اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 الحروب الأمريكية حرب السنوات السبع
 

جورج واشنطن

ساهم شاب قوي لامع وطموح في إشعال هذا النزاع سنة ألف وسبعمائة وأربعة وخمسون، وكان اسمه، جورج واشنطن.

وقد اكتشف في المعارك مواهبه في الحرب والقيادة أيضا. كانت فرنسا تستولي على مساحات شاسعة تمتد من كندا إلى لويزيانا، تسيطر عليها عبر وحدات شديدة التسلح.

اعتبرت النزاعات بين المستعمرات المختلفة في السنوات الأولى من القرن الثامن عشر، مسألة شبه طبيعية في المناطق الحدودية لنيويورك ونيو هامشير، علما أن التهديد الفعلي لفرنسا  أعتبر في تقدم ويست وود، للمستعمرات البريطانية، باتجاه جبال أليغاني. شكل ذلك تهديدا لا مثيل له. أعتبرت كندا، أو فرنسا الجديدة، مستعمرات ثابتة، استقرت إلى جانب مصادر المؤن على ضفاف الأنهر الرئيسة والبحيرات الكبيرة. وما كانت لتعتمد على نفسها، تماما كالمستعمرات البريطانية. وكثيرا ما كانت تنعزل بالكامل عن العالم الخارجي عند تراكم الثلوج وتجلد الأنهر والبحيرات. لهذا كان لا بد من إقامة سبل اتصال تربط  بين كندا والمستعمرات الفرنسية الأخرى في  لويسيانا.

سرعان ما برزت أهمية هذا الاقتراح، واعتبر نهري ميسيسبي وأوهايو الطرق المائية المناسبة لذلك. يتطلب هذا الممر الطويل حماية ضرورية، لهذا أقام الفرنسيون مواقع لهم على طول الطريق، فشيدت سلسلة من القلاع بين الشمال والجنوب عبر القارة. ولكن هذه  القلاع  جاءت لتشكل عائقا أمام توسع المستعمرات البريطانية في ويست وود، وهكذا  تحول النزاع المسلح إلى  مسألة حتمية لا بد منها.

في نيسان إبريل من ذلك العام، بدأ الميجير جورج واشنطن البالغ من العمر اثنين وعشرين عاما، والتابع لمليشيا فيرجينيا، بالعمل على بناء أول قلعة في أوهايو، حيث تقع اليوم مدينة بيتسبريغ، إلى أن أخرج منها عبر قوة فرنسية هائلة.

عمل الفرنسيون مباشرة على بناء قلعة لهم في الموقع ذاته.  ما كان لسكان فيرجينيا أن يسمحوا ببقاء الفرنسيين هناك، فأرسل جورج واشنطن للمطالبة بحق بريطانيا في القلعة. رقي واشنطن حينها من باب التشجيع إلى رتبة عقيد، ليعمل تحت إمرته ثلاثة آلاف جندي، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الهنود.

يوم الثامن والعشرين من أيار مايو، نصب واشنطن وحلفائه الهنود، كمينا لوحدة فرنسية صغيرة في غريت ميدوز. أجبرها على الاستسلام بعد معركة قصيرة.

وحين استجوبهم واشنطن علم بوجود خمس مائة جندي فرنسي في المنطقة المجاورة لسوء حظه، ولم يجد خيارا آخر إلا حفر الخنادق لمواجهتهم، فشيد ما عرف بعدها بالحصن الضروري.

كان موقع الحصن سيء جدا، إذ يفتقد لمصادر المياه كما تشرف عليه بعض التلال.

ليلة الثاني من تموز يوليو، هاجمه الفرنسيون، وبعد معركة دامت تسع ساعات، استسلم واشنطن.

كانت الشروط التي منحت لإطلاقه سخية جدا، حيث تمكن جنود فيرجينيا من متابعة المسير مقابل  أن يتخلوا عما لديهم من أسلحة وعتاد، ليتحول سهل أوهايو فعليا إلى السلطات الفرنسية.

أضف إلى ذلك، أن واشنطن أجبر على توقيع وثيقة مقابل إخلاء سبيله، يعترف بموجبها أن تلك القلعة تعود فعلا للأراضي الفرنسية.

= هناك أكثر من قصة حول انطلاقة الحرب الفرنسية والهندية، إليك مثلا، إذا أردت الاعتقاد بأن فرنسا سبت هذه الحرب، يمكن أن تعلل ذلك باحتلال قلعة فرجينيا، التي هي  اليوم بيتسبيرغ في بينسيلفينيا، وهذا نموذج عن النزاع الفرنسي البريطاني على كندا.

وإذا اردت الاعتقاد بأن بريطانيا كانت السبب، عليك بتوجه جورج واشنطن على رأس مجموعة من المتطوعين عبر نهر أوهايو، حتى وصل إلى فورك أوهايو بالقرب من قلعة دوكين، ليحاول تثبيت موقع بريطاني. وإذا أردت الاعتقاد بأنها مصادفة يمكن القول بأن وحدات جورج واشنطن اصطدمت صدفة بقوة فرنسة فبدأت الحرب.

والحقيقة أن الأمر أكثر تعقيدا من ذلك، ربما كانت الأسباب ابعد من ألف سبع مائة وأربع وخمسين، على أي حال ما كانت فرنسا لتتمكن من القتال ابعد من المنطقة التي تعلو نهر أوهايو، بينما تمكنت بريطانيا من التوسع إلى ما هو أبعد من ضفاف أوهايو. أما سياسيا ورمزيا فكان هذا كثيرا. فلم يعد الأمر يقتصر على تعايش طرف مع الآخر بل أن يفسح بالمجال للطرف الآخر. هناك متسع لاحتمال وجود أطماع شخصية. ماذا إن كان واشنطن يريد أن يبني شهرة عسكرية على حساب هذه النزاعات؟ ما كانت الحرب لتبدأ عام ألف وسبعمائة وأربع وخمسين، لولا اشتعال الحرب في أوروبا بعد عامين من ذلك.

= هناك ميل إلى التعامل مع الحرب الفرنسية والهندية من وجهة نظر تقتصر على الجيوش وحدها. لدينا من جهة الجندي الإنجليزي المتألق بملابسة النظامية وكل التقاليد المرفقة بذلك، لا يملك أدنى فكرة عن سبل القتال في الغابات، ولدينا من جهة أخرى الوحدات الأمريكية التي تقول بضرورة الاختباء خلف الأشجار والقتال على الطريقة الهندية. لهذه الأسباب لا غرابة في أن تخسر بريطانيا الحرب في فرجينيا بعد عامين من ذلك. والحقيقة ان الظروف كانت مختلفة، فحين وصلت الوحدات البريطانية لم يكن لديها أي فكرة عن قتال الغابات، كانت تجربة جديدة بالنسبة لها لم يسبق أن عاشتها من قبل. أضف إلى أن براديك، فقد زمام الأمور ولم يكن لديه أدنى فكرة عما يجري، وإلا لكان جهز نفسه للأمر.

بعد هذه التجربة أخذت العبر والدروس من الهزيمة، فقد عرف عن الجندي البريطاني قدرته على التأقلم مع هذه الظروف على اختلافها، مع نهاية الحرب كان الجندي البريطاني أفضل من يستطيع القتال في الغابات وهو يعرف جيدا ما يفعله.

تمتع المتطوعين بالتجارب السابقة حول هذا الموضوع، أو على الأقل بعضا منهم. إلا أن الهنود كانوا الأكثر معرفة بالغابات. علما أنه لم يسبق  للبريطاني أن شاهد الهندي بصور محددة، كما هو حال للأمريكي، لهذا كان عليه أن يتعلم الدرس هناك.

لابد من الإشارة هنا أن التعلم لم يكن سهلا، على اعتبار أن الجندي النظامي لديه تقاليده وأعرافه، كان من الصعب على الأمريكي أن يتعلم سبل القتل في المناطق المفتوحة، كما فعل الجندي البريطاني. كما أن العناية بالنظافة كانت سيئة فقد سجلت شكاوى مستمرة من اتساخ الأمريكي،  ما جعله يتعرض بسهولة للإمراض والأوبئة  تردد ذلك أيضا خلال الثورة الاستقلالية. حين حاولت القوات الأمريكية مهاجمة كندا كانت أعداد الضحايا التي قضت بالأمراض أكبر بكثير من الذين سقطوا في ساحات القتال.

انتشرت في هذه الأثناء، مجموعات حرب العصابات على طول الحدود، كثيرين ممن عملوا مع الطرفين كانوا من الهنود الأمريكيين.

أثار توظيفهم تباينات في الآراء. فقد كانوا بالغي القسوة ومتعطشين للدماء. استغلوا هذه المناسبة كالكثير من أبناء العشائر لنشر الرعب. أي أن السبب الذي جعلهم ينضمون إلى الحملة كان تحقيق ذلك الهدف. كانوا أشد  رحمة في قتل أعداد قليلة، من المذابح الجماعية البشعة التي كان يرتكبها الأوروبيون.

تعتمد الحروب الهندية على، عرف الدم. أي الانتقام لما ارتكب من جرائم بحق عشائرها، أو عضو ينتمي إليها. كان من واجبنا، كرجال شرطة، ليس على الصعيد الوطني بل على الصعيد المحلي، الانتقام من تلك الجريمة. ضمن مبدأ العين بالعين والسن بالسن..

هذا ما كانوا يفعلونه، كانوا ينتزعون، جلدة الرأس، التي هي أهم ما في جسم المحارب، وحين تسلخها، تحصل على روحه.

غيرت الحروب الأوروبية السبل التقليدية القديمة، لعرف الدم. فبدل جلدة الرأس، بدأوا يهتمون  بتجارة الجلود. كان لدينا حروب تقليدية في تلك العصور. تخيل أنك تعيش في حالة من الحرب طوال حياتك، وعلى مدار تاريخ شعبك، هذا ما كان يعيش عليه الشعب الهندي.

اشتكى القادة مثل الجنرال مانكالم، من عدم التزام الحلفاء الهنود،  الذين يتسللون للعودة إلى ديارهم في أول فرصة تسنح لهم. وكانوا يتصرفون وفق حساسية بالغة، من احتمال التعرض للقتل، ليتفادون ذلك قدر الإمكان، خصوصا وأنهم لن يكسبوا الكثير من هذا النزاع.

المذابح الجماعية ليست أسلوبنا، عشائر الإيري التي كانت تسكن قريبا من هنا، أبيدت بالكامل، أين عشائر السوسكاهانا وعشائر الإيري؟   جرى إبادتها بالكامل في المراحل الأولى من الحرب الهندية. وهكذا فإن فكرة الحرب لدى الهنود كانت الخروج برفقة أعضاء من عشيرتك، والتقدم على العدو وإيقاع أكبر قدر من الخسائر لديه، وذلك بعتاد خفيف قدر الإمكان، بدون رداء ثقيل أو جعبة عتاد ثقيلة، بل بأسلحة خفيفة يمكن ربطها بالحزام، بالإضافة إلى البندقية، وربما سلاح أبيض، على الحزام، هذا كل شيء.

على المحارب أن يسارع في الاقتحام ساعة الفجر، قلما نقاتل في الليل لأن الأرواح تجول الأرض في ذلك الوقت، ولا بد للمرء أن يبقى في مكان آمن.

قد يخرج الرجال لفترة تتراوح بين الستة أشهر والعام، أو لبضع سنوات أحيانا. حين وصل الأوروبيون إلى القرى ورأوا الرجال يتجولون بلا هدف، اعتبروا ذلك تسكعا، مع أنهم  يستريحون من عناء طويل.

هناك رجال آخرون قاتلوا في الغابات إلى جانب الهنود، وهم قادرون على تنفيذ العمليات العسكرية بنجاح تام. إنها الفرق المقاتلة في الجانب الفرنسي، وهي وحدات مستقلة جندت من الجوار، ودربت على القسوة ليقودها عادة ضابط كندي. كان يوازيها في الجانب الآخر ما يعرف بالرينجير.

قاتل جندي الرينجير إلى الجانب البريطاني على الطريقة الهندية لحرب العصابات عل خلاف الجندي البريطاني الذي يقاتل ضمن مجموعات قتالية نظامية تطلق النار على المجموعة النظامية المقابلة.

أكثر قادة رجال الرينجير نجاحا، هو رجل من نيوهامشير عرف باسم روبرت روجرز. الذي ما زالت أوامره تعتبر جزءا من توجيهات كتيب جيش الرانجير في الولايات المتحدة الأمريكية.

أولا: لا تنسى شيئا.

ثانيا: حافظ على نظافة بندقيتك. استطلع ما حولك وكن جاهزا للخروج في المسيرة عند الصباح.

ثلثا: تصرف عندما تخرج في المسيرة، بالطريقة التي يمكن أن تتبعها حين تتسلل لاصطياد غزال. راقب العدو أولا.

رابعا:قل الحقيقة، حول ما تراه وما تفعله، هناك جيش يعتمد على هذه المعلومات الدقيقة. يمكن ان تكذب كما تشاء حين تخبر الآخرين عن الرينجير ولكن يجب ألا تكذب أبدا على الضابط .

خامسا: يجب ألا تخاطر حين لا تضطر لذلك.

سادسا: حين تكون في المسير، ابتعد عن زميلك، بحيث لا تعبر الطلقة  المعادية جنديين.

سابعا : إذا صادفت مستنقعا، أو مناطق موحلة، يجب أن تنتشر، لتحاشي الخسائر.

ثامنا: أثناء المسير، تقدم حتى حلول الظلام، كي لا تمنح العدو فرصة للنيل منك.

تاسعا: عندما تخيم، يبقى نصف الوحدة صاحيا، بينما ينام النصف الآخر.

عاشرا، إذا اعتقلنا الأسرى، يجب أن نبعدهم عن بعضهم البعض، حتى نحقق معهم، قبل أن يصنعوا الحكايات فيما بينهم.

أحد عشر: لا تتبع دائما الطرقات نفسها،  غير الطرقات كي لا تتعرض للكمائن.

اثني عشر: لا فرق بين الخروج بمجموعات كبيرة أو صغيرة، على كل فريق أن يرسل وحدة على بعد عشرين ياردا في الطليعة، وأخرى لعشرين ياردا في المؤخرة، ووحدتين على الجانبين، بحيث تتحاشى المفاجآت، والتصفية الكاملة.

ثلاثة عشر: يبلغ الجميع كل ليلة عن مكان اللقاء، إذا ما فاجأتك قوة أكبر.

أربعة عشر: لا تبقى أسبوعا دون عمل تقوم به.

خمسة عشر: لا تنم بعد بزوغ الفجر. فالفجر ساعة يتحرك الفرنسي .

ستة عشر: لا تعبر النهر بالسبل العادية.

سبعة عشر: إذا حاول بعضهم الإيقاع بك، يجب أن تتراجع، وترسم دائرة حوله، لتعاود نصب كمين لمن يريد الإيقاع بك.

ثمانية عشر: لا تقف لمواجهة عدو يتجه نحوك، اركع أمامه، أو انبطح، أو اختبئ خلف الأشجار.

تسعة عشر: دع العدو يقترب، حتى تكاد تلمسه، ثم وجه ضربتك، اقفز بوجهه واقض عليه.

يعمل هؤلاء الرجال ضمن الامكانات ذاتها التي تتمتع بها الوحدات البريطانية ولكن ضمن وحدات الرينجير، وهذا ما يتبع اليوم فيما يعرف بوحدات الخضر التابعة للولايات المتحدة الأمريكية، ينطبق ذلك أيضا على نوع من وحدات المشاة الخفيفة العاملة في صفوف الجيش البريطاني هذه الأيام أيضا.

يوم السادس والعشرين من حزيران يونيو من عام ألف وسبع مائة وتسع وخمسين، قام وولف بإنزال في جزيرة ديليون، على مسافة أربعة أميال من كيبيك.

أصيب الفرنسيون بالارتباك، بعد أن فقدوا الأمل بالحصول على الإمدادات من فرنسا، فتمنوا أن يعيق النهر تقدم الفرنسيين، إلا أن  البحار الممتاز جيمس كوك، تمكن من تذليل العقبات على الضفتين.

= كانت الظروف التكتيكية صبيحة المعركة مشوقة جدا. وقفت الوحدات البريطانية عند أحد السفوح تواجه المدينة. وخلفها تحتشد وحدات فرنسية لا أحد يعرف حجمها أو كم تبعد عن المكان، يقف أمامها جيش فرنسي أكبر. لو خسرت بريطانيا الحرب لتعرضت إلى مذبحة قبل الاستسلام إذ أنها لن تتمكن من الانسحاب عبر النهر لانتشار القوات الفرنسية على ضفتي النهر. لهذا كان وولف يعرض نفسه لمخاطرة كبيرة، وكان عليه أن يخاطر حينها فلو لم تتمكن القوات البريطانية من الاستيلاء على كيبيك يومها، لما تكنت من وضع اليد عليها في ذلك العام وربما في العام التالي أيضا.

كان حجم الوحدتين متساويا إلى حد ما. يعتد كل منهما بأربعة آلاف وخمسمائة رجل، ولكنهما يختلفان من حيث المزايا والنوعية.

كل البريطانيون الذين احتشدوا هناك في ذلك الصباح،  من الجنود النظاميين المدربين جدا. بينما نصف الفرنسيين كانوا من المليشيات الكندية. وقعت على ضفاف نهر شارلز على ميمنة مانكالم،   بعض الاشتباكات الجانبية، التي تصدت لها الوحدات الهندية المتطوعة. إلى جانب هذه الوحدات المتقدمة على الميمنة أيضا، انتشرت وحدات من فرقة المليشيات الكندية، مع مليشيات أخرى جاءت من مونتريال. وقفت خلفها خمس فرق من الجنود الفرنسيين.

بدل حشو البنادق في وقت واحد، توزعت الفصائل البريطانية على أربعة مجموعات كبيرة، قسمت كل  منها إلى أربعة مجموعات أصغر. حين تصدر الأوامر بإطلاق النار، كانت مجموعة واحدة فقط تطلق النار، بينما تعمل المجموعات الأخرى على حشو البنادق، وما أن تنتهي المجموعات الأربعة من إطلاق النار، حتى تكون المجموعة الأولى جاهزة لعملية إطلاق نار أخرى. لينجم عن ذلك إطلاق نار مستمر بكثافة عالية، توقع خسائر كفيلة بإعاقة التقدم. وهكذا لم يطل الوقت حتى أدت كثافة النيران المصوبة نحو الوحدات المتقدمة إلى شطرها.

أجبر الفرنسيون على التراجع بحالة من الارتباك، فأمر العقيد سيمون فريزير، الضابط المجرب في المهمات الخطيرة، ما لديه من أربع وسبعين جندي نظامي، بأن يشهروا سيوفهم. فوقع ما قد يكون آخر حملة بالسيوف، لمطاردة الجنود المنسحبين، وزرع حالة من الرعب التام.

=منح القتال على سفوح أبراهام قبالة كيبيك نموذجا يسمح بالمقارنة بين أنظمة التكتيك المتبعة في الوحدات الفرنسية والبريطانية. كان الجيش البريطاني مدرب على آلية الحشو وإطلاق النار، حيث يعمل الجميع في آن معا على حشو البنادق دون وقف إطلاق النار. بينما كان الجندي الفرنسي من الجهة الأخرى، يتردد جدا في استخدام السلاح الأبيض عند مقدمة البندقية، أدى ذلك في معركة كيبيك، إلى أن يتمكن الجندي البريطاني من القيام بما يتقن عمله تماما.  كما قرر الفرنسي القيام بما يتقنه أيضا إلا أنه سارع في التقدم، على طريقة جيوش الغال، وهو يصرخ ويلوح بالبندقية ويهدد ويتوعد. بينما كان البريطاني يكرر ما يفعله دائما: ينتصب في موقعه ليصوب البنادق ويطلق النار ويشت أعدائه.

خدم هنود ألماناكي فرنسا لسنوات طويلة، وعانوا من مشاكل محددة على الحدود مع نيو إنغلاند. في أيلول سبتمر من عام تسع وخمسين، تلقى الميجير روبرت روجرز أوامر من الجنرال أمبورس، للقيام بحملة عسكرية ضدهم. تبع ذلك إحدى الحملات الأكثر شهرة.

بعد مسيرة من اثنين وعشرون شهرا، وصلت القوات البريطانية إلى الهدف المحدد،  فأرسلت وحدة استطلاع تابعة لقوات الرانجير، لتجد بأن الهنود كانوا يقيمون حفلة زفاف.

قبل نصف ساعة من بزوغ الفجر، فاجأنا القرية، تقدمنا نحوها بثلاث فرق، من الميمنة والميسرة والوسط، حيث اتخذنا كل الاحتياطات الوقائية اللازمة، من جانب الرجال والضباط، ما لم يسمح للعدو بلملمة نفسه، أو حمل السلاح للدفاع عن نفسه، إلى أن تم تدميره شبه الكامل. تمكن البعض من الهرب إلى الماء، ولكن رجالي تلقوا أوامر بِإطلاق النار على الذين يحاولون السباحة والهرب. ثم أشعلنا النار في جميع منازلهم، باستثناء ثلاثة، أبقيت للاحتفال بالنصر. 

قضت النيران على الكثير من الهنود الذين خافوا على خسارة منازلهم، ورفضوا الخروج منها. في تمام السابعة صباحا، انتهت العملية بالكامل، بعد أن استطعنا قتل مائتي جندي، وأسر عشرين من نسائهم وأطفالهم.

سجلت المرحلة التالية، إقفال الحصار على مونتريال، يوم الثامن من أيلول سبتمبر من عام ألف وسبعمائة وستين، انتهى الحصار باستسلام المدينة.

= المفارقة في تلك الحرب هي أن بريطانيا فازت بحرب كي تخسر أخرى، لا شك أنها طردت فرنسا من الولايات المتحد، باستثناء جزء بسيط من كندا، ولكنها بذلك، اتبعت أسلوبا تنبه له الأمريكيون، حين شاهدوا أن بريطانيا والأمريكيين يقاتلون جنبا إلى جنب، العدو الفرنسي، ولكن الوحدات الأمريكية كانت تستخدم فقط، لدعم المعارك البريطانية، إليك مثلا، أن الجيش البريطاني ما كان ليسمح لأمريكي متطوع بأن يحصل على رتبة في الجيش البريطاني، ومثال آخر، الشعب الأمريكي، وليس البريطاني هو الذي كان يغطي مصاريف الحرب، بضرائب على الشاي، وضرائب على السكر، وعلى الطوابع، طوال عقد الستينات، في نهاية الأمر، حين أصبحت الحرب مسألة شرف، استغلت بريطانيا الأمريكي علنا لدعم الحرب ضد فرنسا، وما زاد من الاستياء هو أنها طبقت مجموعة قوانين أخرى أدت إلى نشوب الحرب الثورية، لعام ألف وسبعمائة وسبعين، ما أدى إلى إخراج بريطانيا وفرنسا أيضا، من الولايات المتحدة.

عام ألف وسبع مائة وخمسين أصبح لفرنسا تواجد واضح في كثير من أنحاء القارة.

وكان الفرنسيون يطالبون بكندا التي أطلقوا عليها لقب فرنسا الجديدة، كما وبأراضي لويسيانا، بما يشكل ثلث مساحة الولايات المتحدة المعاصرة.

ولكن مصالح البريطانيين كانت تتنامى. كانت شركة هودسون باي كومباني الضخمة تتعدى على التجارة الفرنسية بالفرو.

في الشمال الشرقي كان مستوطني ماساشوسيتس وفيرجينيا يسعون للتوسع نحو الغرب.

حتى أصبحت المواجهة حتمية.

كانت لويس بورغ، مدخل فرنسا الجديدة، تشكل حامية للدفاع عن العاصمة كيبيك التي تبعد ثماني مائة ميل عن الشواطئ.

وقد كانت الحصن الأقوى في شمال أمريكا، معززة بأسوار تبلغ سماكتها عشرة أقدام وارتفاعها ثلاثين قدم.

تم بناؤها عام ألف وسبع مائة وعشرين للدفاع عن المصالح  الفرنسية في شمال أمريكا، كانت لويس بيرغ رمزا لثقة فرنسا بنفسها. كان حجمها كبيرا لدرجة أن لويس الخامس عشر كان يمازح بالقول أنه يكاد يستطيع رؤيتها من فرنسا.

كانت حياة الفرنسيين منتعشة بالاعتماد على جدران لويس بيرغ.

كان كل شيء بالغ الأهمية من المواد المعيشية وحتى الأثاث.

إلا أن سبل الراحة هذه أصبحت الآن مهددة بعد أن وضع البريطانيون أعينهم على المستعمرات الفرنسية في شمال أمريكا.

صباح أحد أيام حزيران من عام ألف وسبع مائة وثمانية وخمسين هاجمت مجموعات من الوحدات  البريطانية المقاتلة بقيادة وولف بعض الشواطئ الواقعة على مسافة ميلين من قلعة لويس بيرغ.

أجبر الغريمان مونتي كالم وفيدريل على وضع الخلافات التي بينهما جانبا.

ثم كتبا معا رسالة إلى باريس يطلبان فيها مزيدا من القوات والمؤن والعتاد.

مرت ستة أشهر دون وصول الرد.

وعندما رد الملك أخيرا لم تكن أخبارا جيده. كانت فرنسا منهمكة في جدا في أوروبا، تواجه حربا ضد بروسيا. فكتب الملك بقسوة يقول: 

"أيها السادة، عندما تكون النار مشتعلة في بيت امرئ، لا يمكنه الاهتمام بالإسطبل."

مع نهاية تموز يوليو سارع وولف لاتخاذ قرار باحتلال إحدى القلاع الواقعة على تلة قريبة من المدينة. عندما غادر الجنود زوارقهم تعثروا بالوحول التي عند أسفل التلة. فتحولوا إلى أشلاء تحت وابل من النيران. خسر وولف أربع مائة وثلاثة وأربعين رجلا من خيرة مقاتليه.

كانت تلك أحلق ساعات وولف. حين فقد ثقة رجاله الذين هددوا بطلب تحقيقات برلمانية. أضف إلى أن الوحدات التي تحركت برا نحو كيبيك لم تكن قريبة من المدينة بعد.

اشتدت عزيمة فودريل بعد الهزيمة الشنيعة التي أصابت وولف.

أما مونتي كالم فكان واقعيا. كان يعرف أن الآتي أعظم. فجمع كل المدنيين المقيمين في أنحاء مدينة كيبيك للدفاع عنها.

أراد وولف تحقيق انتقام سريع لخسارته الفادحة.  فأمر رجاله بحرق مواسم المستوطنين وقراهم.

كانت أصوات النيران المشتعلة لمدة شهرين مترافقة مع رياح الصيف الحارة .

كان اللهب والدخان الأسود يتصاعد من القرى والمزارع الممتدة على طول ضفتي نهر سان لورينس لمسافة تزيد عن مائة ميل.

صدمت وحشية وولف وأساليبه أقرب المقربين إليه، وقد كتب نائبه يقول:

تجري هذه  الحرب على ابشع أشكالها.

رغم ذلك فقد كانت أساليب وولف تلقى الترحيب والإعجاب في الوطن. حتى أن الملك جورج الثاني علق على ذلك بالقول: هل أصابه الجنون؟ على كل، آمل أن يتأثر به بعضا من جنرالاتي الآخرين.

أخذ النمو المتزايد للوجود البريطاني في المستعمرات يزيدها التهابا مع مرور الزمن، ما فرض المزيد من الضرائب، والمزيد من أعمال التمرد والعنف أيضا. عام ألف وسبعمائة وسبعين لم تتسبب الضرائب أو التمثيل بالكوارث ، بل حفنة من الثلج، حيث قام عدد من المواطنين الغاضبين بقذف حفنة من الثلج على عدد من الجنود البريطانيين الذي يقومون بحماية بيت الجمارك في بوسطن، فأردوهم قتلى. سرعان ما وصلت وحدات الجيش البريطاني للسيطرة على عناصر الشغب.  وسط الارتباك العارم لم يميز  الجنود بين الصراخ وأوامر إطلاق النار، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص، من بينهم بحار اسمه كريسبيس أديكس،  ينحدر من أصول أفريقية أمريكية وهندية في آن معا، فكان أول المواطنين السود الذين يسقطون في سبيل حرية أمريكا.

أشعل الحادث الذي عرف بمذبحة بوسطن غضب الجميع.

السابع عشر من أيلول سبتمبر من عام ألف وسبعمائة وأربعة وسبعين في فيلاديلفيا، ضمن أول اجتماع قاري للكونغرس، حيث اتخذوا الخطوة الأولى نحو قيام أمة جديدة.

كان العنف في الأجواء، فاتفق الكونغرس القاري على أنه إذا استخدم البريطانيون القوة ضد سكان ماساتشوسيس، ستقف كل أمريكا إلى جانبهم، بالمقاومة.

مع بزوغ الفجر، وصل ثمانمائة وواحد وأربعون جندي بريطاني من ذوات البزات الحمر، إلى مروج ليكسينتون، لمواجهة مجموعة مؤلفة من سبعة عشر رجلا مما كان يسمى بمليشيا المتمردين.

لا أحد يعرف من أطلق النار أولا، ولكن بعد دقائق قليلة، قتل ثمانية أمريكيون، وأصيب عشرة بجروح. وتابع البريطانيون مسيرتهم دون مقاومة.

في نورث بريدج التابعة لكونكورد، احتشد لاستقبالهم عدد أكبر من الأمريكيين.

تعرض كلا الطرفين هنا لوقوع الضحايا، فسقط ثلاثة من البزات الحمر، وقتل اثنان من الكونكورد. وانتهى كل شيء خلال ثلاث دقائق.

هذا هو الدوي الذي سمعه العالم.

عند موقع إطلاق النار الفعلي صرح  قائد الثورة سام أدامس بالقول: هذه صبيحة يوم مجيد فعلا.

أثناء تراجع البريطانيون باتجاه بوسطن، حاصرهم الوطنيون من جميع الجهات.

سقط مائتين وثلاثة وسبعون جندي بريطاني بين قتيل وجريح،  خلال أربعة وعشرون ساعة أصبحت مدينة بوسطن التي تحتلها الوحدات البريطانية، تحت ضربات رجال المليشيا الوطنيين.

فأعلن الكونغرس القاري حينها ما يلي:

قضيتنا عادلة واتحادنا مكتمل، جميعنا يتمتع بعقيدة تفضل الموت أحرار على العيش في العبودية.

بعد التمرد العارم أسس الكونغرس القاري جيشا للقتال في سبيل حقوق جميع الأمريكيين، ولكن من ذا الذي سيقوده؟

وصل ممثل عن مدينة فيرجينيا بملابسه العسكرية متطوعا لقيادة الجيش دون أي مقابل. ورغم أنه لم يكن جنرال مجرب، وافق الكونغرس على عرضه بالإجماع. 

هذه هي اللحظة التي سعى من أجلها جورج واشنطن، وكان يثق تماما من أنه الرجل المناسب.

=-=-=-=-حرب الشعب=-=-=-=-=-=-

انضم الناس العاديين من العمال والفلاحين أنفسهم ممن رفضوا الاضطهاد البريطاني، إلى صفوف المقاتلين المستعدين للموت في سبيل الحرية.

قتل عند تلال بونكر بوسطن ألف جندي بريطاني، بينما فقد سكان المستعمرات أقل من خمسمائة، ما أكد أن المستوطنين العاديين يستطيعون الوقوف في وجه أفضل رجال إنجلترا.

ولكن الحرب كانت في مستهلها فسرعان ما أخرجت المليشيا الأمريكية من بوسطن.

اعتبرت الأشهر التالية حاسمة بالنسبة لجيش الكونغرس القاري، إذ تمكنت بريطانيا من إجباره على الانسحاب في جميع المواجهات.

عندما كادت الأمور تبدو يائسة عبر واشنطن الداليوير عشية الميلاد من عام ألف وسبعمائة وستة وسبعين، حيث قام بهجوم مفاجئ على وحدات من المرتزقة الذين كانوا يحتلون نيوجرسي، ما شكل حركة مدهشة أثبتت بأن الجيش المتعاظم وقائده لن يقبلوا بالهزيمة مطلقا.

تحدث أحد المعلقين عن ذلك بالقول أن هذه المناورة رفعت  معنويات الثوار المنهارة عاليا، وأثرت إيجابا ومباشرة على عمليات التجنيد.

قامت  بريطانيا بالتجنيد على طريقتها، فأعلنت أنها ستمنح الحرية لجميع العبيد الذين يقاتلون ضد المستوطنين. انتهز العديد من العبيد فرصتهم وانضموا إلى الإنجليز. فأطلق جورج واشنطن سياسة رد فيها على الطرح البريطاني.

أدى ذلك إلى جعل جورج واشنطن يغير سياسته المبدئية التي كانت تستثني السود من المشاركة في الحرب، فسمح لهم بالالتحاق فيها، وخصوصا الأحرار منهم، وفي النهاية تمكن العبيد منهم أيضا بالالتحاق بالجيش الثوري فشكل خمسة آلاف منهم فرقة عملت تحت إمرة واشنطن  جاءت الغالبية من المستعمرات والولايات الشمالية

تحولت فيرمونت أثناء الحرب إلى أول مكان في أمريكا يلغي العبودية، سرعان ما تبعته مساشوسيس ونيو هامبشير.

شهد يوم السابع عشر من تشرين أول أكتوبر من عام ألف وسبعمائة وسبعة وسبعون، في سراتوغا نيويورك ما لم يكن متوقعا.  حيث تمكن جيش المستوطنين من التغلب على وحدة بريطانية تتألف من سبعة آلاف جندي، تحولت إلى شراذم، فأجبر ربع الجيش البريطاني في أمريكا الشمالية على الاستسلام.

تأثر في هذه الهزيمة الهنود الذين انضموا إلى بريطانيا في الحرب لحماية أراضيهم، وحريتهم.

عندما سمع الملك الفرنسي لويس السادس عشر بالنصر الذي حققته أمريكا على بريطانيا، وضع أسطوله بما فيه من ستة آلاف جندي فرنسي في خدمة الولايات المتحدة الأمريكية.

رغم النجاحات التي حققها واشنطن في ساراتوغا ما زال يعاني من المشاكل. بعد أن خسر فيلاديلفيا أمام أعدائه أجبر على الانسحاب إلى وادي فورج، وسط قسوة فصل الشتاء، حيث قتل ألفين من رجاله الاثنتي عشر ألف، خلال فصل الجليد، دون أن يمس ذلك بمعنوياتهم واستعدادهم بمواجهة الأسوأ إطلاقا.

سجل التاسع عشر من تشرين أول أكتوبر من عام ألف وسبعمائة وواحد وثمانين، العام السابع من الحرب.

بعد اشتداد الحصار الأمريكي من البر والبحري الفرنسي من البحر وتعرض الجنود للمرض، اجبر الجنرال البريطاني كورن والاس، على توقيع الاستسلام في يورك تاون فيرجينيا، ليضع بذلك نهاية للحرب.

استغرقت الحرب سبع سنوات طوال، وقعت فيها العديد من الكوارث العسكرية والهزائم على أنواعها، ولكنها تكللت بانتصار واشنطن وجيشه المثابر.

استغرقت الحرب سبع سنوات طوال، وقعت فيها العديد من الكوارث العسكرية والهزائم على أنواعها، ولكنها تكللت بانتصار واشنطن وجيشه المثابر.

حملت الثور بالنسبة للعبيد بصيص من الأمل، لنقل أن نافذة الأمل فتحت جزئيا، فعبرها البعض إلى عالم الحرية، بينما ذهب البعض الآخر إلى الجيش البريطاني الذي رحب بهم لإضعاف الجانب الأمريكي، علما أنه عندما غادر البريطانيون أخذوا معهم العديد من الجنود السود متوجهين إلى نيو فونلاند وإنجلترا وحتى إلى سيراليون. بينما بقي البعض في أمريكا بانتظار تطبيق ما وعدت به الثورة

تركت الحرب أناس عاديين، بما في ذلك عد من المحاربين القدامى دون ان دفع التعويضات، متعبين ومرهقين جدا، بديون لا تحتمل.  أي أن أمريكا لم تف بوعودها.

خرج المواطنين الغاضبين كمزارعي مساشوسيس في حركات تمرد قصيرة المدى ضد الحكومة. أثارت عمليات التمرد هذه الممسكين بزمام السلطة جديا.

مع ذلك بعث توماس جيفيرسون برسالة من باريس يعتبر فيها حركات التمرد هذه أعمال ضرورية لا بد منها، حيث يقول:

توماس جيفرسون:

أعتقد أن أن حركات التمرد جيدة بين الحين والآخر، إذ لا بد من إنعاش شجرة الحرية بين الفينة والأخرى بدماء الوطنيين،  والطغاة على حد سواء.

طالبت شخصيات بارزة من الأثرياء المرموقين مثل جيمس ماديسون ألكسندر هاملتون بالتوصل إلى معاهدة دستورية تضمن إقامة حكومة مركزية صلبة لهذه الأمة المشحونة.

أمضى خمسة وخمسون ممثلا من بينهم جورج واشنطن  ثلاثة أشهر في النقاش حول السلطة وشكل الحكومة القادمة. حتى جهز أخيرا في أيلول سبتمبر من عام ألف وسبعمائة وثمانية وسبعين، ما عرف بدستور الولايات المتحدة الأمريكية، الذي يعد بالنظام والاستقرار، ولكن وثيقة الحكومة هذه لم يسعد الجميع.

فهل ستؤدي إلى نشوء طبقة ثرية حاكمة تحل محل الملك؟ أم أنها ستقيم دولة لأمة مستقرة، يتمتع الجميع فيها بالحرية؟

كانت قد بدأت منذ ما قبل اشتعال حرب الاستقلال عملية قيام أمريكا جديدة عند الحدود الغربية خلف جبال أبالاشي.

إنها مناطق صعبة المنال، كما أن قبائل الشيراكي التي تسكنها، كانت خطيرة نسبيا.

ولكن الصعاب ما كانت لتقف في طريق المستوطنين المغامرين

على الجانب الآخر من المحيط كان نابليون بونابارت يشن حربا طاحنة على الإنجليز. فأراد المال لمتابعتها، فباع جيفرسون قطعة صغيرة تقع إلى الغرب من المسيسبي، مساحتها ثمانمائة وثمانية وعشرون ألف ميل مربعا. ما  ضاعف حجم الولايات المتحدة، مقابل أربع سنتات للإكر الواحد.

هكذا تم شراء لويزيانا.

المكسيك (سانتا آنا)

بعد التوسع الأمريكي نحو الغرب بدأ مفهومهم للحرية يثير المخاوف.

شعر سام هيوستن ومن معه من العشرين ألف مستوطن الذين كانوا يسكنون في الأراضي المكسيكية المعروفة بتكساس، شعروا بالخوف من أن تجتاح الحكومة المكسيكية أراضيهم والنيل من حرياتهم. كما أرادوا حرية امتلاك العبيد، رغم أن ذلك ممنوع ضمن القوانين المكسيكية. بعد أن رفض سكان تكساس المراهنة على سبل حياتهم وممتلكاتهم، أعلنوا قيام جمهورية خاصة بهم.

لاستعادة الأراضي التي استولى عليها الثوار قام الجيش المكسيكي بقيادة الرئيس سانتا آنا، بالتوجه نحو الشمال، ولم يجدوا أمامهم إلا وحدات مبعثرة يقودها سام هيوستن عضو الكونغرس السابق وحاكم تينيسي، الذي يتميز ببراعته في قيادة الرجال وتدريب الجنود.

في الثالث والعشرين من شباط فبراير من عام ألف وثمانمائة وستة وثلاثين، هاجم سانتا آنا مدينة سان أنطونيو.

عند موقعة عرفت باسم ذي ألامو، تمكن مائة وسبعة وثمانون رجل من بينهم ديفي كروكيت وجيم بوي، من الصمود ببطولة مميزة. ليسجلوا يوما بعد يوم أساطير  من التحديات التي أوقعت خسائر فادحة في صفوف العدو.

في اليوم الثالث عشر من الحصار، تمكن المكسيكيون من اجتياح ألامو. جرى بعد ذلك إعدام الباقون على قيد الحياة في المعركة بما فيهم الجرحى. ثم أحرقت جثثهم.

بعد شهرين فقط تمكن سام هيوستن ورفاقه من الانتقام. كانت الجحافل الأمريكية تصرخ أثناء الهجوم، تذكروا الألامو، حتى سحقوا الجيش المكسيكي، وقبضوا على سانتا آنا، وفرضوا استقلال تكساس.
كان ذلك عصر من التوسع الجغرافي المنقطع النظير، الذي برر فيما عرف بالبيان المصيري، حيث يقال بأن للأمريكي حق مطلق بإقامة إمبراطورية شاسعة من الفرص والحريات. كتب هذا البيان الصحفي الأمريكي جان إل أو سوليفين.

جان إل أو سوليفين:

لا يتحقق ما يرد في البيان المصيري، إلا إذا وسعنا الحدود عبر القارة إلى أرجاء أخرى تكفي لما لدينا من ملايين تتضاعف أعدادها عاما بعد عام.

وهكذا توجهت أمريكا بعد ذلك للاستيلاء على ما تبقى من الأراضي المكسيكية، التي تصل إلى المحيط الهادئ. عام ألف وثمانمائة وثمانية وأربعين تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من الاستيلاء على جميع أراضي الجنوب الغربي، وثروات كليفورنيا. سرعان ما ثبت بأن هذه الآفاق هي أكثر قيمة مما تخيل أي إنسان على الإطلاق.

الحرب الانفصالية

حرب توسعية لتعزيز الاتحاد وليست لتحرير العبيد.

18/4/1861  يوم الثامن عشر من نيسان أبريل من عام ألف وثمانمائة وواحد وستين، أعلنت أحد عشر ولاية انفصالها عن الاتحاد.

خريف عام ألف وثمانمائة واثنين وستين، شهدت أنتيم كريك خارج شاببريغ ميريلاند، صدام بين الوحدات الاتحادية  والكونفدرالية، وذلك في يوم هو الأكثر دموية في الحرب. حيث تم الاستيلاء على حقل واحد من الذرة ثلاثة عشر مرة. وذلك بمواجهة وقعت بين ستين ألف من وحدات القوات الاتحادية بقيادة الجنرال مكنولين و الوحدات الكونفدرالية، بقيادة الجنرال روبيرت إي لي.

ومع حلول الليل، ضحى ستة آلاف رجل بين اتحاديين  وكونفدراليين بحياتهم. بينما أصيب عشرون ألف آخرين بجروح عميقة، دون أن يتضح من المنتصر،  رغم المجزرة وخسائرها.

=-=-=-=-=-إعتاق=-=-=-=-

بعد معركة أنتيدوم بقليل اتخذ لينكون خطوة حاسمة، فقد أصدر ميثاقا يعلن فيه إعتاق العبيد وإطلاق سراحهم.

لينكون:

كل شخص يعامل كعبد في أي مكان من الولايات المتحدة أيا يكن، حتى في المناطق التي تشهد تمردا ضد الولايات المتحدة، هو حر طليق منذ هذه اللحظة وإلى الأبد.

وهكذا وقف السود الأحرار والعبيد المحررين مستعدين للدفاع عن الاتحاد. ولكن الضباط الفدراليون ترددوا باستخدامهم في المعارك.

معركة غيتيسبورغ=-=-=-=

طوال ثلاثة أيام من صيف عام ألف وثمانمائة وثلاثة وستين،  ذبح الشمال  والمتمردين بعضهم بعضا في معركة طاحنة سجلت منعطفا حاسما في الحرب.

بعد مناوشات بين الوحدات المتقدمة، طلب كل من الطرفين المزيد من التعزيزات، وسرعان ما أصبح مائة وثلاثة وستون ألف رجل يواجهون بعضهم البعض. ينشدون الموت جميعا.

قتل سبعة آلاف رجل، وأصيب خمسة وأربعون ألف آخرون بجروح. في اليوم الرابع أجبر الجنرال لي على الانسحاب نحو فيرجينيا الآمنة، بعد أن انقسم ظهر القوة الكبرى للكونفدراليين.

كان النصر هنا واضحا، على خلاف ما جرى في أنتيدام.

بعد الحرب

بعد الحرب الأهلية الطاحنة، شهدت أمريكا عصرا ذهبيا، كانت الصناعة في طليعته. عاد مليون رجل إلى منازلهم، وعثروا فورا على عمل في مناجم الفحم، والمطاحن،  ومصاهر الحديد، ومصانع الآلات ومعامل الملابس.

غيرت سكك الحديد ما هو  أكثر من الحدود، إذ وضعت حدا نهائيا لها. أجبر الهنود الأمريكيين على العيش في محميات مغلقة على حافة القارة.

قاتل السكان الأصليون من أجل البقاء على يد الحياة، وكافحوا للحفاظ على آخر ما تبقى من عالمهم القديم.

أوريغان. ألف وثمانمائة وسبعة وسبعين. بعد عام واحد من الذكرى المئوية، رفضت قبيلة ناسبيرس الصغيرة التي رحبت يوما بلويس وكلارك اللذان سبق أن أرسلهما جبفرسون للإستطلاع ، وكانت تفاخر بأنها لم تقتل أي رجل أبيض، رفضت التخلي عن أرضها والعيش في المجمعات.

بدل الاستسلام للوحدات الأمريكية، فضل زعيم القبيلة جوزيف، ومن حوله من إستراتيجيين عسكريين، طريق المقاومة.

جيمس رايدينغ إن:

يعتبر جوزيف شخصية تاريخية شيقة، إذ أنه تمكن من قيادة مجموعة من شعبه على دروب نيل الحرية، رغم مطاردته المستمرة من قبل الوحدات الأمريكية، فكان يتوقف للقيام ببعض المناوشات حتى كاد يصل إلى كندا، حيث كان يأمل أن يتمكن من العيش بحرية مع شعبه. ولكنه أوقف قبل الوصول إلى هناك وأجبر على الاستسلام للوحدات العسكرية الأمريكية.

أجبر الزعيم جوزيف كمن سبقه من الزعماء الهنود المقاومين، على العيش في المنفى بعيدا عن الأراضي الهندية. وقد نقل عنه

انتهت الحرب الهندية عام ألف وثمانمائة وتسعين، بعد أن قتل منهم الآلاف، وفقدت جميع القبائل مثل النسبير، والأباشي والسو، حريتها.

في ذلك العام أعلن مكتب الإحصاءات رسميا إغلاق الحدود، واستقرار القارة.

الاختراعات والتقدم الصناعي

تغلب توما ألفا إيديسون على الضوء.

وقد عمل طوال السنوات التالية على إيصال الطاقة الكهربائية إلى بلدات ومدن بكاملها.

لم تحمل الكهرباء الضوء وحده، بل حملت معها حرية الرؤية والسمع ، والاتصال.

ومن خلال اختراعاته، تم التوصل إلى الصورة المتحركة وغيرها من الاختراعات المرتبطة بها.

تحولت الأفلام إلى أعظم الفنون الأمريكية، عالم خيالي من العشاق والخاسرين، والأبطال والفاسدين، ورعاة البقر والهنود الحمر.  عالم نسخر فيه من أنفسنا.

قدم المخترعين مثل إيديسون الأدوات العملية لبناء صروح الأمة الجديدة. ولكن الأمر يحتاج إلى فئة جديدة من النبلاء لجعل أمريكا عملاقة اقتصادية.

عمالقة الاقتصاد

سادة المطاط=-=-=-=-

قادت حفنة من الرجال شؤون البلاد والأعمال لنصف قرن من الزمن، وذلك من خلال طموحاتهم الساطعة والعمياء. فهم لا يعرفون الخضوع، ولا يعترفون بأي سلطة، إلا سلطتهم.

ألان برينكلي:

كان الناس يسمونهم سادة المطاط للنقد اللاذع وقد يسميهم المعجبين بهم عباقرة الاقتصاد، ولكنهم كانوا طلائع المرحلة الأولى من بناء المجتمعات الرأسمالية الصناعية الحديثة، السواد الأعظم من كبرى الشركات الأمريكية التي ما زالت سائدة حتى اليوم أسست مع نهاية القرن التاسع عشر، وذلك على يد أفراد موهوبين ومندفعين جدا وفي منتهى القسوة أحيانا، حققوا إنجازات رائعة، فقد حولوا الاقتصاد الأمريكي، ولكنهم كثيرا ما كانوا يفعلون ذلك بسبل بالغة الفظاظة  والوحشية، ما جعلهم يستحقون لقب أسياد المطاط.

يعتبر جي بي مورغن أشد هؤلاء الرجال صلابة، الذي مول خطوط سكك الحديد، وباقي الصناعات الأمريكية.

حقق مورغن الإبن أرباحا طائلة من الحرب الأهلية، فقد تعامل مع النزاع، كفرصة تجارية، وليس كقضية، فجنى منها أرباحا طائلة.

سرعان ما تملك أربعة من أهم ستة خطوط للسكك الحديدية في البلاد، وشركات التأمين وكبريات المصانع، وإمبراطورية مالية تساوي المليارات.

وسط حفلة غداء أقيمت عام ألف وتسعمائة، تمكن شريك مقرب لأندريو كرنغي، من إقناع مورغن بشراء مصانع كرنغي الهائلة للحديد الصلب، الذي طلب مقابلها أربعمائة وثمانين مليون دولار، بكتابة الرقم على قصاصة ورقية. وهكذا نشأت يو إس ستيل، أكبر شركة صناعية في العالم.

لم يولد أندريو كرنغي مجازيا بملعقة ذهبية في فمه على غرار مورغن، بل هو إنسان صنع نفسه بنفسه، كان والده مهاجر اسكتلندي فقير، فتعلم منه ِأهمية الدولار،  والعدالة الاجتماعية في آن معا.

عندما عمل ضابط في سكك الحديد، استوعب فكرة بسيطة أكثر من أي شخص آخر. أدرك أنه لا يمكن بناء القطارات بدون السكك. وهكذا وظف في صناعة الحديد حتى تمكن من التحكم بها، وعندما فتح المجال للصلب، سيطر على هذا المجال أيضا.

(..)

سادت حالة من الاستياء تجاه سبل استخدام الأثرياء لثرواتهم، لهذا يقارن الناس بين سلوك كرنغي وروكي فيلر، وتملك البعض إحساس من القلق حيال تحول الأثرياء إلى هدف للغضب الوطني، إن لم يحسنوا من صورتهم في أعين الوطن، ينطبق هذا على كرنغي الذي تحول من أشد أصحاب مصانع الحديد فظاظة وقسوة في القرن التاسع عشر.

الرد على الحركات العمالية المطالبة بالعدالة

بين عامي ألف وثمانمائة وواحد وثمانين وألف وتسعمائة وخمسة فقط، سجلت أكثر من سبعة وثلاثين ألف حركة إضراب لأكثر من سبعة ملايين عامل في كل المجالات الصناعية عبر مختلف أرجاء البلاد. فاز أرباب العمل بالمعركة خلف الأخرى، وذلك بمساعدة الشرطة والحراسة الوطنية.

مع نهاية القرن أصبحت أمريكا جاهزة لشد عضلاتها، وقد أصبحت اليوم على الساحة الدولية، تنافس الدول الأوروبية العظمى بالقوة والازدهار.

استغلال ما يسمونه بالحرب الإسبانية الأمريكية

(أي معارك تحرير واستقلال جنوب القارة من الاحتلال الإسباني)

1898اشتعلت الحرب ضد ما كان لأحد أن يجسد صورة أمريكا الجديدة أفضل من ثيودور روزفلت،  الذي تعامل بشدة مع الحرب الاسبانية الأمريكية، فشكل قوة من الفرسان المتطوعين وقادها في معركة سان خوان حيث سيطر على مزيد من الأراضي وبدأ يعزز نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في جنوب القارة ليحل محل الاستعمار الاسباني الراحل في كثير من المناطق فكان أن ألحق عدد كبيرا من جزر المحيط  الهادئ والأطلسي والتي كانت من آخرها جزيرة بويرتوريكو.

الحرب العالمية الأولى

أثناء ازدهار أمريكا وقعت الحرب في أوروبا عام أربعة عشرة، حول من سيسيطر على العالم وجميع ثرواته. رغم تعاطف الرئيس ويلسون مع بريطانيا إلا أنه أصر على إبقاء أمريكا خارج الحرب العظمى، ذلك أنه كان يعتبر الإصلاحات الاجتماعية أو الحرية الجديدة كما أسماها تعتبر مسألة أكثر أهمية.

ولكن هذا الموقف من الحرب العالمية الأولى لم يذهب بعيدا.

رغم معارضة كثير من الأمريكيين لدخول الحرب، قام ويلسون بإرسال الرجال عبر البحار للقتال لأول مرة، في نزاع أوروبي واسع النطاق.

رغم ما قيل خلال الحرب العالمية الأولى عن أنها حرب ستجعل العالم آمنا للديمقراطية، إلا أن تحريك الوحدات الواسع النطاق أدى في الولايات المتحدة إلى ممارسة ضغوط شديدة على حرية التعبير. من بينها الرقابة والتجسس بموافقة الكونغرس، جعلت من غير القانوني انتقاد الحكومة خلال الحرب العالمية الأولى، كما أن بعض الولايات طبقت قوانين أشد قسوة من ذلك، من بينها منع التحدث بالألمانية في أي مكان على الهاتف أو في المنازل، ما أدى إلى نوع من الهستيريا لتعزيز الوحدة القومية، حيال المعارضة الكبيرة للمشاركة في الحرب، ما دفع الحكومة إلى قمعها.

أودع الكثير من المعادين للحرب في السجون، ومن بينهم الزعيم الاشتراكي يوجين فيديب، المناضلة السياسية إيما غولدمن، الذين قضوا فترة الحرب كاملة إلى جانب الآلاف غيرهم في السجون، كما نفي بعضهم إلى خارج البلاد.

بينما خرجت أوروبا مدمرة من الحرب، أدت هذه الحرب نفسها إلى جعل أمريكا أشد البلدان قوة من قبل.

بقيت الولايات المتحدة على الحياد في الحرب العالمية الثانية حتى استغلت وقوع الهجوم الياباني على ميناء هابربر في المحيط.

كما شهدت الولايات المتحدة سجن الأمريكيين ذوي الأصول اليابانية في معسكرات حجز طوال فترة الحرب لمجرد انحدارهم من أصول يابانية، رغم أن أبنائهم غادروا البلاد للقتال والموت، في سبيل الحرية.

أصبحنا اليوم جاهزون، لأن ندمر بالكامل  وبسرعة كبيرة، كل المراكز الإنتاجية لليابان في جميع المدن. سوف نستهدف المصانع والمزارع والاتصالات. لا داعي للشك في أننا سندمر القدرة اليابانية بكاملها على صنع الحرب.

قررت الولايات المتحدة إخضاع اليابان بسلاح رهيب جدا، بدل اجتياح اليابان والمخاطرة بعشرات الآلاف من الإصابات الأمريكية. وقد ألقي فوق هيروشيما، وناغاساكي.

فازت أمريكا والحلفاء بالحرب من خلال التضحيات الكبيرة بالأرواح، وتخلصت من أعداء الحرية والديمقراطية.

=-=-=-=-الحرب الباردة=-==-=-=-

بدا لغالبية الأمريكيين بأن الحرب الآن وجهت بين ليلة وضحاها  ضد عدو جديد، يكره الحرية أكثر من كل شيء. إنه الاتحاد السوفيتي الذي كان يوما من الحلفاء الذين ساهموا في تحقيق النصر.

إنه عصر جديد، من الخوف والترقب، عرف بالحرب الباردة.

تحولت مهمة أمريكا الآن إلى مقاتلة الشيوعية حول العالم.

في الخمسينات، ارتفعت حرارة الحرب الباردة بسرعة كبيرة، بعد اشتداد النزاع المسلح في كوريا.

أما في الوطن فهناك نوع جديد من الثورة، هي ثورة منن الازدهار، فقد خرجت أمريكا من مراحل الركود والحرب أقوى من أي وقت مضى.

شهدت جميع مجالات الحياة الأمريكية الفنية منها والأكاديمية والمدرسية والحكومية، وبين المثقفين والسياسيين، كلها شهدت عمليات قمع شديدة، هدد الناس بفقدان وظائفهم وحياتهم أو بعزلهم عن المجتمع لمجرد اتهامهم بالانتماء إلى الحركات الراديكالية.

تكمن الإساءة الجادة التي شهدتها هذه الفترة بالتهديد والوعيد، الذي أدى إلى تردد الناس في التعبير عن آرائهم لأنهم كانوا يخافون من العواقب الناجمة عن اتهامهم بالانتماء إلى الشيوعية.

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster