اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 العمق المختبئ
 

الغوص في المحيط

 

إذا ما تعلمنا شيئا من محاولاتنا في اختراق أعماق المحيطات فهو أن الخصم أهل بالهيبة والاحترام.

فالأجواء في قاع البحار البعيد باردة ومظلمة ومعادية. إنه مكان سائل خالي من الهواء يذكرنا دائما بقدراتنا الفيزيائية المحدودة.

يمكن للغوص عميقا أن يقتلك، فنحن بني البشر، لسنا مجهزين لأن نتعرض لضغط المياه العميقة. فأجسادنا لا تحتمل ذلك. لهذا نقوم بتحضير بعض التجهيزات التي تساعدنا في الحصول على فكرة عما يجري هناك، ولكنا لسنا مجهزين للغوص في تلك الأعماق في المحيط.

مستكشفي المحيط، وصيادي المياه العميقة يستخدمون هذا الميناء الجنوب أسترالي كنقطة انطلاق في رحلاتهم. سفينة استكشاف المحيط كويست،ترسو هنا أيضا، وعلى متنها فريق المستكشفين والعلماء، وهي مستعدة للانطلاق في رحلتها الخاصة التي ستمتد على طول الشواطئ الشرقية من أستراليا.

الوجهة الأولى لكويست ستكون إلى تاسمانيا الجنوب شرقية، المعروفة بعمق مياه المحيط فيها والغنية بالأسماك، ومناخها القاسي. تغلبت هذه الشواطئ الرائعة على البحارة فقلبت سفنهم وأودت بأرواح الكثيرين منذ  بداية الاستعمار في استراليا، قبل ما يزيد عن مائتي عام.

من هنا سيبدأ قادة بعثة كويست، اندريو وليز وايت، أبحاثهما في أعماق المحيط.

الغوص عميقا في مياه المحيط تفسح المجال أوتوماتيكيا أمام الحياة الوحشية. فعلينا الذهاب إلى أماكن غريبة ونسافر عبر مسافات بعيدة  على أرض هذا الكوكب للعثور على الحياة الحرة. إلا أننا نستطيع الغوص في أي مكان من المحيط للعثور على حيوانات، ونباتات. إنها الوحشية بعينها، والغوص عميقا، يعج بالتشويق لأنه يسمح برؤية أشياء قلما يراه البشر.

السمكة الأفعى، وسمكة الفأس، وسمكة الأنياب. هذه بعض من الكائنات التي تسكن في الأعماق المظلمة من العالم.

تصل أشعة الشمس  إلى عمق ثلاث مائة قدم داخل المحيط، لكن السواد الأعظم من العمق يبدأ من تلك المنطقة. والأسماك في هذه الأعماق، تنتج الإنارة عضويا.  الأسماك الاستوائية، تستخدم الألوان لإخافة أعدائها وجذب الزوج إليها.

هذا ليس بحيوان يعتاد طاقم كويست على رؤيته. فموطنه العادي على عمق ألف قدم.

هذا النوع من الرخويات هو افضل ما تم العثور عليه حتى الآن.

وقد وجد في شبكة صيد الترولة.

يبلغ طوله خمسة أقدام، أما طول أطرافه فيقارب خمس وعشرون قدما.

يمكن لبؤرة عينه أن تتسع لكرة السلة. لن تحتاج هوليود لاختراع وحش من نسج الخيال، فهو موجود فعلا.

ولكنه لحسن الحظ يعيش في أعماق لي من عادة الإنسان أن يجول فيها.

ولكن نتيجة ذلك، لا نعرف شيئا عن الحبار العملاق.

سوثيرن سورفاير هي سفينة أبحاث خرجت في مهمة للعثور على أنواع جديدة من أعماق المحيط.

طاقم كويست انضم إلى العلماء على متنها، ليرى أي من الأسماك تعيش قريبا من قاع البحر هنا. يسجل مقياس العمق في السفينة هنا ألف وخمس مائة قدم.

في الصيد التجاري تبحث عن كل ما تستطيع الحصول عليه، بل وأكثر لعملك المقبل،أما في العمل الدراسي، لا نبحث إلا عن النماذج، بما يكفي لإبلاغ العلماء عما يجري في الأعماق.

  البحر العميق هو ذلك الجزء من المحيط الذي هو تحت الست مائة وخمسين قدما. عند هذه النقطة، يتم امتصاص الكثير من الضوء، فلا يعد بالإمكان لعملية الفوتوسينتيسيس أن تتم. لهذا لا مكان للكائنات المعلقة في الماء هنا.

لهذا فإن جميع الكائنات التي تعيش في الأعماق  تعتمد على مطر الغذاء الخفيف الذي ينزل من سطح الماء.

هناك بعض الأسماك البشعة فعلا.

المنافسة مخيفة جدا وقد طورت الأسماك سبلا في جمع الغذاء والدفاع عن النفس.

ماذا لدينا هنا؟ مرآة ضورية؟

إنها تشبه الحيوانات الخيالية .

هذه الأشياء مدهشة فعلا.

هناك اثنان…

لم يعثر على أنواع جديدة في هذه البعثة، ولكن جمعت معلومات هامة عن أعداد وتوزيع الحيوانات المعروفة من قبل.

يهتم العلماء في الحياة بأعماق البحار، لأسباب مدهشة. تتمتع الكائنات البحرية بمركبات لمعالجة الأورام الخبيثة، لأن الخيارات الطبيعية أجبرتها على تطوير أسلحة كيميائية للدفاع عن أراضيها.

مسائل كهذه حيث تجد عضويات تنمو إلى جانب بعضها البعض، ترى أنها تتنافس على المساحة، وهي تحاول أن تنمو على حساب الآخرين. هذا النوع من التفاعل هو ما يمكن أن يمنحنا مركبات كيميائية هامة.

إذا فالكيمياء هنا هو ما تهتمون به؟ وما يمكن أن تفعله كي تبقي الآخرين بعيدا.

نعم، بالتأكيد. فهناك حروب كيميائية تشتعل هناك.

لا يبدو أنها تشعل هذه الحرب.

ليبي ايفان ايليج تعتقد أن الكائنات التي تسكن الأعماق ربما تمكنت من تطوير مركبات أبعد مما يمكن أن نعرفه. للعثور على الظلام الدامس في المحيط يجب أن نغوص إلى أكثر من ثلاثة آلاف قدم، ولكن الغواصات التي تعتمد على الهواء يمكن أن تصل إلى عمق مائة وأربعين قدما بأمان. المشكلة بالنسبة للفريق هي كيف سيجمع النماذج والعينات. ترى ليبي أنه من الممكن أن تستعمل الحيوانات البحرية التي تسكن أنفاق وكهوف البحار المظلمة التكتيك نفسه المتبع من قبل كائنات أعماق البحار.

الحياة في البيئة العميقة صعبة جدا.

العضويات القشرية، كالإسفنج قد تبدو مملة. ولكنها في الواقع تستخدم مركبات كيميائية معقدة، في حروبها من أجل مكان تعيش فيه.

هذه المركبات الكيميائية الجديدة والفعالة هي المطلوبة جدا من قبل كبرى شركات صناعة الأدوية.

يهدف مشروعنا لإيجاد مكتبة من النماذج المستخرجة، لتمثل العضويات البحرية الأسترالية المتنوعة.

نريد أن نجد لدينا أكبر عدد ممكن من  الأشكال  المتعددة من الأنواع، والظروف، والأماكن الجغرافية، إلى آخره.

نحن نبحث عن مركبات عضوية فعالة، لها تطبيقات صيدلية واستعمالات أخرى أيضا كالكيميائيات الزراعية والمبيدات، والأعشاب. تطبيقات جديدة.

تكلف البعثات كثيرا، ونحن لا نملك ميزانية مفتوحة. لهذا فإذا ما أتينا بنماذج جديدة علينا أو على مشروعنا، نستطيع أن نعلن نجاح هذه البعثة.

تأكلين طعم الحماس في الأعماق. فتبدأين برؤية أشياء وتصرخين يا الهي  يبدو أن هذا جيدا.

هذا يحتوي على الديدان أيضا.

كلما ذهبت للغوص أجد شيئا جديدا، عضويات تحمل معها مركبات جديدة بالكامل.

لهذا أرى المفاجآت من حولي في كل مكان.

فعلا، هذا رائع. وجميل. إنه غوص منتج فعلا.

يهتم فريق كويست أيضا بما تأخذه الأعماق من سطح الماء، كبقايا  الأجسام  الهائلة من حطام. شواطئ تسمانيا الوحشية تحوي أماكن جيدة للنظر فيها.

تؤدي الأشياء الصغيرة إلى متغيرات صغيرة في الحقول المغناطيسية للأرض. ونحن نسعى إلى شيء سيؤدي إلى تغيرات كبيرة إذ يبلغ طوله بضع مئات من الأمتار.

  هذا التغيير هنا هو تغيير كبير. إنه تغيير بطيء، ما يعني أنه ربما نجم عن حدث طبيعي وغير اعتيادي، إي ليس من الأشياء التي نبحث عنها. ربما نبحث عن شئ كهذا، ولكن أقل منه حجما، بما يعادل ربع ذاك الحجم، بهذا الاتجاه وبالاتساع نفسه تقريبا.

أي أنك مبدئيا، تتحدث عما لديك هنا، ما لديك في جهاز صدى الصوت، أي أنك بالاثنين معا إلى جانب تجربتك الخاصة تستطيع أن تحدد ما إذا كان هناك شيئا معدنيا من نوع ما في الأعماق هناك.

إنها لسوء الحظ ليست آلة، من نوع يظهر بوضوح أنه حطام.

أي انه تناسق فعلي ما بين البحث والتجربة وآلة بوجودها في المكان المناسب، لحسن الحظ هي مجموعة من الأشياء المختلفة للعثور على الحطام.

هذا صحيح، ومن ثم نحصل على الكنز.

زجاجتين من النيتر على عمق ستة أمتار لتعبر خط الستة أمتار، أهذا ما تريده؟

سنغوص عميقا، سنغوص نحو الحطام، لنستكشف المحيط،  في ظروف صعبة إذا اعتمدنا على وسيلة نقل تقليديه.

المشكلة في الغوص عميقا هو النتروجين المخدر.

النتروجين المخدر هو التأثير الذي يتركه الضغط العالي على  الجسد والجهاز العصبي، فهو يحتوي على مواد سامة، أو تأثيرات مخدرة، بحيث تشعر أنك فاقد الوعي.تشعر وكأنك تناولت بعض المشروبات الروحية.

فيغطي الرؤية غشاء من عدم الوضوح، بينما يشعر المرء وكان في رأسه قطن وصوف، كما ينتابك شعور بأنك خارج الموضوع. وكلما ازدت عمقا كلما ساءت الأمور أكثر، حتى تصل إلى مستوى عليك أن تركز فيه بشدة كي لا تفقد السيطرة نهائيا.

ثلاثين مترا. نصف المسافة نحو الأسفل، نصف المسافة.

  إذا ما غصت عميقا ووقعت تحت تأثير هذا التخدير، لا يمكنك التفكير بطريقة صحيحة عندما تواجه أي مشكلة.

قد يختلف الأمر من غطاس إلى آخر، في هذه الأيام هناك عدد كبير من العناصر النفسية التي لا نفهمها بعد والتي يمكن أن يمكن أن تحول هذه المسألة إلى سبب قاتل.

من الغطاس إلى السطح من الغطاس إلى السطح  نحن الآن على مسافة خمسة وخمسين مترا من القاع.

ولم أتمكن من رؤية حطام السفينة بعد.

باستعمال مزيج من غاز للأعماق، يستطيع أندريو وعامل الكاميرا رون الوم، ومن الخوص إلى ما يقارب مائتي قدم، بحثا عن حطام تاسمان، وهي سفينة اصطدت عام ألف وثمان مائة وثلاثة وثمانين بصخرة قريبة من هذا المكان فغرقت. ولكن من المعروف أنه لا يمكن الاعتماد أبدا على أجهزة البحث عن حطام السفن.

لم يعثرا على الحطام.

هناك مبادئ محددة للغوص عميقا. يجب أن تتوقف بشكل تدريجي،قبل أن تصعد إلى السطح للحؤول دون إصابتك بعوارض مميتة. قد تحرم من الغوص طوال حياتك. وإذا تجاهلت ذلك قد تصاب بمرض يؤدي إلى الموت. ظننت أني سأموت حين تغيرت ملامح وجهي في المحطة الأولى. صب المياه الباردة على وجهي سبب لي صداعا شديدا.

المحيط مكان كبير بما لا يصدق. تخيل إذا ما كان علينا أن نستكشف الكوكب بأكمله مشيا على الأقدام. لهذا نملك السيارات، ونملكك الطائرات أيضا، لهذا كغطاسين نحتاج إلى غواصات كبيرة.

سفينة كويست مجهزة بما يكفي لاستكشاف المحيط. فهي تحمل ستة مراكب صغيرة، وطائرة عامودية، وغواصة يمكنها أن تصل إلى عمق ثلاثمائة وثلاثين مترا.

أما في الأمواج العاتية فقد يصعب عليها التحرك.

سيحاول  أندريو أن يعاود الكرة في الغواصة عله يعثر على حطام تاسمان.

يجب أن أحذرك، إذا ما أصابك مرض البحر، لن يكون هذا المكان المناسب لك. إنه مزعج جدا.

أاثنين شمالا ، ألف وخمسمائة ، اثنين جنوبا ألف ومائتان، الصابورة المطار ثلاثة آلاف وثلاثة مائة، الصابورة الهوائية جنوبا ثلاثة آلاف وثلاث مائة. ضغط هوائي منخفض واحد أربعة صفر. ثمانية عشر بالمئة اثنين، ضغط الحجرة صفر ثلاثة، الفولت اثني عشر فاصلة  سبعة، إلى صفر واحد سبعة.

غواصة كويست تتمتع بجو بيئي واحد ، لتبقي أندريو على مستوى ضغط جوي شبيه بسطح البحر. لا داعي لأن يقلق بشأن مخدر النتروجين، أو بأمراض الضغط، ما عليه سوى العثور على الحطام.

لا شيء هنا. لنستمر.

خمسة وثلاثون مترا، نزولا نحو الأربعين.

نعم، لقد وصلت إلى القاع ولا أرى شيء بعد. إنها منطقة صخرية، ومن الصعب أن أجد ما أفعله.

أحيانا ما تزداد المشاكل كلما زادت التقنيات.

الأمر الأشد خطورة بوسائل الغطس هو أن يعلق المرء بها. وإذا لم أجد القوة الكافية للتعامل مع الدوافع فمن المحتمل جدا أن أبقى عالقا فيها.

البحث عن الحطام يؤدي إلى الإحباط باستمرار عندما لا تستطيع أن ترى سوى الرمال. أعني أني لا أعرف كم مرة غصت بحثا عن حطام السفن. إنها  في الصدى الصوتي هناك، توقف المركب فوقها، وتنزل الغواصة ، كل شيء جاهز، وتطلق العنان للمحركات نحو المرساة، فلا تجد سوى الرمال.

 سبق أن حاولوا أربعة مرات للعثور على تاسمان، ولكن بلا جدوى. بين المناخ والتيارات والتكنولوجيا  لم يحالفهم الحظ. فذهبوا للبحث عن حطام سفينة أخرى، الأس أس. نورد، وهي سفينة حمولات غرقت هنا عام ألف وتسع مائة وخمسة عشر.

لحسن الحظ أن القبطان تمكن من دفع السفينة نحو مياه أكثر هدوءا قبل أن تغرق تماما.

حطام السفن رومانسية بحيث تذهب في خيالك لتصور ما أوصلها إلى الغرق، وتفكر بأي صخرة ارتطمت أو أي رياح ضربتها، وتفكر بركابها وهل تمكنوا من البقاء على قيد الحياة  أم لا.

هناك قصة كاملة، تسكن في أعماق المحيط وكأنها متحف ما، لم يتمكن أحد من العثور على جزء كبير منها، وما زال بعضها الآخر يشكل أحجية بالنسبة لتاريخ البحرية بكامله.

الغطس في غواصة تجربة فيها كثير من الوحشة، تشعر فيها بالعزلة التامة، حين تبدأ بالغوص عميقا تستمع إلى صرير الأعماق من حولك واتصالك الوحيد في العالم يتم عبر صوت مبحوح تسمعه من جهاز الاتصال. هذا يختلف عن الغطس لأنك تعرف أنه إذا ما حصل شيء تصبح تحت رحمة الشخص الذي يجلس فوق ليخرجك من الأزمة.

تم بناء النورد عام ألف وتسع مائة. يبلغ طولها ما يقارب المائتين وسبعون قدما. وكانت محملة بإثني عشر ألف علبة بنزين عند اصطدامها بالصخور. كان يقودها ضابط إنجليزي وطاقم صيني نجوا جميعا بأرواحهم.

السفن الغارقة أشبه بعلب الوقت،تحمل معلومات هامة عن سبل عيش الناس وعملها في الماضي.

اصطدمت نورد بالصخرة ذاتها التي أغرقت سفينة تاسمان قبل اثنين وثلاثين عاما من ذلك. ولم تجر أي تعديلات على المنطقة تبرز وجود الصخرة.

بحثا عن محيطات أكثر عمقا، سافرت كويست إلى حيد بارير العظيم، حيث سيبحث الطاقم عن ظاهرة تسمى بالثقب الأزرق.

يمتد حيد بارير العظيم لأكثر من ألف ومائتي ميلا على طول الشواطئ الشمالية الشرقية من أستراليا.

هناك الكثير من المناطق التي تعتبر خطيرة على البحارة. هذا الجزء من الحيد مسجل ضمن لائحة المناطق التي لا تخرج منها السفن بسلام.

شوهدت في هذه المنطقة ثلاثة ثقوب زرقاء.

يحتمل أن تكون هذه البحيرات الدائرية العميقة  كهوف من الصخور الكلسية المحطمة، التي ربما تولت أنهر المياه العذبة التي تحت الأرض إفراغها في البحر.

تعتبر الثقوب الزرقاء في جزر باهاماس  مبعثا للرعب بالنسبة للسكان هناك. والخوف له مبرراته.

عرف عن الثقوب الزرقاء المتصلة بأنظمة الكهوف بأنها تمتص وتضخ كميات كبيرة من المياه عند تغير اتجاه الماء ساعات المد والجزر. وقد اختفت زوارق بكاملها في هذه الثقوب الهائلة، بمن معها من غطاسين  كانوا يستكشفون الثقوب الزرقاء في يوم غير مناسب.

الاستكشاف هنا، عند هذه الصخور لن يكون سهلا على الإطلاق.  فالقبطان لن يحتمل ارتكاب خطأ بحري واحد.

الحقيقة أن الحظ لم يحالفنا في رؤية شيء من على هذا المستوى. ربما كان من الأفضل أن تحلق الطائرة العامودية كي نحصل على رؤية أدق.

أعتقد أننا وجدنا شيئا في الحيد. إنه لون  أزرق عميق جدا.

يبدو فعلا أشبه بالثقب ، فهي أكثر زرقة من باقي الحيد.

مشهد رائع، هذا ما نبحث عنه.

إذا، هل هذا ما توقعته؟

حسنا، لم يكن هناك ما أتوقعه، ولكنه عمق أزرق جدا. يبدو وكأن العمق يمتد إلى الأسفل نحو قاع حيد البحر.

إنها جذابة جدا لعشاق الغطس مثلنا. فنحن نحلم بشيء كهذا.

ربما كان هذا الثقب الأزرق الجديد جزءا من مجموعة الكهوف التي تشكلت في العهد الجليدي الأخير، حين كان مستوى البحر أدنى بكثير، وكانت هذه الصخور الكلسية معرضة للهواء والتآكل. إستكشاف الأعماق فيها قد يؤدي إلى معرفة مستوى حيد البحر القديم.

جهاز تحديد العمق على المركب يقول أنها بعمق مائتين وثمانين قدما. يمكن للمرابط أن تمتد  إلى ما هو أبعد من ذلك. وضعنا خطة للغطس بأمان إلى أقصى ما يمكن من عمق، وبدأنا البحث.

ليس هذا حيد البحر الوحيد هنا. فقد نشأت ظاهرة الصخور هذه فيما بين العصور الجليدية، بعد أن كانت صخور كلسية جافة غطتها المياه مع بداية عصر جليدي.

تغطي هذه المنطقة كثيرا من الطبقات.

يبحث أندريو وليز عن الأنفاق والكهوف القديمة وآثار من بقايا الصواعد والهوابط . سيقدم ذلك معلومات أكيدة بأن هذه الكهوف كانت يوما في أراض جافة. ولكن المحيط لا يتخلى عن أسراره بسهولة. غاصا أعمق وأعمق. أخذت البؤرة في الاتساع، دون أن يتم العثور على علامات مما يبحثان عنه. يجب أن يعودا. فقد تخطيا قدرات أجسامهما على الاحتمال.

نعرف ما يعنيه اصطلاح أمراض الضغط، وما ينجم عن مخدر النيتروجين من عواقب. ولكن عندما تقوم بالغطس أو تطفو نحو السطح، وتجول عند هذا الخط حيث من المفترض أن تخلص الأنسجة في جسمك من النيتروجين، تشعر بإحساس غريب، فوعيك الباطني يقول، لا، إذا ما صعدت الآن ستصاب بالمرض، ولهذا تجلس تحت الماء بانتظار حدوث شيء لا تراه في جسمك حتى تتمكن من الصعود إلى السطح بأمان. إنه إحساس غريب فعلا.

محطات الصعود في مياه الحيد أقل سوءا منها في المياه الباردة الفارغة. إنها دافئة، وتعج بكثير من الأسماك لنتأمل بها، رغم أننا نشعر بالسعادة عند انتهائها.

في عملية الغطس الأولى، لم تجد كويست ما يوحي بأن هذه كانت يوما كهوفا. وقد حال العمق دون ذلك هذه المرة أيضا. وكان الثقب يضيق من تحتهم.

حسنا، لنفترض أنها مغارة، فربما كان هذا سقفها الذي سقط. أو ربما كانت ركاما من الصخور التي حملتها الأعاصير ورمتها هناك.

يجب أن نحاول معرفة عمر الحيد الجديد. فلا بد أن نعثر تحتها على نسخة قديمة من حيد بارير البحري العظيم. وكأنها نسخة أحفورية عما لدينا هنا الآن.

وما الطبقة العليا سوى جلد، أو بشرة يانعة، ربما تبلغ سماكتها عشرة أمتار، أو ربما بلغت عشرون مترا. لا نعرف بعد.

ولكن ما نبحث عنه يشبه الفاصل بين الطبقتين.

وربما تمكنا من رؤيته، وقد لا نستطيع، ولكن النماذج التي نجمعها سوف تحدد لنا عمر كل من الطبقتين.

لدراسة جيولوجيا حيد البحر لا بد من جيولوجي مختص، انضم إلى فيرق كويت روسيل كيلي، الأخصائي في الجيولوجيا القديمة، لهذه الصخور. وهو يعتبر نفسه مسافر عبر الزمن، وبالنسبة لروسيل، يمكن لهذا الثقب الأزرق  أن يكون نفقا يحملنا إلى الماضي. جمع أندريو نماذج صخرية لروسيل كي يحلل هيكلية حيد البحر.

يجب  أن أشرح  الأمر قليلا.

من الصعب جدا أن نصل إلى الصخرة نفسها، فهي مغطاة بالمرجان والأشياء الأخرى التي تنمو فوقه.

على المرء أن يحفر قليلا حتى يصل إلى صلب الصخرة.

هذه المادة، إذا استطعنا الحصول على مادة أكثر صلابة منها سوف نتمكن من الحصول على التاريخ الفحمي لها.

هناك أمرين، إذا تمكنا من الغوص عميقا والعثور على النفق، سوف يوحي ذلك باحتمال تواصلها. وإذا ما صدق ذلك، نستطيع أن نطلق بعض الصباغ، لنتأكد من تواصلها ، سنرى ما إذا كانت ستخرج عبر القنوات.

ربما كانت وجهة المد معاكسة ما يعني انسياب المياه نحو الأسفل بدل صعودها إلى أعلى، لا نعرف. لم يسبق أن جربنا ذلك. فربما تأخذ الصباغ نحو الأسفل، أو ربما يصعد من القناة العميقة التي تبعد مائتي متر فقط.

الغواصات أيضا تعاني من الإعاقة في أماكن ضيقة كهذه، كما أن الغطاس يواجه المصاعب في تحديد حجم الأشياء كالتيارات. لهذا فقد استخدم صباغ تدريجي عضوي أحمر لتحديد حركة المياه الفعلية.

ما يحتمل أن تسهم في تأكيد وجود أنفاق عميقة تؤدي إلى امتداد آخر من أنظمة الكهوف.

سجلت حركة مياه بسيطة ، ولكن الزوايا العميقة لهذا الثقب، استمرت بالمراوغة. لتحديد ممرات الكهوف يجب أخذ  العينات من الصخور الكلسية في القاع.

من السبعينات، وكأنها عملية غوص في السبعينات. وكأنها مشاهد من قناديل الحمم.

هل رأيت إلى أين ذهبت؟ وكأنها وقفت هنا كالأعمدة.

فعلا، كانت غريبة، لم تنتشر بهذا الاتجاه، وكأنها امتدت من أعلى إلى أسفل.

عندما سكبتها ظننت أنها ستملئ الكهف، ولكنك اختفيت.

ربما كانت تتجه نحو الأسفل بدل أن تصعد إلى السطح. عندما كنت أتوقف في محطة للصعود، جلت قليلا عند تلك الحافة، حيث يوجد فتحة في هذا الاتجاه، فشهدت بعض الصباغ البطيء يخرج من هناك، فظننت أنها تيارات من الأعلى. يبدو أن السواد الأعظم منها يسير نحو الأسفل.

لقد ثبت ذلك تماما،إنها تسير مع التيار.

أعتقد أن علينا العثور على بعض الأنفاق العميقة أيضا، إذا ما أردنا إثبات الاتصال بينها، ما يعني أن علينا استخدام الغواصة. فهي عميقة جدا للغطس.

ما نريد أن نفعله الآن هو تصوير تركيبة الثقب ومحاولة العثور على بعض النماذج من القاع.

هناك بعض المرجان المشوق فعلا ينمو في الأعماق هناك.

إذا تمكنا من حصد بعد النماذج منها، قد تساعدنا في الحصول على التاريخ الفحمي من حيد البحر القديم.

حسنا، بدأت انزل الآن، أصبحت على عمق ثمانية أمتار.

أصبحت على عمق ثلاثة وسبعون مترا، باتجاه واحد ثمانية صفر.  أقوم باتباع المحور نحو القاع، وهناك جسر إلى جانب القاع الثقب، وأنا أتأكد من وجود أنفاق هنا.

إذا لا يوجد مستوى صخريا في الوسط؟ بل ما يشبه الجسر؟.

نعم، وهو جسر من ركام الصخور توحي بأن شيئا ما قد سقط من السقف.

ربما نستطيع الانحراف حول الميزان قليلا، انتهينا. على أمل أن نحفر بعض الصخور.

سنشحن مباشرة. جاهز للضربة، واحد اثنان ثلاثة، الآن!

من الغواصة إلى السطح من الغواصة إلى السطح، حصلت على عينة جزئية، وسوف أحملها معي.

سبعون مترا صفر تسعة صفر درجات، في أعلى الحرف الذي يجول حول قاع الثقب هنا.

مكافأة أخرى، جائزة أخرى من المحيط.

الغواصة تعمل جيدا بلا شك.

هذا الثقب الأزرق يسمح لنا برؤية مئات الآلاف من  السنين عبر تاريخ هذه المنطقة، ولكن بما أن حيد البحر ظاهرة منتشرة في أنحاء العالم، كل ما نجمعه من معلومات هنا يمكن أن يطبق في أي مكان آخر حيثما وجدت هذه الظاهرة، عبر المناطق الاستوائية حول العالم.

وهذا ينطبق على المعلومات الخاصة بالمناخ والمتغيرات التي تطرأ على مستويات البحر، والعصور الجليدية، يمكن أن تطبق حيثما وجد حيد البحر، والحقيقة انها قابلة للتطبيق على تاريخ الكرة الأرضية بأكمله، لهذا فإن هذه النافذة، هذا الثقب هي نافذة إلى العصور الغابرة التي لا يمكن العثور عليها في مناطق أخرى من حيد بحر بارير العظيم، وهو كما تعلم، الوحيد في العالم.

بالنسبة لغالبية السياح هنا، يعج الاحتكاك المباشر مع المحيط بما يكفي من إثارة. أما مستكشفي اعماق المحيط، فالخطوة التالية هي دائما التي تمنح الجائزة، أو التالية، أو التالي.

أما الآن فيجب أن يشعر طاقم كويست بالرضا.

يكفي أن نتعلم القليل في كل مرة يزورون فيها قاع البحر.

ما زالت التحديات في أعماق المحيط أكثر منها، على سطح القمر.

فكما كتب وليم وودسوورث يوما، " وهل يمكن لرجال الخوذات، أن يتعلمون أسرار البحر؟ لا يمكن أن يعرف أسراره إلا من يجرؤ على تحمل أخطاره".

أغلب البشر، يرون المحيط من على الشواطئ.

ينظرون إلى الأمواج  فيرون فيها المحيط.

وحتى نعثر على الشجاعة، ليس بالضرورة لأن نذهب بأنفسنا إلى هناك بل لصناعة التكنولوجيا وتوظيف الأموال للذهاب إلى هناك، وعندها يقترب المحيط  من بني البشر. وسيبقى المحيط سرا لسنوات طويلة، إلا إذا، نمت لبني البشر خياشيم .

الواقع هو أن الإنسان يعرف القليل عن المحيط.

إنه مكان هائل جدا لدرجة إني لن أتمكن في حياتي من التعرف على ما يحتويه. لا بد لنا من تطوير التكنولوجيا اللازمة التي تساعدنا على الغوص عميقا في استكشافه، كي نعرف جديا، أي أسرار تخفي أعماقه.

أعتقد أن أي مستكشف يتمنى أن يرى مخلوقات أعماق المحيط، وهي أول ما تنتجه تربة قاع المحيط. لنتمكن من عبوره بغواصة تصطف على جانبيها النوافذ المتعددة، تمر من خلال فوهات تحت الماء،لتشاهد مخلوقات عجيبة كالحبار العملاق، فيصبح الأمر وكأننا في رحلة إلى كوكب آخر،  في الفضاء الداخلي، بدل الفضاء الخارجي. انه لحلم جميل؟

 --------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster