|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
الألب الفرنسية
يمر فريق أوشوايا على طول الكوكب وعرضه، من البحر المتوسط إلى الفلبين،
ومن كوستا ريكا إلى قمة إفريست.
====
( الألب فرنسا)
بالقرب من ألبرت فيل فرنسا، مقر الألعاب الأوليمبية لعام اثنين وتسعين.
انطلق نيكولاس هولو بمنطاد يتحرك بقوة الهواء الساخن ليعرفنا على ثماني
قصص.
يأمل مع القبطان برونو دي بوي، أن يعبرا ثلوج الألب للدخول إلى
إيطاليا.
ولكن كما هو حال كل منطاد يعمل بالهواء الساخن، فإن الاتجاه والقدر فيه
يعتمد على الرياح.
على ارتفاع ما يقارب الأربعة أميال، تدفع رياح الألب منطاد نيكولاس
بسرعة ستين ميل في الساعة.
ولكن على ارتفاع عشرين ألف قدم، يقل الأوكسجين في الهواء. ما يعني أن
الطاقم معرض لحالات الإغماء.
نيك:" تفضل جاك، سوف تحتاج لهذه هناك.
تدفع الرياح فريق أوشوايا نحو الجنوب بدل الشرق لسوء الحظ، ما أجبر
برونو على استخدام نسبة أكبر من الغاز عما كان متوقعا. إذا ما تعطل
الإشعال، سيفقدون السيطرة على المنطاد.
نيك:"بدأنا نهبط الآن بسرعة".
الطيار:" روجير!".
عدم القدرة على عبور قمة جبل سي ني باس، حيث يقال أن هنيبعل عبر جبال
الألب، يعني أن الهبوط بهدوء في المراعي الإيطالية، ما يزال على مسافة
أميال .
نيك:" لماذا لا نهبط هناك؟".
برونو:" سوف نحاول".
مشهد البحيرة الجليدية في جبل سينيس، يبدو مرحبا.
ولكن حين اقتربوا من البحيرة، تنبه نيكولاس وبرونو إلى أنه إذا لم يكن
الجليد صلبا، ستتحطم سلة المنطاد ويعلق الطاقم في الماء.
ني:" أصبحنا منخفضين، لنحاول فوق الضفة".
حاولا الهبوط المضمون.
برو:" سنهبط الآن، إسحب الحبل عند تلقي الإشارة".
عملوا على إفراغ المنطاد قبل أن تأخذهم الرياح مرة أخرى إلى الجليد.
برو:" حسنا، جاهز، هيا".
ني:" تمسكوا جيدا، سوف نصطدم بالأرض.
برو:" سوف نصطدم! افتح أعلى المنطاد، ليخرج الهواء منه. علينا أن نسحب
معا".
نيك:" لا أستطيع الوصول إلى الحبل.
برو: أمسكت أنا به.
نيك:" سنصطدم مرة أخرى". تمسكوا!"
“استمر بالسحب!"
بر:" امسك بقدمي نيكولاس، أكاد أسقط.
نيك:" أمسكت بك".
برو: نتجه نحو البحيرة. امسك بالحبل نيكولاس!".
نيك:" لا أستطيع ذلك، لا أستطيع الوصول إليه".
برو:" استمر بالسحب.
نيك:" أحسنت برونو، أحسنت عملا!
هل أنت بخير؟".
برو:" نعم، أنا بخير، ماذا عن جاك؟
نيك:" نحن جميعا بخير لحسن الحظ".
====
(حوض المتوسط)
تقوم مجموعة من طلاب الهندسة في جنوب فرنسا بالعمل ليلا نهارا لبناء
أسرع مركب للملاحة على الإطلاق. حتى أنهم يحولون مركبا عاديا إلى ما
يشبه الطائرة.
وقد بدلا الصارية المزدوجة لمركب، بجناحي طائرة تحل محل الملاحية
التقليدية.
بدعم من طلاب كلية هندسة الطيران والجيش الفرنسي، يسعى هذا المشروع
لدفع الآلية الهوائية وآلية المائية إلى أقصى حدودها.
تؤكد المشاهد أن هذه المجموعة من الشبان حققت أهدافها. فهذا المركب لا
يضمن الملاحة في الماء فقط، بل وفي الجو.
بوزنه الذي يبلغ ثماني مائة وستة عشر رطلا، يتمكن هذا التصميم الخفيف،
من تخفيض نسبة احتكاك الهواء والماء، ويزيد نسبة الرفع إلى أقصاها. ما
يكاد يلغي كل احتكاك بالماء. أثناء توقفه، تنغمس في المياه ثمانية
ياردات مربعة من المركب، أما على سرعة سبعة عشر ميلا في الساعة، فلا
يلامس المياه إلا نصف يارد مربع.
وهو يتمتع بتوازن كامل، حيث يعتمد على ثلاثة شفرات تعمل كزعانف، ما
يضمن سرعة أقصاها حتى الآن واحد وخمسين ميلا في الساعة.
اليوم، وفي المياه الهادئة لخليج تولون، الواقع في البحر المتوسط، تمكن
الفريق من تسجيل رقم قياسي في السرعة للزوارق من نوعه، ثمانية وأربعين
ميلا في الساعة.
سجلت هذه السرعة بطريقة غير رسمية، أما الآن فسيسجلونها في كتب الأرقام
القياسية.
=====
في مياه فلوريدا هذه، تمكن رجل من عبور آلاف الأقدام داخل نفق تحت
الماء، حيث اكتشف أمور غير عادية… هي موضوعنا الآن.
----
(فلوريدا الولايات المتحدة)
يقع تحت سطح ولاية فلوريدا نفق نهر من المياه العذبة يبلغ طوله عدة
أميال، إلى جانب الكهوف والمستوعبات. وهي تسمى معا مخزون مياه فلوريدا.
إنه عالم ما تحت الأرض الذي يبلغ من العمر ملايين السنين ، وهو يمتد من
حدود جيورجيا، حتى أورلاندو، على مسافة مائة وخمسين ميلا، إلى الجنوب.
شخص واحد كرس حياته لاكتشاف هذا الممر المائي ورسم خريطة له، وهو
المصدر الرئيسي لمياه الشرب في فلوريدا.
إريك هوتشيسون، هو غطاس كهوف معروف، كما أنه رسام خراط فاز بالجوائز.
وفي ورشته أوكالا فلوريدا، يقوم الآن برسم لوحات من ممرات تحت الماء،
تتضمن ألف قدم تحتوي على أكثر من ثلاثين نظام للكهوف تحت الأرض.
هذا الصباح، كما كان يفعل يوميا خلال تسعة أشهر، خرج ديريك معشريكه في
الغطس لاستكشاف كهوف المياه الباطنية، تحت ينابيع أوكالا وسيلفر. على
مسافة خمس وستين ميلا إلى الشمال من أورلاندو.
في هذه المناطق الشبيهة بالأدغال، صور جوني ويزمولير الأفلام الستة
الأولى لطرزان.
تم تمويل جهود إيريك من أموال شخصية محلية تهتم بحماية البيئة. فهذا
أكبر احتياطي للمياه العذبة في العالم. توجد هنا خمسمائة وثمانين مليون
غالون من المياه الصافية بنسبة تسع وتسعين فاصلة ثمانية بالمائة، تخرج
من هناك، كل يوم.
على طول فلوريدا، تتسرب مياه المطر من خلال شقوق الصخور الكلسية، لتعزز
احتياط المياه في هذه الكهوف التي تحت الأرض. يؤكد إريك أن مياه المطر
التي على السطح، كانت تجول في مكان ما لما يزيد عن مائتي عام.في مكان
ما تحت الأرض، يتجمع أكبر احتياطي للمياه في العالم.
أما هذا فهو الغوص في أقصى أشكاله،الشريك شخص لا بد منه، للاحتياط
وألأمان من مخاطر تعطيل الأجهزة، أو فقدان الرؤية، أو أن تعلق تحت
الصخور. وعلى الغطاس أن يحمل معه عدة مصادر للإنارة، رغم أن بعض الشقوق
تحمل أشعة الشمس، إلى هذه الأنفاق العميقة.
قد يصل عمق هذه الممرات إلى أكثر من مائة قدم، ولكنها بالغة الضيق،
لدرجة أن على الغطاس أن يحمل جميع أجهزته، لتمر قبله.
للتوقف فيما يسميه الغطاس بغرف مغمورة، يستخدم إيريك جميع تقنيات
الإحصاء.
فهو يستخدم بولة، أو ما يسميه بخيط الاستكشاف. وهو خيط من النايلون
المعلق في مدخل الكهف، ويتابع المسير مع كل انحناء واتجاه.وهكذا يقيس
المسافات، ويحدد الزوايا، ويوجه بالتحديد الرسومات التي سيعتمد عليها
في ملاحظاته تحت الماء. وهي ملاحظات تسجل بقلم رصاص من الفئة الثانية،
وعلى شريحة من البلاستيك مستطيلة الشكل.
بعد أكثر من مائة عملية غطس، تمكن إيريك من تحديد أكثر من ألفي قدم من
الأنفاق المائية تحت نبع سيلفير. إنها عملية مجهدة.
وهناك أسرار مدهشة تكشف عن نفسها. توصل إيريك إلى ما تبين فيما بعد،
بأنه اكتشاف مثير.
أثبتت الأبحاث لاحقا أن هذا هو ضرس لفيل ديناصور، عمره عشرة آلاف عام.
ما زال إيريك يسعى للعرف على مصادر هذا المخزون المائي، سوف تستمر
الأشياء الغامضة لهذا النهر، في الكشف عن نفسها، بعد كل عملية غطس.
أما أمله الحقيقي، فهو من خلال رسم هذا العالم المائي، الذي سيساعد على
استكشافه في المستقبل، والمساهمة في حمايته.
=====
(فرنسا)
في ورشته الهادئة شمال غربي فرنسا، يجد الهاوي المخترع إيف روسو البالغ
من العمر اثنين وخمسين عاما، حلما يراوده منذ أن كان في الثامنة من
عمره. وهو التحليق بدون محرك على الإطلاق. بمجرد أجنحة وقوته الذاتية.
يعتبر البعض أنه نسخة معاصرة للرسام ليوناردو ديفينشي.
سيقوم اليوم بتجريب واحدة من اختراعاته، يسميها بولسيم. وهي مستلهمة من
طائرة شراعية تعتمد على التيارات الهوائية، من جهة، ومحرك خفيف الوزن
من جهة أخرى. هذه الآلة الفريدة من نوعها حملت إيف خطوتين إلى الأمام
نحو تحقيق حلمه النهائي.
محرك بقوة اثني عشر حصانا، ودوافع خلفية وبعض عضلات الأرجل، بالإضافة
إلى ركض سريع لست أو سبع خطوات ليرتفع عن الأرض.
يحدد الاتجاه باستخدام وزنه.
ارتفع هذا البولسوم إلى سبعة عشر ألف قدم، كما أن سرعته تصل إلى أربع
وأربعين ميلا في الساعة.
بالاستفادة من كاميرا أوشوايا حقق إيف التوازن على ارتفاع ألف
وثلاثمائة قدم.والكاميرا المعلقة بالأجنحة والجسد، تعكس ما يشاهده
الطيور، من أرياف فرنسا.
وحين يريد أن يتمتع بالتحليق الحر، يطفئ المحرك، ويتابع التحليق.
مستلهما بلقب قديم لطلائع الطيارين، ديسي بايكرز، يناور إيف في حقل من
الورود، فيجعل منها شيئا يزيل الكآبة.
رغم أن إيف مغرم بالتحليق ، إلا أنه مجرد هواية لهذا الرجل الذي يعيش
بالاعتماد على الرسم، أي أنه لم يبتعد عن نظامه، رغم قطف الورود، وتزلج
على سطح الماء في بحيرة قريبة من ورشته.
لا شك أن إيف يحب المخاطرة، ولكنه يعترف بأن هناك زورق تابع لجهاز
الإطفاء على مسافة منه، وهو مستعد لإنقاذه إذا لزم الأمر.
أما الخطوة التالية في التحليق فهي لا تثير القليل من الإعجاب.
فهو يسعى للتخلص من المحرك والدوافع لينطلق وحيدا وكأنه يعتمد على
أجنحة الصقور.
لقد صمم شيئا يسميه، البولسيناميك، أو الأجنحة المتحركة. يؤكد إيف أنه
إذا تمكن من جعل هذه الأجنحة التي صنعها بنفسه تتجاوب مع الهواء في
الدرجة اللازمة، يمكنه أن يحلق في السماء نحو الشمس. ما يجعل أقدم حلم
للإنسان يتحقق.
حتى الآن يعتقد إيف أنه إذا كان المرء يحلم، يمكنه أن يحقق الحلم.
=====
سنشاهد لاحقا،
في جزيرة الفلبين، نيكولاس يتسلق واحدة من المناطق الأكثر مناعة في
العالم.
----
(الفلبين)
تقع جزيرة بالاوان الفليبينية على مسافة ساعة طيران من مانيلا. ولكنها
بعيدة عن طريق البنية التحتية للسياحة. كما أن سكانها الست مائة وخمسين
ألف، من بين الأفقر في الفلبين.
ولكن خلف قرى بالاوان الريفية، تقع شواطئ بعجائبها الطبيعية. تقع
الجزيرة بين بحري جنوب الصين والسولو الغنيين. ما يضمن ثروات سمكية
كبيرة.
تسكن في هذه المياه مجموعة من أفضل أنواع المرجان.
يبذل سكان بالاوانا كل ما بوسعهم لحماية هذه الجنان.رغم ما تسببه من
متاعب اقتصادية. هناك مجموعة قيود تمارس على الصيد وقطع الأخشاب وتطوير
السياحة الخاصة.
ولكن فريق أوشوايا جاء إلى هنا بحثا عن ثروات صغيرة ولكنها مربحة جدا.
وهي أساس لطبق باهظ الثمن، يعتقد أنه يجدد الشباب.
بين مضائق الصخور المعروفة بالنيدو، يمارس بعض المواطنين مهنة تتطلب
الكثير من الشجاعة. وهي التسلق فوق مرتفع يوازي مبنى من ثلاثين طابق
فوق سطح البحر. للوصول إلى حيث تعشش عصافير صغيرة يسمونها سويفتليت،
وهي تستخدم في تحضير الطبق الصيني المعروف بلقب حساء عش العصافير.
يتسلق جامعي العشوش إلى صخور ترتفع فوق المياه، وذلك باستخدام شبكة من
قصب المامبو تحملهم على ارتفاع يتراوح بين مائتين وثلاث مائة قدم.
ولكن المخاطرة تستحق ذلك، لأن مجموعة العشوش تباع في هونغ كونغ بمبلغ
يوازي ألف دولار. والأسعار تستمر بالارتفاع، تماما كما يفعل نيكولاس
وباقي العاملين في جمع هذه الطيور.
مع أن هؤلاء الرجال لا يحصلون على أكثر من خمسين دولارا مقابل كل رطل،
ولكنهم يعيشون عليه، لدرجة أن المشروع التجاري بكامله يوازي ملايين
الدولارات. وهي تباع في السوق السوداء، ومن خلال شبكات الجرائم عبر
جنوب شرق آسيا، حيث يعشش السويفت ليت.
يقوم بعض الحراس المسلحين بحماية مؤسسات تحتكر الأسواق دون
المتطفلين.في تايلاند، يقال أن رجل قام بقتل أربعة عشر شخص من سارقي
عشوش الطيور.
يقوم ذكر السوفتليت ببناء عشه من عجينة تشبه المعكرونة من غدد تقع تحت
لسانه، وعادة ما تجمع العشوش ثلاثة مرات في الموسم، الذي يمتد من شباط
فبراير حتى أيار مايو.
تؤدي عملية جمع هذه العشوش إلى سقوط شخص واحد على الأقل وموته كل عام.
يعتبر التسلق على قصب المامبو الضعيف بالنسبة لنيكولاس تحديا فريدا.
نيك:" رائع".
التسلق الأخير يكاد يكون عموديا، فهذه الطيور عادة ما تسعى لاختيار
جدران عالية لا يمكن الوصول إليها بسهولة.
ما يقارب الستين بالمائة من عشوش هذه الطيور في العالم، تستهلك في هونغ
كونغ.حيث يكلف حساء يحتوي على هذه المادة ما يقارب خمسين دولارا.
نيك:" تسلق رائع، لنرى ماذا لديك؟ إذن هذا كل ما في الأمر؟ إنه خفيف
وحساس".
نيك:" شكرا. حسنا".
====
ما هو عدد الأنواع التي تنقرض بسبب تقلص الغابات الاستوائية يوميا؟
ثمانية وثلاثين؟ خمس وسبعين؟ أم ست وتسعين؟
سنعطيكم الجواب لاحقا.
---
ست وتسعين نوعا ينقرض يوميا، وعام ألفين وتسعة، من المتوقع أن ينقرض
خمس وعشرين بالمائة من الأنواع على الأرض.
(كوستا ريكا)
غابة المطر هي أخنى مختبرات الأرض الطبيعية، فيها مصادر العلاج،
والغذاء، والتوازن البيئي. أما في كوستا ريكا، كما هو الحال في غابات
المطر في العالم، يوجد كثافة في الأرض لدرجة أن دخولها يعتبر أكبر تحد
للباحثين.
في احتياط خاص وسط كوستاريكا، جاء نيكولاس للقاء شخص ساهم في العلوم
وحماية البيئة هناك. إنه عالم الأحياء الآسيوية، الدكتور دونالد بيري.
يركز دون اهتمامه على أعالي الأغصان، وهو جانب حياة غابات المطر التي
تبدأ على ارتفاع ثلاثين قدم من سطح الأرض، ويستمر حتى أعلى شجرة على
ارتفاع مائتي قدم .
بتعليق شبكة من الحبال والبنية عبر أعالي الأغصان، تمكن دون من إنشاء
طريق لا مثيل له، وسبل لم يسبق لها مثيل، إلى مختلف الطبقات العليا.
يرى نيكولاس التنقل عبر الحبال، سبيل بالغ القسوة. أما دون فيشعر
بالراحة بين الأغصان.
نيك:" هل يمكنك مساعدتي؟"
بدأ دون العمل هنا كطالب عام أربع وسبعين، ومنذ ذلك الحين نسج مئات
الأميال من شبكة الحبال.
نيك:" هل تساعدني؟"
دون:" هل تحتاج إلى مساعدة؟ أنت عالق إذن، انتظر لحظة يجب أن تهدأ،
تعال إلى هنا".
وضعت لك كرسي هناك ".
سبق أن تعلق دون بأعالي الشجر قبل أربع وعشرين عاما، حين صعد لمساعدة
صديق علق على شجرة بعد أن حطم وسيلة الصعود.
دون:" هذا أكبر احتياطي للجينات على الأرض. ويمكن اعتبارها مكتبة، من
بدايات مراحل التطور. أراهن ألا أحد في العالم، يأوي تنوع من الأشجار
مثلي، وأنا لا أحتاج لريها".
تعرف حوالي ثلاثة آلاف نبتة بأنها تملك عناصر تحارب السرطان، وأكثر من
ألفين منها تسكن في غابات المطر.
أدوية كالكوراري، التي تستخدم في عمليات القلب والرئتين، وتيترودوكسين
والريلاكسانت المستخدمة في علاج السرطان، تخرج من هذه الغابات.
يتضمن نمو الأغصان نباتات أخرى تقوم بدور المضيف لنباتات أخرى ،كما
والحشرات أيضا، مثل البروميلياد.
دون: يمكن أن تنظر هنا، لترى نبتة تسقط فيها الحبة، وهي تستخدم الغذاء
الموجود حولها في البروميلياد، كي تتوالد. حيوانات كثيرة تسكن هنا، كما
أن الحشرات تكثر من استخدامها.
حينا عادا إلى الأرض، أبلغ دون نيكولاس أن نسبة المطر تصل ‘إلى ثمانية
عشر قدم في العام الواحد.
ليحمل نفسه إلى أعالي هذه الأشجار، طور دون مجموعة من تقنيات التسلق.
دون:" لدي الكثير من النباتات، ما رأيك بهذه؟".
نيك:" تبدو جميلة جدا".
أول اختراع له كان باستخدام قوس يطلق سهما يحمل معه خيطا من النايلون
يرتفع إلى أعالي الغصون. يأتي الوزن بالسهم من الناحية الأخرى.
دون:" أعتقد أن الخطوة التالية هنا، هي تسلق الحبال:".
يعتقد البعض أن قطع الأشجار وحرق النباتات بهدف الزراعة وغيرها من
النشاطات يدمر من غابات المطر ما يوازي حجم الحديقة العامة في نيويورك،
كل ربع ساعة.
وهي تدمر معها أنواع كاملة ستبقى قدراتها بالنسبة للعلوم والطب مجهولة
إلى الأبد.
والحقيقة أن عشرين بالمائة فقط من غابات المطر الأصلية تبقى على قيد
الحياة في كوستا ريكا.
هذا ما جعل دون يعمل بقوة أكبر، فما زال يوسع سبل الحركة داخل الغابة،
من خلال زورق يعمل بالتحكم الألكتروني.
دون:" هذه هي الآلة".
نيك:" حسنا، هنا".
دون:" نعم، يجب أن تحاذر. ما نفعله للأمان، هو ربط الحزام، هذا احتياط
لعدم الانزلاق".
تمر وهي معلقة بالأسلاك عبر مسافة ثلاثمائة يارد في الغابة، الخروج
بعربة دون الاستكشافية، هو نزهة ممتعة لا مثيل لها .
دون:" حين يكون الجو ممطرا كثيرا ما يتعطل المصعد، ويجبرنا على استخدام
الحبال للهبوط. أما النزول فيحتاج لأداة محددة، إنها هنا.
نيك:" حسنا".
دون:" يجب أن تسعى لعدم السقوط في مياه الشلال".
ولا بد من مياه الشلال.
يذكر حمام الشلال بأن طلائع غابات المطر مثل دون بيري يسهمون في
العناية بالنباتات والحيوانات هناك كي تخضع للبحوث وتتأكد حمايتها.
=====
سنرى لاحقا، كيف يرغب متسلق الجبال في النوم في أعالي الكوكب.
-----
على سطح إحدى صخور جبال الألب الأوروبية، يجهز أحد المتسلقين لمواجهة
أكبر تحدياته.
يسعى المتسلق المتفرغ مارك بيتارد، لتحقيق ما لم يتمكن من تحقيقه أحد
من قبل.
يريد أن يكون أول من يمضي الليلة في أعلى جبل، أي عند قمة افرست.
(قمة إفرست)
ارتفاع إفرست أكثر من قمم نيبال والتيبت، جعلها تعتبر عالميا، أعلى قمة
في العالم.
منذ وصول السير إدموند هيلاري إليها بنجاح عام ثلاثة وخمسين، وطأت هذه
القمة أقدام ست مائة وستون متسلقا. ولكن الظروف هناك بالغة القسوة،
لدرجة أن غالبيتهم عاود الهبوط بعد بضع دقائق. أما مارك، فيريد النوم
هناك.
سبق أن صعد مرتين من قبل إلى قمة إفرست. بما أن الهواء قليل الأكسجين
مما يجعل الحركة أمر مضني، يضطر غالبية المتسلقين لاستخدام الأوكسجين،
أما هنا فترى مارك عام ثمانية وثمانين، بعد الوصول إلى القمة بدون
أوكسجين.
بالنسبة لجميع من بذلوا المحاولة، تبقى رحلة إفرست في الذاكرة أبدا.هذه
المجموعة من المتسلقين محظوظين جدا، فقد سخروا من الموت، عبر منفذ ضيق.
انهيار الجليد، وعواصف مفاجئة، وهبوط بدرجات الحرارة، دون إنذار مسبق،
يمكن لهذا الجبل أن يتحول إلى هم ثقيل.
أكثر من مائة وأربعين متسلق ماتوا بين تلال جليده، عام ستة وتسعين، قتل
ثمانية أشخاص بعاصفة واححة. وما زالت أمجاد القمة شامخة هناك.
باتارد:" الظروف جيدة جدا".
بدأ مارك يطرح آخر تساؤلاته، كما يفعل غالبية المتسلقين، في مخيم
إفريست، على ارتفاع سبعة عشر ألف وخمس مائة قدم، فوق سطح البحر.
ثم بدأ تسلقه قبل بزوغ الفجر.
رغم أن التسلق ليس سهلا إلى إفرست، ولكن كل شيء على ما يرام حتى الآن.
سجل مارك تقدما ملحوظا، في هذا الجبل حيث تصل الحرارة في الصيف، إلى
أربعين درجة على مقياس فارنهايت.
هدف مارك، هو الانتظار فوق الغيوم، على ارتفاع تسع وعشرين ألف وثمانية
وعشرين قدم. حيث تصل الرياح غالبا إلى سبعين ميلا في الساعة.
ولكن سرعان ما عبر ست وعشرين قدم، تغير المناخ.
تيارات الرياح العاتية أجبرت مارك للبحث عن ملجأ.
أصبح الآن على مسافة ألف يارد من القمة فقط، ولكن الظروف أصبحت بالغة
القسوة.
على مارك أن يعود أدراجه…
حين عاد إلى القاعدة فيما بعد، علم بأن هذه الرياح أدت إلى مقتل صديق
وزميل له في التسلق بين التلال المجاورة لأنابورنا.
إلا أن مارك لا يعتبر عودته إلى الوراء فشلا، بل يرى فيها خطوة أخرى
نحو تحقيق هدفه النهائي، وهو قضاء ليلة كاملة، في قمة إفرست.
أما الآن فسيعود إلى جبال الألب، ليتمرن، ويخطط، وينام، ويحلم.
=====
(ألاسكا الولايات المتحدة)
تقع جزيرة راوند في خليج بريستول على مسافة عشرة أميال من شواطئ جنوب
غربي ألاسكا، وقد تبدو مكانا معزولا ومنفردا.
أما إن كنت من الفظ، فستجد الكثير من الأصحاب. مع حلول الربيع في كل
عام تحتشد عشرة آلاف من فقمات المحيط الهادئ على شواطئ جزيرة راوند.ولن
تجد بين العشرة آلاف فقمة، أي أنثى. جميعها من الذكور.
شخصان فقط يقيمان في هذه الجزيرة، وهما عالمان في الأحياء البحرية،
إنهما كيانا كونين، وتيد سبينسير.
وقد اتفقا على العيش هنا لستة أشهر في محاولة لدراسة تقاليد هذه
الثديات، والمساهمة في الحفاظ على هذا المنتجع الرسمي. هذه أول زيارة
لتيد إلى الجزيرة، وثالث زيارة لكيانا.
من أيار مايو وحتى تشرين الثاني نوفمبر، تقوم مجموعات الأنثى وصغارها
بملاحقة الثلوج المتراجعة، عبر ألف ميل نحو الشمال في بحر شوكشي،
تأتي الذكور إلى هنا عبر بحر بيرينغ. حيث تشكل أكبر تجمع للفظ في
العالم.
يمتد موسم الجماع للفظ عبر شهري كانون الثاني يناير وشباط فبراير.
لتنجب الأنثى في ربيع العام التالي.يقول الباحثون بأن هذه المخلوقات
تتباعد كي توزع مصادرها الغذائية. وتخفف من وطأت المنافسة، بين
الراشدين وصغار الذكور.
يصل طول الفظ إلى ثلاثة عشر قدم. وقد يبلغ وزنه سبع وثلاثين رطلا.وحين
تشعر هذه الثديات بالجوع، تمضي سبعة أيام تبحث عن الغذاء في قاع البحر.
وهي تعيش على الرخويات والقشريات والديدان. وهي تستعين بأنيابها
البالغة الحساسية للحصول على فريستها.
على مدار قرون من الزمن، قام رجال الأسكيمو بصيد الفظ للحصول على
الغذاء وصناعة الأدوات من أنيابه وعظامه. ولكن عام ألف وثماني مائة،
بدأ التجار البيض بذبح هذه التجمعات لجمع الماء وشراء البضائع. التي قد
لا تزيد أحيانا عن حقيبة البيسبول.
تقول التقديرات أن عدد هذه الحيوانات الذي ذبح عام ألف وثماني مائة قد
بلغ ربع مليون فظ.
وعام ألف وتسع مائة وخمسين، بدأ سكان الأسكيمو بقتل هذه الثديات، ولكن
ليس لأكلها، بل لبيعها بالمال.
عاشت هذه المجموعة من الثديات، في ظروف خطيرة. عام ألف وتسع مائة
وستين، أعلنت سلطات
ألاسكا الطبيعية جزيرة راوند جزءا من منتجعات الفظ. ومنع صيدها
بالكامل.
وقد نجح مشروع الحماية هذا لدرجة أن البعض يقدر أن عدد هذه الثديات
يقارب الربع مليون نسمة.
في فصل الصيف، أثناء محاولة تيد وكايانا لمعرفة كل شيء عن تصرفات ثديات
المحيط الهادئ، كلفوا أيضا بإبقاء الحضارة بعيدا.
قاعدتهما بدائية، لديهما بركة للمياه، ومولد لكهرباء للطاقة. هناك مركب
يحمل لهما أطعمة طازجة كل شهر.
كيانا:" سوف أتحدث إليك فيما بعد هذه جزيرة راوند انتهى".
من بين مهماتهما يسجل تيد وكيانا مجموعات الكاميرات الصغيرة التي تأتي
للسياحة هنا، وتدفع مقال أن يؤذن لها بزيارة الجزيرة. وهما يبذلان
الجهود لإبعاد زوارق الاستجمام والصيادين والطائرات، والتي يمكن أن
تؤثر سلبا على الهدوء والسكينة في جزيرة راوند. هناك حظر على الصيد على
مسافة اثني عشر ميلا حول الجزيرة.
يؤكد الباحثون مثل تيد وديانا، أن الثديات تهرب من الضجيج والناس
عموما، رغم سماكة جلدها. أي أن تيد وكايانا يجب أن يحاولا البقاء
بعيدا أثناء قيامهما بأبرز المهمات، في تعداد القطيع الذي لا يكاد
ينتهي. تحديد الأرقام مسألة ضرورية، لضمان النجاح في هذه المنتجع، حيث
لكل دقيقة أهمية.
في فصل الشتاء، حين يأتي البرد بالثلوج نحو الجنوب، تسبح الذكور عائدة
كي تنضم إلى الإناث والصغار في المناطق الجليدية. سيتركون خلفهم هذا
الملجأ مرة أخرى، إلى أن يعود بهم صيف العام الجديد، إلى عالم الشمس
مرة أخرى.
====
سنتحدث لاحقا، عن حياة العاملين في تعليق الأسلاك العالية التوتر في
شركات الكهرباء.
---
(جنوب فرنسا)
تمول شركة الكهرباء الفرنسية تسع وعشرين مليون مستهلك عبر فرنسا.
لتوزيع الكهرباء تنشر الشركة أسلاك التوتر العالي عبر البلاد، بما يزيد
عن خمسين ألف ميل من الأسلاك، وأكثر.
سيحاول اليوم فريق من العاملين في مهمات الصيانة الشاقة إطلاع
نيكولاس على جوانب الخطورة في أعمالهم.
بعد إطلاق الأسلاك، يتسلق التقنيين إلى أعمدة يوازي ارتفاعها مبان
بثمانية عشر طابقا.
تتولى طائرة عمودية القيام بمهمة رافعة محلقة، فتعلق الأسلاك فوق
الأعمدة.
من نافذة خاصة في الطائرة، يراقب نيكولاس ما يقوم به التقنيون من حركات
إيقاعية لنشر الأسلاك.
على الطيار حين يقترب من أحد الأعمدة أن يناور بحذر ولياقة، وذلك
لإنجاز العمل، وضمان سلامة زملائه في العمل، المعلقين في قمة الأعمدة.
نيك:" يا إلي كان قريب جدا".
تقني:" تقدم قليلا، بعد، أحسنت ، عد الآن".
طيار:" حسنا".
نيك:" أمسك به".
يقوم الطيار بعدها بالتحليق على خط ثابت بين العامود والآخر. وتستمر
العملية مرة بعد أخرى، وميل بعد ميل.
نيك:" أحسنت عملا".
يتبع هؤلاء التقنيون أسلوبين محددين لمعالجة الأسلاك المعطلة. هنا يجرب
نيكولاس الأسلوب التقليدي. وهو أسلوب ربطه بأسلاك تسبقه.
نيك:" حسنا، هل أتابع؟".
علما أن هذه النزهة فوق الأرياف عملية جدا بالنسبة لنيكولاس، فهو على
وشك أن يكتشف الخطورة التي تنضوي عليها عملية إصلاح أسلاك التوتر
العالي.
للعمل على إصلاح خط معطل فعلا سيقوم نيكولاس بالانضمام إلى التقني
ماوريس بيرتراند، في مركب طائر. وللأمان سيرتديان ملابس موصلة رديئة
للحرارة صنعت من المطاط والبلاستيك.
نيك:" هل تناسبني الملابس؟".
ماوريس:" تبدو مناسبة".
لمس أسلاك مفعمة، ولو بشحنات قليلة، بأيد مبللة، أو بالوقوف على أرض
رطبة قد يودي بحياتك. لهذا تعتبر الملابس الوقائية من الرأس وحتى أسفل
القدمين، الشعرة الفاصلة بين الحياة والموت، أثناء إصلاح أسلاك عالية
التوتر.
توجه نيكولاس ومن معه من طاقم نحو مهمتهم عبر المناطق الريفية لجنوب
فرنسا، وهي إصلاح سلك بقوة أربع مائة ألف فولت.
لعمليات إصلاح كبرى تقوم الشركة بقطع الكهرباء عن الخط المعطل، لتحول
الكهرباء إلى الزبائن عبر خطوط أخرى بحيث لا يعانون من انقطاع التيار.
ولكن عملية إصلاح اليوم بسيطة، ما يعني أن التيار الكهربائي لن ينقطع.
ماوريسيو:" إنه هناك.
الطيار:" حسنا، هل الارتفاع مناسب؟
على الطيار والتقني أن يعملان بتزامن وانسجام متكاملين، بحيث يصل
التقني إلى الأسلاك.
نيك:" هذا عمل جنوني".
أثرت الشحنات الكهربائية مؤقتا على كاميرة أوشوايا، المعلقة بالمركبة.
ماوريسيو:" حسنا".
رغم أن كثيرا من الخطوط الكهربائية تمر الآن من تحت الأرض، إلا أن تسع
وسبعين بالمائة من خطوط الكهرباء الفرنسية تمر من فوق سطح الأرض.
طيار: الرياح تزداد هنا، هل انتهيتما من العمل؟
ماو:" كدنا ننتهي، انتهينا".
كادا ينتهيان. ولكن طريقهما ليست آمنة بعد.
خوذة نيكولاس احتكت بالسلك الأم".
طيار:" هل أنتما بخير؟".
ماو: هل أنت بخير نيكولاس؟
تعرض مع ماوريس لصدمة، ولكن بفضل ملابسهما الواقية، ما يشعران به، غير
مؤذ فعلا.
إنه يوم آخر في شركة الكهرباء، لماوريس، أما نيكولاس، فقد تعلم أنه في
هذا المجال من العمل، يجب أن تبقى دائم الحرص.
=====
سنتحدث لاحقا عن أشهر معامل الرخام، بعد قطعه وتحضيره ونحته، في تلال
شمال إيطاليا.
----
(إيطاليا)
بالنسبة للعين المجردة، قد تبدو المرتفعات الشاهقة لجبال الألب شمالي
توسكاني مغطاة بالثلوج. ولكن النظرة عن قرب لا تكشف عن مركز للتزلج، بل
عن أكبر محجر للرخام في العالم، حيث توجد جبال منها.
في التلال المحيطة بمدينة كاريرا، تنتشر أفضل أنواع رخام كاريرا،
الشهيرة بنوعيتها الراقية، وقدرتها على العيش طويلا.
قبل ألفي عام كان الرومان أول من حفر هذه الصخور البراقة لاستخراج
الرخام الذي استعمل في بناء روما.
عام ألف وخمس مائة، جاء ميغيل أنجيلو إلى هنا ليدعي بأن هذه الصخور
الضخمة، تحبس في داخلها أفض أعماله.
ولكن قبل أن يحاول أي فنان إطلاق سراح ما فيها من أعمال، على فنان
القطع، أن يخلص الرخام باستخدام الآلات والأدوات العصرية اللازمة.
كان ميغيل أنجيلو يعلم بأن قطع الصخور يوازي أهمية نحتها.
وقبل بضعة عقود فقط، كانت هذه العملية تتم بقوة الأيدي، كما كان يحدث
في القدم.بالمناشير والرافعات والأدوات اليدوية الأخرى.
قبل أربعين عاما من اليوم كان العمال يزجون الأسافين الحديدية في الجبل
لاستخراج الصخور منه. وهي صخور كانت تهبط فيما بعد باستخدام الحبال
والألواح الخشبية.
في التسعينات، بدأت الآلات بقطع صخور الرخام من الجبل وكأنها شرحات من
الجبنة.
تقطع الأسلاك الحديدية تعمل من غرفة الطاقة، صخور الرخام بسهولة
بالغة. لمنح هذه الأسلاك أسنانها، تعبأ أخاديد السلك بخليط من الرمال
والمياه.
تقوم المناشير المعززة بالأسلاك العملاقة والألماس، بقطع الرخام خلال
جزء بسيط من الوقت الذي كانت تستهلكه في الماضي.
في أحشاء هذه الجبال الشاهقة، يقوم العمال بحفر الصخور الخام من
داخلها،
أصداء هذه الكاتدرائيات الداخلية الهائلة تؤدي إلى إنتاج أكثر من
مليون طن من الرخام سنويا.صخرة بعد أخرى، يتم إفراغ الجبل من داخله.
تتراكم تلال الأتربة وترسبات الرخام، للتخفيف من صدمة سقوط الصخور.
بعد قطع الصخور، توضع بين أيدي رجال يتمتعون بشهرة توازي قاطعي
الحجارة. إنهم سائقي الكاريرا.
يحمل هؤلاء السائقين المجربين صخورا يبلغ وزنها عشرين طنا عبر طرقات
غير مؤهلة، وعبر منحدرات ومنعطفات حادة، لدرجة أن بعضهم يجبر على
الانحدار إلى الخلف، إنها مهمة تتطلب شجاعة.
في كاريرا والقرى المحيطة بها، يعمل آلاف الفنانين والسكان في نحت
الصخور لإعادة إنتاج تماثيل جديدة أو من تلك المعروفة للأديرة.
كان ميغيل أنجيلو يقول، بأنه أصبح نحاتا لأن مربيته كانت من تلك
المنطقة. ولأنه في طفولته، ابتلع بعض غبار وترسبات الرخام، مع الحليب.
يمكن أن تتأكد بأن الرخام موجود في دماء كل من يسكن هذه المنطقة.
يأتي النحاتون وفنانون من مختلف أنحاء العالم إلى كاريرا عبر القرون.
وليس للبحث عن رخام حقيقي، بل وللعثور على فنان لا مثيل له.
من العهد الروماني مرورا بعصر الانبعاث وصولا إلى أيامنا هذه، وما زال
الرخام الصخرة اللامعة، لبعض من أرقى أنواع الفنون والبناء، في جميع
أنحاء العالم.
--------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م