منذ أن صنع أول كمبيوتر عام أربعة وأربعين، تمكنت الهندسة الإلكترونية من صناعة آلات معززة بحركات ومهارات بشرية، كما وضعت قواعد للذكاء الصناعي، والتوصل إلى عالم مواز اسمه الواقع الافتراضي، وروبوت يعتني بالأطفال وينظف البيوت ويلعب كرة القدم. هل يستغرق الروبوت كثيرا للتمتع بذكاء خاص به؟ هل سيحل الروبوت محل الإنسان؟ أم سيتمكن الذكاء الصناعي من تحويل الإنسان إلى روبوت؟ هل سنلجأ إلى عالم الواقع الافتراضي؟ هل سنبلغ حدا لا نميز فيه بين الواقع والخيال؟
يقدر عدد أنواع الروبوت المنتشرة على وجه الأرض في هذه الفترة بحوالي ستمائة وخمسين ألف روبوت. ليس هذا مجرد تقدير نسبي عشوائي، بل هو رقم إحصائي حديث. تسخر الغالبية العظمى من أنواع الروبوت المتوفرة هذه الأيام لأداء مهمات صناعية. فهي سلسلة للتركيب يسيطر عليها الروبوت ويشرف عليها الكائن البشري، تركب قطعة بعد أخرى في سيارات ذكية داخلها كمبيوتر. تطور هذه المصانع الكبرى نفسها أنواع من الروبوت كما هو حال بي ثلاثة وهو النموذج البشري الأكثر تقدما، ذات مفاصل، طوله مائة وستون سنتمترا، ووزنه مائة وثلاثون كيلو غرام. يتمتع بذكاء صناعي، يستطيع العدو والقفز وفتح الأبواب، وتشغيل جهاز ما، والمشاركة بألعاب الطاولة. إلى أي حد يستطيع الوصول؟
جاك أتالي:
سنرى ظهور أشياء أشد ذكاء مع الوقت، منح الأشياء ذكاء صناعي يعني السماح لها بتقدير محيطها، والتنبؤ به والتعامل معه، حتى جعلها أشياء تستطيع التعرف على مالكها. يمكن أن نرى ذلك في ألعاب يابانية بسيطة تعرف باسم تماغوشي، وهي نموذج عما سيأتي لاحقا. سنحصل على سيارات تتأقلم مع تصرفاتنا، سنحصل على ثلاجات ولوازم ذكية أخرى لحياتنا اليومية تصنع حسب طلب المستهلك، ما يخلق نوعا من الاستمرارية بين الحيوان الأليف والسلع الاستهلاكية. هذا هو الهدف من الذكاء الصناعي وهو ما ينفع للاستعمالات الفردية، الهادفة لإرضاء المستهلك.
يسعى علماء جامعة أليكاتي إلى تعزيز قدرات الروبوت على توجيه نفسه بنفسه، من خلال تطوير جهاز إنذار يعتمد على موجات ما فوق الصوتية ليمكن الآلة من التنقل بعد تصنيف الأشياء التي تجدها في طريقها. ما زال هذا المشروع في طور التجارب، ومن المفترض أن يمنح الروبوت قدرة التوجيه اللازمة لتنقلها ذهابا وإيابا في أي منزل، دون اصطدامها بالأثاث أو الجدران أو الأفراد.
فرانسيسكو اسكولانو:
يستطيع الروبوت تقدير ما حوله على مسافة خمسة أمتار، ولا يستطيع رؤية ما هو أبعد من ذلك. الهدف من إضفاء الرؤية الصناعية على هذا النظام هو السماح له بتعزيز الإنذار الصوتي أو أن يحل محله. تساعد الرؤية على تحسين جودة الحركة في الروبوت المتحرك لأنه يمنح مساحة أكبر بين الروبوت والعوائق بالمقارنة مع الإنذار الصوتي الذي يقتصر على خمسة أمتار. مشكلة المعلومات البصرية هي أنها مكثفة جدا، كما لا يهتم الروبوت بكل الصور التي يلتقطها، لهذا لا بد من تصميم وسيلة لتصنيف المعلومات، تميز ما هو هام للروبوت مما هو عديم الأهمية. على سبيل المثال في مهمات التقاط الأشياء لا بد من تمييز الأشياء مما حولها. وهكذا يركز الروبوت اهتمامه على هذه المنطقة من الصورة، ويرسم تحركاته ضمن فترة زمنية معقولة.
يسعى العلماء في أرجاء العالم إلى تطبيع المهارات والحواس والقدرات البشرية على الذكاء الآلي. كالبصر والسمع واللمس وردود الفعل، التي تمكن حتى من تطوير أنشطة رياضية خاصة بالبشر. تعتبر هذه نتائج خط الأبحاث المفتوح في العالم حول الذكاء الصناعي، وهو مجال ما زالت حدوده ونتائجه مجهولة حتى الآن. أما الآن فقد أطلقت في الأسواق بعض الاختراعات التي صنعت لتقديم الخدمات لكل من يستطيع تغطية نفقاتها.
كيفين وارويك:
أعتقد أننا سنتمكن في المستقبل من رؤية الروبوت في مزيد من المنازل. نرى اليوم روبوت في الغسالات والمكانس وأعتقد أننا سنرى في المستقبل القريب سنرى روبوت صغير يتنقل في البيوت لمساعدتنا في الواجبات المنزلية كالتنظيف وحتى الحراسة الأمنية.
إذا أخذنا حقيقة الروبوت بعين الاعتبار نستطيع إطلاق تسمية روبوت على أي آلة، فالسيارة مثلا تعتبر روبوت وحتى الأبنية المتفاعلة. لهذا أعتقد أننا سنعتمد على مزيد من التكنولوجيا والروبوت، يتحرك بعضها بطريقة كالتي نراها في الأفلام الخيالية، ولكنا سنجد روبوتا يعتمد على تفكيره الذاتي واتخاذ القرارات بنفسه.
لا حدود تقيد تطبيقات هذا الروبوت، مع توسيع قدراتها للتواصل مع البشر يوما بعد يوم. يتم اليوم في جامعة ريدينغ تحسين آلة ذكية للعناية بأطفال يعانون انطواء في الشخصية.
كيرستين داوتينهين:
نحن أمام هدفين محددين، يكمن الهدف الأول في دراسة المضامين العامة للتفاعل بين الروبوت والإنسان، أما الهدف الثاني فهو بعيد المدى، يكمن في مساعدة أطفال يعانون من انطواء الشخصية في التواصل مع العالم. نسعى في نهاية المطاف إلى جعل هذا النظام قابل للاستعمال في المدارس، ليستعين به الأساتذة كأداة عمل لمساعدة هؤلاء الأطفال.
لا تقتصر صناعة الروبوت مجال عملها على صناعة آلات تحاكي الكائن البشري. يمكن للحيوانات الأليفة الآلية أن ترافق وحدتنا في القريب العاجل فالكلاب والقطط وحتى العناكب الصغيرة ستقوم بمرافقتنا، وتتولى الحراسة المنزلية، وتلعب دور الكمبيوتر المتنقل. هذا دليل آخر على قدرات التسويق الهائلة التي سينعم بها الروبوت خلال العقد الأول من الألفية الثالثة. أما البدائية التي تتصف بها اليوم تنجم عن أنها في مرحلة تجريبية بعد.
يخصص العديد من البلدان قيمة أكبر من إنتاجها الداخلي العام لأبحاث الكمبيوتر. ما زالت اليابان والولايات المتحدة تتصدران صناعة الروبوت في العالم، تتبعهما بعد ذلك سويسرا وفرنسا وإيطاليا. أما إسبانيا فتحتل المرتبة السادسة بين البلدان الأوروبية.
يعمل كيفين وارويك باحثا في جامعة ريدينغ البريطانية الشهيرة، وقد كرس حياته لتطوير آلات التواصل مع الأشخاص، بالإضافة إلى فهم القدرة البشرية على التفاهم مع الذكاء الصناعي. وقد بلغ به الأمر أن زرع تشيب مجهري، تحت جلده.
كيفين وارويك:
أثناء التجارب على عديمي الصبر التي جرت في العام الماضي زرعت تشيب سيتيك مجهري كهذا تحت ذراعي الأيسر، وقد تمكنت بهذا الشيب من التفاعل مع كمبيوتر المبنى الذي يلقي علي تحية الصباح عند الدخول، ويشعل الأنوار ويفتح أبواب المختبر. كان يعرف جيدا مكان تواجدي في كل لحظة. نعمل الآن على القيام بعملية زرع مشابهة للجهاز العصبي يستقبل إشارات الإشارات الإلكترونية للدماغ وينقلها إلى الكمبيوتر، ومنه ثانية إلى الجهاز العصبي. أعتقد أننا في المستقبل نستطيع زرع أشياء كهذه في المستقبل ولا شك أننا سنتمكن من التواصل مع الآلات من خلال لحركة. يمكن نقل أي إشارة إلكترونية من الدماغ إلى الكمبيوتر بتحريك اليد أو الأصابع. لن نحتاج إلى مفاتيح الكمبيوتر، يكفي عند ذلك تحريك الإصبع لقيام الكمبيوتر بما نريده. كما يمكن الوصول إلى ما هو أبعد من الصلة بين أفكارنا ولكمبيوتر عبر الإنترنت. إذا اعتمد أشخاص آخرون على الزراعة نستطيع التفكير ونقل هذه الإشارات عبر الإنترنت وتفريغها في الجهاز العصبي لشخص آخر.
أي أننا نعمل في القرن الحادي والعشرين على دراسة إمكانية التواصل مع أشخاص آخرين من خلال التفكير وحده. لن نحتاج بعدها إلى أجهزة الهاتف، سنتمكن من التواصل بمجرد التفكير بالشخص الآخر.
الذكاء الصناعي هو من مجالات المعلوماتية التي تحاول بهذه الطريقة تصميم أنظمة تحاكي أو تقلد الذكاء البشري. تعود جذورها إلى عقد الخمسينات، مع توسع المعلوماتية والتوصل إلى الكمبيوتر الرقمي. لا حدود لهذه التطبيقات في المستقبل، علما أننا اليوم نعتم على أولى النماذج في مجالات متنوعة.
فريديريك باربر:
أخذوا مثلا يصنعون أنظمة استيعاب، أي أنها تستطيع التعرف على الكلام، وأخرى تستطيع صياغة الكلام الطبيعي، وأخرى قادرة على ترجمة. أعني أن المرء يستطيع اليوم الذهاب إلى فندق ليجد فيه جهازا يدرك اللغة التي نتحدث بها، ويترجمه إلى لغة يفهمها عامل الفندق.
كريستين داوتناهن:
أعتقد عموما أن هناك إمكانية كبيرة لتطبيق الأنظمة المستقلة وتكنولوجيا الحياة الصناعية في التأهيل والتعليم. أعتقد على سبيل المثال أنه من المهم جدا في مجال التأهيل الانطلاق من وقائع يعامل فيها الأفراد كأشخاص وليس كآلات. لهذا نحتاج إلى روبوت، وهو آلة قادرة على التأقلم مع البشر وتتودد إليهم. أذكر هنا أن تكنولوجيا المعلومات فرضت ومنذ زمن بعيد على الإنسان أن يتأقلم مع الآلة لاستخدامها.
فيديريكو باربر:
ماذا نتوقع من المستقبل؟ نتوقع تقاربا أكبر في الأنشطة البشرية. أي أن لدينا هدفا محددا وهو محاولة محاكاة وتقليد هذا الأداء الذكي. سنتقرب من ذلك شيئا فشيئا، مع أننا عند بلوغ ذلك لن نتمكن من تقليد الكائن البشري بالكامل، لهذا سنتمكن شيئا فشيئا من التقاط المزايا، وتحسين الأنظمة وجعل الأنظمة الذكية التي نعدها تعكس المزيد من الذكاء تدريجيا.
كيفين وارويك:
لأدمغتنا رؤية محدودة للعالم، فمن خلال الذكاء الصناعي للآلة لن تبقى هذه الرؤية بسيطة ومحددة، لهذا لا أرى أي مانع من حصولنا على أدمغة صناعية أكثر إلماما من الدماغ البشري. يمكن اعتبار الدماغ البشري الآن بهذا الحجم الصغير بالمقارنة مع الدماغ الصناعي الذي هو أكبر بكثير. كما يستطيع الدماغ الصناعي التفكير بأبعاد كثيرة، وهو يشمل عدد كبير من الوجهات المختلفة، كما فوق الصوتية وأشعة ما فوق البنفسجية وأشعة إكس التي يعجز الإنسان عن استيعابها. لهذا أرى في المستقبل أننا سنعتمد على ذكاء صناعي سيكون أشد قوة وأوسع قدرة من الذكاء البشري.
يعتبر الواقع الافتراضي مفهوم حديث نسبيا ومع ذلك فقد ترسخ في الوعي الاجتماعي كشهادة للمستقبل، وتنبؤ بمستقبل يثير القلق ورد في علم الخيال وحده. مع بداية عقد الثمانينات ثبتت فعالية هذه التكنولوجيا الجديدة، فتم استخدامها كالعادة في المجال العسكري أولا، حيث شيدت أولى قمرات التحليق الافتراضي.
قلدت من خلالها ظروف الطوارئ دون تعريض الطيار أو الطائرة للخطر. استخدمت في ذلك أجهزة توجيه هي نسخة طبق الأصل عن تلك الحقيقية، وهي تتنوع حسب النماذج والأحجام. وهكذا يحاط الطيار بأجهزة ثلاثية الأبعاد أعدها الكمبيوتر ليصبح قادرا على التحرك في العالم الافتراضي، ويتحكم في العالم المرئي من زوايا متنوعة، ويحدد مسار التحليق، ويزيد ارتفاعه أو انخفاضه، بالإضافة إلى الصعود والهبوط بما يعنيه ذلك من نسبة خطورة أعلى.
أدت فعالية هذا النظام إلى تطبيقه في مجالات أخرى تتطلب تدريبات محددة لقيادة وتوجيه الآليات الخطيرة.
منويل بيريز:
نحن الآن في جهاز مشابه لإحدى الرافعات في ميناء فالينسيا. يعتمد هذا المقلد مبدئيا على نفس التكنولوجيا التي يعرفها الجميع في مجالات أخرى كالعسكرية والخاصة بالطيران وغيرها، فهو يحاول من جهة إثارة المشاعر الحقيقية، والحوافز الديناميكية التي يتلقاها العامل العادي في هذه الرافعات، كما يحاول الإيحاء بالواقع البصري الذي يراه عامل الرافعة أثناء العمل. يجتمع هذا كله ويمتزج ليتمكن إلى حد ما من خداع شخص ما ليندمج في عمله وكأنه في غرفة تشغيل رافعة حقيقية، ويستمر في تلقي معلومات حول التشغيل وكل ما يتعلق باحتمالات الخطورة وغيرها. أي أنه يشتمل على جميع قدرات التقليد، ويتمتع بأقل قدر من الخطورة، نتيجة عدم وجودنا في العالم الواقعي، وإذا ما انقطع سلك ما في الرافعة لن يؤدي إلى مقتل أحد.
ماركوس فيرنانديس:
هناك تطبيقات في مجال الهندسة كما قلنا وخصوصا في تصميم السيارات وتحديد الأبعاد في مجالات البناء. كما بدأ في المجال الطبي إجراء بعض التطبيقات المتعلقة في التدرب على العمليات من خلال ما أخذ يعرف الآن بالعمليات الافتراضية.
كيفين وارويك:
يعتبر هذا بالنسبة لي واقعا في وقت محدد جدا، نظرا للطريقة التي نبحث من خلالها مسألة زرع صلة وصل بين جهاز الأعصاب والكمبيوتر، هذا ما يجعل الواقع الافتراضي تكنولوجيا قديمة لأنها في الواقع لم تعد ضرورية. إن كان لدينا كمبيوتر على صلة مباشر بالدماغ، سنتمتع بكل قدرات الذاكرة وكل الحسابات اللازمة وافتراضية الكمبيوتر على صلة مباشرة بنا. لهذا لن يلزمنا ما يعرف اليوم بالواقع الافتراضي بالخوذة والجهاز الصوتي، بل سنكون على صلة مباشرة بالكمبيوتر.
كان الشبان من أوائل الذين تقبلوا بحماس هذه التكنولوجيا الجديدة. تعتد مدينة لندن بمجموعة كبيرة من قاعات الترفيه التي تحتوي على أحدث نماذج ألعاب الكمبيوتر، وهي كي تحقق النجاح في أوساط الشبان من الزبائن، تعتمد بالضرورة على تكنولوجيا الواقع الافتراضي أيضا. انطلاقا من التقنية المستعملة في أجهزة تقليد الطيران تمنح هذه الآلات مشاهد ومؤثرات ثلاثية الأبعاد، يتغلب عليها المتسابقون ببراعة المثابرة. يمضي الكثيرون منهم ساعات طوال في محاولة للتحكم بالألعاب، والتفوق على الأرقام القياسية التي توصل إليها خصومهم. قدرة الجاذبية والترفيه التي تميز هذه الألعاب الافتراضية فسحت بالمجال أمام أولى حالات الإدمان بين الشبان، كما هو الحال في وسائل إلكترونية أخرى كالتلفزيون الذي يواجه خصما قويا.
ماركوس فيرنانديس:
لا يمكن اليوم المنافسة مع الترفيه الذي يمنحه التلفزيون، لأن كلفة الأجهزة الافتراضية عالية جدا. صحيح أنها متدنية الجودة ولكن لا شك أنها إذا حصلت على نوعية عالية لا شك أنه سيصبح بديلا لأي وسيلة ترفيه أخرى بما في ذلك التلفزيون. وبما أن التلفزيون يمكن أن يسبب الإدمان فإن الواقع الافتراضي يمكن أن يسبب الإدمان أيضا على اعتبار أن المستهلك يمضي ساعات طويلة أمام الكمبيوتر كما يحدث اليوم في ألعاب الفيديو. ستنجم عن ذلك مشكلة اجتماعية يجب معالجتها، بما أن اللاعب أشد عرضة للمخاطرة على الإدمان من ذلك الذي يقوم بدور المشاهد فقط.
ولكن استعمال الجيل الأخير من ألعاب الفيديو لن يقتصر إلى نتائج ضارة فحسب، بل يمكنه أن يفيد الأشخاص الذين يواجهون مشاكل في علاقاتهم الاجتماعية والتمتع بحياة طبيعية. قامت مجموعة من شركات المعلوماتية في اسبانيا بإنشاء ما يعرف بعالم النجوم، وهو مساحة افتراضية يتقاسمها أطفال اضطروا بسبب المرض للبقاء في المستشفيات.
يستطيع الأطفال المرضى الدخول إلى أربعة عوالم افتراضية من غرفهم، هي عوالم للترفيه والتعلم والتواصل مع أصدقاء آخرين في اللعبة مهما كانوا بعيدين عنهم. يتعارفون قبل اللعبة عبر اتصال من خلال نظام التحادث بالفيديو، ينقل الصورة والصوت في آن معا عبر كاميرا صغيرة تصور المشاركين باللعبة، التي يستكشفون من خلالها مغر تحت الأرض، ويبحثون عن الكنوز، ويتعلمون أسماء الحيوانات والنباتات، ويتعارفون ليصبحوا أصدقاء من خلال الإنترنيت. يتواعدون ويتقاسمون أوقات الفراغ في أماكن مشتركة بعيدان عن جدران غرفهم. يتحدون بعضهم بعضا في الألعاب، ويتنافسون ويضحكون ويواسون بعضهم. يتمثل كل منهم في مساحة افتراضية تتسع فيها دائرة الواقع. تتقدم التكنولوجيا بسرعة هائلة، وتقترح تحديات جديدة، ومزيد من الإثارة، هو عالم افتراضي يستضيف الكائن البشري كمدعو يتمتع بكامل السلطات، لهذا يرى المتحمسون للكمبيوتر آفاقا لا حدود لها.
ناديا ماغنينات:
هناك إمكانية للعيش مع الصور الافتراضية، كما هو حال السايبر دانس، أي رقص الكمبيوتر، حيث نسعي للرقص مع رقاصين افتراضيين دون إتقان الرقص في الحياة الواقعية. ما يعني الحصول على أنواع التجارب الجديدة في الواقع الافتراضي، والتي يصعب الحصول عليها في الواقع الحي، كتعلم الرقص والغناء، كل هذا ككائن افتراضي. وهكذا ستزيد قدراتنا الخاصة للعيش في الواقع الافتراضي.
تتم في جينيف مجموعة من التجارب التي تمكنت من بلوغ استنساخ افتراضي، وهي نسخة على الكمبيوتر تترابط عبر الأسلاك لتكرر جميع الحركات على شاشة وكأنه ظل على الكمبيوتر. يتم في نفس الوقت على تحسين هذه الصور الإلكترونية التي تؤدي إلى هذا الشعور بالانسجام. ما زالت الخوذة الافتراضية تمنح مساحة محددة جدا من الرؤية التي تتعب البصر.
ماركوس فيرنانديس:
يجب أن يركز البصر عادة على على مسافة قريبة وعندما يركز المرء على هذه الصورة لأكثر من خمسة عشر دقيقة يبدأ شعوره بالتعب. لهذا تتم الآن مجموعة من الأبحاث في مجال الأنظمة المتعلقة بالخوذة، بالإضافة إلى التركيز على المناطق والقدرة على القيام بذلك عبر مسافات مختلفة، يتم إدخال أنظمة توجيه شبكية جديدة، تساعده حتى على تفادي استعمال هذا النوع من الخوذات. أما في مجال التوصل إلى الصور المحددة، فيتم التقدم أكثر وأكثر في سبل التحضير وقواعد الصور المستخدمة ، لهذا تزداد الملامح مصداقية مع الوقت.
يتوقع الخبراء أن يصبح استخدام الخوذة الافتراضية سيعني التخلي عن المفاتيح التقليدية بعد أقل من عشر سنوات. هذا النظام الثوري سيساعد المستهلك في التفاعل مع الكمبيوتر بطريقة كاملة من خلال أداة تجمعه بكمبيوترات أخرى، تمثل بدورها أشخاص حقيقيين آخرين يتبادلون الأفعال والأحاسيس.
ماركوس فيرنانديس:
إذا استطاع هذا النوع من الأنظمة فرض نفسه على العوائق التكنولوجية المتعددة المتوفرة اليوم لا شك أنه سيصبح بالإمكان استخدام الواقع الافتراضي في أي شيء تستخدم فيه اليوم أنظمة أخرى تتطلب كما شرحنا سابقا التواجد في أماكن محددة، كالقيام برحلات افتراضية والمشاركة في حوارات الفيديو بمستوى أعلى من الانسجام مع المحيط المطلوب زيارته أو الاجتماع المطلوب حضوره.
ناديا ماغنينات:
أعتقد أن المهم هو أن يتواصل شخصانفيما بينهما عن بعد. على سبيل المثال أن يكون شخص في إسبانيا والآخر في نيويورك ونحن في جنيف ونستطيع إجراء اتصال شبكي مباشر من خلال كاميرا كالتي نراها هنا، وأن نستطيع التفاعل جماعيا من خلال الواقع الافتراضي. لا يكفي النظر إلى الشاشة، بل من الضروري في المستقبل أن يتم الاتصال بأي شخص على هذا الكوكب من خلال عالم افتراضي مشترك.
تعد التنبؤات المستقبلية التي يعلن عنها الخبراء بالوصول إلى عالم افتراضي سيقوم سكان القرن الحادي والعشرين بأقلمته مع ما يسمى بالعالم الافتراضي، حتى بلوغ مرحلة يتنافس فيها كل منهما مع الآخر. ما يعني إدراك الإنسان المستقبلي سيتحرك بمقاييس ثلاثية الأبعاد، وسيتعزز من خلال اتصالات الكمبيوتر، حتى بلوغ عالم من التحكم الآلي يلعب الإنسان فيه دورا رئيسيا يسيطر من خلاله على الشخصيات والأماكن بطريقة قلما تحدث في العالم الواقعي. وسيضمن أيضا التحكم بالروبوت وأشكال أخرى من الذكاء الصناعي، تشكل إبداعات إلكترونية في خدمة المشيئة البشرية. سنجد عمالا من الكمبيوترات في خدمة مالكيها يجعلون حياتهم أسهل وأكثر أمانا، سنترك للمستقبل أن يؤكد أو ينفي هذه الآمال والتمنيات بعالم سعيد، ما زال يثير الشك والريبة.
--------------------انتهت.