اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 اشكال وجذور التواجد الاسلامي في الصين وكوريا
 

 

 

يمتد التواجد والتأثير الإسلامي في الصين وكوريا إلى ما يزيد عن الخمسمائة عام ، فقد استهل مع بدايات القرن العاشر الميلادي واستمر حتى منتصف القرن الخامس عشر. وتميز التواجد والتأثير الإسلامي بنشاطية فائقة طالت جوانب الحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية، لدرجة أنه من الصعب التحدث عن هذه الحقبة التاريخية المشحونة في تلك المنطقة دون التعرض لدور المسلمين فيها.

شهد القرن التاسع الميلادي اعتناق العديد من شعوب آسيا الوسطى للديانة الإسلامية، وكانت كارا خانيتيس واحدة من أولى دول تركستان التي ساهمت في نشر الإسلام بين الأويغور الذين تحولوا عن الديانة البوذية منذ أوائل القرن العاشر على الأقل، فأصبحوا الدولة الأقوى في تلك المنطقة حتى القرن الثاني عشر، حيث يؤكد المؤرخ العربي، ابن أثير، أن جميع شعوب تركستان اعتنقوا الديانة الإسلامية باستثناء التتار والخيتاي.

رغم تمكن الفاتح المغولي جنكيزخأن في نهاية القرن الثاني عشر من إخضاع جميع الدول الواقعة بين الصين والبحر الأسود، إلا أن إمبراطورية البدو هذه كانت تواجه بعناد سيطرة صينية فعليه نجمت عن الحضارة المتقدمة والأعداد البشرية الهائلة للسكان هناك، مما اجبر الإمبراطورية على اللجوء إلى قوة حضارية ثالثه ، فاعتمدوا على المسلمين ضمن ما يشبه الفئة المشاركة مع المغول.

وقد كان للتشابه في الأعراف والتقاليد البدوية المشتركة بين المغول وسكان آسيا الوسطى من الأيغور الفضل الكبير في هذه الشراكة، ويقال أن الايغور كانوا يساهمون أحيانا في بعض غزوات جنكيز خان أثناء حملاته وفتوحاته، حسب تأكيدات بعض المؤرخين التي تثبت أيضا أن الايغور كانوا يعفون من بعض الضرائب، ويحظون بمناصب إدارية كانت محظورة على الصينيين. كل هذه أسباب جعلت المسلمين ينتشرون في أرجاء الصين حينها.

توالت الحوافز الاقتصادية وغيرها على المسلمين المنتشرين في أرجاء الصين في النصف الثاني من القرن الثالث عشر، حيث وجدت أحياء إسلامية كاملة في مدن خان تشو و سوتشو ويان آن. وكان المسلمون في شمال الصين، ينقسمون إلى قسمين هما أولا، التجار وجامعي الضرائب أو الإداريين والماليين، ممن جاءوا طوعا إلى الشمال من فارس واسيا الوسطى. وثانيا، أصحاب المهن من المعماريين وذوي الحرف المرغوبة ممن أجبرهم المغول على التوجه شمالا.

الدور المالي والاداري.

كانت أعداد كبيره من الإداريين الرسميين الايغور يقيمون في تاتو، العاصمه، بكين اليوم، وفي تشانغ تو، كانوا ينكبون على تجارة الجياد. وحسب تأكيدات بعض المراجع فقد سلمت سلطات مدينة هونان 816 عقارا يصلح للسكن والزراعة ليقيم فيها المسلمين. وفي سنغ تينغ، هوبي الحالية، أقام عددا من المثقفين المسلمين مدرسة لهم، وتؤكد المصادر الصينية أن 3000 عائله مسلمة كانت تسكن في بن تشينغ، غالبيتهم من اثرياء التجار ومن كبار الإدرايين الحكوميين.

تألف التواجد المسلم في الجنوب الغربي من هجرات طوعية وتهجير فسري. جذبت مدينة زي شوان التجار وأصحاب المهن المسلمين لموقعها الاستراتيجي على الطرق المؤدية إلى بورما والهند، كما ولمكانتها التجارية المرموقة. إلا أن مدينة يان آن بقيت المركز الرئيسي للمسلمين في المنطقة. لدرجة أن السلطات المغولية عينت مسلما من آسيا الوسطى هو سعيد عجيل شمس الدين، ليكون حاكما على المدينة التي أصبحت اليوم محافظة جنوب غرب الصين.

يرى المؤرخ م. روسابي أن مدينة يان آن كانت موقعا حيويا هاما بالنسبة للإمبراطورية المغولية، على اعتبار أنها المركز التجاري الأهم لمرور البضائع إلى بورما والهند وبالعكس. وبما أن المسلمين كانوا الفئة التجارية الأهم في ذلك العهد، كان من المنطقي أن يقع الاختيار على حاكم مسلم لها. تجدر الإشارة هنا إلى أن التجار في المدن الساحلية من الجنوب والجنوب الشرقي للصين كانوا من العرب والفرس، في حين كان تجار الشمال الغربي والشمال الشرقي من الترك.

كان العرب والفرس يقيمون في مدن ساحلية من جنوب شرقي الصين كما هو حال تشوان شو، وشانغ شو، وكانتون وفو تشو. فأسسوا هناك ما يوازي لجان الحكم الذاتي، واختاروا لكل تجمع منهم حاكما إداريا يسمونه شيخ الإسلام، يجمع دوره بين قائد أو زعيم للجالية ووسيطها أمام السلطات المغولية. وكانوا يختارون قاضيا لتطبيق القوانين الإسلامية على التجمع السكاني أو الحي الذي كان يعتد أيضا بسوقه الخاص ومستشفى خاص وجامع واحد على الأقل.

ولم تعارض السلطات المغولية، على مدار الجزء الأكبر من فترة حكمها، ممارسة المسلمين لشعائرهم الدينية بما في ذلك تقاليد الختن أو الامتناع عن لحم الخنزير، كما لم تفرض اللغة المغولية او الصينية عليهم. فالعربية والفارسية كانتا اللغتين السائدتين بين أعضاء هذه الجاليات. وكان عددا من المسلمين يشغلون مناصب رسمية هامة في المحافظات الجنوبية الشرقية، من بينها الإحصاء والمصالحة والتوافق ولجان التحكيم وجمع الضرائب وغيرها من الوظائف المشابهة الأخرى.

كوبيلاي خان حفيد جينكيزخان، والخان الخامس، كان أول إمبراطور مغولي يحكم أنحاء الصين باستقرار وثبات، مما شكل تحولا في تاريخ المغول والصين في أن معا، وكانت مسألة تثبيت أركان الحكم المغولي وتأسيس عواصم جديدة له في تاتو وتشانغ تو، وتمويل غزواته العسكرية المتتالية تحتاج إلى أموال فكر كوبيلاي بالحصول عليها بمعونة خبراء ماليين مسلمين برز من بينهم شخص عرف باسم احمد، وقد عين وزيرا للمالية منذ عام 1262 وحتى وفاته سنة1282.

كانت مهمة احمد الرئيسية تقتصر على وضع سجلات بمن هم صالحون لدفع الضرائب، وتحديد لائحة بالبضائع التي تبقى التجارة فيها حكرا على الدولة وحدها، كما والبحث عن تعددية مصادر الضرائب. أسس أحمد خلال فترة وزارته آلية للإدارة المالية كان من شأنها إضافة لوائح جديده من دافعي الضرائب ممن لم يكونوا في اللوائح السابقة، وتحديد نسبة من الضرائب على الأراضي، إلى جانب الإضافات الضريبية الناجمة عن تنامي التجارة وتبادل السلع.

لا شك أن المسلمين تولوا المناصب المالية في الدولة. فمن الأحد عشر رجلا الذين اختارهم احمد لإدارة احتكار الدولة اختار أربعة او خمسة من المسلمين. وتؤكد المصادر أن 714 ضابطا كانوا يعملون في الجهاز المالي الذي قاده احمد حينها، ما يوضح حجم التأثير الإسلامي في هذه الفترة من الحكم المغولي وتحديدا في الدوائر المالية منها. كما نجح احمد قبل مماته من تثبيت ولدية مسعودي وحسين في مناصب إدارية هامة من الهيكلية الوظيفية لمدينتي هانغ تشو و كانغ سي عام 1279.

حتى بعد وفاة احمد، تولى وزارة المالية شخص من آسيا الوسطى اسمه سانغ غا، فأبقى على جميع العاملين في إدارة الوزارة السابقة، وكانت له سياسة إيجابية تجاه المسلمين العاملين هناك. وقد نشأ في تلك الفترة أيضا ما عرف بجمعية التجار المسلمين التي قدمت خدمات جليلة للتجارة والإبحار بين الصين والشواطئ المحيطة بها. وقد خصصت الحكومة ونخبة النبلاء قروضا بنسب فوائد منخفضة، كانت جمعية التجار المسلمين تمول فيه قوافلها أو تعيد قرضها إلى التجار الصينيين بفوائد أعلى.

الدور الثقافي.

يوجز ما سبق وباختصار شديد، حجم التواجد الديموغرافي والتأثير الاقتصادي المسلم في أرجاء الصين ضمن المراحل الأبرز من الإمبراطورية المغولية، التي لم تستعن بالخبرات التجارية والإدارية والمالية الإسلامية فحسب، بل جلبت إلى الصين رموز بارزه من الثقافة العربية والإسلامية المميزة حينها على يد الحكام المغول المتعاقبين. وكان كوبيلاي قد اعترف بأهمية المعارف الإسلامية حتى قبل أن يخلف أخيه مونجكس في الحكم.

استفاد المغول من خدمات أصحاب الحرف على أشكالها وجندوا الإداريين والمعماريين وعلماء الفلك والأطباء . وقد تم تشييد جناحين من المستشفى الإمبراطوري في كل من تاتو وتشانغ تو العاصمتين، ليشغلهما أطباء مسلمون، حيث تتم معالجة أفراد العائلة المالكة والنبلاء. ومن الواضح أن كبار الإداريين المغول أيضا كانوا يعالجون لدى أطباء مسلمين. كما عثر على ستة وثلاثين جزءا هي موسوعة لوصفات طبية عربية في البلاط المغولي.

جوانب أخرى من الثقافة الإسلامية كانت حاضرة في الصين، كما هو حال الموسيقى والغناء الفارسي الذي كان مستحبا في تلك الفترة، حتى أن شعراء مثل علي ياو شينغ وابنه لي هسي ينغ كتبوا وغنوا باللغة الصينية. وكان عددا من الشعراء المسلمين برزوا في القرن الرابع عشر لكتابتهم الشعر باللغة الصينية، إلى جانب نخبة من الأسماء التي عرفت في حقول الخزف الذي كان يستورد من سمرقند، والرسم والموسيقى والتربية والتعليم.

وساهم المسلمون في المعارف الجغرافية وصناعة الخرائط، حيث كان الرحالة العرب والتجار يسهمون في معلومات حول أسيا الوسطى والشرق الأوسط لرسم خريطة العالم المعتمدة من قبل البلاط المغولي، وكانت هذه الخرائط معروفة في دقتها لتصوير آسيا وأوروبا. وقد وصلت المعارف والخدمات الإسلامية إلى البلدان المجاورة بما في ذلك كوريا وتحديدا أثناء سلالة كوريو التي كانت حينها تحت وصاية الإمبراطورية المغولية وحكمها.

المسلمون في كوريا.

على مدار المائة عام الممتدة بين سنة 1274 و 1374، كانت العلاقة بين المغول وسلالة كوريو في ارفع مستوياتها، خصوصا وان الترابط اصبح عائليا، اذ كان على ملك كوريا أن يتزوج من إحدى بنات الملك المغولي الحاكم حينها، وأن يقضي سنوات في البلاط الملكي المغولي فيما يشبه الأسر قبل أن يعود إلى كرسي العرش في بلاده. وبما أن الصلة أصبحت عضوية بين البلدين فأن جزءا كبيرا من التأثير والحضور الإسلامي في الصين أخذ ينطبق على كوريا أيضا.

ضمن هذه الخصوصية في العلاقة كان التمدد الإسلامي إلى كوريا نتيجة بديهي، حيث بدأ وصولهم إليها على رأس وفود رسمية مغولية أو كتجار ومهاجرين مستقلين. حتى أن بعض المؤرخين يسجل وصول عدد من المهاجرين والتجار قبل وصول الوحدات العسكرية الايغورية معززة بضباط إداريين يعملون في خدمة الإمبراطورية المغولية. ويقال أن الجنرال المغولي الشهير سارتاي، الذي قام بغزو كوريا مرتين في العام 1272، كان من مسلمي القبائل التركية أو الإيرانية.

كان النفوذ السياسي الإسلامي بارزا على مدار حكم سلالة كوريو، وقد حمل عددا كبيرا منهم الجنسية الكورية بزواجهم من كوريات، وبدعم وحماية المغول شغلوا مناصب رسمية رفيعة، مما وضع البلاط الكوري تحت تأثير المجموعات الإسلامية السياسية. وعزز المسلمون جالياتهم بشخصيات مقربة جدا من عائلة كوريو المالكة ومن زوجاتهم أميرات المغول. وقد امتد تأثيرهم إلى ما بعد رحيل سلالة كوريو عام1392، حيث تمتعت الجالية الإسلامية بامتيازاتها حتى القرن الخامس عشر.

فمع وصول سلالة تشو صون إلى السلطة ورد في إحدى السجلات التاريخية أن الملك تاي تشونغ وافق على منح رجل دين مسلم إذنا للاقامة في كوريا مع عائلته، وأمر السلطات المعنية بأن تمنحه بيتا يليق به وبعائلته. ويرد في جانب آخر من هذه السجلات أن أعداد المسلمين كانت كبيرة لدرجة أن وزارة المالية رفعت تقريرا تسجل فيه عجز ميزانيتها عن تغطية المخصصات المالية لهم وللجالية اليابانية، وكانت تطلب من الملك أن يأذن بتخفيض قيمة هذه المخصصات.

أي أن انهيار سلالة كوريو الموالية للمغول عام 1392 أبقى على امتيازات الجاليات الإسلامية ودورها في كوريا. إذ تؤكد السجلات التاريخية مشاركتهم في حفل تتويج الملك سي تشونغ عام 1418 وحفلات رأس السنة المتتالية في القصر الملكي وكان آخر ما ورد الحفلة الملكية التي أقيمت عام1427 بحضور الملك سي تشونغ، إذ كانت له مصلحة واهتمام في هذه الجالية للدور الدبلوماسي الذي تلعبه في حل بعض المسائل المعقدة والعالقة.

وكانت الخلفية السياسية للجالية مع المغول، كما ودعم الملكة الكورية ذي الأصل المغولي لها، تساعد في أداء هذا الدور الدبلوماسي، وبالتالي الحفاظ على بعض امتيازاتها لفترة أطول وتجديد سلطاتها السياسية، بما يمكن المسلمين من القيام بتأدية شعائرهم الدينية وممارسة تقاليدهم الاجتماعية وعاداتهم وذلك بفضل تماسكهم وتعاضدهم والتعاون والتضامن الأخوي الملحوظ بينهم.

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster