اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 إيران وأمريكا "مبدأ التطويق" وحدود المواجهة
 

 

 

ثلاث لاءات شكّلت عصب الموقف الإيراني من تفجيرات نيويورك وواشنطن، وتاليا لواحقها الحربية في أفغانستان، الـ"لا" الأولى نهضت على شجب التفجيرات التدميرية، والثانية تمحورت حول إدانة الحملة الأمريكية على أفغانستان، فيما الثالثة استقرت على استمرارية سلبية من حركة "طالبان" ونشاطها السياسي.

 ومقابل هذه اللاءات المكشوفة على علن وجلاء والتي صاغت أرضية الخطاب السياسي الإيراني في مرحلة ما بعد 11 أيلول الماضي، كان ثمة ثلاثة عناوين ميدانية أوجزها سلوك طهران تجاه المتغير الأفغاني، أولها قائم على عدم الستر في دعم "تحالف الشمال" مثلما أكد وزير الدفاع علي شمخاني، وثانيها عماده الدفع نحو التحضير لمؤتمر بون كصيغة وفاقية انتقالية لمناخات ما بعد "طالبان"، وثالث العناوين يتعلق بإعلان طهران عن استعدادها للإسهام في إعادة إعمار أفغانستان وتشكيل جيشها الوطني والكشف عن رغبتها (إيران) بتقديم 500 مليون دولار لحكومة حميد قرضاي.

 وبهذا المعنى، بدت إيران لوهلة ما، طرفا تحقق له جني المكاسب من عملية إسقاط نظام "طالبان"، فالسعي إلى فتح قنوات اتصال مع قرضاي الذي زار طهران، فضلا عن وجود زعامات شيعية وإسماعيلية (كريم خليلي وإسماعيل خان) أفغانية متوافقة مع إيران، ناهيك عن الطاجيك (برهان الدين رباني) وإقامة قلب الدين حكمتيار في العاصمة الإيرانية، كل ذلك أفضى عمليا، إلى إظهار إيران طرفا منتصرا في الحرب الأفغانية من جهة، وندّاً لا يعادله نظير اقليمي في ذهابه نحو "كسر" أحادية التوضيب الأمريكي لأفغانستان الراهنة.
 
إذاً، على خلفية الملف الأفغاني، يمكن الانطلاق نحو قراءة أفق سخونة اللحظة الإيرانية الأمريكية الحاضرة، مع الإشارة إلى أن ملفات العراق والقضية الفلسطينية وآسيا الوسطى وأسلحة الدمار الشامل، تتضافر مجتمعة لتشكل الإطار العام للمواجهة السياسية الجارية بين طهران وواشنطن.

 استكمالا من الملف الأفغاني، تنطلق طهران في تعاطيها مع كابول، اعتمادا على واقع الجوار، فالحدود المشتركة بين إيران وأفغانستان تبلغ 900 كلم، ويقيم فوق الأراضي الإيرانية زهاء مليوني لاجئ أفغاني، وتتطلع طهران إلى احتواء المثلث الجغرافي الإيراني الافغاني الباكستاني المعتبر أحد أخطر اماكن زراعة وإنتاج المخدرات والاتجار بها في العالم قاطبة، كما أن التوافق السياسي مع أفغانستان، يتيح لإيران لأول مرة منذ قرنين تقريبا، بناء جسر تواصلي بين أطراف العالم الفارسي (إيران أفغانستان طاجكستان)، ومن شأن ذلك أن يحقق للجمهورية الإسلامية مجالا حيويا هو المنفذ الوحيد بين دول الجوار كافة.

 غير ان هذا الطموح الإيراني، كان لا بدّ له أن يصطدم بإحدى حقائق الاستراتيجية الأمريكية المرتبطة بغرب آسيا ووسطها وجنوبها، وإحداها (الحقائق) يهدف إلى محاصرة إيران بحزام من الدول والمدارات التي باتت "تستضيف" قواعد عسكرية أمريكية ثابتة أو مندرجة في فضاءات الحماية الأمنية الأمريكية المباشرة. ولذلك فإن النظر إلى دول الجوار الإيراني يُظهر التالي:
 1-  
باكستان: ذهبت إلى توقيع عدة اتفاقات عسكرية ل"شرعنة" استعمال الجيش الأمريكي لقواعدها العسكرية.

 2-  أفغانستان: بات للأمريكيين فيها قواعد عسكرية لآجال غير منظورة مثلما صرّح الرئيس جورج بوش ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد اكثر من مرة.

 3- أذربيجان: وافقت على التعاون الأمني والعسكري مع الولايات المتحدة منذ ما قبل الحرب الأفغانية.

 4-  تركمانستان: عملت على تأجير أهم قواعدها العسكرية للولايات المتحدة، في عاصمتها عشق آباد، لمدة 25 عاما.

 وإذا ما أضيف إلى الدول الاربع السابقة الذكر، تركيا، والعراق بشطريه الجنوبي والشمالي الموضوعين تحت الحماية الأمريكية المباشرة، فضلا عن الوجود العسكري الأمريكي في الخليج، لا يبقى سوى أرمينيا جاراً لإيران خارج السياق العسكري الأمريكي المباشر.
 
ومن طبيعة الامور، أن يتصل واقع التطويق الأمريكي لإيران، بالمساعي الإيرانية الآيلة إلى إيجاد مرتكزات اقتصادية في جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية، إن على مستوى نقل الغاز والنفط عبر الأنابيب الإيرانية وتحديدا من تركمانستان، أو على مستوى حركة الصادرات الإيرانية إلى الجمهوريات المذكورة. والمعروف في هذا المجال، إن الجوار الإيراني، عربيا كان أو تركيا أو باكستانيا، وارداته (باستثناء النفط والغاز لباكستان وتركيا) من إيران، ليست ذات قيمة إذا ما قورنت بالصادرات الغذائية والنسيجية إلى آسيا الوسطى، ويأتي فوق ذلك الدور السياسي والثقافي الذي تلعبه طهران في العمق الآسيوي، ليضيف المزيد إلى عناصر السخونة القائمة بين إيران والولايات المتحدة.

 انطلاقا من ذلك، يبدو الاشتباك السياسي الإيراني الأمريكي، متجاوزا بأحد أبعاده لعنوانية الدور الإيراني في أفغانستان ومتصلا في الوقت عينه بـ"مبدأ التطويق" كمبدأ بديل من سياسة (مبدأ) "الاحتواء المزدوج" التي تم اعتمادها منذ العام 1993، وتاليا، ذهاب الإدارة الأمريكية إلى الرد العملاني على سياسة الأبواب المفتوحة التي اعتمدتها طهران مع دول الجوار الاقليمي منذ مرحلة ما بعد حرب الخليج الثانية وأسفرت عن انفراجات واسعة مع المحيط، على أن مبدأ (سياسة) التطويق، يهدف إلى التالي:

 أ- إقفال او تضييق الباب الأفغاني وامتداداته الآسيوية أمام إيران.
 
ب- تزنير إيران بحزام من القواعد العسكرية والمدارات الامنية الأمريكية كما سبق القول.
 
ج- كبح مناخات تطبيع العلاقات العربية الإيرانية، وتحديدا العلاقات الإيرانية الخليجية.
 
د- حصر التأثير الايديولوجي والسياسي في الداخل الإيراني، وهذا ما يمكن ملاحظته في الدعوات الأمريكية المطالبة بتفكيك علاقة طهران بكل من حزب الله (لبنان) وحركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" (فلسطين) وحزب الوحدة (أفغانستان) فضلا عن الاعتراض الأمريكي التقليدي على أي دور إيراني في العراق، إن على مستوى المشاركة في صوغ مستقبله السياسي، أو على مستوى العلاقة مع فصائل المعارضة وأحزابها، وبصورة خاصة مع "المجلس الاعلى" ذي الخاصية الشيعية، الذي يقيم زعيمه السيد محمد باقر الحكيم في العاصمة الإيرانية.

 ه-  إقلاق العلاقات الإيرانية الروسية والإيرانية الاوروبية، ففي منظومة دوائر السياسة الخارجية لطهران، تحول الاتحادان الروسي والاوروبي إلى ثوابت استراتيجية في علاقات إيران الخارجية منذ إيقاف الحرب مع العراق في العام 1988 وفقا للقرار الدولي رقم 598، ذلك أن روسيا باتت تمثل خرطوم السلاح الإيراني وأوروبا خرطوم الاقتصاد والتكنولوجيا.
 
وتحت ظلال "مبدأ التطويق"، يتجه الكلام نحو الخلفيتين العراقية والفلسطينية في الاشتباك السياسي الحاصل بين طهران وواشنطن، وفي ذلك يمكن القول: بالنسبة للعراق، فإن الاقتراب الإيراني منه، بدا خرقا لـ"مبدأ التطويق" وتعزيزا لعلاقة ثنائية بين دولتين "شريرتين" طبقا للعرف الأمريكي، وإذا ما نُظر إلى احتمال تفعيل العلاقات الإيرانية العراقية وإزالة رواسب حرب الخليج الأولى، فمن شأن العراق، إذ ذاك، أن يشكل حلقة الوصل الجغرافي بين سوريا وإيران ولبنان وفلسطين، مما يعني خلق واقع "جيو استراتيجي" يعيد إحياء مفهوم "الجبهة الشرقية"، بعمق إسلامي يتجاوز الجغرافيا العربية.

 وبصرف النظر عن واقعية تبلور مثل تلك الجبهة، فالتقارب العراقي الإيراني، والتفاعل الايجابي التقليدي بين إيران وسوريا والمستجد بين الأخيرة والعراق، يستدعي كماً من الهواجس الأمريكية التي تدفع باتجاه الحيلولة دون ارتفاع وتائر التقارب العراقي الإيراني خصوصا في مرحلة تفرض أثقالها على واشنطن المتطلعة إلى مواجهة طائفة من التحديات ذات المصدر الآسيوي مثل "الارهاب" وأسلحة الدمار الشامل، وملء الفراغ الاستراتيجي في آسيا الوسطى، والقضية الفلسطينية والعلاقة مع الصين ومستقبل الصراع الباكستاني الهندي والأفق الوظيفي لكل من نيودلهي وإسلام آباد. وتأسيسا على ذلك، تغدو مهمة الفصل بين العراق وإيران فعلا متعدد الأغراض يتداخل فيه الشرق الأوسطي مع الأسيوي و"محور الشر" مع السلاح غير التقليدي، و"الإرهاب" مع "مبدأ التطويق"، وهو الامر الذي ينطبق بدوره على الخلفية الفلسطينية للخطة الإيرانية الأمريكية الساخنة، حيث تهدف إدارة الرئيس جورج بوش إلى إقصاء إيران عن أرضية الصراع العربي الاسرائيلي وتفكيك علاقاتها القائمة مع حزب الله وحركتي "حماس" والجهاد الاسلامي ومع بعض أجنحة السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" مثلما ترى الإجارة المذكورة، على الأقل، منذ إعلان اسرائيل مصادرة سفينة السلاح "كارين إي".
 
إن كل ما تقدم يطرح السؤال التالي: هل يمكن أن تبلغ السخونة الأمريكية الإيرانية مستوى الصدام والمواجهة؟

 وفقا لكيفية تشكّل قرار الحرب بين طرفين (باستثناء تصاعد الحملات الاعلامية والدعائية)، ما فتئ الفعل الحربي بعيدا عن الفضاءات الإيرانية، ومقدمات الحرب مثل الحشود العسكرية والشروط السياسية وإعلان التأهب من جانب الطرف الأمريكي ما زالت غير متشكلة، كما أن الإجماع الأمريكي لا يبدو متبلورا، فزعيم الأغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ طوم داشل اعتبر مصطلح "محور الشر" مبالغة لغوية، كما أن إدارة الرئيس بوش عمدت بعد شيوع المصطلح، إلى التقليل من آثاره السلبية، فوزير الدفاع دونالد رامسفيلد عمل على التفريق بين مصطلح "محور الشر" كخانة تصنيفية وبين امكانية اندلاع الحرب، إذ أكد أن كلام بوش لا يعني حتمية اجتياح أي بلد، فيما وزير الخارجية كولن باول لم يستبعد فتح قنوات حوار مع طهران، وحتى في أوساط النخبة الأمريكية، لم يلق خطاب بوش تأييدا إذا ما تمت الاشارة إلى النقد الذي وجهته مادلين أولبرايت إلى بوش ذاته.

 وبالإجمال، فإن الولايات المتحدة بحاجة إلى حلفاء دوليين إذا استقر بها الرأي على قاعدة توجيه ضربة عسكرية لإيران، ومثل هذا الامر تفتقده واشنطن، فالمواقف الاوروبية والروسية والصينية تفترق عن الموقف الأمريكي بمساحات واسعة، كما أن مظلة مجلس الأمن الدولي التي تفيأت تحتها الإدارات الأمريكية في السنوات العشر الماضية ليست متوافرة هذه المرة. وعموما، فإن جولة الذاكرة على الحروب الأمريكية في القرن العشرين المنصرم، تُظهر انعدام خوض الأمريكيين لأي حرب بمنأى عن الحلفاء. وإذ لا ينطبق هذا القول على حروب واشنطن في القارة الأمريكية، فإنه ينطبق تماما على الحروب خارج القارة، وهذا ما تؤكده الحربان الكونيتان الأولى والثانية، والحرب الكورية، والحرب الباردة، وحروب جنوب شرقي آسيا، والحرب الأفغانية الأولى، وحرب الخليج الثانية، وحرب البلقان، والحرب الأفغانية الثانية التي قرعت أجراسها منذ الحادي عشر من أيلول الماضي.

وإذا كانت مقدمات الحرب غير متشكلة لدى الطرف الأمريكي، فالواضح أن الطرف الإيراني يذهب بدوره ايضاً إلى الابتعاد عن الصدام والمواجهة من خلال لجوئه إلى سياسة "سحب الذرائع". وأكثر ما تجلى ذلك، عبر إقفال مكاتب قلب الدين حكمتيار في طهران، وتكثيف المراقبة الامنية على الحدود الإيرانية الأفغانية الباكستانية، والإيحاء بإمكانية طرد حكمتيار من إيران إذا تجاوز حدود الضيافة مثلما أشار وزير الداخلية موسوي لاري، وكذلك عبر الاعتقالات التي شنتها السلطات الامنية الإيرانية وأسفرت عن اعتقال 300 شخص مشتبه بانتماء بعضهم إلى تنظيمي "القاعدة" و"طالبان".

وخلاصة القول بهذا الشأن، ان مشهدية الحرب الأمريكية الإيرانية المباشرة غير مكتملة العناصر، فيما يمكن الحديث عن أشكال أخرى من "الحروب" مرجح لها أن تشتد أو تتبلور أو تبرز في المرحلة المقبلة وهي:

*  تشدد الأمريكيين في تطبيق "مبدأ التطويق".

*  ضغوط مكثفة على إيران لأجل السماح باستخدام أراضيها منطلقا لعمليات أمنية هادفة لملاحقة عناصر مشتبه بانتمائهم إلى "القاعدة" أو "طالبان"، بالإضافة إلى اشتراط تسليمهم للسلطات الأمريكية، أو المشاركة في التحقيق معهم إذا ثبت أن بعضهم متورط في شبكة "الإرهاب".

*  احتمال الضغط على طرفي نقيض الواقع المذهبي والعرقي في اقليمي سيستان وبلوشستان الإيرانيين، حيث يوجد الإيرانيون السُنّة، فمن جهة يقول الأمريكيون إن قادة وأفرادا من "القاعدة" و"طالبان" فروا إلى هذه المناطق (هل يغامر الأمريكيون بالقول إن أسامة بن لادن والملا عمر هناك؟) فضلا عن كون بعض الأطر السنية الإيرانية (تنظيم الفرقان المحظور)، مرتبطة بتنظيم "القاعدة"، وهذا يستوجب تشددا أمنيا إيرانيا. ومن جهة ثانية يلجأ الأمريكيون إلى رعاية الحساسيات الناشئة جراء التشدد الأمني الإيراني، مع العلم أن بعض قادة الأطر السنية المحظورة أو المعارضة يقيم في عواصم أوروبية وعلى وجه الدقة في لندن (الشيخ عبد الله البلوشي).

خلاصة القول، إن حدود المواجهة بين إيران والولايات المتحدة لا تعني حتمية الارتطام المباشر، ففي ظل توافر البدائل غير المباشرة وغياب الإجماع الأمريكي الداخلي وافتقاد الحلفاء وسياسة "سحب الذرائع" الإيرانية وفيض التحديات الأمريكية الخارجية الأكثر إلحاحا من التحدي الإيراني، يصبح "مبدأ تطويق" إيران شكلا للحرب الأمريكية ومضمونا...

--------------------انتهت.

توفيق شومان

  الكاتب:

الصفوة (http://www.safwacity.net)

  المصدر:

13 كانون أول - ديسمبر 2001

  تاريخ النشر:

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster