اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 دارفور والتدويل: جدران الفصل بين العوربة والأفرقة
 

 

 

واحدة من اكثر الاشكاليات خطورة التي يتأسس عليها تدويل قضية دارفور السودانية، تكمن في تعميق حالة الفصل بين العرب

 والافارقة على امتداد خطوط التماس العرقية في القارة السمراء، ابتداءً من أريتريا وصولا الى موريتانيا، اي من اقصى الشرق الافريقي، الى اقصى غربه.
 
وحالة الفصل تلك، تبدو ارتدادا، على حالة التفاعل (وربما الالتحاق) التي شهدتها العلاقات العربية الافريقية في ستينيات القرن الماضي، وبالتحديد خلال عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، حيث تمحورت السياسات الافريقية آنذاك، حول التضامن مع القضايا العربية خاصة بعد حرب الخامس من حزيران 1967، اذ ذهبت كل دول منظمة الوحدة الافريقية، ما عدا جنوب افريقيا وروديسيا، الى قطع علاقاتها مع اسرائيل، تضامنا مع مصر وانسجاما مع سياسات حركة عدم الانحياز.

 وبالمقارنة بين الامس واليوم، لا تظهر نتائج المقارنة، سوى انتقال التفاعل، من اطاره الايجابي الى اطار موغل في السلبية، فأريتريا على سبيل المثال مستغرقة في الصدام مع السودان، وعلاقتها باليمن اقل ما يقال فيها، انها تخضع لترسبات النزاع حول جزر حنيش، وذلك هي الحال بين ليبيا وتشاد، حيث أحقاد حرب ”اوزو“، لا تزال ضابطا لايقاع العلاقات الليبية التشادية، وأما موريتانيا، فالاشتعال الداخلي الذي شهدته البلاد بين العرب والافارقة، ما فتئ يرخي بظلاله على العلاقة مع السنغال، ومقابل كل ذلك، فإن دولا مثل اثيوبيا واوغندا ورواندا وبوروندي وغيرها، مأخوذة بسجال لا ينتهي حول توزيع جديد لمياه نهر النيل مع مصر، وهذا ما يجعل العلاقة مع القاهرة التي شكلت في ستينيات القرن العشرين، الحاضرة السياسية لأفريقيا، غير مستقرة، وعرضة للاهتزاز بين الحين والآخر.
 
وضمن هذا السياق، تندرج عملية تدويل قضية دارفور السودانية، فالانطلاق نحو معالجتها من زاوية النزاع القائم بين عرب المنطقة وأفارقتها، لا يؤسس لحلول على مستوى وطني، بقدر تأسيسه لجدران عرقية او قومية داخل الوطني الواحد، فضلا عن كونه يغذي بناء جدران فاصلة على مستوى القارة السمراء بين العرب والافارقة، وقد يكون السودان، نموذجا صارخا لجدران الفصل تلك التي يمكن ملاحظتها وفق التالي:

 1 حكم ذاتي اشبه بالحكم المركزي في الجنوب، استنادا الى الاتفاقيات الموقعة في ضاحية ”نيفاشا“ الكينية، والتي تبقي الباب مفتوحا امام انفصال الجنوب عن الشمال، وحين يتم استحضار التقسيمات الجهوية في السودان، فالامر لا يعني اقل من القول بالشمال العربي والجنوب الافريقي.

 2 اتجاه الحركات المسلحة في منطقة دارفور، اي ”حركة تحرير السودان“ و”حركة العدل والمساواة“ الى طرح برنامج سياسي متكامل لصوغ العلاقة المستقبلية بين الخرطوم عاصمة الشمال، ومنطقة دارفور، فاستنادا الى رئيس ”حركة تحرير السودان“، عبد الواحد محمد نور، فإن حركته تطالب بإجراء استفتاء شعبي لتقرير مصير المنطقة، وإذا جاءت نتيجة الاستفتاء لصالح وحدة الكيان السوداني، فالاقرار بالتعددية الثقافية والعرقية، من جانب الخرطوم، يجب ان يسبق اي اتفاق معها مثلما يقول مني اركو ميناوي، الأمين العام للحركة في مؤتمر صحافي في اسمرة عاصمة اريتريا في 23 تموز 2004.

 3 بعد الجنوب السوداني، ودارفور، ثمة قضية اخرى تأخذ طريقها للبروز، وهي قضية ”البجة“ في الشرق، وبحسب القيادي في ”مؤتمر البجة“ عبد الله احمد كفة، ان حركته لا تلتزم بأي اتفاق لاطلاق النار مع سلطات الخرطوم.

 غاية القول هنا، ان ”اتفاقية نيفاشا“ بين الشمال والجنوب السودانيين، مهدت لتدويل مجمل النزاعات السودانية السودانية، وكما غدا واضحا، فالاتفاق مع الحركة الشعبية لتحرير السودان التي يقودها الدكتور جون قرنق، لا يلغي تأثيرات الحركة على النزاعات السودانية الأخرى، بل على العكس من ذلك، فقد أدت هذه الاتفاقية، من خلال الرعاية الدولية لها، الى جعلها نموذجا لحركات مسلحة أخرى بين شرق السودان وغربه، وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته في دارفور الآن، وفي اليجة أيضا، وأما تأثيرات جونن قرنق، فيظهر وضوحها في سلسلة تصريحات له بين حزيران وتموز من السنة الجارية، والدائرة (التصريحات) حول دفاعه عن حقوق الأفارقة السودانيين. واتهامه نظام الرئيس عمر البشير بشن حملة ابادة على السكان من ذوي الاصول الافريقية، كما ان مساندته لحقوق البجة في شرق السودان، تحوّله الى مفاوض غير معلن في هذه المنطقة، مثلما هو شأنه في دارفور.

 المسألة الأخرى التي يمكن الاشارة اليها، تدور حول خطأ السلطات السودانية بظنها ان ابرام اتفاقية سلام مع الجنوبيين، يعني نهاية الصراعات المسلحة بين الاتجاهات السودانية المختلفة، ولذلك جاءت الدعاية الاعلامية الرسمية منذ مفاوضات ”مشاكوس“ قبل حوالى عامين لتركز على أهمية الخلاص من سلسلة الخسائر المتراكمة منذ اندلاع الصراع المسلح مع جون قرنق في العام 1983، أي انها حصرت مشاكل السودان وصراعاته ونزاعاته، وبالتالي استقراره، بوضع حد لمعضلة الجنوب، ومن دون الانتباه الى النوافذ المشرعة على أزمات أخرى في مناطق سودانية عدة، بل ان السلطات السودانية أخطأت بتقديرها أيضا، ان الرعاية الدولية للاتفاقية مع الجنوبيين، وبقيادة الولايات المتحدة، من شأنها ان تعطي شرعية للنظام القائم وتدفع بعلاقاته مع الغرب عامة، والإدارة الأميركية خاصة الى التطبيع الكامل.
 
وبناءً على ما تقدم، يمكن القول ان رغبة السلطات السودانية بتطبيع العلاقات مع الغرب، قد فشلت، وما الاصوات المنددة بفظاعات دارفور، من جانب الولايات المتحدة وألمانيا وكندا وأوستراليا وبريطانيا، سوى دلالات سافرة الوضوح الى ذلك، كما ان تطبيع العلاقات بين نظام الرئيس البشير والعقيد جون قرنق، لم يصل الى المرحلة المرجوة التي أرادتها اتفاقية نيفاشا، ويبدو من الصعب تحقيق ذلك في ظل اتساع رقعة الاصداء المرتبطة بقضية دارفور، محليا واقليميا ودوليا، ومعظمها يصب في روافد ليست في صالح نظام الرئيس البشير.
 
وأخيرا، تبقى مسألة الافرقة والعوربة في السودان، وهي مسألة بات انكارها مستحيلا، إلا ان خطورتها تأتي من واقع يبني جدران فصل سياسية ونفسية بين الأطراف المعنية، وهذا ينبئ بمستقبل غير سوي بين الجماعات السودانية، إذ ان الدروس المستفادة من صراعات العالم الثالث الدموية، ذاك الاصرار على استدعاء التقاتل بالتاريخ حتى ولو غاب في غياهب الماضي، وقد لا ينجو السودان من هذا الأمر، خاصة ان العوربة والأفرقة، تقفان على خط تماس دام مثلما سبق القول، من أريتريا حتى موريتانيا.

--------------------انتهت.

توفيق شومان

  الكاتب:

الرأي

  المصدر:

19 آب - أغسطس 2004

  تاريخ النشر:

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster