|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
ثمة عاملان أساسيان يقفان وراء الاجتياح الاسرائيلي لمناطق السلطة
الفلسطينية، الاول أمني ويتعلق بانكسار مفهوم الامن الاسرائيلي
الاستراتيجي من خلال إدخال الفلسطيني سلاحا استراتيجيا في المواجهة، هو
القنابل البشرية (العمليات الاستشهادية) المتقابلة مع التفوق العسكري
لإسرائيل، فيما العامل الثاني، وجودي، يرتبط باختلاف الرؤى وتضارب
التصورات الفلسطينية والاسرائيلية حيال اتفاقية ”اوسلو“، وتحديدا
خاتمتها، فالاسرائيليون يشاؤونها ادارة امنية محلية موزعة المهام بين
الشأن البلدي على مستوى المواطنين الفلسطينيين، والوظيفة الامنية
الراعية للأمن الاسرائيلي، فيما الفلسطينيون، تذهب طموحاتهم الى البناء
على ”أوسلو“ لإقامة الدولة الفلسطينية.
هذان العاملان، لم يتبلور تعارضهما في المرحلة التالية على مجيء أرييل
شارون الى رئاسة الوزراء الاسرائيلية في اوائل العام الماضي، ذلك ان
الاجتياح الاسرائيلي الحالي، لا يشكّل اكثر من حلقة اضافية (بصرف النظر
عن نسبة العنف المرتفعة) للمواجهات (الانتفاضة) التي اندلعت في فترة
حكم ايهود باراك عقب فشل مفاوضات ”كامب ديفيد“ الثانية في تموز 2000،
كما ان هذا الاجتياح، تعود جذوره الى انتفاضة ايار 1998 في مرحلة حكم
بنيامين نتنياهو، فضلا عن جذر آخر تاريخه في ايلول 1996 (انتفاضة
النفق)، وكذلك مواجهات شباط في العام 1996 التي أعقبها مؤتمر ”شرم
الشيخ“ حين كان شمعون بيريز رئيسا للحكومة الاسرائيلية، وقد تميّزت
فترة حكمه الانتقالية بثلاثة عناوين: المراوحة على التسويف التفاوضي،
وتقديم موعد الانتخابات وعدوان نيسان على لبنان في العام 1996.
ما يُراد قوله هنا، ان مسيرة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية المتوة
بتضارب الطموحات وتقاعسها، ما كان لها ان تنتج سوى مشاهد الاجتياح
الراهن، انما الجديد في خلفياتها ينهض على الاستفادة الاسرائيلية من
مرحلة ما بعد الحادي عشر من ايلول وذهاب الرئيس الاميركي جورج بوش الى
صياغة ”مبدأ مكافحة الارهاب“، وبالتالي شمول ”قوائم الارهاب“ المعولمة
تنظيمات ”فتح“ (كتائب الاقصى)، و”حماس“ و”الجهاد الاسلامي“ و”الجبهة
الشعبية لتحرير فلسطين، ولتخلص النتيجة إلى فيض القلق الامني
الاسرائيلي المحتشد في ثلاثة عناصر:
أ انكسار مفهوم الامن الاستراتيجي من خلال القنابل البشرية.
ب التهديد الوجودي الامني من خلال الدولة الفلسطينية.
ج استحالة التعايش مع ”سلطة ارهابية“ تتزعم ”ائتلافا ارهابيا“.
انطلاقا من ذلك، يظهر عامل الامن، ارضية للحرب القائمة، وارضية
لاحتمالات التفاوض، وهو الامر الذي يعني ان العنوان الامني سيختصر
المرحلة المقبلة وهنا، يتوزع الكلام على قناتين، احداهما وثيقة الصلة
بمضامين الامن المباشرة والمستعجلة، والاخرى على علاقة بالافكار
الاميركية (أفكار انطوني زيني بالتحديد) والقرارات الدولية و”تفاهمات
تينيت“، وكلها ذات مضامين أمنية محضة لها قابلية التأويل والاجتهاد
المنحرفين الى الجانب الاسرائيلي.
وقبل الدخول في تفاصيل القناتين السابقتي الذكر، ينبغي الاشارة اولا،
الى ان فعل (شروط) التفاوض، يستمد حضوره المقبل من الرهان على بقاء
الرئيس ياسر عرفات في الداخل الفلسطيني، ذلك ان إمكانية مصرعه او نفيه
تبقى في دائرة الاحتمالات مما يدفع الاوضاع حينذاك الى وجهة مجهولة
المعالم، ومثل هذه الامكانية (مصرع عرفات او نفيه) يمكن ملاحظتها في
طائفة كبيرة من التحليلات الاسرائيلية التي تُدرج اجتياح المناطق
الفلسطينية في سياق من ”الاهداف الغامضة“ على ما يقول زئيف شيف في
”هآرتس“ 31/3/2002، وكذلك شمعون شيفر في ”يديعوت احرونوت“ 30/3/2002،
وحيث يرى ”أن العزل (عزل عرفات)، يشكل مرحلة اولى، فيما المرحلة
الثانية ستتمثل في ابعاده“ ومثيل هذا الامر اشار اليه التلفزيون
الاسرائيلي في اليوم الاخير من الشهر الماضي، على ان هدف العزل ليس
وليد اللحظة المشتعلة، وعلى ما قال ناحوم برنيع في ”يديعوت احرونوت“ في
12/8/2001، ”ان الحساب الشخصي لشارون مع عرفات تحوّل الى سياسة وطنية“،
علما ان الصحيفة نفسها كانت ذكرت في 21/7/2001، ان أرييل شارون اعدّ
خطة استراتيجية لإبعاد عرفات الى تونس، وذلك من ضمن عملية عسكرية واسعة
اطلق عليها اسم ”أورانيم“
(يوم
جهنم) اعتمادا على توصية من شاؤول موفاز (يديعوت احرونوت 10/8/2001)،
مضمونها يقوم على التعامل مع السلطة الفلسطينية باعتبارها ”كيانا
ارهابيا“.
وفي حال الافتراض ان الرئيس الفلسطيني قُتل او نفي، فان متماثلات
اجتياح العام 2002 ستستقر على سوية مناخية مع اجتياح العام 1982،
وبصورة تمكّن المخيلة السياسية ان ترسم خطوطها على الشكل التالي:
1
تفكيك البنى العسكرية للفصائل الفلسطينية وعلى الاخص السلطة.
2
البحث عن بشير الجميّل فلسطيني.
3
نفي عرفات.
4
ترحيل قائمة طويلة من المقاتلين الفلسطينيين.
ذاك ال”سيناريو“ الذي يرتبط نجاحه او اخفاقه بمواقف حزب العمل،
والادارة الاميركية، وفاعلية الضغوط العربية، وحجم التحرك الاوروبي،
يبقى لصيقا بسياسات شارون والاحزاب اليمينية الاسرائيلية وقيادة
الاركان، واما ”سيناريوهات“ التفاوض الاخرى، المستعجلة والبعيدة المدى،
فعلى الارجح ان تأخذ الاشكال والمضامين التالية:
في قناة التفاوض الاولى (المستعجلة)، بات من الواضح ان رزمتها تتشكل من
الآتي:
أ التفاوض على الخروج من مناطق السلطة الفلسطينية المحتلة، وبما يعني
صياغة اتفاقيات جديدة وتفاهمات مضافة الى سلسلة الاتفاقيات والتفاهمات
الممتدة زمنيا من العام 1993 الى العام 2002.
ب تفكيك الخلايا العسكرية للتنظيمات الفلسطينية المختلفة بما فيها حركة
”فتح“ حزب السلطة.
ج لائحة طويلة من المطلوبين لاسرائيل، وتشمل قياديين من تنظيمات عدة
أبرزهم توفيق الطيراوي مدير المخابرات الفلسطينية، وفؤاد الشوبكي
المتهم باستقدام سفينة السلاح ”كارين إي“، ومروان البرغوثي ( الذي اسر
مؤخرا)، وماهر ابو غنجة المسؤول العسكري ل”الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين“، وقتلة رحبعام زئيفي وغيرهم.
د تحديد عناصر الشرطة والاجهزة الامنية الفلسطينية.
ه تحديد نوعية الاسلحة.
و تفكيك وإزالة مصانع ال”هاون“ و”القسّام“، وتسليم الراجمات الصاروخية
لإسرائيل.
ز إيقاف حملات التحريض الاعلامية.
ح التأكيد على الدور الامني الداخلي للسلطة الفلسطينية.
ط جعل العلاقة المفترضة بين السلطة وحزب الله، وتاليا، إيران، في خانة
المحرّمات الامنية.
وأما قناة التفاوض الثانية، والتي تمر عبرها مجموعة القرارات الدولية
والافكار الاميركية والتفاهمات الثنائية، فمبتدأها قرار مجلس الامن
الدولي الذي يحمل الرقم 1403، الصادر في الرابع من الشهر الجاري، والذي
يُحيل التعاطي مع التطورات العسكرية في المناطق الفلسطينية الى القرار
1402 (31/3/2002)، الداعي الى ”التعاون الكامل“ مع انطوني زيني لتطبيق
”خطة تينيت“، فضلا عن التأكيد على القرار 1397 (12/3/2002)، المشير الى
رؤية كثيفة الغموض حيال الدولة الفلسطينية، دعا الى تنفيذ ”خطة تينيت“،
وعلى هذه الحال، تغدو مهمة زيني وأفكاره، واستطرادا، ”خطة تينيت“،
أساسا لأرضية التفاوض المقبلة، وكل هذا يستدعي العودة الى ”افكار زيني“
و”خطة تينيت.
بداية، من الاهمية بمكان، الايماء الى ان الافكار التي صاغها المبعوث
الاميركي انطوني زيني في آذار الماضي تم تقديمها كأساس ل”تجسير“ الهوة
بين الموقفين الفلسطيني والاسرائيلي، ونشرتها صحيفة ”القدس“ الفلسطينية
قبل انعقاد مؤتمر القمة العربية في بيروت، ومضمون الافكار المذكورة لا
يخرج عن السياق الامني الصرف، والمتوجبات المطلوبة من السلطة
الفلسطينية ملخصها التالي:
1
وقف عمليات تهريب الاسلحة وتصنيعها وحيازة الاسلحة غير الشرعية، وتشكيل
خطة لجمعها وإقفال مصانعها.
2
اصدار تعليمات واضحة بوقف العمليات المسلحة او التحريض عليها او
المساعدة في تنفيذها.
3
اعتقال من يخترق اتفاق وقف النار.
4
السماح لرجال الامن من الطرفين (الاسرائيلي؟) بحرية الحركة داخل وبين
قطاع غزة والضفة الغربية.
وأما المتوجبات المطلوبة من اسرائيل فموجزها هذه النقاط:
أ اعادة انتشار ممرحل على ثلاث دفعات، الاولى 48 ساعة، والثانية من 48
ساعة الى أسبوع والثالثة من اسبوع الى اربعة أسابيع تزيد او تنقص
(هكذا) بهدف الوصول الي مواقع ما قبل 28 أيلول 2000، تاريخ اندلاع
الانتفاضة.
ب يتخلل المرحلتين الاولى والثانية، الانسحاب من مواقع يُتفق عليها
وتخفيف الاغلاقات عن نقاط يُتفق عليها (لاحظ يُتفق وتخفيف)، ضمن اطار
وجدول زمني، (المواعيد غير المقدسة مرة اخرى).
ج تسهيلات معينة (بالحرف) من جانب اسرائيل للمدنيين الفلسطينيين.
د إطلاق سراح الفلسطينيين غير المتورطين في نشاطات ”ارهابية“
(والاسرائيليون؟) ويجري الطرفان مفاوضات (مفاوضات!!!) حول الاسماء
المختلف بشأنها.
هذه الافكار التي أريد لها التحول الى جسر تقاربي بين الفلسطينيين
والاسرائيليين، مهمتها على ما بدا وظهر، اعادة الاوضاع الى ما قبل
الانتفاضة مع ملاحظة الحرص على الامن الاسرائيلي والاحالة الى ”خطة
تينيت“ من دون التطرق الى أفق التسوية على المسار الفلسطيني.
وبالعودة الى ”خطة تينيت“ التي أسقط عليها بسام ابو شريف صفة الاستسلام
(”الشرق الاوسط“ 3/4/2002)، فملخص القول فيها، انها صورة استرجاعية او
استباقية ل”أفكار زيني“، فالنقاط الواردة في ”الافكار“، كانت وردت في
”الخطة“، ان من ناحية التمرحل في اعادة الانتشار، او السلاح ومصانعه،
او الاعتقالات، او الجداول الزمنية و”الاتفاق“ على مواقع الانتشار، مع
التأكيد على رعاية الولايات المتحدة لآليات التنفيذ وإيجاد مناطق عازلة
بين الاطراف المتصارعة والابقاء على فاعلية لجان التنسيق الامنية حتى
في حال استمرار المواجهات.
وضمن هذ النسق من المتطلبات الامنية الاسرائيلية (الاميركية) تغدو ”خطة
تينيت“ مرجعية التفاوض المقبلة، وهي التي تختزل تقرير ميتشل (نيسان
2001) وتأخذ بشقوقه الامنية فقط وتتجرد حتى من نقاطه السياسية الغامضة
المفيدة عن انسحابات من مناطق ”ب“ وإعلان الدولة الفلسطينية بعد حوالى
سنتين (ابتداء من نيسان 2001)، غير ان اقران الاجتياح الحالي بمرحلة ما
بعد الحادي عشر من ايلول و”مكافحة الارهاب“، يجعل للاجتياح المذكور
ابعادا تتجاوز الواقع الفلسطيني الى منطق يتعلق بمرحلة من مراحل الحرب
على ”الارهاب“، وربما هذا المنطق،
هو ما دفع توماس فريدمان الى دعوة حلف ال”ناتو“ لاحتلال قطاع غزة
والضفة الغربية.
وأخيرا، وبصرف النظر عن دعوة فريدمان والعلاقة بين اجتياح المناطق
الفلسطينية والمرحلة الثانية من الحرب على ”الارهاب“، يمكن العودة الى
مقدمة الكلام لأجل التأكيد على عاملين اساسيين (هدفين) تسعى اسرائيل
لتحقيقهما، الاول يتمحور حول اعادة تعريف ”أوسلو“، بما يؤدي الى عدم
خروج السلطة الفلسطينية عن كونها ادارة محلية أمنية، فيما العامل
الثاني غايته اسقاط السلاح الاستراتيجي الفلسطيني المستجد، (القنابل
البشرية) الذي أفضى الى انكسار مفهوم الامن الاسرائيلي والتفوق
العسكري، ومثل هذا الهدف، يبدو انه خاضع لتعامل متدرج، أوله الاجتياح
الحالي، وثانيه قتل عائلات الاستشهاديين او بعض منها، وثالثة، نفي هذه
العائلات الى أحد الأقطار العربية، وعلى ما يقول زئيف شيف: ”ان
الانتحاري الذي لا يفكّر بنفسه او بمصيره، يجب عليه التفكير بمصير
عائلته او أقاربه“.
--------------------انتهت.
الكاتب:
(http://www.alshaab.com)
المصدر: 19 نيسان -
أبريل 2002
تاريخ
النشر:
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م