|
|
دوايت دايفيد ايزنهاور 3 - السياسي والرئيس |
|
|
دوايت دايفيد ايزنهاور مع ونستون تشرشل
يميل
العديد منا ان ينظر الى فترة ايزنهاور باعتبار عصرا ذهبيا، عصر سلام
وازدهار ومسرات بسيطة، لعب ايك العجوز الطيب في اطار هذا المشهد
الملحمي دوره الى حد الكمال يراقب بعناية واعتدال الشؤون القومية
والدولية. في وقت دخلت فيه الامة بلا جهد العقد الجديد بدون اهتمامات
حقيقية.
السياسي
والرئيس 1953-1961
بدا
بعض المحررين في ذلك الوقت بالتلميح الى ان الرئيس الجديد لا يمتلك
مؤهلات المثقف لهذا المنصب بغض النظر عن سمعته المستحقة كقائد عسكري
عظيم، كانوا يفضلون ظاهريا النموذج الاكثر لمعانا من السياسيين
المحترفين، غالبا ما كان يدعى ايك لاحقا بصفة الرئيس بالوكالة، وكانت
الحرب الباردة وامة تواجه تحديات اجتماعية استثنائية لم تكن بحاجة الى
ادارة فعالة وحريصة، خلقت هذه التقييمات من زمن بعيد اسطورة عن الرئيس
ايزنهاور وفترة الخمسينات، اسطورة بالنتيجة ما زالت تستمر
بقوة.
حقيقة
المسالة مختلفة تماما،
واجه يزنهاور خلال سنواته الثمانية في البيت الابيض، جملة من
القرارات المصيرية، قررت اثرت على الامن العالمي كما اثرت على رفاهيتنا
هنا في الوطن، يوضح اولئك الذين كانوا معه خلال هذا الزمن بان ايك كان
الزعيم عندما يتعلق الامر باتخاذ
القرارات.
كان
ايزنهاور شموليا ومركزا وقاسيا، خال من اية عقد الاذتية الانانية
العادية عند السياسي، لم يكن مهتما بمحاولة ارضاء مصالح خاصة، ولم يكن
مشغولا بصورة السياسي، كانت وظيفته كما راها هي تامين قيادة عند
القضايا الحاسمة لزمانه وصنع القرارات التي ستواجه امتحان
العصر.
سنتفحص
في هذا البرنامج كيف تعامل ايك مع وادار غالبية معاركه الصعبة على
الجبهة الداخلية في البلاد، تبدا قصتنا مع جندي عليه ان يخوض معركة على
تضاريس ارض سياسية غير مالوفة، بقوة ماكرة وغادرة قوة تتغذى على الخوف
وجنون الارتياب تكتسح الارض، قوة تهدد القيم الاساسية
لامتنا.
بدا
الرئيس المنتخب ايزنهاور التحضير لقيادته الجديدة للبيت الابيض هنا، في
منتصف كانون الاول عام الف وتسعمئة واثنين وخمسين انضم اليه مستشاروه
الاساسيون واعضاء حكومته لوضع
اساس.
لمرحلة
جديدة في السياسة الاميركية. وعدت حملة ايك الانتخابية بوضوح بانه وقت
التغيير بعد عشرين عاما من حكم
الديمقراطيين.
كان
المجتمع انذاك مجتمعا مشاكسا، كان هناك الكثير من الاعمال غير المنتهية
والفكرة السائدة باننا فقدنا التركيز والاتجاه في ذلك
الوقت.
كانت
تلك السنوات ما بين اعوام الثمانية واربعين واثنين وخمسين او ثلاثة
وخمسين من اسوا السنوات في التاريخ السياسي الاميركي. كان جو ماكارثي
قد تدبر اقتلاع كل ما انجز على الاغلب. وما كان لدينا هو وضع كل شخص
يشتبه بالشخص الاخر بكونه اما جاسوس شيوعي او محرض. كانت النتيجة ان
الكونغرس وقع في مازق كامل. وصلوا الى مرحلة بالكاد استطاعوا اقرار
الموازنات او الاموال المخصصة
الضرورية.
وحصلنا
على هذه الشخصية المدهشة التي ظهرت في ايزنهاور، كان الرجل الذي اراده
هاري ترومان ان يكون رئيسا ولكنه لم يكن من الحزب الديمقراطي. كما كان
الزميل الذي اراده الجمهوريون ان يكون رئيسا. هكذا في الحال كان لدينا
نوع من الشخصية الساحرة ولدت لدى الحزبين شعورا بان هذا الزميل هو
القائد.
اعتقد
الاميركيون بان ايك امتلك مزايا
بطولية.
كان
هناك شخص واحد يمثل النزاهة الوطنية والقدرة والبساطة، كان انعكاسا كما
اعتقدنا ان بلادنا عليه.
سرنا
بالمواكبة عبر هذا الخط، وهنا وقف الرئيس والسيدة الاولى، اندهشت عندما
رايته عن قرب. لا اعرف ما توقعته اعتقدت بانه ربما يكون عملاقا، وكان
هنا بحجمي انا، وبذات طول والدي كان يشبه
والدي.
كانت
موهبته انه لم يهتم لامر ذاته ولكنه كان ياخذ القضايا التي اثرت بهذا
البلد على محمل الجد. ولم تكن هناك اية مسائل ذاتية بالنسبة له. لم يكن
يهتم بصنع الالاعيب مع الصحافة او الراي العالم الاميركي. كان هناك
كرامة وثبات وصمود، كان ذا شخصية قيادة ولكن بصيغة غير
دراماتيكية.
كانت
ابتسامته العريضة تساوي الملايين، كان لديه ابتسامة عريضة تضيء وتشع
غرفة.
لا
جدال في ان ايك خطط من اجل ان
يقود.
كان لدى ايزنهاور ثقة كبيرة في
دعم الشعب الاميركي وهو التقدير الذي كانوا يكنونه له، لم يكن لديه
ادنى شك في ذلك. كان رجل ثقة كبيرة، لم يتظاهر بذلك ولكنه كان يعلم
جيدا ان ذلك الدعم موجود.
كان
ايزنهاور بطريقة ما رحل هادىء، هادىء بحساسية لا يمكنك ارسال الرجال
الى معركة ليذبحوا بدون ان تخطط للعواقب… كان بامكانه اتخاذ قرارات
هادئة ببرود تام. رايت وجه ايزنهاور يتحول من ابتسامة الى كتلة من
الجليد وتلك العيون الزرقاء تكاد تتجمد، يمكنك رؤية الحنق في الرجل
ولكنه كان يسيطر عليه.
لم
يكن ايك ذلك الرجل الذي يحلف الايمان او يشتم او يعلن . ولا حتى بشيء
قليل من ذلك، انا متاكد بشكل خاص ولكن كل احاسيسه الباردة كانت مركزة
في تلك العينين، واني متاكد ان هناك رجل بكل معنى الكلمة يقبع
تحتهما.
كانت
المرة الاولى التي رايت فيها ايزنهاور ليس على شاشة التلفزيون او عن
بعد في المسيرات او ما شابه، اتذكر الانطباع الذي اعتارني بشدة لهذا
اليوم. بقيت اقول لنفسي ان ذلك الرجل هو ابن عاهرة قاسي، انه ابن عاهرة
قاسي، لم استطع تصديق الامر وبالطبع شاهدت ذلك لاحقا، في التوجه العام
الذي كان يقوده من خلال اركانه، لم يكن هناك تجاوز على وقته او
صبر.
حسنا،
كان يمتلك احساسا رائعا تجاه الراي العام، لعب …….. تجاه
الامور لصالحه، لم يكن يتحرك على الارض بنزاع السياسيين . تدبر الامر
ليبقى نفسه فوق الصراع.
يعتبر
السناتور جو مكارثي بمثابة التحدي السياسي الكبير الاول الذي واجهه
ايك.
خطر
المكارثية
بدات
مشاكل ايك مع سناتور ويسكونسين خلال الحملة ضد سياسة مكارثي الداخلية،
عندما فشل ايك في الدفاع عن جورج مارشال مرشده
العسكري.
كانت
بذور الحادث فعلا عندما كان يجري تشويه سمعة مارشال من قبل الحزب
الجمهوري. وكان مكارثي يزيد من ذلك، في حين ان العديد من الجمهوريين
كانوا يحاولون القاء اللوم على مارشال بخسارة الصين وذهابها بيد
الشيوعيين. كانت هذه قضية كبيرة داخل الحرب الجمهوري. دافع ايزنهاور عن
مارشال مرتين او ثلاث مرات في مؤتمرات صحفية، في الوقت الذي كان مكارثي
يصوب نيرانه على مارشال، ولم تكن هي المرة الاولى التي برزت فيها
القضية.
لم
يعرف معظمنا، نحن في الفريق الاعلامي المتواحد على متن قطار حملة
ايزنهاور الانتخابية بانه شطب فقرة مديح للجنرال مارشال الا في اليوم
التالي بعد ان القى ايزنهاور خطابه في
ميلووكي.
بذلت
ما في ما بوسعها لتجنب مكارثي بعد خطاب ايك، ولكن مصافحة ايك السريعة
اعطت الديمقراطيين قضية رابحة للحملة الانتخابية. بات الامر ضمن
تكتيمكات استراتيجي الحملة بان ايك شطب مديحا قويا لمارشال من خطابه،
واصبح حذف الفقرة الة اخبار الصفحة
الاولى.
بالرد
كما فعله في وجه المحاجات ليس فقط من شيرم ادامس بل من كوهلر، ومن
شخصيات اولى في الحزب الجمهوري ان لا يفعل ذلك في ويسكونسين ولاية
مكارثي،. استطيع ان افهم لماذا تعجل ايزنهاور
بذلك.
فجرت حدة الحملة معركة لسنتين
بين الرئيس والسيناتور حول الوسائل التي على الديمقراطية ان تستخدمها
لمحاربة المخربين داخل
مجتمعنا.
كان
العديد من الناس ينتظرون شخصا ما ليفضح الى أي ندى كانت سياستنا
الخارجية الانتحارية تتملى من
الكرملين.
فقد
الشعب الاميركي الثقة بامانة حكومتهم في زمن انتخابات عالم الف وتسعمئة
واثنين وخمسين، لم يثقوا بما كانت تقوله قيادة الحكومة لهم، بانه ليس
لدينا مخربين وان الحكومة ليست مخترقة بعملاء اجانب، وليس هناك من
مخاطر امنية داخل الحكومة
الخ…
عندما
تسلم ايزنهاور الرئاسة، كان نجم السناتور جو مكارثي من ويسكونسن يتالق.
كان شخصية قومية، كان رئيسا للجنة تحقيق تابعة لمجلس الشيوخ فيما اذا
التسلل الشيوعي قد وصل الى داخل الحكومة الفدرالية، كان يتمتع بدعم
مجلس الشيوخ وكان بامكانهم ان يعزلوه في أي وقت
يريدون.
ولكن
في الوقت الذي وصل فيه ايزنهاور الى الرئاسة كانوا ما يزالون يدعمون
مكارثي، لذا فطالما بقي مكارثي ضمن حدود قرار مجلس الشيوخ كان
باستطاعته ان فعل ما يشاء.
طالما كان الشعب يؤمن بان
حكومته مشكوك بها، كان بامكان شخص مثل مكارثي ان يستغلها ويرهب اعضائها
وان يثير الجحيم فوق البلاد
كلها.
بالحقيقة
لم يكن يبحث عن الشيوعيين، لان جو مكارثي لما كان قادرا على ان يجد
شيوعيا واحدا يوم الاول من ايار حينما كان ستالين ما زال حيا، انه لا
يعرف الفرق بين ماركس وبين بائع مجوهرات من
ميلووكي.
ولكن
مكارثي كان يتمتع بجمهور ضخم من اتباعه ويسيطر على اصوات في مجلس
الشيوخ.
حسنا،
اخذت تحديات مكارثي تغطية اعلامية واسعة، فلم يستطع احد في الكونغرس
ديمقراطيا كان ام جمهوريا، ان يذهب الى البيت بدون ان يساله ناخبوه،
حسنا ماذا عن مكارثي؟.
هل
وزارة الخارجية مثقلة بانصار
شيوعيين؟.
انوي
الذهاب الى تلك الولايات واقدم للشعب الاميركي الصورة الموثقة الباردة
عن الخيانة في كوريا، الى أي حد توجه الشيوعية سياستنا
الخارجية.
لم
يقدم جو مكارثي أي دليل ملموس يدعم ادعاءاته، ولكم ذلك لم يوقفه على
مواصلة حملته الصليبية، كانت مرحلة غير مريحة وغير مرضية بالنسبة
لاعضاء البيت الابيض ومجلس الشيوخ فيما هو يتبجح ويهذي في كل
البلاد.
امتد
تاثير مكارثي خلف حدود اميركا.
كان
الكثير من كبار الضباط العاملين في سلك الخارجية يخافون من ان يهاجموا،
لذا عندما كنا نرسل أي نوع من البرقيات او الرئاسل الى الوطن، اسميناها
برقيات في وزارة الخارجية يتعلق باي شيء ممكن ان يخلق مشكلة كهذه. كان
علي ان اعرف انه معبر عنها باسم الشخص الاول، انا وبعدها توقع باسمي،
برقيات اخرى كانت توقع باسمك روتيني، ولكنها بصيغة نحن او السفارة واو
شيء شبيه، وكانوا يخافون من القيام بذلك لذا اذا ارادوا ان يبعثوا
للخارج كان عليهم كتابتها الي.
أي
تغطية اعلامية ضد مكارثي في البداية كانت تعني فعلا مزيدا من الجثث
والضحايا على مسرح الاحداث لانه كان يملك ، يا الهي كما تعلم هؤلاء
المارثيين الذين كانت تعج بهم العاصمة، لم يكونوا يبحثون عن دليل،
كانوا يتطلعون لتحديد هوية هدف
لهم.
تجمع
ثلاثة الاف وخمسمئة فاعل خير، وهو حشد قياسي خارج كاتدرائية سان
ماثيو.
كان
جو مكارثي قوة رئيسية في السياسة الاميركية، كان يعرفها وعرفها
السياسيون، هل كان اقوى سياسي في
البلد؟.
كان
يبدو كشخص ودي بالكامل، كان يتمتع بروح النكتة وجليس جيد على المشروب
والطعام، وكان ودودا. من عرفه احبه. ولكن فجاة اذا ما ارتكبت خطا
باعطائه مجالا صغيرا، مهما كنت فانه
يقتلك.
كان
هذا واقعا، شخص شرير حقيقي. خلف هذا المظهر الكاذب من البراءة المطلقة،
كان مجرد ولد مزارع ودود ولكنك تخطا اذا ما قلت: حسنا هذا شخص استطيع
ان ائمن له، اريد ان احادثه بدون كلفة وامنحه قليلا من الثقة. اذا فعلت
ذلك سيقتلك.
هل
تعلم ماذا يحدث اذا وقعت على هكذا
بيان؟.
لو
سمحت هل يمكنك اخباري ماذا تقرا وان تريني الوثيقة التي تقراها، اذا ما
كانت؟.
تعني
انك تريد ان تعرف اذا ما كنت ستنجو من ارتكاب الحنت باليمين قبل
اجابتك.
لم
تتمكن فرق الصحافة من الحصول على ما يكفي من ادعاءات مكارثي حول الحمر
في حكومتنا.
اعتقد
كل من ترومان وايزنهاور ان الصحافة كانت تجعل مكارثي مهما اكثر مما كان
عليه. لا اعرف الى هذا اليوم كيف كان يمكننا تجنب ذلك، كان مكارثي يقوم
بهذه المحاكمات على منبر مجلس الشيوخ. كان يرمي بهذه الوثائق بغض النظر
انها بدون معنى اذا ما شئت، داخل مجلس الشيوخ كانت هناك تحقيقات لمجس
الشيوخ. كان مكارثي ديماغوجيا ابهج صفا هائلا من الناس في هذا البلد
وكان يتلاعب على جسم من المفكرين في اميركا لا يمكن للصحافة ان
تتجاهله.
اذكر،
على سبيل المثال، عندما كنت اعمل في الصحافة ذلك الوقت، بان مكارثي لم
يجر الكثير من الاتصالات الهاتفية جيئة وذهابا الى العاصمة. وكان
زملائي من قاعة الصحافة في مجلس الشيوخ يبثون هاتفيا: مكارثي قادم الى
البنتاغون، ويبث تقرير على الهاتف وننزل لمقابلته لنرى اذا كان لديه
شيء ليقوله بعد ان غادر العاصمة منذ عشر
دقائق.
عندما
تسلمت منصب مستشار قانوني للجيش، وكنت ارغب بالذهاب الى واجب، واجب
اجتماعي في المساء، لم يكن هناك شيء لا نتحدث عنه باستثناء مكارثي، وفي
مناسبة او مناسبتين اتذكرهما كنت ذاهبا مع زوجتي الى حفلة كوكتيل وقلت
التقيت مكارثي… سالت: هل تعرفه حقا؟ اقول نعم رايته اليوم، سؤال هل
رايته؟ كان تاثيره عجائبيا اعني الرعب الذي زرعه في الناس في كل
مكان.
حافظ
الرئيس الجديد على ارائه عن مكارثي
مخفية.
كانت
المكارثة لعنة بالنسبة للايزنهاور. كرهها واحتقرها ونفر من مكارثي، رغم
انه لم يكن من النوع الذي… لم يكن محاربا سياسيا حازما، لنقل كما كان
ترومان، شعر وكان محقا بذلك، انه هو ايزنهاور سيكون الصخرة التي سيتحطم
عليها مكارثي حتما.
لذلك
الحين، كان هدف ايك هو الشيوعيين المشكوك بهم في
الحكومة.
كان
هناك دليل وافر بانه لم يكن مخلصا لمصالح بلدنا، وكان هذا كاف، الوظيفة
الحكومية هي امتياز وليست حق، ولم يكن علينا الانتظار حتى يدان شخص
بالخيانة قبل ان نعزله من منصب ثقة
وامانة.
لا
اريد الاشارة الى ان الامر كان نجاحا كاملا، لاني اؤمن على الضوء
التاريخ. تبين انه كان هناك اشخاص متحدين في ذلك البرنامج وبعض الناس
ادينوا ظلما. كما اعتقد بانهم خطر امني. والنقطة التي اريد طرحها هي ان
المسالة كانت صعبة جدا، كان الامر هكذا . كان مطلب الراي العالم،
والمطلب الاتي من الكونغرس ضخما جدا بان كل حجر يجب ان يقلب لنرى اذا
ما بقي أي مناصر شيوعي في
الحكومة.
تخوف
الاميركيون وغضبوا من ان تكون اسرارنا الذرية قد اعطيت للسوفيات، وافق
ايك مع المحاكم، على ان ال روزنبرغ يجب ان يعدموا بتهمة التجسس، رغم
اتساع التدابير المعادية للشيوعية التي اتخذتها ادارة ايزنهاور طالب
السناتور مكارثي بتحقيقات حكومية
اوسع.
قبل
ايام قليلة قرات ان الرئيس ايزنهاور عبر عن الامل بانه وقت انتخابات
عام الف وتسعمئة واربعة وخمسين سيكون موضوع الشيوعية قضية ميتة ومنسية.
الحقيقة الاصلية والقاسية والغير سارة هي ان الشيوعية قضية الان وستكون
قضية في عالم الف وتسعمئة واربعة
وخمسين.
كان
لدى المراسلين المختلفين اراء مختلفة بان ايزنهاور سيهاجم مكارثي
ليتحداه، كان شعوري الخاص بان ايزنهاور لن يقوم بشيء من تلك الامور.
ولكنه ربما اختار مناسبة يمكنه فيها القاء، بما لا يستطيعه احد، خطاب
رائع عن لا اخلاقية ولا شرعية
المكارثية.
اراد الرئيس ان يوضح بانه
يعارض التكتيكات التي يستخدمها مكارثي، وفي حزيران من عام الف وتسعمئة
وثلاثة وخمسين اعلن في كلية
دارتماوت.
كيف
يمكننا هزيمة الشيوعية اذا لم نعرف ما هي؟ لا تنضموا الى حارقي الكتب،
لا تخافوا من الذهاب الى مكتبتكم وقراءة أي كتاب. طالما ان اية وثيقة
لن تؤدي افكارنا عن الحشمة فان ذلك الرقابة
الوحيدة.
ولكن ايك لن يعترف بان مكارثي
كان موضوع ملاحظاته.
ذهلت
بشان السناتور مكارثي، هذا الانتباه الذي كان يدعيه من برامج ايزنهاور،
كان علينا ان نستيقظ الساعة السادسة صباحا لنسمع الاخبار وقال بوب: لا
يمكنك سماع الاخبار الان لانك ستشحذين اسنانك الان، مبتهجة او
باكية.
اريدت
ان يقوم الرئيس الى حد ما بدور الملكة في قصة اليس في بلاد العجائب،
براسه ويقول بوب لي: الرئيس سيمسك بالوضع ثقي
بي.
كان
طاقم ادارة البيت الابيض يتلقون كل صباح، وعلى ما يبدو انه خلال فترة
مكارثي كان موضوع النقاش دائما هو كيفية التعاطي مع مكارثي، وكان
موضوعا موضع خلاف دائم، كان هناك معسكرين منفصلين حول
الموضوع.
كان
اولئك الذين يتمنون جدا ان يقر برنامج الرئيس من الكونغرس، يحثون بشكل
دائم اولئك الذين يريدون مهاجمة مكارثي ان لا يهاجموه، صاغ احدهم
القضية بوضوح فعلا كما يلي: ان عدونا ليس مكارثي، اعداؤنا هم اولئك
الديمقراطيون الذين لا يرديون التصويت لصالح برنامج
الرئيس.
حتى
شقيقه ميلتون، الذي احاله ايك على التقاعد كان يرغب في ان يغير ايك سياسته تجاه مكارثي، راي
شيرر (ان بي سي نيوز): رغب ميلتون ان لا يذكر ايك اسم مكارثي، اراد ان
لا يعطيه هذه العلنية، ولكي لا يبدو الامر وكان ايك متذبذب مع
مكارثي. زلكن خلف الكواليس كان ميلتون متورطا بثقل في تحركات
عديدة.
عندما
ايقن ايزنهاور بانه لن يستطيع اقناع القادة الديمقراطيين او الجمهوريين
في مجلس الشيوخ لاضعاف سلطة مكارثي على لجنة التحقيقات، شعر بان عليه
ان يتخذ توجها غير مباشر. لذا انتدب عددا منا لصياغة برنامج بديل لما
اسميناه المكارثية.
كان
علينا ان لا نحول هذا النقاش الى نزاع شخصي بين ايزنهاور من جهة
ومكارثي من الجهة الاخرى، لان مكارثي يحب ذلك ويمكن ان يستفيد من
الامر. فليس لديه افضل من ان يجلس في مبنى الكونغرس ويهاجم الرئيس، ولن
يدخل الرئيس في هكذا نوع من الخصام مع ظربان
اميركي.
النقطة
الاخيرة هي ذلك الجزء من الاستراتيجية وهو جزء لم يكن ليظهر حينها،
ولكنه كان عملا من خلال ضباط موثوقين يوما بعد يوما، ساعة بعد ساعة
لايذاء مكارثي بكل طريقة ممكنة نستطيعها خلق الكواليس او بالسر وتحت
الطاولة.
كان
الجيش الهدف التالي لمكارثي، ولم يكن وزير الجيش ستيفنز قادرا على
مضاهاة مكارثي.
حاولت
المجموعة مساعدة الرئيس في تنظيم المعارضة لمكارثي وتوصلنا الى استنتاج
بانه بات لدينا اسلوبا في مهاجمة مكارثي لم يكن لدينا من قبل، وكان ذلك
انه امعن في مهاجمة الجيش وتعقيد عملياته واتهام أي شخص يقع عليه نظره
بانه شيوعي، وهكذا امتلكنا اساسا شرعيا لاول مرة في الفرع التنفيذي
لملاحقة مكارثي، علمنا بانه هاجم جنرالات في الجيش خدم معهم ايزنهاور
في اوروبا، ورغم ان مكارثي كان يعلم كم هؤلاء الجنرالات كانوا اميركيين
وطنيين جيدين الا انه بدا بوصفهم
شيوعيين.
فجاة
كان مكارثي هو الذي يحقق معه من قبل لجنته
الخاصة.
تمتع
مكارثي بفرصة كبيرة، هذا كل ما اراده، ولم يتوقع ابدا التصادم الذي
اراد اظهاره بالطريقة التي
حدث.
ومن
اجل ان نوضح جيدا لماذا حصل هذا الاستجواب، من الضرورة بالنسبة لي ان
ارجع بالمشهد الى الجنرال دايفيد شين، مستشار اسبق
للجنة.
اتهم
مكارثي باستغلال مركزه السياسي، لتحقيق مكاسب لصالح مشروع عضوية في
الادارة.
دافع
مكارثي املا ان يفضح تامر البيت
الابيض.
ادليت
بشهادتي لمدة اربعة او خمسة ايام وعلمت بانهم سيتناولون موضوع مؤتمري
الصحفي مكتب الحاكم العام، ذهبت الى احد اصدقائي وكان اعلى رتبة مني في
وزارة الدفاع، وقلت: لا اعلم ما افعل حول هذا، لا استطيع ان اكذب اذا
ما سالوني من كان حاضرا ذلك الاجتماع؟ وقال لي: اعترف عنهم جميعا،
سحقا، لماذا تكون لوحدك؟ اعترف عنهم جميعا لم اخطط لفعل ذلك ولكني
اعتقدت ان ذلك ما كان يجب ان
افعله.
كان
يمكن ان تكشف حملة ايزنهاور السرية من البيت الابيض اذا ما واصل ادامز
شهادته، وكان يمكن ان تطال التحقيقات رجال الرئيس لولا اتخاذ خطوات
دراماتيكية.
وصلتني يوم الاثنين رسالة
موقعة من الرئيس تؤكد وتصر على حق الامتياز التنفيذي، ورفعت هذه
الرسالة الى اللجنة، سالني رئيس اللجنة بغضب اذا ما كنت جاهزا للشهادة
اكثر حول الموضوع، قلت: لدي هذه الرسالة واريد ان اقراها لك. قراتها له
وقلت انها موقعة من دوايت د. ايزنهاور وقلت: بالنظر الى ذلك لا استطيع
ان اشهد بعد حول ذلك الاجتماع.
بالطبع
اثار ذلك حنقهم ولكن لم يكن باستطاعتهم فعل أي شيء حيالها لانه كان لدي
اوامري وكان ذلك نهاية الامر. لم يكن ذلك نهاية الاستماع للشهادات ولكن
ذلك كان نهاية النقاش حول مشاركة البيت
الابيض.
استهدف
قرار الرئيس باستحضار حصانة الوزراء نادرا ما استخدمت منع مكارثي من جر
موظفي البيت الى وسط حلبة
سيركه.
السيد
الرئيس، علي ان اعترف باني في حالة من فقدان ما يمكن فعله في هذه
اللحظة، من كان مسؤولا عن هذه القضية وسمح للشيوعيين ان يتواصلوا في
مشروعاتنا الدفاعية، سيدي الرئيس يمسكون بمواد عالية السرية، كما قلت
سابقا، سكين حاد مسلط على الشريان الحيوي لهذه
الامة.
كان
قرار الرئيس عنيفا متطرفا، قرارا للتنفيذ قضى على مؤونة وذخيرة مكارثي،
فلم يعد لديه اية شهادات اضافية من الحكومة، او وزارة الخارجية او
الجيش او أي شخص اخر. ووصل الامر الى ذروته بهذه الطريقة ولم يهاجم
مجلس الشيوخ قرار ايزنهاور، رغم انه كان متطرفا جدا لانهم باتوا مقنعين
حينذاك بان مكارثي اصبح عائقا.
جرت
عملية استماع مكارثي لشهادات الجيش ببطء لتصل بلحظة معينة الى مجرد
تغطية تلفزيونية تقليدية على الهواء تغطي التكتيكات السخيفة لمكارثي
التي فضحها محامي الدفاع عن الجيش جوزف
ولش.
في
نهاية المطاف، هل تركت شيئا من الاحساس
بالحشمة؟.
فجاة،
ظهرت معاداة مكارثي للشيوعية كانها ليست سوى مسرحية سياسية من اجل
السلطة.
كان على مجلس الشيوخ في نهاية
الامر ان يقر بان هذا الامر ذهب بعيدا، حيث تاذى العديد من الناس بعضهم
دمر، والغالبية ابرياء، واقر بان اجراءات اللوم والتقريع يجب ان تتخذ
بعد الاستماع لشهادات مطولة ضد جو
مكارثي.
تحركت
لجنة التقريع في مجلس الشيوخ بحذر، فما زال مكارثي يملك الكثير من الداعمين، بمن
فيهم قيادة الجمهوريين في مجلس
الشيوخ.
بعد
السماع للشهادات قدمت التوصية الى مجلس الشيوخ بانه يجب اتخاذ هذه
الدرجة الحادة جدا من التقريع ضد جو مكارثي. وبالتصويت ابتهج ايزنهاور
ولكنه ايضا استاء بعمق. فالاصوات الاثنا وعشرين المؤيدة لمكارثي وضد
التقريع كانت اصوات الجمهوريين، حيث انقسم الحزب نصفين اثنان وعشرين مع
التقريع واثنان وعشرين ضد. انزعج ايزنهاور جدا من هذا وانزعج بشكل خاص
لان معظم قيادة الجمهوريين في مجلس الشيوخ صوتت لصالح
مكارثي.
انتهى
يوم مكارثي، وكما زعم ايك فان الشيوعية داخل الحكومة لن تكون قضية
رئيسية في انتخابات الف وتسعمائة واربعة
وخمسين.
لم
يعد مكارثي صاحب شعبية على الاطلاق، لم ياسف احد عليه ولم يعيره احد
الانتباه، لم يسمعوا له، لم يرغب المرشحون في حملة الف وتسعمئة واربعة
وخمسين بان ياتي الى ولايتهم او مقاطعاتهم ليخوض الحملة من اجلهم، لقد
انتهى امره.
ساحات
معركة الحقوق المدنية.
شكلت
عملية الفصل العنصري قضية محلية رئيسية اخرى واجهت الرئيس روزفلت في
بداية عهد رئاسته، لم تكن هذه المسالة لتحل سريعا او بسهولة، سمح قرار
من المحكمة العليا في عام الف وثمانمئة وستة وتسعون للولايات بفضل
المرافق العامة عنصريا.
كان
علينا خوض هذه المحاولة للقضاء على الفصل العنصري بكل ما كان من اسلحة
شرعية في متناول يدنا.
كان
قانون الارض من صنع فيرغسون، وسرنا عليه جميعا في الولايات الجنوبية
السفلى، وبخوض هذه المسالة كان هناك فصل عنصري في
الشمال.
كان
الفصل العنصري موجودا في قسم كبير من البلاد، بسبب القرار الذي اتخذته
المحكمة العليا في عام الف وثمانمئة وستة وتسعين، الذي قضى بان المادة
الرابعة عشرة المعدلة من الدستور يجب ان تفسر بالسماح للفصل العنصري في
كافة المرافق العامة. تربى العديد من الاجيال الاميركية على الاعتقاد
بان هذا الامر دستوريا بل هو الحالة العادية لشؤون
البلاد.
كان
الفصل العنصري كاملا بالمطلق في نيو اورليانز وفي أي مكان اخر في
الجنوب البعيد. كانت المدارس المثال الاكثر وضوحا للفصل العنصري ولكنه
امتد في كل مكان.
من
الصعب اليوم استجماع ما كان عليه الوضع العرقي في الولايات المتحدة.
فمدينة واشنطن د. س عاصمة الامة كانت تعيش فصلا عنصريا كاملا. فما كان
بامكان أي اسود ان يدخل الى فندق في واشنطن او ان ياكل في مطعم من
الدرجة الاولى في واشنطن. لم يكن بمقدوره السود ان يحضروا مسرح، ولا ان
يذهبوا الى مسابح عامة وميادين
البولينغ.
عندما
التقيت الرئيس ايزنهاور في باريس قبل عام من ان يصبح رئيسا ناقشنا
المسائل التي يجب ان تتضمنها الحملة الانتخابية ، واحدة منها كانت
بالتاكيد الحقوق المدنية.
لعشرين
عاما وقادة حزي الادارة في واشنطن وهم يقدمون الوعود ولعشرين عاما
تتحمل الحكومة في واشنطن ومقاطعة كولومبيا مسؤولياتها. ومع ذلك بعد
عشرين سنة ما زال الفصل العنصري موجودا في عاصمة امتنا. لا يمكن لان
يكون هناك اميركيون من الدرجة الثانية الى كنتيجة لامر من الدرجة الثانية.
عين
ايزنهاور بعد فوزه بتسميته مرشحا، زنجيا في فريق حملته
الانتخابية.
قبل
ايام قليلة من عيد العمال في عام الف وتسعمئة واثنين وخمسين، تلقيت
برقية من رئيس اللجنة القومية للحزب الجمهوري يبلغني فيها ان التحق
بطائرة ايزنهاور، طائرة الحملة الانتخابية في مطار لاغوارديا عند
الساعة الرابعة من اليوم الذي يسبق عيد العمال لان ايزنهاور سيتوجه
غربا لالقاء خطبه الاولى.
يمكنك
ان تتصور في ذلك اليوم، في ظل شعبية الجنرال والاجراءات الامنية
المشددة، كيف يمكنني ان اصل الى مطار لاغوارديا بمجرد قطعة ورق وان
اقنع البوليس وكل شخص اخر بانه من المفترض علي ان التحق بطائرة الجنرال
وان اطير معه الى أي مكان يتوجه في ذلك الوقت
المحدد.
السبب
الوحيد الذي مكنني من الوصول للطائرة هو مرور صحافي من جريدة نيويورك
تايمز الذي ساعدني في اقناع البوليس بان الورقة شرعية ليسمحوا لي
بالمرور.
استمر مورو مع ايك خلال الحملة
الانتخابية.
لم
يكن ايزنهاور يريد للحقوق المدنية ان تتقدم وفق نمط ايديولوجي يتناول
قسما من البلاد واستخدامه لسحق القسم الاخر وينتهي بكثير من النزاع،
اول ما فعله عندما تسلك الرئاسة هو ان يقوم بالامور ضمن سلطات الرئيس
لدفع الحقوق المدنية الى
الامام.
عقدنا
اجتماعات مع اصحاب المخازن الكبرى ومحلات المشروبات او المسارح وكنا
نشجعهم على تغيير سياساتهم
بقيامنا ذلك وبتشجيع من الرئيس ايزنهاور لاننا كنا نتكلم باسمه
تمكنا من انماء الفصل العنصري في واشنطن د. س. ولكن باقناع وحث
هادىء.
تدخل
ايزنهاور شخصيا في الكثير من الحالات، فعلى سبيل المثال بما يتعلق
بالمسارح حيث كان الفصل العنصري يطبق بدرجة كبيرة علنا، دعا ايزنهاور
كبار اصحاب دور السينما والمنتخبين الى البيت الابيض، وتحدث معهم،
ونتيجة ذلك تمكن من ازالة الفصل
العنصري.
عندما
وصلت اليها عام ثلاثة وخمسين، كانت واشنطن تعيش حالة فصل عنصري صارم،
فاين علي ان اقيم؟ اين يجب ان اتناول الطعام؟ ماذا يجب ان افعل بعد
الظهر؟ او اذا خرجت من البيت الابيض اين علي ان اذهب لتناول الغذاء…
واسئلة كثيرة من هذا النوع؟ لحسن الحظ ان الرئيس والسيد ادامز ادركوا
بعض هذه المشكلات وجعلوني عضوا من رفاق مائدة البيت الابيض
مباشرة.
ولكني
كنت اريد فقط ان يملك الناس نظرة لما يعني ان اكون في ذلك النوع من
المنصب، أي عضوا في فريق عمل رئيس الولايات المتحدة، ومه ذلك لم يعني
ذلك الشيء الكثير في الخارج اذا ما كنت من اللون
الخاطىء.
عندما
توفي كبير القضاة فينسنت، كانت لدى الرئيس فرصة ايؤثر في شيوعية الفصل
العنصري الذي تحداه لاحقا في المحاكم
الفيدرالية.
عين
الرئيس ايزنهاور حاكم ولاية كاليفورنيا ايرل وارين، كبير قضاة المحكمة
العليا.
لم
يسال ايزنهاور ابدا وارين كيف عليه ان يصوت على أي موضوع خاص او ماذا
يجب ان تكون ارائه حول اية قضية تبرز امام المحكمة، احترم الرئيس
استقلالية القضاء لذا قيم وقدر وارين على اساس من شخصيته ومهاراته
الشرعية وسجله في وظيفته
العامة.
بعد
اشهر قليلة، اسقطت المحكمة العليا حكمها الصادر عام الف وثمنمئة وستة
وتسعين الذي سمح بما يسمى مرافق عامة منفصلة ولكن متساوية، دمر هذا
القرار الاجماعي القانون القضائي بالفصل العنصري واثار احداثا هزت
الامة.
استطيع
القول، انه في غضون وقت قصير بدا واضحا ان الجنوب لن يقبل الدمج، خاصة
اولئك السياسيون الذين يديرون حكومات في الولايات الجنوبية، لن يقبلوا
بالغاء الفصل العنصري.
اصبح
موقف الرئيس حول القرار مادة الكثير من
المحاورات.
امتلك
الرئيس العديد من الاصدقاء الذين لهم علاقات وروابط عميقة في الجنوب،
وشوهد في العاب الماسترز ونادي اوغستا الوطني للغولف، في اوغستا بولاية
جورجيا حيث كان يجب ان يذهب في عطلة نهاية الاسبوع ويلعب الغولف،
تحدثوا اليه وكانوا معارضين للقرار
بجزم.
كثيرا
ما كان يسال ايزنهاور مباشرة بعد كل مؤتمر صحفي وكل زيارة، بشكل خاص
وعلنا، عن شعوره تجاه القرار، ولا لمرة واحدة جيّر قرار المحاكم
لمصلحته.
كلا،
لا اعتقد اني ساعلق عليه.
كان
ذلك جزئيا بسبب انه كان متعاطفا مع ادارات مدارس الجنوب، والقادة
الجنوبيين لكونهم انتقدوا بسبب المدارس المفصولة عنصريا في الجنوب.
واشار الى ان الامر يعود الى المحكمة العليا نفسها، لحين اقرت المحكمة
في قضية براون ضد مكتب التعليم عام الف وتسعمئة واربعة وخمسين بان
المدارس المفصولة والمتساوية كانت
دستورية.
اعتقد
ايك انه من غير المناسب للرئيس ان يعلق على أي قرار قضائي من المحكمة،
ولكنه اعتقد ايضا ان دمجا عنصريا متسرعا يمكن ان يقود الى نزاع
اجتماعي.
لم
يدرك معظم الناس بان المحكمة لم تتخذ أي شيء اكثر من المبدا. وتركت
الامر لاتخاذ القرار في قضية منفصلة مسالة كيفية تطبيقه، هل سيمنحون
السلطات لفرض القرار الى وزارة العدل او الى الولايات او الى المحاكم
او ماذا؟ لذا فان مسالة فرض القرار التي طرحها براون بقيت مشلولة لمدة
سنة كاملة.
قررت المحكمة العليا اخيرا بان
اعادة الدمج العنصري ستكون من مسؤولية القضاة الفيدراليين وليس من
مسؤولية وزارة العدل التي يراسها
براونيل.
ساهمت المحكمة العليا فعليا في
نمو المقاومة في الجنوب من خلال الاستخدام غير المناسب لتعبير بانه يجب
ان يجري الدمج بكل السرعة الحثيثة، ولادارات المدارس وحكومات الولايات
لان ينقلبوا على كعبيهم وانقلبوا على كعبيهم بافضل ما
يمكنهم.
اصدر
مئة وخمسة اعضاء من الكونغرس بيانا سمي (بيان الجنوب) قالوا فيه انهم
بالواقع لن يقدموا اية مساعدة لتطبيق او فرض مشروع براون وانهم يعارضوه
وبانه غير دستوري وانهم سيعملون من اجل عدم فرضه
بالواقع.
استجابة
لذلك، اعاد الرئيس النظر في رايه الاساسي حول القانون ودوره في
دعمه.
اعلنت
رايي شخص عدة مرات قبل الانتخابات، حاولت ان ابنيه حينذاك حيث تمتد
السلطة الفيدرالية بوضوح . سابذل قصارى ما يقع في نطاق صلاحيتي لاحياء
هذا التعبير من المساواة بين جميع الرجال الذين هم مواطني هذا
البلد.
اوضح الرئيس التزامه بحكم
المحكمة العليا من خلال تعيينه عدة قضاة فدراليين في الجنوب الاقصى
يدعمون القرار بصلابة.
لماذا
كان ذلك مهما؟ حسنا لسببين: اولا كانت تعيينات لمدى الحياة، وثانيا من
اجل فرض قوانين الحقوق المدنية يجب ان يكون لديك قضاة يعملون لمصلحة
الحكومة. اما اذا كان لديك قضاة يعكسون وجهات نظر حكام الولايات الذين
بمعظمهم كانوا ضد هذا وغالبية الشيوخ كانوا الى جانب الفصل العنصري،
يعني اذا كان لديك قضاة من ذات الاتجاه يكون من الصعب فرض قوانين
الحقوق المدنية.
بدا براونيل يتحرك خلف المحاكم
في المعركة ضد افصل العنصري.
اثارت
قضية ايميت تيل، وهي اغتيال ولد اسود في ميسيسيبي، الالاف والالاف من
الرسائل التي وصلت الى وزراة العمل، لماذا لا تفعلون أي شيء حيال
القضية؟ وكان علينا ان نرد على تلك الرسائل بانه ليس لدينا سلطة. لم
يكن لدى الحكومة الفيدرالية سلطات لفرض قوانين الجرائم الخاصة
بالولايات منفردة، وحتى لو لم تفرض الولاية المنفردة قوانينها الخاصة
ضد جرائم من هذا النوع، فلم يكن لدى الحكومة الفيدرالية صلاحية شرعية
لفعل شيء.
مع
ان مقتل تيل اغاظ براونيل، تغيرت الكثير من العقول، حصل الحاكم العام
على موافقة ايك لطرح عريضة قاسية بشان الحقوق المدنية عام الف وتسعمئة
وستة وخمسون.
انتهت المعركة بوضع وزارة
العدل تشريعا جديدا للحقوق المدنية استمر للسنتين الاخيرتين التي بقيت
خلالهما بمنصبي، كانت معركة مريرة افقدتني تعاون معظم اعضاء مجلس
الشيوخ من الجنوب الذين اعتبروا هذا التشريع الاكثر اهمية لعدة سنوات
وكانوا على استعداد للنضال والموت من
اجله.
دعمنا
نحن الذين كنا في الجناح المعتدل للحزب الجمهوري بشدة الدفعة التي
اعطاها الرئيس روزفلت لتشريع الحقوق المدنية، كان هناك بعض الجمهوريين
من اليمين المتطرف، لم يوافقوا عليه. وبالطبع كان العديد العديد من
الديمقراطيين المحافظين في الجنوب اكثر معارضة لتوجه ايزنهاور عن
الحقوق المدنية من أي عضو
جمهوري.
لم
يكن الديمقراطيون الليبراليون المتطرفون سعداء بان ايزنهاور لم يصل الى
حد التورط والقتال بشراسة من اجل ورقة تشريع
متطرفة.
ولكن
الحقيقة ان ايزنهاور امتلك حسا عاما وشعورا اكثر تشريعيا بان الطريقة
الافضل هي المواصلة خطوة خطوة في
العملية.
لو
اراد الحاكم العام بتلك الصلاحيات التي تتمتع بهذا هذه العريضة لتحرك
الى الجنوب خلال ليلة ليفرض بالقوة دمج المدارس ودمج الاعراق في كل
اماكن المتعة العامة، لادى ذلك الى واحدة من اكثر الظروف ماساوية تراها
البلاد، لوقع احتكاك وصدامات ونزف
دم.
لقد
كان ميثاق الحقوق المدنية وثيقة حقيقية، ولم يكن وثيقة خرساء، لذا بعد
المعركة بين براون ومكتب التعليم، سرعان ما انتشرت موجات الكبرياء
العنصري في المناطق الجنوبية، كانت قضية متفجرة، تلقيت العديد من رسائل
التهديد، تقول انت تعلم فعلا بان هذه ستكون اخر دورة لك في الكونغرس
اذا ما صوت لصالح ميثاق الحقوق
المدنية.
اسقط
مجلس الشيوخ ذات الاغلبية الديمقراطية وثيقة براونيل، اثنى ايك على
التشريع المهزوم اثناء حملته الانتخابية لعام الف وتسعمئة وستة وخمسين
مؤكدا المكاشفة والحسم مع النواب الديمقراطيين بعد الانتخابات، لم
يحاول ايك ان يتفادى القضية.
كما
تعلمون اعتقد، اننا قمنا بتصفية كل اشكال الفصل العنصري الذي اعرفه على
الاقل على مستوى الرسمي في واشنطن، حاولنا تصفيتها في كل المعاملات
الحكومية وصفيانها في الخدمات
وهكذا.
كنت
ننجز ذلك بهدوء، باتت هذه القضية اخيرا في القلب كما هي في العقل،
علينا ان نتفهم كل وجهات نظر الاخر، يجب ان نكون متسامحين ولكن علينا
ان نتقدم.
كان على ليندون بانيز جونسون،
زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ ان يقرر مصير ميثاق الحقوق
المدنية.
كان
السيناتور جونسون ينتظر فرصة عندما شعر بانه يمكن ان ينجح، مرة اخرى
يجب ان اشير بانه لم يكن يريد مقارعة طواحين الهواء. لم يرد ابدا ان
يرتكب فعلا عقيما، لم يرد ان يكون بطلا في هزيمة. لم يؤمن بذلك ابدا،
امن بانتصارات سياسية وليس بخسائر
سياسية.
اتذكر
حواره مع ديك روسل وشيوخ اخرين من الجنوب، خاصة السيناتور روسل الذي
شعر باصالة ان تحرير هذا التشريع كان بالفعل ضربة لن تتمكن ولايته
جورجيا والجنوب الشفاء منها.
ومع
ذلك، شعر السيد جونسون ان الوقت قد
حان.
لم
تكن الاصوات في مجلس الشيوخ، والجنوبيون كانوا شيوخ اقوياء وعنيدين، لم
يعق ريتشارد روسل واخرون تشريح الحقوق المدينة فقط بل ان بمقدورهم
اعاقة أي شيء يريده ايزنهاور.
واخيرا،
وصل موضوع الحقوق المدنية في منتصف عام الف وتسعمئة وسبعة وخمسين الى
التصويت الشامل في مجلس
الشيوخ.
احرز
ليندون جونسون نوعا ما من الاتفاق من جانب ديك روسل وبعض اولئك
الجنوبيين بان لا يلجاوا الى التعطيل، وان لا يتحدثوا بذلك على المنبر،
شعر بان الحاجة هناك، كان هذا عندما اتذكر رؤية سيادة ليندون جونسون في
مجلس الشيوخ، واعتقد ان ايزنهاور اظهر ذكاء
معينا.
نسقا
الميثاق معا وطرحاه على مجلس الشيوخ ودعم جونسون ايزنهاور ولكن
ايزنهاور بقي خارج اللعبة
بالاساس.
اتذكر
دائما الليلة التي اجيز فيها. الانشداد بقي قائما حتى منتصف الليل
تقريبا. هي سيمر؟ بالطبع كان سيمر. صمم جونسون على
ذلك.
قدم
جونسون الاصوات ولكن بشرط الغاء سلطات الفرض التي كانت تتمتع بها وزارة
العدل.
قسم
التصويت على القانون اجازه، ولكن هناك جزء هام، ما يسمى بالمقطع الثالث
من القانون، كما بات معروفا فقد اسقط تحت قيادة ليندون جونسون الذي
ادعى بان هذه الفقرة تعطي صلاحيات اكثر للحاكم العام وتاخذ الكثير من
صلاحيات الولايات.
انتهى
الصراع المرير حول تشريع الحقوق المدنية بانتصار جزئي لصالح براونيل
وايزنهاور ولكن الاحتجاجات والعنف
تواصلا.
توفر
خطتنا في وزارة العدل لحالات الطوارىء بانه في حالات التهور الميؤوس
منها يصبح من الضروري ارسال قوات فيدرالية للتدخل. بدا الامر وكانه
تكرار لايام اعادة البناء بعد الحرب الاهلية، ولكن ماذا عليك ان تفعل
اذا كان هناك مواجهات قصوى؟.
كان
ايزنهاور حذرا من خطة الطوارىء تلك، ولكنه قال علنا بانه لا يستطيع ان
يتخيل أي وضع عليه ان يرسل قوات للتدخل لفرض قضية براون ضد مكتب
التعليم.
مع نهاية الصيف توجه ايك بشوق
الى رود ايلاند لقضاء عطلة متاخرة، سنة مدرسية جديدة صعبة على وشك ان
تبدا في الجنوب، قررن محكمة فيدرالية في ليتل روك بان تسعة طلاب زنوج
يجب ان يسمح لهم بالالتحاق بالمدرسة الثانوية
المركزية.
رحب
حشد من الغوغاء بالطلاب في اليوم الاول، ورفض حاكم الولاية ان يحترم
قرار المحكمة بالدمج.
لذلك،
ان النتيجة الحتمية يجب ان تكون المدارس في بولاسكي كاونتي يجب ان تعمل
في الوقت الحالي على ذات الاسس التي عملت بها في
الماضي.
صرف
الحرس القومي في اركنساس الطلاب، اعتقد الرئيس في البيت الابيض الصيفي
بانه سيعقد صفقة مع الحاكم لتسوية سليمة ولكن فاوبوس ذهب الى البيت
وانعزل معيقا المناسبة.
قرر
ايزنهاور ان الوقت حان لقطع عقدة (غورديوس) واظهار ان الحكومة كلية
القدرة في هذه المنطقة الان.
خلقت
ازمة دستورية حول دمج مدرسة محلية، تحرك الرئيس بسرعة وبحزم من اجل
تاكيد وتثبيت سلطة الحكومة الفيدرالية، فعاد الى المكتب البيضاوي جاهزا
لحل القضايا.
القاعدة
الاولية لحقوقنا وحرياتنا الفردية تقوم على الحقيقة التي سوف يدعمها
الرئيس والفرع التنفيذي من الحكومة وضمان تنفيذ قرارات المحاكم
الفيدرالية وحتى عند الضرورة بكل الوسائل التي بامرة
الرئيس.
تم
تدريب القوات الضاربة مئة وواحد المجوقلة للسيطرة على هكذا وضع فقط في
المواجهة بين الحكومة الفيدرالية والولاية المعنية حول دمج المدارس،
صدم الاجراء العنيد الذي اتخذه ايك مقاطعة ليتل روك والامة باسرها،
امنت القوات المجوقلة الاذعان لقرار المحكمة الفيدرالية فجرت مواكبة
الطلاب من قبل القوات المجوقلة المسلحة من بيوتهم الى داخل الصفوف كل
يوم.
هذا
هو جوهر مغزى قرار ايزنهاوي بشان ليتل روك، بات واضحا لكل الحكومات
المحلية بان الحكومة الفيدرالية ستكون هي المسيطرة في
النهاية.
التقى
ايك بقادة زنوج في البيت الابيض من اجل تقوية وتعزيز ارائه حول الحقوق
المدنية في وجه العنف المتواصل، اعطى هذا اللقاء الذي يحدث لاول مرة
بين رئيس وزعماء السود في مقر السلطة السياسية للامة مصداقية جديدة
لحركة الحقوق المدنية.
كان
هناك شعورا مختلف من الامل بعد المؤتمر الذي عقدناه عندما التقت قيادة
الزنوج بالرئيس، بات لدينا اسفينا واصبح لدينا صدعا من الباب، اصبحنا
نتحدث الى الحكومة بحرية اكثر من
السابق.
المعركة
من اجل موازنة متوازنة.
كانت
سنوات ايزنهاور في البيت الابيض هي سنوات ليندون جونسون في مجلس
الشيوخ.
اصبح
جونسون في ذلك الوقت زعيم مجلس الشيوخ بلا منازع، وكان السيد رايبورن
بلا جدال يمتلك السلطة في مجلس النواب، كان فريدا ومتميزا في السيطرة
والدعم الذي لديه في مجلس
النواب.
لذا،
وجد الرئيس نفسه بحاجة للحديث الى هكذا شخصين، كان يستدعي زعيم
الاغلبية ليندون جونسون ورئيس مجلس النواب رايبورن الى البيت الابيض
ويتفقوا على البرنامج الذي سيدعموه، وكان الرئيس يرتاح مطمئن البال
بانهما سيطرحان المشروع
ويؤيدانه.
لا
اعرف وقتا لم يكونوا فيه متفقين، قليل من الدمدمة او التذمر الان او
لاحقا، ولكن رغم ذلك عندما يرون المصلحة القومية الواضحة، كان رايبورن
ولنيدون جونسون ينضمان الى ايزنهاور ودعني اقول لك انها كانت مجموعة
هائلة.
القيادة،
هي كلمة ومفهوم جرى الجدل حولها اكثر من أي شيء اخر اعرفه، انا لست
واحدا من صنف خاملي المكاتب الذي يرغب في ميل حنكه ويبدو كانها يدير
العرض. اني ارغب اكثر في البحث عن والاعتراف بسلاسة ومتطلبات الطبيعة
البشرية. ولا احاول حث رجل على السير بخط مستقيم لانه اذا حثثته
سيتصلب، واذا ارعبته، سيتوقف طالما انا مرعبه ولكنه سيمضي بعد
ذلك.
كان
ايزنهاور قادرا على ان يكون زعيما مؤتمرا جدا بطريقة ثنائية الحزبية،
ليس فقط لانه كان شخصا لامعا حذقا بل لان كان لديه تلك المصداقية
الشمولية كرجل قاد قواتنا الى النصر في الحرب العالمية الثانية في
اوروبا، كرجل يبني السلام في الوقت الحاضر، وكان محترما في كل انحاء
العالم، ذلك ما قاله رجال الكونغرس والشيوخ، من الافضل ان ندعم هذا
الرجل، ندعمه اولا لانه محق بلا شك، ولكن دعموه، ثانيا لانه اذا لم
ندعمه سيحسبها علينا الناخبون.
عندما
اقسم ايك اليمين كرئيس في عالم الف وتسعمئة وثلاثة وخمسين، واجه عجزا
في الميزانية العامة، وثمن تحقيق قوة محاربة واسعة في كوريا ومصاريف
متزايدة ارتباطا بحرب باردة طويلة ضد السوفييت، الذين بدوا راغبين في
وضع معظم مواردهم في التسلح.
يتوجب
علينا كافراد وكامة ان نتقبل بارادة التضحيات المطلوبة منا مهما كانت،
الشعب الذي يضع امتيازاته فوق مبادئه سرعان ما يخسر الاثنين
معا.
خاف ايك من ان يخسر حربا
اقتصادية مع الاتحاد السوفياتي اكثر من أي
شيء.
تعرض
ايك لضغط كبير من المجمع العسكري الصناعي، كما اصطلح على تسميته، ولكنه
كان فعلا على ما اعتقد، اقرب لان يكون كثير الهواجس حيال فكرة بانه لن
يذهب الى ايقاع البلاد في افلاس عندما لا يرى الحاجة
لذلك.
فسح
العتاد الحربي لاربعينات القرن الذي استخدم للقتال في حرب تقليدية
الطريق امام ثورة الاسلحة المكلفة في الخمسينات، تتطلب هذا التحول
الدراماتيكي تفكيرا جديدا حول مسؤولية الموازنة
السنوية.
تشكلت اراء ايزنهاور فعليا من
قسمين، احدها تقديراته حول الاحتياجات الفعلية، ولكن هذه الاراء كانت
محكومة بمشاعره حول النفقات توازن الموازنة وغيرها. لذا كان هنا نزاع
فعلا بين ايزنهاور والكونغرس ومع الصحافة اتي دعمت الكونغرس كثيرا حول
هذه القضية. اذا كنا ننفق او لا ننفق اموالا
كافية.
شكل
كل هذا المجمع من الاشخاص، المجمع العسكري الصناعي كما اسماه لاحقا،
لوبي ضاغط بشكل اساسي على الرئيس لمصلحة ودعما لاولئك الذين يريدون
زيادة الانفاق وزيادة مجال البرنامج التكنولوجي العسكري الشامل، خاصة
برنامج الصواريخ وعسكرة
الفضاء.
اهتم
الرئيس كثيرا بان الولايات المتحدة سيكون لديها قوة عسكرية، وطاقة
عسكرية قوية التي ستحتاجها لفترة من الزمن بتكلفة خمسة وثلاثين بليون
دولار سنويا، وكانت هذه
دولارات ذات قيمة في تلك
الايام.
القسم
الاخر كان شعوره بان اية زيادة في الانفاق العسكري ستضعف اقتصادنا
لغاية غير سليمة، وبان اقتصادا قويا كان العماد الاساسي على مدار فترة
طويلة من الزمن لوضع امني قوي.
اندفع ايزنهاور بطريقته
الهادئة ولكن الحازمة بصعوبة من اجل ميرانية سنوية، وماثرته في ذلك
كانت ان علينا ان نعمل شيئا ما حول نفقات اليوم والا اننا سنخلف دينا
فيدراليا ضخما غير متوازن كارثي حقيقي للاجيال
اللاحقة.
في
حديثه مع القادة العسكريين كانه يقول لهم ان يتطلع اليهم للمجيء
بموازنة تتلائم مع احتياجاتنا الامنية القومية، وتكون ملائمة لايقاف
الشيوعيين، ولكن يجب ان لا تكون، كما اراد غالبا ان يضعها مثقلة باكثر
من ذلك.
كان
الرئيس حذرا من قوة الاتحاد السوفياتي، واهدافه التوسعية وسعيه لمساواة
تكنولوجية مع الولايات المتحدة، عرف ايك بانه سينتصر على الديمقراطيين
في الكونغرس المعتادين على عدم توسيع البرامج الفيدرالية بصفقة جديدة
الطراز الى رايه عن قوات مسلحة اقل ولكن متطورة تكنولوجيا ومبادرات
محلية محدودة.
لم
يقل شيئا ضد الديمقراطيين. اراد ان يجذبهم واثناء مفاوضاته مع الكونغرس
لم يلتحم معهم، احيانا لحد اثارة سخط بعض زملائه ولكن كانت له اساليبه
وحصل على نتائجه المبتغاة.
لم يرد ايزنهاور ان يدمر
المكاسب الاجتماعية للصفقة الجديدة، كان يريد ان يبطئها قليلا، ولكنه
لم يسال بالابتعاد عن أي من الامور المفيدة التي خلقت في عهد ادارتي
روزفلت وترومان. لم يكن يريد ان يربك الزعماء الديمقراطيين. كان يكن
لهم الاحترام تماما كما كانوا
يحترمونه.
حافظ
الرئيس على عنان محكم على النفقات
المحلية.
لم تكن هناك اية شكوك حول
اهداف الميزانية السنوية لايزنهاور، فمنذ ان تولى الرئاسة عبر عنها
بوضوح وبقوة، كان تصميمه بان الموازنة يجب ان تحدد سنويا وكانت تلك
الطريقة الوحيدة لخدمة المصلحة العامة، للحفاظ على الدين القومي منخفضا
والحفاظ على وزارات الشؤون في وضع مالي
جيد.
بالعودة
الى الماضي، كان واضحا بان انجاز ايزنهاور الاقتصادي الاكبر، كان شيئا
يبدو سخيفا في ذلك الوقت، الا وهو برنامج شبكة الطريق العام عابر
الولايات، اعتبر في ذلك الوقت حزام خلق الوظائف في الوقت الذي كان فيه
الجنرال العجوز قلق حول النقل والمادة العسكرية . كان هناك فعلا ذلك
التحريك الممتع، يعتقد الاقتصاديون اليوم بان برنامج الطريق العام عابر
الولايات كان واحدا من العناصر الاساسية التي جعلت النمو الاقتصادي
المتواصل ممكنا لسنوات ثمانية في سنوات كنيدي
جونسون.
اضيفت
بنية تحتية هامة اخرى عندما بدا بالبناء على الطريق البحري في سان
لورانس.
هدفنا
الى استقطاعات حقيقية في هذه الموازنة ولكنها لن تجري… التي لها اسباب
موجبة يمكن ان تجري اذا ما جمدتم البرامج المحلية، ولكن البرامج يجب ان
تؤكد ان الوضع الخارجي تراجعت
حدته.
في اواسط الخمسينات لم تتراجع
حدة التوتر بين القوى النووية ولكنها اشتدت. كانت اولوية ايك ان يستنتج
وبعدها ان يحافظ على التفوق بالصواريخ على
السوفييت.
كان
التوجيه بان علينا التواصل الى استيعاب الصاروخ البلاسيتي أي سي ام في اقرب وقت ممكن، لم يكن
يريد انفاق الاموال على انظمة قديمة الطراز ولكنه بالتاكيد فهم
التكنولوجيا واهمية ادخالها الى الاختراعات العسكرية في اقرب وقت
ممكن.
لعب
اينزهاور دورا مميزا لانه من السهل تصور شخص ما مشبعا بكل هذه
التكنولوجيا الجديدة، واصبح الرئيس مقتنعا بحقيقة ان هذه الامور كانت
عملية. وبان هذه الاشياء كانت مهمة بالنسبة لبلدنا وبان المهارات
الادارية يجب ان تتجمع ويجب ان تعتبر هذه كاهداف قومية، وعلى التمويل
ان يكون متيسرا، هذه هي انواع القرارات التي جعلت كل شيء
يسير.
كانت خطتنا لاطلاق قمر صناعي
فضائي اهتماما ثانويا.
في هذه النقطة لم تكن الحكومة
حازمة بالنسبة للمال، لهذا السبب عندما اطلق سبوتنيك لاحقا كان الامر
بالنسبة لنا شيء تافه ببساطة، في حين ان مهندسيكم حاولوا بدمج مرحلة
على اخرى ولم تنجح التجربة، بالنسبة لنا، كان يكفي ان نقوم بمرحلة او
مرحلة ونصف واطلق سبوتنيك الى الفضاء لانه من اجل حمل الرؤوس النووية
كل واحد وزنه طنان، ومن اجل تجهيز صاروخ بقمر صغير من نوع سبوتنيك كان
الامر بالنسبة لنا كما نقول في غاية
السهولة.
في وقت سبوتنيك ، كان هناك
برنامج فضاء اميركي، عملوا عليه لعدة سنوات. كان يضم مكونان رئيسيان،
احدهما برنامج مدني متواضع. كانت غايته بناء قاذف للقمر الصناعي يدعى
فانفارد، وكان هناك برنامج عسكري سري جدا، مخفي جدا عن عامة الناس وعن
معظم اعضاء الكونغرس، يتعاطى بالاستخبارات والتجسس والانذار المبكر
وغيرها.
كان بامكاننا ان يكون لدينا
اقمار صناعية في الفضاء قبل سبوتنيك بوقت طويل، كان هناك سنة
جيوفيزيائية عالمية، وقرروا ان يفعلوا هذا ويبقوه بعيدا عن العسكر. تم
انجازه لسبب ان برنامج الصاروخ الباليستي كان هاما، ولم نكن نريد السحب
من برنامج الصاروخ الباليستي لاعطاء المسؤولية للقوة العسكرية لوضع قمر
صناعي.
ولكن بعد سبوتنيك واجهت
محاولاتنا للحاق السريع بنجاحات الفضاء السوفياتية الكارثة بعد
الكارثة.
يطمئن
الرئيس ايزنهاور الامة بان نجاح روسيا باول قمر صناعي لا يؤشر او يدل
على قصور جدي في ابحاث الصواريخ
الاميركية.
الاسباب
المشار اليها ، لم يحصل القمر الصناعي فانغارد على الاولوية المتساوية
مع عملنا للصاروخ الباليستي المتطور، سرعة التقدم في مشروع القمر
الصناعي لا يمكن اخذها كمؤشر على تقدمنا في عمل الصاروخ
الباليستي.
تحرك الديموقراطيون بسرعة
وعبأوا الامتياز السياسي لحملة حزبية اثارها اطلاق
سبوتنيك.
نريد ان نعرف لماذا ناتي في
المرتبة الثانية، لماذا لدى روسيا قمران اطلقا، لماذا ليس لدينا شيء،
ماذا نحتاج لفعله، كيف نفعله، ومتى سنفعله، وبالطبع سنقوم بتوجيه
الانتقادات بهذا الشان.
هذا
حكم اعتقد انه جير بالازدراء، وتعبت من قول ان ذلك الدفاع من اجل ايجاد
مبرر لتبذير الدولارات، اعتقد ان علينا ان لا ندفع سنتا واحدا من اجل
الدفاع اكثر مما علينا دفعه، ولكني ساقول هذا ان دفاعنا ليس قويا فقط
بل انه مرعب.
سمحت طائرة التجسس (يو اثنين)
للتطوير المتدرج لدى الرئيس لانظمة الاسلحة والدفاع، فعندما التقى ايك
وخروتشوف في كامب دايفيد في شتاء الف وتسعمئة وتسعة وخمسين، عرف الرئيس
بانه يملك اليد العليا في اسلحة الحرب الباردة بغض النظر عن انتصار
العلاقات العامة الرائع الذي احرزه
سبوتنيك.
كان
هناك حوارا ممتعا اتذكره جيدا، سال ايزنهاور خروتشوف: كيف تؤمن الاموال
الى قواتك المسلحة؟ شرح خروتشوف قائلا: يهرع القادة العسكريون الى
مكتبي مع عيون منتفخة ويصرخون: يملك الاميركيون سلاحا جيدا، سلاح جيد
هكذا… ووبعدها اعطيهم المال. انفجر ايزنهاور ضاحكا وقال: وعادة يهرع
رجال جيشي صارخين: الروس لديهم هكذا سلاح متطور، واعطيهم المال. لذا
لخص خروتشوف النتيجة ان كلانا
مغفلان.
ولكن
تسارع سباق التسلح لم يكن مسالة مضحكة، النجاح الصاعق لسبوتنيك
والانباء الاقتصادية السيئة، وضعت سياسة القبضة المحكمة للانفاق التي
انتهجها ايك في مازق.
اعرف باني طحنت بدون رحمة من
قبل السيناتور جونسون على خلفية انه حصل على معلومات باننا لم نكن نعمل
وقتا اضافيا وباننا نحصل على المال الكافي وكل تلك الاشياء، والتسجيل
سيظهر بانني وقفت وقلت: اننا نحصل على كل الاموال التي يمكن انفاقها
لتحقيق هدفنا، لا يمكننا تسريع البرنامج اكثر من ذلك، لا يمكن تسريعه
بالمال، لا يمكن تسريعه
بالمال.
عندما
اصبحت مديرا للميزانية في عام الف وتسعمئة وثمانية وخمسين، كان وضع
الميزانية السنوية كئيب، كان هناك انحسار اقتصادي في تلك السنة، بدا
باكرا في اوائل السنة، وتواصل الى السنة التالية، كانت النتيجة ان
البلد لا تقع في عجز عالم الف وتسعمئة وثمانية وخمسين فقط. بل ان سنة
الف وتسعمئة وتسعة وخمسين اظهرت بان تكون مرحلة سيئة للغاية في ذلك
الوقت. العائدات تراجعت بستة بلايين دولار والنفقات ارتفعت بستة بلايين
دولار والنتيجة بان الموازنة انتهت ذلك العام بعجز الخط الاحمر اثنا
عشر بليون دولار. المشكلة التالية كانت ماذا سنفعل بشان
الستينات.
كان موقف ايك ان المعركة مع
الاتحاد السوفياتي كانت بالاساس معركة
اقتصادية.
في
هذه اللحظة، اننا نخوض معركة عالية الاهمية من اجل دولار ذات سمعة، هذه
ليست معركة من اجل ضبط الموازنة كنهاية بحد ذاتها، انها ليست معركة فقط
من اجل توفير بنسات، انها معركة من اجل الحفاظ على امتنا بميزانية
سنوية قوية لكي نحصل على القوى التي نحتاجها من اجل امننا وامن العالم
الحر.
اتفقنا
بانه بدلا من محاولة المساومة للتطلع نحو ضبط الموازنة لمدة ثلاث او
اربع سنوات فان الشيء الذي يجب عمله هو محاولة ضبط الموازنة في سنة
واحدة، هي الميزانية السنوية لعام الف وتسعمئة وستين. دعا ايزنهاور
الحكومة لاجتماع خاص وقال ببساطة: اريد ان ارى موازنة متوازنة لاني
اريد ان ارى شؤون البلد في افضل وضع عندما نغادر المكتب في سنة اخرى او
هكذا، ولا اريد ايا منكم ياتي الي ويقدم هذه القرارات الا عندما
تخبروني في نفس الوقت ان امن البلد
وطيد.
انها
معركة لتشجيع اقتصاد متوسع وازدهار ورخاء محلي، هذه معركة للتاكد من ان
الدولار المكتسب اليوم سيشترى غدا لربة البيت كمية مساوية من البقالة،
هذه معركة من اجل منع الاسعار من افقار كل رجل وامراة وطفل في
الامة.
اخذ الامر منا جهدا معتبرا
وكان ممرا مرهقا، ولكن مع نهاية العام عندما وضعت كل الارقام مع بعضها،
نجحنا بالدخول الى الخط الاسود بزيادة بليون
دولار.
بغض
النظر عن السنة المليئة بهجومات الديموقراطيين الذين زعموا ان ايك لم
ينفق كفاية على الدفاع، بقي العامة يحبون ايك، ولكن اتهامات كنيدي
بوجود فجوة في الصواريخ ساعدته على هزيمة نائب الرئيس ايزنهاور واعادت
الديمقراطيين الى البيت
الابيض.
ليس لدينا فجوة في ميزان
الصواريخ، وربما كنت مهتما وخائفا ولكني لم اكن. وفي تلك الانتخابات
التي استخدمت كوسيلة تحايل سياسية طالما كنت معنيا بالامر، واعتقد ان
الحزب الديموقراطي كان يعلم جيدا انه لم يكن لدينا قصور في الصواريخ .
لقد اختصروا.
عندما
كنت في ادارة كنيدي وزيرا للخزانة، كنا قادرين وكان لدينا الحرية
للمناورة، كنا قادرين على طلب استقطاعات اضافية في الضرائب لتحفيز
الاقتصاد بدون التسبب باي تضخم، أي زيادة في التضخم على الاطلاق، وعلى
مدار سنة او سنتين بدون اية زيادة فعلية في عجز الموازنة لان التحفيز
ادى دوره ومزيد من الضرائب ياتي، كان ذلك ممكنا بسبب حقيقة ان سياسة
الرئيس ايزنهاور اخرجت التضخم من
الاقتصاد.
في
وداعه، لم ينظر ايك الى الخلف مدافعا او طالبا التقدير، ولم يحذر
الاميركيين من مستقبل محفوف
بالخطر.
نحن،
انتم وانا وحكومتي، علينا تجنب نبضة الحياة للعيش لليوم فقط، او ننهب
على راحتنا وننتهز موارد الغد الغنية. لا يمكننا رهن الاصول والموجودات
المادية الخاصة باحفادنا دون المخاطرة بخسارة تراثهم الروحي والسياسي
ايضا، نريد ان تحيا الديمقراطية من اجل كل الاجيال القادمة وان لا تصبح
الوهم الكاذب غير المؤكد في
الغد.
--------------------انتهت.
إعداد: د. نبيل خليل |
|
|
|
|
|
|
|
|