|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
12-01-2007
- الملكية وفساد المؤسسة
العسكرية
سعد زغلول الملكية وفساد
المؤسسة العسكرية [تعليق صوتي] الاستقلال، الحرية، العدالة إنها الصرخات التي طالما
صدحت بها حناجر الجماهير على طول الوطن العربي وعرضه، الحيلة أعيت
المناضلين بين المفاوضات والوفود والمباحثات وحتى المظاهرات، حتى جاء
التحرر ولكن كيف جرت المياه نحو بحار الحرية؟ مشارك أول: قبل كل شيء أريد القول إن هناك مفهوما هو
مفهوم الانقلاب ومفهوما آخر هو الثورة، الانقلاب هو حين يتم الحفاظ على
النظام ببناه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنظامية ويأتي آخرون،
ببساطة تبديل هؤلاء بأولئك مع الحفاظ على النظام القديم، بينما الثورة
تتمثل في تغيير البنية السياسية والتشكيلة الاجتماعية بما يتضمن ذلك من
تغييرات معيشية وسواها في المجتمع. [تعليق صوتي] في بداية العمل البحثي على وثائق هذا الملف المضطرب
وحين توجهنا إلى الأرشيف الروسي طلبا للإطلاع على وثائقهم تلقينا هذا
الرد، تبعا لطلبكم نحيطكم علما بأن الوثائق والمواد المصورة الموجودة
في مكتبة وزارة الخارجية لا تُعطى أو تُسلم إلى أي عمل تلفزيوني أو
سينمائي وفقط في بعض الحالات تُسلم تلك الوثائق من قِبل أرشيف السياسة
الخارجية لروسيا إلى المحطات الروسية وذلك في برامج تعاون قائمة وبشكل
حصري وكان السبب الذي أوردوه هو أن هذا الحظر سببه ضرورة الحفاظ على
الوثائق والمعلومات، التوقيع موزيوخين رئيس قسم الأرشيف للسياسة
الخارجية، روسيا الفدرالية. معارك الأرشيف [تعليق صوتي] إيمانا منّا بحقنا وحق شعوبنا في المعرفة والوصول إلى
الحقائق الكاملة خاصة فيما يتعلق بتاريخنا واصلنا بحثنا متخطين كل
العقبات حتى استطعنا انتزاع العديد من الوثائق، بالإضافة إلى بيانات
وكالة الأنباء السوفييتية تاس وصحيفة لبرافدا والتي ساعدت في إلقاء
الضوء على العديد من أحداث تلك الانقلابات ومواقف بعض الدول حيالها، في
تلك الفترة كانت الجيوش النظامية حديثة البناء كما كانت ترمز إلى
الهُوية الوطنية لبلدان كانت تتقاسمها دول الاستعمار الأوروبي الكبرى
ثم أُجبرت على مغادرتها إثر تعاظم حركات
التحرر في المنطقة، كما أُجبرت على تحويل ما تركته من وحدات قتالية
محلية إلى قوات نظامية تابعة للدولة المستقلة حديثا من دون أن تتخلى عن
علاقاتها المميزة بضباطه الذين تعلموا وتدربوا في معسكراتها، بل وفي
دولها أيضا، هذا بالإضافة إلى أنها ستعتمد على مصادرها في التسلح
لسنوات وعقود مقبلة، في المقابل تراوحت مواقف الانقلابيين بين تيارين،
إما مناوئ لفساد الحكم وإما راغب في الانفراد بالسلطة، إذ تُفند
الوثائق المتوفرة بين أيدينا فكرة الانتماء الانقلابيين في المنطقة إلى
أيديولوجيات فكرية معينة، بل تشير في السواد الأعظم منها إلى تخلي
العديد منهم على الخلفية السياسية أو الحزبية التي أوصلتهم إلى السلطة
ودخولهم في صراعات ربما لا تنتهي ضد القوى التي انقلبوا عليها أو ضد
حلفاء الأمس. الجزء الأول صراع وفساد [تعليق صوتي] مثَّل الفساد داخل المؤسسة العسكرية أهم الدوافع
لانقلاب تنظيم الضباط الأحرار في الثالث والعشرين من يوليو على النظام
الملكي في مصر والذي اتهموه بأنه كان هو الداعم الرئيس لهذا الفساد
داخل وخارج الجيش، ففي مذكرة أميركية مؤرخة في الثامن والعشرين من
يوليو عام 1952 جاء تحليل للوضع في مصر يقول، هؤلاء الضباط أصبحوا قادة
للجيش أثناء حرب 1947 وتمكنوا من إقامة محكمة تفتيش لفضائح الأسلحة
والتي كانت أحد الأسباب للخسارة الكبيرة التي أصابت الجيش المصري هناك،
ثم تعمل المذكرة على وصف الأحداث المرافقة للانقلاب الذي ترأسه محمد
نجيب فتؤكد نجاحه في السيطرة على جميع وحدات الجيش بشكل سريع، فقام
الانقلابيون باعتقال رؤساء القوات العسكرية والجوية، بالإضافة إلى
مسؤولين كبار في حكومة الملك في إشارة واضحة إلى الهدف الذي صوَّب
الانقلابيون سهامهم نحوه. مشارك أول: في هذه المرحلة أخذ الاتحاد السوفييتي على
عاتقه حِملا كبيرا، ألا وهو مساعدة الشعوب ومن ضمنها شعوب الشرق الأوسط
وشعوب البلدان العربية، تطوير هذه البلدان ومساعدتها للخروج من تخلفها
العميق وبالمناسبة في هذه الفترة التاريخية كنت أعمل في مصر وأستطيع
القول من تجربتي إن هذه الآونة كانت مرحلة صعود عاصف للوعي القومي
للشعب المصري بقيادة جمال عبد الناصر الذي كان كزعيم يشعر ويفهم ما
الذي يحتاج إليه شعبه وفي هذا مآثره العظيمة. [تعليق صوتي] على الجانب الآخر ينقل لنا الأرشيف الفرنسي أن العيون
الفرنسية راقبت بدقة تفاصيل الصراعات السابقة على هذا الانقلاب وقد كتب
السفير الفرنسي موريس كوف دي مورفيل إلى روبير شومان وزير الشؤون
الخارجية في السابع من يناير عام 1952 قائلا، منذ أن عاد الملك فاروق
الأول من أوروبا وهو ينأى بنفسه عن التدخل في شؤون الحكم التي كان
يمارس عليها تأثيرا حاسما قبل وقت قليل فهو إذ عجز عن تدارك رد الفعل
الرافض للمعاهدة المصرية البريطانية يبدو وكأنه قد يأس من إمكانية
إقناع حكومته بمزيد من الاعتدال وإذا كان قد حاول طوال ثمان وأربعين
ساعة أن يعارض سحب السفير المصري من لندن فلابد من أنه رضخ في النهاية
لإلحاح النحاس باشا، إن الموقف يدعو إلى الحرص من دون شك وقد ذكرتُ من
قبل العقوبات التي ستصطدم بها الحكومة الجديدة حيث لن تتيقن من إمكانية
التفاهم مع بريطانيا، بينما ستجابه كتلة المعارضة الوفدية الهائلة.
مشارك
ثاني: كل الانقلابات التي حدثت في الدول العربية كلها لأسباب داخلية،
مصر عام 1952 لماذا؟ لأنه النظام الملكي كان فاسدا، كان مرهقا للبشر،
كانت البطالة والفقر والجوع والحرمان والسجون كلها مليئة وكلما يطالبون
بإلغاء المعاهدة سنة 1939 كان الحكم يقف ضدها. [تعليق صوتي] اعتُبر الاستقلال أولى القضايا التي شغلت الحياة
السياسية في مصر آنذاك وكان حزب الوفد في طليعة الحركة الوطنية
المطالِبة بالاستقلال عبر أسلوب المفاوضات التي جرت ست جولات منها مع
الإنجليز بين الحربين العالميتين فشلت جميعها باستثناء معاهدة عام 1936
التي وقَّعها الوفد وقبِل فيها ببقاء القاعدة العسكرية البريطانية في
مصر ليفقد بذلك جزءا من التأييد الشعبي لها. مشارك ثالث: تلك الدول لم تكن في الحقيقة مستعمرات، لكن
نفوذ البريطانيين والفرنسيين كان فيها قوي وكانت هناك نخبة مفكرة ذات
توجهات قومية كبيرة إلى جانب قيادة عسكرية تسعى إلى لعب دور مستقل
أكثر. [تعليق صوتي] يستكمل السفير الفرنسي في القاهرة رسالته قائلا، لقد
عرضتُ في كتابي بتاريخ السابع والعشرين من ديسمبر عام 1951 للمظاهرات
التي قامت في القاهرة والإسكندرية وأطلق فيها المتظاهرون الصيحات
المعادية للملك ورددوا الشعارات المسيئة إليه، لقد تعجبَت أوساط القصر
من سرعة انتشار تلك الشعارات في المدينة ورأت فيها دليلا على دعاية
شفهية حسنة التنظيم، إلا أنها تأثرت بصفة خاصة بأن أحدا من مردديها لم
يُرفقها بتعبير يُفهم منه توجيه اللوم إلى المتظاهرين، حيث لم يفاجأ
سكان القاهرة ولم تصدمهم هذه الانتقادات المستهجنة الموجهة ضد الملك
ويواصل السفير في فقرة أخرى، مهما كانت الانتقادات التي توجَّه إلى
الملك ومهما كان من ضآلة شعبيته فإن مكانته في البلاد لم تتعرض لخطر
حقيقي وبوسعه من دون شك أن يعيد توكيد سلطته، كما أن مولد وريث ذَكَر
من شأنه أن يحيي المحبة التي كان يكنها له شعبه فيما مضى، لكنه أصبح
يجد صعوبة تتزايد باستمرار في القيام بفعل سياسي يناقض بشكل مباشر ميول
الأمة المصرية. مشارك رابع: يجب القول إن نظام الملك فاروق انهار بنفسه
بسبب شخصية الملك وجو الفساد وعدم كفاءة المحيطين به والانقلاب كان
انعكاسا لخسارة حرب عام 1948، كل ذلك لعب دوره. [تعليق صوتي] الأرشيف الأميركي بدوره يقدم ما يثبت إطلاعه على حقيقة
تلك الثورة في حينها عبر وثيقة الثامن والعشرين من يوليو عام 1952 التي
تقول، من الواضح أنه لا يوجد تأثير شيوعي في الجيش ولا يوجد أي دليل
على عناصر شيوعية في هذه الثورة ومع ذلك عندما يكون هناك أي تغيير من
المؤكد أن يحاول الشيوعيون أن يحوِّلوا هذا التغير في اتجاههم، الإخوان
المسلمين لديهم قوة ما بين تنظيمات الجيش، كما أنه محتمل كليا أن يكون
لهم تأثير كبير في الثورة التي تمت منذ أسبوع لأن الأخوان والمجموعة
التي قامت بالثورة يشتركون في الهدف نفسه، فهم باتجاه تطهير البلاد من
الفساد سواء كان الأمر ماديا أو أخلاقيا أو دينيا، كما أن عددا من قادة
الثورة أعضاء في الأخوان وهكذا تثبت الوثيقة رؤية وإطلاع الغرب على
فساد الحكم السابق مما يوحي بالرضا عنه، طالما لا يقف حجر عثرة في طريق
مخططاتهم للمنطقة.
مشارك ثان: كل الانقلابات التي تحصل في هذه الدول ينبغي
أن نتحرى عن العوامل الداخلية أولا ولكنها لن تكون معزولة عن الخارج،
أي أن الخارج يستفيد منها يلعب دورا يؤثر فيها، يحاول أن يوجهها
بالصيغة التي تنفعه وتخدمه. [تعليق صوتي] نجد في التقارير السوفييتية الصادرة عن وكالة تاس
الحكومية آنذاك دليلا آخر يؤكد تصنيف السوفييت لما شهدته القاهرة من
تحول جذري بحيادية بالغة ومن دون توجيه اتهامات لأي من الدول الكبرى
وهو ما ينعكس في تقرير ورد اليوم التالي مباشرة وموقَّع في 24 يوليو
عام 1952 وهو رغم اقتضابه يؤكد جوانب من الدعم الشعبي الذي يتمتع به
الانقلاب بل وينطلق إلى ما هو أبعد من ذلك فيشير إلى دعم واحدة من
القوى المعروفة بمناهضتها للسوفييت وهي جماعة الأخوان المسلمين فيقول،
إنهم شاركوا بدعم الانقلاب عبر تظاهرة حاشدة وسط القاهرة صارخين فيها
فليسقط الملك، أما بعد الانقلاب فمن الواضح أن موسكو بقيت على مستوى من
الترقب تجاه ما يجري حتى مراحل متقدمة نسبيا من عمر الانقلاب، حيث نرى
أول أشكال التردد السوفييتي تجاه الانقلاب عبر وثيقة من الخارجية تحمل
تاريخ الثامن من أيلول / سبتمبر عام 1952 تتحدث عن لقاء جرى بين
شيبورين نائب رئيس قسم الشرق الأوسط والأدنى في الخارجية السوفييتية
والسيد أزهري الدبلوماسي السوري في موسكو الذي يوضح أنه ليست لديه
معلومات واضحة عن الأحداث في مصر، علما بأن الوثيقة تصنف الأحداث التي
شهدتها مصر بأنها ليست ثورةً بل انقلاب وأن الأحداث التي تلتها أفادت
الأميركيين. مشارك أول: كان هناك مَن قال إن ناصر عميل للإمبريالية
لكن وانطلاقا من السياسة التي سنَّها عبد الناصر والتي كما قلت كانت
موجهة لضرب مصالح رأس المال الغربي في البلاد، مصرنة البلاد وسياسة
التأميم بما في ذلك قناة السويس، هذا كله كان موجها ضد مصالح الغرب
وهكذا بدأ الغرب بتغيير علاقاته مع ناصر وكذلك فعل الاتحاد السوفيتي،
بدَّل موقفه حين رأى أن سياسة ناصر تنسجم مع تطور مصر في تلك المرحلة
التاريخية. [تعليق صوتي] الانقلاب الوحيد الذي عرفته ليبيا ولا يزال يعرف حتى
اليوم بثورة الفاتح من أيلول / سبتمبر عام 1969 يمدنا الأرشيف الألماني
ببيانات أولية عنه من خلال تقرير مهم يتوفر في التقرير الوارد من
السفارة الألمانية في طرابلس بتاريخ 24 من سبتمبر عام 1969 يقول، في
الساعات الأولى من صباح الأول من سبتمبر عام 1969 استولى مجلس قيادة
الثورة المكون من شباب الضباط على السلطة في طرابلس معلنا تنحية الملك
إدريس الذي كان في زيارة إلى الخارج ويتابع التقرير وقد جرى بمساعدة
وحدات عسكرية مختلفة في الصباح الباكر من الأول من سبتمبر الاستيلاء
على النقاط الاستراتيجية في طرابلس وبني غازي ومدن أخرى وتم إغلاق
المجال الجوي وإبلاغ السكان بالاستيلاء على السلطة من خلال مجلس قيادة
الثورة وإعلان قيام الجمهورية العربية الليبية، كما فُرض حظر التجول
وفي الساعات الأولى من ذلك اليوم دعا ولي العهد السابق حسن على رضا عبر
الإذاعة السكان إلى دعم السلطة الحكومية الجديدة ويسرد التقرير
الألماني ملاحظاته على الشكل التالي، القوة الدافعة للانقلاب هي مجموعة
من الضباط الشباب من سلاحيّ الأرض والجو أعدت طويلا لمخطط الانقلاب وتم
إلقاء القبض فورا على كبار الضباط في الجيش والشرطة لارتباطهم
بالمَلَكية، الانقلاب لقِي ترحيبا من الجماهير الشعبية، الانقلاب جاء
مفاجئا وكان مدبرا بدقة ولم يتوقع لا من السكان ولا من العاملين
الأجانب في ليبيا، كانت هناك أسباب اقتصادية وسياسية وراء الانقلاب
تفاقمت مع مرور الوقت، ثروة البلاد المتزايدة بفضل ارتفاع أسعار النفط
تركزت في أيدي طبقة محدودة في الوقت الذي اتسعت فيه أحياء الفقراء. مشارك أول: أنا رأيت الليبيين ويكفي أن أقول شيئا
واحدا، إن المرأة الليبية أحست بنفسها على قدم المساواة مع الرجل وهذا
بفضل القذافي وأيضا النفط الليبي لم يعد مِلكا لأحد مختار، بل للشعب
الليبي وهذه إنجازات كبيرة للثورة الليبية. [تعليق صوتي] يختصر السفير الليبي السابق والأكاديمي المعارض الدكتور
محمد يوسف المقريف الأوضاع التي سادت ليبيا عشية انقلاب الفاتح من
أيلول / سبتمبر في كتاب ليبيا بين الماضي والحاضر قائلا، تم اكتشاف
النفط بكميات تجارية في ليبيا عام 1959 وأدى ذلك إلى ازدياد الفساد
المالي واستشرائه لدرجة أن الملك أصدر بيانه الشهير، بلغ السيلُ
الزُّبَى موجها خطابه لرئيس الحكومة والوزراء وولاة الأقاليم منددا
بقبول المسؤولين للرشاوى واستغلالهم لسلطاتهم ونفوذهم وبسبب هذا الفساد
ومع عُرف بفضيحة طريق فزَّان سحب مجلس النواب الثقة من حكومة عبد
المجيد كعبار. مشارك ثان: إذاً الوضع الداخلي المعقد، الفقر والجوع
والحرمان والبطالة رغم قلة الشعب الليبي كانت بطالة واسعة هناك. [تعليق صوتي] يمدنا الأرشيف الأميركي بما يثبت أنه كان أول مَن يعلم
بأن الانقلاب الليبي جاء استباقا لمخطَط آخر بقيادة مجموعة ضباط تابعة
لعائلة العقيد الركن عبد العزيز الشلحي المقربة من الملك والمكروهة من
الشعب الليبي لاستغلالها علاقة أسرته بالعائلة المالكة حسب ما ورد في
مذكرة أميركية تحمل تاريخ 17 من سبتمبر عام 1969، تتابع المذكرة، قرر
أتباع الشلحي القيام بالانقلاب حال علمهم باحتمال تنازل الملك إدريس عن
الحكم لابنه، مما دفع ضباط الانقلاب إلى الإسراع في تنفيذ تحركهم في
الأول من سبتمبر عام 1969، المذكرة تؤكد أيضا بأن أغلبية الضباط
المشاركين في الانقلاب هم خريجون من المدرسة العسكرية الملكية أي أنهم
من داخل المنظومة السائدة في البلاد وليس بينهم عناصر خارجية أو أي نوع
من النفوذ الدولي أو الإقليمي، إلا أن التساؤلات تُثار دوما عن المعرفة
الأميركية المبكرة بتلك الترتيبات فضلا عن المصدر الذي أفشى سر محاولة
عائلة الشلحي الانقلابية لمجموعة القذافي. مشارك ثالث: تلقى هذا النظام أو القيادة الجديدة في
ليبيا دفعة وطنية قوية وباتت فجأة بالنسبة إلى العالم العربي قضية
مثالية تم من خلالها تنصيب شخصية منافسة لناصر المتعاون بشكل كبير مع
الاتحاد السوفيتي، فالرمز العربي القومي لم يعد بالضرورة ناصر، بل أيضا
القذافي، هذا لا يعني بأن ذلك تم بتكليف من الأميركيين، لكنهم استغلوا
ذلك بصفة ذكية لتحويل الثقل السياسي.
[فاصل إعلاني] [تعليق صوتي]
يعتبر
انقلاب 14 من تموز يوليو من عام 1958 في العراق حدثا تاريخيا آخر أطاح
بأسرة ملكية ثالثة قد لا تقل شأنا عن الأسرتين المصرية والليبية ورغم
كل ما يشاع عن الدور الإقليمي البارز للعراق آنذاك، إلا أن الوثائق
الغربية والشرقية تُجمع في هذه الحقبة أيضا على أن الكلمة الفاصلة في
اتخاذ قرار الانقلاب كان احتقان الشارع العراقي وتوافق زعاماته
السياسية على ضرورة إجراء تغيير نهائي وحاسم في الساحة السياسية هناك
وهو ما تؤكده وثيقة السفارة البريطانية في واشنطن إلى الخارجية
البريطانية بتاريخ 14 من تموز يوليو عام 1958 التي تقول، تلقت وزارة
الخارجية الأميركية تقريرا من سفارتها في بغداد بأن وزير المالية عبد
الكريم عرزي اتخذ السفارة كملجأ له ووفقا لكلامه فإن الحكومة لم يكن
لديها أي تحذير من أن هناك انقلابا على وشك الحدوث، إن عددا من أعضاء
الحكومة الجديدة لا يعرفهم إطلاقا وكذلك الملحق العسكري للولايات
المتحدة لا يعرف غالبية الجنود المتورطين في الانقلاب. مشارك خامس: أذكر انقلاب العراق عام 1958 وكنت حينها في
إيطاليا وأكثر المخاوف التي سمعتها كان عن تأثير الانقلاب على القدرة
على الحصول على النفط العراقي وعما إذا كان ذا اتجاه روسي. [ٍتعليق
صوتي] طريقة نقل الحدث من قبل صحيفة برافدا السوفيتية
الحكومية آنذاك جاءت تحمل الموقف السوفيتي من إحدى القوى المساهمة في
حِلف بغداد المناوئ للسوفييت عبر مراسلها في مقالة مطولة من دمشق تحمل
تاريخ 17 من تموز يوليو من عام 1958 يقول فيها، الوقائع الأخيرة في
العراق والتي يُنظَر إليها في بيان البيت الأبيض بوصفها سبباً للتدخل
العسكري الأميركي تعتبر دليلاً جديداً للطموح العنيد للشعوب العربية
بُغية التحلل من التبعية الاستعمارية وتقرير مصيرها بنفسها ويذكر أن
ثورة الرابع عشر من تموز التي قام بها الجيش وبتأييد الشعب أطاحت
بالنظام وأقامت الجمهورية ويضيف أن أول صدى خارجي لهذه الحكومة بقيادة
قاسم هو بيانها عن تأييدها لمبادئ مؤتمر باندونج عن خروج العراق من حلف
بغداد العدواني وكذلك الاعتراف بالجمهورية العربية المتحدة. مشارك ثاني: أعتقد عندي تصور، أن الاتحاد السوفيتي كان
يعرف بقضية الثورة أنها ستحصل، أما متى؟ ليس بالضرورة، كان يعرف من
خلال جبهة الاتحاد الوطني وكان الحزب الشيوعي عضوا فيها وكان الحزب
الشيوعي العراقي له علاقات مع الحزب الشيوعي السوفيتي وكان هناك تفاهم
في هذه القضايا. [تعليق صوتي] الوثائق الفرنسية بدورها تسهم في شرح الظروف الداخلية
التي أحاطت بانقلاب الرابع عشر من تموز / يوليو في العراق ففي الرابع
عشر من يوليو عام 1958 تُرسل السفارة الفرنسية في اسطنبول رسالتها إلى
الشؤون الخارجية الفرنسية قائلة، أما وقد قُطعت أشكال الاتصالات كافة
مع العراق فإن التحقق مما تذيعه إذاعة بغداد قد أصبح في عِداد
المستحيل، في كل الأحوال ومن دون القطع بشيء نهائي تدل الأحداث على أن
وضع السيد نوري السعيد كما أشرت كثيراً من قبل أكثر هشاشةً مما كنا
نظن، فقد انتهى الأمر بالباشا إلى الاعتقاد في صحة سياسته مع أنه كان
يعرف مثله مثل الأقل إطلاعاً بأنها تلقى تأييد نسبة ضئيلة من الرأي
العام العراقي ويستكمل السفير الفرنسي في اسطنبول تحليله في فقرة أخرى
قائلاً، الاضطراب هنا واسع النطاق وعبثا يتساءل المرء عن وجود نظام
الملك فيصل الثاني وعن قدرة هذا النظام على الدفاع عن نفسه سواء على
الصعيد الداخلي أو الخارجي. مشارك سادس: القوة الاستعمارية البريطانية والفرنسية
قدمت الكثير من الجهد لبناء جيوش جيدة في تلك الدول العربية بدلاً من
بناء الجامعات المدنية وكليات الهندسة والطب، لذلك فإن القطاعات
المتطورة والمثقفة من المجتمع كانت عسكرية ولذلك حاولت السيطرة على
السلطة السياسية. [تعليق صوتي] بمواصلة البحث في الأرشيف الفرنسي تكشَّفت أمامنا
المزيد من المعلومات عن الرصد الدقيق لسائر القوى لأحداث العراق، حيث
وجدنا تلك البرقية الواردة من تل أبيب بتاريخ الخامس عشر من يوليو عام
1958 إلى الشؤون الخارجية الفرنسية والتي تقول، كان واقع أحداث العراق
على الإسرائيليين أقل مباغته مما كان على العالم الأنجلوسكسوني لا من
حيث إنهم يملكون معلومات أكثر عن المكائد الناصرية التي تُدبَّر في قلب
الجيش العراقي، بل لأنهم لم يتعلقوا بأية أوهام عن متانة نظام نوري
باشا السعيد إذا ذهب في طريق الاختفاء، إن تطور الأحداث يلقى هنا
متابعة قلقة وإن كانت هادئة ويرى السيد بين غوريون أن تمرد بغداد لا
يمس معطيات الوضع الإسرائيلي حيث إن العراق الموالي للغرب لم يكن أقل
عداءً لإسرائيل من العراق الموالي للمصريين وتواصل الرسالة في فقرة
أخرى، إن امتداد التخريب الناصري إلى الأردنيين سيضع إسرائيل أمام
قرارات تخشى أن تُضطر إلى اتخاذها منفردة، ثم أن تردد الأميركيين من
جهة أخرى وقلة ثقة الناس هنا في صواب حكمهم يدفع بحكومة إسرائيل إلى
تصور مظلم لمستقبل السياسة الغربية في الشرق الأوسط. مشارك ثاني: أنا أصدرت قبل فترة وجيزة كتابا عن محنة
اليهود في العراق، أصدرت كتابا أشرت إلى التعامل بين بريطانيا وإسرائيل
والحكومة العراقية بشأن تهجير اليهود العراقيين، 140 ألف يهودي هُجِّر
إلى إسرائيل، عزَّز المواقع الإسرائيلية هناك بقوة وكلهم كانوا من
المثقفين، أكثرهم كانوا من المثقفين.
[تعليق صوتي] 16 من يونيو عام 1965 قام هواري بومِديَن بانقلابه
الشهير في الجزائر كإجراء مماثل لما ساد في الدول العربية الأخرى من
صراعات داخلية أدت إلى وقوع الانقلابات هناك وهذا ما تؤكده الوثائق
الغربية التي كانت الفرنسية بطبيعة الحال من أبرزها، إذ ترصد الوضع
الجزائري مبكراً وبدقة عبر وثيقة الـ 23 من فبراير / شباط عام 1963
التي تتحدث عن الصراعات الداخلية بين رجالات الحزب الحاكم فتقول، في
الحاشية المحيطة برئيس مجلس الوزراء يسود توقع بتعيينات جدية في المكتب
السياسي والحكومة يمكن أن تتم بُعيد زيارة الملك المغربي إلى الجزائر،
أي بدءا من النصف الثاني من شهر مارس وتهدف هذه التعيينات الجديدة إلى
استبعاد بعض المصاعب العملية التي تخلو كما يجب أن نشدد من أي بعد
أيديولوجي حيث إنها تنبع من ممارسة أعلى المهام الحزبية والحكومية على
أيدي رجلين ليسا على وفاق تام ولذا يتبادلان المضايقة ويختتم السفير
رسالته قائلاً وغنيٌ عن القول إنني أنوي الاستمرار في مراقبة التوترات
الداخلية الجزائرية بكل حياد ممكن. مشارك رابع: فرنسا طورت منذ عام 1960 سياسة صداقة
وتعاون مع الدول العربية وحاولت أن تساهم في استقرار المنطقة ولذا كنا
نتحفظ حيال الانقلابات والمُلفت أنه بعد سلسلة الانقلابات هناك حالة
استقرار منذ أكثر من ثلاثين عاما في الأنظمة السياسية واستقرار
المَلَكيات والجمهوريات لدرجة أننا نرى ظهور جمهوريات متوارَثة
عائلياً. [تعليق صوتي] لا يزال الأرشيف الفرنسي يقدم إلينا الرصد الدقيق
للحالة الجزائرية والصراع الدائر على السلطة هناك قبل الانقلاب، ففي
الثالث من أكتوبر / تشرين الأول عام 1963 ترِد برقية من السفارة
الفرنسية في الجزائر إلى وزارة الخارجية في باريسي لتقول، في جلسة
صورية تماماً لم تستغرق في مجملها أكثر من عشر دقائق وبعد تصويت برفع
الأيدي صدَّقت الجمعية الوطنية صباح اليوم على قرار الرئيس بن بلَّة
بتولي السلطات التي يسمح له بتوليها نص المادة الـ 59 من الدستور بهدف
الحفاظ على استقلال الأمة ومصالح الجمهورية وفي مداخلة قصيرة جداً برر
السيد بن بلَّة هذه المبادرة بالواجب الذي يقع على عاتق رأس الدولة
بالدفاع في وجه المواقف الخطرة عن أهداف الجمهورية الأساسية والمادة
العاشرة من الدستور تُعدِّد من هذه الأهداف الحفاظ على استقلالها القوي
وعلى سلامة أراضيها ووحدتها الوطنية التي قال السيد بن بلة إنها تتعرض
لتهدي من الثورة المضادة ومن العملاء الأجانب لهذه الأخيرة. مشارك رابع: عموماً في الجزائر عندما كنا نريد اتهام
خصم نصِفه بأنه عميل فرنسي وهذه الحرب التي كانت طويلة ومؤلمة للجهتين
وحكومة تلك الفترة أي الجنرال ديغول حاول إعادة العلاقات الصحية مع
الحكومة الجزائرية والعلاقات مع بن بلَّة كانت مقبولة، لذا لا أعتقد
أنه كان لدينا توقعات بانقلاب في الجزائر والدليل أن علاقتنا مع
بومديَن سرعان ما تدهورت. [تعليق صوتي] اتُّهم بن بلَّة بكونه مهووساً بالفكر الاشتراكي
اليساري ويقول بعض المؤرخين الجزائريين عن الشيخ الإسلامي البشير
الإبراهيمي أصدر بياناً في الـ 13 من إبريل / نيسان سنة 1964 يختصر فيه
مآخذ الجزائريين على بن بلَّة قبل انقلاب هواري بومديَن بالنص التالي،
إن وطننا يتدحرج نحو حرب أهلية طاحنة ويتخبط في أزمة روحية لا نظير لها
ويواجه مشاكل اقتصادية عسيرة الحل ولكن المسؤولين على ما يبدو لا
يدركون أن شعبنا يطمح قبل كل شيء إلى الوحدة والسلام والرفاهية وأن
الأسس النظرية التي يقيمون عليها أعمالهم يجب أن تُبعث من صميم جذورنا
العربية والإسلامية لا من مذاهب أجنبية. مشارك أول: الاتحاد السوفيتي من الطبيعي أنه دعم بن
بلَّة الذي في ذلك الوقت حسب الاتحاد السوفيتي مارس السياسة التي تنسجم
مع مصالح الجزائر وشعب الجزائر ولهذا من الطبيعي أننا ساندناه ما
استطعنا، أيدنا سياسته لكننا قط لم نكن نستخدم أي طرق أو وسائل بالقوة
لحل هذه القضية، نحن أيدناه سياسياً. [تعليق صوتي] كما دخل بن بلَّة في صراع آخر مع رفاق الأمس في صفوف
جبهة التحرير الوطني، فقد كان يثق بوزير دفاعه هواري بومديَّن إذ يقال
إنه مهد له الطريق نحو هرم السلطة ولم يكن يتوقع أن يأتيه الانقلاب من
وزير دفاعه الذي اعتبر أن بن بلَّة خرج عن خط الثورة الجزائرية واستأثر
بالسلطة وانتهج الدكتاتورية والشوفينية وكان يأخذ عليه احتكاره لتسعة
مناصب حساسة في وقت واحد وأكد أنه لجأ إلى الانقلاب تصحيحاً للمسار
السياسي وإنقاذا للثورة والحفاظ على مكتسباتها، لذلك نجد الأرشيف
الفرنسي يمدنا بوثيقة الـ 15 إلى الـ 22 من يونيو / حزيران عام 1965
المُعنوَنة، حدث سياسي داخلي وتتابع، ليلتي الـ 17 والـ 19 من حزيران
تمت إقالة بن بلَّة من منصبه من منصبه على يد مجلس الثورة برئاسة هواري
بومديَن الذي يتولى حاليا السلطات كافة، هذا الانقلاب سبقته شائعات تم
تكذيبها رسميا في البداية حول اختلافات على مستوى جهاز إدارة الثورة
والدولة. مشارك سابع: في الستينات حينما تمكن الاتحاد السوفيتي
وبدعم الولايات المتحدة من تدمير النظام الاستعماري الدولي أسس ما سُمي
بمنظمة عدم الانحياز وأصبحت الجزائر كما نذكر جزءا فاعلا منها وكان بن
بلَّة أحد زعماء هذه المنظمة، أعتقد أن هذا كله كان ديماجوجية بشكل عام
وبصفة عامة لم تكن هناك أية ثورة في الجزائر.. في الجزائر كانت هناك
عملية طرد للفرنسيين، تدمير للسلطات السياسية والاجتماعية الفرنسية في
البلاد ولم يحدث أي انعطاف جذري في الحياة الاجتماعية هناك ولهذا ما
يسمى ثورة في الجزائر لم يحصل قط. [تعليق صوتي] بالمثل جاءت الوثائق الأميركية لتؤكد ما تشير إليه
مثيلاتها الفرنسية من توفر الصراعات الداخلية المؤدية لوقوع الانقلاب
وكان من أبرزها ما يلفت القنصل الأميركي في الجزائر النظر إليه في
وثيقة تحمل تاريخ التاسع عشر من حزيران / يونيو من عام 1965 الواردة من
السفارة الأميركية في باريس، الموضوع، الجزائر، التعليق على احتمال
وجود خلافات بين بن بلَّة وبومديَن، إلى القنصل الأميركي في الجزائر،
في حديث مؤخر مع الحاكم وليام مدير الشؤون الأفريقية أشار إلى وجود
اختلافات واضحة في وجهات النظر بين بن بلَّة وبومديَن وأن منشورات
الجيش الجزائري توقفت مؤخرا عن ذِكر بن بلَّة كما اختلفوا معه في بعض
المواضيع ومؤخرا سُئل المستشار السياسي للشؤون الجزائرية في وزارة
الخارجية إن كانت لديه أي إثباتات على التقارير التي حصل عليها
وتأثيرها العام؟ فرد المستشار السياسي قائلا، إنه توجد بالفعل بعض
المؤشرات تدل على أن بومديَن يعمل بشكل مستقل، الشيء الأكثر وضوحا هو
اعتقاده بأن كونه قائد العسكرية يجعله مؤخرا يقوم بلقاءات صحفية عدة
للصحائف الأجنبية، في حين أنه كان في الماضي يرفض أن يحصل على أي مراكز
عامة، المصدر تسرع في إضافة أنه مع ذلك يعتقد أن بن بلَّة لا يزال
يسيطر على الوضع كله حيث إنه وبشكل واضح قد نقل رجل بومديَن بوتفليقة
من مكتب وزارة الخارجية ثم قال المصدر إن بومديَن يمكن أن يناور للحصول
على سلطة أكبر ولكن بن بلَّة استطاع أن يوازن بين مكاسبه وخسائره. مشارك ثاني: صار صراع ما بين بن بلَّة واتجاهه وما بين
الهواري وبومديَن بدون أن يبدو واضحا على هذا الصراع كان تحتيا ولذلك
استطاع بومديَن أن يضرب ضربته ويعتقل بن بلَّة وعددا من أعضاء المكتب
السياسي ويزجهم بالسجن والقصة معروفة بهذا الشأن وصار بالعملية هذه، بس
هذا حصل مو بالـ1963، حصل بـ1965 بعد سنتين من الصراع ما بين خضر واللي
شو اسمه الآخر بن بلَّة. [تعليق صوتي] يكشف الأرشيف الأميركي كذلك عن وثيقة فريدة تمثل برقية
تعكس بطريقة غير مباشرة عدم وجود علاقة للمصريين بانقلاب بومديَن ويؤكد
أن القاهرة قد فوجئت بالتوقيت والغريب أن البرقية في جزء منها تطالب
الأميركيين بتقييم الوضع في الجزائر قبل الانقلاب لعدم وضوح الرؤية
لديهم بحقيقة ما يجري، كما يشير إلى أن المصريين فوجؤوا بالطريقة
السلسة والسلمية التي تم فيها الانقلاب. مشارك سابع: كانت جبهة التحرير والقوى القومية وكذلك بن
بلَّة يمتلكون علاقات جيدة مع الولايات المتحدة ثم فيما بعد وفي لحظة
تاريخية ما أرادوا لعب دور سياسي خاص فاتجهوا ناحية المعسكر الاشتراكي،
لكن لم تجرِ الأمور كما أرادوا، في النهاية وكما نرى عادت الجزائر إلى
منطقة النفوذ الفرنسي. [تعليق صوتي] التحدث عن أبرز الانقلابات يحول دون إمكانية ترك انقلاب
الرئيس الصومالي الراحل محمد سياد بري في الصومال في تشرين أول /
أكتوبر من عام 1969 كمثال عن الانقلابات العربية في إفريقيا السوداء
ليصبح لدينا نموذجا واحدا يرمز إلى كل المساحات الجيوسياسية القائمة في
المنطقة ومن واشنطن ومن قلب الأرشيف القومي الأميركي نقرأ دلائل على
رؤية الغرب دوما للفساد وصراعات السلطة مبكرا وكيف لا يتحرك سوى دفاعا
عن مصالحه ففي الثالث من نوفمبر عام 1969 ترسل وزارة الخارجية
الأميركية مذكرتها إلى هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي في البيت
الأبيض حول تفاصيل الانقلاب الذي حدث في الصومال حيث تقول، في فبراير
عام 1969 كان إيغال وهو رئيس الوزراء مسؤولا بشكل كبير عن نقل واحد من
أشهر وأكفأ قادة الشرطة، محمد أبشير وفي الوقت نفسه وأثناء الانتخابات
أقامت الحكومة تحكما سياسيا على البوليس مما أدى إلى انخفاض معنويات
الشرطة وكثير من رجالها أصبح لديهم عداوة من حكومة إيغال، انتشر العنف
والفساد أثناء الانتخابات الصومالية في مارس عام 1969، هذا العنف
والفساد اللذان سادا من استقلال الصومال صار أكثر من قوة تحمُّل الكثير
من الصوماليين وقد أُلقي اللوم على إيغال وحكومته، أثناء حكم شير مارك
انتشرت الوساطة، أي المحاباة للأقارب في التوظيف، كما كان وزير
الداخلية ياسين نور من أكبر المتهمين بهذا الأمر. مشارك ثاني: هذا النظام الذي سينشأ في الصومال سيدعم
خطوات معينة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتخفيف على.. وكان
الاتحاد السوفييتي يتحدث عن الحريات وعن دعم الفقراء في هذه المناطق
ولكن في الحقيقة لا، كانت السياسات أيضا متباينة في هذا الشأن. [تعليق صوتي] تواصِل الوثيقة الأميركية تحت عنوان تحذير مسبق عن
الانقلاب، كما كان واضحا في المقاطع السابقة العوامل التي هيأت الساحة
لانقلاب في الصومال منذ وقت طويل وفي استعادة الأحداث الماضية يتضح أن
بعض العناصر في الجيش خططت لانقلاب منذ شهور عدة وجاء الظرف الملائم،
اغتيال شير مارك فاستغله الجيش وقام بالانقلاب، إن خطط هذا الانقلاب
المزعوم تم الإبلاغ عنها بشكل متقطع منذ إبريل عام 1968 ولكنها كانت
دائما تفتقر إلى الإثبات ولم يتم متابعة الخبر ومسألة أن ينفذ الجيش
والشرطة الانقلاب لم تكن في الحسبان حتى بعد أن أُجبر أبشير قائد
الشرطة على الاستقالة، فقط قبل الانتخابات الصومالية في الربيع السابق
تم الإبلاغ عن أن معظم القادة في الجيش والشرطة لا يفضلون أن يرشَّح
إيغال إلى رئاسة الوزراء، في مايو من السنة نفسها حاول بعض القادة
والضباط في الجيش القيام بانقلاب لكنه فشل وبعد هذا الحادث تم وضع عدد
من الضباط تحت الإيقاف لمدة بسيطة، في يوليو قُتل أحد قادة الجيش بلغم
أرضي ونحن نعتقد أن هذا القائد كان يتدرب على فقرة لاغتيال الرئيس شير
مارك وقد تم على الفور مجهود لتحسين الأمن الرئاسي، في فقرة ختامية من
التقرير الأميركي نقرأ المزيد من الملاحظات الغريبة حول الانقلاب
الصومالي، كان هناك عدد من التقارير المتكررة حول أن عددا من الضباط في
الجيش الصومالي يرغبون في طرد القائد العام للجيش سياد، هذا يبدو
متناقضا مع حقيقة أن سياد كان يخدم كرئيس صوري للمجلس الأعلى للثورة
ويبدو مع ذلك من المحقق أن القوة الحقيقية في المجلس كانت في يد مَن هم
في رتبة رائد ومقدم مع وجود سياد كواجهة وعندما نضع كل هذه المعلومات
مع بعضها نجد أننا أمام قضية واضحة التوقعات لشيء ما سيحدث في الصومال،
من ناحية أخرى خضعت الصومال إلى انتقالات عدة سلمية لحكومات عدة وذلك
منذ الاستقلال في السياق الإفريقي وعلى ما يبدو تم بناء تقليد ديمقراطي
صلب وبدون معلومات قوية من قادة الانقلاب أنفسهم كان من الصعب أن نتنبأ
بالتوقيت والأحداث الفعلية للانقلاب. مشارك ثالث: أعتقد أن تطور الانقلاب وهذا يسري على جميع
الانقلابات في المنطقة تحكمت فيها في البداية الأوضاع الداخلية لتلك
البلدان وإذا عمِلت القوى الجديدة لاحقا في تلك البلدان على إيجاد
حلفاء لها فهذه مسألة أخرى وهي موجودة في كل أنحاء العالم، لم أهتم
بقوة بما حدث في الصومال، لكن لا أعتقد بأن التأثير الأجنبي هو العامل
الحاسم منذ البداية. [تعليق صوتي] لا يبدأ القلق الغربي في الظهور إلا تزامنا مع ظهور قوى
أخرى قد تزعجه، فمن الأرشيف البريطاني نجد وثيقة السادس من نوفمبر عام
1969 التي تتحدث عن زيارة مفاجئة للسفير الألماني الشرقي في عدن إلى
مقديشو ومكوثه مع زملائه الدبلوماسيين في المطار طوال ساعات خمس لعدم
حملهم تأشيرات دخول إلى البلد وقد قابلوا مدير عام وزارة الخارجية ثم
قابلهم الرئيس مدة خمس دقائق فقط وكان اللقاء يتسم بالبرودة معربا عن
سعادته بلقاؤهم على المستوى الشخصي وليس كممثلين لحكومتهم وقد تبع ذلك
تصريحا من مدير عام الخارجية لأحد السفراء الغربيين أنه لا نوايا للحكم
الجديد بالاعتراف بألمانيا الديمقراطية. مشارك ثالث: بالطبع لدى مجيء حكومة جديدة تُتاح دوما
فرصة البحث عن إقامة علاقات لاسيما وأن القيادة الجديدة تبحث هي الأخرى
عن حلفاء وأشير إلى أن تلك الزيارة الخاطفة لم تؤدِ إلى إقامة علاقات،
لأن ألمانيا الاتحادية نجحت في إفشال ذلك، لكن لا يمكن القول بأن
ألمانيا الديمقراطية كان لها منذ البداية أية علاقة بالانقلاب. مشارك سابع: رأينا أن الصومال الذي كان في وقت ما
مناصرا للاتحاد السوفييتي ثم انقلب عليه ونتذكر أن سياد بري الذي
اعتُبر حليفا مخلصا للاتحاد السوفييتي حتى أن السوفييت منحوه أعلى
الأوسمة في لحظة تاريخية ما غدا عدوا لدودا وقام بحرب كما نذكر ضد
إثيوبيا التي أصبحت في وقت ما أحد الأصدقاء المقربين للاتحاد
السوفييتي. [تعليق صوتي] هكذا تبين الوثائق الغربية نوعا من التجانس في وجهات
النظر على حقيقة واقعة تؤكد طابع الصراعات الداخلية التي غلبت على
المشهد السياسي في أوائل النصف الثاني من القرن العشرين في البلدان
العربية التي شهدت أبرز الانقلابات التي عرفتها المنطقة، إلى حلقة
جديدة من حلقات الأرشيف تكشف ملمحا آخر من ملامح التاريخ.
--------------------انتهت.
[محتويات]
[إهداء]
[تنويه]
[الصفحة الخلفية]
[تمهيد]
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م