|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
واحدة من إشكاليات العقل السياسي العربي، الركون لاستسهال
المفهوم، او المصطلح، او حتى النظرية. وعليه، يأتي الاسقاط
لينحصر منتوج هذا العقل،
فالسهولة في التقاط المفهوم وإسقاطه على الرغبة السياسية، يبدوان
نمطا عاما لآليات
التفكير العربية، والمفارقة المثيرة ان عجلة الزمن حين تكشف فراغ
المفاهيم وخواء
النظريات، يأنف هذا العقل عن مراجعتها او تصويبها، بل يذهب نحو
تهلكة مفهومية او
تهلكة نظرية جديدة.
.
آخر إسقاطات العقل السياسي العربي، ما غدا يُعرف ب
”فتنمة“ العراق، وبالتالي الإيغال بتشبيه الوقائع العسكرية
الجارية
في العراق بالمقاومة الفيتنامية، وهو تشبيه يستحق المقارنة
والدراسة والتأمل لأسباب
عدة، منها، إظهار مدى هول العواطف في تركيب الخطاب السياسي
العربي، والأهم، مدى حجم
ممارسة الاسقاط (او الاعتداء) على الواقع ودفعه الى التعلق ب
”حبال
الهواء“.
في
المقارنة بين ”انشودة“ العقل العربي الراهنة،
اي ”المقاومة العراقية“ والمقاومة الفيتنامية، يُفترض المرور عبر
القنوات (العناوين) التالية:
1
ماهية كل من المقاومتين ووظيفتها.
2
الشرعية
الشعبية والمشروع السياسي.
3
عوامل النجاح او الاخفاق.
من
بداهات القول،
بداية، ان المقاومة الفيتنامية لصيقة السمة بحركة التحرر، وقد
توازى مشروعها
القتالي مع مشروعها السياسي، ولذلك لم يكن عصيا على المراقب لهذه
المقاومة، ان يرسم
تركيبة سياسية اقتصادية ثقافية اجتماعية، للنظام السياسي المفترض
ان تشكله المقاومة
الفيتنامية في حال توافرت لها عوامل الانتصار.
مثل
هذا النموذج (المقاومة الفيتنامية) يمكن انطباقه على نماذج مقاومة
اخرى. في
الهند الصينية، وفي الجزائر، وفي افريقيا (أنغولا موزمبيق)،
وكذلك الحال مع
المقاومة الفلسطينية قبل العصف ببرنامج م.ت.ف. بعد اتفاقية اوسلو
في العام 1993.
في
مقارنة هذين العاملين الفيتناميين مع
المثال العراقي، يظهر النقيض، وواقع الحال ينبئ بالتالي:
ان
”المقاومة
العراقية“ ما فتئت حتى هذه اللحظة، متراوحة بين الإفصاح الخجول
عن هويتها،
وبين الاستبطال بالبيانات و”المقاومة التسجيلية“ العائدة الى
بقايا
المؤيدين للرئيس المخلوع صدام حسين، وتنظيم ”القاعدة“. وإذا كان
الواقع يشير الى مسؤولية الطرفين عن العمليات العسكرية، فمعنى
الكلام، ان نموذجي
الرئيس صدام حسين والملا عمر، هما الأمل الموعود ل ”المقاومة
العراقية“ الراهنة، اي ان الهدف من هذه ”المقاومة“، اعادة ”نظام
المقابر الجماعية“ الى العراق، وهذا ما يدركه العراقيون جيدا.
وعلى الضد من ذلك، لم تكن مخيلة الفيتناميين تذهب الى مثل هذه
الصورة عندما رفعوا
بيارق المقاومة، او أعطوها ولاءهم.
1
المقاومة الجزائرية
وقالبها جبهة التحرير الوطني.
2
المقاومة الفلسطينية وقالبها م.ت.ف.
3
المقاومة الاريترية.
4
المقاومة في انغولا وموزمبيق.
5
المقاومة الفرنسية.
6
المقاومة الاسلامية والوطنية في لبنان.
فهل
تنطبق الأمثلة الآنفة الذكر
على ”المقاومة العراقية“، وبالتالي هل للأخيرة القدرة على اكتساب
الشرعية الشعبية؟؟
الإجابة
عن هذا السؤال، تقتضي اولا، اعادة تحديد ادوات
التحريض. وبإيجاز يُشار الى:
ب
اخطاء الاحتلال.
ج
العوامل الدينية والثقافية والوطنية والتاريخية
والاقتصادية.
ه
الاختلال الأمني
و النظام السياسي الموعود.
ز
القائد
الاستثنائي (خصوصا في الشرق).
بالسعي
الى قدرة ”المقاومة
العراقية“ على الاستفادة من هذه العوامل، يتطلب اولا التفريق بين
شقي ”المقاومة“، اي
”المقاومة الصدامية“ و”المقاومة
البن لادنية“.
وأخيرا،
يبقى
العنوان المتعلق باحتمالات النجاح والإخفاق، وكل ذلك يلزم العودة
الى الشروط
الموضوعية التي أسهمت في إنجاح المقاومة الفيتنامية، (ونماذج
أخرى من المقاومة
الشعبية أيضا)، ومن هذه الشروط، وجود ما يُعرف ب”الملاذ الآمن“
والحاضن الاقليمي والحاضن الدولي في
تجربة المقاومة الفيتنامية، شكّل الجزء
الشمالي من فيتنام ملاذاً آمنا، والصين حاضنا إقليميا دوليا،
والاتحاد السوفياتي
حاضنا دوليا. وفي التجربة الأفغانية بعد الغزو السوفياتي، شكّلت
باكستان وإيران
حاضنتين اقليميتين وملاذين آمنين، والولايات المتحدة حاضنا
دوليا. وفي التجربة
اللبنانية، شكّل العمق اللبناني ملاذا آمنا، وسوريا حاضنا
اقليميا له امتداده
الايراني، وفي التجربة الجزائرية لا يمكن إغفال الدور المصري
وتاليا العربي، وشبيه
هذه التجارب يتطابق مع المقاومة الأريترية وظهيرها العربي
السوفياتي، وصولا الى
موزمبيق وأنغولا، حيث تشكلت المقاومات هناك، على أرضية الصراع
الدولي بين الاتحاد
السوفياتي والولايات المتحدة.
وبقياس
تجارب المقاومات الآنفة الذكر، مع
”مقاومة القاعدة“ في العراق، يلاحظ غياب الشروط الموضوعية، فلا
الشرعية الوطنية يمكن توافرها، ولا الملاذ الآمن، ولا الحاضن
الاقليمي، ولا الحاضن
الدولي، لا بل إن الجزء الأكبر من العراقيين على ضدية واضحة من
”القاعدة“، ودول الجوار في الخندق المعادي لها، وكذلك هي الحال مع
الأطراف الدولية كافة.
--------------------انتهت.
الكاتب:
الحوار المتمدن - العدد: 658
المصدر: 20 تشرين الثاني -
نوفمبر 2003
تاريخ
النشر:
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م