال النفوذ السوفيتي في هذين القطرين تعتبره الأقطار الأخرى في المنطقة سواء الكبيرة منها أو الصغيرة تهديداً مشتركاً. جوديث كيبر - معهد دراسات الشرق الأوسط بواشنطن: توازن القوى بين الدول المرتبطة بالاتحاد السوفيتي وبين الدول المرتبطة مع الولايات المتحدة كان مهماً جدا لواشنطن ولموسكو وللتأكد من عدم وقوع أي سوء فهم أو خلاف بين القوتين العظميين. [تعليق صوتي] بمواصلة البحث في الأرشيف الأميركي ظهر السبب الحقيقي للقلق الأميركي عبر تقرير المخابرات المركزية الأميركية المتعلق ببيع الأسلحة للعالم الثالث عام 1977 والصادر عن الوكالة في أكتوبر من عام 1978 والذي يركز بشكل رئيسي على إجراء مقارنة بين مبيعات الأسلحة الأميركية والسوفيتية في المنطقة ليقول؛ خلال العام المنتهي في الحادي والثلاثين من ديسمبر عام 1977 يقدّر ما اشترته مجموع بلدان العالم الثالث من أسلحة باثنين وعشرين فاصل أربعة مليار دولار وكان لإيران ودول شرق أوسطية أخرى دور كبير في بلوغ هذا الرقم إذ بلغت حصتا إيران والسعودية نسبة 45% من مجموع المبلغ وأخذت الجزائر والعراق وإثيوبيا والهند والأرجنتين 20% من المجموع ثم تأتي النقطة الحاسمة التي تفسّر ما يدور في العقل الأميركي حيث يقارن التقرير المبيعات الأميركية بالسوفيتية فيقول؛ رغم محافظة الولايات المتحدة على الزيادة في تصدير وبيع الأسلحة إلا أن حصتها في عام 1977 تراجعت بنسبة 8% بينما ارتفعت حصة الاتحاد السوفيتي وفرنسا وألمانيا الغربية بشكل كبير في العام نفسه، ثم يضيف أن الجدير ذكره هو نجاح الاتحاد السوفيتي في تقصير الوقت بين توقيع اتفاقية البيع وشحن الأسلحة إلى الدول المشترية وقد نجح السوفييت في تقليص التأخير إلى خمسة مليارات دولار بينما كان التأخير عن الدول الأخرى قد وصل إلى خمسة وأربعين مليار دولار ويحدد التقرير أكبر خمس دول مستوردة للأسلحة خلال عام 1977 إيران 2.7 مليار دولار، السعودية اثنين مليار دولار، إسرائيل 1.1 مليار دولار، العراق واحد مليار دولار ليبيا 0.8 مليار دولار. نزار عبد القادر: دخل بالواقع في هذه الفترة عامل كبير وهو عامل الأموال المتجمعة من النفط سواء بالنسبة لليبيا أو بالنسبة للجزائر التي كانت قد بدأت بالواقع باستيراد الأسلحة السوفيتية لبناء قواتها المسلحة وخاصة ليبيا استوردت كميات كبيرة جدا من الأسلحة فوق طاقتها. تجارة الأسلحة الإسرائيلية وغياب الرقابة [تعليق صوتي] على الرغم من الظواهر العديدة للحرب الباردة والتي تدفع الأميركيين إلى محاربة النفوذ السوفيتي وبالتالي صفقات سلاحه إلا أن النتائج الأخيرة دفعت بعنصر جديد إلى الساحة حيث قُدّم تقريرا إلى الكونغرس الأميركي يؤكد تربّع إسرائيل على المرتبة الرابعة في قائمة الدول المُصدّرة للأسلحة لعام 2005 بعد الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا لتبلغ قيمة صادراتها 1.2 بليون دولار لتُباع في أسواق لا يمارس فيها أي نوع من الرقابة. مارك فايثيان: في السنوات الأخيرة كان الإسرائيليون يهدفون إلى تقليل الاعتماد على الأنظمة الأميركية ولتصبح دولتهم ذاتية الاكتفاء، جميع الأمور مهمة في السلاح خصوصاً حين يكون لدي الدول استراتيجية الاكتفاء الذاتي لأنك قد تتعرض لحالات ضعف في حالة الحرب عند توقيع عقوبات مما قد يؤدي إلى خلل في إمدادات قطاع الأسلحة.
شالوم بروم - مركز دراسات النزاعات بواشنطن: المشكلة تكمن في كون القوة العسكرية الإسرائيلية من الناحية الاقتصادية تشكّل سوقاً صغيراً جداً فليس متاحاً لها أن تمتلك صناعة تسليحية بالغة التطور مرتكزة على هذه السوق الصغيرة ولهذا تحتاج إسرائيل إلى بيع الأسلحة لكي تحافظ على صناعاتها التسليحية. مايك لويس - منظمة الحملة ضد تجارة الأسلحة ببريطانيا: من الأشياء الغريبة في تجارة الأسلحة هو أن إحدى المبررات التي تقدم غالباً لصفقات الأسلحة الكبيرة هو أن تصدير الأسلحة ضروري بغرض دعم صانعي الأسلحة المحليين لتتمكن البلاد من الدفاع عن نفسها، إلا أن ما توضحه هذه الوثائق هو أن تجارة الأسلحة غالباً ما تذهب في اتجاه مناقض تماما للحاجات الدفاعية لتلك الدول. [تعليق صوتي] بالفعل فتجارة الأسلحة الإسرائيلية لا تقتصر على وزارات الدفاع والجيوش الرسمية بل تصل بها إلى مجموعات غير نظامية من بينها تنظيم إرهابي في كولومبيا عرف باسم القوات الموّحدة للدفاع عن النفس الذي اشتُهر بارتكاب المجازر وأعمال النهب والقتل كتلك التي ارتُكبت في بلدة مافيريفان حيث قتل خمسون مواطنا قُطعت أعناقهم وقد حصل هذا التنظيم على أسلحة إسرائيلية بقيمة خمسة ملايين دولار. نعوم تشومسكي: لم يكن لإسرائيل أن تحقق ذلك وحدها بل لأنها ذراع القوة العظمى التي تسيطر على العالم عسكرياً وإحدى نتائج هذا الوضع تحول اقتصادها إلى الاعتماد الكلي على السلاح ويتبع ذلك أمور كثيرة فإسرائيل مثلا لعبت دور دولة مرتزقة تنفذ الإرهاب الأميركي في الثمانينيات عندما كانت واشنطن ممنوعة بقيود من الكونغرس من الاشتراك المباشر في ارتكاب الفظائع والإرهاب في أميركا الوسطى فكان عليها الاعتماد على ما يشبه شبكة إرهابية عالمية قامت هي بتأسيسها. [تعليق صوتي] ألف عذر وعذر لإسرائيل بأسلحتها وعتادها إن هي أخطأت هنا أو هناك وألف ويل وويل للعرب بضعفهم وتشرذمهم إن هم فكروا في الخطأ، إنها القاعدة الخالدة في لعبة التوازن العسكري. إلى فصل آخر من تاريخ التسلح عبر ما تفضحه وثائق الأرشيف. --------------------انتهت.
[محتويات]
[مقدمة]
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م