|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
منذ اللحظة الاولى لاندلاع الحرب الأفغانية الدولية في
السابع من تشرين الاول الماضي، ونوافذ الاسئلة الاستراتيجية ذات الصلة
بالعلاقات الايرانية الباكستانية، مشرعة على فضاءات من القراءات
الاستشرافية المتعلقة بطبيعة العلاقات التي تربط بين طهران وإسلام
أباد.
وإذ شكّل الحدث الأفغاني عاملا مفتاحيا لدراسة أفق العلاقات
الايرانية الباكستانية، فإن الوقوف على القواعد والمعايير التي نظمت
ماضيا أرضية العلاقة بين الطرفين، يغدو أمرا ملحا لأي قراءة هادفة
لمقاربة حدود التواصل والتعاون بين باكستان وإيران.
o
أ. تقارب الطرفين من الولايات
المتحدة حتى العام 1979.
o
ب. البعد الاسلامي في سياسة
باكستان الخارجية منذ انفصالها عن الهند في العام 1947.
o
ج. الموقف السلبي للجانبين من
العراق (وتفصيل هذه النقطة يأتي بعد حين).
o
د. الاجتياح السوفياتي لأفغانستان
في العام 1979.
o
ه. طول الحدود المشتركة (900
كلم).
o
و. موقع اقليم بلوشستان في بعث
ضرورات التفاهم والتنسيق.
o
ز. النفط الايراني ودوره في ترسيخ
التعاون.
انطلاقا من هذه العناصر المشكلة لعصب العلاقات بين البلدين، يتصوّب
الكلام نحو ثلاث مراحل للعلاقات الباكستانية الايرانية، الاولى تُغطي
المساحة الزمنية المتراوحة بين عامي 1947 و1979، أي بعد انفصال باكستان
عن الهند وحتى سقوط شاه إيران، والثانية تقوم على واقع ما بعد انتصار
الثورة الايرانية ولغاية العام 1994، تاريخ ظهور حركة “طالبان”،
والثالثة تتعلق بمرحلة حكم “طالبان” وانهيار الاخيرة وانعكاسات الحدث
الأفغاني الجديد على مستقبل العلاقات بين طهران وإسلام أباد.
بداية القول بعد تحقيب المراحل، ان الانخراط الباكستاني الايراني في
السياسات الاميركية الاقليمية والدولية، أدّى في المرحلة الاولى، الى
دخول الجانبين في منظمات عسكرية واقتصادية تحت المظلة الاميركية خلال
عقود الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي. ففي العام 1954،
شكلت باكستان وإيران أرضية حلف جنوب شرق آسيا، وانخرط الجانبان فيه.
وإذ انسحبت إيران من الحلف الاخير بعد انتصار الثورة الاسلامية في
العام 1979، فإن باكستان لحقتها الى الانسحاب وانتسبت الى حركة عدم
الانحياز.
ان
أبرز هذه المعطيات، تمثلت في ظهور حركة انشقاقية في اقليم بلوشستان
الباكستاني، سعت الى تقليد النموذج البنغالي في الاستقلال، ورفعت شعار
“بلوشستان الكبرى”، ولا يعني ذلك سوى قرع جرس المخاطر حيال إيران أيضا
حيث طاولتها أصداء الشعار المذكور لاحتواء تنوعها القومي عنصرا بلوشيا
يجاور العنصر البلوشي الباكستاني، وأسهم هذا الخطر المحدق بالطرفين الى
مشاركة إيرانية فاعلة في إخماد الحركة الانشقاقية البلوشية في باكستان،
خصوصا بعدما اتخذت طابعا غير منفصل عن ميدان الصراعات الدولية السائدة
آنذاك، فالعراق والهند شكّلا طرفين أساسيين، في دعم الحركة البلوشية
لاعتبارات عدة، يأتي في طليعتها التعاون المشترك في الاطار العام
للسياسة السوفياتية المناوئة لإيران وباكستان الداخلتين في مناخ
السياسة الاميركية، ويلي ذلك موقف الهند التقليدي من باكستان المنفصلة
عنها والمحركة الدؤوبة للحركات المسلحة في كشمير، وهذا ما يتماثل مع
الموقف العراقي من إيران الداعمة في تلك المرحلة للفصائل الكردية
المقاتلة في شمالي العراق فضلا عن النزاع الحدودي حول شط العرب.
وإذ
تسنى لباكستان وإيران إخماد الانشقاق البلوشي في العام 1972، فان
ارتفاع أسعار النفط في العام 1973، أوجد مساحة تقاربية اضافية بين
طهران وإسلام أباد، وبات النفط الايراني المصدّر الى باكستان بأسعار
مخفوضة أحد الشرايين الحيوية في دفع علاقات الجانبين نحو مزيد من
التعاون، وهو ما ظهر في دعوة رئيس الوزراء الباكستاني حينذاك ذو الفقار
علي بوتو لإنشاء هيئة للصناعات العسكرية المشتركة في العام 1975
ولمنطقة تجارة حرة في العام 1976 لتضم الثلاثي الباكستاني الايراني
التركي.
المرحلة الثانية من العلاقات الباكستانية الايرانية، والممتدة بين عامي
1979 و1994، يمكن اختصار عناوينها بثلاثة:
1.
انتصار الثورة الاسلامية.
2.
الاجتياح السوفياتي لأفغانستان.
3.
الحرب العراقية الايرانية.
دخولا في التفاصيل، قد يكون من المهم أولا التأكيد على ان الثابت
العلائقي بين الطرفين استمر على حاله بالرغم من الشعارات الجذرية التي
شكلت خصائصية الثورة الايرانية في هذه المرحلة، ولم يلاحظ حيال ذلك ردة
فعل باكستانية سلبية تجاه النظام السياسي الجديد في إيران، بل إن تفاعل
قطاعات معينة من الشارع الباكستاني مع الطروحات الايرانية لم يتبلور
قلقا لدى النخب الباكستانية الحاكمة، فالبعثات الايرانية بقيت بعيدة عن
أفعال التضييق، والمتعاطفون مع الثورة الايرانية عملوا على إصدار صحف
دعائية مؤيدة لها، وتركت لهم السلطات الباكستانية حرية الاحتفال
بالعديد من المناسبات التي أطلقتها طهران، من مثل “اسبوع الوحدة
الاسلامية”، و”يوم القدس العالمي” وغيرهما.
وإذ
جاء الاجتياح السوفياتي لأفغانستان، ليطرح اسئلة استراتيجية خطيرة على
المستويين الاقليمي والدولي، فإن طهران وإسلام آباد، تحولتا الى ملاذ
للاجئين والمقاتلين الأفغان، كما ان الشعارات المضادة للاجتياح الأحمر،
انطلقت من ركائز إسلامية بحتة من العاصمتين. وإضافة الى ذلك، فإن ذهاب
السوفيات والنظام الموالي لهم في كابول، الى إيقاظ قضية اقليم بلوشستان
في باكستان، كان مؤداه استنفار طهران ودفعها الى احتواء الأمر بمزيد من
مساعدة الفصائل الافغانية المناهضة للاجتياح السوفياتي.
وحين اندلعت الحرب العراقية الايرانية، اتخذت باكستان موقفا قريبا من
إيران لاعتبارات تتعلق بعناصر عدة أهمها: العلاقات التاريخية الايجابية
مع طهران، وحرص باكستان على تدفق النفط الايراني إليها، والتقويم
الباكستاني لهذه الحرب كفرصة لتصفية حسابات قديمة مع العراق جراء
إسهامه في دعم الحركة الانشقاقية في بلوشستان، وكون العراق أقرب الى
الدائرة السوفياتية وهي القريبة من الدائرة الاميركية، وفوق ذلك، وصول
العلاقات الهندية العراقية الى مرحلة متقدمة آنذاك تجلت بتوقيع معاهدة
صداقة وتعاون بين بغداد ونيودلهي.
ما
تقدم ذكره، يشير الى حرص الجانبين الايراني والباكستاني على قاعدة
علاقات مضمونها يرتكز على حسن الجوار، وهذا ما أظهرته فترة الحرج بين
الشهور الفاصلة بين تصاعد المواجهة الاميركية الايرانية في العام 1987
وموافقة طهران على إيقاف الحرب في العام 1988، وفي هذا العام كانت
بناظير بوتو قد تسلمت مقاليد السلطة في بلادها وطويت بذلك صفحة الحيرة
الباكستانية وتسنى لبوتو زيارة طهران، كما ان إسلام أباد استقبلت
العديد من المسؤولين الايرانيين قبل ان تبدأ محطة “طالبان” بإقلاق
الجار الايراني ابتداءً من منتصف العام 1994.
والواضح تماما، ان مرحلة بروز حركة “طالبان”، شكلت مفصلا بارزا في فضاء
العلاقات الباكستانية الايرانية خصوصا ان إطلاق “طالبان” على قاعدة
توافقية باكستانية اميركية، تزامن مع مبدأ الاحتواء الاميركي المزدوج
لإيران والعراق، وتسليط الضوء على الصناعات العسكرية الايرانية فوق
التقليدية، واعتماد واشنطن قانون “داماتو” لمحاصرة طهران اقتصاديا،
فضلا عن التقدم على جبهة التسوية الشرق أوسطية (اتفاقية اوسلو واتفاقية
وادي عربة) وارتفاع إيقاعات التعاون التركي الاسرائيلي، إذ كل ذلك أفضى
الى قناعة إيرانية بأن ثمة خطة اميركية لمحاصرة إيران.
ومع
التوسع العسكري الذي حققته “طالبان” في السنوات اللاحقة وسيطرتها على
معظم الأراضي الافغانية، كانت حدة الخطاب الايراني تشهد ارتفاعا
ملحوظا، ووصل الأمر الى ذروته بعد مقتل الدبلوماسيين الايرانيين في
مدينة مزار الشريف في العام 1998، وإرسال إيران ما يقارب مئتي ألف جندي
الى الحدود الأفغانية ووقوف “طالبان” وإيران على حافة الحرب.
وبوجه عام فإن انهيار نظام “طالبان” من شأنه ان يسهم في بلورة مواقف
أكثر تقاربية بين إسلام آباد وطهران، وانطلاقا من ترحيب الطرفين بسقوط
نظام الملا محمد عمر فأمامهما رزمة من الخطوات التنسيقية حيال المرحلة
الأفغانية المقبلة من أبرزها: التشارك في وجهات النظر (زيارة كمال
خرازي الى إسلام أباد في الاسبوع الاول من كانون الاول الجاري)، حول
كيفية التعامل مع الفريق الأفغاني الجديد، وتكثيف الجهود المشتركة في
مكافحة زراعة المخدرات والاتجار بها في المثلث الايراني الباكستاني
الأفغاني (ثلاثة ملايين مدمن في إيران وأربعة ملايين في باكستان)،
والبحث في سبل ايجاد المخارج للاجئين الأفغان في البلدين (مليونان في
إيران وثلاثة ملايين في باكستان)، وصوغ سياسة متقاربة من الاتجاه
الملكي لدى رئيس الحكومة الانتقالية الأفغانية حميد قرضاي، فالجانبان
يعارضان هذا الاتجاه، واذا كانت إيران تتطلع الى الاسهام في اعادة
إعمار أفغانستان، فإن باكستان تتطلع الى عدم جعل كابول في موقع سياسي
قريب من الهند مثلما كانت الحال منذ العام 1947 ولغاية سقوط النظام
الشيوعي في العام 1992، وفي هذه النقطة بالذات، يبدو ان طهران تسعى
لتركيب حلقة اتصال اقتصادية لها أبعاد سياسية من خلال التركيز على مد
خط أنابيب النفط الايراني الى الهند مرورا بباكستان. --------------------انتهت.
الكاتب:
السفير
المصدر: 19
كانون أول - ديسمبر 2001
تاريخ
النشر:
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م