اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 ملف الانقلابات العربية
الجزيرة، برنامج أرشيفهم وتاريخنا- الحلقة الرابعة
 

02-02-2007

 

ملف الانقلابات العربية.. هدف المهادنة ج4
 
ضيوف الحلقة:

- فريموت زايدل/ دبلوماسي سابق في عدة دول عربية

- بول بالتا/ متخصص في شؤون الشرق الأوسط

- دينيس بوشار/ دبلوماسي سابق بإدارة الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية

- ممدوح رحمون/ مؤرخ مهتم بالشأن القومي

- بلفور بول/ دبلوماسي سابق في المنطقة

- وآخرون

تاريخ الحلقة: 2/2/2007

- الثورات العربية ومهادنة القوى العظمى
- تودد الانقلاب العراقي إلى السوفيات والإنجليز
- علاقة أميركا بانقلاب عبد السلام عارف


"لا غرابة فيما حدث أيها الأصدقاء، لقد أنذرتكم مراراً أثناء محادثاتنا السابقة وقلت لكم بأنني سأقوم بهذه الخطوة إذا تجاهلتم احتياجاتنا الملحة"

جمال عبد الناصر

[تعليق صوتي]

الأحلام تحققت ونجحت، أصبح الحكم في أيادي الحالمين، الشعارات المعلنة صارت قريبة من التجسد على أرض الواقع، وصل الثوار والأحرار إلى رأس السلطة، البشرى ساطعة والخلاص قريب.

ملف الانقلابات العربية

[تعليق صوتي]

حينما تقع في السياسة وحبائلها وحيالها يجب أن تكون على أهبة الاستعداد لتمارس اللعبة، التخلص من الأعداء بل ورفقاء الدرب والحلم، السيطرة التامة على الداخل وإبداء الطاعة والمجاهرة بالولاء نحو الخارج، عفوا لا تسأل عن الشعب.


الجزء الرابع

المهادنة

الثورات العربية ومهادنة القوى العظمى

[تعليق صوتي]

حبال من رمل هو الكتاب الذي يحوي بين دفتيه مذكرات ولبركرين ايفلاند مسؤول المخابرات الأميركية في الشرق الأوسط بين عامي 1950 و1980 حيث ينقل عن مسؤول ال(CIA) في مصر مايلز كوبلاند أن كيم روزفلت خبير الاستخبارات المفضل لدى وزير الخارجية الأميركي جون فوستر دالاس قد جرد الملك فاروق من ملكه وأنه يعمل الآن من أجل تسليم زمام البلاد إلى ناصر وأضاف أن ناصر سيكون قريبا الناطق بلسان القوميين العرب ليقوم بعد ذلك بتنفيذ الأعمال بالتعاون مع (CIA).

بافل أكوبوف - رئيس رابطة قدامى الدبلوماسيين- موسكو: كل دولة تقوم بممارسة سياستها انطلاقا من مصالحها القومية، الولايات المتحدة الأميركية كانت آنذاك ولا تزال دولة عظمى تقوم بالدفاع عن مصالحها وقد فهمت بشكل جيد أن عهود الملوك بما في ذلك فاروق بدأت في الإفول وأنها إن ظلت تراهن على الملوك فلا معنى لذلك لأن الشعوب قد نهضت في سبيل إنهاء هذه النظم المطلقة ولهذا وبشكل موضوعي راهنوا على تلك القوى التقدمية التي جاءت إلى السلطة في مصر، لقد راهنوا على ناصر والسلطة الجديدة.

[تعليق صوتي]

ادعاءات مسؤولي الـ(CIA) كانت مفتاحا للبحث في الأرشيفات المختلفة، في الأرشيف البريطاني لم نعثر سوى على أحد أدلة الطمأنة فحسب، ففي وثيقة بريطانية مرسلة من الإسكندرية إلى الخارجية في لندن بتاريخ الخامس والعشرين من يوليو عام 1952 أي بعد يومين فقط من وقوع انقلاب ما عُرف بثورة يوليو تذكر أن مساعد الملحق العسكري البريطاني الذي أُرسل إلى القاهرة مع بعض موظفي السفارة كونوا انطباعا مهما خلال لقاءهم يوم الثالث والعشرين من يوليو بضابط شاب لم يحدد اسمه جاء نيابة عن محمد نجيب، فقد أكد لهم هذا أن هدف الانقلاب هو القضاء على الفساد في البلد وهكذا نقل رجال الثورة إلى الوفد البريطاني بالضبط ما أردوا سماعه لتهدئة مخاوفهم من إصرار الانقلابيين على طردهم من مصر وإخراجهم من قناة السويس وما سبق أو تبع ذلك من إلغاء البقية الباقية من الامتيازات التي كانت بريطانيا تتمتع بها في عهد الملك فاروق.

بلفور بول - دبلوماسي سابق قفي المنطقة- لندن: أنا أعتقد أنهم كانوا يرغبون في الظهور كأصدقاء لأي أحد قدر المستطاع وذلك لأنه كان لديهم الكثير من المعارضين بالداخل وبالتالي لا يرغبون في مواجهة معارضين من الخارج أيضا وأنا أعتقد أن هذا يشرح سبب رغبتهم الداخلية في أن يصبحوا أصدقاء لنا.

تشارلز تريب - خبير في شؤون الشرق الأوسط: عام 1952 كان ناصر يعلم أن للبريطانيين قوة عسكرية في القناة وأنهم يستطيعون بسهولة إعادة احتلال القاهرة إذا قرروا معاداة النظام، لذلك بغض النظر عن شعورهم حيال البريطانيين كان عليهم التعامل بشكل برغماتي مع الوجود العسكري والإمبريالية البريطانية.

[تعليق صوتي]

يواصل كتاب رجل الاستخبارات الأميركية الادعاءات حول الثورة المصرية فبعد أن يصف ولبركرين لقاء عقده برفقة كوبلن مع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في منزل الرائد حسن التهامي.. قال إنه عرض على ناصر استقبال مجموعة المستشارين العسكريين للعمل مع القوات المسلحة المصرية ضمن مشروع مفصل عن المساعدات التدريبية والعسكرية، فرد ناصر على الفكرة بالقول إن ذلك لن يمكنه من البقاء سياسيا بعد أن استطاعت مصر أن تجلي ثمانين ألف جندي من الفرق البريطانية من قاعدة السويس وأن المؤامرة الأخيرة على حياته كان من أسبابها قبوله بشرط بريطانيا في عودة قواتها في بعض الظروف الخاصة مختتما حديثه بالقول إننا لا نستطيع ذلك.. على الأقل ليس الآن.

"
الثورة في مصر عندما قامت اتهموها بأنها أميركية وبعد ذلك تبين أن مصر رفضت رفضا قاطعا تنفيذ أي شيء، بدليل أن أميركا اضطرت لقطع تمويل السد العالي
"
      
ممدوح رحمون

ممدوح رحمون - مؤرخ مهتم بالشأن القومي - دمشق: أول ما قامت الثورة في مصر اتهموا أنها ثورة أميركية، تبين فيما بعد أن كل ما طلبته أميركا من مصر لم يُنفذ منه نقطة واحدة على الإطلاق، مصر رفضت رفضا قاطعا تنفيذ أي شيء، بدليل أن أميركا اضطرت تقطع عنها تمويل السد العالي وقالت سنجوِّع مصر وجوَّعوها فعلا.

بافل أكوبوف: أراد الأميركان أن يخضع لهم في الجيب.. يجعلوا له منه شخصية في الجيب، آنذاك ظهر الصراع بما في ذلك الصراع حول تأميم قناة السويس، هذا طبعا ناقد المصالح في الغرب وبما في ذلك المصالح الأميركية فتأزمت العلاقات وظهرت كما يقال سياسة أخرى.. سياسة مثل إذا لم تكن معنا فأنت ضدنا.

[تعليق صوتي]

التجوال بين الأرشيفات أثبت فحسب أن بعض الحركات التحررية كانت تبحث عن مرفأ أمان تتكئ عليه ربما لبعض الوقت، فمن قلب الأرشيف الأميركي عثرنا على مذكرة تحمل تاريخ الحادي عشر من أغسطس عام 1952 تنقل معلومات سرية من القاهرة إلى وزير الخارجية، حيث يحكي المرسل.. هذا الصباح طلب العقيد أمين والعقيد ذكريا من حاشية نجيب مقابلتي وقالوا إن مصر أمة ضعيفة وتحتاج إلى صديق قوي ونتمنى أن تكون الولايات المتحدة صديقا، أجبت بشكل ملائم ومتعاطف لكن علقت على هذا الاتصال بأن موقفنا يجب وأن يكون موقف المنتظر اليقظ وهنأتهم على المحافظة على النظام في هذه الحركة وأنها تمت بدون عنف أو إراقة، دماء قاموا بنقد البريطانيين موضحين أنهم لا يريدون التعامل معهم، حاولت أن أشرح لهم أن ذلك مستحيل وأوضحت لهم طبيعة شؤون دفاع الشرق الأوسط، أخبرتهم بأنني سمعت أنهم قد أطلقوا سراح مائة وأربعة عشر شيوعيا فأجابوا بأن هذا الرقم مبالغ فيه، فهم أطلقوا أربعة وثمانين بينما ثلاثون من القادة لا يزالون معتقلين وسيظلون هكذا وأوضحت حقائق عن الشيوعية وأعطونا تأكيدا كافيا، فقالوا إنهم لا ينوون تدمير الأحزاب السياسية لكنهم بالفعل جادون في تطهيرها وعلى وجه الخصوص حزب الوفد الذي ينوي قادته تصفية الحزب.

بلفور بول: دائما ما كان للقادة العرب في أي مكان لغتين للتخاطب حيث يتلاءم ذلك معهم، فأنا لا أعتقد أن ناصر كان معاديا للبريطانيين بشكل أكبر في هذه المرحلة عنه فيما بعد.

[تعليق صوتي]

المعطيات المتوفرة لدينا تؤكد أن ظاهرة المهادنة قد بدأت مع أول انقلاب عربي عرفته المنطقة عام 1949 إذ تشير وثيقة أميركية مؤرخة في الثلاثين من مارس عام 1949 إلى أن حسني الزعيم قائد الانقلاب أعلن استعداده للتعامل مع الأميركيين وعن رغبته في تأسيس حكومة ديمقراطية علما بأن واشنطن كانت حينها أكثر حماسة للديمقراطيات في العالم مما هي عليه اليوم، فهل للأمر علاقة بالنفوذ الفرنسي أو البريطاني الذي كانت تسعى لإبعاده عن الجوار؟

دينيس بوشار: بالنسبة لي هذه ردة فعل طبيعية لأنه عندما يصل علي إلى السلطة يحاول أن يطمأن شعبه والفعاليات الدولية التي لها ثقل، طبعا دائما توجد إرادة تخفيف حدة الخطاب المعادي للغرب وإقامة علاقات جيدة معه ومن ثم تتطور الأمور.. أحيانا كانت تتطور نحو تطوير ودعم العلاقات مع الغرب وأحيانا أخرى تتطور نحو قطع هذه العلاقات.

[تعليق صوتي]

يتحدث الدكتور معروف الدواليبي عن تلك الفترة في مذكراته فيقول كنت عضوا في المجلس النيابي فعُرضت علينا اتفاقيات للتسوية النقدية بيننا وبين فرنسا لأن نقدنا كان يصدر من البنك اللبناني الفرنسي مضمونا بالذهب وكنا نطلب بحسب النص المكتوب على الليرة السورية أن تعيد فرنسا قيمتها ذهبا حتى تستطيع سوريا إصدار عملتها مغطاة بالذهب ورفضت فرنسا وأصرت على أن تعطينا ما يقابله ونشتري به بضاعة من عندها وفي الوقت نفسه كان شركة التابلاين تأسست لضخ البترول من المملكة العربية السعودية مارا بالأردن والجولان على الحدود التي توجد فيها إسرائيل وكنت أنا رئيس اللجنة الاقتصادية والاتفاقيات، كانت عندنا اتفاقية التسوية النقدية بييننا وبين فرنسا واتفاقية التابلاين، فرفضنا بإجماع اللجنة الاتفاقيتين وحجتنا أن إسرائيل قد قامت فلا يجوز أن يمر هذا الخط ومعه رجال الصيانة من الأميركان في المنطقة العسكرية التي يجب أن تكون مراقبة وسرية ورفضنا أيضا مشروع التسوية النقدية التي وقعها آنذاك جميل مردم على أن يكون الذهب في مقابل البضاعة وكنا تقدمنا بمشروع إقامة اتحاد عربي كما أسلفت فجاء رفض هاتين الاتفاقيتين ومشروع الاتحاد العربي برهان على أن سوريا ستكون قائدة معركة المصير والكيان المنتظر وهذا ما لا يرضي الأعداء المتربصين بنا فحدث الانقلاب.

ممدوح رحمون: رأي دكتور دواليبي هذا صحيح لكن جزء من عملية هو عم يحكي عن التابلاين وهذا صحيح وأنا ذكرت قبل أنه كان أنابيب التابلاين اللي بتمر بالزهراني من لبنان.. بتوصل للزهراني في لبنان عبر سوريا طبعا بمنطقة بترا.. منطقة الجولان والخط الإنجليزي واتفاقية النقد السورية اللبنانية الفرنسية، كل هذه الأمور مجتمعة كانت للدول الأجنبية.

بول بالتا - متخصص في شؤون الشرق الأوسط - باريس: نعم هذا الانطباع ربما كان صحيحا كما قلت سابقا أنه في تلك الفترة أي عهد الجمهورية الرابعة في فرنسا كانت مقربة من إسرائيل وربما هذا الترتيب كان كنوع من حلقة وصل بين الدولتين ولتقريب سوريا من إسرائيل.

[تعليق صوتي]

تظل المذكرات وآراء الدبلوماسيين مجرد اجتهادات شخصية بينما لم يظهر البحث في الأرشيف ضد مَن أو حتى لصالح مَن كان الزعيم يتحرك، فالأرشيف الفرنسي لم يظهر أي رسالة تعبر عن غضب الزعيم قائلة ينوي الزعيم تشكيل حكومة مؤقتة ويفكر في استدعاء فارس خوري والأمير عادل أرسلان لهذا الغرض ودعوة المجالس للانعقاد اعتبارا من ظهر اليوم، إذا لم توليه المجالس ثقتها فإن العقيد حسني الزعيم ينوي حلها والدعوة إلى انتخابات عامة في مهلة غايتها ثلاثة أشهر، لقد ظهر قائد الجيش السوري صباح اليوم حين ذهب أحد معاونيي يرجوه أن يصدر التعليمات اللازمة بصدد الامتيازات الدبلوماسية.. ظهر متعبا وعصبيا ولم يبرر تصرفاته إلا بتوجيه لوم غامض إلى رجال السلطة ورئيس الجمهورية الذي كانت جريمته اتخاذ عقوبات معينة في حق بعض الضباط، لكن الدكتور معروف الدواليبي يكمل في مذكراته حول انقلاب الزعيم وكان خديعة لتمرير المخططات التي كنا نقف في وجهها، ففي اليوم السادس من الانقلاب وقعت الاتفاقية مع التابلاين ووقعت اتفاقية التسوية النقدية مع فرنسا وتنازلت سوريا عن نهر الدان لإسرائيل وهكذا كان انقلاب حسني الزعيم مخططاً لدعم إسرائيل وتحقيقاً لمصلحة فرنسا أيضاً لأنه كان في الجيش السوري ضابطاً له صلات وثيقة بالفرنسيين.

دينيس بوشار - دبلوماسي سابق- إدارة شؤون الشرق الأوسط في الخارجية: لا أعتقد أننا في تلك الفترة دخلنا في الوضع في سوريا والذي كان معقداً ولا أعتقد أنه كان لدينا تدخل أو تأثير في هذه السياسة الداخلية.

[تعليق صوتي]

من الأرشيف الأميركي نجد وثيقة بتاريخ 11 أغسطس عام 1949 وردت من السفير الأميركي في دمشق الذي ينقل.. قابلتني الرئيس الزعيم هذا الصباح وفقاً لموعد مسبق بادئً المقابلة بأنه يعتبر أميركا صديقاً يمكننا التعامل مع بصراحة في الاهتمامات المشتركة، حكومته مثل الولايات المتحدة كانت عدواً للشيوعية والهدف الرئيس المشترك للبلدين هو محاربة هذا التهديد لأمنهما ولتمكين سوريا من مواجهة أي تهديد لأمنها فهي بحاجة إلى المعدات والتدريبات العسكرية وهكذا يضع الانقلابي الجديد نفسه في خدمة الأهداف الأميركية مقابل السلاح.

بافل أكوبوف: لماذا لا تطلب المساعدة على أمل أن تكون هذه المساعدة حقيقية دون أن تكون مساعدة مغرضة أي أن أعطيك مشترطاً بالمقابل عليك أن تفعل كذا، أعتقد أن هذا ممكن الحدوث أن يطلبوا المساعدة وربما قاموا بطلبها أيضاً، السؤال المطروح هو أية شروط وضعها الأميركيون أو سواهم من الغربيين في هذا السياق.

ممدوح رحمون: لما انقطع الحرب خط حيفا الإنجليز ما عاد عندهم بترول يصل لأوروبا، ما هو الحل؟ وجدوا الحل المناسب إنه يأخذوا خط من كركوك إلى بان يس في سوريا، فإذاً التقت مصلحة أميركا بخط الأرابكم.. خط لإنجلترا كركوك بان يس، اتفاقية النفط السوري اللبناني الفرنسي لفرنسا، مصر شو المصلحة؟ إسرائيل.. الجيش السوري محتل القسم الكبير اللي محتله من فلسطين ومن مزارع شبعا في الوقت الحاضر لعند نبع الدانة بالتحديد، توصلوا الإسرائيليين من خلال كل هذا النفوذ الأجنبي على أن يعملوا اتفاقية هدنة، اتفاقية هدنة صارت بين سوريا وبين إسرائيل، جاء حسني الزعيم ساوى الأرض المنزوعة السلاح بين الطرفين سلمها لإسرائيل.

[تعليق صوتي]

جاء انقلاب الحركة التصحيحية في سوريا ضمن الصف البعثي الواحد، إلا أنه شكَّل تحولاً نسبياً في تحولات الحزب اليسارية التي عُرف بها نظام صلاح جديد وقد لاحظ الأميركيون ذلك وأدركوا أهميته كما ورد في وثيقة أميركية صدرت عن وزارة الخارجية وموجهة إلى دمشق وجدة بتاريخ العاشر من يوليو عام 1969 أي قبل وقوع الانقلاب بأكثر من عام حيث تقول انطباعنا أن حافظ الأسد بالرغم من عدائه الواضح لحكومة الولايات المتحدة الأميركية إلا أنه الأكثر اعتدالاً من بقية المتنافسين على السلطة في سوريا وهناك بعض المؤشرات خلال الشهور الماضية إلى أن نظام الأسد مهتم بتحسين العلاقات مع الغرب على الأقل لزيادة شراء الأسلحة عوضاً عن الأسلحة الروسية ونحن بالطبع نرحب بأي تطور يبشر بخلق نظام معتدل وثابت في دمشق.

جوديث كيبر - مدير مكتب العلاقات الخارجية في الخارجية: أعتقد أن أي سفير أميركي قدر بأن نظام حافظ الأسد سيكون حليفا أو صديقا للولايات المتحدة قد أخطأ في حكمه.

مارتن والكر - متخصص في الشؤون الشرق أوسطية: إن نقص معرفة وزارة الخارجية الأميركية للشؤون الداخلية لدول مثل سوريا ضخم جدا، إنهم لا يعرفون الكثير عن تاريخ تلك الدول وهناك دبلوماسيون أميركيون كثر في الشرق الأوسط لا يتحدثون العربية ولا يعرفون شيئا عن العلويين في سوريا ولا يعرفون المنافسة بين اللاذقية ودمشق ومع هذا لديهم نفوذ عسكري واقتصادي وسياسي كبير وهذا ما يشبه عملاقا له عقل طفل بالنسبة إلى تعامل أميركا مع الشرق الأوسط.

[تعليق صوتي]

يبدو أن امتلاك الأسد للضمانة الأميركية التي قدرت اعتداله واعتبرته أسوأ الشرين قد جعله يستدير نحو خلفياته الحزبية محاولا إرضاءها وطمأنتها إلى انسجامه مع خيار التحالفات الدولية التي أقامها البعث في عهد صلاح جديد المتمثلة بالاتحاد السوفييتي وهكذا ندرك أهمية ما شهده البلدان من تبادل للوفود المطمئنة المشتركة والتي تُوجت بعد شهور على وقوع الانقلاب بزيارة قام بها الرئيس الأسد إلى موسكو وقد انعكست أصداؤها في تقرير مطول تَصَدر الصفحة الأولى لجريدة برافدا الرسمية في الأول من فبراير عام 1971 تحت عنوان عريض يقول أهلا وسهلا يا رئيس لوزراء وزير الدفاع السوري حافظ الأسد، ثم يتابع التقرير بالحديث عن أهمية تلبية الرئيس لدعوة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي، كما ذُيِّل التقرير الواسع بصورة ولمحة عن حياة الرئيس إلى جانب حديث مطول عن نشاطه وحيويته السياسية وعمله في مناصب مختلفة ثم يتحدث عن برنامج حكومته بمشاركة القوى التقدمية لبناء اقتصاد اجتماعي متطور متطرقا إلى نضاله ضد الإمبريالية وتعميق الصلات العربية العربية وتعاونه مع المعسكر الاشتراكي ليتختتم بترحيب الشعب السوفييتي بالصديق الأسد ومن خلاله بشعب سوريا الصديق، بعد ذلك بأقل من شهر حصد انقلاب الأسد ثمار تودده إلى السوفييت فقد جاءت الدعم الداخلي من أحد أوسع الأحزاب الشعبية في سوريا آنذاك عبر تقرير بثته وكالة تاس الإخبارية السوفييتية في السادس من آذار / مارس عام 1971 يؤكد فيه تأييد الحزب الشيوعي السوري ودعمه لاستفتاء الرئيس حافظ الأسد.

بافل أكوبوف: الاتحاد السوفييتي لم يعط أية أوامر لأي حزب شيوعي، الاتحاد السوفييتي كان يناقش يعبر عن رأيه لكن إعطاء الأوامر لا، فالاتحاد السوفييتي لم يأمر حزبا شيوعيا، كان يمكن أن يكون هذا في الاجتماعات الشيوعية ولم يكن الاتحاد السوفييتي يستطيع أكثر من أن يقول رأيه.


[فصل إعلاني]

تودد الانقلاب العراقي إلى السوفيات والإنجليز

[تعليق صوتي]

الانقلاب العراقي الذي أطاح بالسلالة الهاشمية في بغداد عام 1958 والذي جاء بدعم كبير من الحزب الشيوعي العراقي يبدو أنه كان عليه التحدث مع الاتحاد السوفييتي السابق باللغة التي اعتاد على سماعها متتبعوا الخطابات الشيوعية من حلفاء المنظومة الاشتراكية وهذا ما وجدناه في المفردات المستخدمة في تقرير رافدا بعد يومين من انقلاب عبد الكريم قاسم في العراق في الرابع عشر من يوليو عام 1958 الذي يورد برقية رئيس الوزراء السوفييتي خروشوف إلى عبد الكريم قاسم في السادس من يوليو عام 1958 يعترف رسميا بحكومة قاسم متمنيا أن تعمق السلام والعلاقات مع الاتحاد السوفييتي وللشعب العراقي تحقيق الاستقلال والازدهار، حكومة الاتحاد السوفييتي المتمسكة بحق الشعوب بتقرير مصيرها واحترام طموح العراق العادل تعلن عن اعترافها الرسمي بحكومة الجمهورية العراقية، حكومتنا تتمنى أن تأسيس جمهورية العراق سيقود إلى تعزيز السلم العالمي وتعميق علاقات الصداقة بين بلدينا، شعوب الاتحاد السوفييتي ترجو للشعب العراقي أن يعمق الاستقلال الوطني لبلاده ويحقق كل النجاحات في تطوير الاقتصاد والثقافة لها.. توقيع خروشوف ممثل مجلس الوزراء السوفييتي.

فريموت زايدل - دبلوماسي سابق في عدة دول عربية: إن تغيير ذلك النظام الذي كان يتميز بكل وضوح بسمات معاداة الاتحاد السوفييتي قدم فرصة سانحة للتقرب من المعطيات الجديدة التي كانت بصفة عامة أكثر إيجابية دون التدخل المباشر للاتحاد السوفييتي.

[تعليق صوتي]

يبدو أن الزعيم الأوحد أو عبد الكريم قاسم لم يداهن السوفييت وحدهم، هذا ما يحمله إلينا الأرشيف البريطاني بعد يوم واحد فقط من الانقلاب عبر وثيقة الخامس عشر من يوليو عام 1958 موجهة من السفير في بغداد إلى الخارجية في لندن حيث يقول.. رأيت العقيد عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء ووزير الدفاع والرائد عبد السلام محمد عارف نائب رئيس الوزراء ومحمد حديد وزير المالية، طلبت تطمينات رسمية أنقلها إلى حكومة جلالتها حول أن السلامة الشخصية للرعايا البريطانيين وممتلكاتهم والمتمتعين بالرعاية البريطانية سوف تتم صيانتها وبالطبع يحصل السفير على ما يريد بل ويختتم رسالته قائلا إنهم كانوا على مستوى من الحرص الشديد لإعطاء انطباع بأنهم وديون ومتعاونون مع بريطانيا إلى أقصى الدرجات.

"
عبد السلام عارف كان ضد الاتحاد السوفياتي وضد العلاقات مع الدول الاشتراكية، وعبد الكريم قاسم بالعكس منه ولكن كليهما كان يصرح بأنه من الضروري أن تكون هناك علاقات مع الشرق ومع الدول الغربية
"
         
كاظم حبيب

كاظم حبيب - مؤرخ عراقي مقيم في برلين: عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف عندما كانوا يصرحون بهذه التصريحات كانوا يختلفون في بعض الشيء، عبد السلام عارف كان ضد الاتحاد السوفييتي وكان ضد العلاقات مع الدول الاشتراكية، عبد الكريم قاسم بالعكس منه ولكن كلاهما كان يصرح بأنه من الضروري أن تكون لنا علاقات مع الشرق ومع الدول الغربية وبالتالي كانوا يريدون ألا تثار الضجة عليهم وهما في بداية الحكم، كانوا يريدون أن يحيدون بريطانيا.

[تعليق صوتي]

الأرشيف البريطاني يذخر بالعديد من التقارير والوثائق التي تشير بمجملها إلى رسائل مطمئنة من الانقلابيين جاءت الواحدة تلو الأخرى لتؤكد أن الانقلاب لن يضر بمصالح لندن أو نفوذها في المنطقة، ففي السادس عشر من يوليو تموز عام 1958 أرسلت السفارة البريطانية في بغداد ملخص اجتماع القنصل مع محمد حديد وزير المالية العراقي الذي قدم شرحا لسياسة الحكومة الجديدة يتضمن الصداقة تجاه البلدان كافة وبالأخص الدول العربية والإسلامية، احترام مبادئ الأمم المتحدة وميثاقها، احترام حلف بغداد حتى نهاية مدته ثم يعاد النظر فيه، لا اتحاد مع الجمهورية العربية المتحدة بل علاقات صداقة واعتراف متبادل تأكيد على أن الإدارة الجديدة ليست شيوعية رغم أن الشيوعيين التحقوا بها والبعثيون ساعدوهم في الوصول إلى السلطة.

ضافي الجمعاني - مؤرخ معاصر للشؤون العربية والأردنية: الانقلابات العسكرية غير شرعية وهي تسعى إلى أخذ الشرعية من خلال الالتزام بالاتفاقات والمعاهدات الدولية وحقيقة الأمر أنه لم يحدث انقلاب عسكري في المنطقة دون أن يكن له امتداد إلى إحدى الدول الكبرى ومن هنا هذا الالتزام بالمعاهدات الدولية والاتفاق هدفه الأساس أخذ الشرعية.

[تعليق صوتي]

قادة انقلاب الرابع عشر من تموز لم يصدروا تطمينات مبدئية في بداية الانقلاب فحسب بل يمدنا الأرشيف البريطاني كذلك برسالة السفارة البريطانية في بغداد الموجهة إلى الخارجية في لندن بتاريخ الثالث والعشرين من يوليو تموز عام 1958 التي تحمل تفاصيل لقاء السفير البريطاني بجميع قادة الانقلاب حيث يصرح.. تحدثت عن الحبانية وسوف أسأل عن إمكانية وجود طائرة إضافية للأسرة البريطانية هناك ولكنني غير متأكد من ذلك بعد، خلال ذلك وافقوا على ذهاب بعض أعضاء السفارة لزيارة الحبانية بحرية، كابتن المجموعة إدواردز جاء من الحبانية الليلة السابقة وتناول العشاء معي فقال لي إن كل شيء هناك طبعي جدا باستثناء عدم السماح لرجوع الاتصالات مع لندن، الوزراء كانوا ودودين معي جدا، طلبوا مني المساعدة على تأكيد رغبتهم في الصداقة والتعاون مع بريطانيا لدى البرلمان والصحافة والإذاعة البريطانية، كما يأملون في الهدوء الكامل في أنحاء البلاد والتأكيد على علاقات الصداقة بينهم وبين رجال الأعمال البريطانيين، أتمنى أن يحدث ذلك، قلت لهم إنه سيكون من القيم لو سمعت منهم بشكل شخصي ما الذي يجب أن أقوله ليكون مفيدا عن سياستهم، قالوا إنه عموما إنها قائمة على شروط صداقة مع البلدان كافة أما بالنسبة إلى بريطانيا والعراق فقد كانت العراق صديقة وحليفة لها، إن رغبتهم هي في أن تستمر هذه العلاقة، قلت لهم إنه توجد العديد من الاتفاقيات بيننا فأجابوا أنه ليست لديهم رغبة في تغيير أي اتفاقيات موجودة إلا عن طريق التفاوض، ثم أكدت لهم أن الحفاظ على الصداقة والتعاون بين بريطانيا والعراق هي أيضا رغبة بريطانية.

بافل أكوبوف: إذا كان اليوم سيتم التوقيع وغدا يتم إلغاؤها فلن يكون هناك ثقة أو إيمانا بهذه الاتفاقيات، أقول هذا من جانب الاتحاد السوفيتي، أما فيما يتعلق بالدول الغربية العظمي ومن ضمنها أميركا فنها لديهم معطيات أخرى خاصة، دقائق أخرى، مصالح أخرى، أحيانا هم يوقعون ولا يلتزمون بالاتفاقيات.

[تعليق صوتي]

كان صورة انقلاب قاسم على الدوام هي صورة الانقلاب الأحمر المدعوم من الشيوعيين ولكن الأرشيف البريطاني يقدم ما يثبت على الأقل أن تلك الصورة كانت تتراوح بين الدعم والمواجهة أو الاستخفاف على الأقل، ففي 27 من يوليو عام 1958 أرسل اثنان من طاقم السفارة البريطانية في بغداد تقريرهما عن اجتماعمهما مع محمد صديق شنشل ووزير الإرشاد العراقي في الحكومة الجديدة ومن أبرز ما ذُكر في هذا اللقاء نقرأ عن لسان شنشل.. النظام الجديد ليس شيوعيا ويشجع الملكية الفردية ومع ذلك لا ينوي تعذيب الشيوعيين في العراق عن طريق سجنهم، لكن سيتابعونهم وبالفعل لديهم معلومات تفصيلية عنهم، وجهة نظر شنشل أن الشيوعيين ضعفاء ولا يمثلون أي خطر وسياسة النظام في جعلهم غير مؤذين بإزالة أسباب عدم الرضا على سبيل المثال وجود برامج للإصلاح الاجتماعي وتوزيع الأراضي على الفلاحين وهنا يورد مبعوث السفارة تحذيراته إلى شنشل قائلا إنه مع استئناف العلاقات الدبلوماسية مع الجبهة السوفيتية سيمنح تدفق الدبلوماسيين الشيوعيين الفرصة للقيام بأعمال هدامة، فقال شنشل إن النظام العراقي ينوي الحذر في عدد السفارات التي سيفتحونها وفي عدد الدبلوماسيين الروس الذي سيسمحون لهم بالبقاء في البلاد وسوف يراقبون الدبلوماسيين الشيوعيين ويعملون على ألا يزيد من مهامهم الدبلوماسية، أكد شنشل باستمرار أن النظام الجديد ينوي بشكل صارم على مقاومة الشيوعيين بشكل لا يقاس إذا كان الغرب مستعدا للتعاون معهم.

تشارلز تريب - خبير في شؤون الشرق الأوسط: أنا أعتقد لأنه لعدة أسباب وبعد مرور وقت أظهر قاسم نفسه على أنه معاد للبريطانيين، كما أنه عندما بدأ يتشاجر مع ناصر أظهر نفسه كشيوعي عميل للاتحاد السوفيتي وأنا أعتقد أن أيا من ذلك لم يكن صحيحا، لقد كان فقط برغماتي وهو مع بداية الستينات، مثل جمال عبد الناصر ظن أنه أصبح ذو قوة كبيرة مما جعله يقوم بأخطاء غبية.

مكسيم شيفشنكو - رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية- موسكو: هم حاولوا بهذا فهم الواقع الطبيعي فرغبوا في اصطياد السمكة في الماء العكر ظنا أنهم بهذا يتوعدون بريطانيا العظمى والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة في آن واحد ونحن نعرف النهاية التي انتهى إليها الجنرال قاسم، كما أذكر كانت نهايته وخيمة وهذه هي نتيجة ذلك، هذا مستحيل.. لا يمكن التلاعب بالذئاب أو لا يمكن التلاعب بالذئب والنمر الذين يترصدان بك للانقضاض عليك وأكلك.

[تعليق صوتي]

لا تتوقف محاولات التقرب من الغرب ومهادنته على تأثيرات الوضع العراقي الداخلي بل تتجاوزه أيضا إلى ما يشبه تقديم تقارير عن السياسة الخارجية لدول المنطقة، ففي الوثيقة السابقة نفسها يورد شنشل أنه تحدث إلى ناصر الذي نظر إليه بكل تقدير في المؤتمر الأخير في دمشق، قال شنشل إن العلاقات الحالية بين الجمهوريتين ستكون على أساس التعاون المشترك وإن الطرفين مقتنعان في الوقت الحالي بالاتفاق الذي توصلا إليه في المؤتمر، كما قال إن ناصر ذكر له في حديث سابق أنه مهموم بالتقدم الذي قام به الشيوعيون في سوريا قبل تكوين الجمهورية العربية المتحدة وكيف أصبح من عادة السوريين طلب المشورة من السفير السوفيتي قبل القيام بأي فعل، إلى هذا الحد هم قريبون من السلطة هناك، يرى ناصر خطورة هذا الوضع بوضوح وليس لديه أي نية أن تتصرف حكومة الجمهورية العربية المتحدة بالمثل وتصبح تابعة للسوفييت وفي وثيقة ثانية بتاريخ الثالث من أغسطس عام 1958 يورد المرسل أن شنشل أصر على أن ناصر ليس لديه نية الاعتماد على السوفييت وأنه مضطر إلى ذلك بسبب العلاقات الاقتصادية وأن ناصر سبق أن حذر شنشل من العلاقات مع السوفييت.

بلفور بول: كانت هناك تبادل برقيات بين عبد الناصر وبرجنيف كما أعتقد والذي كان الرئيس السوفيتي في ذلك الوقت وفي هذه البرقيات قال ناصر له إنه لديه نقص في الأموال، فهل من الممكن أن ترسل لي بعض منها، جاء الرد للناصر أنا لا أستطيع إرسال أموال يجب أن تتبع زيادة شد الحزام، فرد عليه ناصر قائلا أرجو إرسال أحزمة.

[تعليق صوتي]

يبدو أن هذه الرؤية تفسر بعض الشيء، الوقائع التي تعكسها وثائق الأرشيف البريطاني خصوصا بعد ما عرف عن قاسم في تلك الفترة من ولاء وانتماء ونسبي لخيارات الحزب الشيوعي العراقي وتحالفاته مع المنظومة الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي ضمن فترة جل ما عرف عنها أعمال السحل وعمليات الاغتيال التي ارتكبها الشيوعيون بحق البعثيين في جنوب وجميع أرجاء العراق وتعرضوا إلى ما هو أبشع منها على يد البعثيين بعد انقلاب عبد السلام عارف، يقول حازم صاغي في كتابه بعث العراق.. سلطة صدام قياماً وحطاماً، إذا حفظ البعض إشارة ملك الأردن حسين إلى أن انقلاب الثامن من شباط عام 1963 جاء مدعوماً من المخابرات الأميركية الهجوسة يومها بمحاربة الشيوعية اعترف السعدي نفسه مستعيراً لسان التائب بعد ما انهارت تجربة الحكم البعثي لأنه ورفاقه وصلوا إلى السلطة بقطار تقوده أميركا وأشير من ناحية أخرى إلى أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية ال(CIA) زودت البعثيين بقوائم بأسماء الشيوعيين جرت تصفيتهم فيما بعد.

مكسيم شيفشنكو: طبعاً عملية تصفية الشيوعيين ضربت بجدية سمعة الاتحاد السوفيتي والهيبة في المشهد السياسي الدولي أحياناً تكون أكثر أهمية من إحراز نجاح ما في واقعة محددة بعينها.


[تعليق صوتي]

علاقة أميركا بانقلاب عبد السلام عارف

هكذا لم يتأخر الرضا الأميركي عن انقلاب عبد السلام عارف وإعدامه لعبد الكريم قاسم والشيوعيين العراقيين فقد عثرنا في الأرشيف الفرنسي على رسالة السفارة الفرنسية في واشنطن في ال15 من فبراير / شباط عام 1963 تقول.. ثمة انطباع عام في وزارة الخارجية الأميركية بالرضا عن تصريحات القادة العراقيين الجدد وخاصة تصريحات وزير الشؤون الخارجية طالب حسين شكيب فهي تنم عن تقدير وحصافة تليق برجل يعي مسؤولياته وتختلف بالكلية مع المواقف المتهورة والتصريحات المغالية الخرافية التي كانت سمة النظام السابق، إن الاعتقاد السائد هنا هو أن حكومة بغداد تنوي البدء بتوطيد أركان حكمها ثم تحليل الموقف في البلدان العربية قبل أن تحدد سياساتها، إلا أن التطمينات المقدمة إلى الشركات البترولية والتقارب مع الأكراد والتحفظ البادي نحو المسألة الكويتية كلها تدل على أنها ستكون سياسة عقلانية كما أنه هناك وعياً بالعداء العنيف للشيوعية الذي أبداه النظام الجديد، إن دعوة الدول التي اكتسبت سخط الجنرال قاسم نتيجة اعترافها باستقلال الكويت دعوتها إلى إعادة سفرائها إلى بغداد من شأنها أن تبدد أي قلقاً حول استرداد توازن التمثيل الدبلوماسي بين الدول الشيوعية والغربية ولقد لقيت تلك الدعوة ترحيباً خاصاً في واشنطن بما أن الولايات المتحدة كانت في عداد الدول التي تأثرت بانتقام النظام السابق.

بافل أكوبوف: على الرغم من أنه لم يكن مرحباً به من قِبلنا فقد كنا نعتقد أنه من المفيد أن يكون العراق معنا وفي معسكران، لكن إذا أراد العراق غير ذلك فهذا شأنه.

[تعليق صوتي]

مهما ظهر الانقلابي بمظهر الثوري الجامح الساعي إلى تخليص أمته من أثار التدخلات الخارجية نجد له ألف وجه ووجه آخر، ففي إطار لبحث في الأرشيف الأميركي وجدنا بتاريخ العاشر من سبتمبر عام 1969 مذكرة بحث حول الانقلاب الليبي نترك تفسير محتواها للقارئ حيث تقول.. تعلُم بعض الضباط في العراق قبل الانقلاب ليس دليلاً على وجود أي تأثير بعثي أو راديكالي أو ناصري من مصر، بينما تلقي 11 من قادة الثورة تعليمهم العسكري في الولايات المتحدة لا يعني بدوره أن هؤلاء الضباط لديهم أي توجه، فهم على عكس بعض القادة في الثورة السودانية الذين استولوا على الحكم في ال25 من مايو والذين تدربوا في الولايات المتحدة والذين أثبتوا لاحقاًَ انتمائهم الراديكالي بل والشيوعي، أما في حالة ليبيا فالقادة الذين لم يُحدد لهم ماهية تفكير واحدة لم يزر أي واحد منهم أي دولة شيوعية.

دينيس بوشار: أعتقد أننا نعطي الأميركيين أهمية تفوق ما تمتعوا به في تلك الفترة في إيصال أي نظام إلى الحكم، أعتقد أنه في ليبيا كما في بلدان كثيرة هناك عوامل داخلية كانت لها أثر أكبر وبالطبع هذه الانقلابات العسكرية كانت تعبر عن استياء الشعب من أنظمة فاسدة ومتسلطة، كما أن هذه الانقلابات حظيت بتأييد الرأي العام وهذه الحكومات سقطت تحت ضغط الجيش والذي كان يبدو كقوة بديلة نظيفة حديثة وصادقة كما حصل بالنسبة لسوريا ومصر والعراق وليبيا.

بول بالتا: في البداية مر القذافي وقد قابلته مرات عدة بمرحلة تأرجح وصحيح أن الأميركيين كانوا إلى جانبه لأنهم هنا أيضا كانوا يريدون الحفاظ على النفط الذي كانت تستغله شركات أميركية لأن ليبيا الملكية لم يكن لديها الوسائل لاستغلال النفط، الأميركيين ساندوه في البداية للحفاظ على مصالحهم من جهة، من جهة أخرى كانت هناك محاولة انقلاب عسكرية ثانية للإطاحة بالقذافي ووصل الخبر إلى مسامع الأميركيين فنبهوا القذافي وساعدوه على إحباطه.

[تعليق صوتي]

فيما يخص توجهات الثورة تجاه الخارج يمدنا الأرشيف الألماني بتقرير صادر في السابع والعشرين من أيلول / سبتمبر عام 1969 عن الخارجية الألمانية بينما يعتمد في مصادره على السفارة في طرابلس وهو يلفت النظر إلى ن إذاعة القاعدة الجوية الأميركية واصلت برامجها من دون أن تولي أي اهتمام للأحداث داخل ليبيا وبناء على معلومة سرية فإن مجلس قيادة الثورة دعا في ساعات ظهر الأول من سبتمبر ممثلي الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى مقره حيث تم إخبار هؤلاء الممثلين بأن السلطة الجديدة تتطلع إلى تشييد ليبيا تقدمية واشتراكية وتريد القضاء على التخلف والفساد وعلى مستوى السياسة الخارجية فإن الحكومة الجديدة تتعهد بعدم إدخال أي تغيرات إذ إنها ستلتزم بجميع الاتفاقيات والعقود التي أبرمتها الحكومة السابقة وفي مساء الثاني من سبتمبر حثت الإذاعة الليبية عمال المنشآت النفطية على مواصلة أعمالهم وأن تلك الشركات ستواصل عملها حتى إشعار آخر، في الثالث من سبتمبر نُظم لقاء بين ممثل عن مجلس قيادة الثورة وأعضاء الهيئة الدبلوماسية للكشف عن أهداف الانقلاب ولطرح الأسئلة.

فريموت زايدل: هم كانوا يحرصون على عدم خلق أعداء جدد لهم منذ البداية وبالتالي كان يتم للوهلة الأولى الإبقاء بصفة مبدئية على اتفاقيات معمول بها ثم تم تعديل بعض الاتفاقيات وأيضا تحسينها.

بافل أكوبوف: أريد القول إن الغربيين والأميركيين هم سياسيون بطاقات عالية مدركون بامتياز للتحولات الدولية، هم فهموا وأحسوا أن الثورة أو الانقلاب في هذه الدول بمثابة قدر قادم لا محالة، فلا يمكن أن تحيا البلاد في الوقت الذي لا تتطور فيه البنى السياسية والاقتصادية ولهذا لا أستبعد أنهم لم يتدخلوا أو يوقفوا العملية خاصة وأنهم أرادوا أن يضعوا أيديهم على القذافي، لكن القذافي كما بدا تلميذا نجيبا لعبد الناصر، القذافي اعتبر عبد الناصر معلمه ومن الطبيعي أن ينتهج سياسة كان قد أسس لها عبد الناصر وكل ما يعارض مصالح ليبيا كان يرفضه، رفض الهيمنة الأميركية وعلى إثر ذلك ضربوه وأظهروه مجنونا لكن الرجل غير ذلك.

[تعليق صوتي]

من سوريا إلى مصر والعراق وليبيا وسائر لبلدان العربية التي توالى فيها حكام عسكريون على مناصب سلطة بلغوها برفع شعارات تلبي تطلعات شعوبهم في الوحدة والتنمية ثم استعانوا بالحنكة السياسية لضمان طموحاتهم في البقاء على رأس السلطة وربما توارثوها بمعونة أجهزة معززة بأحدث وسائل الأمن والرقابة التي تؤمنها دول عظمى، كانت المهادنة لتحييد تلك الدول عن الصراعات الداخلية لحظة الانقلاب هي الخطة الأولى، بينما صار التودد مدخلا للبحث عن وسائل أمنية تكفل البقاء والاستمرار في السلطة، إلى رحلة تالية في الأرشيفات لسبر أغوار تلك الانقلابات.


المصدر: الجزيرة

--------------------انتهت.

[محتويات]  [إهداء]  [تنويه]  [الصفحة الخلفية]  [تمهيد] 
[الفصل الاول]  [الفصل الثاني]  [الفصل الثالث]  [الفصل الرابع]  [الفصل الخامس] 
[خاتمة] 
[نص جريدة الأخبار]
[الجزيرة 1]  [الجزيرة 2]  [الجزيرة 3]  [الجزيرة 4]  [الجزيرة 5] 

 

 
 
 
 


Hit counter
ابتداء من 22 تموز 2007

 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster