اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 آخر القبائل الأميركية
 

أناسازي-آخر القبائل الأميركية

 

تدعي الخرافات الهندية القديمة أن صخرة وقفت في طريق بداية العالم الإنساني، فجاء ظبي وحاول أن يضربها بقرنيه، فتدحرجت تلك الصخرة الهائلة نحو الأسفل.

تبع ذوو البشرة الحمراء وجميع المخلوقات الحية ذلك الظبي منذ ذلك الحين وما زالوا يتبعونه حتى هذا اليوم.

قبل خمس وثلاثون ألف عام من التقويم الميلادي عبر الصيادون القادمون من آسيا من خلال مضيق بيرينغ في أمريكا الشمالية، واستقروا في هذه الأراضي الشاسعة التي تبلغ مساحتها تسعة آلاف وثلاثمائة وخمسون كيلومتر مربع، من المناطق الزاهية الألوان التي تمتزج فيها الأغاني الأسطورية العريقة بألحان الرياح والعواصف. وسرعان ما تنبهوا إلى أن البقاء على قيد الحياة يعتمد على توازن الطبيعة وحماية ثرواتها.

أصبح عشق الطبيعة فلسفتهم في الحياة. تضاعفت أعدادهم وتحولوا إلى عشائر بعد أن كانوا مجرد مجموعات صغيرة. إلى أن بلغ عددهم ثلاثة ملايين شخص مع بداية القرن السادس.

اعتمدت دياناتهم الطبيعة أساسا لها، واعتبروا أن كل شيء هو تعبير عن روح مانيتو الكبرى، بما في ذلك الشمس والظواهر الطبيعية والأشجار والحجارة والحيوانات، لهذا لم يشعر أحدا منهم أنه أرقى مستوى مما يحيط به. 

كانوا يحرزون الاتصال بالروح الكبرى عبر الرؤية التي يشاهدونها خلال رقصة الشمس، حيث  اعتاد  الراقصون على ثقب صدورهم بصنارة حديدية، كانوا يثبتونها بالحبل إلى عمود ثم يبدأ الدوران وهم ينظرون إلى عين الشمس.

اعتبر صيد الأسماك والحيوانات في أراض غنية جدا كهذه،  السبل الأساسية للبقاء على قيد الحياة بالنسبة لذوي البشرة الحمراء. ولكن الطريدة المفضلة لديهم كانت من الخمسة وسبعين مليون بوفالو الذين انتشروا في سهول القارة الأمريكية الشمالية، إذ أنهم يأخذون منها كل  ما يحتاجونه، لكل هذه الأسباب اعتبروا هذا الحيوان أشبه بالأم السخية، بل رمز للجود والكرم.

سكنت قبائل سيوو الرحالة التي اعتادت على تعقب القطعان في خيم تقليدية هندية على شكل مخروط، عرفت بلقب تيبيس، وهي سهلة الحركة والنقل، تتمتع بفتحة علوية تسمح بتهوية  المكان.

سكنت بعض قبائل أريزونا وكولورادو مثل أناسازي  في الكهوف، بينما سكنت قبائل أخرى  كما هو حال قبيلة بويبلوس في منازل شيدت من اللبن، أو مزيج من الطين مع القش المجفف.

يتوسط كل من هذه القرى نصب لعمود طوطمي يفترض أن يحمي القبيلة، مع أنه لم يستطع حمايتهم من الفتوحات الأوروبية الدامية الوافدة، التي دمرت فور وصولها ترابط الانسجام القائم بين الإنسان والطبيعة، وأدت إلى ما يشبه المجازر الجماعية الكاملة.

يوم الخامس والعشرون من حزيران يونيو من عام ألأف وثمانمائة وستة وثمانين، وقعت في هذه السهول معركة ليتل بيغ هورن، بين وحدة الفرسان السابعة بقيادة الجنرتل كوستير، والمحاربين أوغلالا ولاكوتا سيوكس، اللذان كان بقيادة الزعيم سيتنغ بول.

أحرز ذوي البشرة الحمراء نصرا حاسما، ولكن هذا النصر شكل مقدمة لهزيمتهم الكاملة بعد أربعة عشر عاما من ذلك عند وونديد ني، التي شهدت انتقاما داميا للمستوطن الأوروبي.

لا يستهدف هذا التقرير توجيه إدانة لأحد، بل يسعى لتقديم رؤية واضحة لجميع القضايا المتعلقة بالسكان الأصليين المهددين بالانقراض، والمجموعات الإثنية التي لم تعثر حتى الآن على دور لها في التاريخ المعاصر. ولكنا على ثقة كاملة بأن التقدم عملية حتمية، ولكن علينا حماية الميراث التاريخي العريق. ليس من الضرورة أن تتخلص أيامنا المعاصرة من الأرشيفات الحية لتاريخنا.

نسعى هنا للقيام بجولة على ولايات نيومكسيكو وكولورادو وأوتا وأريزونا ومونتانا، بحيث نتمكن من التعرف على الظروف الحياتية التي عاش فيها ذوي البشرة الحمراء عام ألفين.

نحن الآن في كولورادو وتحديدا في ميسا فيردي. عام ألف وثمانمائة وثمانية وثلاثون مر أحد رعاة البقر، ريتشارد واثيريل من هنا بصحبة قريبه شارل ميسون،  فشاهدا واحدا من أكثر المناظر الطبيعية الساحرة في العالم. وهو يعرف ب كليف بلاس. إنها منطقة سكنية حفرت بكاملها في الصخر، وكانت من إحدى الأماكن العديدة التي سكنتها قبائل هنود أناسازي.  تعالوا نتابع اكتشافنا لهذه الكاتدرائية التاريخية.

تعني كلمة أناسازي بلغة نفاهو الأسلاف، وقد استقرت تلك القبائل في هذه المنطقة عام خمسمائة بالتقويم الميلادي.

أسس مائتان وخمسمائة شخص هذه القرية في القرن الثالث عشر، ثم تخلوا عنها في القرن التالي نتيجة التغيرات المناخية   بعد فترة طويلة من الجفاف. الكيفا هي نوع من السراديب التي ترمز لرحم الأم الكبرى الأرض، من حيث ولدت قبائل الأناسازي كما يدعون. تمثل هذه الغرفة نفقا للأرواح، وصلة الوصل بعالم الغيبيات.

هذه بلدة تاوس في نيومكسيكو. في هذه المنازل المصنوعة من اللبن، الذي يعتبر أفضل مادة عازلة، تسكن اليوم قبيلة هود بويبلو. تحاط هذه المنازل بأجواء سحرية شبيهة جدا بتلك القصور المصنوعة من رمال حدد الطفل ملامحها.  

نتوجه في الجزء التالي من رحلتنا إلى ولاية مونتانا، حيث المناظر الخلابة للمساحات الشاسعة، تجعل المرء يشعر وكأنه يمتطي صهوة حصان.

يبلغ عدد الهنود في أمريكا الشمالية اليوم حوالي تسعمائة ألف مواطن، يسكن حوالي الثلث في أرجاء المدن. وهم موزعون على مائتين وثمانية وثلاثون مجمعا سكنيا في أرجاء البلاد. يتولى الهنود الإدارة الذاتية لهذه المجمعات، أما في واقع الحال في عهدة وزارة الداخلية للولايات المتحدة.

البطالة التي تتعدى نسبتها ثمانين بالمائة، وسوء الخدمات الصحية والفناء شبه الكامل للثقافة، كلها ظروف تؤدي بآخر أحفاد سيتينغ بول إلى التهميش الاجتماعي  والتمييز العنصري، والإدمان على الكحول والمخدرات والانتحار بين الشبان على وجه الخصوص.

الديانة هنا مسيحية إلى جانب كنيسة لسكان أمريكا الأصليين التي ما زالت منتشرة كحركة قبائلية تستعمل ما يعرف بالبيوتل، أو الأدوية المقدسة.

يعتمد الجانب الأهم من اقتصاد الهنود على الأشغال الحرفية. روائع السجاد  المنسوجة على النول تمنح المحال التجارية الصغيرة رونقا يلفت الأنظار.

تجلب أراضي الهنود الغنية جدا بالمعادن الطبيعية اهتمامات اقتصادية عالية، تحمل معها الكثير من المشاكل التي تتعلق بالإدارة والاستخراج. تحدثنا حول هذه المسائل مع السيدة ماري، زعيمة القبيلة في هذه المنطقة.

نحن الآن في مونتانا، وبصحبة السيدة ماري زعيمة هذه القبيلة، التي سنطرح عليها بعض الأسئلة كي نتعرف على الظروف التي تعيش بها اليوم المجتمعات الهندية، على مشارف القرن الجديد.

سيدة ميري كيف تعيش قبيلتك اليوم؟ وما هي مشاكلها الراهنة؟

يمكن القول أن المشكلة الرئيسية هي العيش في هذه المنطقة، ثانيا عدم الاستقرار الاقتصادي الذي نعاني منه جميعا، وعلى وجه الخصوص البطالة التي تصيب أكثر من ثمانين بالمائة من الهنود.

يقال أن الشركات العالمية تسعى للاستيلاء على أراضكم، هل هذا  صحيح؟

نعم هذا صحيح، لقد تقدمت هذه الشركات إلى حد كبير، حتى بلغت السعي لإجلائنا من الأرض.

هل صحيح أنهم يفرضون العقم الإجباري على نساء الهنود؟

فعلا، هذه حقيقة معروفة جدا، وهي تحصل باستمرار، حتى أنها واقعة أصابت شقيقة أمي، كما تعرضت خالة زوجي لمثل هذه العملية.

سيجري في العام المقبل الاحتفال بمرور خمسمائة عام على اكتشاف أمريكا من قبل كريستوفر كولومبوس.  ما الذي يعنيه لك هذا المكتشف؟

يعني بالنسبة لي حدث مؤسف وحزين لأنه غير أسلوبنا في الحياة. وقد مثل مجيئه استيلاء على ثرواتنا وإجبارنا على العيش في مجمعات مغلقة، بكل ما ينجم عن ذلك من مشاكل.

هل لديك الثقة بالمستقبل؟

لا أثق إلا بأمتي.

نشكر السيدة ماري ونتمنى لجميع الهنود السكان الأصليين في أمريكا أن ينعموا بالتقدم والازدهار، شكرا سيدة ماري.

يتفجر كل شعور الإحباط والاضطهاد لدى الشعوب الهندية عبر احتفالاتهم وطقوسهم التقليدية. عبر هذه المناسبات وحدها تتجدد إشراقة الهنود القدماء، ولو لبضعة أيام قليلة. يبرز من بين هذه الاحتفالات البا واو، وهي مزيج  من الرقصات والأغاني التقليدية العريقة.

تحضر أهم القبائل الهندية مرة في كل عام للقيام بمهرجان فاتن مليء بالصور، يتم التحضير له بدقة، تشارك في المهرجان قبائل كراوز وتشاينيز والأباتشي والسيوكس.

تبعد الأعشاب السحرية المغلية جميع الأرواح الشريرة وتستعطف الرقصات.

هناك أسطورة تتحدث عن محارب شاب أصيب بجروح في ساقيه أثناء القتال، ما حال دون اللحاق بقبيلته. تسبب له ذلك بالألم والحزن والأسى لفترة طويلة، إلى أن سمع صوتا قادما من الغابة، فكان ذلك صوت التحضيرات  التي تسبق الرقص المقدس. ما أن سمع المحارب تلك النغمات الفضية، حتى انتصب على قدميه مباشرة، وكأنه بسحر ساحر تمكن من الرقص وكأنه طريدة جريحة، ولكنه كان في الوقت نفسه يتمتع بأناقة الفهد الأسود الذي يستعد للانقضاض.

منذ تلك اللحظة أخذ يعدو عبر السهول والمروج الخضراء، ليخبر الجميع بأن الرقص هو السبب في شفائه. وكلما طال رقصه ازداد رغبة في المشي على الأرض.

ارقص يا ابن الرياح، عل هذا الإيقاع يعيد الصلة إلى  دائرة الانسجام المكسورة بين الطبيعة والإنسان.

 

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster