|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
26-01-2007
- تشارلز تريب/ خبير في شؤون الشرق
الأوسط - كاظم حبيب/ مؤرخ عراقي مقيم في برلين - فريموت زايدل/ دبلوماسي سابق في عدة دول
عربية - بلفور بول/ دبلوماسي بريطاني سابق في
المنطقة - وآخرون - الانقلابات الخارجية ضد سوريا "مدّت الثورة المصرية
خطوتها إلى العالم العربي وكان إيمانها في فترة من الفترات يقوم على أن
نوع نظام الحكم داخل كل بلد عربي يشكل مركزا من مراكز
الدفاع" إحسان عبد القدوس [تعليق
صوتي] عصر التحرر والحرية
والأحلام الثورية الرومانسية يقال عنه الزمن الجميل زمن الأبيض وأسود
ولكن هل كانت الأحداث بدورها تقسّم هكذا بين الأبيض
والأسود؟ ملف الانقلابات
العربية [تعليق
صوتي] طوال عقدي الخمسينيات
والستينيات كانت التجربة الناصرية الواعدة وربما لا تزال حتى اليوم
حاضرة ومؤثرة في المحيط الإقليمي ولو حتى بقوة الفكرة الحلم التي تسري
في شرايين المنطقة بينما كانت العائلة الهاشمية بفرعيها في العراق
والأردن تحاصِر الشقيقة الوسطى بينهما بالنفوذ وأحلام الوحدة وأشياء
أخرى. اعتلى شكري القواتلي كرسي الرئاسة السورية عام 1943 إلى أن قام
حسني الزعيم بانقلابه الشهير عام 1949 الذي يعد الأول من نوعه في
العالم العربي إلا أن العام لم ينصرم حتى قام سامي الحناوي بانقلاب آخر
على الزعيم وسلّم السلطة إلى الرئيس هاشم العتاسي الذي أزاحه أديب
الشيشكلي عام 1951 وتوالت الانقلابات السورية متسارعة حتى ضربت رقماً
قياسا ولم يوقفها سوى الانقلاب الذي شهدته على يد الرئيس الراحل حافظ
الأسد والذي أُطلق عليه الحركة التصحيحية عام 1971. [تعليق
صوتي] كانت باريس تنظر بحرص
بالغ من نفوذ دول الجوار التي تقع تحت النفوذ البريطاني ولديها طمع
معلن بالاستيلاء على سوريا تحت شعارات مختلفة كإعادة العرش الهاشمي إلى
دمشق التي قادها نوري السعيد وعبد الإله في بغداد الواقع تحت نفوذ
بريطانيا حينها أو نداءات وحدة الصف القومي التي كانت تنادي بها
القاهرة وربما الرياض خلال النصف الأول من عقد الخمسينيات. تشارلز تريب - خبير في
شؤون الشرق الأوسط: أعتقد أن هناك عناصر قوية من الداخل ولكن أيضاً
هناك عناصر إقليمية فعندما نفكر في ظروف سوريا أو العراق أو مصر في
الخمسينات نجد أن بينهم تشابها كبيرا فهم يتعاطفون مع بعضهم يتابعون ما
يحدث في الدول الأخرى وأحيانا يتدخلون في الشؤون الداخلية لبعضهم
البعض. [تعليق
صوتي] يرسل السيد سير سفير
فرنسا في سوريا إلى سعادة وزير الشؤون الخارجية رسالة تحمل تاريخ
السابع والعشرين من أغسطس عام 1949 وتتحدث عن وقائع الرابع عشر منه
قائلاً رغم أن أبعاد مؤامرة الرابع عشر من أغسطس لم تتكشف بالكامل بعد
تلك المؤامرة التي ذاعت في عدد كبير من النسخ ضاعف منه الخيال الشرقي
الخصيب فإن بعض الوقائع قد تأكدت الآن بحيث تستحق الإشارة إليها. ويمضي
السفير في سرد تفاصيل الانقلاب الدموي الذي قاده سامي الحناوي ليصل إلى
الفقرة المعنونة رياح الخارج حيث يقول فوق كل هذه الأهواء والميول
الشخصية كانت تهب من دون شك رياح الدعاية الإنجليزية العراقية التي علم
بها الزعيم واليرزي قبل اغتيالهما ببضعة أيام والتي تنم عن مساهمة
أجنبية في المؤامرة، لم يخفِ العملاء الموالون للعراق وإنجلترا ميولهم
فساعدوا في هذا على تفتح شرٍ لم يكن يطلب سوى بعض السقيا، باختصار إذا
تكفل سخط بعض العسكريين على قائدهم الذي نسيهم بعد أن صعد إلى ذروة
السلطة وبعض الساسة الذين جرح كرامتهم التخلص منهم بعد أن ظنوا أن
بوسعهم الإفادة من النظام الجديد وبعض الرياح الأجنبية التي أذكت
الضغائن تكفلت بتنفيذ مؤامرة تركت الجيش مفرّقا وبلا قائد لكنه واع
بقوته العمياء التي تبث القلق في نفوس السلطة المدنية ولم تجلب للبلاد
سوى الريبة والتوجس. دينيس بوشار –
دبلوماسي سابق بإدارة الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية: في تلك
الفترة كنا حذرين كما كنا متحفظين أيضا من إنشاء حلف بغداد الذي كان
يجمع البلدان الموالية للولايات المتحدة ضد السيطرة السوفيتية، من وجهة
نظر فرنسا في تلك الفترة كان لا يزال لديها تواجداً قويا في
سوريا. [تعليق
صوتي] جاءت الأحداث لتزيل
المخاوف الفرنسية حيث قام الحناوي بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية كما
كان الحال قبل انقلاب الزعيم الذي تناثرت الشكوك حول أنه جاء بدعم من
فرنسا لتنفيذ بعض أهدافها وبدورها تكشف الأرشيفات الألمانية وجهاً آخر
من الدور الإقليمي للعراق في الجارة الغربية حيث سعى الهاشميون دوما
إلى مد سلطانهم إلى هناك وعمل نوري السعيد على بناء ما اتفق على تسميته
بمشروع الاتحاد العربي بين العراق والأردن ليشمل كذلك سوريا والكويت،
في الخامس والعشرين من آب/ أغسطس عام 1958 ترسل السفارة الألمانية في
بغداد إلى الخارجية رسالة موضوعها محاكمة استثنائية ضد الجنرال
داغستاني لتقول الجنرال داغستاني كان إبان انقلاب الرابع عشر من تموز
قائدا للفرقة العراقية الثالثة وكان قبلها لفترة نائبا لرئيس الأركان
ويتهم مع شخصيات قيادية في النظام السابق لاسيما مع ولي العهد عبد
الإله ورئيس الوزراء نوري السعيد بالتخطيط في عام 1956 و1957 لانقلاب
ضد سوريا، رئيس الأركان الأردني السابق الجنرال علي أبو نوار الذي وصل
إلى هنا قبل ثلاثة أيام كشف في الثالث والعشرين من آب خلال شهادة شاملة
عن اتهامات جديدة ضد داغستاني فبحسب تصريحات أبو نوار كان المخطط يشمل
إقحام الأردن في عملية سوريا، عبد الإله كان يتطلع إلى الاستيلاء على
العرش الأردني بعد تصفية ضباط أردنيين معارضين ورغم أن الجانب الدعائي
يظهر من حين إلى آخر خلال المحاكمة بقوة إلا أن السجل المبدئي للوقائع
بتدبير مؤامرة ضد سوريا يكتسب احتمالا قويا.
كاظم
حبيب – مؤرخ عراقي مقيم في برلين: مصر كانت تريد ونوري السعيد الذي كان
رئيساً لوزراء الاتحاد العربي الذي تشكل في عام 1958 كان يريد أن ينسف
الوحدة بين سوريا ومصر وكان يريد أن يجر له الكويت وحاول مع الكويت
كثيرا فلم ينجح وبالتالي اكتفى بهذا الاتحاد على أن يجد لغة مشتركة مع
الكويت فيما بعد وكذلك مع الدول العربية وبدأ يتآمر على وحدة مصر
وسوريا. [تعليق
صوتي] يستكمل الأرشيف
الألماني توثيق المحاولة الانقلابية المدعومة من العراق في رسالة سفارة
ألمانيا الاتحادية في بغداد في تاريخ الخامس من سبتمبر/ أيلول عام 1958
التي تكشف، خلال مداولات المحكمة ضد الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات
العسكري العراقي أحمد مرعي تمت قراءة فاتورة موقعة من قبل السيد بومنت
المستشار السابق لشؤون المشرق في السفارة البريطانية في بغداد،
الفاتورة تكشف أن السيد بومنت تلقى من المتهم أحمد مرعي مبلغاً مالياً
بقيمة عشرين ألف دينار عراقي حوِّلت عبر البريد البريطاني من بغداد إلى
بيروت ويبدو أن هذا المبلغ تم تسليمه في بيروت إلى الملحق العسكري
العراقي الذي سلمه بدوره إلى الرئيس شمعون وتؤكد تصريحات لخلف بومنت أن
الفاتورة حقيقية. كاظم حبيب: في ذاكرتي
أن مرعي كان يتحدث في المحكمة في حينها عن أن كل شهر كانت ترسل موارد
مالية إلى الملحق العسكري العراقي في بيروت من خلال جهاز الاستخبارات
العراقية والملحق العسكري كان يسلمها إلى اللبنانيين شهرياً ومرة واحدة
16 ألف دينار أُرسل من خلال الملحق العسكري في لبنان أيضاً في الحكومة
عدا هذا المبلغ الذي تحدث عنه بومنت ولذلك المساعدات المالية هي جزء من
التنسيق ما بين فرنسا وبريطانيا والعراق. فريموت زايدل –
دبلوماسي سابق في عدة دول عربية: أكيد كان الهدف وتأمين شمعون كحليف
قوي أو كي يخدم بعض المصالح وما شابه ذلك غير أنني أعتبر هذه القضية
كعلاقة تجارية لتحقيق أرباح على ارتباط [تعليق
صوتي] ما كانت تعقيدات
النفوذ الإقليمي تقتصر على تطلعات نوري السعيد والأسرة الهاشمية في
عَمّان وبغداد فحسب بل امتدت لتشمل القاهرة أيضاً وقد عُثر في هذا
الإطار على رسالة تشارلز لوسيت بتاريخ الحادي والثلاثين من يناير عام
1950 والتي تستند إلى حوار جرى مع جميل مردم بيك رئيس الوزراء السابق
في سوريا والتي يقول عنها في سياق لقاء له بالنحاس باشا اقتنع جميل بيك
مردم بأن الحكومة المصرية الجديدة لا تقل عداء عن سابقاتها لمشروع
الاندماج السوري العراقي إلا أن عاملاً جديداً قد ظهر فالنحاس باشا يرى
أن عودة شكري القواتلي إلى سوريا صارت ضرورية وقد بدأ يعمل على تأييدها
وقد وافق القواتلي بعد أن نبهه جميل مردم من حيث المبدأ إلا أنه ينتظر
من تطور الشعور العام في سوريا بأن يسمح بعودته من دون خطر
عليه. بول بالتا - متخصص في
شؤون الشرق الأوسط: صحيح أنه كان هناك تنافس بين الإنجليز وفرنسا،
فرنسا حاولت التمسك بتأثيرها في سوريا بسبب النفط وفي العراق أيضاً
لأنها حصلت في العراق على نسبة من النفط. [تعليق
صوتي] الأرشيف الفرنسي يمدنا
بوثيقة السفارة الفرنسية في القاهرة في الحادي والعشرين من فبراير عام
1950 من تشارلز لوسيت القائم بالأعمال إلى صاحب السعادة السيد روبير
شومان وزير الشؤون الخارجية باريس، تقول الرسالة حول لقاء السفير مع
مبعوث الملك فاروق إلى سوريا يرى الدبلوماسي المصري أن إعلانات عدم
التدخل في الشؤون السورية التي يُسرف في تقديمها رئيس الوزراء ووزير
الخارجية المصريان لا يمكن أن تتفق تماماً مع الحقيقة فالامتناع عن
التحرّك الفوري قد يؤدي إلى اضطرابات لا تنقطع في سوريا وسقوطها قبل
نهاية العام في أحابيل العراق. الانقلاب
الجزائري والخروج من عباءة ناصر [تعليق
صوتي] لم يختلف الحال في
سوريا الشرق عن الجزائر في أقصى الغرب حيث كانت الروح القومية في أوجها
وبعد أن أهدى عبد الناصر فرقتين حربيتين إلى الجزائر تعكس الرسالة
الفرنسية الواردة من العاصمة الجزائر في السابع من نوفمبر/ تشرين
الثاني عام 1962 قلق الفرنسيين من تلك العلاقات حيث تقول الوثيقة كان
الرئيس بن بله آخر المتحدثين فأثنى على مصر والرئيس ناصر قائلاً وصل
إلى مصر عام 1953 ثلاثة من الإخوة هم حسين آيت أحمد ومحمد خضر ويزيد
مسعود الاسم الحركي لبن بله وليس في جيوبهم أكثر من ألفي فرنك لإطلاق
الثورة، كان النجاح فيها بتلك الوسائل الضئيلة معجزة لكن المعجزة تحققت
بفضل بلد واحد ورجل واحد هذا البلد هو مصر وهذا الرجل هو جمال عبد
الناصر ثم هتف بن بله بقوة يقال الآن إنني ناصر آخر فليعلم مَن يقول
إنني سعيد بهذا. بول بالتا: ناصر سيظهر
في عام 1953 ويفرض سيطرته عندها سيدب الخوف في قلب فرنسا حيث بدأت
تستنتج أن ناصر لديه نفوذ وهو يلقى تجاوباً في العالم العربي كما يمكن
أن نرى ذلك لاحقاً ويمكنه بذلك مساعدة جبهة التحرير الوطنية الجزائرية،
بداية نوفمبر عام 1954 بدأت حرب التحرير الجزائرية وأنه بإمكانه
مساعدتها وهذا يمكن أن يسبب لها بعض المشاكل. [تعليق
صوتي] في التاسع عشر من
يونيو عام 1965 تزعّم هواري بومدين قائد جيش التحرير الجزائري انقلاباً
عسكرياً أطاح بالرئيس بن بله صديق عبد الناصر وكانت الدبلوماسية
الأميركية ترصد الوضع الإقليمي بدقة عبر برقية من السفارة في القاهرة
إلى وزارة الخارجية في واشنطن بتاريخ الثالث والعشرين من يونيو عام
1965 التي تقول، الصفحة الأولى في جريدة الأهرام العدد الرئيسي فيها
مقال طويل كتبه حسنين هيكل رئيس تحرير جريدة الأهرام حول زيارته
الأخيرة إلى الجزائر بصحبة المشير عامر ويؤكد هيكل إن القاهرة كانت
تدرك منذ زمن المشكلة بين قوات الثورة الجزائرية والحكومة الجزائرية
ولذلك لم يكن الانقلاب مفاجأة سوى في التوقيت حيث إن القاهرة لم تكن
تتصور أن يتم الانقلاب قبل المؤتمر الأفروآسيوي، كشف هيكل أن بوتفليقة
سلم السفير مرتجى سفير الجمهورية العربية المتحدة رسالة ليسلمها إلى
ناصر رئيس الجمهورية المتحدة من مجلس الثورة الجزائرية بعد الانقلاب
وفيها ملاحظة أن مجلس الثورة واثق من أن ناصر سوف يميز بين علاقته
الشخصية ببن بله وبين علاقة الجزائر والجمهورية العربية
المتحدة.
مكسيم
شفشنكو - رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بموسكو: طبعاً مصر حاولت
تأسيس دولة قومية ممتدة من النيل إلى الفرات وربما أيضاً إلى ليبيا
وإلى أراضي البربر، جمال عبد الناصر قدّم نفسه زعيماً لهذه الدولة
وللأمة العربية لعله بالفعل تدخل في شؤون دول أخرى ولا أعرف إن كانت
لديه المقدرة الكافية لكنني أعتقد أن تدخله كان عبر إرسال العناصر
الاستخباراتية والأموال والأسلحة. بول بالتا: بن بله كان
خطيب جيد لكنه لم ينفذ شيء على الصعيد الداخلي وعلى الصعيد الخارجي
يلقي خطاب جيد لكن لا يمكن القول إنه حقق شيء على أرض الواقع وبومدين
الذي أطاح به في يونيو عام 1965 سوف يحقق لجزائر ما لم يحققه أحد
فالجزائر التي كانت معزولة بسبب الاستعمار الفرنسي ستقيم علاقات مع
العالم وتوسع تجارتها وتلعب دور على صعيد السياسة الدولية. [تعليق
صوتي]
تواصل الدبلوماسية
الأميركية تعقب الدور المصري الإقليمي عبر تأثيرات انقلاب بومدين حيث
ترد برقية إلى وزارة الخارجية من الجزائر بتاريخ الثامن والعشرين من
يونيو عام 1965 لتقول؛ أبلغني جلول السفير الجزائري في واشنطن بحضور
شخصيات جزائرية ذوي مراكز تمكنهم من معرفة معلومات أنه بعد الجهود
الجزائرية الأولى لإقناع عامر بشكل مهذب أن التعامل مع عزل بن بله
ومستقبله هو شأن جزائري، أصبح بومدين شديد الغضب وأخبر عامر أنه عليه
أن يفهم أن الجزائر ليست منطقة نفوذ للجمهورية العربية المتحدة ووفقاً
لجلول أضاف بومدين أن الجزائر ليست مثل اليمن أو سوريا أو العراق ويجب
أن تعود لتخبره ذلك ويقصد ناصر. [تعليق
صوتي] في السادس والعشرين من
سبتمبر/ أيلول عام 1962 أُعلنت الجمهورية في اليمن ضد الحكم الملكي
وكانت مصر أول دولة اعترفت بها وبعد ذلك بيومين وصلت أول طائرة عسكرية
مصرية إلى اليمن توالت بعدها الإمدادات العسكرية بالتدفق على اليمن حتى
بلغ عدد القوات المصرية هناك سبعين ألف جندي متورطين في حرب بين
الجمهوريين وأتباع الإمامة ممَن تدعمهم العربية السعودية واستمرت الحرب
في اليمن خمس سنوات خسرت مصر خلالها اثني عشر ألف عسكري، من الأرشيف
الأميركي استخرجنا العديد من الوثائق التي تعكس بدايات الحرب اليمنية
ففي برقية تحمل تاريخ السابع والعشرين من أيلول / سبتمبر تذكر محادثة
جرت بين أنور السادات الذي كان آنذاك مستشار للرئيس المصري جمال عبد
الناصر والسفير الأميركي في القاهرة حيث يذكر السادات بما يعكس العلاقة
بالانقلابيين أن عدد من القادة المحتملين للنظام اليمني الجديد قد
كانوا في مصر فحثهم على الاتصال بالسفير ليخبروه عن خططهم ووجهات نظرهم
ثم أكد السادات متحدث بلسانهم أن النظام الجديد في اليمن ليس له علاقة
بالشيوعية وسيكون نظام صديق للغرب وأكد عن أمنيته أن يساعد الغرب اليمن
عند الحاجة في حالة حدوث أي تطورات غير مستحبة وفي تعليق ختامي يوسّع
من مخاطر التأثيرات الإقليمية تذكر البرقية؛ أكد تقرير رويترز افتراضات
موضوعية من خلال فحوى تعليقات السادات أن الجمهورية العربية على علاقة
وثيقة مع قادة الانقلاب وربما يكونون مسؤولين عن هذا الانقلاب وأشار
إلى سعود ومخاوفه من أن تنصاع الولايات المتحدة لضغوط سعود، كل هذا
يطرح تساؤل هل هناك احتمالية حدوث انقلاب مماثل في السعودية من قبل
الجمهورية العربية المتحدة؟ طلب السادات أن يتم إرسال وجهة نظره حول
إعادة الموقف تجاه اليمن إلى وزارة الخارجية. بلفور بول – دبلوماسي
بريطاني سابق في المنطقة: أنا لا أعتقد أن الأميركيين كان لديهم أية
مصالح خاصة في اليمن وفكرة أنهم على استعداد لترك البريطانيين يديرون
المصالح الغربية في منطقة معينة كانت فكرة حكيمة. تشارلز تريب: لم يكن
الأميركيين متداخلين مع اليمن فلم تكن موقع استراتيجي أو منطقة بترول،
لم تمثل تهديد للسعودية فقد كانت بشكل ما مملكة غير معروفة والجزء
الآخر منها يسيطر على الحكم فيه سلالة قبيلة حميد الدين وهم لم يكونوا
حلفاء طبيعيين للأميركيين فعندما نظروا إلى الانقلاب الذي حدث على
الإمام في اليمن لم ينظروا إليه على أنه تهديد استراتيجي. [تعليق
صوتي] ويمدنا الأرشيف
الأميركي بتطورات الأحداث الإقليمية ففي وثيقة من وزارة الخارجية في
لندن إلى وزير الخارجية تقول اتصل بنا ويل ميسلي رئيس العلاقات
الخارجية في القسم العربي في وزارة الخارجية البريطانية ليطلعنا على
مكالمة السيد شامي أحد وزراء اليمن له منذ دقائق الذي قال إنه صباح
اليوم تحدث تليفونيا مع الأمير حسن ابن شقيق الإمام البدر في نيويورك
الذي أعلمه يبدو أن جلالته سيقوم بالفعل بالذي اقترحه فقد قال له حسن
إنه يخطط للتواصل مع حكومة الولايات المتحدة والسفير الخيال للحصول على
دعمهم ومباشرة تصريح حكومة المملكة العربية السعودية للذهاب إلى هناك
على الفور حيث قد تعلو الأحداث لإعادة تسوية الموقف في اليمن. وهكذا
مضت حرب النفوذ الإقليمي بما لها من تأثيرات حتى وقوع نكسة عام 1967 ثم
عودة القوات المصرية من اليمن بعد ذلك. مكسيم شفشنكو: إن كان
لدى هؤلاء الجنرالات والعقداء والمقدمون والضباط الذين جاؤوا إلى
السلطة نزعة فقد كانت نزعة أن يرى كل منهم نفسه نابليون لكنهم لم
يكونوا كذلك، لم يكن أحد منهم ولا يمكن أن يكون نابليون ولهذا فإن
مواقفهم وأفعالهم اكتسبت طابع ردة الفعل المباشرة في حين كانت أفعال
القوى العظمى الموجودة في المنطقة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا
العظمى أولاً تحمل سياسات ذات طابع استراتيجي، سياسات استراتيجية بما
في ذلك ضد بعضها البعض.
ضافي الجمعاني - مؤرخ
معاصر للشؤون العربية والأردنية: إن الواقع الحقيقي هو جرّ مصر إلى
مستنقع اليمن ويعني خلق تناقض رئيسي في الواقع العربي بين السعودية
ومَن يلوذ بها من العرب وبين مصر ومَن يلوذ بها من العرب أيضاً والهدف
الأساس هو جرّ مصر لحرب اليمن واستنزافها تمهيدا لحرب عام 1967. [فاصل
إعلاني] [تعليق
صوتي] تكونت إمارة شرق
الأردن عام 1921 بقيادة الأمير عبد الله بن الحسين بن علي وكان الأردن
قبل ذلك جزء من ولاية الشام التابعة للدولة العثمانية منذ عام 1516 وفي
أثناء الحرب العالمية الأولى قامت الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف
حسين بن علي شريف مكة في ظل الدولة العثمانية وكانت بريطانيا تدعم هذه
الثورة سعياً منها لإضعاف الدولة العثمانية في المنطقة ذلك أنها رتبت
بالاتفاق مع فرنسا للاحتلال البلدان العربية التابعة للدولة العثمانية
وهو ما توِّج بعد ذلك باتفاقية سايكسبيكو عام 1916 ووُضعت الأردن تحت
الانتداب البريطاني ونشأت في ظل هذا الانتداب إمارة شرق الأردن التي
كانت تتمتع بوضع أشبه بالحكم الذاتي، أعلنت المملكة الهاشمية لشرق
الأردن عام 1946 وملكها عبد الله بن الحسين وفي وعام 1949 سميت
بالمملكة الأردنية الهاشمية بعد إعلان وحدة ضفتي نهر الأردن وهما شرق
الأردن والضفة الغربية وهي الجزء الذي تبقى من فلسطين التاريخية بعد
حرب 1948 وقيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين، عام 1951 وبعد اغتيال
الملك عبد الله أثناء دخوله المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة اعتلى
العاهل الأردني الراحل طلال بن عبد الله العرش لفترة وجيزة انتهت عام
1952 حين أعفي من منصبه بناءً على تقرير طبي يرى عدم قدرته على تولي
الحكم ليتوج ابنه الملك حسين بن طلال على العرش من بعده ويظل ملك
للأردن لأكثر من 47 عام، هذا ما نقرؤه في العادة عن هذه الحقبة من
التاريخ الأردني المعاصر عبر الأدبيات السياسية والتاريخية المنشورة
باللغات مختلفة في الدول العربية والعالم وهي حقبة توحي بكونها خالية
من الانقلابات إلا أن وثائق ومعلومات جديدة أخذت تظهر حديثا وتتقاطع
فيما بينها لتكشف ربما عن وقائع مغايرة لكل ما اعتدنا قراءته حول تاريخ
هذا البلد. تشارلز تريب: لا أعتقد
أنه كانت هناك خيارات كثيرة سوى حسين عندما اكتشف أن طلال لا يستطيع
الاستمرار البريطانيون كانوا مهتمون بأن يُعلن أن طلال غير مناسب للحكم
وما كانوا يخشونه هو استغلال البعض لطلال كواجهة ليحكموا البلاد من
ورائه. [تعليق
صوتي] السيدة ماري ويلسون في
كتابه الصادر عن جامعة كامبردج بعنوان الملك عبد الله وبريطانيا صنع
الأردن تقدم رؤية مختلفة للتاريخ الأردني وهي تعتمد في جزء من كتابها
على بعض وثائق وزارة الخارجية الإنجليزية التي أُفرج عنها حديثا بعد
مرور خمسين عام عليها، تقول السيدة ويلسون عن جذور هذه الوقائع إن
الملك عبد الله كان على تنافر دائم مع ابنه الأمير طلال لما عُرف به
مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية من تعدد في العشيقات وتبذّل وتنكره
لابنة عمه ناصر شريفة مصباح أم طلال وإساءة معاملتها كما تشير الكاتبة
إلى عشيقة محددة اسمها ناهدة أسماها الأردنيون العبدة بسبب لونها وكانت
ابنة إحدى الجواري اللواتي خدمنا في قصر شريف حسين في الحجاز وبعد هروب
الهاشميين من الحجاز جاءت الأم إلى الأردن حيث تم إعطاء ناهدة لابنة
عبد الله مقبولة حتى تلعب معها ثم تحولت العبدة إلى عشيقة لعبد الله
وفي وثيقة وزارة الخارجية الإنجليزية المحفوظة تحت بند سري جدا تحت رقم
52355 كتب المقيم الإنجليزي في الأردن يصف عبد الله قائلا تشكل لدي
انطباع خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية بأن عبد الله ليس في نظر
الجميع إلا دمية بيد السياسة البريطانية ونكتة تكاد تكون سمجة حتى في
الحجاز حين خدمت هنا مع أبيه لم يبدو الأمير عبد الله متمتعا باحترام
احد لم أسمع أحدا يذكر اسمه في كل من مصر والعربية السعودية بل وحتى في
العراق إلا بشيء من الازدراء ولكن الآراء تتباين وتتعدد حول الحكم
الهاشمي. مكسيم شفشنكو: الأمر
ينحصر في أن السعوديين بالمقارنة مع الهاشميين لا يعتبرون عائلة حاكمة
معترفا بها تقليديا فيما الهاشميون عائلة حاكمة قديمة في الشرق الأوسط
وفي منطقة الجزيرة العربية والهاشميون يظلون جزءاً مما يمكن تسميته
بمركز بريطاني دولي على رأسه يقف نظام بريطاني قوي. [تعليق
صوتي] هنا قصر الرحاب في
بغداد حيث قُتل الملك فيصل الثاني وحيث عاشت والدته الملكة عالية ابنة
عم طلال التي تتحدث السيدة ويلسون عن قصته معها قائلة كان طلال يحب
ابنة عمه الأمير علي حيدر لكن أمه فسخت خطبته منها وزوجته بابنة أخيها
التي عُرفت باسم الملكة زين. بلفور بول: كانت سيدة
مثيرة للاهتمام وأنا أتذكر أنني استطعت في النهاية أن ألتقي بها
بروتوكوليا عندما تزوجت جيني لكن قبل ذلك كنت أعزب ولم أكن أستطع
مقابلتها لكن بمجرد زواجي كنت آخذ زوجتي جيني وأذهب للقائها وكانت
شخصية مسلية جدا وخفيفة الروح. [تعليق
صوتي] بالنظر إلى الوثائق
البريطانية نجد العديد من الإشارات حول سعي رئيس الوزراء الأردني
والملكة زين بالاشتراك مع بريطانيا لضمان تعاون فرنسا وسويسرا في تقييد
حركة الملك مساهمة في عزله منها وثيقة جاءت في الثاني من يونيو عام
1952 من عَمّان تقول الملكة زين وثلاثة من أبنائها الصغار محتمل أن
يسافروا إلى جنيف اليوم أو غدا في طريقها إلى لوزان وهي لا ترغب في أن
يعرف أحد بذلك خوفا من طلال المستمر في عنفه أن يلاحقها، نحن نأخذ بعين
الاعتبار طلب رئيس الوزراء الأردني أننا وبشكل غير رسمي طالبنا السلطات
السويسرية أن تؤخر منح الفيزا لطلال في حال اكتشاف أن الملكة في سويسرا
وفي هذه الأثناء يأمل رئيس الوزراء أن تكون الحكومة الفرنسية قد اقتنعت
بإجبار طلال على العلاج في باريس رغم أن ذلك يبدو بعيد الاحتمال حتى
الآن يأمل رئيس الوزراء أنه إذا تتبع طلال الملكة أن تتم حمايتها من
الملك عن طريق إيداعها في مستوصف. ضافي الجمعاني: من
الطبيعي حينما يفرغ عرش ويكون ولي العهد مريضا يستشفي في إحدى
المستشفيات والخليفة دستوريا صغيرا بالسن ويتولى عمه أكبر العائلة
الوصاية على العرش فمن الطبيعي أن يحدث في مراكز القوى حديث حول
الشخصية التي يجب أن تتولى العرش وكان بعض الضباط ومنهم قائد الحرس
الملكي ونوري السعيد وعبد الإله يحبذون تولية الأمير نايف ملكا على
العرش. [تعليق
صوتي] تقول السيدة ويلسون في
كتابها إن المقيم البريطاني في الأردن بعث برسائل سرية عديدة إلى
حكومته يحذرها من طلال لأنه ذكي وواسع الإطلاع ويكره الإنجليز ويتقرب
من الضباط الأردنيين من ذوي الميول الوطنية لهذا يثور السؤال هل كان
الملك طلال غائب عن الوعي بالفعل وفقاً لحالته المرضية كما يقال؟ لا
ندري ولكننا فقط نعرض للوثيقة الواردة من عَمّان إلى وزارة الخارجية
البريطانية بتاريخ الخامس من أغسطس عام 1952 والتي يقول فيها السفير
طلب مني رئيس الوزراء الأردني أن أتصل به صباح هذا اليوم ليطلعني على
آخر لمستجدات بالنسبة إلى موقف طلال الذي تغير كلياً مرة ثانية صرح أنه
بعد محادثاته مع طلال في الأسبوع الماضي اتفق معه على أن يرسل إليه
خطاباً يلخص فيه ما دار بينهما خصوصاً فيما يخص عملية التنازل عن العرش
ولقد فعل ذلك لكن في الثاني من أغسطس تلقى رئيس الوزراء خطاباً طويلاً
منه مملوء باللوم اللاذع وبشكل عام أحس من الخطاب أن طلال لا ينوي
التنازل عن العرش فيما بعد علم رئيس الوزراء أن طلال أرسل خطابات إلى
اثنين أو ثلاثة أفراد خصوصيين وأعطاهم الانطباع أن الحكومة الأردنية
تظهره على أنه مجنون بينما هو سليم عقلياً وأنه طلب منهم المساعدة في
خلق المشكلات ضد الحكومة كما أرسل في طلب ضابط من الجيش العربي وطلب
منه المساعدة بوحدته العسكرية في القيام بهذه الاضطرابات والمشاكل ضد
الحكومة لكنه لم يستجب له وقدم تقريراً بما حدث على الفور وأصبح واضحاً
لرئيس الوزراء أنه الآن فقد كل تأثيره على الملك طلال وأن تصرفاته
أصبحت تهدد الأمن العام. بلفور بول: أنا أحب أن
أعتقد أننا قد ساعدنا وأنا أعني أننا كنا نعلم أن طلال لم يكن يصلح وأن
حسين كان القادم والأصلح لذلك قمنا بدفع مصالحه بقدر المستطاع وأنا
أعتقد أن ما فعلناه قد نجح. ضافي الجمعاني: أنا
حقيقة لا أعرف إن كان للملك طلال توجهات سياسية ولكنني أعرف أنه كان
صديقاً للملك غازي ابن عمه يرحمهم الله وأيضاً أعرف أن الملك طلال كان
مريضاً عقلياً لأني عايشته سياسياَ وكنت وبعض الضباط في الجيش نريد أن
نعمل لصالحه متأثرين بالدعايات بأن الإنجليز يخلعونه لمخالفتهم معهم
سياسياً وحينها تأكدنا تأكدت أنا شخصياً وآخرين من رفاقي الضباط أن
الملك طلال بالفعل كان مريض عقلياً. [تعليق
صوتي] بينما تورد السيدة
ويلسون في كتاباها أن السيد زغيل الذي تولى مهمة الإشراف على تربية
طلال خلال وجودة في بريطانيا وقبل التحاقه بكلية ساند هيرست العسكرية
وصف طلال بأنه شاب ذو مزاج هادئ وقنوع وشخص لطيف لطفاً استثنائياً وهنا
تُلقي الوثيقة البريطاني الضوء على بعض الترتيبات الإقليمية المصاحبة
لعزل الملك طلال حيث تواصل سريعاً لخض رئيس الوزراء الرد الذي تلقاه من
الملك سعود وكانت النقاط الأساسية فيه لقد تعاطف ابن سعود معنا وقال إن
على الحكومة الأردنية القيام بفعل قوي فيما يخص طلال وإذا جاء طلال إلى
الحجاز لن يكون من الممكن منعه من العودة إلى الأردن مع ذلك إذا جاء
طواعية سوف يكون ابن سعود مستعداً للقيام بالتجهيزات اللازمة ولقد أعطى
نصيحته الشخصية لرئيس الوزراء وهي أن يتأكد من الجيش أن يتعاون مع
حكومة جلالتها كما كان ابن سعود يفعل دائماً ومع ذلك يبدو أن رئيس
الوزراء يعتقد الآن أن طلال يجب أن لا يذهب إلى الحجاز حيث لن يتوفر
العلاج المناسب له هناك وبدلاً من الحجاز بدأ يتحدث عن لبنان أو مصر،
رئيس الوزراء الذي يبدو أنه متلهف لتبرئة ساحته لم يطلب النصيحة ولكنه
مع ذلك يرغب في أن تكون حكومة جلالتها على علم بما سيحدث ولقد اقترح أن
يبلغ ابن سعود وأن يتقابل مع شيشكلي بغرض أن يتحاشى النقد العدائي
للصحف السورية. دينيس بوشار: لا يخفى
على أحد أن تاريخ العلاقات بين السعودية والهاشميين كان سيئا لأن ابن
سعود طرد الشريف الحسين حارس الأماكن المقدسة من مكة في العشرينات إذاً
مهْد الهاشميين كان في السعودية ومنذ ذلك الحين أصبحت العلاقات صعبة
بينهما وصار علاقات السعودية مع الهاشميين حذرة. [تعليق
صوتي] تسارعت الخطى للتخلص
من هذا الوضع الملكي المقلق ففي الأول من يونيو عام 1952 تلقت وزارة
الخارجية رسالة من عَمّان تنقل أن مجلس الوزراء الأردني وافق اليوم على
التالي سير الحدث المقترح من رئيس الوزراء من أجل التعامل مع المشكلة
التي تسبب بها رفض طلال الخضوع للعلاج الطبي والزيادة الخطرة لحالته
العقلية، الموافقة على جلسة سرية للمجلس ومجلس الشيوخ لا تصويت فيها
ستعقد في الثالث من يونيو حيث سيطلعهم رئيس الوزراء على أحدث التطورات
والتقارير الطبية لطلال أثناء العام الماضي وفيها سيقرر مجلس الوزراء
أنه نظراً لحالة الملك الصحية أن تظل السلطة منوطة تقنيا في يد مجلس
الدولة حتى لو عاد طلال في نهاية الأمر إلى عَمّان وهذا سيتضمن تغير في
الأسس التي سنها المجلس في مواد الدستور والتي فيها علاقة بغياب الملك
عن البلاد إلى مادة لها علاقة بالحالات التي يكون فيها عاجزاً بسبب
مرضه، سوف يوجه رئيس الوزراء خطابا إلى الملك يبلغه فيه أنه أي الملك
لا يستطيع استعادة سلطاته حتى لو عاد إلى الأردن إلا إذا وبعد أن يقنع
المجلس بشفائه وسوف يحثونه على عدم البقاء في باريس وإبلاغه أن مخصصاته
الشهرية سوف تدفع له أينما وجد وإذا عاد إلى عَمّان سوف يظل في قصره
تحت الإشراف الطبي وبعد ذلك سيعقد مؤتمرا صحفيا يطلعهم فيه على حقيقة
مرض الملك وعلى القرارات التي تم اتخاذها يمكن أن تبلغ جرائد الشرق
الأوسط الأخرى. بلفور بول: طلال لم
يكن جيدا في أي شيء إلا في لعبة الشطرنج وقد أتيحت لي الفرصة ولعبت معه
مرة واستطاع التغلب عليّ وأنا أتذكر أنني عندما لعبت معه كان لدي شعور
بأن أكون حريصا على ألا أكسبه لكنني في الحقيقة لم أتمكن من الانتصار
عليه فقد كان بارعا جدا في لعبة الشطرنج لكنه لم يكن يجيد أي شيء
آخر. [تعليق
صوتي] تشير السيدة ماري
ويلسون في كتابها إلى أن القصور العقلي وفقا لتقارير المقيم الإنجليزي
في الأردن كان من نصيب الابن الثاني للملك عبد الله الأمير نايف الذي
أدخل الكلية العربية في القدس تحت إشراف مدير الكلية أحمد الخالدي الذي
أعلن أن نايف غير قابل للتعليم وباتت وزارة المستعمرات مقتنعة بأنه كان
متخلفا ومع ذلك يلاحظ المراقبون أن زوبعة كانت قد أثيرت من قبل رئيس
الوزراء الأردني آنذاك توفيق أبو الهدى حول طمع الأمير نايف بعرش أخيه
الذي اضطر إلى الخروج عن صمته وفق وثيقة بريطانية بتاريخ العاشر من
حزيران/ يونيو عام 1952 الواردة من بيروت إلى وزارة الخارجية قائلة
جريدة التيار نقلا عن الأمير نايف والذي تحدث إلى صحفي من هذه الجريدة
بما يلي إنه لم يرغب في العرش الأردني وإنه يكن الحب والاحترام تجاه
أخيه، توفيق أبو الهدى كان يحاول أن يخلق شعور غير ودي بينه وبين أخيه
وأنه سيغادر قريبا للقاء أخيه في لوزان. ضافي الجمعاني:
العراقيين كانوا مع الأمير نايف لتولي الملك فالأمر الطبيعي أن يكون
السعوديون والمصريون مع الأمير الحسين لتولي الملك مع تثبيت ولاية
العهد دستوريا. [تعليق
صوتي] الكثير من الترتيبات
والخطط الإقليمية كانت جارية حينها على قدم وساق من حول الملك هذا ما
تثبته وثائق عدة من أبرزها البرقية الصادرة في الخامس من يونيو/ حزيران
عام 1952 من جنيف إلى رئيس الوزراء والمصدر بعبارة هذا التيليغراف على
وجه الخصوص سري جدا ويجب أن تحتفظ بها السلطات وألا ترسل أي نسخ منه
والتي تقول طلبت ملكة الأردن أن يتم إرسال الخطاب الشخصي التالي إلى
رئيس الوزراء بدءاً بالتالي أنا متلهفة لكي أعلم على وجه السرعة نتائج
اللقاء الخاص مع الوصي على العرش في العراق حيث أن خطواتي المستقبلية
سوف تعتمد بشكل كبير على هذه النتائج نهاية الرسالة، في اليوم التالي
جاءت تطمينات رئيس الوزراء الأردني لجلالة الملكة زين حول زيارة عبد
الإله إلى عَمّان الوصي على عرش العراق أثناء إقامته في عَمّان حاول أن
يقنع الحكومة بتعيين الأمير زيد في مجلس الدولة لكن الحكومة لم توافق،
يعتقد رئيس الوزراء أن هدف الوصي على عرش العراق مرة ثانية قائم على
فكرة دمج الدولتين الملكيتين وفيما يتعلق بعودتك هذا يعتمد على تحسن
صحتك سنرحب بعودتك في أي وقت ترغبين فيه العودة، تلقى رئيس الوزراء
ليلة أمس خطاب من جلالة الملك ليبلغ أنه عائد إلى عَمّان قريبا وأنه
على استعداد لأن يرحل في أي وقت وأن يستمر مجلس الدولة على الرغم من
وجوده في عَمّان وبعد عودة الملك ستتم الترتيبات اللازمة ليكمل علاجه
والذي رفض أن يكمله خارج البلاد. بلفور بول: لم يسترع
انتباهي كمضطرب عقليا لكنه كان فقط عديم التأثير هذه هي الكلمة
المناسبة. ضافي الجمعاني: كانت
الملكة زين امرأة قوية ذات إرادة وكان يهمها جدا أن يتولى المُلْك بعد
جده ابنها الأمير الحسين. [تعليق صوتي]
القوانين ينبغي أن
تسود على الدوام لذا فرسالة السفارة البريطانية في عَمّان بتاريخ
الحادي عشر من أغسطس/ آب عام 1952 إلى الخارجية البريطانية ترسم اللوحة
الختامية لتلك الأحداث حيث جاء فيها عند لقاء نواب مجلسي البرلمان
الأردني في الساعة الثامنة صباحا بتوقيت غرينتش قدم رئيس الوزراء
الأردني تقريرا كاملا عن حالة طلال مدعوما بتقرير الأطباء المصريين عن
حالته وعلى الفور تم تشكيل لجنة مكونة من ثلاثة أعضاء من مجلس الشيوخ
وستة نواب لدراسة التقارير الطبية كما تم استدعاء ثلاثة أطباء لتقديم
دليل على صحة التقارير، في الساعة الواحدة مساء أعلنت اللجنة عن
قناعتها التامة بالتقرير وفي الساعة الواحدة والنصف مساء تم التصويت
بالإجماع على العزل ثم تم رفع المجلس، وافق مجلس الدولة على القرار
بشكل رسمي ونصبوا حسين ملكا ثم تم حل المجلس وإعادة تكوينه كمجلس
الوصايا على العرش وليس قابلا للتغيير، إلى حلقة قادمة من حلقات
الأرشيف. --------------------انتهت.
[محتويات]
[إهداء]
[تنويه]
[الصفحة الخلفية]
[تمهيد]
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م