|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
بوغسي سيغل
ولدت لاس فيغاس من حلم أحد رجال العصابات، إنه بوغسي سيغل. تحولت فيغاس
إلى زهرة تفتحت في الصحراء. وكان الفلامينغو في فخره ومتاعه، مجرد
بداية لفندق فاخر في بلدة صغيرة.
تضاعف حجم لاس فيغاس ثلاث مرات بين ليلة وضحاها تقريبا، فجلبت ملايين
الدولارات لمن يعملون في الملاهي والمنتجعات. ولكن بوغسي أصبح خارج
الصورة حينها.
ولم يكن موت سيغل الخبر الأخير بين أوساط العصابات.
عند مقتل بوغسي سيغل، في منتصف الليل تقريبا، بعد أن دخل غوس غرينبوم
ومعه شخص اسمه موي سيدواي إلى فندق فلامينغو وقالا: صرنا نحن أصحاب
الفندق. وهذا ما كان.
أجروا عليه تحويلات كثيرة فأصبح عملاقا، اشتهر على المستوى العالمي.
تلك هي أسطورة المدينة. وهي لا تشمل غوس غرينبوم وموي داليتز، بل هناك
شخصيات أخرى، أعني أن الأمر كان يتعلق بالجريمة المنظمة.
الجريمة المنظمة تعني المافيا، وهي نقابات إيطالية ينظمها أشخاص مثل
اللاكي لوشيانو، وفيتو جينوفيزي ملك الراكيت، والفيكسر فرانك كوستيلو.
وجميعهم من ذوي السلطة والاحترام.
تشاركهم في ذلك عصابات اليهود، التي كانت متساوية معهم إلا في مسألة
واحدة، إذ يقال أن العصابات الإيطالية كانت تسيطر على مساءل الحياة أو
الموت.
كان ماير لانسكي من أقوى رجال العصابات اليهود. الذي كان يسميه البعض
برئيس الهيئة الأولى. كان الساعد الأيمن للوشيانو، والعقل المدبر
لغالبية أعمال العصابات. وكان صديق الطفولة لبن يامين بوغزي سيغل، الذي
لجأ إلى لانسكي عندما احتاج إلى المال لتحقيق حلمه في لاس فيغاس، وقد
لجأ لانسكي حينها إلى شركائه تحت الأرض. رفضت غالبيتهم هذه الفكرة، فقد
اعتبروا أنه من الخطأ الاستثمار في صحراء نيفادا.
وحده رجل المافيا فرانك كوستيلو، اعترف بأهمية لاس فيغاس، ذلك أنه كان
يشغل الآلات النقدية سرا على الشاطئ الشرقي منذ أربع سنوات، وهو يتهرب
من القانون. أما في نيفادا فأصبح كل شيء قانوني.
جذبت ملامح الاحترام والتقدير هذه عدد آخر من رجال العصابات الراغبين
في الخروج من دائرة مال تحت الأرض، وهذا ما ينطبق على موي داليتز، أحد
أقوى رجال العصابات اليهود في البلاد.
جاء موي داليتز من كليفلاند، حيث كان جزء من عصابة ميفيلد رود، التي
ازدهرت جدا في مرحلة منع الكحول، وكانت تروج الروم وتملك كازينو في كل
من نيوبورت وكينتاكي وكوفينغتون. ثم وقع الاختيار عليه كي يضع يده على
ديزرت إين.
ولكن عند وصول داليتز، تخلص شكليا من كل روابطه مع العصابات، فأظهر
نفسه بملامح رجل الأعمال الحقيقي. وهكذا أصبح رجل عصابات بقوة ماير
لانسكي، يظهر في العلن لتسلم الجوائز.
أنا متحمس جدا، ومتفائل جدا، وأشكر جميع الذين جاءوا الليلة إلى هنا.
كان المشروع بكامله يعتمد على أموال العصابات، إذ أنه كان عضوا فاعلا
فيها، ومع ذلك فقد تمكن من العمل على أن يصبح أحد أبرز مواطني لاس
فيغاس.
موي ديلتز هو أحد أصدقائي الأعزاء الذين أعرفهم منذ آلاف السنين..
وأدعو السماء أن توفقه وتوفق جميع الذين كانوا معه في بداية نشوء لاس
فيغاس.
بعد موي دالتز اعتبر غوس غرينبوم ثاني أقوى رجل العصابات يهودي في
لاس فيغاس. ولكنه كان أقل علانية وظهورا يعمل في مجالي المراهنات
والنساء، وقد تمتع بتجربة كبيرة في إدارة العصابات في أريزونا. جاء
غرينبوم إلى لاسفيغاس لتشغيل فلامينغو، وذلك بطلب من صديقه وشريكه ماير
لانسكي.
وضع غوس غرينبوم يده على نشاطات الكازينو في فلامينغو منذ مقتل بوغسي
سيغال، وجعل أرباحه تصل إلى أربعة ملايين دولار خلال عام واحد.
هذه هي الأرقام التي كانت تسجل رسميا ومن المتوقع أن تكون العصابات قد
سجلت ثلاث أضعاف لها.
يعني ذلك عدم تسجيل كل الأرباح، ولا يسجلوا كل الدخل. إذ أن العمليات
كانت تجري ضمنا، على أساس واحد لك وثلاثة لي.
كان هذا الأسلوب الذي يسمى سكيم أحد أساليب لانسكي لصنع المال في لاس
فيغاس. خلال أول عام من أعمال ديزيرت إن أعلن أرباحا بقيمة اثني عشر
مليون دولار. علما أن أصحابه موي داليتز وشركائه، حصدوا أكثر من ستة
وثلاثين مليون دولار غير خاضعة للضرائب.
تزايد الاهتمام مع وصول هذه المبالغ الطائلة إلى الشرق، فأخذت العصابات
توافد إلى هناك جماعات.
أصبحت المافيا الإيطالية بعد ذلك ترغب بحصة أكبر، فبنت مجموعة أكبر من
الملاهي، مثل الريفيرا، وستاردوست، وديونز، وتروبيكانا. كان فرانك
كاستيلو صاحب هذا الأخير، الذي حافظ على مصالحه الخفية كباقي زملائه
في المافيا.
انفجرت المدينة مع تنامي وجود العصابات. حين اشتدت المنافسة على أسماء
الملاهي ومراكز المراهنات والملاهي.
كان للعائلات الكبرى مصالح في الشريط الساحلي. في أواسط الخمسينات
أعلنت لاس فيغاس مدينة مفتوحة. أي أنها بلا حدود، لا تحكمها قوانين
عائلة واحدة. ما يعني أن كل من يملك المالي يمكن أن يفتح كازينو.
لا شك أن هناك منافسة قديمة، ما يعني أن الحرب أصبحت حتمية. كانت
العصابات بحاجة إلى مرجع تعود إليه، فلجأت إلى ماير لانسكي. وقد تحدث
أحد رجال العصابات عن ذلك بالقول أن كلمة ماير هي القانون.
عندما كان ماير لانسكي يأتي إلى المدينة كان الجميع يلقبه بالسيد
لانسكي. كان يحظى باحترام كبير، يكفي أن يشير إلى شخص باصبعه حتى يقضى
عليه.
كانت تلك الأيام الحافلة في لاس فيغاس. أيام الثروة والشهرة.
المغنية ديدي جاسمين: لا أستطيع أن أصف اليوم الذي وصلت فيه إلى لاس
فيغاس. كانت الأنوار ساطعة بشكل لم يسبق له مثيل، ولم أر مثله في
حياتي.
عام خمسة وخمسون، كانت ديدي جاسمين راقصة تبلغ السابعة عشرة في مولين
روغ، وهو أول ملهى مختلط الأعراق في الفنادق.
كنا نعرف بأن المافيا على ارتباط بلاس فيغاس، ولكن هذه كانت طريقة في
الحياة. الأمر المخيف الوحيد في الأمر هو أنهم وصفوا برجال العصابات
والمافيا أو ما شابه ذلك، هذا ما كان يخيفني.
كانت المافيا في لاس فيغاس في كل مكان. كان إيد بيكير يعمل تحت إمرة
غوس غرينبوم في كازينو ريفيرا، حيث رأى كل شيء.
كان لدينا شخص في الهيئة الادارية اسمه بيك ويلي ألديرمان. وشخص آخر
اشتهر جدا بارتكاب جرائم القتل المتعمد. وكنا نعتاد على عقد اجتماع كل
يوم اثنين. كانوا أشخاصا مدهشين بالنسبة لي ذلك أن أحدهم كان يقرأ
الصحيفة والآخر يملأ استمارة سباق، أما نحن فنتحدث عما يجب أن نقدمه من
طعام خلال الأسبوع، ونوع الاستعراضات، وكان الأمر ينتهي دائما بتنفيذ
أوامر غوس حرفيا.
عام ثمانية وخمسون، أصبح غوس غرينبوم شخصية كبرى في لاسفيغاس. ولكنه
أصبح يعتبر مشكلة للعصابات. كان يجعل من الريفيرا فندقا ناجحا كما فعل
في الفلامينغو قبل عشر سنوات. ولكن مراهناته وإدمانه ونسائه، خرجت عن
الحدود. حتى بدأت الشبهات تحوم حول اقتطاعه من حصص أرباح العصابات
لتغطية نفقاته الكبيرة.
كان على غرينبوم أن يتعلم درسا مما أصاب بوغسي ساغل.
في كانون أول من عام ثمانية وخمسين دخل رجلان إلى بيته وقاما بذبحه.
وبدل مغادرة المكان على الفور، انتظرا عودة زوجته، حيث ضربت على رأسها
وذبحت أيضا.
الجانب الغريب في القصة هو أنهما وضعا البلاستيك على الأرض وعلى الكنبة
قبل ذبحهما. هناك لمسات لم أتمكن من فهمها أبدا.
كانت تلك أول مرة أتنبه فيها إلى أن لحظة واحدة تقرر رغبتهم بالتخلص من
المرء لا أكثر.
كانت قصص تخلص المافيا من أحد أعضائها قصة اعتيادية في الخمسينات. أما
حينها فقد أصبحت عمليات القتل تتحول إلى خبر واسع الانتشار، ولكنه لا
يتوقف.
كثيرا ما كنا نفكر أنه من الأفضل لنا أن ندعهم وشأنهم كي يقضوا على
بعضهم البعض. كانت تلك مجرد نظرية.
كانت لاس فيغاس مدينة ملاهي لأمريكا والمافيا. سرعان ما انتشر ما كان
يحدث في صحراء نيفادا إلى جميع أنحاء البلاد، بعد أن خرجت العصابات
السرية إلى العلن. تميز عقد الستينات بالعنف الشديد والكشف عن ملامح
المافيا، كما سنرى بعد قليل، في تارغيت مافيا.
=-=-=-=-=-=
تعتبر مدينة نيويورك موطن المافيا الأمريكية. وقد كانت الاغتيالات فيها
مصدر غضب دائم وناقوس يذكر بوجود عالم ما تحت الأرض.
ولكن المافيا لا تحب الاغتيالات لنتائجها السيئة على الأعمال، كملا
أنها تلفت الأنظار نحو العصابات وأعمالها. لم يسمح الزعماء في مدن
تسيطر عليها المافيا مثل لاس فيغاس باستخدام العنف إلا عند الحاجة
القصوى. بقيت فيغاس أحد أكثر المناطق أمنا في البلاد. بينما اشتدت
معارك السيطرة على المراهنات في شوارع مدن كنيويورك وشيكاغو.
تحولت نيويورك في الخمسينات إلى مسرح لأشد النزاعات على السلطة في
أوساط المافيا. فكان نزاع بين زعيمين أسطوريين للعصابات.
كان فرانك كوستيلو عام خمسين، أقوى رئيس عصابة في مدينة نيويورك وربما
في العالم أجمع. ولم يكن بالضرورة من مؤيدي العنف، إذ كان أشد اعتمادا
على الحماية السياسية منها على العضلات. كان صاحب أسهم في أهم مراكز
الرهان في البلد، ولكن اسمه لم يظهر في أي مكان.
أعصابه الهادئة وقراراته الحكيمة جعلته يستحق لقب رئيس وزراء ما تحت
الأرض. فاز كوستيلو باحترام النقابة بكاملها من خلال موقعه في اللجنة
القومية .
ولكن باستثناء رجل واحد هو فيتو جينيفيتس.
كانت المنافسة بين كوستيلو وجينوفيتس أسطورية. كان الإثنان من نابولي،
وهذا هو التشابه الوحيد بينهما. فبينما تميز كوستيلو بالحدوء والحكمة،
اعتمد جينوفيتس على العنف والوحشية، وكان يأخذ ما يريده بالقوة تاركا
وراءه أعداد هائلة من القتلى.
كان شديد الاهتمام بفتاة جذابة جدا على وجه الخصوص، ولكن المشكلة هي
أنها كانت متزوجة. كان عليه القيام بعمل ما في هذا الشأن، فوجد أن
زوجها يمضي بعض الوقت فوق السطوح في تربية الحمام. بعد فترة وجيزة عثر
على الرجل فوق السطوح وهو مربوط بطريقة غريبة كلما حاول الإفلات منها
كلما عجل بموته. بعد اثني عشر يوما فقط تزوج فيتو جينوفيس من الأرملة
الفجيعة.
برزت لوشيانو وجينوفيس إلى جانب كوستيلو من بين أقوى عائلات الجريمة في
نيويورك. ولكن عام سبعة وثلاثون، فضل جينوفيس مغادرة البلاد على
مواجهة تحقيق بالقتل، فعاد إلى مسقط رأسه في نابولي الإيطالية.
شهدت سنوات الحرب العالمية الثانية تقاربا بين جينوفيس وموسوليني من
جهة وقوة الحلفاء من جهة أخرى، فعامل مع الطرفين وهو يتحكم بنجاح
بالسوق الإيطالية السوداء. أما كوستيلو فكان يتحكم بمدينة نيويورك، في
مرحلة مربحة جدا لعصابات المافيا هناك.
عاد فيتو جينيفيس أخيرا إلى نيويورك للوقوف أمام المحكمة بتهمة القتل.
ولكن الشاهد الرئيسي في القضية الذي أودع في السجون الفدرالية الآمنة،
تجرع فجأة ما يكفي من السم لقتل ثمانية جياد.
وهكذا عاد جينيفيس إلى نيويورك ليتمتع بالحرية الكاملة، على أمل
الاستيلاء على زعامة عصابات لوشيانو، ليجد بأن شخصا آخر قد حل محله.
لم يعد فيتو ليتزعم عصابات العائلة بل تولى مرتبة كابو بينما بقي فرانك
كاستيلو يتزعم العائلة، وقد أغضب ذلك فيتو جديا.
بعد عودته إلى نيويورك عاد جينيفيس مباشرة إلى تجارة المخدرات، ليعيد
بناء قوته هناك. ولكن كوستيلو عاود معارضته. كان عدد كبير من رؤساء
العصابات بما في ذلك ماير لانسكي يرون في تجارة المخدرات قذارة وليست
من الأعمال الشريفة. كانت تلك مسألة غريبة مطروحة للنقاش في أوساط
الخارجين عن القانون.
أصبحت هذه مسألة خلاف بين أجيال العائلات التي ازداد رغبة الشبان فيها
لتعامل بالمخدرات رغبة في الحصول على أرباح سهلة، على خلاف الكبار في
السن الراغبين أحيانا بتفادي المخدرات لخطورتها البالغة، على خلاف
المراهنات والديون الأقل خطورة نسبيا، ما شق المافيا وساعد لاحقا على
تدميرها.
تحالف جينيفيس مع عدد من الضباط العاجزين عن مقاومة لمبالغ الكبيرة
التي تنجم عن تجارة المخدرات.
وكان جو فالاشي واحدا من هؤلاء الضباط الذي انضم إلى العصابات عام واحد
وثلاثين، حين قام بأول ضربة ناجحة له. كان يتعامل بالهيرويين
والكوكايين، فتبع دون فيتو جينيفيس في خطته للسيطرة على العائلة شيئا
فشيئا.
كان فيتو جينيفيس أفضل رجل في زفافه. كان من المشرف أن يطلب من شخص بأن
يكون أفضل الرجال، ولكن عند قبول قادم جديد مثل فيتو جينيفيس بذلك،
أصبح الأمر أكثر تشريفا بالنسبة لجو فالاشي.
انتقل فالاشي من مجرد لص صغير إلى جزء من أكبر العمليات الإجرامية
المنظمة في العالم. وهي منظمة أقسم سرا على حمايتها حتى الموت.
كانت هذه السرية هي التي سمحت للمافيا بالعمل على الصعيد الوطني، وحال
دون تنبه السلطات إلى حجم المشكلة الهائل.
كان الجمهور الأمريكي بالكاد يعرف مصطلح المافيا في نهاية الأربعينات.
قلة من رجال القانون بدأوا يفهمون ذلك، علما أن الغالبية العظمى من
رجال القانون لم يتقبلوا فكرة انتشار الجريمة المنظمة على الصعيد
الوطني. كانت معرفة الجمهور تقتصر على تورط بعض العصابات في
المراهنات والقمار، ولكنها عمليات بلا أهمية تذكر.
وشاءت السخرية أ، تكون لاس فيغاس هي المنطقة التي ألقت الضوء بوضوح على
أعمال المافيا.
إيستيس كيفافير هو عضو شاب في مجلس الشيوخ الأمريكي من تيناسي، وقد نما
لديه اهتمام خاص بهذه الصناعة الوطنية. في أيار من عام خمسين نظم جلسات
في مجلس الشيوخ للنظر في الجرائم المنظمة المتعلقة بالقمار. على مدار
الأشهر العشر التالية قام كيفافور باستجواب مئات من الشخصيات السرية في
ثلاثة عشر مدينة من جميع أنحاء البلاد.
انتقلت لجنة مجلس الشيوخ للتحقيق بالجرائمإلى نيويورك..
لم تكن فكرة البحث في الجريمة المنظمة مسألة جديدة. إذ أن الأبحاث
المحلية كانت روتينية بالنسبة للسياسيين المتعطشين للدعاية. ولكن ما
جعل حملة كيفوفر مختلفة هو انتشار التلفزيون كوسيلة تسلية عائلية.
جذبت هذه التحقيقات ثلاثين مليون مشاهد أي ضعف ما جذبته المسلسلات
العالمية عام خمسين. بمشاركة شهود عيان مثل فيرجينيا هيل عشيقة بوغسي
سيغال، انشغل الناس طوال ساعات أمام التلفزيون.
وهل حصلت على أي مبالغ من ماير لانسكي؟
لم أحصل على المال من أي شخص قرأت عنه، لم يعطني أي منهم شيئا .
وليس من شارلي؟
كلا، حتى أني لا أتحدث معه، أعني ربما التقيت به مرة أو مرتين ولكني لم
أتحدث غليه.
ألا يعجبك؟
كلا.
ومن خلال بعض الضحك، كانت الأمة تتعرف على جزء من قوة عالم ما تحت
الأرض. بذل بعض الفاسدين من الشخصيات الرسمية كل ما بوسعهم للتستر على
تورطهم بهذه العصابات، فلاذ رجل عصابات خلف الآخر بالصمت أو رفض
الإجابة بكل بساطة.
لا نستطيعه سماعك سيد إيريكسون.
وصلت لجنة كيفافر إلى لاس فيغاس نفسها.
وجه دعوة غوس غرينبوم وكل الأسماء المعروفة مثل موي داليتز وغيرهما.
ولكنه لم يحصل على أي معلومات منهما. الجميع يتذكر اجتماعات فيرجينيا
هيل الشهيرة، التي شهدت تحقيقاته في لاس فيغاس ولكن هذا لفت أنظار
الأمة. وهذه مسألة ما كانوا يريدونها.
وفي آذار مارس من عام واحد وخمسين، وقف كوستيلو أمام اللجنة.
سمح أولا بأن يتم تصوير يديه فقط. ولكنه وافق أخيرا ربما لأنه اعتبر
بأنه سيحظى بمعاملة جيدة من قبل الصحافة.
كان يسعى لتنظيف سمعته وكأنه يفكر باقناع الجميع بأنه مواطن صالح. لهذا
لم يلجأ إلى حقه بالصمت على خلاف جميع شركائه، وبذل كل ما بوسعه للرد
على جميع الأسئلة.
لا بد أن لديك أسباب جعلتك تتحدث عن مصداقيتك كمواطن أمريكي صالح، فما
هي هذه الأسباب؟
أنا أدفع الضرائب.
ما شاهده وسمعه الناس لم يكن رجل أعمال عادي، أصيب الجمهور بالخوف. بعد
أن أدرك كوستيلو هزيمته، قرر اختصار خسارته.
مع كل احترامي لها، لست مستعدا للإجابة على أي سؤال آخر، وسأخرج من
هنا على الفور لأني لست رهن الاعتقال.
نفذ تهديده بعد ذلك وغادر قاعة اللجنة فعلا، ليعود إليها بعد لحظات
تلبية لنصيحة أوضحت له احتمال تعرضه للاعتقال بتهمة محاولة تضليل مجلس
الشيوخ.
مجموعة المشاهد التي عرضت أمامكم تؤكد المسار المشترك بين عصابات
الجريمة في هذه البلد..
تحولت التغطية الإعلامية لجلسات التحقيق إلى دعاية سياسية لهذا العضو
الشاب في مجلس الشيوخ، الذي ترشح إلى الرئاسة أخيرا.
ولكن التلفزيون قد أدان كوستيلو.
ضعف تأييد قواعد المافيا لكوستيلو كزعيم لها بعد ظهوره إلى العلن، ما
زاد من فرص فيتو جينيفيس للسيطرة على العائلة، بعد أن انتهى أمر
كوستيلو. ولكن هل انتهى فعلا؟ سنعرف ذلك في الجزء التالي من مافيا
تارغيت.
=-=-=-=-=-=
الجزء الثالث
رغم وصفه بالمبتز رقم واحد في البلاد رفض كوستيلو أن يبلغ لجنة مجلس
الشيوخ عن مصادر ثروته. اقترب عدد من المتسولين من السيد كوستيلو
يطلبون بعضا من تلك الثروة. يمكن أن نرى هنا بأن السيد كوستيلو تصرف
بكرم شديد كما يجب.
تحول فرانك كوستيلو بعد خضوعه إلى لجنة كيفافور عام واحد وخمسين إلى
أكثر المبتزين شهرة في البلد.
سيداتي وسادتي ورد إلى غرفة أنباء الإن بي سي خبر يؤكد أن لجنة قضائية
قد فشلت في التوصل إلى قرار محدد حول ما إذا كان فرانك كوستيلو مذنبا
في عدم احترامه لأسئلة لجنة مجلس الشيوخ..
تلقى كوستيلو حكما بالسجن عام ونصف لعدم الاحترام. كما أن دائرة الديون
أضافت خمسة أعوام أخرى لتهربه من الضرائب.
عندما أودع السجن انتقلت سلطته بكاملها إلى أيدي فيتوجينيفيس.
ولكن دون فيتينو لم يكتف بالسيطرة الكاملة على عائلة لوشيانو.
كانت طموحاته تتعدى ذلك إذ أراد أن يصبح عضوا مسيطرا على اللجنة، وهي
المجموعة التي تتمتع بالسلطة على المستوى الوطني لما يعرف بال كوزا
نوسترا. هذا هو هدف فيتو في أن يصبح الشخصية الأولى في الكوزا نوسترا.
استمر جينيفيس في مساعيه الهادفة لأن يصبح زعيم الزعماء بتوسيع سلطانه
في نيويورك. وقد وضع المساعد الثاني لكوستيلو ألبيرت أناستاسيا نصب
عينيه.
لقب أنستاسيا بصانع القبعات المجنون من قبل أعضاء النقابة لرغباته
الجامحة في القتل. كما لقب أيضا بصاحب الرقم القياسي في أعمال القتل،
وهو اللقب الذي منحته له الصحف بسبب العدد الهائل للجرائم المنظمة التي
ارتكبها لصالح العصابات.
قام أناستاسيا بأكبر عملية له عام واحد وخمسين، عندما قتل رئيسه السابق
فينسينت مانغانو، الذي لم يعثر أحد على جثته أبدا، أما جثة شقيقه فقد
وجدت في المستنقعات يخترقها الرصاص.
تعتقد السلطات أن عمليات القتل نجمت عن شؤون عاطفية.
ولكن كوستيلو هو الذي نظم عملية القتل بعد أن وعد أناستاسيا بالسيطرة
على عائلة مانغانو. بعد رحيل هذا الأخير سيطر أنستاسيا على عصابة
بروكلين القوية. كان ذلك جزءا من خطة كوستيلو لتعزيز قوتهت وإضعاف
جينيفيس.
إلى جانب ذلك تآمر جينيفيس ضمن اللجنة للتخلص من رئيس عصابة نيوجرسي
ويلي موريتي الذي كان صديقا مخلصا لفرانك كوسيلو. وقد أصبح بعد ذلك
يشكل خطرا على ولاء العصابة.
كان موريتي يعاني من مرض السيفليس المتقدم، الذي بدأ يؤثر على دماغه،
فأصبح كثير الكلام عن أعمال المافيا. هذا ما أقلق الجميع خصوصا عندما
دعي موريتي للوقوف أمام لجنة كيفافور.
كاد يصبح غريب الأطوار مضحكا لا يثير احترام زملائه. توافق الجميع على
أ،ه يتحدث كثيرا ويفقد السيطرة على الأمور لدرجة أن أصبح يهدد الجميع
ولم يعد بالإمكان الاعتماد عليه.
في الرابع من تشرين أول أكتوبر من عام واحد وخمسين اجتمع أربعة رجال
لتحديد ما عرف بالعشاء الأخير لويلي.
لم تحدد هوية الفاعلين أبدا.
هذا ما تسميه العصابات بطلقات الرحمة. ولكن هذه العملية هي الضربة
الحاسبة برأي جينيفيس، ذلك أنه لم يكتف بالتحكم في عصابات ابتزاز
نيوجرسي فقط بل تخلص أيضا من صديق كوستيلو.
كانت أعمال القتل جميعها تقترب من نصير كوستيلو ألبيرت أناستاسيا الذي
بدأ يضعف. أثناء مشاهدة نشرة الأنباء أصدر أمرا بضرب بائع الملابس
أرنولد. أما السبب في ذلك فهو بسيط جدا، إذ أن أرنولد شوست أصبح شخصية
مطلوبة. لسارق مصرف اسمه ويلي سوتون. وأناستاسيا يكره الواشون.
هذه واحدة من مشاهد جرائم ما تحت الأرض القاسية. هذا شارع بروكلين
للطبقة المتوسطة الهادئ الذي شهد مقتل أرنولد شوستر الذي يتطلب
الانتقام.
هذا نموذج عن العمليات الجنونية التي تجعله يشكل خطرا على العصابة لأنه
قاتل جنوني. فهو يرد على كل شيء بقرار يقول: تخلص منه تخلص منه.
أثارت عمليات قتل الأبرياء غضب المدينة التي دعت إلى التخلص من الجريمة
المنظمة.
أغضب ذلك العصابة أيضا ذلك أن أنستاسيا أصبح يخاطر بعملياتهم
الابتزازية.
سخر جينيفيس كل هذا السخط لاحقا لإثارة العصابة على أناستاسيا ورئيسه
فرانك كوستيلو، الذي يواجه مشاكل خاصة به.
بعد خروج كوستيلو من السجن طلب جينيفيس بعقد اجتماع لجميع زعماء
العائلات ليبلغهم بأن كوستيلو أخذ ينحدر ولا يمكن أن يعود إلى اللجنة
أبدا. أضف إلى ذلك أن جينيفيس كان يطالب بتقليص حصة كوستيلو في لاس
فيغاس ما رفضه هذا الأخير تماما.
يوم الثاني من أيار ماي من عام سبعة وخمسين، وأثناء اقتراب كوستيلو من
فندقه صرخ أحدهم قائلا: هذه لك فرانك!
جرى إطلاق النار وسقط كوستيلو.
مرت العيارات النارية من الجانب الأيمن لرأس كوستيلو واخترقت الجلد دون
أن تصب الجمجمة. يبدو أن الرصاصة استدارت حول رأسه واستقرت فوق أذنه
الأخرى. عندما أخذ إلى المستشفى قام الأطباء بفتح ثغرة في الجلد
واستخراج الرصاصة. ولكن يبدو أن مفعول الرصاصة التي استخرجت كان أشبه
بقتله.
زيادة في الإحراج طلب مرة أخرى لتقديم الاعترافات، ولكنه رفض أن يحدد
اسم الشخص الذي حاول قتله، الذي أدرك جيدا أنه فينسينت العملاق الذي
يعمل لحساب جينيفيس.
ولكن لزيادة الأمور تعقيدا عثر في جيبه على مجموعة أوراق تحمل أرقاما
شيقة. كانت هذه الأرقام تتوافق مع عمليات غير قانونية جرت في فندق
تروبكانا وملهى لاس فيغاس كان لكوستيلو ضلع بها. فبدأت سلطات نفادا
تحقيقاتها على الفور.
كانت هذه الأمور كثيرة على رئيس وزراء ما تحت الأرض فرانك كوستيلو
المتعب جدا الذي وجد نفسه مجبرا على إعلان انسحابه من الجريمة المنظمة.
بعد سنوات من ذلك تحدث مع أحد الصحفيين قائلا: ينشأ بعض الشبان عبر
تربية يتلقونها في جامعة هارفرد، أما أنا فقد نشأت وتربيت كالفطريات
البرية.
بعد رحيل فرانك كوستيلو الفعلي استمرت عمليات القتل والانتقام. فلجأ
أنستاسيا إلى الاختباء في بيته الشبيه بالقلعة.
لم يكن يثق بأحد، وقد أحاط نفسه بعدد كبير من الحراسات الشخصية.
ولكن هذا لم يوقف وحشية جينيفيس، الذي اتصل بكارلو غامبينو الذي يعمل
عضوا في قيادة عصابة أناستاسيا.
كان غامبينو يتميز بالهدوء التام، فهو شخصية بقيت في الخفاء تتحرك من
خلف الستائر إلى أن طلب جينيفيس مقابلته.
وضعت خطة للتخلص من أناستاسيا بمساعدة غامبينو.
في الخامس والعشرين من تشرين أول أكتوبر، دخل ألبيرت أنستاسيا في زيارة
غريبة إلى قلب المدينة، حتى وصل إلى محل حلاقة بارك شيراتون، فطلب أن
تحلق ذقنه.
وضعت منشفة على وجهه عند دخول القتلة إلى هناك، أطلقت عليه خمس عيارات
نارية أردته عن الكرسي، تطلع أناستاسيا إلى المرآة ليرى ملامح قتلته
قبل أن يسقط ويموت في بركة من دمه.
وهكذا مات صانع القبعات المجنون.
تحول ذلك إلى أبرز عمليات قتل العصابات، التي أثارت عاصفة في الأوساط
الصحفية.
كما أثرت عملية القتل هذه في بنية العصابات على جميع مستوياتها.
لا بد أن أعداد كبيرة من عصابات المافيا كانت تتساءل في مدن أخرى وهي
تقول: يا إلهي ماذا يجري في نيويورك؟
دعا جينيفيس إلى عقد اجتماع طارئ بين زعماء جميع العصابات بحيث يتمكن
مع كارلو غامبيني من شرح ما جرى للعائلات الأخرى. بالقول أجرينا بعض
التعديلات القيادية، أما ما عدى ذلك فالأعمال تجري كالمعتاد.
حدد موعد الاجتماع في الرابع عشر من تشرين الثاني نوفمبر ليعقد في بلدة
صغيرة تابعة لأعلى ولاية نيويورك. توقع فيتو هناك أن يتم إعلانه زعيما
لزعماء العصابات. الكابو دي توتي كابي.
سنتابع تارغيت مافيا بعد لحظات.
=-=-=-=-=-=
الجزء الرابع
يتعرض عالم ما تحت الأرض الغامض إلى أضواء لا يرغب بها..
أنشئت في أيار مايو من عام سبعة وخمسين لجنة أخرى في مجلس الشيوخ
للتحقيق في الاتحادات العمالية الفاسدة.
تختلف هذه اللجنة في أن المستشار المنتخب فيها هو بوبي كندي، الذي
اشتهر في أنه مستجوب لا يلين، ما جعل مزاياه الشخصية في التحقيقات
السريعة تبرز بوضوح تام.
لقد كان يصر باستمرار على اتهام رئيس نقابة السائقين جيمي هوفا بأنه
يفسد هذه النقابة.
لديك خمسة عشر شخص عل الأقل في ديترويد يتمتعون بسوابق جنائية، ولديك
جوي غليمبكو في شيكاغو، أعتقد أنك لا تتمتع بالقوة الكافية للتخلص من
هؤلاء الناس.
بفضل كندي بشكل أساسي أخذ تركيز التحقيقات يتحول من النقابات التي
تسيطر عليها العصابات إلى العصابات بحد ذاتها.
أنت مع كل عضو في عصابات الولايات المتحدة الأمريكية..
أعرف الكثير من الناس.
بل أنت معهم.. ففي جميع الأماكن التي تذهب إليها تكون على ارتباط
بزعماء العصابات والمبتزين في الولايات المتحدة.
ليس في حصولك على الأموال من غرينلاي ما يشكل صدمة.
يوم الثالث عشر من تشرين الثاني نوفمبر من عام سبعة وخمسين، وسعت
اللجنة من نطاق أبحاثها، فطرحت مجموعة من الأسئلة الهامة المتعلقة
بالمافيا الغامضة بعد.
من أي منظمة سرية تعمل أو تعتبر عملها الأساسي هو ارتكاب الجرائم
وحماية أعضائها ممن يرتكبون الجرائم.
كشفت أحداث الأيام التالية النقاب عن المافيا للعالم أجمع.
يوم الرابع عشر من تشرين الثاني نوفمبر عقدت مجموعة ممن يدعون بأنهم
رجال أعمال اجتماع لها في بلدة أبالاشين التابعة لولاية نيويورك.
جاء الحضور بالطائرات والسيارات. قوافل من سيارات الكاديلاك الجديدة
تتوجه شمالا نحو بلد جوزيف بربرا الصغير.
كان بربرا في الظاهر رجل مجتمع محترم، يدير شركة توزيع الكندا دراي،
وهو يشتهر بأعمال الخير والإحسان.
ولديه أيضا سجل مليء بالابتزاز والاشتباه بالقتل.
وقد لفت انتباه ضابطي الشرطة إدغار كروسويل وفينسينت فاسيسكو قبل عام
من ذلك.
قبل عام من سنة سبعة وخمسين، عقد اجتماع هنا لعناصر معروفة تعمل في
الجريمة المنظمة وذلك في بينغهامبتون. والحقيقة أن كارماين غالانتي قد
اعتقل هنا بتهمة التهريب والعنف. بعد البحث والتدقيق تأكدنا من أنهم
سيعقدون اجتماع فعلا سيحضره السيد بربرا، وذلك في فندق بينغهامبتون في
نيويورك.
في الثالث عشر من تشرين الثاني نوفمبر ذهب الضابطان صدفة إلى فندق بارك
واي التابع لبلدة فيستال المجاورة.
كنت مع كروسويل لمقابلة المالك هنا، فتنبهنا إلى دخول جوزيف بربرا إلى
المكتب، فابتعدنا عن الأنظار فورا. فما أن يدخلوا إلى الفندق حتى
يتساءل المرء عما يفعلونه هنا. بعد أن غادروا المكان قال السيد شرودر
أحد أصحاب الفندق أنه حجز ثلاث غرف هناك لتلك الليلة، ولكنه لا يعرف من
سيأتي إليها، وأسماء من سيسجل في دفتر الاستقبال، ولكنه قال بأن والده
سيعتني بالأمر، وأنه يريد المفاتيح.
في اليوم التالي وبعد التأكد من المنطقة المجاورة، توجه كروسويل
وفاسيسكو إلى سكن بربرا.
رأينا هناك ثمان أو عشر سيارة متوقفة في المرآب، إلى جانب سيارات أخرى
متوقفة في الخلف، وعدد من الأشخاص يتحدثون فبدأنا على الفور بتسجيل
أرقام الرخص.
عند رؤية رجال الشرطة تصرف رؤساء العصابات وكأنهم لصوص ضبطوا بالجرم
المشهود. فضل أقوى زعماء رجال العصابات الانسحاب والفرار على
المواجهة.
ربما ظنوا بأنه شرك قد نصب لهم. يتذكر البعض أحد أيام عيد العشاق في
شيكاغو حين قام مسلحون متنكرين بثياب الشرطة بالقضاء على ستة من رجال
عصابة منافسة لسبب ما، فقام زعماءهم بالفرار كالأرانب.
كان من السهل جدا على رجال الشرطة أن ينصبوا كمائن لزعماء المافيا وهم
ينسحبون من الغابة.
ومع استمرارهم في المجيء أخذوا يوقفونهم ويضعونهم في الكمائن. كان أول
القادمين وأول من أجريت معهم المقابلة جوزيف بونانو. واستمر الأمر على
هذا النحو حتى ساعات الفجر الأولى.
وهكذا اعتقل خمسة وستون رجل بما فيهم أكبر زعماء المافيا في المدن
الكبرى للولايات المتحدة ومن بينهم جو بونانو، وهو واحد من أهم خمسة
زعماء للمافيا في نيويورك.
وجو بروفاسي المنافس لبنوانو في بروكلين.
سانتو ترافيكانتي الذي أصبح مسؤولا عن الجرائم في كل من فلوريدا وكوبا.
جيمس سيفيلو زعيم نقابة دالاس.
هذا إلى جانب فيتو جينيفيس بالطبع.
كيف كان شعوري عندما دخلت إلى تلك الغرفة لأرى زعماء العصابات فيها؟
أدهشني وجودهم فعلا. علما أن ملامحهمالفخر كانت تسيطر عليهم.
كان ديفيد روسي صحفي يكتب عما يجري في مراكز الشرطة.
ما زلت أتخيلهم حين أغمض عيناي، وهم ينتعلون الأحذية البراقة والبزات
الباهظة الثمن. وكانوا جميعا ينظرون إلي وكأني مجرد حشرة.
رفض رؤساء العصابات التحدث إلى روسي، أما إيدوارد كروسويل قائد الشرطة
فكان يختلف جدا.
كان إيدوارد كروسويل أحد أشد رجال الشرطة الذين عرفتهم على الإطلاق.
كان يرمق الصحفي بنظرات حادة وباردة، لدرجة قد تجعله يطلب الاعتذار،
لأنه يجول في المنطقة ويستنفذ وقته الثمين.
أخضع زعماء العصابات للاستجواب من قبل كروسويل الواحد تلو الآخر. وكان
روسي هناك عندما التقوا بجيمي سكويلانتي.
ديفيد. أذكر أنه كان يسأل عما يفعلونه هناك فأجاب أحدهم سمعت بأن جو
كان مريضا وبما أني كنت في الجوار مررت لرؤيته، وتبين لاحقا أنه من
كليفورنيا. فطلب منه كروسويل أن يفرغ ما في جيوبه، فتبين أنه يحمل
مبالغ كبيرة لم أر مثلها من قبل، فسأل كروسويل كم من المال معك؟ فأجاب
بأنه لا يعرف، طلب منه أن يعدها. فبدأنا نعد المال ليتبين بأنه يحمل
أكثر من عشرة آلاف دولار. سأله كروسويل عن عمله فأجاب الرجل أنه عاطل
عن العمل.
بلغ مجموع ما يحمله رؤساء العصابات أكثر من ثلاثمائة ألف دولار نقدا.
وهكذا شكلت عمليات اعتقال أبالاشين عملية احراج كبرى.
بعد سنوات من ذلك قال أحد رجال عصابة جو فالاشي ما يلي:
يمكن أن تتخيل ما كان سيفعله رؤساء العصابات لو تم اعتقال بعض رجالهم
في اجتماع كهذا. لاذوا بالفرار عبر الغابة كالأرانب يتخلصون من النقود
كي لا تضبت معهم مبالغ كبيرة. فبمن يهزأون حين يقال أن علينا احترامهم؟
أما خارج العائلة فكان للغارات تأثيرها الهائل.
اعتبر اجتماع تشرين الثاني عام سبعة وخمسين، أكبر عملية اختراق قامت
بها الشرطة، ذلك أن رجال القانون واجهوا لأول مرة في التاريخ اجتماع
واسع النطاق على المستوى الوطني لرجال المافيا الذين تم القبض عليهم
هناك بعد أن جاءوا من جميع أرجاء البلاد. ما الذي يفعلونه هناك؟ لحسن
الحظ أن لجنة ماكلين كانت ما تزال منعقدة عند وقوع الغارة. في الصيف
التالي وتحديدا في تموز يوليو من عام ثمانية وخمسين، عقدت اللجنة جلسات
اجتماع متخصصة باجتماع أبالاشين.
دعي جينيفيس شخصيا للوقوف أمام اللجنة. تذكر أحد أعضاء اللجنة نظراته
الباردة والحادة بالقول أنه كان الشاهد الأشد إثارة للخوف، رغم أن
تصريحاته كغيرها لم تساعد التحقيق.
بلغنا أنك شاركت باجتماع المافيا الذي انعقد في أيار مايو من عام اثنين
وخمسين في فلوريدا كي، هل هذا صحيح سيد جينيفيس؟
أرفض الإجابة على هذا السؤال بكل احترام لما فيه من اتهام.
وقد بلغنا أن فينسينت رايو كان هناك أيضا..
أرفض الإجابة على هذا السؤال بكل احترام لما فيه من اتهام.
وصفك الحاكم ديوي قائلا أنك ملك الابتزاز عام تسعة وأربعين. وبأنك
استوليت على موقع كوستيلو في نيويورك هل هذا صحيح؟
تعرض جينيفيس للمهانة بفضل ما جرى في أبالاشين، ففقد احترامه بين
العصابات. بينما تعزز سلطان كوستيلو أكثر منه حتى من موقعه المتقاعد.
أرفض الإجابة على هذا السؤال..
من المحتمل جدا أن يكون كوستيلو قد أوقع بجينيفيس.
رغم إقالته فعليا من اللجنة، فهناك دلائل توحي بأن كوستيلو استخدم
تأثيره لتحاشي ذهاب شخصيات هامة إلأى أبالاشين. ومن بينهم ماير لانسكي
وسام جينكانا رئيس عصابات شيكاغو.
أما الشعرة الذي قسمت ظهر البعير حين فجاءت عندما أوصل كوستيلو ولانسكي
مع لوشيانو وربما غامبينو أيضا، الاجتماع إلى نهاية بائسة، إذ لم يتم
إعلان جينيفيس زعيم للزعماء.
=-=-=-=
الجزء الخامس
هل صحيح أنك زعيم المافيا في هذا البلد؟
على الإطلاق.
عام ثمانية وخمسين، تحطم فيتو جينيفيس، بعد أن تم اعتقاله بتهمة التآمر
بتهريب المخدرات.
يقال أيضا أنك الشخصية الأولى في تجارة المخدرات..
هذه اتهامات سخيفة.
كما اعتقل أيضا فينسينت العملاق الذي أطلق النار على فرانك كوستيلو.
وهكذا كان رئيس وزراء ما تحت الأرض قد حقق انتقامه.
بدا وكأن غارة الأبلاشين نجمت عن خداع كوستيلو البارع، الذي اكتمل
بمساعدة أحد صغار تجار المخدرات وهو نيلسون كانتيلوبس، لتأكيد تورط
جينيفيس في كبرى عمليات تهريب المخدرات.
وهكذا نصب الكمين لجينيفيس.
هل تعرف أي من العاملين في تجارة المخدرات؟
كلا.
هل تعرف أحدا من العصابات؟
أعتقد أنها أسئلة سخيفة، هذا يكفي.
ما هي علاقة العملاق بك؟
أعتقد أن ما طرحتموه من أسئلة يكفي وأرى أن تتركوا السيد جينيفيس وشأنه
فهو رجل أعمال محترم وهذه اتهامات سخيفة وهو يريد أن يترك وشأنه ليتابع
أعماله بالطريقة الاعتيادية.
حكم على جينيفيس رغم احتجاجه بالسجن خمسة عشر عاما في سجن أتلانتا
الفدرالي، أدى الحكم إلى صدمة عارمة في عالم ما تحت الأرض، لم تشهدها
المافيا منذ أن زج بلوشيانو في السجن.
هل تعتقد أن الحكم على العملاق وجينيفيس سيقلل من دفع عمليات المافيا؟
اشتهر فيتو جينيفيس بأنه الرجل الأول في المافيا، فإذا صدق ذلك أعتقد
أن المافيا ستخفف من عملياتها بلا شك.
ولكن هذا لم ينل من جو فالاشي التابع لجينيفيس، ففي عام ثمانية وخمسين،
توجه بدوره إلى سوق المخدرات لتحقيق ضربة سريعة. ولكن تم القبض عليه،
وانتهى به الحال في سجن أتلانتا كرئيسه.
وقد اجتمع في السجن الفدرالي حوالي تسعون عضوا من المافيا في آن معا.
كان جينيفيس هو حاكم تلك الإمبراطورية الصغيرة. لم يجرؤ أحد على التحدث
إليه قبل الحصول على إذن مسبق.
ولكن السجن لم يردع جينيفيس، الذي انتقم من جميع الذين كان يشك
بخيانتهم له.
أدرك فالاشي وهو خلف القضبان أن هناك قرار بقتله، بعد أن نهب وقتل طوال
ثلاثين عاما تحت إمرة فيتو جينفيس، ليسعى هذا الآن إلى قتله. اعتقد
جينيفيس أن فلاشي كان يكشف عن أسرار لا كوزا نوسترا، أي انه استباح
قانون الصمت.
حدث يوما أن قبله فيتو جينيفيس على خده، وكانت تلك قبلة الموت التي
يعرفها الجميع. شعر بأنه أمام خيارين، فإما أن يعود إلى الزنزانة حيث
سيقتله الآخرين، أو أن يتحدث.
كان هناك بتهمة القتل، فقالوا له أنه إن لم يتعاون معهم.. خذ بعين
الاعتبار أننا لا نملك أحدا.. قالوا أنه إن لم يتعاون معهم سيعيدونه
إلى الآخرين، كي يقتل.
يوم الخامس والعشرين من أيلول سبتمبروقف جوزيف فلاشي أمام لجنة
ماكليلان.
بانتظار أول ظهور علني لجوزيف فلاشي المحكوم الذي أدى اعترافه للإف بي
أي بدفع المافيا مائة ألف دولار مقابل رأسه.
كان فلاشي يعرف ما ينتظره، كما أوضح ذلك لأعضاء مجلس الشيوخ.
أعرف الآن أكثر من أي شيء آخر، بأن ما أقوله الآن وما سأقوله للصحافة
والجميع سيكلفني نهايتي. هذا هو الوعد الذي لم أف به، الوعد الذي قطعته
على نفسي بألا أتحدث عن ذلك أبدا ولكن هذا ما أفعله.
تهديد فلاشي بالقتل جعلت قاعة الاستماع تتميز بالتوتر، بعد انتشار
شائعات عن وجود قنبلة ودس السم في القاعة.
لم آكل اليوم، لم أشعر بالجوع.
اعتقد البعض أن فلاشي مستعد لقول أي شيء ليبقى على قيد الحياة.
أمضى محقق لجنة نيويورك للجريمة المنظمة رالف ساليرنو بعض الوقت مع جو
فالاشي. كانت مهمة ساليرنو تكمن في التدقيق باعترافاته للتأكد من
صحتها.
كان يقول الحقيقة، لأن كل ما تبين بعد ذلك أثبت صحة أقواله. تخفي
العائلات واللجنة وغيرها. أي أنه كان شخصية هامة أدت اعترافاته إلى
تضييق الخناق على الجريمة المنظمة.
كشف فالاشي عن عائلة جينيفيس، فتحدث عن بنيتها وتنظيمها، و لكن
معلوماته كانت محدودة، إذ أنه كان يعرف نيويورك وحدها، فتحدث عن حياة
المجندين مثله.
كانت تلك أول مرة تكشف فيها البلاد أسرار المافيا. أو كما وصفها جو
فالاشي، لا كوزا نوسترا، بما يترجم حرفيا بقضيتنا.
نال شهرة كبيرة، بعد أن قبل بدور لم يرغب به أحد، حين أصبح شاهدا على
المافيا.
تحدث عن السبب الذي جعله يعترف.
أول ما أريده هو الانتقام. ثانيا أتساءل في نفسي أحيانا عما نلته من
ذلك؟؟.
لا شيء سوى البؤس.
لقد تحدث عن منطق تأكد خلال الثلاثين عاما التي تلت حديثه. قال بأن
جميع قوانين المنظمة صيغت لحماية كبار الزعماء. كل شيء يهدف لحماية
سلطانهم. مع أنهم كانوا يتبعون القوانين متى شاءوا ولا أحد يحاسبهم على
ذلك. أي أنه كان مناهض للزعماء، وليس للجنود الذين كان واحدا منهم.
طلب فالاشي شيئا واحدا من أعضاء مجلس الشيوخ، وهو أن يمنعوا كليا
الانتماء إلى المافيا.
.. تقول أنك تريد أن ترى هذه المنظمة، أو لا كوزا نوسترا مدمرة؟
نعم وسأعاود طرح السؤال عليك مرة أخرى. إذا صدر هذا القانون سأكون سعيد
به.
بفضل اعترافات فلاشي الجزئية، مات جينيفيس في السجن. ولكن فلاشي تلقى
القليل اعترافا بالجميل.
أشعر بالأسف الشديد على ذلك لقد قطعنا تعهدا مع فالاشي أنه إذا قدم لنا
باعترافاته سوف نضعه في جزيرة صحراوية أو ما شابه ذلك وأننا سوف نفي
بتعهداتنا نحوه. ولكن بوبي تعرض للقتل، وأصبح كاتزينباش مدعيا عاما،
وتخلى الجميع عن تعهد\اته حتى مات فالاشي في السجن، بعد أن حاول
الانتحار.
مات جينيفيس في السجن عام تسعة وستين، ومات كوستيلو بعد خمس سنوات من
ذلك ميتة طبيعية. لتنتهي بذلك مرحلة وتبدأ أخرى.
مضت العهود البائدة، ليبزغ فجر جديد أكثر شبابا وأقل عنفا وارتباطا
بالتقاليد. ولكن بفضل فالاشي صدرت قوانين جديدة تساعد رجال القانون على
ملاحقة الجريمة المنظمة ومكافحتها.
كان معكم سيمون بريبل، في حلقة أخرى من تارغيت مافيا.
--------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م