اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 البحر البارد
 

جبل الجليد

 

ألاسكا ، بلاد جميلة وخطيرة، هي أراض صعبة وبعيدة وتشكل تحديا صعبا من حيث المناخ إلى حد لا يمكن تخيله من القسوة. وهي منطقة باردة ومظلمة  ومنعزلة طوال الجزء الأعظم من العام. أما حجمها فهو أكبر من ولاية كليفورنيا  ومونتانا وتيكساس في آن معا.  ما يزال المجتمع البشري يعيش على أطراف هذه الأراضي الوحشية والشاسعة.

المناطق الغنية وحدها كانت  تجذب الإنسان إلى تلك الأماكن البعيدة والقاسية.

جاءت طلائع البشر إلى هناك لتتقاسم المصادر الطبيعية الغنية لألاسكا من ذهب وفرو والسلمون والفقمات والحيتان.

من الصعب العثور على نهاية للمساحات الشاسعة والوحشية المتفشية في أرجائها .

أنظر إلى هناك إلق نظرة واحدة.

ها هي تنفخ من جديد.

الحيتان أمامنا.

يطير الحربون بدقة متناهية إلى البحر ويستقر بثبات في جسم الحوت .

الخطورة والرعب الذي كان يميز صيد الحيتان في السنوات القليلة الماضية قد ولى بلا رجعة مع تطور مهارات القتل الإنسانية.

يصل المغامرون الجدد هذه الأيام على متن سفن صيد مجهزة وبالكاد يرون ما خلف الأشجار التي تشكل حدودا للشواطئ.

ما زالت ألاسكا من وجهة نظر الكثيرين كحدود للحياة الوحشية. ولكنها وحشية مهددة. الشارع الرئيسي عبر ألاسكا هو شارع بحري. سفينة استكشاف المحيط كويست ستسافر عبر هذه الطرقات لتتأكد من صحة هذه الوحشية.

أندريو وليز وايت يقودان بعثة كويست للانضمام إلى العلماء ممن يدرسون الأخطار التي تتهدد الحياة الوحشية في البحر. تعيش الكائنات هناك في أكثر مياه المحيط إنتاجية في العالم، ولكنها للمفارقة، تكافح في سبيل البقاء على قيد الحياة.

مقارنة مع أقاربها من الحيوانات التي تسكن البحور الاستوائية، تنمو الكائنات هنا بأحجام كبيرة جدا. يأتي حلول الصيف معه بانفجار الحياة، فالشمس تعزز كميات المعلقات في الماء وتنمي كميات الطحالب، فتتحول المياه إلى حساء أخضر يغذي الحيوانات الأخرى.

يحمل السرطان والرخويات والأنكليس بين غيرها من الحيوانات البحرية ألوانا تزين الظلال في أعماق هذه البحار.

قليل من الناس يغوصون في ألاسكا. فالمناخ هنا بارد والظروف بالغة القسوة ولا يمكن التنبؤ بحجم الصعاب.

هذه المياه  باردة جدا، لدرجة أنها قادرة على قتل الإنسان خلال دقائق.

إتلافها في السنوات الأولى وتعريضها لحملات صيد عشوائية أدى إلى ما يشبه انقراض الحياة الوحشية في ألاسكا. ولكن هذه الحياة بدأت تواجه اليوم تهديدات من نوع جديد. قلة المعرفة.

رغم أن الصيد التجاري قد توقف،إلى أن أعداد هذه الحيوانات ما زالت تتدنى، ولا أحد يعرف السبب. لدرجة أن الوقت أصبح عاملا حاسما لضمان ما تبقى من هذه الحيوانات على قيد الحياة.

سفينة كويست هنا اليوم للمساعدة في دراسة المخاطر التي تهدد الحياة الوحشية عبر المساهمة  بالمعلومات اللازمة جدا بهذا الخصوص.

تراسي آرم، هو زقاق  متجمد. الفقمات هنا يلدن على الجليد الطائف. بعيدا عن الحيوانات المفترسة.

كانت هذه الفقمات تنتشر يوما في جميع أنحاء ألاسكا، ولكن منذ مطلع السبعينات بدأت أعدادها تتقلص جديا في بعض المناطق. ففي جزيرة واحدة، اختفى تسعون بالمائة من هذا الحيوان الجليدي بين عامي ستة وسبعين واثنين وتسعين.

كانت هذه الفقمات مرغوبة لسماكة جلدها.

حتى صيادي السلمون وبدعم من حكومة الولايات المتحدة، حاولوا القضاء عليها لأنه منافس ماهر وذو كفاءة عالية، لهذا تم ضربها بالديناميت.

تحاول مجموعة من العلماء وعلى رأسها جون لويس البحث عن الأسباب الكامنة وراء انخفاض أعداد هذه الفقمات.

لا يعتبر جون أنها مسألة تحديات علمية، ولكنه مسحور بعادات الفقمة.

لدينا كثيرا من العلوم، وخاصة في مجال الحياة الوحشية.أعني أننا نعرف ما نفعله بالدم ونعرف كيف نتصرف بشؤون الجينات ونبحث عن الأمراض، والمشكلة الكبرى التي وقعنا فيها كانت تتعلق بالمهارة التقنية للإمساك بالفقمة.

هناك طريقة واحدة للإمساك بالفقمة، وهي بالتفوق عليها. ما يحتاج إلى زورق سريع وشبكة وشخص مستعد للقفز إلى خارج الزورق وهو يسير بسرعة فائقة. المرأة الفقمة كما نطلق على اونا سواين ،  قفازتنا، تربط جانبا من الشبكة على الشاطئ بينما يدور الزورق بالجانب الآخر.

ما يحول دون هرب الفقمة أو على الأقل هذه هي النظرية.

كم مرة قفزت اليوم؟ حوالي خمس مائة مرة؟ طيعا.

حسنا، عشرة للفقمات وصفر للبشر.

قد يكون هذا اليوم المناسب. خاصة بعد ثلاثة أو أربعة أيام من طقس فاسد كهذا. ربما كانوا يبحثون عن قسط من الراحة.

قد أصف هذا الطقس بالفاسد.

كم استغرق الأمر للوصول إلى هناك منذ أيام؟ حوالي نصف ساعة؟

أو ربما خمسة وأربعون دقيقة. إلا إذا كان هناك فقمات في المرحلة الأول.

هل نفعل ذلك أولا؟

نعم، سنتابع ما كنا نقوم به، توقف هناك والق نظرة ثم الق بأونا في الماء، إذا ما رأيت فقمات.وإلا فأجلها مرة أخرى.

بكم فقمة أمسكت خلال الدراسة بكاملها؟

ما يقارب المائة، ما بين التسعين والمائة. أعتقد أن لدينا خمسة وأربعون علامة حتى الآن. وربما كانت برينس وليام ساوند قد أمسكت بما يقارب المائة وخمسين فقمة.

كم علامة تريد أن تضع خلال هذه الرحلة؟

نحن نحاول الوصول  إلى ثمانية أجهزة إرسال. فنحن نسعى للتعامل مع ما يتراوح بين العشرين وخمسة وعشرين فقمة.

حسنا فليكن جاهزا.

عبر هذه السنوات تمكن جون وفريقه من إجراء التجارب على عدة سبل من الإمساك بالفقمات.

أما الصيد لهم واستخدام الشبك فقد أثبت نجاحا ملحوظا.

هنا تجتمع المغامرة مع الحاجة العملية لتتحد مع العلوم .

أنظر إليها إنها في كل مكان.

على العالم أن يعمل بسرعة، فربما تتعرض للغرق إذا علقت في الشبكة  وبقيت هناك لفترة طويلة.

هناك فقمة صغيرة، إنها صغيرة جدا هناك.

يمكن أن يصل معدل وزن الفقمة البالغة إلى مائتين وخمسين رطلا، ومن الأفضل أن تتنبه إلى أسنانها إذا اقتربت كثيرا منها.

أالفقمات يحرصن جدا من البشر والقوارب.

لم ينشأ هذا النوع من ردات  الفعل  عبر لقاءات قريبة من النوع المسالم.

إحساسهم ينبئهم بالهرب. إنها تعتبرنا أعداء. من المفترسين القادمين من عصور الصيد الطويلة.

يحرص الفريق جدا على الأحوال الجيدة لهذه الحيوانات.إنها تبرر المعاملة القاسية ظاهريا بالمعلومات الهامة التي يتم الحصول عليها. والتي بدونها لا يمكن العمل لضمان بقاء الفقمات على قيد الحياة في المستقبل.

تخرج الفقمة من الشبكة لتوضع بحقيبة خاصة تنقل من خلالها إلى مركب أكبر حيث يتم فحصها.

فليمسك شخص آخر من ذلك الجانب.

مباشرة على ظهر المركب.

إنه ذكر.

يتم وزنها وقياسها وتؤخذ عينة من دمها لتحليله والتأكد من أصابتها بالمرض.

مائة وخمسة وأربعون.

وأخيرا توضع العلامات للتعرف عليها في المستقبل.

أمسكة سفينة كويست بسبعة عشر فقمة،ووضعت علامات على ثمانية منها، بجهاز إرسال للأقمار الصناعية، ما يسجل مساهمة في دراسة جون.

إذا تنقل المعلومات عبر  جهاز الإرسال إلى القمر الصناعي.

لدينا مصادر المعلومات ونوعية المعلومات وعمق الغوص، ومدة الغوص، وحالة الأدوات بحد ذاتها.

وقد برمجنا ذلك على جهاز كمبيوتر صغير من هنا، ولدينا مؤشرات موصلة تبلغنا عما إذا كان الحيوان في الماء أو على الأرض.

أي أن الأمر لا يقتصر على المعلومات الخاصة بمكان الحيوان بل والجهات التي يسافر إليها وكيف يفعل ذلك، وحين يكون في البر لدينا الكفاءة لمعرفة ظروف المنطقة وما هو العمق الذي يغوص فيه وعلى أي نوع من السمك يعتمد.

أما من حيث المهارة في السباحة فالمعروف أنها حيوانات تتحرك باستمرار عبر مئات الأميال وتغوص على عمق خمسمائة متر، لا شك أنها تبلي بلاء حسنا لفترة من الوقت.

ثم تهدأ مرة أخرى حين يسقط شعرها.

فعلا، تبدل شعرها في آب أغسطس أو تموز يوليو، حتى أن بعضها يبدل شعره في حزيران تموز.

بعد انتهاء مفعول المخدر تعود الفقمة إلى الماء بحذر شديد وهي تنظر إلى العالم من حولها وكأنها لعبة تعمل بالتحكم الآلي.

يولد هذا السلمون في أنهر ألاسكا وبحيراتها، ويهاجر جماعات إلى المحيط حيث يسكن إلى ما يقارب الخمسة أعوام حسب نوعه.

وأخيرا يشعر برغبة عارمة في العودة إلى المكان الذي يولد فيه.

تسافر ملايين من هذا السمك عبر آلاف الأميال فتتخطى كميات حواجز الحيوانات المفترسة.

ليس من عادة الدببة أن تحتشد جماعات. كما يتقاتل غير الأقارب منها فيما بينهم على الحدود، وكثيرا ما يأكل الذكور صغار الأنثى إن لم تكن متنبهة.

هذا ما يحدث عادة إلا في مواسم السلمون حيث تحتشد قطعان من الدببة في منطقة مفضلة لتولم على السلمون.

قد يضاعف الدب وزنه في موسم السلمون. فالسلمون يمنح الدب الدهون اللازمة لفصل الشتاء الطويل جدا.

أردنا أن نتتبع رحلة السلمون من المحيط إلى أنهر المياه العذبة حيث يترك بيضه ويموت.  بالنسبة لنا كانت الرحلة شاقة جدا. واجهنا مصاعب في متابعة المياه صعودا متجاهلين العلامات التي تحذر من الدببة التي تتغذى على الطريق، أعتقد أن متابعة التيار نزولا سيكون أسهل بكثير. أما بالنسبة للسلمون فليس هناك أي عوائق يمكنها أن تحول دون رغبته في التوالد عند أعلى النهر.

يتمتع السلمون بقدرات هائلة في التغلب على جميع العقبات التي تظهر في طريق عودته إلى موطنه. بما في ذلك ظلمة الكهوف الحالكة.

لم يسبق أن استكشفت هذه المغارة من قبل، حتى وصول طاقم كويست.

السلمون محمي هنا على الأقل من الدببة.

ما زالت على حالها، يوجد الكثير من الكهوف هناك. وهي تصب هناك في المياه المالحة.

لدينا مياه عذبة هنا، وهي تسقط إلى هناك من على علو يقارب الثلاثة عشر مترا،  كي تصل بعدها إلى المياه المالحة.

صحيح؟ هل هناك فتحة كبيرة؟

فتحات كبيره، لا بد أن هناك منفذ إلى البحر في مكان ما عبر هذه المغارة.

هل يوجد سلمون؟

يوجد مئات منها. وهي تكاد تقفز علينا، وتسارع في الحركة إلى جميع الاتجاهات.

حساء السلمون.

لا بد أنها جميلة، مغارة من الرخام تعج بالسلمون.

بل هي رائعة.

بعد جولتها المتعبة  والجهود المبذولة في العودة إلى الوطن، لا غرابة في ألا تبقى على قيد الحياة، فهذه مهمة ستنتهي بالموت المحتم بلا شك.

يبدو أن لا شيء مشترك بين  الغابات والأسماك، إلا أن صحة الغابة والسلمون على صلة مباشرة.

تفاجئنا الطبيعة بقسوتها البالغة. سمك السلمون يواجه كفاحا مستميتا كي يستمر في التناسل، الطاقة التي توظفها هذه الأسماك في عملية التوالد تنهك السمكة وتصيبها بالإرهاق. من المؤسف أن نراها تموت بالآلاف، إلى أنها تترك خلفها عمل أسطوري.

يعود السمك إلى موطنه كي يضع البيض ويموت بعد ذلك بقليل، ولكن من موتهم تنبعث حياة جديدة. نباتات وحيوانات وكائنات على جانبي الأنهر تتلقى خمسين بالمائة من غذائها من أجساد سمك السلمون.

حان الوقت لمتابعة مسيرتنا إلى منطقة الغذاء الصيفية لما يعرف بالحوت الأحدب.

ستمضي كويست السواد الأعظم من الوقت في فريديريك ساوند، المكان المفضل لغذاء الحوت الأحدب.

فريد شارب ومعاونته فيكي بيفير، يرأسان جمعية حيتان ألاسكا، وقد عملا في الجنوب الشرقي طوال العقد الماضي.

هناك مجموعة من الحيتان على الطريق هنا هل يمكن أن ترينها؟

صنف الحوت الأحدب منذ عام ألف وتسع مائة وثلاثة وسبعين بين الحيوانات المعرضة للانقراض،

يتضمن الجزء الرئيسي من عمل فريد أخذ صور لتحديد هويات حيتان المنطقة. ما يكمل العمل الجاري في مناطق أخرى لتحديد هويات الحيتان.

يمكن لفريد والعاملين معه أن يحددوا الحيتان ذاتها التي تعود من هاواي إلى ألاسكا كل عام.

بناءا على هذه المعلومات يمكن أن نشكل صورة واضحة عن أعداد الحيتان الموجودة وما هي الجماعات العائلية والاجتماعية التي تنتمي إليها.

هذه معلومات  حيوية، يعتقد بأن كمية الحيتان الباقية الآن تعادل عشرة بالمائة من الحيتان التي كانت موجودة قبل ما تعرضت له من مجازر.

الحيتان هي أكبر حيوانات على الأرض. يصل طول الحوت الأحدب إلى خمسة وأربعين قدم، و يزن ما يقارب الخمسة وثلاثين طنا. الأنثى منها أكبر حجما من الذكر.

أصبحت الآن تحت السفينة مباشرة، لا يمكنها أن تكون أقرب من ذلك، الأصوات التي تنبعث منها والضجيج المتنوع لا يمكن أن يصدق.

هل سمعت ذلك الصوت الذي كان يصيح في الهواء؟

نعم.

لا نسمع هذا الصوت باستمرار.

صحيح؟

فعلا، ربما لم أسمعه من قبل مع أني ألتقط جميع الأصوات عبر أجهزة التسجيل.

إنه هناك، سنصوره من أعلى إلى أسفل وهو يغوص الآن.

إنه يشبه إكس أترى هذا؟ هي  حيوانات تغوص بانسجام ، إنها مدهشة. إنها تشبه فايكينغ بيتال إثنين.

حسنا، هناك تطور، كان هذا أربعة،نحو اليمين…

دراسة الأنواع التي تتعرض للانقراض هو السبيل الوحيد لمعرفة ما إذا كانت تعاود النمو أو تتقلص.

لم يصب أي منها.

تحديد هوية الحيتان هي الخطوة الأولى على طريق الأبحاث المكرسة لها، ولكنها خطوة هامة على طريق التعرف على سكانها وتوزيعها.

لدينا واحد هنا.

يمكن أن تسجل أصواتها وأن تحملها إلى هنا، وعندما نحصل على كل شيء نستطيع الاستمرار في العمل بكل سهولة، بحيث يمكن للكمبيوتر أن يحدد هوية كل فرد منها. الأمر بغاية السهولة إلى ما نظرت إلى هذه الثقوب . إنها أشبه ببصمات أصابع بحجم لوحات الإعلان. ولديها ذيل طويل. إلا أن كل منها يختلف عن الآخر.

حتى تلك التي يغطيها اللون الأبيض بالكامل أو اللون الأسود، إذا ما نظرت عن قرب يمكن أن ترى شيئا مختلفا.

كم يبلغ عرضها بالنسبة للبالغين؟

ربما بلغت عشرين قدما.

إنك تبالغين، عشرين قدما؟

أو أكثر.

سبب تصويرها بالفيديو هو ان هذه الحيتان عندما تكون في قطيع كهذا، وهي تصدر هذه الأصوات، نستطيع تسجيلها وإضافتها على كاميرا الفيديو، كي نحاول فيما بعد أن نعرف من الذي يغني في كل من القطعان. أما الآن فهناك مجموعتين في أعلى الشاشة.

أخذت هذه الصور في التاسع عشر من آب أغسطس بين أخذت الأخرى في الثالث والعشرين منه،أي بعد أربعة أيام وفي المنطقة نفسها تقريبا. لدينا هنا نداء للغذاء من هذه المجموعة ، وهذا نداء للغذاء من المجموعة الأخرى. أي أنه النداء نفسه، وما نفعله الآن هو أن نضع الصوت في مكبر يضاعف حجمه وهكذا، نرى أنها متشابهة جدا.

كان من السهل التعرف على هذا الأمر الذي لم يكن عاديا لأن الحوت نفسه كان بين القطيعين.

وهذا هو الحوت ،إنه هناك.

مجرد التأكد من أن نداء الطعام يصدر عن  الحوت نفسه في كلا القطيعين خبر يستحق الاهتمام.

اكثر ما يدعو إلى الدهشة في تصرفات قطعان الحوت الأحدب هي تعاونها في الغذاء.

فهي تنسق حركاتها بدقة كاملة فتوقع جماعات من صغار السمك في شباكها.

فعلا، أحجامها متفاوتة جدا.

هناك فقاقيع.

لا أحد يشك الآن بأن الحيتان مخلوقات ذكية. رغم ذلك من المدهش أن نراها تتعاون كمجموعة وتستعمل الفقاقيع كوسيلة لها.

يبدو أنها تذهب في هذا الاتجاه.

هل هذا واحد منها هناك؟

في جميع الاتجاهات.

الساعة الواحدة.

انهم يشكلون دائرة.

كانت حلقة مكتملة ثم انفضوا عنها بلا شك.

فعلا، شبكة خالية من الفقاقيع،لدي إحساس بأنهم فقدوا الطريدة،أو ربما أرادوا السعي إليها في ذلك الوقت.

إنها مبدئيا تنصب الشرك من خلال فقاقيعها.

 تعوم تحت مجموعة السمك المستهدفة إلى أن تسبح هذه على شكل محوري يدل على ميلها فتنطلق الفقاقيع التي تجبر الأسماك الصغيرة  على الصعود إلى السطح، عند ذلك تتناوب الحيتان على اصطيادها فتتوجه نحوها كالصواريخ التي تحصر الطريدة بين الشبكة المغلقة وسطح الماء.

إنها مثيرة فعلا.

يعرف عن الحوت الأحدب أنه يغلق فمه على كميات هائلة من المياه ثم يترك فتحة مغطاة بشباك من الشعر لتخرج المياه من خلالها وتبقى أطنان السمك التي يبتلعها الحوت.

هناك نظريات متعددة حول أصوات الحيتان. يقول بعضها أنها تسعى للتحكم بالطرائد، فتخدرها، أو لتدب الخوف والرعب فيها، أو لدفع الطريدة بالصو تإلى سطح الماء. وربما كان الصوت مستخدما لاتصال الحيتان فيما بينها من أجل التنسيق، أو هي إشارة لإثبات السيطرة، أو ربما كانت لدعوة الأصداء للمشاركة في الوليمة.

أربعة تحت.

فقاعات!،الساعة الواحدة.

الحيتان البارزة من كل مجموعة تنسق أصواتا أشبه بالأغاني. يبدو وكأنها أصوات قرن فرنسي غريب. يمكن للحيتان أن تعزف تشكيلات متنوعة من الأصوات. ينسق الحوت الرئيسي بين أصوات مجموعة الحيتان.  يعمل فريد على النظرية التي تقول بأن أغنية الحيتان تستهدف إخافة الطرائد أو تخديرها.

إاحتشدت خلف المركب مجموعة تشكل حلقة فيما بينها ثم غاصت تحت المركب.

كان هناك طعما في كل مكان.

يسافر الحوت الأحدب من هاواي عبر مسافة تزيد عن ثماني مائة ميل.  وهي تعبر بسرعة مسافة ميل ونصف الميل في الساعة، أي أن الرحلة تستغرق ثمانية وسبعون يوما. تصوم الحيتان على طول الطريق لتبدأ بالأكل حين تعود إلى ألاسكا.

عند انتهاء الولائم، يبدو أن الحيتان تحتفل بالقفز فوق الماء. أما الأسباب التي تكمن وراء وثبات الحيتان هذه، فلا أحد يعرفها. يعتقد البعض أن تحاول التخلص من الحيوانات القشرية التي تعلق على جلدها. بينما يرى البعض الآخر أنه للاتصال فيما بينها. أما أنا فأرى أنها تقوم بذلك لمجرد اللهو.

قمنا بزيارة مجتمع أسود البحر ستيلار. للتأكد من صحة هذه الحيوانات هناك.

هناك قصة معروفة بشأنها.

في نيسان إبريل من عام ألف وتسع مائة وتسعين، وفي اجتماع طارئ أعلنت اسود البحر ستيلار من الأنواع  المهددة بالانقراض فأضيفت على ما يعرف باللائحة السوداء.

بين عامي خمسين وتسعين تدنت أعداد هذه الحيوانات بنسبة ثمانية وسبعين بالمائة. كان هناك احتمال بوجود سببين رئيسيين: منافسة الصيادين لهم على الطعام، وموت هذه الحيوانات لوقوعها في شباك الصيادين بين عامي الستة والستين والثمانية والثمانين.

يقدر عدد القتلى من هذه الحيوانات ما يقارب العشرون ألفا، وقد ذهبت غالبيتها ضحية أخطاء ارتكبتها سفن الصيد التجارية. وما زالت المشكلة على حالها. نقص في المعلومات اللازمة.

لا يعرف العلماء ما إذا كان لدينا الوقت اللازم أو القدرات الكافية لإنقاذها. ربما يكون الانسان هو السبب بانقراض هذه الحيوانات الرائعة عن وجه الأرض.

هنا تكرر القصة نفسها. والرسالة واضحة جدا. الحياة الوحشية هنا مميزة ومتنوعة وغنية، ولكنها قابلة للاستنزاف. تقسم الحيوانات إلى طرائد ومفترسة تعارك في سبيل البقاء على قيد الحياة، كجزء من الشبكة الغذائية. إنه بيت الطبيعة المصنوع من ألواح.

إذا ما رفعت لوحا منها، ينهار البيت بأكمله.

أما قاتل الحيتان الرئيسي في المحيطات فهو الحوت القاتل، ولا يتغلب عليه، سوى  الإنسان.

كم رأيت منها؟

 حوالي ستة.

حسنا لنذهب إليها. أعتقد أنها على مسافة خمس مائة متر من هنا.

عادة ما يسمونه بالحوت القاتل. لا شك أنه سعيد اليوم بالسباحة هنا متمتعا بدفء الشمس. إنه أضخم حيوان مفترس في المحيط. وهو بالغ الذكاء، يصطاد جماعات كالذئاب، وليس هناك حيوانات مفترسة يخافها. باستثناء حيتان قاتلة أخرى. ويقال أن حوت أوركاس معروف بمهاجمة الحوت الأحدب وقتله. أما هذه المجموعة فلا بد أنها تجول بحثا عن أسد البحر ستيلار.

في بعثات كهذه تتعامل الطبيعة مع كبار الحيوانات فعلا. وإذا ما كان هذا صحيحا علينا الاستفادة منها.

في يوم هادئ من أيام ألاسكا الساكنة يحدث المستحيل.

جاء عضوان من قطيع الحوت الأحدب لزيارتنا وأمضيا طيلة فترة بعد الظهر.

إنها عملاقة.

ها هي تأتي. أنظر إليها. الزعانف الصدرية. إنها في الأسفل. إنه ينظر إلينا من أعلى إلى أسفل.

إنها تتجول هنا لا اكثر. وهي هائلة.

مدهشة. وجه النار إليه، وكن جاهزا.

ما زال هناك،  ما زال هناك، إنه يقترب.

يشرفنا جدا أن يزورنا أضخم كان وأشدهم ذكاءا على وجه الأرض.

من المحتمل جدا أن يكون هذان الحوتان كبيران بما يكفي ليتذكران الصيادين، ولكنهم يتقاسمون بعض اللحظات معنا بكل سرور.

حين تكون محاطا بثديات بحرية تفوق حجمك بثمانية أضعاف، تشعر بتواضع يدعوك إلى اختصار الكلام. إلا أن غناؤها وبكاؤها هو أشد ما أثر بي. فهي تحمل ألحانا غريبة وأنغاما حزينة لا يمكن فهمها.

يعتقد الكثيرون خطأ  بأن الحيوانات البرية سوف تبقى هنا إلى الأبد، دون الحاجة إلى حمايتها ورعايته. ولكن بما أن الإنسان يطالب بمزيد من الأرض ومزيد من المحيط، أصبح مجالنا يتسع. وعادة ما نؤذي كل ما لا نراه. ندمره لأننا لم نجد الوقت اللازم لفهمه والعناية به.

كان باستطاعتها التخلص منا  بدون جهد يذكر، كزوار دخلاء على عالمها، بضربة صغيرة من ذيلها. ولكن على العكس، تم استقبالنا بترحيب واهتمام. ربما لا يتمكن الحوت من مقارعة الإنسان بقوة العنف. ولكننا نستطيع التعرف منها على أصول النبالة والتسامح.

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster