اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 السمك الهلامي: جمال قاتل
 

السمك الهلامي

 

تنساب في البحر بلا وزن وكأنها أقمار صناعية تسبح في السماء.

 تستمد قوتها من عضلات نابضة على شكل جرس يقودها عبر الماء.

 بعضها بحجم كبير يكفي لنقل الركاب في جولة عبر المحيطات.

 حتى أن تلك التي تعيش في العمق المظلم تحمل الأضواء على متنها.

 جميعها مسلح لدرجة أن بعضها بالغ الخطورة.

 يمكن لأي ممن يلامس هذه الأطراف أن يموت خلال دقائق معدودات.

 اجيال من السكان الأصليين كانت تجتمع في هذا المكان المقدس لتسترجع زمن الأحلام، في تلك الأيام البعيدة، كما يحكي تاريخهم، كان الإنسان حيوان بعد. ومن بين الحكايات التي يرددونها قصة اراتجونغ، السمك الهلامي، ورحلاته الطويلة والمليئة بالمشاكل، وما رآه في ترحاله.

 كان اراتجونغ قاتلا، وله عيون بالغة الجمال، كما أنه ما زال قاتلا، ولا بد أن يرى اكتشافات جديدة في عالم البحار كما يرد في جوانب أخرى من الرواية القديمة.

  هناك تحذيرات منتشرة على شواطيء كوين لاند في استراليا، تخبر الناس عما يمكن أن يفعلونه إذا ما اعترضهم اراتجون، الذي يعرف اليوم بعلبة السمكة الهلامية.

 تتميز تاون فيل، بالشواطئ المترامية والمياه الدافئة. انها المكان المناسب للسباحة. ولكن العوم في خارج المناطق المحمية من السمك الهلامي فيه مخاطرة جادة.

 تهاجم العلبة الهلامية بصمت وتسبب آلاما حادة ومفاجئة.

 نجدة الشواطئ جاهزون ويتصرفون بشكل مباشر.

 بعض الخيوط القارصة ما زالت برجله ولكن أي محاولة لإزالتها ستوقع مزيدا من الأضرار.

 يصبون الخل على المناطق المتأثرة للحؤول دون انتشار السموم.

 عندما يفقد المصاب وعيه لا بد من تأمين التنفس الاصطناعي.

 تصل سيارة الإسعاف خلال دقائق لأن مجرد ثوان يمكن ان تحسم الأمر بين الحياة أو الموت.

 يحقن المصاب  بمضاد للسموم  من قبل أحد الممرضين قبل أخذه إلى المستشفى.

 هذه تدريبات على الإسعافات الأولية فخطورة الصندوق الهلامي، المعروف هنا بالقوارص موجود باستمرار. تقع الإصابات بين قتلى وجرحى في كل موسم، وهم غالبا ما يكونون  من الأطفال.

 السموم التي يفرزها  السمك الهلامي المعروف هنا بصندوق السمك الهلامي، تعتبر من اسوأ السموم الحيوانية في العالم. انها تحتوي على مجموعة من المركبات، ولكن المسألة الأهم هي أنها تؤدي إلى توقف نبضات القلب.  وقد يحصل ذلك بعد خمس دقائق من لسعة السموم التي هي عملية سريعة.

 كثيرا ما تكون الإصابة شديدة بحيث يصل خيط السموم إلى أعماق الجلد.

 أطراف هذا القنديل لا تستهدف البشر، ولكننا نقف في مرمى نيرانها.

 يسعى الصندوق الهلامي خلف فريسة صغيرة يوقعها بين أطرافه، كهذه السمكة مثلا.

 يبدو أن السمك اشد مقاومة لهذه السموم من بني البشر، إلا أنها مسألة وقت  فلا يمر الكثير حتى تسحب إلى داخل الجرس الشفافي، حيث يتم هضمها.

 تعتبر هذه القناديل في غالبيتها حيوانات مفترسة. سلاحها خلاياها السامة، التي يمكن أن تقذف بها بالملايين كي تحقن السموم في جلد الضحية.

 ولكن هناك نوع واحد يستمد غذائه من أشعة الشمس. انه يسكن هنا جنوبي الفلبين. دليلنا الصغير هو تيليبوي، إنه يعرف وجهة الخليج الذي يأخذنا إليه.

 هنا ما كان يبحث عنه، انه قنديل يسبح من أعلى إلى أسفل.

 هذا إذا ما أراد السباحة يوما، ولكنه عادة ما يجد له مكانا هادئا في البحر ويسترخي تحت أشعة الشمس. فلا حاجة له بأن يفعل أي شيء آخر لأنه يتعلق ببعض النباتات الصغيرة، هي طحالب مجهرية شبيهة بالكلف أو النمش،  تستخدم الطاقة الشمسية لصناعة الأغذية التي تتقاسمها والسمك الهلامي.

 لا حاجة لهذه الهلامية بالصيد، إنها تستلقي على ظهرها وتترك الطحالب تغذيها.

 المسألة الأهم هي العثور على المكان المناسب تحت أشعة الشمس. فالمسألة لا تختصر في الاعتماد على الطاقة. فهي حتى إن وجدت المكان المناسب، قد لا تأمن فيه بالكامل.

 تيليبوي يحب جمع السمك الهلامي للغداء.

 تقدم هذه القناديل في المطاعم الرئيسية لسيبو، الميناء الرئيسي في الجزيرة، كطبق  من المقبلات.

 الزبائن لا يعرفون ذلك، ولكنهم مع كل لقمة يمضغون بعضا من الطحالب المجهرية، التي ربما كانت هي ما يضفي  النكهة المميزة على طعم هذه القناديل.

 على مسافة ساعتين بالطائرة من سيبو يعتبر نوعا شبيها من القناديل الشمسية مركز اهتمام كبير، كونها الوحيدة في العالم. هذا هو ارخبيل ماكرونيسيا القريب من بالاو.

 يأتي الناس إلى هنا رغبة بالغوص، إلى ما يسميه جاك كوستو بالجنة تحت الماء.

 ولكن لا يعرف الكثيرون أن هناك بحيرة لا تبعد كثيرا عن البحر تعتبر جنة بالنسبة للسمك الهلامي.

 هناك آلاف مؤلفة منها بحيث لا يمكنك الحؤول دون الغوص فيها. إنها لا تلسع. والسباحة بينها تملأك بإحساس التحليق عبر غيوم من فقاعات الصابون.

 تحصل جميع هذه القناديل على الغذاء من خلال طحالب تسكن في داخلها. انها تعلو وتهبط في الماء بحثا عن المكان الأنسب للحصول على أشعة شمس صافية.

 ولكن هناك ما هو أكثر من ذلك. يعرف  من يقتني النباتات جيدا أنها تحتاج للأغذية بين الحين والآخر.

 البحيرة عميقة جدا، والماء في أسفلها غني بالنشادر،  الناجمة عن مخلفات الأسماك المتعددة التي تعيش هناك إلى جانب الشقار، قريب السمك الهلامي الذي يحمل خلايا اللسعات نفسها في أطرافه.

 تغوص القناديل في الأعماق لتجمع النتروجين وتطعم نباتاتها، فيغذي بعضها الشقار. سمك ديك البحر ينتظر بتأهب وكأنه يعرف ما سيأتي بعدها. يفتح الشقار مريئه واسعا، إلى أن يدخلها القنديل وهو ينبض بعد. حينها تهاجمه سمكة ديك البحر.

 تسكن كميات كبيرة من الشقار في أعماق البحيرة، فتحصل على الغذاء من أقاربها  عشاق الشمس التي تحملها من على سطح الماء.

 من أعلى إلى أسفل: هذه سفينة أبحاث نورويجية من جامعة بيرغين، في لور فجور. موطن لأسماك هلامية تعيش في الأعماق ولا تصعد إلى السطح إلا في الليل. إنها الفرصة الوحيدة لتتبعها عبر كاميرا روبوت.

 تمت مشاهدة أول واحدة في العاشرة ليلا، وقد مرت كالظل إلى جانب السفينة.

 إنها حمراء براقة غريبة الجمال، فيها قبة منحنية تحتوي على أعضاء تناسلية زهرية اللون.

 يستفاد من النور لإنزال زورق يأتي بعدد من الأسماك الهلامية التي تعيش في العمق  إلى السفينة.

 وأخيرا يتم الإمساك بأحداها كي توضع في حوض أسماك السفينة.

 أصيب علماء الأحياء بالدهشة ولكنهم يشعرون بالخيبة أيضا. الخيبة لأن الأحمر الفاقع الذي كان يميز القنديل قد تلاشى، يبدو أن الحوض لم يعجبه.

 هذا سبب كاف لتحضير كاميرا  بتحكم  آلي لتعقب السمك الهلامي في موطنه في أعماق البحر.

 يبلغ طول الشريط الذي يحمل صور التلفزيون ويتحكم بالمحرك أكثر من مائتي متر.

 علما أن الظلام يبدأ على عمق بضعة أمتار فقط.

 تعم في غرفة القيادة حالة من الترقب الشديد، وكأن الجميع يغوص في الأعماق مع الكاميرا .

 يتولى التقني توجيه الروبوت  بمهارة تامة عبر المياه. إلى أن تسلط الأضواء على الطريدة . يعرف قنديل المياه العميقة لدى العلماء باسم بيريفيلا بيريفيلا.،

 الصور ممتازة جدا، ولكنها لا تقدم مزيدا من المعلومات عن قنديل الأعماق. ثم غاب النور.

 موجات الضوء تمر عبر القناديل، ما لم يسبق أن رآه أحد على متن السفينة من قبل.

 تبع ذلك خروج شحنات من الجزيئات الشبيهة بندف الثلج وسط المياه المظلمة.

 لا أحد يعرف ما يعنيه ذلك. ما زالت بيريفيلا  بيريفيلا من  العالم المجهول.

 يعيش السمك الهلامي على الأرض منذ خمس مائة  وخمسين مليون عاما. لقد شاهد الديناصورات تأتي وتذهب، فيبدو انه يعرف سر الحياة الأبدية. والحقيقة أنها خالدة إلى حد ما، رغم حقيقة عثورنا على الكثير منها ميتا على الشواطئ. فهي تتمتع بحياتين، عندما تنتهي الأولى تبدأ الثانية.

 أما هذا القنديل فموته أبدي. ولا يمكن لمخلوق أن يعيد إليه الحياة. ولكن قبل موته، نثر بذور عيشه في المستقبل.

 يحمل القنديل الناضج بذور نسله في داخله، ضمن جيوب خاصة تحتوي على آلاف من الصغار التي لا تشبه والدها إطلاقا. إنها يرقات ستطلق في الماء لتبحث عن مكان تسعى من خلاله نحو العمق.

 تنمو هناك لتتحول إلى ما يشبه الأنابيب الصغيرة بأطراف تلسع.

 ولكن هذا ليس كل شيء. فهي سرعان ما تتضاعف، وتنتج مجموعة من الحلقات الشبيهة بالصحن المقلوب. كل من هذه الحلقات حيوان جديد، حين تنفصل تنطلق واحدة بعد الأخرى كسمكات هلامية صغيرة. لا يتعدى حجم كل منها ذرة الغبار.

 ينمو كل قنديل إلى أن يصبح جاهزا لإنتاج صغاره بنفسه، وهكذا دواليك. القنديل هو الغذاء المفضل للسلحفاة، التي تتمتع بحصانة ضد سمومه، بما في ذلك سموم القناديل القاتلة، التي يبدو أنها الطبق الأكثر شهية. فلا مفعول إطلاقا للسعات هنا.

 وبعض القناديل تتغذى على بعضها الآخر.

 هذا نموذج خطير وغير معروف من بحر الشمال. هذا المخلوق الشفاف، الذي تتقلب ألوانه أمام ضوء الكاميرا يعرف بقنديل المشط. كثيرا ما يطفو على سطح الماء ليبدو أشبه برخام براق.

 وهو لا ينبض كباقي القناديل كي يتنقل، بل يعتمد على شعيرات تنتشر على جانبيه.

 من بين هذه القناديل المشطية هناك نوع يعيش على الصيد. فهو يقترب من قنديل آخر، حتى يبدو وكأنه يشتمه، ثم يذهب بعيدا، ولكن الأمر لم ينته.

 فهو يعود مرة أخرى ولكن هذه المرة من الأسفل ليربط نفسه بضحيته. يفتح فهمه ويدخل طريدته التي هي أكبر منه.

 وهكذا يبتلع القنديل الآخر ببطء شديد ولكن بلا تردد.

 القناديل ليست جميعا معادية لمخلوقات أخرى. فلبعضها علاقات مميزة مع الأسماك. كهذا النوع من القناديل الذي يعتمد على حراسات من السمك الإسقمري الصغير.

 عند تعرضها للخطر تحتمي السمكة بين الأطراف السامة للقنديل، ولكنها أيضا تحمي القنديل من أنواع أسماك أخرى.

 لنجرب ذلك سندفع بسمكة مزيفة عبر سلك نحو القنديل.

 فيهاجمها الإسقمري مباشرة فيضرب الدخيل بذيله ويلكمه على رأسه.

 تنسحب السمكة الخشبية بعد تعرضها للضرب، ويتابع القنديل سيره الاعتيادي.

أما إذا كان العدو أكبر من أن تتمكن السمكة الصغيرة لمهاجمته، كهذا المخلوق الهائل المصنوع من المطاط، فهي تغوص بحثا عن غطاء لها، فتسبح قريبا من الأطراف التي لا يمكن أن تسبب لها الأذى فهي تتمتع بحصانة تجاه السموم.

 وهذا قنديل بحجم هائل يحمل على سطحه أعداد كبيرة من المسافرين المستعدين للبحث عن ملجأ تحت جرسه متى تطلب الأمر ذلك.

 إنها بأمان هنا محاطة بخلايا اللسعات التي يحرصون على عدم استفزازها. يكتفي القنديل بتناول الضحية الأصغر بمئات الآلاف من الأفواه المنتشرة بين أطرافه.

 ولهذا القنديل من يختبئ ليقود الدفة فيه من ضمن خدمات الجرس.

 إنه  سرطان صغير يتولى مسئولية هامة. حين يتهدده  خطر ما من جهة محدده، يبدل موقعه فيغير القنديل اتجاهه.

 لنعد إلى استراليا، بما أننا الآن نعرف المزيد عن القناديل، ماذا عن القاتل بالتحديد؟ بوب هارتويك هو عالم أحياء ينكب على دراسة المكان الذي يأتي منه هذا النوع. وقد أوصلته أبحاثه إلى مناطق المنغروف بالقرب من تاون فيل.

 سبق له أن اصطاد في البحيرات آلاف المرات، وهو متأكد أن هذا القنديل يأتي ليفقس هنا، ولكنه لم يعثر عليه.

 بعض السرطان يأتي بحثا عن الغذاء هنا في ساعات الجزر ولكنه لا يهتم بالأجزاء المعرضة من الخلجان.

 لا بد أن القناديل تفقس عند حدود المد والجزر بين الصخور في أعماق الخليج.

 لا بد لصغار القنديل أن تجد مكانا تنمو فيه، ربما بين الحجارة. ولكنه جمع أكثر من خمسة آلاف منها لإجراء التحاليل المخبرية دون جدوى.

 لا فائدة من البحث عن صغار القناديل هنا، إذ لا يمكن رؤيتها دون استعمال المجهر. لهذا يلجأ إلى جمع ما يكفي من الحجارة كي يحملها إلى البيت ويدرسها.

 وأخيرا عثر على هذه.

 تبلغ من الطول بضعة ميليمترات بأطراف صغيرة متحركة. فهل هي من صغار القنديل القاتل الذي كان يبحث عنها؟

 بعد أسبوعين حصل على الإجابة التي يحتاج إليها، فقد نتج عن الصغير علبة سمكة هلامية تسبح في مستوعب في مختبره.

 أصيب بوب هارتويك بالدهشة. ولكن هناك ما هو بأهمية ذلك، فحين وضع إصبعه في المستوعب، حاول القنديل أن يتحاشاه، وكأنه يستطيع رؤيته.

 عندما وضعه تحت المجهر لاحظ أنه يتمتع بمساحة للعيون. وحين ركز جل اهتمامه عثر على معطيات جديدة ومثيرة جدا. إنها عيون فعلية بعدسات شبيهة بعيون الثديات ولكنها لدى القنديل.

 أضف إلى ذلك أن بوب سلط الضوء على عين القنديل فتقلصت عدستها تماما كما يحدث بالنسبة لعيوننا.

 لا أحد يعرف ما تراه وهي بلا دماغ ولكن لا شك أنها ترى.

 إذن كان السكان الأصليون على حق بالنسبة للعيون الجميلة، تسليبوي كان يعرف ذلك أيضا. إنه وأصدقائه يعتمدون على قدرة صندوق السمكة الهلامية على الرؤية  في وطنهم الفلبين. القناديل بارعة في السباحة، وحين يقترب شيئا داكنا منها  تبتعد عن الطريق.

 إنها لا ترغب  بالاشتباك مع حيوانات أكبر منها، فهي أقل رغبة منا في الاشتباك معنا. القناديل هي أبسط الحيوانات على كوكب الأرض، ولكنها متطورة جدا على طريقتها، وهي تتمتع بقدرات كنا نعتقد أنها مستحيلة حتى وضعنا عيوننا بعين القاتل.

 --------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster