اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 أول أمريكي يخرج إلى الفضاء
 

كارس غريسوم، وإيد وايت، وروكي تشافي

 

قد لا يحرك المرء ساكنا لهذه المشاهد التي أصبحت اليوم مألوفة.

في حزيران يونيو من عام خمسة وستين، كان العالم يتأمل بإعجاب تحليق رجل فضاء أمريكي خارج المجال الجوي للأرض.

لا شك أنه أول أمريكي يخرج إلى الفضاء، ولكنه ليس أول إنسان، فقد سبقه إلى هناك رجل روسي قبل عشرة أسابيع من ذلك.

سبق أن فاز عدو أمريكا في الحرب الباردة جميع مراح سباق الفضاء، منذ أن بدأ العمل بالقمر الصناعي سبوتنيك، احتلت أمريكا المرتبة الثانية.

أصبحت القوتين العظمتين تخوضان في سباق عنيف على زعامة العالم. وقد تحول القمر إلى ذروة أشكال هذا السباق.

كنا نخوض في حرب على التفوق التكنولوجي الكامل في العالم، وقد شعرنا بأن أمريكا تخضع لتحديات كبيرة، وبشدة من قبل روسيا حتى تخلفنا عنهم.

اعتقد شخصيا أن برنامج الفضاء والسباق الفضائي حل محل الحرب.

لم تكن معركة بالقنابل ولكنها برأيي كانت أشبه بأي معركة أخرى كتلك التي شبت في فيتنام وكوريا.

السباق إلى القمر هو قصة أكبر مغامرة في هذا القرن، حكاية المخاطرة والاكتشافات، والأبطال والتضحيات.

تحول هذا السباق في الولايات المتحدة  إلى هاجس دائم، كلف خمسة وعشرون مليار دولار ومجهود أربعمائة ألف عامل أمريكي.

استمدت وقودها من اقتصاد مزدهر، والخوف من التخلف عن العدو في الحرب الباردة. ولكن الرهان انطلق من رئيس كان يطمح بأن تصل بلاده إلى مستويات أبعد من أي وقت مضى.

قبل نهاية هذا العقد، سينز الإنسان إلى القمر ويعود بأمان إلى الأرض.

وفي النهاية حققت هذه الرحلة التي انطلقت من احتياجات سياسية، أشد النتائج الإنسانية عمقا، وهي الفهم الأوسع لأنفسنا.

مشهد الأرض من هنا أشبه بكرة زرقاء في فضاء داكن.

=-=-=-=-=

اعتمد كل من الفريقين على أبطاله في السباق نحو القمر. لدى الثورة الروسية الجديدة نخبة طلائع رجال الفضاء، هم أبطالها في مسيرة التفوق في الفضاء.

أما رجال الفضاء الأمريكيين فقد عوملوا كنجوم السينما وليس كضابط عسكريين، إنهم نخبة النخبة، وهم يعرفون ذلك. 

يجب أن يعرف المرء أنه رائع ويصدق ذلك بنفسه عليه أن يؤمن تماما حين يتخذ قرارا بأنه الأنسب، دون أن ينظر وراءه، ليتأكد على الدوام بأن لديه الكفاءة لاتخاذ القرار المناسب.

يتمتع الشخص الذي يركب السفينة إلى الفضاء بالأمجاد، ولكنه يركب مخاطرها أيضا. والسباق نحو القمر يحتوي على الأمرين معا.

معرفة رجل الفضاء تؤكد لك أنه لا يكترث بالموت، شرط ألا يفسد الأمور، لهذا تراه يركز بدقة متناهية على إنجاز عمله كاملا، هذه أول مسألة يركزون عليها.

=-=-=-=-=

في كانون الثاني يناير من عام سبعة وستين، كانت أمريكا على وشك التعرض لأبشع مخاطر السباق. كان التحضير لبرنامج أبولو على أوجه، ضمن مجموعة مهمات تنطلق نحو القمر.  ستوكل الرحلة الأولى لكل من كارس غريسوم، وإيد وايت، وروكي  تشافي.

كانت الكبسولة تواجه بعض المشكلات التقنية، ولكن ناسا تسارع في العمل لإنزال الإنسان على القمر معن نهاية هذا العقد. لم يبقى على موعد إطلاق أبولو واحد إلا ثلاثة أسابيع فقط.

في تمام السادسة والنصف من مساء السابع والعشرين من كانون الثاني يناير من عام سبعة وستين، جلس وايت وغريسوم وشابي في قمة الصاروخ ضمن ما يفترض أن يكون تجربة روتينية أخرى.

جلس وشابي إلى ميمنة الصاروخ، بينما استقر غويسوم قي الجانب الأيسر منه، واحتل وايت المنطقة الوسطى..

ظهرت شرارة مفاجأة،  أشعلت المكان المشبع  بوقود الأكسجين النقي المتسرب من الكبسولة.

كان إيد وايت يحاول الوصول إلى ما وراء رأسه، سعيا لترتيب موقعه لأنهم يستلقون جميعا على ظهورهم، أراد تعديل الفتحة.

ولكنها فتحة قاتلة، كانت خطأ في تصميم الأرض، يستغرق فتحها تسعة عشر ثانية، أما الحريق فيتطلب عشرون ثانية فقط ليشتعل من خلال أنابيب أكسجين رجال الفضاء. بلغت كثافة الحريق قوة حطمت فوهة الكبسولة.

من الصعب على الكثير من الناس قبول موت رجال فضاء ليس في الجو وليس في وسط المهمة أو لانفجار وقع في المركبة، بل على الأرض. بوجود رجال الإنقاذ في الجانب الآخر من الفتحة دون أن يتمكنوا من القيام بأي شيء.

أذكر أني كنت أقيم في منطقة قريبة من المقبرة التي دفنوا فيها، وعندما سمعت عزف الوداع تساءلت في نفسي عما إذا كانت مراسيم الدفن هذه ستلغي برنامج أبولو بكامله.

منذ تلك اللحظة اشتهرت مأساة أبولو واحد بلقب الحريق. لم تعاود ناسا التحليق مرة أخرى لعام ونصف. عين رجل الفضاء فرانك بورمان للكشف عن المسؤول.

كان لبورمان أسلوب مميز في معالجة الأمور، لا يمكن أن نعثر على شخص محدد نلقي اللوم عليه بما جرى، جميعنا مسؤول نسبيا عما جرى، جميعنا يعرف كا كان يجري ولكنا لم نقدر جديا حجم الخطر، كما أننا لم نتخذ كل الاحتياطات الضرورية، لهذا جميعنا مذنب من حيث المبدأ، وربما كنا نحمل الإحساس بالذنب معنا جميعا.

كانت وكالة الناسا تلملم أشلاء الحريق عندما تعثرت محاولات الاتحاد السوفيتي لكارثة مشابهة، خسروا فيها رجل الفضاء الأول عندما ارتطمت  كبسولة فلاديمير كاماروف بالأرض على سرعة أربعمائة ميل بالساعة. بعد مراسيم الدفن الرسمية، قرر السوفيت وقف برنامجهم الفضائي مؤقتا.  لم يحلق أي من الطرفان لعام ونصف، وفجأة في عام ثمانية وستين، عاد السباق إلى عهده. حدد كلا الطرفان هدفا واحدا هو إرسال رجل فضاء إلى المدار الجوي حول القمر. كان مشروع أبولو الثاني ما زال في طور الصنع بعد عندما حصلت السي أي إيه على معلومات خطيرة.

أكدت الاستخبارات الأمريكية أن الروس يحضرون لإرسال رجل فضاء إلى المدار الجوي للقمر، فأرادت ناسا المراهنة، بتخطي الروس عبر إرسال رجل فضاء أمريكي يدور حول القمر بوقت مبكر، ما يشكل مهمة أصعب.

ولكن وثائق الناسا الداخلية تؤكد أنها تخاف من احتمال وقوع خطأ آخر يخاطر ببرنامج أبولو برمته، ضمن ما سمي بخطر يحد بالطاقم.

كان قرارا مغامرا اعترض عليه الكثيرون بعنف، ولكن الجميع سلم أخيرا للأمر الواقع على اعتبار أنه إذا كانت المعدات جاهزة فلا بأس بتجربتها.

المعدات هي زحل خمسة، الصاروخ العملاق، الذي يعاني من مشكلة واحدة هي نقصان القوة الخام لدفع الأمريكيين إلى القمر. سبق أن جرب زحل خمسة مرتين فقط على الأرض. والآن على طاقم الصاروخ جيم ليبيل وبيل أنديرسون وفرانك بولمان،  أن يكونوا الأوائل في ركوب العملاق.

عشرة ، تسعة، بدأ اشتعال الوقود..

يبلغ زحل خمسة من القوة ما يوازي قنبلة نووية صغيرة، وكل ما فيه ينبئ بالعنف. لا يمكن لأحد ركب هذا الصاروخ أن ينسى ذلك أبدا.

يشعر المرء بداخله أنه يشهد حالة من الرعد الدائم، كما يشاهد حالة من الاهتزاز تبدأ بالدخول عبر جدار الصاروخ والخوذ المصفحة، وأخيرا تشعر وكأنه ينشطر، ثم يغادر الأرض.

مع الهدير الراعد لأضخم صاروخ على وجه الأرض، ينطلق من جديد السباق نحو القمر.

=-=-=-=-=-=

نشهد الآن عملية انطلاق بدأت في تمام الثامنة إلى تسع دقائق صباحا بالتوقيت المحلي.

علقت آمال أمريكا في الوصول أولا إلى القمر على صاروخ زحل الخامس العملاق، وبالنسبة لطاقم أبولو ثمانية تعتبر هذه التجربة أضخم تحليق في حياتهم.

كان رجال الفضاء في القمرة العلوية يهتزون وهو في المقاعد، وداخل ملابسهم، وقد بلغ الاهتزاز درجة من العنف جعلت بيل أندرسون يعتقد بأن عطلا ما قد حصل في الصاروخ الذي قد يتحطم بين لحظة وأخرى.

انتابني إحساس بمعايشة حدث عنيف وسط الاهتزاز والرعد، شعرت وكأني مجرد قطعة في آلة تنبض بالحياة.

كنا نشاهد الصاروخ وهو يبذل جهدا كبيرا، وهو يعتمد في ذلك على حرق أطنان من الوقود في كل ثانية، ما جعلني أشعر فعلا بأن هذه الآلة تتجه لا محال إلى مكان ما.

هذا المكان، هو المدار الجوي للقمر. انطلاق صاروخ زحل خمسة بسرعة خمسة وعشرون ألف ميل في الساعة، جعله قادر على مقاومة الجاذبية والتحرر من تأثيرها. حدث ذلك في كانون أول ديسمبر من عام ثمانية وستين.

وانن، ولافيل وأنديرس هم أوائل رجال الفضاء. أوائل من غادروا المدار الجوي للأرض، والغوص في عمق الفضاء. ولكن فيما كان البعض ينظم الشعر للقمر، كان رجال أبولو ثمانية، يذهبون إليه.

كانت أبولو ثمانية أشبه بمغامرة رائعة، ولكنها تطلبت عملا شاقا، لم يسبق أن شعرت بميل رومانسي نحو رحلات الفضاء، على اعتبار أنها لم تكن واردة من قبل، ومع ذلك بما أني كنت في مهمة هامة أردت إنجازها بنجاح.

كل ما حمله بورمان يتعلق بالعمل، حيث لا مجال للحمولات الإضافية.

من الصعب التفكير بالذهاب إلى القمر والعودة إلى هنا، لا داعي لتعقيد الأمور بأشياء كآلة التصوير التلفزيونية، وهذا ما لم يرغب به فقد شعر بأنها ستزعجه.

ولكن بورمان تخطى القاعدة، فتمكنت الأرض من رؤية نفسها من بعيد لأول مرة، عبر كاميرا أوشكت ألا تستقل المركبة.

إحساس غريب أن يرى الإنسان الأرض عبر مئات الآلاف من الأميال في الفضاء..

كانت صورا باهتة بالأبيض والأسود، ولكن قوة هذه الصور لا تقاوم.

يجب أن تراها بطريقة مختلفة كثير من الناس يرون هذه الصور وهم يقولون: يا إلهي تلك الكرة الصغيرة التي تميل إلى الأزرق والأخضر والرمادي، إنها هناك،  وهي محاطة بالغيوم البيضاء، كما أنها تختلف عن كل ما سبق أن رأيناه.  كما أنها معلقة في فضاء أسود.

عشية أعياد الميلاد، دارت أبولو ثمانية حول القمر عشرة مرات.

هناك عدة أشياء يمكن رؤيتها، ولكنها جميعا تترك شعورا بالوحدة والعزلة، أو حتى بالأماكن النائية المنيعة، بما لم يسبق رؤيته.

يبدو أن الرحالة نظموا أفضل شعر عن القمر.  ولكن القمر لم يأسر قلب فرانك بولمان وعيناه، بل المكان الذي يضم كل ما هو عزيز عليه، ويغمره إعجابا.

آه! آه! كانت آهة إعجاب صدرت عنا جميعا في تلك اللحظة التاريخية. وبعدها تداعينا للعودة إلى الديار.(..) لم يدم ذلك طويلا فلدينا أعمال كثيرة نقوم بها، كانت لحظة إعجاب بين مرحلتي الوصول إلى هناك للقيام بالعمل والإعداد للرجوع إلى الأرض.

قال الرب، فليكن نور، فكان النور، وشاهد الرب النور، فكان الخير، ففصل الله النور عن الظلام...

أعتقد أن فرانك نورمان بادر بفكرة رائعة أثناء ذلك العرض التلفزيوني،  بقراءته مقاطع من الكتب السماوية.

ونيابة عن طاقم أبولو ثمانية، أقول طابت ليلتكم، وحظا موفقا، وميلاد مجيد، وعلى بركة الله جميعا، ومعكم كوكب الأرض.

ومعكم كوكب الأرض. ما زلت حتى اليوم أتأثر بهذه الكلمات فهي جميلة جدا.

نجح الرهان الأمريكي، فازت الناسا بالمرحلة الأولى من السباق إلى القمر. ولكن التحدي الأكبر والأخطر، لم يحن بعد.

نجحت أبولو ثمانية في مهمتها، علما أن مهمة المركبة لم تكن سهلة، وكان الروس يعرفون بأن النزول على سطح القمر لن يتأخر كثيرا. لذا أعتقد شخصيا بأن أبولو ثمانية وضعت مسمارا في النعش.

ولكن الروس لم يستسلموا بعد، وما لا يعرفه الأمريكيون هو أن موسكو  تتفوق عليهم بالسرعة.

=-=-=-=-=

العد العكسي خمسة أربعة ثلاثة، اثنان، جميع المحركات تعمل. المركبة تنطلق، الإقلاع! بدأ الإقلاع في الرابعة إلا أحد عشر دقيقة.

عام تسعة وستين، هو العام الذي يجب أن ينزل فيه الأمريكيون إلى القمر. ما زال أمام ناسا عاما كاملا لتنفيذ ما وعد به الرئيس جون كندي. وضع برنامج مهمات لخمس من صواريخ أبولو. لم يسبق لأي مشروع فضائي أن دفع بمثل هذه القوة، والعملاق الناجم عنه، يطلق الحمم النارية.

كانوا يعملون ليومهم وكأنهم لن يعيشوا غدا، فأطلقوا صاروخا كل شهرين تقريبا..

ولكن السوفيت لم يتراجعوا، إذ تمكن قمر صناعي من تصوير قاعدة سرية لصاروخ عملاق روسي جديد، هو إن واحد. تشير الدلائل إلى أن الروس كانوا يستعدون أيضا لإطلاق رجل فضاء إلى القمر أيضا.

يبدو أنه يتمتع بالحجم نفسه وبالقوة ذاتها التي لدى أبولو فلا شك أنه متوجه إلى القمر. ما لم نعرفه هو أن السوفييت كانوا يواجهون مشاكل جدية به.

كانوا كلما حاولوا إطلاق الإن واحد، يشتعل بهم. وفي المحاولة الثانية انفجر كليا.

يمكن الآن أن تخبر العالم أجمع بأننا وصلنا.

أيار  مايو من عام تسعة وستين. أبولو عشرة. التجربة الأخيرة للهبوط فوق القمر. يوجين سيرنين وتوم ستابورد سيفعلان كل شيء باستثناء الهبوط، ليقتربوا من سطح القمر أكثر من أي وقت مضى.

كنا على مسافة قريبة لا تتعدى سبعة وأربعين ألف قدم، فوق سطح القمر ولكنا اقتربنا كثيرا من الجبال العالية.

سوبي ينادي هل تسمعني.

نعم أسمعك أرسل.

صرنا على سطح القمر..

أبلغته بأننا على سطح القمر لا أعرف ما أصابني حينها ولكني شعرت فجأة أننا إذا اقتربنا أكثر يجب أن نرفع أرجلنا وإلا فلا شك أننا قد نزحف فوق إحدى قمم القمر التي كنا قريبون جدا منها.

بحر من الهدوء، تأمله الإنسان منذ الأزل، ولكن طاقم أبولو عشرة رأته بتفاصيل أكبر من تلك التي حلم بها غاليليو.  هنا، ستتم محاولة الهبوط بعد ثمانية أسابيع فقط.

تقتصر مهمة سيرنين وستابورد على الاستطلاع فقط، ولكنهما كانا على مسافة قصيرة جدا من صنع التاريخ بأنفسهم.

معرفة توم ستابورد وعفويته عن قرب، جعلتنا نتساءل ولو لبرهة، ترى هل سيفعل ذلك فعلا؟ (..) وما كنا لنفاجأ لو أنهما قالا سنفعل ذلك مهما كلف الأمر. المهم أنهما كانا مستعدان فعلا للهبوط.

حسنا، يمكن أن ترى..

ولكن ولكن الخواطر التي جالت في تفكير يوجين سيرنين، جعلته يعتقد بأنه كان يمكن أن يكون مع ستابورد أوائل من يدوسان سطح القمر.

لو كنا نملك الوقود، لنزلنا دون شك، وكنا سنفعل ذلك بنجاح، لا أحد يعرف بدقة ولكني متأكد من إمكانية ذلك.

كل شيء يبدو على ما يرام الآن..

لكن فجأة وبدون إنذار مسبق خرجت أدوات التحكم عن السيطرة. وكاد سيرنين يحقق أمنيته في الوصول إلى القمر أولا.

فجأة شعرت أن العالم تغير أمامي، كنت أنظر إلى روائع ذلك العالم الخيالي وفجأة، بدأت الفوضى..

فجأة بدأ كل شيئ من حولهم يهتز ويتحرك على غير هدى، فنظر يوجين سرنين عبر النافذة ليرى بأن أفق القمر أخذ ينقلب بسرعة وبدأ يدور كما لو أنه غير مستقر.

وجدت نفسي في ظرف يحتاج إلى المزيد من التحكم  لما سنواجه، وقد علمت فيما بعد، أعني بعد وقت طويل، بأننا كنا على مسافة ثانيتين فقط من الارتطام بسطح القمر.

هذا نقوس آخر يذكر بخطورة هبوط الإنسان على سطح القمر.

=-=-=-=-=-=

في تموز يوليو من عام تسعة وستين،  أصبحت ناسا جاهزة لاتخاذ الخطوة الأخيرة، بانطلاق أبولو أحد عشر في محاولة للهبوط. قام كل من نيل أرميسترونغ ومايكل كولونز وبوز أوفرين بمراجعة كل التفاصيل بدءا بتجارب التحرك وانتهاء بأخذ عينات من التربة.

عين أرمسترونغ قائدا للمركبة، والجميع موافق على أنه الأفضل.

إنه شاب رائع، كما اشتهر بأنه يتمتع ببراعة متناعية في القيادة، فهو يسيطر على أعصابه في أحلك الظروف.

وقد أثبت أرمسترونغ ذلك عندما كان على وشك أن يموت في تجربة على عربة قمرية.

انطلق بالمظلة في لحظة شعر فيها بأن العربة ليست على ما يرام، ولو بقي فيها لقتل على الفور. أي أنه يتمتع بالكفاءة اللازمة ليعرف متى تخرج الأمور من بين يديه، فيبتعد عنها.

يبدو أن آرمسترونغ يتمتع بالكفاءة  وحسن الحظ معا. فقبل  ثلاثة عشر يوما من موعد انطلاق أبولو أحد عشر، تعرض الصاروخ المنافس له لضربة قاتلة. أطلق السوفييت صاروخ إن واحد آخر، فعاود الانفجار مرة أخرى. ولكن صورة القمر الصناعي هذه المرة تشير إلى أن الانفجار قد أدى إلى تدمير قاعدة صاروخ الإن واحد بكاملها.

كانوا يأملون التغلب على الولايات المتحدة مرة أخرى، وكادوا يفعلون ذلك عبر الإن واحد ولكن برنامج هبوطهم على سطح القمر انتهى بانفجاره.

قد يخرج السوفيت من السباق، ولكنهم قد يحاولون دور المفسد، فأخذوا يحثون عن وسيلة أخرى أثناء تحضير أرمسترونغ وطاقمه للتحليق.

السادس عشر من تموز يوليو من عام تسعة وستين، بلغ عمر المحاولات الفضائية عامها الثامن. على ارتفاع ثلاثمائة قدم عن سطح الأرض فيما يعرف بالغرفة البيضاء في أعالي قمة الإقلاع، يساعد التقنيون أرمسترونغ ومايكل كولينز للدخول إلى كبسولة أبولو أحد عشر.

بقي بوز أوفرين في الخارج، بمفرده، على برج زحل خمسة.

كانت الغرفة البيضاء فوقي، فنزلت من المصعد لأنهم لا يريدون العديد من الناس ينتظرون هناك، أثناء ركوب رجل الفضاء الأول ثم الآخر. كانت الشمس تشرق في تلك اللحظات لتنهي بذلك روعة السكون. كنت أعرف أنها كانت لحظة ستبقى للزمن كي أتحدث عنها،  لأنها كانت لحظات سكينة فعلا، لا أعرف فيها ما كان سيحدث بعد أيام، ولكنها لحظات عابرة فكرت بأن أحتفظ بها في الذاكرة.

هل يحمل  سي دي آر رقم واحد فعلا؟

نعم سي دي آر يحمل الرقم واحد..

يتم التحكم بالمهمة ولكن الأعصاب متوترة. الجميع يشعر بضرورة النجاح في العمل، حتى بلوغ القمة في الأداء. وفي اللحظة الأخيرة قبل الانطلاق،  عثر كل من الرجال على طريقته الخاصة للقيام بالعد العكسي.

كانت لحظة إيمان بالنسبة لي، أعرف أنا ما كنا لنحلق لولا مشيئة الله، لهذا أردت الصلاة ولو للحظات قليلة.

يتمتع عدد  من المتحكمين بالإطلاق بأزرار يمكنها أن توقف الصاروخ أو تطلقه في أي وقت كان،  مع أن بعضهم في العشرين أو الثلاثين من عمره، إلا أنهم يتمتعون بكفاءة توازي رجال الفضاء.

لا يكترثون بالخروج إلى ظلمة الفضاء، بمفردهم، سيتخذون القرارات المناسبة، لأنهم إن لم يفلحوا بذلك لن يستمروا طويلا.

خمسة أربعة ثلاثة اثنان واحد صفر، انطلقت جميع المحركات معا، الإقلاع! تم الإقلاع في الدقيقة الثانية والثلاثين، إنها أبولو أحد عشر..

اعتقد رجل الفضاء مايكل كولونز أنهم يتمتعون باحتمالات نجاح لا تتعدى الخمسون بالمائة. على الطريق إلى القمر بذل رجال الفضاء للتأكد من كل الأشياء التي قد تحتمل الدمار. أرادوا التركيز على ما قد يحدث.

لم نشأ تدمير أي شيء لا يساهم في إنجاح المهمة مباشرة، وهو الهبوط الآمن فوق القمر، والثقة في أننا نعرف ما سنفعله هناك، وبعدها العودة بسلام.  أي أن لدينا ما أكثر من النظر عبر النافذة.

ولكن الدوران حول القمر ما زال أمل روسيا الأخير، فأطلقت روبوت بدون بشر قبل ثلاثة أيام، لخطف الأنظار عن نجاح أبولو أحد عشر.

قلة من الناس يعرفون بأن رجال فضاء أبولو أحد عشر كانوا ينافسون روبوت روسي إلى القمر. 

تكمن مهمة لونا خمسة عشر بحمل مائة غرام من تربة القمر والعودة إلى الأرض أولا، ضمن محاولة يائسة كادت  تنجح فعلا.

كانت تحلق بسرعة أكبر من أبولو أحد عشر لهذا كان يفترض أن تأتي بعينة التراب قبل يوم واحد من عودة أبولو أحد عشر إلى الأرض.

وهكذا يمكن لروسيا أن تقول بأن الروبوت السوفيتي تمكن بمفرده من تحقيق ما تطلب ثلاثة رجال فضاء أمريكيين لإنجازه. ولكن واشنطن لا تعرف حتى الآن ما هو هدف لونا خمسة عشر أو مداره، لذا قامت بخطوة غير اعتيادية، فطلبت التفاصيل من روسيا، وحصلت على الإجابة.

كانت الولايات المتحدة قلقة بشأن الروبوت، لدرجة أنها بعثت بطلب إلى الحكومة السوفيتية،  للتأكد من أن لونا خمسة عشر لن يضرب أبولو أحد عشر. فأجابت الحكومة الروسية أن لا خطر في ذلك لأن الروبوت تحت السيطرة.

صباح اليوم التالي انفصل إيغيل عن كولومبيا واستعد للهبوط. ركز نيل أرمسترونغ أكثر من أي وقت مضى في حياته المهنية.

ركز جل اهتمامه للعثور على مكان للهبوط، شرط أن يكون آمنا. وهكذا لو كنت مكان أرمسترونغ  في اللحظات الأخيرة، عندما بدأت العربة الفضائية مرحلة هبوطها الأخيرة، ستجد أنك تبحث أمامك عن المكان الذي يأخذك إليه الكمبيوتر.

على ارتفاع ثلاثة وثلاثين ألف قدم، انطلقت صفارة إنذار بما يهدد إنجاز المهمة.

في تلك اللحظة سمعنا صفارة الإنذار، فراودت كل منا رغبة بالسؤال لماذا تزعجني هذه الصفارة، مع أن كل شيء على ما يرام، ولكن ضوء الإشارة لا يتوقف دون أن نعرف السبب.

تبين لغرفة التحكم بالمهمة أن الضغط على الكمبيوتر كبير جدا، فأرسل إنذار اثني عشر صفر اثنان صفارة تنبئ بذلك، فصار على أحد المتحكمين بالمهمة على الأرض أن يتخذ أهم قرار في حياته، خلال ثوان.

صفارة الإنذار لدينا مستمرة.

عليك أن تستمر بالهبوط المعتاد، أن تستمر بالهبوط المعتاد.

أصبحنا على ارتفاع واحد وعشرون ألف قدم والمشهد بحالة جيدة.

وعلى ارتفاع ستة عشر ألف قدم، أطلق الكمبيوتر من جديد، صفارة أخرى.

أعتقد أن الصفارة لم تكن متتالية، أعني بوتيرة سريعة، وبما أن الوتيرة لم تكن متتالية وسريعة وباقي الأمور تبدو اعتيادية فهذا يعني أن كل شيء على ما يرام.

معلوماتنا متكاملة، نحن نقترب ويبدو من هنا أن كل شيء على ما يرام.

أصبحت إيغيل قريبة، ولكنها لم تهبط بعد.

نسبة عالية من المهندسين العاملين في هيوستون كانت على قناعة ضمنية بأن الهبوط على سطح القمر سيتم فعلا، ولكن أبولو اثنا عشر أو ثلاثة عشر هي الجديرة بعملية الهبوط فعلا. ولكن هذا لم يحدث، بسبب الشخص إلى كان يتحكم بالأمر.

أصبحت المركبة شبه جاهزة للهبوط..

=-=-=-=--=-

أصبحنا الآن على ارتفاع ثلاثة آلاف قدم، ونستمر بالهبوط.

أصبحا الآن على ارتفاع نصف ميل فوق سطح القمر، نيل أرمسترونغ أمام قرار صعب. تستمر توجيهات بوز الدائمة عبر شاشة الكمبيوتر، يقول فيها تحقق المستوى، والسرعة اللازمة، والحركة إلى الأمام، كما يعد الأرقام التي يحتاجها آرمسترونغ  لإنزال إيغيلز

أربعة ونصف، خمسة ونصف. نسبة الانحراف خمسة وأربعون درجة..

وبعدها انطلق إنذار آخر.

يتبع واحد..

يتبع واحد.

بين قوسين اثني عشر صفر واحد. تابع المهام كالمعتاد استمر..

هذا آخر ما يتوقعونه على هذه المسافة من السطح،

يمكن لهذه الإشارات التي تشتت الانتباه أن تهدد عملية الهبوط بكاملها. وعندما قالوا: يمكنك أن تتابع المهام، ينظر المرء من النافذة ليرى فوهة بركان بحجم ملعب لكرة القدم.  وهو محاط بالصخور يوازي كل منها حجم السيارة، وهذا هو المكان الذي يسير بك الكمبيوتر للهبوط فيه.

على ارتفاع مائتي قدم..

الخيار الوحيد الباقي هنا هو التحليق فوق الفوهة،  ولكن هذا يطيل وقت المهمة، ويستهلك المزيد من الوقود.

ما زلت على ارتفاع مائتي قدم.

سارع أرمسترونغ باتخاذ القرار المناسب.

نظر إلى الوقود وقال: يجب أن أعبر هذه  المسافة، أستطيع ذلك وكأني في هليكوبتر، لهذا سأتوجه إلى هناك للهبوط بدل منطقة الصخور هذه. هذا كل ما كان يفكر به أرمسترونغ.

لم يعد في إيغل أكثر من ستين ثانية من الوقود،

ستون ثانية.

أصبح على مسافة قريبة عندما سمع رقم الستون ثانية، واشتعلن الإنارة وهو على مسافة مائة قدم من سطح القمر.

ثلاثون ثانية بعد.

وعندما أصبحنا على مسافة ثلاثين ثانية وما يقارب الخمسة عشر قدم، بدأت أشعر أننا على الأرض حيث أرى الظلال والغبار يتعالى.

بدأ الغبار يرتفع.

بدأ الغبار يرتفع، حين قال ذلك، صعقت كليا، يا إلهي إنهم ينفضون الغبار على القمر. شعرت لأول مرة أنها حقيقة واقعة.

نحو الميمنة. حسنا بدأنا نلامس التربة.

عليك أن تهبط الآن إيغل؟

نحتاج إلى الهدوء هنا هل هبط إيغيل؟

تمتع بالهدوء اللازم نسمعك من على السطح، حمدا لله وشكرا لكم على الأرض، سنقطع الاتصال شكرا جزيلا.

لقد هبطوا، خلال فترة عشرون ثانية،  ما قد يبدو أمرا مستحيلا ولكن الطيار البارع يجد في العشرين ثانية الكثير من الوقت.

لقد وصل، هبط فعلا، ببركة الله.

استغرقت أمريكا ثماني سنوات طوال، ومجموعة من نخبة رجال الفضاء. ولك العالم الآن بدأ ينتظر ليرى إن كان آرمسترونك وطاقمه يستطيعون المغادرة بسرعة وأمان في حالات الطوارئ. إنها ست ساعات ونصف الساعة من الانتظار الطويل والمضني.

كانت ساعات خيبة كما أظن، أن يضطر الجميع الانتظار طويلا قبل عودتهم إلى الأرض، ولكنا اعتبرنا أنه من الأهمية أن نعتني بكل الخطوات التي كانت تتبع. ومن بين الأشياء التي أردت القيام بها حالما نصل إلى السطح، أن أتمرن على الخطوات اللازمة للإقلاع والعودة بعد ساعتين من ذلك.

وأخيرا..

حسنا التجهيزات معدة للنزول، هل أنت مستعد؟

بدأ خطواته نحو السطح، لا شك أن الصورة منقلبة على عقب ولكنا سنعالج الأمر على الفور. والآن يمكن أن نرى بأنه يتابع الهبوط الآن.

ستمائة مليون شخص يراقبون الحدث عبر التلفزيون حول العالم.

حسنا الخطوة الأولى على سطح القمر، بعيدا عن السلالم. إنها أول خطوة صغيرة للإنسان، وهي تمثل خطوة عملاقة للبشرية جمعاء. 

بعد أربعة عشر دقيقة خرج بوز أولفرين وراءه، وبعث بعبارته الخاصة من القمر، إنها عزلة رائعة.

لم أكن اقصد الإعراب عن معان ذكية في خطابي بمناسبة وصولي إلى سطح القمر، ولكن وصولي إلى هناك أثر بي جدا لعظمة الإنجاز الذي كنا جزء منه، فقلت أنها عزلة رائعة فعلا.

كان لدى آرمسترونغ وأولفرين ساعتين من  الوقت، لا أكثر لرفع العلم، ووضع نصب تذكاري..

كتب على النصب أنه إنجاز تحقق لجميع بني البشر،،

والتحدث مع الرئيس.

مرحبا نيل وبوز، أتحدث إليكما عبر الهاتف من إحدى قاعات البيت الأبيض..

ثمن اسحب رجلي الفضاء، وأثناء الاستراحة، جاء دور السوفيت، ولكن وقع عطل ما، كبير جدا. تكللت محاولة السوفيت اليائسة للوصول إلى القمر والعودة بعينة من ترابه إلى الأرض أولا،  بالفشل الذريع.

كان الجدول ينص على خروج لونا خمسة عشر بعد يوم واحد من انطلاق أبولو أحد عشر، ولكنها تحطمت على سطح القمر.

وتحطم بذل: آخر أمل لدى السوفيت بخطف الأضواء المسلطة على أبولو أحد عشر.

كل شيء على ما يرام، يمكنك الانطلاق الآن.

كل شيء معد للإطلاق، سننطلق.

انطلاقة رائعة!

ستة وعشرون ستة وثلاثون نستمر بالصعود.

أحسنت عملا، جميل جدا.

بعد ابولو أحد عشر بدا وكأن كل شيء ممكن. برمجة ناسا تسع رحلات أخرى إلى القمر، لتبدأ التحضير بعدها لإنزال الإنسان فوق المريخ.

أثناء احتفال أمريكا بعودة أول رجالها الذين مشوا على سطح القمر، أدرك أحد محاربي الفضاء بأن المعركة قد انتهت.

أدركت في تلك اللحظة أكثر من أي شخص آخر أننا فزنا بمعركة بالغة الأهمية في الحرب الباردة. فقدت العديد من رفاقي وزملائي في كوريا، قد يقول البعض أننا لم ننتصر في تلك الحرب، ولكنا فزنا بهذه.

ولكن أبولو أحد عشر في نهاية المطاف كانت تتعدى كونها مجرد نصر في الحرب الباردة.

لا تكمن أهميتها في الصخور الذي عدنا بها، بل في العدد الكبير من الناس الذين تأثرت حياتهم جذريا بذلك الحدث التاريخي حيث يمكن أن تسمع البعض يقول أنه يعرف أين كان تحديدا في تلك المناسبة، أما السبب في  ذلك فهو أن لها أثر كبير على حياتهم. وهذا ما أعتبره بمثابة قيم بشرية، أي أن لها قيمة بشرية كاملة.

ما زلت كلما تأملت اكتمال القمر أفكر بحقيقة أن ما حدث كان واقعيا. وأنه حدث في حياتي وقد تمكنت من رؤيته،  أعتقد أن كل الذين كانوا على قيد الحياة عندما حطت أبولو أحد عشر على سطح القمر يسعدون جدا بتلك الذكريات.

=-=-=-=-=

إنه مشهد رائع، بل رائع جدا، يا إلهي..

عام ألف وتسعمائة وسبعين أخذ رجال الفضاء يعدون فوق سطح القمر. من كان ليعتقد بأن أمجاد الوصول إلى الفضاء ستتلاشى بهذه السرعة؟ ولكن واشنطن بدأت تواجه المشاكل على الأرض، فأخذت تختصر مهمات ناسا الفضائية.

تكاليف حرب فيتنام كانت باهظة، كما أن رجال السياسة أخذوا يتساءلون وماذا بعد الوصول إلى هناك؟

وصلنا إلى سطح القمر، وحققنا ما كان يسعى إليه البشر منذ مئات بل آلاف السنين. ولكن بعد حصول ذلك للمرة الثانية بدأ الناس يشعرون بالملل.

في نيسان أبريل من عام سبعين، وبعد أقل من عام على أول نزول إلى القمر، لم تحصل أبولو على تغطية تلفزيونية.

جيم لافيل، وجاك سوادر، وفريد هيز هم طاقم أبولو ثلاثة عشر، الذين قاموا بمهمة منسية.

على مسافة مائتين وخمسة آلاف ميل من الوطن وقع انفجار هائل في أبولو ثلاثة عشر، ما أعاد اهتمام الجميع  بمهمات أبولو من جديد.

على الجميع أن يحافظ على هدوئه التام..

كان غلين لوني أحد قادة التحليق  في أبولو ثلاثة عشر.

نعتقد أننا، نسيطر تماما على الوضع فنحن..

كان الخوف يتملكني تماما، حتى قلت في نفسي أننا متورطين في مشكلة عصيبة.

واجهت غرفة التحكم أشد التحديات صعوبة في حياتها،  مهمة إنقاذ فضائية، هدفها إعادة ثلاثة رجال إلى الأرض على قيد الحياة. خسارة الطاقم هنا سيلغي ما تبقى من رحلات أبولو. عثرت هيوستون على طريقة تعيد فيها الطاقم إلى الأرض قبل يوم من الوقت المحدد. ولكن للقيام بذلك على أبولو ثلاثة عشر أن تتخلص من محركها باختصار كي تصبح على مستوى الأرض. إن لم تسلط الكبسولة نحو الاتجاه الصحيح، سيقفز الطاقم بعيدا عن المجال الجوي للأرض. طلبت غرفة التحكم من الطاقم أن يتخذ موقعا بالاعتماد على نقطة لا يمكن فقدانها.

إذا كان الموقع دقيقا وجهاز الملاحة يعمل سوف يرون الشمس من خلاله، وإن لم يكن دقيقا، سيواجهون مشكلة عقيمة لأنهم يدركون بأنهم لن يجدوا طريقة  للموازاة الكفيلة بجعل جهاز الملاحة يدفع الصاروخ ويعيدهم إلى الأرض.

وكان جون غريفين ضابط مناوب..

كان يسمع  جيم لوفيل وهو يسأله: ماذا لديك ماذا ترى فريد. فأجابه فريد أرى أعلى ميمنة قرص الشمس،  فقال لوفيل وجدتا.

صرخ لوفل وجدتها، بأعلى صوته، وجدتها. كنت أحاول أن أسجل كل ما يجري حينها. وعندما عاودت قراءتها بعد أسابيع من ذلك، لم أتمكن من قراءة خطي، كانت يدي ترتجف من شدة الحماس.

كانت يديه ترتجف من شدة التوتر، لدرجة أنه لم يتمكن من قراءة خطه.

لفتت هذه الدراما انتباه العالم، ولكن عندما انتهت غابت رحلات أبولو عن الأنظار من جديد.

تم التأكد من ضغط الخزانات جميعها، وسننتقل الآن إلى الطاقة كي نرى..

بعد عامين ونصف العام، وفي كانون أول ديسمبر من عام اثنين وسبعين، عاد يوجين سيرنين في قمة زحل خمسة من جديد.

اشتعل الوقود، اثنان واحد صفر، بدأ الإقلاع، بدأ الإقلاع وقد أضاءت الشعلة المنطقة وكأنه نور شمس الصباح هنا في قاعدة كندي الجوية حيث ينطلق الصاروخ بشدة.

أغربت الشمس على برنامج أبولو، ستكون هذه الرحلة الأخيرة لأمريكا نحو القمر.

ثمانية وثلاثون درجة..

ولكن هذه المرة نجد أن الرجل الذي قام بتمارين الهبوط على سطح القمر، تمكن من الهبوط كليا.

حسنا بدأت عملية الهبوط، سأتابع ذلك. رائع جدا كل شيء على ما يرام، وأخيرا أكملت الهبوط. يمكن أن تخبر أمريكا بأننا لامسنا سطح القمر.

وأخيرا وصل يوجين سيرنين إلى سطح القمر، بسكينة وهدوء.

لم أعرف بحياتي، كآبة أو عزلة أو هدوءا وسكينة كهذه، فكل شيء متوقف تماما هناك، ما يذكر بأن كل الأنظار موجهة، نحو الأرض، تلك الكرة المائلة إلى الزرقة، الغارقة في فضاء موشح بالسواد. سواد أسميه نهاية الزمن مع أني لا أعرف ما قد يعنيه ذلك للبعض ولكني أفهمه شخصيا لأني رأيته بأم عيني.

آه، يا إلهي!!

جاك شميت يواجه بعض المشاكل.

أمضى رجل الفضاء والباحث الجيولوجي جاك شميت ثلاثة أيام على سطح القمر، أكثر من أي رجلة فضائة أخرى. في فوهة بركان أخرى سميت شورتي، سجل أهم اكتشاف علمي عرفه برنامج أبولو بكامله.

إيه! إنها هنا تربة الحمم، وأخيرا تمكنت من العثور عليها. كان لا بد من العثور عليها لقد حفرت في بين الصخور بالمعول.

فعلا، إنها هناك، أستطيع رؤيتها من هنا، إنها حمم.

حين صرخ جاك بأنه وجدها قلت في نفسي يا إلهي يبدو أنه أمضى هنا وقتا طويلا. لا بد أن يعثر عل شيء ما، فذهبت إلى هناك لأرى فعلا أنه بقعة برتقالية، ما كنت لأصدق ذلك، مع أنها كانت بقعة برتقالية عثر عليها بعد أن أزال الطبقة العلوية عنها، والحقيقة أني لم أتوقع أن يعثر على شيء من هذا القبيل إطلاقا.

التربة البرتقالية دليل على الحمم البركانية القديمة، وقد عثر عليها في اللحظات الأخيرة.

يجب أن نغادر فورا.

هذه تجربة لا مثيل لها.

كنا هناك ولا بد من الشعور بالسعادة لوجودنا على سطح القمر. هناك أريد أن أكرره الآن قلت لجاك حينها لن نأتي إلى هنا بعد الآن لهذا يجب أن نستمتع بهذه الفرصة التي لن تعوض ولا تضيع شيئا منها.

رجل فضاء يغني:

كنت اقفز فوق القمر في أحد أيام كانون الثاني ديسمبر، عذرا أيار مايو، هذا صحيح أيار ملايو.

ثم انتهى الأمر، كان يوجين يعرف منذ زمن بعيد بأنه سيكون آخر من يدوس سطح القمر.

طالما فكرت مليا بأهمية أن يتمكن الإنسان من المشي على سطح القمر، في القرن العشرين.

أريد أن أعرب الآن عن قناعتي بأن أمريكا عبر هذا البرنامج اليوم تعبد طريق المستقبل..

التحديات التي قبلنا بها, وما تمكنا من إنجازه، خلال هذه السنوات القليلة، فتح الأبواب على مصرعيها نحو المستقبل، وأعدت الكائن البشري لضرورة الاستمرار والقيام بالمزيد.

كتبت أبولو سبعة عشر الجزء الأخير من المغامرة الكبرى.

أحيانا ما أنظر إلى الوراء لأقول في نفسي، يا إلهي، تم كل ما فعلناه في أواسط هذا القرن، ومن بعدها لم يفعلوا شيئا آخر، لمتابعة ذلك، ربما لمائة عام أخرى، وحينها قد يتساءل الكثيرون: لماذا؟

أربعة ثلاثة اثنان واحد صفر. اشتعل الوقود وانطلقة مركبة ديسكوفري الخاصة التابعة لناسا..

المكوك هو الذي يبقي على إنسان اليوم في الفضاء الخارجي، لمعرفة ما يحيط بالأرض عل مسافة ثلاثمائة وخمسمائة ميل. ولكن المريخ هو الأهم الآن، حيث من المفترض أن يصل الإنسان إلى هناك عام ألفين واثني عشر، أو ربما عام ألفين وتسعة عشر كما تتوقع ناسا. ولكن ذلك لم يحفر على الصخر.

أعتقد أن السؤال المتعلق بمصير البشرية هو الأهم هنا، وما إذا كنا سنتحول إلى أمم تسكن الكواكب أم سنبقى على سطح الأرض.

ولكن حين يتخذ القرار لمعاودة استكشاف أعماق الفضاء، سيسير الإنسان على خطى البعض نمن حالفهم الحظ، بل من حالفهم جدا، هم أوائل من تأملوا الأرض من القمر، إلى كوكب حساس يسمونه الوطن.

ينظرون إلى تلك الصورة في هيوستون، ليتذكروا تلك التجربة العظيمة، وروعة أن يكونوا جزءا منها.  ومكانة في التاريخ، وتجربة فريدة فعلا على مدار التاريخ البشري. سوف تبقى تجربته فريدة على الدوام، لن يكون هناك مجموعة أخرى من البشر تعتبر الأولى في الخروج إلى عالم آخر.

طبعا أعتقد أني محظوظ جدا، أعتقد أني وفقت جدا في المشاركة.

 

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster