جلست مجموعة من الموظفين المتعبين من كثرة شرب القهوة والشاي، تتناول
أطراف الحديث حول همومها التي لا تنتهي، بعد أن أفرغوا كل ما في جعبتهم
من نكات وقصص مسلية تتعلق بمعارفهم وأقاربهم وعائلاتهم حتى طاول الأمر
كل من كان يتجرأ ويخرج من بينهم للحظة واحدة.
ويقول أحد
الشهود العيان الذين شاركوا بتلك الجلسات المملة، أنهم اتفقوا يوماً
على الاستفادة من تقنيات الحاسوب والتطور العلمي للرياضيات حتى يقيموا
مقارنة بين فترة العمل وفترة الراحة على مدار السنة، أو ربما على مدار
العمر، إذا كتب لهم عمر.
جلسوا بحماس منقطع
النظير كل يحمل آلته الحاسبة أو قبع خلف جهازه يجمع ويطرح طوال النهار،
حتى أن بعضهم أخذ الأرقام إلى بيته وأغلق جميع الأبواب ورفع سماعة
الهاتف كي يتمكن من تحديد نتيجة دقيقة حول هذه المسألة الشائكة.
وتوضح مصادرنا أن
جلسات التفحص والتمحص هذه دامت أكثر من أسبوع كامل أتت بعدها جلسات
نقاشات حادة ما زالت قائمة حتى الآن لعدم التوصل إلى إجماع واتفاق
محدد، إلا أن النتائج الحسابية المتعلقة بالأرقام جاءت على الشكل
التالي:
يوجد
بالسنة الواحدة 365 يوماً، يستريحون خلالها، مع نهاية كل أسبوع، لمدة
يوم ونصف مما يعني 78 يوماً بالعام الواحد. ثم يتغيبون لمدة 22 يوماً
في أعياد الفطر والأضحى والاستقلال والجلاء وأعياد الميلاد ورأس السنة
بين مناسبات مختلفة أخرى. أي ما يقارب المائة يوم كاملة.
تأتي بعدها
إجازة العمل السنوية المكونة من شهر واحد وخمسة عشر يوماً أخرى تصرف
على شكل إجازات مرضية وعائلية أو لأسباب غير متوقعة، مما يعني 45 يوماً
أخرى لا تحسب من أوقات الدوام والعمل.
يوضح ذلك
أن أيام الحضور على مدار الستة تعتبر 220 يوماً فقط لا أكثر وأن ساعات
العمل فيها لا تتعدى الـ 1540 ساعة هي أقل من 65 يوم كاملاً إذا
اعتبرنا أن في اليوم الواحد 24 ساعة.
إذن كانت
نتيجة العباقرة الأولى (إذ أن النقاش مازال محتدماً)، أنهم يعملون 65
يوماً فقط على مدار الـ 365 التي تتألف منها السنة، في حين يستريحون
لمدة 300 يوم كاملة بدون حسيب ولا رقيب.
وتقول
إحصاءات هذه المجموعة من الموظفين أنهم بذلك يعملون خمسة أعوام فقط
طوال الثلاثين عاماً من حياتهم العملية إذا ما وصلوا إلى سن التقاعد في
الستينات في حين يوزع الباقي على الأعياد والفرص والنوم والراحة
والاستجمام.
يعملون
خمسة أعوام ليستريحوا مقابلها ستين عاماً! هذا الرقم أدهش الجميع.
وتعددت تعليقاتهم وتفتقت أذهانهم عن أفكار جديدة وكأنها جبال احتقنت
فتمخضت عن فأر.
--------------------انتهت.
