ذهب ولم يعد، كان ذلك نصيب أصغرهم،
ولم يكن أوفر حظاً من أشقائه، وهو لا يزال يذكر كيف حدث أن اتفق الجميع
على معانقة الأمل، وكان أخوه الأكبر أول من ذهب.
انتعل حذاءه ومضى مسرعاً نحو الشمس، لم يكترث لما تفصله عنها من
مسافات، كان يتطلع نحوها فقط حتى لا تغيب صورتها عن عينيه، وكان كلما
واجهته صخرة تسلقها وعلا فوقها حتى يشعر أنه صار أقرب من الأمل، ويتابع
المسير.
أدمت قدماه وأنهكت قواه بعد أن قطع مسافات طويلة، شعر بالجوع والعطش
ولم يتوقف حتى لا يضل هدفه. هكذا فقد البصر من شدة أشعة الشمس، ولم يعد
يستطيع النظر إلى حاله فعاد متعثراً دون تحقيق الهدف.
رثا شقيقه الثاني لحاله ومضى هو الآخر نحو الشمس، عين عليها وأخرى على
الطريق، حتى لا يصيبه ما أصاب شقيقه، وتنبه للصخور والأشواك والجبال
ولم يفقده نور الشمس بصره، وطال به المسير، عين على الشمس وعين على
الطريق وكان كلما واجهته صخرة تسلقها وعلا فوقها حتى يشعر أنه صار أقرب
من الشمس، ويتابع المسير.
وظل هكذا إلى أن أصابه الحول، وتشتت نظراته وساءت حال عينيه اللتين ما
عادتا تحسنان التركيز، فضل الطريق وفقد نور البصر. وعاد متعثراً دون
تحقيق هدفه.
عانق الشقيق الأصغر نور الصباح، وانطلق بحماسة الشباب والاستفادة من
تجربة دروس شقيقيه الأكبرين.
وقرر التوجه نحو الشمس دون النظر في عينها واكتفى بطأطأة الرأس تحاشياً
لنورها وتفادياً لعثرات الطريق، وطال المسير وصار كلما واجهته صخرة
تسلقها وعلا فوقها حتى يشعر أنه صار أقرب إلى الأمل ويتابع المسير.
وسلمت قدماه، واستراح بعد تعب، فوجد طعاماً حين جاع، رفع رأسه، فاستطاع
النظر إلى أعلى، فأدرك وجهة الشمس، وكان يرى أبعد من الطريق وينظر إلى
الأفق، حتى أدرك سبيله وعانق الأمل.
--------------------انتهت.
