|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
بوا قوس قزح
أريد أن أبدأ بالتحدث عن هذه الأفعى التي تتمتع باسم جميل جدا. عندما
أخبركم عن اسم هذه الأفعى سيقول البعض في نفسه أن أتحدث عن أفعى
مختلفة، فقد يبدو لكم أنه لا يرتبط بهذا الثعبان. تحمل هذه الأفعى لقب
بوا قوس قزح. أعرف أن البعض يتذكر الآن بأن قوس قزح يعج بالألوان وهو
يسطع في الأفق أحيانا بألوانه المتعددة بين الأحمر والأخضر والأصفر
عندما تمطر السماء في الأيام المشمسة، وهو مشهد رائع الجمال، أما هذه
الأفعى فيغلب عليها لون الوحل البني، فلماذا يسمونها بوا قوس قزح؟ لا
يعود الفضل بهذا الاسم لشكلها في الظروف العادية، بل لما تبدو عليه من
ألوان في الأيام المشمسة جدا، حين تسطع الشمس تعكس هذه الثعابين بعض
الضوء، حين تضربها أشعة الشمس تؤدي الحراشف التي فوق جلدها إلى انعكاس
الضوء، مشحون بالكثير من الألوان التي تنعكس خضراء وحمراء وزرقاء
وصفراء لامعة حول جسمها، فتبدو رائعة الجمال، ومن هنا يأتي اسم بوا قوس
قزح. وبما أن هذا يوم غائم نسبيا لا يمكن الحصول على ذلك المزيج من
الألوان التي نراها في الأيام المشمسة، مع أني إذا حركتها قليلا يمكن
أن ترى بعض الألوان البسيطة، ولكنها لا تشبه تلك التي تسطع تحت أشعة
الشمس.
يمكن أن ترى بأن هذه الأفعى بالغة الجمال، تلمع بألوان ساطعة في الشمس،
أما في الظل فيغلب عليها لون الوحل كما ترى فتبدو مختلفة عما تراه تحت
أشعة الشمس.
تعيش هذه الأفعى في أمريكا الوسطى والجنوبية، وهي تنتشر في المساحات
الممتدة بين كوستا ريكا جنوبا نحو الأرجنتين، وتسكن تحديدا في الأدغال
وغابات المطر الاستوائية وما شابه ذلك من مناطق على وجه الخصوص.
هذه هي الظروف البيئية التي تعيش في وسطها، وهي تتغذى هناك بشكل رئيسي
على حيوانات كالفئران والجرذ، وعادة ما تعثر عليها على الأرض، على
اعتبار أن بوا قوس قزح تمضي وقتها في الزحف على الأرض، فهي من الثعابين
البطيئة والكسولة جدا، كما أنها ليست كبيرة الحجم بل تميل إلى البدانة
وثقل الوزن، وقلما يتعدى طولها حوالي أربعة أقدام، مع البوا عادة ما
تكون طويلة وضخمة إجمالا إلا أن هذه قصيرة وبدينة في أغلب الأحيان، ولا
يطول حجمها كثيرا.
ذكرت بأنها تمضي وقتها زحفا على الأرض ومع ذلكم فهي أحيانا ما تتسلق
الأشجار. أما على الأرض فتقوم الحية باصطياد فريستها من الفئران
والجرذ، ولكن قد يتساءل البعض هنا، كيف تصطادها؟ مع أنها بطيئة جدا ولا
يمكن أن تطارد أحدا في العدو خلفه أو ما شابه ذلك، ولكن ملا تقوم به هو
الاختباء تحت كومة من الأعشاب أو النباتات بانتظار أن يمر فأر أو جرذ
حتى تنطلق لتقبض عليه، ثم تعصره لأن البوا دائما من العاصرات، التي
تخنق فريستها وتبتلعها. لا بأس بذلك مع أني أشعر بأن أحدكم يعترض
بالقول وماذا إن كان الجو مشمسا؟ سوف تسطع الشمس والثعبان مختبئ تحت
العشب، ما يجعل حراشفه تعكس الأشعة بألوانها المتعددة فيبدو وكأن قوس
قزح صار تحت العشب، سيستغرب الفأر والجرذ ما يجري لأنه يعرف بأن قوز
قزح لا يظهر من تحت الأعشاب، وسيبقى بعيدا، ما يحول دون اصطياد الثعبان
لأي فريسة هكذا. قد يكون ذلك صحيحا لو أن النباتات التي تكثر هناك لا
تعكس النور أيضا، غالبية النباتات في تلك المناطق تعكس أشعة الشمس
بالأحمر والأخضر والأزرق والأصفر، تماما كما يفعل الثعبان من تحتها، أي
أن النباتات تعكس الضوء كالثعبان تماما، ولو لم يكن الثعبان هكذا
لتمكنت الحيوانات من تمييزه بسهولة، ولكن بما أنه والنباتات متشابهان،
لا يمكن رؤيته بسهولة، لأنه يتخفى تحت ألوان جسمه الواقية، ما يحول دون
رؤية الفأر له فيقترب جدا منه ليقع بين فكيه، وهذه طريقة مناسبة لحصول
هذه الثعابين على غذائها.
قد يتساءل البعض إذا كان ما هرا في اصطياد فريسته على الأرض، لماذا
يتسلق الأشجار؟ لأنه يجد بعض ما يحب جدا أن يأكله فوق الأشجار. أعرف أن
بعضكم قد يقول الآن بأنه يحب أكل الطيور. كما أن البعض الآخر قد يفكر
بأنه يحب أكل السحالي. أحسن من توقع الاحتمالين ولكنه أخطأ في التقدير.
هل تعرف ما يحب اصطياده فوق الأشجار؟ الخفاش! الذي يسمونه أيضا
بالوطواط، وهي طيور عادة ما تشاهدونها في أفلام مصاص الدماء. وهذا
الثعبان يحب أن يأكل الخفاش.
تتقن هذه الثعابين تسلق الأشجار رغم أنها قصيرة الحجم وبدينة نسبيا، مع
أن غالبية أنواع البوا الشجرية نحيلة تتمتع بتسلق الأشجار ببراعة
وإتقان، أما هذه الثعابين فهي كسولة وبطيئة جدا في الحركة فوق الشجر.
علما أنها تتمتع بذيل إمساكي كما ترى هنا أنها تمسك بإصبع يدي بشدة،
وهي تستعمله للتمسك بالأغصان كي لا تسقط عنها، أي أنها ليست سيئة
التسلق بل هي بطيئة في الصعود والحركة إجمالا.
كيف لهذا الثعبان أن يصطاد الخفاش؟ علما أن الخفاش يحلق في الليل، ولكن
كيف يرى الخفاش في الليل؟ لا يعتمد الخفاش على عينيه في الليل ولكنه
يتمتع بما يشبه الرادار الكاشف، التي ترسل إشارات تساعدها على تحديد
مواقع الأشياء من حولها، لهذا لا يمكن أن يصطدم بالأشجار وأعمدة
الكهرباء وأسلاكها وما شابه ذلك، فالخفاش لا يواجه مشاكل من هذا
النوع. ولكن كيف لأفعى قوس قزح أن تصطاد الوطواط؟ الظلام حالك ولا
يمكنه الرؤية بسهولة، إذا تمعنت النظر في وجه الأفعى سترى بالقرب من
عينها ثقب صغير، أما وظيفة هذا الثقب فهي الإحساس بالحرارة، تماما كما
هو الحال لدى الأفعى المجلجلة، وهي تعتمد على ثقوب حاسة الحرارة
لتحديد مكان الخفاش، خصوصا وأنه من ذوات الدم الدافئ كجميع الثديات،
وهكذا يمكن للثعبان أن يحدد مكان الوطواط من خلال حرارة جسمه، أي أنه
يتمكن دون رؤية الخفاش أن ينقض عليه ويلف جسمه حوله ويعصره حتى يعجز عن
التنفس، وهكذا يقتل الخفاش ويتمكن من ابتلاعه بسهولة، يقوم بكل هذه
العملية وهو يتلى في الهواء ممسكا بذيله كي لا يسقط عن غصن الشجرة.
أي أن هذا الثعبان يتأقلم جدا مع ظروف الصيد على الأرض وفوق أغصان
الشجر، وهو معتاد جدا على ظروف العيش في أمريكا الوسطى والجنوبية.
=-=--=-=-=-=-=
سنتحدث الآن عن سحلية صغيرة تسكن في الجنوب الغربي من الولايات
المتحدة، وهي تسمى رشيقة الألف شوكة، يمكن أن ما يبرر هذا الاسم إذا
تأملت بكمية الأشواك الهائلة التي تنتشر في جميع أرجاء جسمها بما في
ذلك ذيلها وقوائمها وظهرها، ويقال أنها رشيقة لأنها سريعة جدا فما أن
تنطلق حتى تعبر مسافة طويلة إنها سريعة فعلا، لهذا تحمل صفة الرشيقة
كجزء من اسمها. ولكنها أحيانا ما تسمى أيضا بذات البطن الأزرق لأن لون
جانبي بطنها يميل إلى الزرقة، وعلى جانبي الوجه أيضا يمكن ان ترى
ميولها إلى الزرقة. لهذا يطلقون عليها هذا اللقب أيضا.
تسكن هذه السحلية في جنوب أريزونا والمكسيك، كما تنتشر في الأرياف
المكسيكية أيضا، حتى مدينة فيراكروس، أي أنها تسكن في مناطق شاسعة.
يعرف عن هذه السحالي أنها تسلق أعالي الجبال، أي أنها تتواجد فوق
مرتفعات تعلو أكثر من خمسة آلاف قدم، كما يمكن العثور عليها فوق سفوح
تعلو أحد عشر ألف قدم، أي أنها تعيش في القمم وليس فوق التلال. أما
هناك فهي تفضل اللجوء إلى المناطق المعزولة كما هو حال المناطق الصخرية
النائية، وأحيانا ما تسكن في سفوح تغطيها أشجار الصنوبر والسرو على
أنواعها، مع أنها قد تتواجد أيضا عند أقدام الجبال وذلك في مناطق
تسودها الرطوبة حول البرك والجداول أو في المساحات المبللة وما شابه
ذلك. أي أن هذه السحالي تعيش على الأرجح في المناطق الجبلية النائية.
عادة ما تمضي هذه السحالي ليلتها في شقوق وتصدعات الصخور، وعندما تخرج
في الصباح، يغلب عليها اللون الأسود الداكن، مع أنها كما ترى تميل إلى
اللون البني المرقط ببعض البقع البيضاء الفاتحة، أي أن ألوانه تتراوح
بين البني والأسود والأبيض وما شابه ذلك، ولكنه عندما ينام في الأخاديد
وبين الصخور يغلب على جلده اللون الأسود، وهكذا عادة ما نلاحظ لونها
داكنا عندما تخرج صباحا لتستلقي فوق الصخور ما يجعلها مميزة وبارزة
بوضوح هناك.
يمكن أن نرى بأن هذه السحالي صغيرة الحجم ولكنها بالغة النشاط. وهي
تتغذى على أكل اللحوم تحديدا، أما اللحوم التي تفضلها فهي الحشرات
والعناكب، التي عادة ما تعثر عليها في تصدعات الصخور وأخاديدها وفوق
الأشجار عندما تتسلق إليها بين الحين والآخر، مع أنها تمضي غالبية
الوقت بين الصخور وفوق جدران السفوح الخرية، التي تفضل العيش فيها.
ما هي الطريقة التي تتبعها هذه السحلية لتنجو من أعدائها؟ أول ما يمكن
أن تفعله هو القفز والفرار، وهي سريعة جدا تذكر أن اسمها رشيقة، وهذه
طريقة جيدة للفرار من الأعداء، وهناك طريقة أخرى تعتمدها من خلال
التلاعب معهم، فهي فضولية جدا، تترك العدو حتى يقترب جدا منها، وعند
ذلك تقفز وتختبئ على الجانب الخلفي من الصخرة، وتنتظر حتى يتبعها العدو
إلى هناك فتلتف حوله وتأتي إلى المقدمة، وحين يتبعها العدو تعود إلى
الخلف، وهكذا تستمر في التنقل بين الخلف والأمام، وهذه طريقة أخرى
للتلاعب مع العدو، أما عندما يقترب جدا، تغوص الحلية في تشققات الصخور
كي تختبئ هناك. وعندما تختبئ هناك تهبط حرارة جسمها فتميل إلى السواد
الداكن من جديد. ما يجعلك تراها تختفي تماما في عتمة الأخاديد هناك،
فهي تزداد سوادا حتى تعجز فعلا عن رؤيتها، من الممتع جدا رؤية ذلك إذا
حصلت على هذه الفرصة، الطريقة الأخرى للتخلص من عدوها هي بجعله بضعها
في فمه، وما أن يحاول أن يلوكها حتى تطعنه أشواك الذيل والرأس والجسم،
فيضطر للتخلص منه على الفور وهو يقول في نفسه أنه لا يرغب بلقمة شائكة
كهذه بل يفضل عليها لقمة سائغة، وهذا ما يخلص السحلية أيضا، وهناك
طريقة أخرى تعتمدها جميع السحالي للخلاص من الأعداء، وهي بتحريك الذيل
للفت أنظار العدو الذي يمسك بالذيل فينفصل عن الجسد، ليلهي به العدو
فتتمكن السحلية من الفرار بين الصخور أثناء انشغال عدوها بالذيل، وهذه
طريقة أخرى للخلاص. وبعد ذلك تنبت ذيلا جديدا، يمكن أن ترى بأن هذه
السحلية أنبتت ذيلا آخر. وهو هذه القطعة المميزة، يمكن أن ترى بأن
الذيل الجديد أصغر حجما ويختلف في اللون كما أنه لم يغطى بعد بالشوك،
وإذا تأملت مليا تلاحظ أن لا عظام فيه، ومع ذلك يمكنه أن يحركه بسهولة
كذيله الأساسي ما يمكن من استخدامه على هذا النحو عدة مرات ليخدع
أعدائه. تتفوق هذه السحلية على غيرها في أنها لا تضع البيض، قد يعتقد
البعض أن ليس هذا أي فارق بل هو فارق كبير لأنها تنجب الصغار أحياء،
وإذا ما هاجمهم عدو ما بعد الولادة مباشرة هل يمكنهم الفرار؟ طبعا، هل
يمكنها الاختباء؟ بلا شك، وهل يمكنها القتال؟ من المحتمل جدا أن تتمكن
من ذلك أيضا. أما إن كانت تبيض فما هو مصير البيض، بكل بساطة لا يمكن
للبيض أن يلوذ بالفرار أو الاختباء ولا القتال طبعا. أنه من الأفضل
للسحلية أن تنجب صغارها أحياء دون أن يبقوا في البيض عاجزين عن الحراك.
الجميع يأكل البيض، ومن الأصعب أن يمسك أحدهم بصغار السحالي، أي انها
متفوقة جدا في هذا المجال.
وهكذا يمكن أن ترى بأن الرشيقة ألفية الأشواك معتادة جدا على ظروف
العيش في أعالي الجبال في مكسيكو وأريزونا وجزء من أرياف المكسيك.
=-=-=-=-=-=
سنتحدث الآن عن واحدة من الأفاعي التي تنمو لتصبح واحدة من أكبر
الثعابين في العالم، حتى أنها تنمو لتصبح الأثقل والأشد بدانة في
العالم، وهي تسمى أناكوندا الخضراء، تعيش هذه الأفعى في أمريكا
الجنوبية، ضمن مناطق تمتد من كولومبيا حتى البراغواي، وهي عادة ما
تنتشر في الأدغال الاستوائية، وتحديدا في المناطق التي تنساب فيها
الأنهر ببطء شديد. هذه إلى الأجواء التي تحب العيش فيها، تنمو أناكوندا
الخضراء لتصبح كبيرة الحجم، حتى أن طولها قد يبلغ تسعة وعشرون قدم، ومع
ذلك فهي ليست أكبر الثعابين في العالم فالأصلة المتشابكة يمكن أن تبلغ
اثنين وثلاثون قدم، علما أن هذه الأفعى تصبح أثقل وزنا وأكثر بدانة من
أطول أصلة متشابكة، أي انها أثقل وأكثر الثعابين بدانة في العالم.
سأعطي فكرة عن الحجم الذي يمكن أن تبلغه الأناكوندا الخضراء، لقد كان
لدينا واحدة منها منذ فترة مضت، وكانت ذكرا، بلغ طولها تسعة عشر قدم،
وصل وزنها إلى مائتين وخمسة وثلاثون رطلا، وعندما قمنا بقياس الدائرة
الأوسع في جسمها، بلغت ثلاثة أقدام، أي أن عرضها يوازي خصر شخص قياسه
ستة وثلاثين، أي انها ضخمة فعلا. ومع ذلك لم تكن بحجم قريب من
الأناكوندا العملاقة جدا، بل كانت صغيرة نسبيا، أي أنها تصبح عملاقة
فعلا.
سبق أن ذكرت بأنها تعيش في الأدغال الاستوائية وغابات المطر على جوانب
الأنهر الساكنة والبحيرات، لأنها تمضي الكثير من وقتها في الماء، وهي
تحب المياه الهادئة جدا، فإذا ما وجدت نهرا تتدفق المياه فيه بسرعة أو
تكثر فيه الشلالات أو ما شابه ذلك، لا يمكن أن تعثر على أناكوندا إلى
جانبه، لأنها تفضل المياه الساكنة الهادئة التي تبدو وكأنها راكدة.
وهذه هي الطريقة التي تتحرك فيها أيضا، فهي على الأرض تتحرك ببطء شديد،
كما أنها ليست سريعة في المياه أيضا، فرغم انها تمضي الكثير من وقتها
في الماء، لا يمكن اعتبارها سباحة بارعة، ذلك أنها ثقيلة وكبيرة الحجم
كما قلنا، لهذا فهي تتحرك في الماء ببطء شديد، وليست رشيقة وسريعة كما
هو حال أفعى البحر والأفاعي الأخرى المشابهة التي تتقن السباحة برشاقة.
أي أن هذا لا ينطبق على أناكوندا، التي هي بطيئة في الماء وبطيئة على
اليابسة، مع أنها تسرع أكثر بقليل في الماء منه عل اليابسة.
بما أنها تمضي الكثير من الوقت في الماء، قد يعتقد المرء بأنها تأكل
الكثير من الأسماك، ولكن هذا غير صحيح، فهي لا تأكل الأسماك أبدا، أما
السبب فيكمن في صعوبة صيدها. هل فكرت يوما بصيد سمكة في يديك؟ يكاد
يكون مستحيلا، مع أن المثابرة قد تمكنك من ذلك، ولكن هل يمكن لأحد أن
يصطاد سمكة في فمه؟ طبعا لا، وهذا هو حال الأناكوندا أيضا، خاصة وأنها
مجبرة على الصيد بفمها لأنها لا تتمتع بالأيدي. أي أنها ليست صيادة
ماهرة، غالبية الحيوانات التي تصطادها في الماء كما هو حال الطيور
البحرية أو البط أو العصافير الأخرى التي تعيش بالقرب من الماء، أو تلك
التي تنزل إلى الماء كي تشرب، أما طريقة اصطياد هذه الحيوانات والطيور
فهي نصب الكمائن لها، عادة ما تخفي جسمها تحت سطح الماء، وتبقي عيناها
والأنف مفتوحة فوق سطح الماء، ثم تنتظر نزول الحيوانات كي تشرب، وما
تكاد تبلغ الماء، حتى تنطلق الأفعى من مكانها وتنقض فوق الحيوان وتلف
جسمها على جسمه وتعصره حتى يعجز عن التنفس خصوصا وأنها عاصرة قوية،
وبعد أن تخنقه تبتلعه كاملا. سبق أن أوضحت بأنها تأكل البط والطيور
على أنواعها، كما تأكل القوارض الأمريكية التي تنتشر هناك، وكثيرا ما
تتغذى على حيوانات كبيرة الحجم. كما هو حال بعض الأغنام البرية كالماعز
وما شابه ذلك، إلى جانب البابير وهو حيوان يأكل النمل وله خرطوم قصير
نسبيا قد يبدو فيه كصغار الفيلة، وهذه الأفعى قادرى على ابتلاعه.
وأحيانا ما تبتلع تمساحا بكامله، من تلك التي تسكن في أمريكا
الجنوبية، أي أنها تأكل أنواعا كثيرة من الأطعمة.
كيف لأناكوندا أن تنجو من أعدائها؟ نذكر أولا أن ليس لها الكثير من
الأعداء، ولكنها بارعة في التخفي، فعادة ما تعج الأنهر التي يعيش إلى
جانبها بالأعشاب والنباتات الكثيفة، التي يزج نفسها بينها فلا يعد
بالإمكان رؤيته. وحتى لو لم تكثر الأعشاب هناك عادة ما تميل مياه تلك
الأنهر إلى اللون الأخضر أو البني أو تعج بالطحالب، وهكذا يمتزج
الثعبان لونه بسهولة مع تلك الألوان، خصوصا وأن البقع التي فوق جسمه
تفيده جدا في ذلك. إذا اقترب منه شخص ما عادة ما يخافه، فإنسان عدو له،
أما باقي الحيوانات الأخرى التي هناك فهي جميعها تخافه بما في ذلك
التمساح والفهود الكبيرة فلا أحد يريد أن يتعارك مع الأناكوندا فه
أفعى خطير جدا، ومع ذلك فهي عادة ما تتفادى البشر، وذلك بالغوص في
أعماق النهر حيث تكمن هناك بانتظار رحيله من المنطقة بكاملها، خصوصا
وأنها تستطيع البقاء تحت الماء لمدة تزيد عن عشر دقائق، ما يساعدها على
الخلاص، ولكن ماذا إن أصر أحدهم على الإمساك بها؟ عند ذلك لا يجد هذا
الثعبان الهائل مفرا من لسعه. يتمتع هذا الثعبان بفم كبير وأسنان حادة
وطويلة جدا، أي أن عضتها مؤلمة جدا، كما أنها تهاجم بسرعة وتنقض على
خصمها حتى تصيبه بجروح عميقة. صحيح أنها غير سامة، ولكنها لا تحتاج إلى
السم. أي أن هذه من الثعابين القوية والصلبة تصيب بلسعات سريعة ومؤلمة
جدا.
لهذا نصيحتي لك هي ألا تقترب كثيرا من الأناكوندا، فعندما تظهر لك
جسمها، يعني أنها ستلسعك. يجب أن تحاذر من التعامل معها في الأسر وإياك
أن تحاول إمساكها في البرية، لأنك ستواجه متاعب كثيرة.
--------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م