اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 ملفات الإف بي أي - الموت في ألاسكا
 

ملفات الإف بي أي

  جرى اليوم بشكل اعتيادي لدى عائلة بول وشاريل شابمان، إلى أن تحطمت ملامح صباح الأحد باتصال هاتفي.

        لم تذهب نانسي شقيقة شاريل إلى العمل وقد فشلت عدة محاولات في الاتصال بها تلفونيا. أحس الزوجان بوجود مشكلة ما، فأسرعا في الذهاب إلى شقتها.

=-=-=-=-=-=

يعاني بعض القتلة من حالة مرضية، تحتمل المعاينة في المستشفيات، بينما يقتل البعض الآخر من شدة الغيظ والغضب. لا شك أن سلوك القاتل يفصح عن شخصيته.

        عام ألف وتسعمائة وسبعة وثمانين، أخضعت وحشية قاتل ثلاثي، أهم رجال المباحث لتجربة قاسية.

        معكم جيم كالستر المدير السابق لمكتب الإف بي أي في نيويورك. حين عثر على نانسي نيومن وابنتيها مذبوحين في شقتهم، أدركت الشرطة المحلية حاجتها للمساعدة، فطلبت الإف بي أي. انتشرت معالم الجريمة في كل مكان، ولكنها لم تؤدي إلى القاتل. تبين لرجال المباحث أنهم للكشف عن هوية المجرم، لا بد من الغوص في تفكيره.

(الموت في ألاسكا)

 تقع ألاسكا على حدود البراري، وكأنها معزولة عن باقي العالم ومشاكله، حتى أن سكانها يتوحدون بجمال الطبيعة المجاورة، وبالاحترام الذاتي لاعتماد المجتمع على قواه الذاتية.

        قبيل الثامنة من صباح يوم الأحد الخامس عشر من آذار مارس من عام سبعة وثمانين، استيقظ بول وشاريل شابمن على رنين اتصال هاتفي، جاء فيه أن نانسي نيومان شقيقة شاريل قد تأخرت عدة ساعات عن عملها الصباحي في أحد المطاعم التي كانت تعمل بها. قال مدير فرقة عمل نانسي أن سيارتها متوقفة في مرآب المطعم ولكنها ليست في الجوار. ما يدعو العائلة للبحث عنها.

        منذ لحظة وصول شاريل وبول إلى شقة نانسي، شعرا بوجود مشكلة ما. لم يجدا مؤشر على وجودها. ابنتيها ميليسا وأنجي البالغتن من العمل ثمانية وثلاثة أعوام على التوالي، توارتا عن الأنظار.

        كانت أكواب القهوة التي احتستها شقيقتها أثناء زيارة الأمس ما تزال في الجرن. وبقايا الفطور ما زالت على المائدة. العلبة التي تضع فيها نانسي البقشيش كانت فارغة. وفي المكتة عقاب سيجارة بنية تختلف عن تلك التي تدخنها نانسي.

وقع بول في غرفة نانسي  على اكتشاف مذهل، حين وجد نانسي ملقاة بلا حياة على سريرها. ثم سارع إلى الغرفة المجاورة ليجد ابنتيها على الحالة نفسها، ذعر لما أخضعت له مليسا وأنجي من وحشية.

اتصلوا بنا من مركز عمل نانسي لتغيبها عن الدوام، فجئنا إلى الشقة لنكتشف أنها والطفلتين قد تعرضتا للقتل.

 خلال دقائق وصلت أول دورية للشرطة إلى شقة نيومان. طوقت الشرطة محيط السكن منعا للعبث في مكان الجريمة، وحاولت تهدئة أفراد العائلة حتى وصول وحدة التحريات إلى هناك.

ما عثرت عليه الشرطة كان مخيفا. تبين أن نانسي وطفلتيها قد ضربن وخنقن، حتى أن عنق الطفلة أنجي قد ذبح حتى كاد الرأس ينفصل عن الجسد.

كان ضابط الشرطة المحلية في أنكيرز غيل بيريل في مكان وقوع الجريمة حينها.

لا شك أنه من الصعب جدا، وصف الجرائم البشعة كهذه بالكلمات. لا شك أني شهدت العديد من أعمال القتل والعنف والاغتصاب على أنواعها، حتى أن المجتمع هنا اعتاد على وقوع مثل هذه الجرائم، أما هذه الأعمال، فلم يشهد مثلها من قبل.

 كانت جريمة وحشية، لدرجة هزت بها مشاعر أكثر ضباط الشرطة تجربة وخبرة.

كانت جريمة بشعة هزت مشاعر الرأي العام، وحتى أشد رجال المباحث الذين عملوا في القضية،  لأن أحدا لم ير قسوة ودموية كهذه من قبل.

 كانت جثة نانسي ملقاة على السرير، والكدمات بادية فوق صدرها، وآثار جروح فوق الأنف والخدين والجبهة، إلى جانب إصابة في ركبتيها. لوحظت بقع الدم أسفل السرير. عثر على زوج من القفازات الخضر على طاولة الزينة.

        من جهة أخرى عثر على مليسا ملقاة على ظهرها في وسط غرفتها. وبقعة دم تلوث وجه وسادة حول عنقها. وقد استعمل وجه وسادة أخرى لربك ذراعيها.

        عثر على أنجي نيومان البالغة من العمر ثلاثة أعوام مضرجة بدمائها على أرض غرفتها، محاطة بكتبها المفضلة.

        عادة ما تشكل بقع الدم أدلة على كيفية وقوع الجريمة، كأوضاع الضحية والقاتل، وحركات الضحية، بما يمكن الخبير من إعادة بناء وقائع الجريمة حسب وقوعها.

تمكنا عبر هذه القضية من تحديد الأحداث المتوالية.

        بقع الدم التي في الممر توحي بأن الفتاتين قد أرغمتا على الذهاب إلى غرفة الأم، حيث تم الاعتداء عليهما. كما تشير بقع الدم على سجادة الممر إلى أن ميليسا أجبرت على العودة إلى غرفتها، وقتلت هناك.

        تعاملت الشرطة مع كل مساحة على أنها موقع جريمة منفصل، سعت أولا للعثور على الأدلة الجسمانية التي يفترض وجودها هناك، ثم عملوا على تحليلها. أعتبرت الشرطة أن أي دليل مهما قل شأنه يعتبر ذات قيمة بالغة تقديرا لطبيعة الجريمة المرعبة  وغياب أي مشبوه محدد.

كان التحري الضابط مايكل غرايم مسؤولا عن دائرة الشرطة المتخصصة في القتل والاغتصاب والسرقة في أنكيرز.

  كنت متأكدا من أنهم سيمضون ساعات طوال في مكان وقوع الجريمة. هذا ما نسميه عادة بالقضية الغريبة. علما أن أحدا لم يعبث بمكان وقوع الجريمة بعد وقوعها من حسن حظ الفريق.

 عادة ما يعثر المحققون على أدلة في نفايات المنزل العادية. أحيانا يدل الشعر والأنسجة العالقة في السجاد على هوية المشتبه. لهذا قسم المنزل إلى أجزاء نظفت كل منها على انفراد.

        للقيام بهذه المهمة على أكمل وجه، تقوم الشرطة بتقسيم الغرف إلى مربعات طول أضلاعها أربعة أقدام. يستعمل الباحثون مكنسة كهربائية تضاف إليها مصفاة مخصصة لهذا العمل.

        عند شفط النفايات عن الأرض تعبر الأنبوب القصير لترسو في ورقة المصفاة النظيفة، عند الانتهاء من مساحات الغرفة، تزال المصفاة وتوضع في مستوعب للأدلة.

        قد تعجز المكنسة الكهربائية عن جمع الشعيرات والأنسجة اللازمة، فتتولى ذلك عملية بحث تعتمد إلى إنارة الليزر التي تبرز الأشياء التي لا تظهرها الإنارة العادية.      

        تعتمد تقنية تعرف اليوم باسم لومينور للكشف عن رذاذ الدم، الذي تتمكن إنار اللومينور من إثارة لمعان ما يحتويه من بروتين، ما يمكن الخبراء من رؤيتها.

جرى تفحص موقع الجريمة للكشف عما فيه من بقع دموية غير مرئية، استطعنا لاحقا تصويرها، وقد بحثنا أيضا عن سكين تأكدنا من غيابها من المطبخ. وقد حددنا حجم السكين الناقص، وتأكدنا من أنها تتوافق مع الآثار التي اكتشفت عبر اللومينور.

 أوحى موقع الجريمة أن القاتل قد باغت الضحايا فجأة. تبين أن روتين عائلة نيومان قد انقطع فجأة، ما يوحي بأنها كانت تعرف القاتل.

        هناك سؤال هام يطرح نفسه. أكدت شيريل للشرطة أنه لم يكن لدى نانسي أي أعداء، كما انها كانت محبوبة في العمل بين الزبائن والزملاء. ولديها العديد من الأصدقاء. فما هي الأسباب التي يمكن أن تبرر العنف بحق ميليسا وأنجي البالغتان ثمانية وثلاثة أعوام على التوالي؟

        لم تكن السرقة أمر محتمل. تبين لرجال المباحث تماما أنه لم يتم العبث بمحتويات الشقة وممتلكاتها، لهذا حاولوا العثور على دليل قاطع. عمل التحري بيل ريدير في هذه القضية منذ البداية.

برزت الأدلة الأولية من موقع الجريمة التي أوحت بصلة القاتل بالعائلة. لهذا تم التركيز على الأفراد الذين كانوا على معرفة بالضحايا ممن يزورون الشقة.

 بدأ الاستجواب على الفور، لسكان المنطقة المجاورة والأصدقاء وأفراد العائلة وكل ما يمكن أن يملك المعلومات.

بدأنا نبحث عن شخص رأى أي شيء غير اعتيادي، أو أي غريب في المنطقة أو سمع شيء غير اعتيادي، أو يحمل شيئا من هناك، أي شيء يمكنه من جعلنا نركز على شخص ما.

 عادة ما يشتبه بأفراد العائلة في التحريات الأولية، ولم يشذ بول شابلن عن القاعدة، خصوصا أن أحدا لم يؤكد مكان وجوده طوال يوم السبت إذ قال أنه أمضاه وحيدا. ولا شك أن ردة فعله حيال اكتشاف الجريمة شكلت له صدمة واضحة.

        حقق رجال المباحث مع جميع المقربين من العائلة، لتتأكد من أن نانسي نيومان كانت متزوجة من جون نيومان، والد طفلتيها. رغم سعادتهما الزوجية اعتبر مشبوها، كما يحدث عادة مع الأزواج. ولكن جون نيومان كان في كليفورنيا يخضع لدورة تدريبية ساعة ارتكاب الجريمة.

نعتمد في إزالة شخص ما عن لائحة المشتبه بهم أحيانا على ردة فعله عند التحدث معه. وقد أوحى لنا جون بكل وضوح أنه يريد أن تحل هذه القضية لأنه محطم كليا، مقدما ردة فعل عادية حيال ظروف كهذه.

        كانت عائلة نيومان في شقة مبان سكنية مشتركة، لهذا اعتبر التحري غرايم أن مقابلة سكان الشقق المجاورة مهمة بالغة الصعوبة.

مايكل غرايم:كانت شقة في مبان سكنية مشتركة، تقع في جزء مزدحم من المدينة، مليئة بمئات المباني السكنية المشابهة، ما يعني أن نتحدث مع المئات هناك.

 أصيب سكان أنكيرز بالصدمة حيال وحشية الجريمة. لم يسبق للشرطة أن واجهت جرائم بهذه البشاعة من قبل، فأخذت تطرح على نفسها عدة أسئلة. هل هو قاتل متسلسل، هذا ما دفع الشرطة إلى العمل سريعا.

أي نوع من الأشخاص قد يرتكب هذا النوع من الجرائم؟ هل لأسلوب ارتكاب الجريمة أهمية في الأمر؟ وهل يمكن لهذا أن يدلنا على هوية المجرم أو على الأقل من أي طينة هو؟؟ لهذا طلبنا المعونة من الإف بي أي في اليوم التالي مباشرة.

 أدرك المحققون أنهم بحاجة إلى مساعدة لتحديد نوع الشخص المسؤول عن ارتكاب الجريمة. فلجأوا إلى وحدة علم السلوك في مكتب الأبحاث الفدرالية في فيرجينيا. وقد تلقى الاتصال العميل الخاص جوك راي. تكمن مهمة العميل الخاص في مساعدة الباحثين في القبض على أسوأ القتلة في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد اعتمد راي في مهمته على دراسة عقلية القاتل.

كنا نبحث عن تفاصيل شخصية الفرد، عبر ما جرى، في محاولة لرسم صورة لشخصيته، أو تحديد نوعية الكائن البشري الذي قام بهذا العمل.

 ساعدت التفاصيل التي سجلت والصور التي أخذت لموقع الجريمة وتقارير الشرطة، ساعدت المباحث في التوصل إلى تقدير نفساني للقاتل.

كنا حيال موقع جريمة غير منظمة تسوده حالة من الفوضى ما يعني أننا أمام شخص يرفضه المجتمع وبالتالي فقد وجد الفرضة ليرفض هذا المجتمع بدوره.

 أكد راي لرجال المباحث في أنكيرز أنهم ربما كانوا يواجهون أداء متكررا.

أثارت هذه الحادثة قلقه الشديد، خصوصا لقتل ثلاثة أشخاص في نفس الوقت من بينهم طفلتين. لهذا أعرب عن رغبته في العمل سريعا على حل هذا اللغز لأن القاتل، قد فقد السيطرة على نفسه ومن المحتمل جدا أن يعاود ارتكاب جريمة أخرى، في القريب العاجل.

 تبين من تشريح الجثث أن الطفلتين نانسي وأنجي قد تعرضتا للاغتصاب الجنسي. انطلاقا من هذه المعلومة، اعتمد المحققون على فرضية أن يكون للفاعل ماض من الاعتداءات الجنسية. وقد ثبت أنه شاب أبيض في أواسط العشرينات.

        ساعدت تقديرات راي المحققين في تقليص احتمالات المشتبه بهم، وكان من بينهم شاب انتقل حديثا للسكن على مقربة من شقة عائلة نيومن.

        استجوبت الشرطة أيضا كوربي أنطوني، قريب جون نيومن البالغ من العمر ثلاثة وعشرين عاما. ليتبين أن لديه شاهدا أمضى معه صبيحة السبت الواقع في الرابع عشر من آذار مارس، على خلاف الشاب المجاور.

الغضب الواضح على ما تركه من آثار عندما ذبح الطفلة البالغة من العمر ثلاثة أعوام لا يدعني أرى لديها ما يمكن أن يبرر هذا النوع من الغيظ، تجاه شخص غريب.

 أدى إصرار راي على أن القاتل كان معروف لدى الضحايا، إلى تحويل أنظار المحققين عن الشاب الذي يسكن في الجوار. أكد معارف وجيران الضحايا وأقاربهم أنه لم يتعرف على نانسي نيومان من قبل.

عند التحدث عن شخص قريب من العائلة، شخص تعرفه الضحايا، شخص قد يتردد على المنزل، وقد يكون مرفوضا من قبل نانسي، لا يمكن التفكير إلا بقريب زوجها.

 مع استمرار المباحث في استجواب المشتبه بهم، أصبحت الأدلة التي جمعت من مكان ارتكاب الجريمة تفوق حدود إمكانيات مختبرات الجريمة في ألاسكا. وهكذا لجأت الشرطة في أكريز من جديد إلى الإف بي أي، فأرسلت الأدلة إلى مختبرات المباحث الفدرالية في واشنطن.

يعمل دوغ ديتريك خبيرا في شؤون تحليل أدلة الشعر والأنسجة،  وقد بذل جهوده لفك رموز الأدلة التي قد تدل على أي مشتبه. فكشف عن الشعر والأنسجة وجزيئات أخرى كالتربة أو أي شيء سقط من القاتل أثناء استخدامه العنف بحق الضحايا.

أستطيع القول أني، قمت بتحليل ما يقارب الأربعمائة جزيء من الأدلة، جيء بها من موقع الجريمة ومن الضحايا ومن لحظة القتل وهي أشياء تعود لعدة أشخاص، منها للمشتبه به والأقارب أو مجرد زملاء للضحايا.

 يصعب تحليل الأنسجة على وجه الخصوص. وبما أن أحدا لا يعرف ما كان يرتديه القاتل عند ارتكاب الجريمة، لا يملك المحقق وسيلة لمقارنة هذه الأنسجة.

لا حدود لتنوع الأنسجة التي يتم العثور عليها، لهذا عندما يرتدي القاتل ملابس تسقط منها بعض الأنسجة المختلفة، يمكن اعتبار هذه الأدلة فريدة من نوعها. علما أنها حين تسقط في موقع الجريمة تصبح أشبه بالإبرة في كومة قش، أي أنها هناك ولكن من الصعب العثور عليها.

  جرى البحث عن كميات لا بأس بها من الأنسجة علها تصلح دليلا يكشف ما جرى في شقة نيومن. وقد مكنت خبرة ديتريك العميقة من تحديد حركة القاتل أثناء ارتكاب جريمته، ما منح المحققين فكرة واضحة عما جرى في تلك الشقة.

        مع استمرار اختبارات ديتريك، طلب المحققون من كوربي أنطوني المجيء إلى مركز الشرطة في أنكيرز لأخذ مزيد من الإفادة التفصيلية. فأخذوا يعرفون المزيد عن قصته.

        كان أنطوني وصديقته قد انتقلا من توينز فولزايدو إلى أنكيرز قبل عام ونصف العام. وقد أقاما في شقة عائلة نيومان لبعض الوقت، ثم طلب منهما الرحيل عند عثورهما على عمل في صيد السمك.

        ثم انفصل كوربي عن صديقته وهما يعملان في سفينة الصيد بعد أن اتهمها بخيانته مع زميل لهما. بعد الانفصال وصفته صديقته بأنه متهور عديم الاستقرار نفسيا. ثم طرد من العمل بعد اشتباك بالأيدي مع زميله في العمل.

        ثم عاد إلى أنكيرز وحيدا في الرابع عشر من شباط فبراير من عام سبعة وثمانين. لم يجد مكانا يذهب إليه فأخذ تكسي حملته مباشرة من المطار إلى شقة نيومن.

        أصرت شيريل شابمن على التأكيد، بأن جون نيومن قد غضب جدا لعودة قريبه كوربي إلى شقته أثناء غيابه. وقد أصبح هذا الوضع مع مرور الوقت غير مريح على الإطلاق بالنسبة لنانسي، وبعد أسابيع طلبت من كوربي المغادرة. فانتقل للسكن مع شخص يعرفه  هو دان غرانت.

        أخذت التحريات تركز على كوربي أنطوني، وقد تذكر الضابط غرايم أول لقاء له معه. يوم وقوع الجريمة. تولى غرايم مسؤولية إبلاغ أنطوني بوقوع الحادث.

أبلغته بأننا نحمل نبأ مؤسفا، وبأنه قد تم العثور على زوجة قريبه وطفلتيها قتلى صبيحة ذلك اليوم. والحقيقة أن كوربي أمسك بيديه وأخذ يبكي وينوح، ولكنه بكاء جاف أعني بلا دموع.

 ما كانت مواصفات أنطوني تنطبق على ابن العائلة الحزين. أدرك غرايم أن سلوك كوربي الغريب لا يمكن أن يبرر اعتقاله. إلا أن نتيجة التشريح زادت من تشكيك المحققين.

        ساهم التشريح في تحديد وقوع الجريمة بين السابعة صباح والمساء، من يوم السبت الواقع في الرابع عشر من آذار مارس.

تبين أن الجريمة قد وقعت بين الصباح الباكر، بعد استيقاظ الضحايا من النوم. كانت إحدى الطفلتين قد تناولت الفطور، والثانية على وشك تناوله. أما الأم فقد كانت على وشك احتساء فنجان القهوة.

 بعد تحديد وقت الجريمة أصبح تبرير وجود أنطوني السابق بلا أهمية، بعد أن أثبت مشاركته في سهرة استمرت طوال ليلة السبت حتى الصباح. اعترف بأنه شرب الكحول ودخن الحشيش وتخدر بالكوكايين. وقال أنه عام إلى الشقة التي يتقاسمها مع زميله حوالي السابعة فجرا. ثم غادر المنزل حوالي التاسعة إلا ربعا.

        مع مرور الوقت أخذت تحاليل ديتريك المخبرية تزداد تعقيدا.

ظهرت أشياء كثيرة، بين نفايات المكنسة، وقد أخذ الكثير منها عبر الغرف الثلاث، وأخضعت جميعها للبحث والتحليل. أعتقد الجانب الأشد صعوبة في هذه القضية من وجهة نظري، هو محاولة تصنيف كل شعرة تم العثور عليها في تلك الشقة. هذا ما لا نقوم به عادة، ولذ لكثرة الشعر الذي نتعامل معه. ولكن هذه القضية تطلبت القيام بمثل هذا العمل الشاق.

 تظهر كل شعرة بمزايا محددة تحت المجهر، ما يساعد على تعقب أصولها المحتملة.

حقيقة اختلاف الشعر من شخص إلى آخر تصبح بارزة بعد تكبيره حوالي أربعمائة مرة.

 يستعمل ديتريك لتحليل الأنسجة التي تجمع في موقع الجريمة، مجهر عالي الفعالية يرتبط بجسرين  للرؤية، يخصص أحدهما للمواد المعروفة، والآخر لتلك التي لم تحدد هويتها بعد.

        بما أن كوربي قد عاش في منزل نيومن لبعض الوقت من المحتمل أن يكون شعره في الشقة بعد، لهذا كان من الضروري تحديد ما إذا كان الشعر الذي عثر عليه قديما أو حديثا. لهذا طلب ديتريك العثور على محتويات المكنسة الموجودة في شقة عائلة نيومن.

بما أن محتويات المكنسة التي كانت في الشقة كثيرة جدا، فضلت التعامل مع محتوياتها بعد تصنيف طبقاتها، أي أن النفايات الحديثة يجب أن تكون عند فوهة الكيس.

 بما أن كوربي أنطوني قد نكر زيارته لمنزل نيومن مؤخرا، كان على المختبر أن يحدد مواصفات الشعر.

موصفات أسطح الشعر، وحالة الأطراف والجذور، عادة ما تشير إلى المدة التي أمضتها الشعرة في بيئة محددة.

 عبر تحليل طبقات مكنسة شقة نيومن، عثر ديتريك على بعض الشعيرات التي لا تنتمي إلى أي من أفراد عائلة نيومن، وكأنها أضيفة إلى كيس المكنسة حديثا.

        بالإضافة إلى نفايات المكنسة، عثر على بعض هذه البقايا على الضحايا  وفي غرف النوم. لتحديد أهمية هذا الاكتشاف، أراد ديتريك أن يعرف كيفية انتقال الشعر عادة من غرفة إلى أخرى، بما يمكنه من تطبيق اختباره الخاص.

كان من الضروري معرفة سبل تنقل شعر شخص من من غرفة إلى أخرى في المنزل. لهذا اعتمدت اختبارا أخذت فيه مكنسة كهربائية إلى المنزل، كنست فيها أربعة غرف نوم خلال أسبوع واحد في نفس الوقت يوميا، وذلك للتأكد من نوعية الشعر الذي يتم العثور عليه، وقد ركزت طبعا على شعر محدد.

 أخرج ديتريك الشعر بعد كل عملية كنس، وكان يقارنها بشعر معروف له شخصيا. وهكذا ثبت له أن الشعر انتقل من غرفة إلى أخرى، وذلك لأنها تعلق في الجوارب أو ملابس أخرى. ظهر الشعر الذي وضع في بداية التجربة، في أعماق الكيس وبالتالي تعرضت لمزيد من الضرر، على خلاف الشعر الذي وضع حديثا.

        كان اكتشاف ديتريك بالغ الأهمية، خصوصا أن شيريل أبلغت الشرطة بأن نانسي تكنس بيتها أيام الجمعة. أي أن الشعر الذي وجد على الجثث، قد وضع لحظة ارتكاب الجريمة.

        وأخيرا تم اكتشاف دليل بالغ الأهمية تحت المجهر. عثر على قملة تخلف وراءها كيس بيض جزئي، وذلك في المنشفة الصغيرة التي وجدت في مغسلة الحمام. أبلغ ديتريك المحققون بما وجده، ما يتطلب نماذج من شعر المشتبه بهم للمقارنة.

        كان لدى المحققين اثني عشر شخصا من المشتبه بهم. تلقى رجال المباحث لوائح من وزارة الداخلية بأسماء الأشخاص الذين أطلق سراحهم مؤخرا رغم ماضيهم في الجرائم والعنف الجنسي. وكان بعضهم يسكن في المنطقة المجاورة لعائلة نيومن.

        للتأكد من براءة المشتبه بهم أخضعوا جميعا لاستجواب مكثف وتم التأكد من أماكن وجودهم ساعة ارتكاب الجريمة. استمرت الشرطة باستجواب أنطوني، دون أن يعترف بشيء.إلا أنها كان يغير قليلا بتفاصيل أماكن وجوده ساعة ارتكاب الجرائم.

اعتبر ذلك مؤشرا على ما سنتعامل معه حيال كوربي منذ البداية، عبر تلك الأكاذيب الصغيرة الضرورية التي كان يلقي علينا بها.

 لم يكن كوربي على علم بتحليل ديتريك المخبري،  فطلب منه المحققون أن يقدم لهم نماذج من شعره ودمه. أراد أن يبدو متعاونا فقدم النماذج طوعا بمشيئته. لترسل مباشرة إلى ديتريك للمقارنة، فأكد هذا الأخير للمباحث أن لدى كوربي أنطوني قمل في شعره.

كان هذا أهم اكتشاف وقعنا عليه. في تلك اللحظة بدأنا نعتبر كوربي المشتبه الأساسي.

 عند مواجهته بوجود شعر وبيض القمل في منشفة الحمّام، اعترف أنطوني أن في شعره قمل، وقال أنه استحم في منزل نيومن قبل أسبوع من ارتكاب الجريمة، كي لا ينقل حشرة الشعر إلى شقة زميله الجديد. أما جوك راي، فقد اعتبر أن المنشفة التي وجدت في الحمام تقول الكثير عن المشتبه به. خصوصا أن القاتل قد اغتسل في موقع الجريمة. فلماذا يخاطر على هذا النحو؟ لماذا لا يغتسل في البيت؟

كان من الواضح أنه لم يشأ مغادرة المكان، ويديه ملوثة بالدماء. ما أكد لنا أنه لا يسكن بمفرده في مكان ما.

 أشار تحليل راي إلى أن القاتل يجب أن يكون صاحب ماض من الاعتداءات الجنسية. هذا ما دفع المحققون إلى التعمق اكثر في ماضي كورفي. ليكتشفوا أنه كان مشتبه أساسي في قضية ما زالت مفتوحة في أيداهو حتى اليوم، ضحيتها طفلة في الثانية عشرة، عانت أثناء الاعتداء عليها من أذى في الدماغ عجزت نتيجته عن الشهادة.

كان قبل مجيئه إلى ألاسكا محط اهتمام الشرطة في أيداهو حيث جرى أثناء نزهة في البراري الاعتداء على فتاة في الثانية عشر من عمرها، وقد تعرضت للخنق حتى فقد وعيها وسط الغابة وأوشكت على الموت، ثم اغتصبت جنسيا، وقد أشارت أدلة المحققين  جميعها إلى كوربي أنطوني.

 أشار تقرير راي إلى أن القاتل سيحاول الظهور بملامح المتعاون مع الشرطة.

قيل لنا أن المتهم سيضع نفسه في خدمة الشرطة، وأنه سيتصل ليعرف  ما أظهرته الأدلة. وهذا ما أخذ كوربي يقوم به.

 ولكن الشرطة لم تتحدث مع أنطوني عن تفاصيل ما توصل إليه ديتريك من أن مقارنة الشعر كانت تشير أيضا إليه. أي أن ما وجد في المنشفة كان بعض مما استطاع ديتريك العثور عليه، عبر المقارنة بين الشعر المتوفر في مكان الجريمة، والنموذج الذي قدمه أنطوني.

لا شك أن الكثير من الشعر المشابه قد وجد منتشرا بين جميع الغرف. أعني غرفتي الطفلتين كما وغرفة الأم أيضا.

 عثر على شعر من رأس أنطوني على الغطاء العلوي لسرير نانسي نيومن. كما عثر على شعر ذقن يتطابق مع شعره على جثث الضحايا وفي غرفهن.

        نفايات المكنسة التي أخذت من غرفة ميليسا تحتوي على تسعة من  شعر أنطوني. وقد عثر في غرفة أنجي على شعرتين، إحداهما ملوثة بالدم، والأخرى تحمل بيضة قمل.

        اتفق المحققون على ضرورة البدء بمراقبة تحركات أنطوني. وقد تمكنوا عبر المراقبة من التعرف على أماكن تردده وأخذوا يتعقبونه حول المدينة. أمل رجال المباحث بأن يعترف لأصدقائه ببعض الأقوال التي تعزز تورطه في الجريمة. لو فعل ذلك لتمكن المحققون من معرفة ذلك.

سرعان ما أثمر الجهد نتائجه، فقد أبلغ أحد المراقبين رجال المباحث بأنه يكتب الشعر على مناديل ورقية ويتناقلها حول الطاولة. وقد قال لإحدى النساء أن نانسي نيومن قد أجبرت على مشاهدة جزء من الاعتداء.

        علمت الشرطة أيضا أن كوربي أنطوني قد اتصل بعد الجريمة بوالدة صديقته السابقة ليحدثها بما جرى. وقد أبلغها بأن أنجي نيومان قد طعنت وأن نانسي وميليسا قد تعرضتا للاغتصاب.

        وقد ثبت أن أنطوني ما كان ليعرف بتفاصيل ما قاله عبر اتصاله الهاتفي والحوار الذي جرى في الحانة بكل التفاصيل التي تحدث عنها، ذلك أن الشرطة لم تقدم تلك المعلومات لوسائل الإعلام، كما أن المحققون لم يأتوا على ذكرها أثناء استجوابه.

        بما أن المراقبة لم تستمر طوال أربع وعشرين ساعة في اليوم، أحيانا ما كانوا يمرون للتأكد من توقف سيارته أمام المنزل. إن كان في البيت أحيانا ما كان المحققون يطرحون عليه بعض الأسئلة.

أخذت الأدلة التي تؤكد تورطه تتعاظم. أثناء إحدى زيارات رجال الشرطة إلى منزله تم العثور على الكاميرا اليدوية التي سبق أن اختفت من منزل جون نيومن. أبلغ المباحث أن عائلة نيومن قد أهدتها له، وعندما طلب منه استعراض طريقة عملها ثبت أنه لا يعرف شيئا عنها.

اختفى شيء آخر من منزل نيومن ليشير باصبع الاتهام إلى أنطوني. القطع النقدية التي كانت في علبة البقشيش والتي كانت تحتوي على النقد المعدني وحده. وقد قال بعض أصدقائه للشرطة أنهم شاهدوه يدفع الحساب بنقد معدني، أو يشتري الأشياء بالقطع نفسها. إلى جانب بصمات الأيدي، تم العثور على بصمات أنطوني فوق الجدار المحاذي لمكان اغتصاب ميليسا نيومن. البصمات التي وجدت على علبة البسكويت في المطبخ تتطابق مع بصمات أنطوني. وجدت بصماته أيضا على باب خزانة غرفة الجلوس، إلى جانب السطح الداخلي والخارجي لباب الشقة.

وجدت بصماته أيضا على جانبي الأبواب المؤدي إلى غرف النوم الأخرى، كما أن موقع البصمات يوحي لنا بأن شخصا ما كان يحاول الفرار من الغرفة. وهكذا وضع بيديه الأدلة على الباب حيث صفعه كي يقفل بشدة، ليترك بذلك أدلة أخرى وجدت في مكان الجريمة.

 أخذت الأدلة تتراكم ضده، كما زالت جميع الشبهات المتعلقة ببقية المتهمين بعد شهر من القضية، باستثناء كوربي أنطوني.

        اعتبر المحققون أن الوقت قد حان للحصول على إذن بإلقاء القبض عليه. كان جوك راي قد حذر المحققون بأن القاتل قد يلوذ بالفرار إن تعرض لضغوط شديدة. وقد تمكنت أسئلة المباحث المكثفة من إثارة أعصاب أنطوني. صدق جوك راي من جديد. فقد صارح أنطوني زميله في السكن أن سيغادر المدينة، طالبا منه ألا يخبر الشرطة.

تردد زميله في السكن قبل إبلاغ الشرطة خوفا من طباع أنطوني الحادة، ومع ذلك اتصل أخيرا، بعد مرور سبع ساعات. حين كاتن أنطوني متوجها إلى الحدود الكندية الواقعة على بعد ساعات ثمان في السيارة. وقد غادر السكن قبل سبع ساعات.

        تفصل بين أنكيرز والحدود الكندية أراض برية شاسعة، يمكن لأنطوني أن يختبئ في أي مكان. سارعت الشرطة المحلية بالاتصال برجال الجمارك العاملة على الحدود بين كندا وألاسكا، وصفوا أنطوني وسيارته، وابلغوا رجال الجمارك بأنه متهم بجريمة قتل ثلاثية. أملوا أن يكون في طريقه إلى هناك.

        بعد أقل من ساعة فقط وصل أنطوني إلى موقع الجمارك، لم يكن لديه أدنى فكرة عن وصول البلاغ ضده، فتوقف بهدوء عند محطة الجمارك. أوقف هناك وأخضع للاستجواب حتى وصول شرطة ألاسكا إلى هناك. تم اعتقاله بتهمة القيادة برخصة ملغاة، ثم أعيد إلى أنكيرز. عند وصوله إلى مركز شرطة المدينة قرءوا عليه حقوقه والتهم الموجهة إليه،  والتي تكمن بثلاث جرائم قتل من الدرجة الأولى، وجريمتي اعتداء جنسي، وجريمة خطف واحدة، علما أن القانون في ألاسكا يعاقب على الخطف كما لو أنه عملية اعتداء جسدية. لقد أوثق ميليسا أثناء اعتدائه عليها.

عند قراءة التهمة الموجهة إليه فاجأنا بالسؤال ما معنى تهمة الخطف الواردة في النص، ما أدهشنا في سؤاله هو أنه متهم بثلاث جرائم قتل وجريمتي اغتصاب إلا أنه يصرخ محتجا على تهمة الخطف. 

 كانت المعلومات قد اكتملت حينها لدرجة أن الشرطة تستطيع إعادة بناء الأحداث لتشير بوضوح إلى كيفية مقتل  أنجي وميليسا ونانسي بوحشية.

        رأت شيريل شابمن شقيقتها نانسي نيومن حية لآخر مرة ليلة الجمعة الثالث عشر من آذار مارس. وصل  بول  وشيريل ونانسي  كل بمفرده إلى المطعم الذي تعمل فيه نانسي لاحتساء بعض الشراب.

        كانت ابنة شيريل كالي قد أخذت ابنتي نانسي للسباحة كي يخرج الكبار تلك الليلة معا. أجبر بول شابن على مغادرة المطعم مبكرا كي يمر بابنه على أن يلتقي بهما لاحقا في شقة نانسي.

        عند المغادرة، اقترحت شيرل أن تترك نانسي السيارة في موقف المطعم وتركب السيارة معها. كان السبت يوم عطلتها ولن يتردد بول في أخذها إلى السيارة في اليوم التالي.

        انتهى الأمر بشيريل وبول ونانسي في شقة نيومن بانتظار كالي والطفلتان. تابعوا الحديث والضحك حتى العاشرة تقريبا حين عاد الصغار. كانت كالي قد دعتهم لأكل الهمبرغر. في تمام العاشرة مساء استعد بول وشيريل للرحيل. ساعدت هذه الأخيرة نانسي على تنظيف الطاولة ووضع الفناجين المستعملة في الجرن. حتى ارتدت أنجي ملابس النوم، وذهبت ميليسا إلى غرفتها كي تستعد للنوم. بعد الاستئذان طلب بول من نانسي أن تتصل في اليوم التالي إن أرادت أن يوصلها غدا إلى موقف السيارة.

        حوالي الساعة السابعة من صباح يوم السبت الرابع عشر من آذار مارس، وصل كوربي أنطوني إلى شقة نيومن، وهو الشخص الوحيد الذي يعرف ما جرى بعدها. ربما رفضت نانسي إعارته بعض المال، أو رفضت إقامة علاقة جنسية معه، أو ربما أمرته بمغادرة الشقة. على أي حال أثار ما جرى غضبه الشديد.

        تؤكد الأدلة أن جزءا من الاعتداء الجنسي قد جرى في غرفة الأم. فهناك مؤشرات على عراك بالأيدي، واشتباك عنيف.

استطعنا تقديم الأدلة التي تؤكد بأن ميليسا قد اغتصبت في غرفة أمها، وأنها عبرت السرير وأنها كانت تنزف بشدة في ذلك الوقت، كما أنها بقيت على حالها لبعض الوقت هناك.

 من الواضح أن ميليسيا قد شهدت الاعتداء على أمها حتى الموت. ثم أخذت إلى غرفتها حيث اغتصبت من جديد، ثم قتلت.

        لم يتم العثور على السكين الذي قتلت فيه أنجي على الإطلاق. لم يكن متأكدا مما إذا كان قد قتلها أولا أو أخيرا. ولكن المؤكد هو أنها تعرضت لعملية قتل وحشية بشعة.

        لم تتصل نانسي نيومن في اليوم التالي ببول شابمن لتطلب منه إيصالها إلى حيث تتوقف السيارة. ولم ترد على الهاتف حين اتصلت بها شقيقتها مرات عدة. بل أمضت اليوم جثة هامدة وسط جثتي ابنتيها حتى تم اكتشاف موتهن.

        ربما نشأ غضب أنطوني تجاه الطفلة نتيجة المرات التي قام فيها برعاية الطفلة. وقد أطلق عليها لقب المستبدة. إلا أن أفراد العائلة، وحتى رجال المباحث، لم يجدوا ما يبرر وحشيته.

لا أرى إطلاقا ما يمكن اتن يبرر الوحشية التي تصرف بها كوربي أنطوني هناك. ولا أعتقد أنه يستطيع أن يقدم لك أسباب واضحة على كل ما فعله.

        لاذ جون نيومن بصمت حزين طوال محاكمة قريبه. بعد ثمانية أيام من الاستماع إلى الشهود، توصلت اللجنة القضائية إلى قرارها يوم الثالث من حزيران يونيو من عام ثمانية وثمانين.

        جاء كوربي أنطوني حليقا نظيفا واثقا من نفسه لسماع قرار المحكمة. مع قراءة كل بند من نص الاتهام أخذت ملامح كوربي تنهار تدريجيا حتى تحطمت معنوياته كليا. فقد حكم عليه بالسجن لثلاثمائة وسبعة وخمسين عاما على جرائمه.

        لا شك أن قضية اتهام كوربي أنطوني تشكل نموذجا يحتذى به لتعاون أجهزة الشرطة فيما بينها.

        قدمت شرطة أنكيرز للإف بي أي جميع الأدلة التي تم العثور عليها في مكان وقوع الجريمة، فقام دوغ ديتريك بتحليل دقيق للشعر والأنسجة، واستبق مبررات أنطوني عبر التجربة التي أجراها على المكنسة الكهربائية في منزله. وقد دفع جوك راي تحقيقات المباحث عدة خطى إلى الأمام لتفنيد مزاعم أنطوني واستباق تفكيره، وقد سجلت شهادته قبول المحاكم لأول مرة بإفادة خبير بسلوك المجرمين في قضية تطرح أمامها.

كانت تلك مناسبة هامة لقبول شهادة الخبرة في هذا المجال لدى المحاكم الجنائية، لهذا أعتقد أنها بالغة الأهمية لأنها فتحت لنا الباب على مصراعيه.

 

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster