|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
النفايات
سنتحدث في هذه المادة عن النفايات المنزليه. وعن نفايات المستشفيات، وعملية تجميعها وتكريرها.
ينتج عن البشرية كم من النفايات في كل عام يكفي لتحميل قطار لو رصت عرباته الواحدة خلف الاخرى، لكانت الاولى على الارض والاخيرة على سطح القمر. اصبح جمع النفايات اليوم مسألة روتينيه. الا ان هذه هي الخطوة الاولى، في عملية تجميع النفايات اسلوب حياتنا الحالي ينتج كميات متزايده من النفايات المنزليه. اذ لم نعد نصلح ما يتعطل، بل نتخلص منه. كميات النفايات لا تنتهي، كما يصعب التخلص من بعض المواد التي نستعملها. وكأن العالم الصناعي لم يتمكن سوى من حل مشكلة جمع النفايات. اما حين يتعلق الامر بمستوعبات النفايات، فيبدو ان التسهيلات ما زالت في حكم التخلف. فما تتخلص منه في المنازل، لا يعاد استخدامه ابدا. وفي افضل الاحوال، يتم اشعاله في المحارق. ليؤدي تسخين هذه المحارق الى تسخين البيئة وتلويثها. والاسوأ من ذلك هو ان النفايات تفرغ احيانا في حقول دون الاشراف عليها على الاطلاق. ما يعرض هذه الحقول لخطر الاشتعال. والحقيقة ان تعفن المواد العضويه، ينتج الميثانا، وهي عبارة عن غاز قابل للاشتعال. دون ان نذكر ما تسببه من خطور على تلوث المياه الجوفية والهواء. على مدار العشرة اعوام الماضيه شهدت البلدان الصناعية تغيرا في تركيب النفيات. اذ تدنت نسبة المواد العضويه، في حين تزايدت كميات الزجاج والبلاستيك والورق والورق المقوى. ينتج عن المجتمعات المتطورة كميات اكبر من النفايات، وخصوصا من المواد الغير قابلة للتحلل العضوي. التخلص من هذه النفايات، تحول الى مشكلة مرهقه. الا ان هذه النفايات لا تعتبر مجرد مصدر للاخطار، بل يمكن اعتبارها ايضا مصدرا للطاقة والمواد الخام. كما يحدث في محطة المحرقة الحديثة هذه، وهي احدى اكبر المحطات المشابهة في العالم. يتم تحويل النفايات هنا الى عناصر مولدة للطاقه. عملية التحول هذه تجعل بالامكان تكرير بعض المنتوجات المزدوجه. حين تصل الشاحنات المحملة بنفايات المنازل الى المحطه، تخضع للوزن والتصنيف. تساعد هذه العملية بين امور اخرى على تصنيف الاحياء وفق نفاياتها، وذلك بناءا على الكميات التي يتم جمعها. تذهب الشاحنات بعدها الى المنصة المؤدية الى فتحات التفريغ. حيث تلقي بحمولتها في حفرة مخصصه. يمكن للحفرة ان تتسع لستة الاف طن من النفايات. تحرق منها المحطة 2300 طن يوميا، لهذا بالكاد يمكن ان تتراكم النفايات في الحفره. تلقم الأفران الثلاثة التي تعمل هناك برافعات متخصصه، تتولى تعبئة الافران بالنفايات. يمكن لكل من هذه الافران ان يشعل 28 طنا من النفايات في الساعه. سائق الرافعة على اتصال دائم بغرفة التحكم. وهناك نقاط مراقبة لتتبع ما يجري في المحطه. تتحول الطاقة الحرارية التي تصدر عن المحطة المحرقه في غالبيتها الى بخار ماء يغذي انابيب التدفئة التي تمول ما يساوي ال70 الف بيت. لتتحول النسبة الباقية من الطاقة الى كهرباء. وهكذا فأن استعادة الطاقة من النفايات تتم بكفائة نسبتها ثمانين بالمئه. حين تخرج البقايا من الاتون، وهي كميات من الرماد والمواد الغير قابلة للاشتعال، تتعرض للاهتزاز عبر حزام يبردها كي تذهب للتخزين ورفع انقاض المعادن منها. بعد ازالة المعادن، تستخدم المواد الصلبة الاخرى لتشكل طبقة ما تحت الاسفلت في تزفيت الطرقات، ويعاد تكرير المعادن التي تجمع بالمغنطه عبر محطات تذويب الحديد. هذا النوع من محطات المحرقة يصنع اكبر قدر ممكن من الطاقة عبر النفايات، ولا يبقى الا العشرة بالمئه من الكمية الاصلية منها. لابد من تعزيز هذه المحطات بمصاف حديثه تعالج الدخان الذي تنفذه في البيئه. يصدر عن النفايات المحروقة غاز كلورايد الهيدروجين، وغبار المعادن المشبعة بالغازات الملوثة للبيئه. تعتد هذه المحطات بما يلزم من سبل لمعالجة الدخان الصادر عنها. يتعرض الغبار اولا للازالة بالشفاطات، بحيث يمر عبر حقول كهربائيه. تسحب الايونات السلبيه كما هو حال الكلورايد والسولفات الى القطب الموجب، في حين تسحب الايونات المشحونة ايجابيا بالمعادن الى القطب السلبي. تكمن الخطوة التالية بأزالة الكلورايد عبر عملية الترطيب. تجري هذه العملية بتمرير الدخان عبر ممرات مائية تذيب كلورايد الهيدروجين بحامض الهيدروكلورايد. تذوب في هذه العملية ايضا بعض من املاح المعادن الثقيلة، كما هو حال المركري تحديدا. المياه التي تجمع بعد هذه العملية توضع في مستوعبات متخصصه لتعالج هناك قبل ان ترسل الى مياه الصرف الصحي. على المجتمعات الحديثة ان تواجه مشكلة تزايد كميات النفايات التي تنتج عنها، وان تعثر على التقنيات اللازمة لحماية البئيه. ---------------- من بين جميع النفايات التي تصدر عن المجتمعات الحديثه قلما نأتي على ذكر نفايات المستشفيات. فالجراثيم والتلوث والبكتيريا هي اشد خطورة من الورق المقوى والزجاج والبلاستيك. لحسن الحظ، هناك تقنيات فعاله، لعزل المخلفات الطبيه. تتنامى نفايات المستشفيات، مع النفايات الاخرى الناتجة عن المجتمعات الحديثه. كما يؤدي استعمال المواد لمرة واحده للحؤول دون انتقال العدوى، يزيد ذلك بشكل ملحوظ من كميات النفايات المتراكمه. تعتبر النفايات التي تحتاج الى ازالة تامه مواد ملوثة. ينتج هذا النوع من النفايات عن المختبرات، وغرف العمليات، ودوائر العزل، ووحدات الديلزه. هناك محطات مخصصه لمعالجة هذا الجزء من النفايات. هذه المحطات المتخصص تمول المستشفيات بمستوعبات محكمة الاغلاق وسهلة الاستعمال. تعتبر هذه المستوعبات معزولة بالكامل حتى يتم تفريغها. تتولى المستشفيات عملية تصنيف نفاياتها وتوزيعها على مستوعبات متنوعه. تقدم هذه المستوعبات من محطات التحويل، وهي عادة ما تكون سهلة الاستعمال. المواد المستعملة لمرة واحده، والتي لا تحتوي على عناصر قابلة للالتهابات والاصابات، توضع في اكياس من البلاستيك المحدد. النفايات الخطيرة والتي لا تتميز بزاوايا حاده، كاللفافات والضمادات، توضع في مستوعبات مضادة لتسرب المياه. يتم اقفالها بأحكام في صناديق من الورق المقوى.
اما النفايات الحادة والصلبة والخطيرة فتوضع في صناديق غير قابلة للتمزق ومقاومة للضغط يتم اقفالها بأحكام. بالنسبة للنفايات التي تخرج من المختبر، فهي توضع في براميل كبيرة تقاوم الاشياء الحادة وتسرب المياه والجراثيم. تؤخذ العربات التي تحوي هذه النفايات الجديده عبر جدران المستشفى ، حيث تستبدل بأخرى نظيفة ومعقمه. تحمل بعدها في شاحنات بطبقتين، يمكنها استيعاب دزينة منها. تنقل العربات حينها الى محطة محرقة خاصه. تعتد هذه المحطة بخطوط خاصة في نفايات المستشفيات. توضع هذه المستوعبات اولا في نقطة تجميع اولية خاصة في المحطه. تحدد هناك مصادر هذه النفايات وما تحتويه وساعة وتاريخ وصولها ايضا. بحيث يتم حرق النفايات خلال فترة تقل عن الاربعة وعشرون ساعه. يحدد في المرحلة الاولى من التعامل المؤتمت نفسه مع النفايات وزن وتاريخ وساعة انطلاق النفايات لحرقها. يسمح ذلك بأرسال التعرفة المالية لكل من المستشفيات حسب كمية النفايات التي ارسلت الى المحرقه. تنقل العربات اولا الى منطقة المصعد. حيث توجه كل منها حسب ما تحتويه الى الفرن المخصص بها. تخضع جميع هذه النفايات لحرارة تزيد عن الالف درجه مئويه، بحيث يتم التأكد من اتلاف كل محتوياتها. تتلف هذه المحطة كميات تصل الى الخمسة الاف طن من النفايات سنويا. هناك اجهزة تهتم بأزالة الغبار وتطهير الدخان للحؤول دون تلوث الهواء. تتولى كاميرات الفيديو تصوير كل ما يجري في المحطة ونقله الى غرفة المراقبه. بعد افراغ العربات من محتوياتها، يتم ارسالها الى محطة لغسلها. حيث تقلب رأسا على عقب وتفرك جيدا بمساحيق الغسيل ومبيدات الجراثيم. لا تلمس هذه النفايات ابدا بأيدي البشر. بعد جفافها توضع المستوعبات في نقطة تجميعها الاولى. الى جانب غسل العربات، تستعمل المبيدات ايضا لتطهير الشاحنات التي تنقلها. بحيث يمكن تحميل المستوعبات النظيفة فيها لتنقل الى المستشفى كي تستعمل من جديد. تستهلك هذه العملية اقل من اثنين وسبعين ساعه. هذه المحطات مجهزة ايضا للتعامل مع كميات صغيرة من النفايات. وهي عملية ناجعة مثلا بالنسبة للاسعافات الاستشفائية في المنازل. ولكن لسوء الحظ، سواء كانت كمية النفايات الأستشفاية صغيرة او كبيره، فهي باهظة التكاليف. لهذا لا بد من متابعتها بدقه، لأن اللجوء الى الخيارات الغير اختصاصيه، كأن ترمى في العراء ، تبقى قائمه. -------------------- ازدهار المزارع هو مصدر اخر للقلق. مرت عصور على ايام التوازن الجميله لدورة الانتاج النباتي والحيواني، حيث كان المزارع يستخدم نفايات الحيوانات، كسماد لزراعاته. المشاكل الجديده تتطلب حلولا جديده. منذ بداية مزارع الخنازير، اصبحت كميات السماد الحيواني اكبر من قدرة الزراعة على استيعابها. فكانت النتيجة ان تحولت مناطق انتاج الخنازير الصناعية الى واحد من اسباب التلوث وانتشار الروائح الكريهة ايضا. في مزارع الخنازير، تربى الحيوانات على ارض عاريه دون فرشها. لهذا يوجه بولها وخروجها مباشرة في احدى الحفر، فتشكل هناك ما يعرف بمهملات الخنازير. المازرع التي تحتوي على اكثر من الف خنزير شائعة الانتشار. وهي عادة ما تنتج كميات من المهملات اكبر من قدرتها على التخلص منها. الحيوان الذي يبلغ وزنه المئة كيلوغرام، عادة ما يكون في الشهر السادس من العمر حين يساق الى الذبح. يقدر انه خلال هذه الفترة من العمر القصير ينتج عنه ما مجموعه صفر فاصله سبعه مترا كعبا من المهملات، وهي تحتوي على خمسة كيلوغرامات من النتروجين. هذا يعني ان الف خنزير، ستنتج سبع مئة متر مكعب من المهملات وخمسة اطنان متريه من النتروجين. بهذه الحالة لا احد يعرف ما سيفعله بالمهملات الاضافيه. اعداد الخنازير التي تتم تربيتها في بعض المناطق تفوق كمية السماد التي يمكن للمنطقة الزراعية ان تستعملها. في حالات كهذه يؤثر الانتاج الحيواني الكثيف عبر سبيلين. اولها ان تفاعل المهملات يؤدي الى غازات برائحة كريهه، كسلفات الهيدروجين والامونيا. وثانيها ان عدم التوازن بين كميات المهملات المستعملة وحاجة التربة الى النترات، يؤدي الى فائض في املاح المعادن. تسرب النترات عبر مياه المطر يؤدي الى تلوث احتياطي المياه الجوفيه. وهكذا لا تصبح هذه المياه غير صالحة للاستخدام البشري فقط بل تشكل خطرا على الصحة ايضا. للحؤول دون انتشار المهملات تم التوصل الى حل جديد، عبر التنقية البيولوجية للمهملات، التي تشكل خيارا اخر اكثر ودية للبيئة. وهي تعتمد على فعل النيترات الحيوي وردة فعله العكسيه. تتولى هذه العملية تحويل النتروجين المحلول، الذي يؤدي الى التلوث بالنترات، الى نتروجين غازي. غاز النتروجين لا يضر ابدا، بل هو في تركيبة الهواء الذي نتنشقه. تتخلص هذه العملية مما يتراوح بين خمسة وسبعين وثمانين بالمئة من السماد. التقنيات المستخدمة شبيهة جدا بتلك المتبعة في محطات معالجة النفايات البشريه. تبدأ العملية بتصفية المهملات بحيث لا تبقى منها جزيئات يزيد حجمها عن نصف ميلمترا، كي لا تسبب اعطال في اجهزة الضخ. تجري العملية التالية في ما يشبه المفاعل، وهو مستوعب معدني دائري رفعت صروحه على مبنى من الاسمنت. تحتوي هذه المحطة على عدة اقسام يقوم كل جزء منها بتأدية جانب من العمليه. تكمن المرحلة الاولى من العملية بدفع الاوكسجين في السماد، عبر مستوعب يخضع للتهوئه، لنترجته. اثناء مرحلة التهوئه، تلجأ البكتيريا المنترجة لاستخدام الاوكسجين المحلول والكربون كي تتضاعف. وهكذا تحول جزيئات النيتروجين المتوفرة في السماد على شكل امونيا الى نيترات، ومن ثم الى نتيريت. ثانيا، تجري عملية الغاء النترجة في مستوعب لا يتعرض للتهوئه، في غياب الاوكسجين تتلف البكتيريا كل ذرة نترات تنتجها. وهكذا تحصل على الاوكسجين الذي تحتاجه للنمو. ثم تحول نترات النيتروجين الى غاز، يطلق بعدها الى الهواء. يستمر ما تبقى من نتروجين في مستوعب حيوي تعاد تغطيته في قسم ثالث. بعد هذه العملية توزع الرواسب محليا اذ يتم نشرها محليا او ارسالها الى وحدة ضابطه. الرواسب الناجمه عن هذه العملية تفقد رائحتها الكريهه. فتخزن في برك، ومن ثم توجه للعبور فوق اراض مزروعه. تؤدي التنقية الحيوية الى التقليل من احتمالات تلوث المياه الجوفية ومياه الانهر. كما تخلصنا من الرائحة الكريهه. تحل هذه الوسيلة مشكلة القائمين على تربية الخنازير ممن لا يجدون الاراضي الكافية لأستيعاب نفاياتهم. قد يكمن الحل الامثل لهذه المشكلة بأقامة مركز تنقية كهذا في كل من المزارع الحيوانيه. فالجميع يعرف ان نقل سماد كالمهملات السائلة للخنازير، يكلف مبالغ طائله. هناك عناصر اخرى قد تساعد على التخلص من تلوث هذه النفايات. ومنها مثلا استعمالها كسماد لبعض النباتات التي تحتاج اليها اكثر. والحقيقة ان جميع النباتات لا تحتاج الى كمية النتروجين ذاتها. فاللفت يتطلب الكمية الاكبر ، بما يساوي المئتي كيلوغرام للهكتار الواحد. ثم تتبعها البطاطا والشمندر والذره. وبالمقابل هناك نباتات اخر كالخضار والسويا،لا تحتاج الى النتروجين نهائيا. فهي تثبت النتروجين في الهواء مباشرة،عبر بكتيريا تسكن بتوافق مع جذورها. التوزيع الافضل لنفايات الخنازير على الانواع المختلفة من الخضار، يحول دون المبالغة بتسرب كميات النيترات الى المياه الجوفيه. في هذا العصر الذي تؤثر فيه البطالة والركود على الرفاه الجماعي، لا يمكن ان نسمح بأن يساء استخدام ثرواتنا. لان حياتنا ، وحياة هذا الكوكب، تعتمد عليها. --------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2006م