|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
حافية القدمين
كان ظهورها إلى العلن للوهلة الأولى بمثابة
مفاجأة أذهلت الجميع، وما كادوا يخرجون من تأثيرها حتى كانت قد اختطفت
الأنظار ولفتت انتباه الصغير والكبير، فسبقت كافة ردود الفعل التي أتت
متدافعة ومتسارعة، لكنها لم تلحق بالحدث ولم تتمكن من إيقافه والحد
منه.
وانطلقت بشفافيتها وهندامها البسيط حافية القدمين مكشوفة الرأس لا
تحمل تيجاناً ولا ألقابا، سوى أنها أتت بخطوات تتراقص على إيقاعات صارت
مع الوقت تعرف بأنغام شبابية تنطلق بها أصوات شجية رقيقة أو بغيضة
مقيتة حسب صاحب هذا الصوت الذي يشدو ما أصبح يعرف اليوم بالأغنية
الشبابية واكتسحت هذه الموسيقى الأرقام القياسية. للمبيعات، واحتلت
ساحات الرقص في الأفراح والمناسبات، وجذبت اهتمام الأجيال الجديدة، رغم
أنها ومنذ انطلاقتها الأولى تتعرض للنقد الشديد من أطراف متعددة تتهمها
أحياناً بالسخيفة والخالية من المضمون والمعنى واللحن الراقي، ثم
تنعتها أحيانا أخرى فيما صار يعرف بـ "الأغنية الهابطة".
ولكنها ما زالت تأسر مزيدا من القلوب، وتتغنى بألحانها الكثير من
الشفاه وأخذ بها جزء هام من المطربين كوسيلة للخروج من لونه التقليدي،
وكأنها بطاقة أو جواز مرور تخوله اللحاق في ركاب الانطلاقة الجديدة في
حين عزف الجزء الآخر عن الغناء لينتظر تحقيق شائعة تقول بأن العهد
الذهبي لموسيقى الكبار لا بد قادم بل أنه صار على وشك الحضور.
يحيط بخفيفة الظل هذه أسرار عجيبة وغموض، فهي بدون مقدمات موسيقية
مبجلة، ولا أبيات شعرية وقصائد معبرة، ومع ذلك فإنها تدب في العروق
وتحرك النبض تدعوه لمشاركتها في ساحة الرقص أو الغناء.
وتحكي قفزات هذه الفتية اللعوب وهي تتلوى وترقص على رؤوس أصابعها،
قصة أغاني البوب الرائجة الشعبية. وما أتت به من ألحان اكتسحت أسواق
الأغاني بألوان مختلفة وأسماء متجددة مثل "الهارد روك" و "الروك أند
رول" و "الديسكو" و "النيو ويف" و "الجاز"، وأشكال أخرى تنظم لها
المنافسة المتخصصة للبلاط سنغل (أغاني السود)، والتوب كيد (للصغار)
والبوم روك لأفضل البوم وسنغل روك لأفضل أغنية روك، الخ.
وليس بالضرورة أن يعني ذلك بالمقابل أن ظاهرة ما يتم نعته بـ
"الأغنية الهابطة" هو تأثير غربي، بل قد يكون جزء من التعبير الشرقي
لاختلاف الأذواق لدى الجمهور المستمع، كما أن هذه الظاهرة لم تشهدها
أوروبا والولايات المتحدة وحدها، بل هناك مناطق أخرى عرفت ظاهرة كهذه
في أواسط هذا القرن وحاولت مقاومته وانتقاده ونعتته بأسوأ الألفاظ، إلا
أنه، وللمفارقة، كان سبباً لوصول موسيقى هذه البلدان إلى ما يعرف
بالجمهور العالمي، أي انتقالها نحو العالمية.
ربما تكون موسيقى "الصلصة" الإيقاعية الخفيفة واحدة من هذه النماذج
التي أصبح لها مطربون وفرق ترددها باليابانية والفنلندية ولغات أخرى،
وصار لها نواد يرتادها متذوقو هذه الأغنية الكاريبية المحلية في مختلف
أنحاء العالم، بما فيها بعض العواصم العربية.
بعد أن تمكنت "الصلصة" من تحقيق ما آلت إليه، أتى بعدها من تلك
المنطقة أيضا ما يعرف "بالمرنغي" وتلاها "اللامبادا" وسيتبعها أخرى لا
بد أن تخطف الأنظار وتذهل الجميع وتفاجئهم بعفويتها وبساطتها أيضاً،
وسوف تتعدد وجها النظر، وقد تكثر الملاحظات والانتقادات، كما يحدث الآن
فيما يعرف "بالشبابية" أو "الهابطة التي سوف تتولى الأيام المقبلة
تحديد مدى تأثيرها في عالم الطرب وفي ذوق الجمهور المستمع لدينا.
حتى حينها ستبقى إيقاعاتها تداعب مسامعنا في الشوارع والساحات،
وتحرك مشاعرنا بأنغام تبعث الحياة في العروق وكأنها مدروسة بشكل مسبق
حتى تدعونا إلى الرقص الجماعي نحرك فيه جميع أعضائنا، وكأننا نمارس
رياضة بدنية مطلقة، تحررنا من الروتين وتبتعد بنا عن المقامات
الموسيقية والمقدمات الشعرية نحو كل ما هو عفوي وبسيط.
--------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م