اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 التَّيهور
 

جبال نيوزيلاندا

 

مناخ سيء، وصخور بالغة القسوة،.. سأبدأ من جديد..

المياه الضارة، والصخور البالغة القسوة والتيهور، جميعها تسهم في جعل النفق الذي يعبر هذه الجبال النيوزيلندية، من أطول أنفاق الطرقات، ليس من حيث الامتداد بل بالفترة التي يستغرقها بناؤه..

هذه رحلة أبحاث جوية فوق جبال شوغاتش في ألاسكا، يقوم فيها عدد من العلماء بتجربة فعالية التقنيات المعتمدة للتحكم بقاتل عنيد سبب الفزع والخوف، منذ أن بدأ الناس يعيشون ويتنقلون عبر الجبال.

يسعى العلماء لتفادي وربا التحكم يوما ما بالتيهور، الذي يضرب في الجبل دون إنذار مسبق فيجتاح كل ما  في طريقه، ليقتل أكثر من مائتي شخص كل عام. ولا ينجو منه إلا حفنة قليلة من السعداء.

قرر براد أنه يريد الذهاب لعبور الشمال ومواجهة المنحدرات، والنزل بعدها عبر الأشجار فقررت الذهاب معه.

أعتقد في تلك اللحظة أننا قد نكون في منطقة خطيرة. ومع ذلك فقد كنا جاهلان بآلية التيهور. كنا نتحدث عن التيهور بالقول أنها تعترض أشخاص آخرين باستمرار، أما نحن فسنكون على ما يرام. وإذا تعرضنا له سنتمكن من أن نسبقه أو الخروج منه. ولكني أقولها الآن بأني لم أشعر بأي قوة على الإطلاق، بل كنت تحت رحمة الثلوج المنهمرة بالكامل.

أحب أن أقارن قوة التيهور بالنمر، عندما تشاهد نمر يتحرك بأناقة ورشاقة، لا يمكن أن تتوقع تلك الصلابة وتلك القوة في ذلك الوحش، وفي ذلك الحيوان..

يمكن لمن لا يعرف شيئا عن التيهور أن يستعين بصورة النمر ليفهم تماما بأنه من الأفضل ألا يعلق أبدا بين مخالب التيهور.

تقع في العالم كل عام ملايين الانهيارات الثلجية، يحمل كل منها آلاف الأطنان من الثلوج بسرعة هائلة. وفي كل عام، مع زيادة المغامرين في الجبال، يتزايد عدد القتلى هناك.

ليس لدى غالبية الناس  أدنى فكرة عن القوة الهائلة للتيهور.فهي تحطم طبقة عمقها ثلاثة أور أربعة أقدام، وقد تعبر مائة يارد، حاملة معها كميات من الثلوج. وتبدأ بالحركة سريعا وخلال بضع ثوان فقط تبدأ بالتحطم إلى أجزاء تتحطم بدورها إلى أجزاء أصغر وهكذا.

فتبدأ بارتجاجك وخلال ثلاث أو أربع ثوان فقط، تبلغ سرعتها أربعين ميلا في الساعة. ليدخل الثلج في الأنف والفم والملابس الداخلية وفي كل مكان حتى تمزق كل ما في طريقها.

ثلث الذين يقتلون في التيهور يموتون من شدة الصدمة.

تشير هذه التجربة إلى مفعول التيهور القاتل بالصورة الحقيقية.

إذا تمكن الإنسان العادي من البقاء على قيد الحياة بعد التيهور، سيقفل عليه بشدة تحت الثلج حتى يصعب عليه تحريك القفص الصدري بما يكفي للتنفس.

إذا اعتقد المرء أنها ثلوج قطنية ناعمة فقد تكون هكذا في بداية الأمر، ولكنها بعد مرور لحظات قليلة من تراكم الكميات والسرعة نزولا، تكاد تبلغ من الصلابة ما يشبه الإسمنت المسلح. وإذا كان المرء بهذه الوضعية سيبقى على هذا الحال وقد لا يتمكن من تحريك أصابعه، وإذا ما وصلت أصابعك إلى السطح من المحتمل أن تتمكن من تحريكه لفتح ثغرة صغيرة تتنفس منها، ولكنك لن تتمكن من الخروج بسهولة من هناك لا يمكن أن تنفض الجليد عنك.

طوال قرون من الزمن سمي التيهور في أوروبا بالموت الأبيض.عام واحد وخمسين، تسببت الثلوج بانهيارات وساعة النطاق عبر جبال الألب، أصابت إحداها قرية هينغين بلوت الصغيرة، فقتلت أربعة وثلاثون شخصا.

عام ستة عشرة وأثناء العرب العظمى، تسببت النمسا وإيطاليا بانهيار الثلوج عبر إطلاق النار على المنحدرات التي فوق وحدات بعضها البعض.

خلال شتاء واحد في جبال تيرول، تسبب استفزاز التيهور بمقتل ما يتراوح بين أربعين وثمانين ألف رجل.  ولكن البشر لا يتحكمون بغالبية هذه الظواهر.

يحصل التيهور نتيجة الفارق الضمني بالصلابة بين طبقات الثلوج التي تتراكم فوق المنحدرات. الحرارة والرياح وحتى أشعة الشمس جميعها تغير الطبقات عبر الزمن، فيصبح بعضها ناعم وقابل للانهيار، بينما يتمتع البعض الآخر بالصلابة.

إذا تصلبت طبقة قوية فوق أخرى ضعيفة، وانهارت هذه الأخيرة تحت وطأت الأولى، تنفصل هذه الكتلة عن الضعيفة وتسير في الاتجاه المتوفر أمامها، أي نزولا.

يستخدم العلماء نماذج جليد من منحدرات الجبال  للتعرف على اللحظة التي تتحطم فيها الطبقة الضعيفة. أما التجربة فتتم بلف النماذج بسرعة أكبر وأكبر في الطارد المركزي. 

تتحطم الطبقات الضعيفة من الجليد فوق الجبال، كما يحصل في المختبر تماما، إلا أن التيهور يجر أمامه كل ما حوله من جليد.

يعتبر دوغ فيسلير أحد أهم خبراء التيهور في العالم. يشتمل عمله على تعليم المتزلجين ومتسلقي الجبال سبل التعرف على العلامات الخطيرة للتيهور.

يعاملني الناس كخبير مختص علما أني لا أعرف الكثير بالمقارنة مع ما يجب أن أعرفه. وأعتقد أن هذا هو الجانب الجذاب في حقل التيهور، الذي تعتبر القاعدة الأساسية فيه أنه لا قواعد لديه. لا يمكن لأنح أن يعرف ذلك لأن هناك آلاف الطبقات الجليدية المتراكمة فوق بعضها بحيث لا يمكن أ تراها جميعا في حياتك.

لا يمنح سطح الجليد أي فكرة عم مخاطر التيهور، لهذا فإن الطريقة التقليدية للعثور على الطبقات الضعيفة تكمن في الحفر عبر خطوط عرض نزولا في المنحدر.

ما هي نسبة تماسكها وما هي القوة التي تحتاجها للانفصال. هذا كل ما أريد معرفته. لنرى أولا هل لدينا كتل؟ سأبدأ بالتحسس هنا، أشعر بالمقاومة أثناء الدفع نزولا. بدا الثلج ببعض القسوة أما الآن فقد أصبح أسهل، وهنا عادت الصلابة من جديد، وهنا عادت السهولة مرة أخرى، يمكن أن نلاحظ وجود طبقة خفيفة جدا هنا. هنا أصبح الثلج سهل العبور، وهذه طبقة مجردة أخرى. هذه هي الطبقة الشريرة فعلا أنظر بأي بساطة تسقط من هنا. أي أنها ربما كنت المسبب الأفضل.

يبحق دوغ تحديدا عن طبقة حبيبات يسمونها الثلج السكري التي هي خفيفة جدا لدرجة لا تكاد تتماسك فيها معا على الإطلاق.

يؤكد ذلك نظريتنا القائلة بوجود عدة طبقات بين قوية وضعيفة. هذه الطبقة ضعيفة جدا لدرجة أنها تسقط بسهولة، إنه نوع من الثلج الذي يتوسط الطبقات، أي الثلج السكري. لقد مات الكثيرون في هذا العالم بسبب هذه أو غيرها من الطبقات الضعيفة.

صرنا نعرف الآن أن لدينا كتل صلبة تجثم فوق أخرى ضعيفة، ولكن ما لا نعرفه بعد، هو مستوى الصلابة التي تتمتع بها هذه الطبقة الضعيفة، وما يلزم بالتالي من قوة لتحطيمها.

أي أننا بحاجة لمعرفة شيء ما عن تماسك الثلوج، ما يدفعني للقيام بعدد…

دون القيام بتجارب اختبارية كالطرد المركزي، يلجأ دوغ فيسلير إلى بدائل قاسية وجاهزة. هذا الفحص خام، ولكنه كاف لمعرفة السهولة التي قد تنفصل فيها الطبقة الصلبة عن تلك الضعيفة التي تحتها.

…اثني أو أربعة عشر إنش. وسنتابع القطع بلطف شديد، سأضع اليد الأخرى هنا احتياطا.. حسنا صار لدينا عامود يقف بمفرده..

يجب أن نتأكد من أن المزلاج عامودي. هل ترى كيف تنزلق كطبقة كاملة. هذا ما أسميه بالانزلاق السهل إذ  لم أستطع أن أضع المزلاج كاملا.

سنحصل على صورة تلمع أمامنا عندما نجمع هذه المعلومات معا، وهذه الصورة هي جزء من عدم الاستقرار من وجهة نظر الحوافز البشرية.  نستخلص من ذلك ضرورة الابتعاد عن الكتل الشديدة الانحدار المواجهة للريح، فهذه هي الطبقات التي قد تنهار معك.

أريدكم الآن عندما تنتهون من العد إلى ثلاثة أن تقفزوا في الهواء وتضربوا أقدامكم بالأرض بشدة معا.

هذا مصغر عما يحدث بالتيهور. بعد أن تحول إلى لحظة مرح ولكن لأهداف جادة.

تتراوح زاوية الانحدار المناسبة للتهيور بين ثلاثين وخمس وأربعين درجة. يصل معدل وزن الكتلة إلى ألف وخمسمائة طن وهي تنطلق بسرعة خمسين ميل في الساعة.

أحيانا ما تحلق الكتلة بكاملها في الهواء فتعلو فوق مساند من الهواء. هذا نوع من التيهور المقوى الذي تصل سرعته إلى مائة وخمسين ميل في الساعة. لتطلق أمامها موجة صدامية مدمرة. حتى لا يكاد يبقى شيء على قيد الحياة في طريقها.

أما هذا النوع من التيهور فيسمونه بالرطب، وهو يحصل عندما تصبح الكتلة الثلجية بكاملها ضعيفة فتفقد تماسكها، ثم تتحول إلى ثلوج ذائبة تنهمر فوق منحدرات الجبل.

يتحرك التيهور الرطب بسرعة ميلين أو ثلاثة فقط في الساعة ولكن من المستحيل إيقافها، كما أن قوتها التدميرية  قد تكون هائلة.

حصل هذا التيهور في بلدة أودا الواقعة في النرويج. وقد مسح الطريق الذي مر من خلاله بشكل لم يعد من الممكن التعرف عليه. ولكن كل انهيارات الثلوج تترك خلفها الدمار.

يقوم فيسلر دوغ بزيارة كل تيهور يتمكن من الوصول إليه على أمل أن يتعلم منه المزيد.

بدأ التيهور الذي سنراه اليوم تحت السفح المنحدر مباشرة ككتلة تيهور ناعمة، ثم جرت كميات كبيرة من الثلوج قليلة التركيز، ومن المحتمل أن تكون سرعتها أثناء الانحدار قد بلغة مائة وعشرون ميلا في الساعة. وقد حطمت في طريقها بعض الأشجار التي يتراوح قطرها قدمين وثلاثة أقدام ويصل عمرها إلى مائة وخمسين أو مائتي عام، وحملتها إلى أسفل المنحدر حيث دمرت أربعة مبان سكنية معا، وكادت تتابع إلى ما هو أبعد. ولكن يبدو أن أصحاب هذه المساكن وفقوا في أنها توقفت عند هذا الحد.

لم يدرك السكان هنا بأن منازلهم شيدت في منطقة تعاني من خطر التيهور.

أرعبني جدا ما جرى إذ أنه كاد يدمر المرآب والمنزل في يآن معا بكل سهولة، وهما بنائين أشبه بالقلاع ظنتهما سيبقيان هنا على الدوام. ولكني بعد أن رأيت ما جرى، لا أظن ذلك.

لقد تلقيت درسا قاسيا هذا الأسبوع عن قدرة التيهور التدميرية، وأن المرء لا يمكنه تفاديها، بل اليقظة والحذر منها. ما يعني أنه عندما ترد الاحتمالات تعتبر العائلة هي الأهم، لهذا لا بد من حزم الحقائب والرحيل لبعض الوقت.

إذا ما وجدت عائلة في منزلها أثناء ضرب تيهور هائل لمنزلها الغير محمي، أول ما تسمعه هو هدير واهتزاز مع اقتراب التيهور نحوها بسرعة مائة أو مائة وخمسين ميل في الساعة. وستتحطم النوافذ ويرتفع السقف، ليدخل الثلج  إلى المبنى بعد أن يصطدم فيها بكثافة هائلة، ما يؤدي إلى تطاير الحطام في الهواء.

قد يكون ذلك مأساوي فعلا.

=-=-=-=-=-=-= نهاية الجزء الأول.

الجزء الثاني

الخبراء يجعلون التحكم بالثلج مسألة سهلة، ولكن الظروف المتطرفة لا تعتبر التحديات الوحيدة التي يواجهونها في الجبال.

مجرد عبور متزلج واحد يكفي أحيانا للتسبب في التيهور. يقف هنا اثنين من ثلاثة متزلجين على وشك عبور المنحدر الذي على الميسرة، حيث تجثم طبقة صلبة من الثلوج فوق أخرى ضعيفة تحتها.

فتسببا بتشقق في الطبقة الضعيفة سرعان ما امتدت عبر  السطح  وشملت الكتلة بكاملها. توجه المتزلج الثالث نحو الميمنة الآمنة. حيث تعرض لانهيار ثان تسبب به تشقق الارتجاج الأول.

شاءت السماء أن ينجو المتزلجين الثلاثة من التجربة بأرواحهم.

توقفنا عند نقة من الجبل على مسافة ثلاثة أقدام من بعضنا البعض ننظر إلى أسفل، وفجأة شعرنا باهتزاز حاد أصاب الجبل بكامله الذي كان يتحرك من تحتنا. وكأن عملاقا أمسك بسكن وقص من فوقنا. أدركت مباشرة ما كان يجري كنت أعرف أننا نقف فوق منزلق هائل.

هذا أسوأ كابوس يعيشه المتزلج.. حيث تغمره كتلة التيهور بثلج يكاد يكون سائلا.

ليتحطم ما حوله من كتل صلبة تصبح أشبه بسيارات ثقيلة.

أدى التشقق الكتل التي كنا فوقها، إلى تشكيل المزيد والمزيد منها، حتى غرقت بحالة من الفوضى الجليدية العارمة. وبدأت الثلوج المنهارة تكتسب سرعة مدهشة. رأيت الأشجار تتقدم نحونا، ولم أفك إلا بتوجيه المزلاج نحو الشجر، على أمل أن أرتمي فوقها وأتمسك بها جيدا. ولكني فقدت التوازن بعيدا عن الوسط فانزلق القفاز عن الشجرة، لم أر بعدها إلا والشجرة تنجرف.

بعد ثلاثين يارد كنا نسير بسرعة ثلاثين ميل في الساعة. وتزيد سرعتنا عشرة أميال في الساعة كل عشرة أقدام. شعرت وكأن أشبه بدمية وسط أمواج عاتية دون أي قدرة على التحكم. استنزف ذلك أنفاسنا جميعا حتى عجزنا عن الرؤية تماما. لم أعد أقوى على السمع، كما فقد حاسة الشم، لم يكن لدي إلا إحساس الانطلاق بسرعة لم أتخيلها من قبل حيث يصطدم جسمي بأشياء صلبة، ويتعرض لضربات  المرة بعد الأخرى. لم يكن هذا يؤلمي إذ أني لم أشعر بأي إحساس أبدا، كل ما فكرت به هو أني سأموت في الثامنة عشرة دون أن أشعر بالألم.

حطم التيهور ساق كمرون، وتركه مدفونا حتى وسطه في ثلوج صلبة لم يستطع الخروج منها.

ولكنه وفق في البقاء على قيد الحياة. أما صديقيه فلم ينجوان.

دفن براد تحت خمسة أقدام من الثلج، بعد أن تعرض لصدمات حادة في الرأس والعنق وعدة جروح داخلية. استغرق الأمر ثلاثة أرباع الساعة للوصول إليه.

كان محاط بالثلج الصلب والبارد جدا ورغم ذلك اعتقدوا بأنهم قد يتمكنوا من إنعاشه. ولكنهم لم يفحوا.

لقد مات وهو يقوم بعمل طالما أحب القيام به. وفي يوم جميل جدا. ولكنه لم يكن اليوم المناسب للصعود إلى هناك.

هذا ما ينتظر الذين لا يموتون بانهيار الثلوج. يدفن حوالي نصف الذين يعلقون في التيهور تحت الثلج.

يؤدي الاختناق إلى القتل قبل البرد بفترة طويلة. احتمالات النجاة من الدفن  الذي يدوم لمدة أكثر من ثلاثين دقيقة لا يتعدى الخمسون بالمائة. أما بعد ثلاث ساعات فلا ينجو من الدفن أكثر من عشرة بالمائة بأرواحهم.

يعتبر تدريب فرق النجاة على العمل بسرعة عامل حيوي حاسم.

يمكن لسرعة تجاوب فريق الإنقاذ مع الظرف أن يحسم الأمر بين الحياة والموت. لا تتعدى نسبة ضحايا التيهور اليوم أكثر من ربع ما كانت عليه  في  الخمسينات. علما أن الوفيات في العقود الأخيرة الماضية قد ارتفعت بشكل ملحوظ، وذلك بعد زيادة أعداد الراغبين بممارسة الرياضة الشتوية، ما فرض المزيد من الضغوط على الباحثين لدراسة التيهور.

عمتم صباحا معكم بروس تيمبر مع آخر التوقعات عن التيهور والمناخ الجبلي ليوم السبت الخامس عشر من كانون الثاني يناير في تمام السابعة والنصف صباحا.

لقد أصدرت تحذيرا من التيهور ..

كل يوم يقوم بروس تريمبر العامل في مركز توقعات التيهور في يوتا، بتسجيل نصائح   تتعلق بالتيهور يمكن للموانين عبر البلاد أن يتصلوا هاتفيا لسماعه.

..درجة أو شديد الانحدار..

تسببت آليتين  ثلجيتين بوقوع تيهور دفن فيه ثلاثة بالقرب من جسر كوتلر في الجبال بالأمس.

يتم بث التوقعات المناخية عبر عدد من المحطات الإذاعية إلى جانب تثبيتها على الإنترنت.

يشاع لدى البعض خطأ حول التيهور أنه ينهمر من أعالي الجبال فجأة عندما يصرخ شخص ما بصوت مرتفع أو ما شابه ذلك، وهذا غير صحيح. تسعة وتسعون بالمائة من ضحايا التيهور هنا في يوتا مثلا يستفزون وقوعه بأنفسهم. بعبارة أخرى نحن العدو الرئيسي لأنفسنا.

لا شك أن نوع الناس الذين يقتلون في التيهور قد تغير على مر السنين، لقد بدأ الأمر بالمتزلجين والمتسلقين في مناطق التزلج ولكن هذا تغير الآن بعد توجه الناس نحو المناطق النائية ليصبح المتزلجين في تلك المناطق  أشد تعرضا للخطورة.  كما أن متزلجي الألواح الثلجية أصبحوا الآن أكثر عرضة من غيرهم.

تلتقي دوريات التزلج كل يوم لتقييم مخاطر التيهور على المنحدرات. في محاولة لتوقع مدى تأثير المناخ والعواصف الأخيرة عليه.

تخرج دوريات التزلج حتى في أسوأ الظروف، للكشف على كتل التيهور المحتمل، على أمل أن يتمكنوا من إقفال أي منطقة معرضة للخطر باكرا بعد سقوط الثلوج الجديدة. ولكن هذه عملية توازن حساسة. ذلك أن المنتجعات تصنع المال، وإغلاقها لا يعود بالأرباح.

تجري مراقبة المنتجعات باستمرار لتفادي مختلف أنواع المشاكل، ولكن القرارات التي تتخذها دوريات التزلج تعتمد بشكل كبير على معرفتها بمناطق الخطر المحلية، إلى جانب الإيحاء والتجربة والعلم.

يكمن الجزء الأكبر من العلوم في أوروبا وتحديدا في محطات أبحاث بين سويسرا وفرنسا.

يسجل في جبال الألب أكثر من نصف الوفيات بسبب التيهور في العالم، إذ يصل عددها إلى أكثر من مائة وعشرين في العام، مقارنة مع عشرين فقط في أمريكا وكندا معا.

تشغل محطة الأرصاد الوطنية في فرنسا شبكة من المحطات المناخية التي تجمع معلومات حول سقوط الثلوج، وأشعة الشمس، والحرارة وسرعة الريح. وكلما يتوقعون عاصفة ثلجية، يصدرون تحذيرا من التيهور. ولا شك أن هذه العملية تنقذ الأرواح، ولكنها تمكن الأخصائيين من توقع التيهور في مناطق واسعة النطاق، ما لا يسمح لهم بتوقع انهيار الثلوج على مستوى مجموعة منفردة وصغيرة من الجبال.

لهذا ففي مناطق قريبة عند جبال الألب السويسرية، يقع معهد أبحاث دافوس، حيث يحاول الدكتور أوثمار بوسر القيام بعدة دراسات، من بينها التعرف على تاريخ انهيار الثلوج والتيهور الذي عرف عن وقوعه في جبال محددة.

تعتمد الاحتمالات التي تتحدث عن إمكانية وقع حدث ما، على المعلومات القديمة، لهذا أرى شخصيا أنه لا بد من اختيار جميع الأيام الماضية، المشابهة جدا لليوم الذي تريد أن تتوقع ما قد يجري.   وكانت المشكلة تكمن في استخراج تلك الأيام، لأننا نبحث عن أيام متشابهة. ولكن ما هو وجه التشابه بينها؟ ظروف الثلوج؟ أم المناخ؟ كلا، بال بالتيهور.

يعتمد نظام بوسر على افتراضية تقول أنه إذا كان مناخ اليوم مشابها لما كان عليه في يوم محدد من الماضي، يعني أن نمط التيهور يجب أن يكون مشابها أيضا. لقد طور أسس معلومات حول الظروف المناخية التي جرت على مدار العشرين عاما الماضية، في جبال رئيسية حول سويسرا.

إدخال مناخ اليوم، ومقارنته مع يوم من الماضي تميز بمناخ مشابه والكثير من التيهور، يؤدي إلى ورود احتمالات جيدة لتوقع وقوع التيهور بنجاح. يبدو أنها طريقة ناجحة.

ليس لدي أي إثبات حسابي يؤكد أن هذا أفضل ما يمكن أن أفعله، كل ما أعرفه هو أن الزبون مسرور جدا.

والحقيقة أن نظام بوسير قد تحول سريعا إلى أكثر التوقعات المناخية على الكمبيوتر المستعملة في العالم. ولكن الهدف النهائي للعلماء هو القدرة على التوقع على مستويات أصغر، وأن يتوقعوا بثقة كاملة وتحديدا  متى ستنهار كتلة ثلجية محددة وسط الجبال. 

هذا ما يحاول القيام به لورينت بويسون، الأخصائي في معهد سيميغراف للأبحاث في غرينوبل الفرنسية، حيث طور نموذجا افتراضيا على الكمبيوتر لكتل التيهور المحددة فوق الجبال المحيطة بقرية مجاورة. من خلال تنسيق المعلومات المتعلقة بالرسم المحدد للمرتفعات،وتعزيزها بمعلومات حول كثافة الثلوج، والظروف المناخية التي تتحكم باستقرارها، يأمل  أن يتوقع يوما ما حدوث التيهور في أعالي الجبال المحيطة بالسهول.

ولكن هذا البحث ما زال بعيدا عن الاستخدام اليومي، لأن العلماء يحتاجون لفهم القوة المجهرية وضعف رقائق الثلوج عند سقوطها.

رقائق الثلوج هي زجاجات جليدية تنمو في حرارة التجمد عاليا داخل الغيوم.

وهي تتشكل من تناظر سداسي والشكل المسطح نفسه، ولكن كل منها كما يقال بالعامية فريد من نوعه.

يحدد شكل الزجاج الجليدي للثلوج ما إذا كانت ستتشكل طبقات ضعيفة أو قوية من الكتل، وما إذا كان سيحدث التيهور. إذا حافظت الزجاجات الثلجية على رؤوسها المدببة، يمكنها أن تتماسك معا بطريقة معقدة ومتشابكة. ما يعني أن الطبقة التي تتشكل من هذه الزجاجات ستتحول إلى كتلة صلبة ضمن تراكم الثلوج.

تشهد طبقات الزجاج في كتل الثلوج تغيرا مستمرا، إذ أن طبقة الرؤس المدببة قابل للذوبان الجزئي، ما يضعف الكتل الصلبة. عادة ما تتسرب المياه نحو الطبقات الأدنى من تراكم الثلوج لتعاود التجلد فتشكل من الزجاجات الثلجية هناك طبقة صلبة أخرى.

 يمكن للطبقات الضعيفة أن تنمو بعدة طرق. تتجمد الزجاجات الريشية الشكل حتى تتحول إلى سطح ثلجي متجمد. هذه الزجاجات هشة جدا، لهذا فهي تشكل طبقة ضعيفة ضمن الثلوج المتراكمة إذا ما دفنت تحت طبقة جديدة من الثلوج. تتشكل الطبقات الضعيفة الأخرى عبر تغيير في الحرارة عميقا وسط الثلوج. تتبخر المياه وتتجلد لتتخذ أشكال زجاجية جديدة، لتشكل طبقة طليقة. تتماسك حبيبات الثلج السكري بضعف مع بعضها البعض كحبيبات الرمال. يمكن لأي اضطراب مهما صغر حجمه أن يحول دون تمكن الطبقة الضعيفة من تحمل الثلوج الصلبة من فوقها.

يعتمد فهم التيهور وربما التحكم به يوما ما على تحليلات مستمرة ومتتابعة لبرنية الزجاج الثلجي. يتم في غرفة باردة تابعة لمعهد دافوس، تقطيع كتلة من الثلج وإخضاعها للميكروسكوب.

أما الهدف من ذلك فهو التعرف على تماسك هذه الزجاجات معا في أبعادها الثلاث.

عندما تحصل على ثلوج حديثة، تجد أن تسعين بالمائة من حجمها يتكون من الهواء، الهواء وحده، وعشرة بالمائة فقط منها جليد. أي أن الثلج هو مزيج من الجليد، سواء حبيبات أو زجاجيات، وهواء.

يستخدم أوثمار شرائح الميكروسكوب لبناء نماذج ثلاثية الأبعاد، على أمل أن يساعده ذلك في فهم السلوك الفيزيائي الواسع النطاق للثلوج فوق الجبال. أما الهدف من ذلك فهو القدرة على توقع الفترة التي يمكن لكتلة ثلجية ما أن تفقد استقرارها.

هذا هو الهدف أيضا عبر الحدود في غرينوبل. أما الأسلوب فيختلف.

يوضع غبار الثلج في أنبوب معدني ويستقر في كرة تغمر العينة بضوء أبيض، ثم يتولى جهاز قياس قدرة الثلج على امتصاص الضوء القادم من مختلف أرجاء الكرة. لكل نوع من الثلوج نمطه المختلف من الامتصاص، ما يمكن الباحثين من تحديد نوع الزجاج من خلال بصماته الكروية. كما تحدد الكرة حرارة الشمس التي يمكن لأنواع الزجاج المختلفة أن تمتصه على المنحدرات.

تعلق آمال كبيرة على أن تساعد هذه المعلومات في تحديد اللحظة التي تصبح فيها طبقات الجليد خطيرة. ولكن هذا البحث سيستغرق الكثير من الوقت حتى يثمر. حتى حينها سيتعرض الناس لمخاطر التيهور، ويكمن التحدي الكبير في مساعدتهم على البقاء أحياء.

=-=-=-=-=-=-= نهاية الجزء الثاني.

الجزء الثالث

ما زال توقع العلوم بدقة لحدوث التيهور على مسافة سنوات منا. لهذا ما زال يعتمد على الممارسات الأمنية كأداة عملية بديلة. المسافات التي يتركها التيهور خلفه شاسعة وعميقة. تشكل فرق الإنقاذ خطا لتمشيط الثلوج باستخدام قصبات اختبار، في عملية أشبه بالبحث عن إبرة في كومة قش. يمكن للقصبة أن تتخطى  الضحية لبضعة إنشات، لتتابع التمشيط بعدها.

أصبح الأمان أداة حيوية للإنقاذ. إنهم يرسلون ويستقبلون إشارات بالراديو. عادة ما تجهز للبث، ملكن يمكن لأي من الباقين على قيد الحياة بعد التيهور أن يحول الجهاز ليستقبل الإشارات من الضحايا الذين دفنوا.

 جرى في هذا التمرين دفن جعبة تحتوي على الجهاز في داخلها. طورت عبر السنوات الماضية مجموعة كبيرة من أجهزة إنقاذ الضحايا، ولكن قلة منها قبلت على مستوى واسع. يعتمد هذا النظام على كيس هوائي يمكن للمتزلج أن ينفخه بشد حبله.

تكمن الفكرة في أن كيس الهواء يجعل الضحية تطفو فوق ثلوج التيهور، ما يبقيه على السطح عندما يتصلب الجليد.

ولكن أكثر الأساليب فعالية لا تعتمد على التكنولوجيا بل على الطبيعة. حاسة الشم الدقيقة لدى الكلاب، إلى جانب قدرتها على الحركة، يجعلها أكثر فعالية في الكشف، من جميع أجهزة التكنولوجيا.

بدأت فرق الإنقاذ تصل عند الصباح بعد توقف عمليات البحث في وقت متأخر من ليلة أمس. وقد تسبب التيهور بأضرار جسيمة..

عام اثنين وثمانين  انهال خمس وستون طن من الثلوج على منتجع ألباين ميدو للتزلج، ليقتل سبعة موظفين خلال خمسة عشرة ثانية فقط.

بدأ خط التصدع على طول الطبقة الممتدة تحت الأشجار وذلك بعمق يتراوح بين ثمانية واثني عشر أو ربما خمسة عشر قدم.

لا أعتقد أن أحدا في تلك الفترة كان يشعر بأن المنحدر يمكن أن يتسبب بتيهور من هذا الحجم. قال بعض العلماء المهندسين بأنهم كانوا يعلمون باحتمال حدوث ذلك، ولكن متمرسين مثلي ممن جاءوا لزيارة المكان بعد انهيار الثلوج توافقوا عموما على استغراب وقوع حدث بهذا الحجم من منحدر تيهور صغير كهذا.

يحدث تيهور من هذا النوع مرة كل مائة عام. وقد حطم كل شيء باستثناء الإطار الحديدي لهذا المبنى، ليدفن المنطقة المحيطة تحت عشرات الأقدام من الثلوج.

عندما جئت إلى هنا لم أكن أعرف شيئا عما حدث، بل ظننت أن انفجار ما قد وقع وأن المنزل قد انهار فوق رؤوسنا.

طوال الفترة التي دفنت فيها كنت أسمع البعض يصرخ مناديا اسمي، كنت أسمع أنهم ينادون ويحاول العثور علي، وكنت أصرخ بدوري، دون أن يتمكنوا من سماعي. كنت أقول في نفسي آمل أن يعثروا علي قريبا، لأني أريد أن أشكرهم فعلا على إخراجي من هنا.

أخرجت آنا كونراد على قيد الحياة من تحت حطام المبنى بعد خمسة أيام من ضرب التيهور. لقد فقدت ساقها كما توفي خطيبها.

في اليوم الخامس ضربت العاصفة، رغم زرقة السماء. عندما رفع رجال الإنقاذ لوحا من الخشب، خرجت من تحته يد تتحرك، كانت يد آنا.

ما زلت أتذكر، سعادة تلك اللحظات، والبهجة بعد أن كدنا نبلغ حد اليأس، لموت بعض الأشخاص، وظننت أنها ماتت فعلا. ولكنها كانت على قيد الحياة وقد ارتفعت المعنويات عندما أخذتها الهليكوبتر، كانت تلك لحظات للذاكرة فعلا.

لا أريد أن أموت لا أجد ما يدعوني للموت. لهذا تابعت المحاولة وأنا على ثقة بأني سأتمكن أخيرا من النجاة.

خرجت من هناك بحالة جيدة نسبيا وتجاوبت مع العلاج. أعتقد أن الظروف أجبرتني على التجاوب أيضا، لأني لم أشأ أن أصب بالكآبة بعد أن فقدت جزءا من جسمي. علما أن خسارتي الكبرى كانت بموت خطيبي. كانت تلك ظروف قاسية جدا.

ما لا يصدق هو أن هناك من يستعد للمخاطرة  في بناء منزله ضمن منطقة معرضة للتيهور. يشيد هذا المنزل في جبال يوتا، كغيره من المباني في وديان يوتا، من الإسمنت المسلح.

أقترح بشكل عام تفادي البناء في طريق التيهور كليا، هذا هو الإجراء الاحتياطي الآمن الذي يمكن اتخاذه.

علما أنه من شبه المستحيل القيام بذلك في ألتا لأنك إذا أردت البناء هنا من الصعب أن تتمكن من تفادي ممرات التيهور، فالوديان ضيقة، والعواصف هائلة، والثلوج تتراكم لفترة طويلة من العام لهذا من السهل جدا على التيهور أن يصل إلى قاع الوادي.

تلعب التحاليل المخبرية دورا حيويا في تصميم المباني الجديدة في المناطق المعرضة للتيهور.

يستعمل المهندسون مياه مصبوغة لتقليد ما يجري في التيهور. الذي ينطلق عاليا في الهواء عندما يصطدم بالجدار، لتتشكل دوامة من الضغط العالي المعزز، تضرب الجانب المنخفض من الجدار.

هذا هو مبنى مركز سيدة الثلوج في ألتا، الذي حل محل مبنى سابق  دمره التيهور. وقد ساعد آرت ميرس في تصميم بديله.

إذا ما عبرت أمواج التيهور فوق سطح المبنى، ستؤدي إلى ضغط ينفجر فوق هذه النوافذ، التي صممت خصيصا للتيهور.

يوازي الضغط الناجم عن التيهو عشرة أو خمسة عشر ضعفا للمبنى العادي.

عايش البناءون التيهور في جبال الألب لعدة قرون، وقد شيدوا سطح هذا المبنى على شكل زاوية حادة كفيلة بشطر موجات الثلوج.

من شبه المستحيل تفادي التيهور هنا، فتحت هذه القمم، تنتشر القرى والبلدات في شريط مستمر يمتد على طول الوديان، ولا يمكن تفادي بناء مناطق بكاملها في طريق التيهور.

يستخدم المهندسون هنا خريطة مسح جغرافية مفصلة للتوصل إلى طريقة اقتصادية للحماية من التيهور. تحتوي هذه الخريطة على ممرات التيهور الرئيسية عبر وادي شامونيكس، الذي يقع على عمق اثني عشر ألف قدم تحت جبل بلانك.

تعتبر منحدرات الوادي الشديدة مناسبة جدا لبدء التيهور.

دفعت ضغوط السكان العاديين إلى بناء ضواح جديدة لشامونيكس في ممر التيهور الذي ينطلق من صخور تاكوناس الجليدية. لهذا تتولى أنظمة من قنواة وحواجز الإسمنت حماية الشاليهات والمباني الجديدة، الواقعة في قاع الوادي.

يكلف نظام الحماية من تيهور جليد تاكوناس حوالي خمس وعشرون مليون فرنك. إنه مبلغ هائل بلا شك ولكن لا بد من ربطه بعد المنازل التي يحميها هذا النظام. تكمن المشكلة الأكبر بحجم التيهور المعني.

لدينا أولا عاكسات الإسمنت لشطر أرضية التيهور، ولدينا أيضا قواطع هائلة للروابي إلى جانب مساحات مسطحة شاسعة يفترض أن تحط فيها الثلوج.

وللحؤول دون تدفق التيهور وخروجه من هذا النظام قمنا ببناء سدود كبيرة لتعزيز الأرض.

منذ تشييد هذا البناء حصلت عدة انهيارات ثلجية في العام نفسه، مر ثلاثة منها على الأقل في هذا الممر، الذي نجح في أداء وظيفته بشكل جيد.

لا بد من حماية الشوارع أيضا. فبدون الحماية يمكن للتيهور أن يدفن سيارة بكاملها تحت قدم من الجليد والثلوج ليقتل ركابها.

هذا الطريق في كولورادو محمي بعدد من الروابي المخروطية الشكل التي تشطر وتبطئ التيهور. ولكن هذا النوع من الوقاية باهظ الكلفة لهذا فهو نادر. وهو لا يستخدم إلا عندما يزيد الخطر ولا يبقى خيارات أخرى.

وهذا أسلوب أكثر شيوعا من الحماية. تقوم دوريات تزلج بإطلاق النار دوريا على الجبال لاستفزاز أحجام صغيرة من التيهور تحول دون تراكم الثلوج التي تضرب انهياراتها الشوارع والطرقات .

تستخدم دوريات التزلج شحنات يدوية أيضا. يتم إزالة الأفاريز الثلجية قبل أن تسقط وتتسبب بتيهور على المنحدرات. يستخدم في أرجاء أمريكا أكثر من مائة ألف رطل من المتفجرات للوقاية من التيهور سنويا.

قواطع التزلج هي جزء آخر من أسلحتهم. يمكن للخبير بمجرد التزلج فوق كتل غير مستقرة أن يتسبب بوقوه تيهور صغير ضمن ظروف يمكن التحكم بها.

ما زال البحث جاريا للتوصل إلى حلول أكثر دواما وأقل خطورة. تكمن السبل الواعدة بالوقاية من نمو تراكم الثلوج المستمر.

يستخدم العلماء في غرينوبل الرمال في أنفاق الريح لتقليد سلوك الثلوج. تعبر أشعة الليزر من مقاطع الرمال  أثناء اصطدامها بنموذج السياج. يقوم الخبراء بهذه التجارب لبناء السياج فوق الجبال. عندما تنفخ الرياح فوق السياج تشكل دوامات تخفف سرعتها، ما يسقط الثلوج في المنطقة التي يريدها العلماء تحديدا.

يعتبر السياج مشهدا شائعا في سلسلة جبال الألب، حيث تنتشر تحت ممر الرياح في السلسلة، تسقط الثلوج قبل أن تصل إلى خط السلسلة، فتحول دون تشكل الدوامات ونمو الكتل الخطيرة في الجانب الآخر.

تعتمد تقنية أخرى باستخدام الحواجز الحديدية لتفادي تحول الكتل التي تتشكل إلى تيهور. تجرب الحواجز عبر إخضاعها لضغوط الثلوج للتنأكد من قوتها.

أما الهدف منها فهو الإمساك بالتيهور قبل أن يتخطى في مروره بضعة أقدام.

ولكن الحواجز باهظة التكاليف، كما أصبحت تشوه المشاهد هناك. ما زال هناك خيار طبيعي. يمكن للأشجار أن تساعد في كبح  التيهور الصغير. لتحول دون تأثيراتها الأسوأ. كما أن الأشجار تساعد على إبقاء طبقات الثلوج في مكانها. تمكنت الغابات من حماية قرى الألب طول قرون مضت. يعود أول قرار صدر  لمنع قطع الأشجار التي فوق القرى إلى عام ألف وثلاثمائة وسبع وتسعين. ولكن مستقبل الأشجار الواقية في الألب لم يعد مضمونا.

يؤدي توسع منتجعات التزلج إلى الدفع نحو مناطق معرضة، لتحطم الأشجار التي في طريقها، وهم بذلك ينشئون الظروف الملائمة لوقوع تيهور شبه مؤكد. من المحتمل أن يصبح التيهور هو الثمن الباهظ الذي نجبر على دفعه مقابل استمتاعنا في الجبال.

أعتقد أن المتزلج العادي هنا لا يعي مشكلة التيهور، ولا شك أن البعض يعي أهمية ذلك عندما يرون أننا نرمي بقنابل الثلوج. ولكني تحدثت مع العديد من الزبائن ليتبين أنهم يجهلون الموضوع برمته. وهم هنا فقط للتمتع بأفضل الأوقات.

الحياة هامة، ولكل يوم فيها أهميته، وهناك الكثير من المتاع الذي يمكن الحصول عليه بالعيش هكذا. وأعتقد أن هذا هو السبب الذي يدفع الناس إلى التسلق ويحلقون في الهواء ويستمتعون بحياة محفوفة بالمخاطر، لأنهم يجدون في ذلك المتعة التي يبحثون عنها في الحياة.

لدي أصدقاء يصرون على الخوض في المخاطر عدة أيام، أصدقاء يعرفون براد ويعرفونني.

لا شك أن هذه مسألة تثير الغضب ولكني لا أستطيع تحمل المسؤولية عن حياتهم أيضا، فهذه شؤونهم الخاصة وآمل ألا يواجه أيا منهم المصير البائس الذي واجهني.

على مدارالعشرين عاما الماضية شاركت في الحفر واستخراج ثلاثة أو أربعة وعشرين جثة من ضحايا ثلوج التيهور. وقد أصبح الأمر قديما وكدت أتعب من محاولة إفهام زوجة شخص ما لماذا مات زوجها.

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster