|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
جزيرة الكومورو
نص مترجم
جون روس:
مرحبا، معكم جون روس، هذه جزيرة كومورو التي لا يوجد مثلها على وجه
الأرض. زيارة هذا المكان أشبه بالعودة إلى عصور عاشت فيها الديناصورات.
لأننا نجد هنا في أعلى السلسلة الغذائية، سحلية هائلة. يمكن لدراغون
كومورو أن تنمو ليبلغ طولها عشرة أقدام لتزن أكثر من مائتين وخمسين
رطل. وهي غالبا ما تمضي الوقت في الغابة بحثا عن فريسة تقتات عليها
هناك.
هذه السحلية أكثر تطورا بكثير من الديناصورات، كما هو حال غالبية زواحف
أيامنا المعاصر. ليس لكومورو دراغون مثيلا لها كحيوان مفترس في عالم
الزواحف. رغم أن التمساح أكبر منها، إلا أنه بدائي وكسول مقارنة بها.
جئت إلى هنا لأجري لقاء عن قرب، مع هذا الحيوان الفريد من نوعه، الذي
قد يكون أكثر السحالي إثارة للإعجاب في العالم.
ابقوا معنا كي نستطلع معا جزيرة الكومورو.
=-=-=-=-=
تبلغ مساحة جزيرة كومورو خمسة وسبعون ميل مربع، وهي واحدة من أربع جزر
على الأرض، تعتمد فيها السحالي العملاقة على أنفسها. لم يبق من هذه
السحالي في العالم أكثر من خمسة آلاف سحلية فقط. يعيش منها ألف
وخمسمائة في هذه الجزيرة.
تتمتع هذه السحلية المفترسة بتصميم راق. آذانها المحمية جدا قادرة على
تحديد الأصوات الخفيفة للفريسة المحتملة. ولكن كومورو دراغون تعتمد على
حاسة الشم لديها أكثر من أي شيء آخر. أنفها المعزز بأعضاء شم متقدمة،
قادر على تحديد الفريسة وهي على مسافة سبعة أميال. عندما يتم تحديد
الفريسة تستخدم الأظافر الحادة والصلبة للقبض على الضحية، ويتم
الاستعانة باثنين وثلاثين سنا في فكين هائلين للنيل من الطريدة
وتمزيقها. حتى إذا يتمكن الحيوان من الفرار، عادة ما لا يستطيع الفرار
من الموت الحتمي. فلعاب السحلية يحتوي على عدة أنواع من البكتيريا
الفتاكة القاتلة، الكفيلة بالتهاب أي عضة، وتقضي على المصاب خلال أيام.
تعتبر كومورو دراغون السحلية الأكبر بين أربعين نوع تنتشر في العالم.
يعيش في إندونيسيا جنوب شرق آسيا أكثر من اثني عشر نوعا، وهي تتقاسم
أنواع متشابهة. ولكن أكبرها لا يتخطى الستة أقدام. تمتاز أنواع الورل،
بما فيها الكومورو بالقدرة على السباحة. هذا النوع منها قادر على
الغوص إلى أعماق توازي ضعفي طوله.
تعيش أنواع من الورل في مناطق أخرى من العالم. في أفريقيا يعتبر الورل
الصخري نموذج فريد عن السحالي التي تعيش على الأرض. ورل النيل هو
الأكبر في القارة الأفريقية، إذ يصل طوله إلى أكثر من ثمانية أقدام.
كما يمتاز بميول كومورو العدوانية. ولكنه يتقاسم أجوائه البيئية مع
أعداد وفيرة من الحيوانات المفترسة الأكبر.
لهذا فإن دراغون كومورو هي السيدة المطلقة في عالم السحالي. وهي تعيش
في ظروف مناخية ضيقة تحت ألف وخمسمائة قدم، في أربع جزر تابعة
لإندونيسيا.
ما زالت جزيرة كومورو معزولة حتى اليوم.لا يمكن الوصول إليها جوا، وهي
تبعد عن جزيرة سامباوا، مسافة تسع ساعات بالزورق. لهذا لا تجد غرابة في
أن تكون هذه العزلة البالغة، سببا في جعل هذه الجزر وسكانها من
الدراغون مومورو بعيدة عن أعين الغرب، حتى بداية القرن العشرين. ترددت
الحكايات لمئات السنين عن الدراغون والوحوش التي تسكن هذه الجزر. ولكن
عام ألف وتسعمائة وعشرة، قام بحار هولندي بالكتابة والتوثيق عن هذا
الحيوان الهائل. ولكنا مع بداية الثمانينات بدأنا نفهم فعلا سلوك
الكومورو دراغون.
تحول النهار إلى ليل، ليبزغ الفجر ثانية، وأخيرا وصل الزورق إلى شواطئ
كومورو. تشكل الأراضي المفتوحة سبعون بالمائة من الجزيرة، تنتشر فيها
بعض الأشجار القليلة، أما الباقي فمن الغابات الكثيفة التي اعتاد
الدراغون على الصيد فيها. ولكن في ساعات الصباح الباردة، أحيانا ما
يمكن أن تجد الدراغون، يشمس على الشاطئ. يستمر الدراغون في التمتع بدفء
شمس الصباح الباكر، محاولا تعديل جرارة جسمه، الذي ما أن تبلغ حرارته
سبعة وتسعين درجة، حتى ينطلق في حملة صيده اليومية.
=-=-=-=-=
عادة ما يبلغ الدفء في جزيرة كومورو في تشرين الثاني نوفمبر ليصل إلى
مائة درجة فرنهايت في الظل. لم يبق من الغزال الذي اصطاده الكومورو
دراغون منذ يومين إلا هيكله العظمي. ستتولى آكلات النفايات إزالة جميع
بقايا اللحم عن العظم، علما أن الدراغون لم يبق إلا القليل منه. تتكتع
سحالي كمورو بكفاءة توازي ضعف الحيوانات المفترسة الأخرى، إذا أنه
يلتهم حيوان كامل بهذا الحجم بأقل من ساعتين. تأوي غابات كومورو
الكثيفة عددا كبيرا من الأنواع الفريدة. يستعرض ذكر السحلية الطائر هذا
جمال عنقه في محاولة للفت أنظار الأنثى. ولكنه بدل ذلك لفت أنظار لا
يرغب بها، تفرد السحلية جلدها لتحلق ثلاثين قدما نحو الأرض، ولكنها لا
تتمكن من الفرار.
الجزيرة جنة للطيور المتنوعة، بما في ذلك الحمائم البيضاء، وببغاء ذو
التاج الأصفر. شدو طيور الصافر لا تغيب أبدا عن الغابة. تتغذى ديوك
الأدغال النادرة على أرض الغابة ضمن إطار المنطقة التي يسكن فيها. ورغم
أنه يستطيع التحليق، كثيرا ما يقع فريسة الدراغون، الذي يتقن نصب
الكمائن. ولكن الدراغون يفضل الفرائس الأكبر حين يمكنه الاختيار،
وخصوصا غزلان تيمور.
يرش هذا الغزال الذكر بوله في أرجاء المنطقة لينثر علامته، ولكن عليه
أن ينتظر عاما آخر حتى يكبر بما يكفي ليتمكن من التفوق على غيره من
ذكور القطيع لينتزع حقه في التزاوج. أوشك موسم التوالد على الانتهاء،
لتشهد الغزلان فترة تغيير قرونها، وقد أسقط هذا الذكر الفتي نصف قرنه.
فرت الغزلان بسهولة، ولكن السحلية العملاقة لا تدعي القدرة على مطاردة
المواشي، وهي بدل ذلك تتخذ موقعا لها لتبدو على شكل صخرة أو جذع شجرة،
ليكمن اتباعا لأسلوب الصيد الذي صمم للقيام به.
ولكن سرعان ما يأتي ذكر آخر يطلق لسانه ويتذوق الهواء ليدرك ما يجري.
ثم يأتي دراغون آخر إلى موقع الفريسة. تعتمد هذه الزواحف نظام أشبه
بالثديات، فهي تتبع نظاما اجتماعيا عند الأكل، السحلية الرابعة القادمة
أقل سيطرة، لهذا تأتي بخنوع حانية الرأس. ولكنها عندما تحاول الانضمام
إلى الوليمة، يتم طردها من قبل دراغون أشد سيطرة. بعد ساعات قليلة،
وعند التهام الفريسة، يأتي صغير في السابعة من عمره بحثا عما تبقى من
الوليمة. أي أنه لم يجرؤ على الاقتراب من الطعام حتى غادرته السحالي
الأكبر منه، والتي قد لا تتردد بأكله إذا تجرأ على الاقتراب
لمشاركتها. يسرع في التهام ما تبقى من فتات.
=-=-=-=-=
يتبع الدراغون سلوكا أقرب إلى الثديات المتقدمة منه إلى الزواحف. يدافع
ذكر الدراغون عن إطار منطقته الذي يحدده بالبراز، ليتذوقه الدراغون
القادم بلسانه، ليحدد بذلك جنس الدراغون، وسنه وعدد آخر من المزايا.
جاءت اليوم أنثى بالغة إلى منطقة ذكر كبير. كانت تنتعش من حرارة شمس
الظهيرة حين اقترب الذكر لتفحصها. يبدأ الذكر بالتحقق مما إذا كانت
تتقبل التزاوج. يعتبر رد الأنثى الإيجابي دليل عل الاهتمام. وهكذا
يتزاوجان.
بعد أسبوعين من ذلك تعثر الأنثى على منطقة مناسبة للعش، لتحفر هناك جحر
على شكل كأس قد يصل عمقه إلى ستة أقدام في الأرض، لتضع فيه حوالي
ثلاثين بيضة. يستغرق ذلك عدة أسابيع. بعد الانتهاء من عملية وضع البيض
تغادر العش. يفقس هذا البيض بعد ثمانية أشهر، خلال هذه الفترة يتعرض
البيض لخطر أن تأكل منه الدراغونات الأخرى ما يعدل النصف تقريبا. تبقى
الصغار عرضة للخطر بعد الولادة، إذ أن الدراغونات الأكبر تأكل أكثر من
نصفها. وهي لتفادي ذلك تعيش فوق أغصان الشجر لما يقارب العامين. يبلغ
هذا الدراغون من العمر عام ونصف العام. ولا شك أنه سيتخلى تدريجيا عن
الشجر، حتى يقارب عامه الثالث، حين ينزل إلى الأرض كليا، حيث يتغذى
أولا على الحشرات والسحالي الصغيرة، لينتقل تدريجيا إلى الفئران
والعصافير. المهم دائما هو تفادي الدراغونات الأكبر منه. قد تصبح هذه
الصغار فريسة لكلاب المروج، أو الطيور الجارحة على حد سواء. ينمو
الباقون على قيد الحياة بسرعة كبيرة، ليبلغ طولها ستة أقدام بعد أقل من
خمسة أعوام. ليس لصغار الدراغون مناطق محددة، وتجول في جميع أرجاء
الجزيرة، عرضة لأخطار متعددة حتى تتخطى ثلاثة أقدام على الأقل. تخفت
ألوان الصغار البراقة لتصبح رمادية عند نموها، ففي ذلك تحول ضروري
للتمويه. كما يتغير غذاؤها من الحيوانات الصغيرة التي عادة ما تنتشر
وسط الأعشاب الملونة، إلى الثديات الأكبر التي يغلب البني عل ألوانها،
وتتردد على أحواض المياه المحاطة بالحجارة والصخور الرمادية.
=-=-=-=-=
الجزيرة الوحيدة التي يسكنها الدراغون، والكبيرة بما يكفي لتظهر على
خريطة العالم، هي فلوريس، التي تبعد ثلاثون ميلا عن كومورو. يسكن في
هذه الجزيرة حوالي مليون مواطن، إلا أن الغابات تغطي مناطقها الغربية،
حيث تسكن مجموعة لا بأس بها من سحالي الدراغون. على مسافة عشرين ميلا
تقع جزيرة رينكا الأصغر منها بكثير، والتي تمتاز بعناصر جغرافية تختلف
عن كومورو، إلى جانب اختلاف نباتاتها. فالصبر والمستنقعات كثيرة هنا.
يسكن في هذه الجزيرة حوالي ألف ومائتي دراغون. ما يختلف هنا أيضا هو
الحيوانات المفترسة التي تتغذى عليها السحلية العملاقة. تعتبر قرود
المكاك جزء من وجبات الدراغون، إلى جانب الجياد البرية التي يصل وزنها
إلى ألف رطل، بالإضافة إلى أنواع كثيرة من الطيور المائية، كهذا
اللقلاق الفريد. تتبع السحالي العملاقة هنا تقنيات الصيد نفسها مع
الطيور والثديات على حد سواء. تمكن هذا الدراغون من قتل أحد الطيور
هنا. بعد دقائق قليلة يقترب دراغون آخر، لتستعرض هذه السحالي مرة أخرى
سلوكها في الأكل المشابهة لسلوك الثديات. يتقدم هذا الدراغون بخنوع
مرفوع الجسم ولكنه محني الرأس. ولكن الصياد يرفض تقاسمه. يتمتع الوافد
بنفس حجم الصياد، لهذا يتحول خنوعه إلى عدوانية ليبدأ النزاع بينهما.
رغم النزاع على الطعام إلا أنهما يرفضان تحويل الأمر إلى قتال مفتوح
بينهما. هذا ما يشبه الاتفاق الضمني الذي يحول دون قتل الدراغون لما
لديها من حيوانات بالغة، والقضاء بالتالي على الذرية بكاملها. سرعان ما
جلب الضجيج سحلية ثالثة، ولكن لا شك أنه يحتل مرتبة أدنى منهما، وهكذا
تجده يلوذ بالفرار. أثناء قيام أحدهما بطرد الدخيل، يقوم الآخر بالتهام
الفريسة كاملة. بعد ذلك يتراجع الدراغون ليغرق في حالة من الهضم
والكسل، قد تستغرق ساعات أو أيام. أما الآخرين فعليهما الاستمرار في
الصيد.
=-=-=-=-=
مصير بضعة آلاف سحالي الدراغون المنتشرة في الجزيرة ضبابي جدا، ذلك أن
العزلة التي استمتع فيها الدراغون آخذة بالتآكل، بالإضافة إلى تقلص
أعداد الحيوانات التي تعتمد عليها السحالي العملاقة، كما أن المساحات
البشرية التي تتوافد للعيش على أسماك الجزيرة تتسع كل عام. إلى جانب
هذا كله تعيش إندونيسيا وسط أزمة اقتصادية، تساعد على تدمير الأجواء
البيئية في أرجاء البلاد. يعتبر البعض هنا أن دراغون كومورو لا يشكل
إلا خطرا، على اعتبار أن عضة واحدة تكفي لقتل الإنسان، حتى لو تمكن من
الفرار. علما أن اثني عشر حالة قتل فقط نجمت عن هجمات الدراغون، على
مدار الخمسة وستين عاما الماضية. ولكن خلال الفترة نفسها قتل أكثر من
ثمانمائة دراغون على أيدي البشر.
هناك أمل بأن يساهم الشعب الإندونيسي والعالم أجمع، في مساعدة الكومورو
دراغون على الفوز بمعركة البقاء كنوع في المستقبل.
تعتبر هذه السحلية العملاقة اليوم عرضة للتهديد بالانقراض. فهي سجينة
بيئة مناخية ضيقة وقليلة الموارد، وإذا استهلكت هذه الموارد، لن تجد
مكانا تلجأ إليه.
تواجه جميع الأنواع هنا المشكلة نفسها، بما في ذلك بني البشر.
معكم جون روس، شكرا لمرافقتي، إلى اللقاء قريبا. --------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م