اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 أسود الجبال
 

أسود الجبال

 

نص مترجم

جون روس:

مرحبا، معكم جون روس.

تعتبر أسود الجبال  وفق مقاييس النمو من أكثر الحيوانات المفترسة نجاحا، وهو يتواجد في مساحات واسعة جدا تمتد من الأرجنتين صعودا إلى كندا، وفي بيئة متنوعة تتراوح بين الغابات الاستوائية وأعالي الجبال. يطلق على أسد الجبل عدة أسماء، تشمل الكوغر والبانتر والبوما. وهو في أمريكا يعتبر من أشد القطط التي تعيش في القارة عنفا.

اعتبر الكوغر حيوان خطير منذ أن شاهده أول أوروبي جاء إلى القارة الأمريكية، فقرر القضاء عليه. ولكن رغم هذه المطاردة العنيفة ما زال الكوغر حيا، ولا يعود بقائها على قيد الحياة لمهارتها في الأكل والصيد فحسب، بل ولطبيعتها الخجولة الكتومة، التي تبقيها بعيدا عن الأنظار. جئت إلى غابات حديقة غران تيتان الوطنية للبحث عن هذه القطة الجليلة.

ابقوا معنا لنتعرف على العالم السري لأسد الجبل.

=-=-=-=-=

تمكن الكوغر من الانتشار في أوسع مناطق عرفتها الحيوانات البرية في القارة الأمريكية. يعود الفضل في نجاحها الشامل لبنيتها الفريدة التي تتقاسمها مع جميع أعضاء فصيلة القطط.

إنه تناسق أشكال العضلات الطويلة الانسيابية إلى جانب طول المخالب والأنياب الحادة، والحواس الدقيقة. رغم تطوير كل من أعضاء هذه الفصيلة لألوان وأحجام خاصة به، إلا أنها متشابهة من حيث الجمجمة والبنية الجسدية، إلى جانب تناسق أحجام أعضاء جسمها.

قبل خمسة وستون مليون عام، انفصلت فصيلتي الكلاب والقطط من سلف مشترك، في مسيرة نموها، وقبل عشرين مليون عام أخذت القطط بدورها تتعدد إلى أنواع القطط التي نعرفها اليوم. سجلت بنيتها نجاحا فريدا، لدرجة أنها لم تتغير كثيرا على مدار العشرة ملايين عام الأخيرة.

قد توحي النظرة الأولى إلى أن الكوغر على صلة وثيقة بالأسد الأفريقي، من حيث اللون الذهبي، وشكل الجسم المتشابه، ما جعل العلماء  في الماضي يخطئون في وضع هاتين القطتين في مجموعة واحد. كان هذا الجمع الخاطئ السبب الرئيسي في إطلاق اسم الكوغر على أسد الجبل، وكأنه يفسر عيشه في الجبال. ولكن الدراسات الحديثة التي  تشمل نمو الجزيئات، أثبتت بأن الأسد الأفريقي على صلة أكبر باللينغز، منه إلى أسد الجبل. فاللينغز و الأسد الأفريقي انفصلا عن بعضهما كفصيلة واحدة  قبل مليوني عام فقط. أما أسد الجبل والأسد الأفريقي فقد انفصلا عن بعضهما قبل أكثر من خمسة ملايين عام.

انفصل أسد الجبل في تلك الفترة عن جميع القطط الكبيرة، ليبدأ بذلك مسيرة نمو خاصة به وحده.

يمكن أن نقول اليوم بأن الفهد هو أكثر القطط الكبيرة صلة بأسد الجبل، حتى أنهما متشابهتان بأشياء كثيرة، كلاهما يطلق أصوات متشابهة، تختلف عن الزئير، ولكلاهما أرجل طويلة وبؤبؤ بني وسط عين مستديرة.

قمنا في بداية أيلول سبتمبر بزيارة تيتان، في هذه البيئة يسكن أسد الجبل، وسط غابات نائية تقل فيها التدخلات البشرية، وتتوفر الفريسة. تمر أنثى الكوغر بجوار أحراج من شجر الحور. وبدل اتباعها أسلوبها الحريص المعتاد، يبدو أنها تتبع خطوات هادفة، إنها عائدة لتتغذى على غزال صادته بالأمس. قبل أن تتركه ليلة أمس بعد الأكل، غطته بالأعشاب والقش لتخبئه من الغرباء. والآن عليها أن تزيل الركام جانبا، وتعاود الأكل من جديد.

يمكن لأسد الجبل أن يتغذى على الغزال لعدة أيام، وقد يستغرق أسبوعين لاستهلاك غزال من الأنواع الكبيرة الحجم، ولكن هناك خطر دائم بخسارة غنيمة ما. ثلاثة ذئاب رمادية شمت رائحة اللحم، ولن تتردد في محاولة سرقتها من أسد الجبل.

لن يتخلى الكوغر عن فريسته، بدون عراك.

لا يمكن مقارنة الكوغر بثلاثة ذئاب، أي أن القطة ستجبر على الرحيل عاجلا أم آجلا.

على أسد الجبل أن يبدد المزيد من طاقته الثمينة، لصيد فريسة جديدة. بينما تمكنت الذئاب من الحصول على وجبة سهلة، ولا بد أن يستهلكون هذه الجيفة خلال بضع ساعات فقط، ليتركوا البقية وليمة للثعالب. ولن يبقى منها غدا في مثل هذا الوقت إلا بعض العظام والشعر المتناثر.

=-=-=-=-=

صباح اليوم التالي في حديقة تيتان خرج أسد الجبل مرة أخرى للصيد. خلال أشهر الدفء تكثر الطرائد الصغيرة، لهذا كثيرا ما يخرج الكوغر للصيد نهارا بحثا عن فريسة سهلة.

أحيانا ما يتسلق الصخور العالية ليطل على المناطق المنخفضة من تحته. لا يساعدهم هذا على رؤية الفريسة بوضوح فحسب، بل يمكنهم أيضا من حجب أنفسهم عن أنظار الضحية المحتملة، على اعتبار أن غالبية الحيوانات لا تنظر إلى أعلى بطبيعتها، صممت حواس الكونغر للقيام بأعمال صيد محددة. أي أنه يعتمد على حاسة البصر أكثر من حاسة الشم، علما أن حاسة الشم لديها أقوى بكثير مما هي لدى البشر، ولكنها أقل تطورا مما هي لدى الدببة مثلا. وهكذا فإن رؤية الكوغر تعتبر ثاقبة. أضف إلى ذلك أن حاسة سمعه قوية جدا.

يعرف عن أسد الجبل سيطرته على مساحة واسعة من الأراضي، ولكن هذه المساحة تعتمد على البيئة، هنا في أيداهو مثلا يسيطر الذكر على مساحة تتراوح بين ستة عشر وثمانية عشر ميل مربع. عادة ما تتسع هذه المناطق لتضم المرتفعات العالية في فصل الصيف، والوديان المنخفضة في الشتاء، حيث تتجمع الغزلان على أنواعها.

لا يعرف هذا السنجاب الأرضي أن مفترسات قد رآه عبر المسافات. عندما شعر السنجاب أخيرا باقتراب الخطر، وجد الكوغر يقف بينه وبين جحره الآمن. كثيرا ما تقع السناجب الأرضية ضحية لأسد الجبل لشدة وفرتها في أيداهو خلال فصل الصيف. وعندما يكون الطعام وفيرا، لا تجد غرابة في أن يلعب الكوغر مع فريسته حتى يتعب من اللعب ويسدد ضربته القاضية. يبلغ معدل وزن الكوغر حوالي مائة وخمسة وأربعون رطلا، ويحتاج إلى عشرة أرطال من اللحوم يوميا، لهذا يتابع صيده. يمكن لأسد الجبل أن يعبر خمسة وعشرون ميلا خلال نهار أو ليلة صيد واحدة.

يتغذى الديك الرومي البري على الحشرات والبذور على بعد مئات الياردات منه. يعتبر الديك الرومي فريسة صعبة المنال، فهو يتمتع برؤية حادة لأصغر التحركات من حوله. ولكن خمسون مليون عاما من التطور وضعت أسد الجبل في مصاف الخبراء، لهذا يختار السير ببطء وباتجاه مواز لفريسته. أحيانا ما تستغرق عملية الصيد عدة ساعات. يعتبر معدل نجاح أسد الجبل في محاولات الصيد بين أعلى معدلات نجاح أكبر الحيوانات المفترسة في العالم. يعتمد الكوغر على صبره الفريد في الوصول إلى أقرب مسافة ممكنة من فريسته قبل مهاجمتها، لضمان نجاحه. ينتهز أسد الجبل بالفطرة فرصة خفض الديك الرومي رأسه كي يأكل، ليتقدم خطوتين نحوه. ثم يتوقف كليا، عندما يرفع الديك رأسه بحثا عن الخطر.

عندما يدخل الديك إلى غابة الحور، يجد الكوغر غطاء أفضل يمكنه من الاقتراب بسرعة أكبر ليصبح على مسافة عشرين يارد من الطير. تمكن أسد الجبل من إصابة الهدف من هجمته الأولى، ليصبح الديك عاجزا عن التحليق. بعد نيله من هذه الفريسة، يحصل على ما يحتاجه من غذاء، ليتمكن بعد ذلك من قضاء الليل والنهار في الراحة، وتوفير الطاقة اللازمة للصيد في اليوم التالي.

=-=-=-=-=

نجد بين أسباب نجاح أسد الجبل كنوع، كفاءته في انتهاز فرص الصيد. وهو يصطاد كل ما يمكن أن يتوفر أمامه. أمضى هذا الذكر خلال الشهر الماضي فترة طويلة على ضفاف هذا الجدول، ليصطاد ويأكل طرائد صغيرة. وقد تبين حتى الآن أن القوارض سهلة الصيد، ما يجعلها وسيلة لتخزين الطاقة لمواجهة الشتاء القادم.

اشتم ذكر الكوغر  رائحة بول أنثى من نوعه.  يمكن لذكر أسد الجبل أن يحدد من خلال هذه الرائحة ما إذا كانت الأنثى في الموعد المحدد للخصوبة. عندما أن يتأكد من أنها ليست في موسمها، يتابع سعيه للصيد.

آذان الكوغر دائما صاغية، تتنصت على أدنى صوت يشي بالقوارض. يمكن لهذا القط أن يسمع توتر عال أبعد بكثير من مستوى سمع البشر، ما يساعده على التقاط أدنى أصوات الفئران على أنواعها.

تتحرك آذانه في عدة اتجاهات، وكأنها أجهزة استقبال الأقمار الصناعية، يستوعب فيها أدنى أصوات فريسته.

عادة ما يحصل الكوغر على حاجته من الماء عبر اللحوم التي يستهلكها. ولكنه قد يشرب الماء العذب في الأيام الحارة.

عاد يشاهد فأر آخر على مسافة منه.  تمكن من الاختباء  وسط الأعشاب الطويلة. ولكنه شاهد آخر على الضفة الثانية من الجدول. في هذه الفترة من العام عندما تتوفر الفئران بكثرة، يمكن للكوغر أن يصطاد ويأكل منها حوالي عشرين خلال بضع ساعات. سيستمر بالمجيء إلى هنا على مدار الأسابيع القادمة، حتى هطول الثلوج، ليولم على القوارض التي تتقن الثعالب صيدها بمهارة. ثم يعود بعدها إلى اصطياد فرائسه الرئيسية، الغزلان.

=-=-=-=-=

بدأ المناخ يميل إلى البرودة، بعد أن سقطت ليلة أمس موجات من الثلوج فوق قمم التيتان. عاد أسد الجبل ثانية إلى حملة صيده.  ولكن برودة الطقس تدفعه إلى النزول نحو المناطق الأقل ارتفاعا. شاهد حركة عن بعد لفتت أنظاره. الحجل طير حذر، وقد تمكن من الفرار. تعتبر الطيور من أصعب الفرائس التي يصطادها القط. ولكن من المحتمل أن يكون هذا الكوغر قد نجح في اصطياد الحجل في الماضي، ويبدو أنه يعرف بأنه قد يجد غيره في الجوار. تابع مسيرته، فهو يستطيع المشي طوال النهار دون أن يتعب. حركة أخرى تلفت نظره الحاد. صممت أرجل الكوغر بطريقة تمكنه من المشي على أصابعه، ما يعزز خطواته السريعة، ويساعده على التحرك بصمت. تبلغ سرعة أسد الجبل أربعون ميلا في الساعة، ضمن مسافة خمسون قدم. تمكن مرة أخرى من تحقيق النجاح. ولكنه غدا سيخرج للصيد ثانية، لأنه مجبر على تخزين ما كميات كبيرة من السمنة تساعده على مواجهة الأيام العصيبة التي سيحملها معه برد الشتاء القارس.

=-=-=-=-=

حال أسد الجبل كحال غالبية الحيوانات المفترسة التي تحولت إلى عدو للرأي العام انطلاقا من أسباب خيالية أكبر من الوقائع. اعتبر هذا لحيوان تاريخيا أنه بلا قيمة، وأنه يشكل خطرا على العالم الحضاري، كما أنه قادر على قتل البشر، مع أنه على عكس الادعاءات الفلكلورية، نادرا ما يفعل ذلك. لم تقتل هجمات الكوغر في أمريكا الشمالية أكثر من أحد عشر شخصا على مدار الأعوام المائة الماضية. وهذا رقم ضئيل بالمقارنة مع الأربعة ملايين الذين يجرحون والعشرين الذي يقتلون سنويا، في الولايات المتحدة وحدها متأثرين بعضات الكلاب. كما أن خسارة المزارعين للحيوانات الأليفة بهجمات الكوغر تعتبر  متدنية جدا في عام. مع ذلك شهد القرن الأخير مقتل مئات الآلاف من هذه القطط على أيدي الموظفين الحكوميين وصيادي البراري. هذا بالإضافة إلى أن الكوغر يخسر المزيد من أجوائه البيئية حيال التوسع السكاني في مناطقه.

مكن التطور أسد الجبل من العيش في أجواء بيئية واسعة يقل فيها أعدائه الطبيعيين. وحده الإنسان يشكل تهديد جدي لهذه القطة الجميلة، التي تلعب دور هام في التوازن الطبيعي للحيوانات المفترسة. وحدنا نستطيع حمايتها بحماية بيئتها،  ليتمكن أسد الجبل من البقاء حيا، في البراري.

معكم جون روس، شكرا لمرافقتي، إلى اللقاء قريبا.

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster