|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
عصابات تراياد
معلق:
تعود جذورها إلى حروب السلالات، حيث تشكلت مجموعات من الفنون العسكرية،
مضت عليها قرون من الأعمال السرية التي يحكمها الكتمان. ليس هناك مستوى
من العنف لم تبلغه، ولا جريمة لم ترتكبها لتحقيق الأرباح الغير مشروعة،
وهي تستخدم اسمها بحذر شديد. إنها عصابات تراياد.
=-=-=-=-=
معلق:
في زمن سادت فيه قبائل الرحل أمريكا الشمالية، كانت الحضارة الآسيوية
في الجانب الآخر من الكوكب تنجب منظمة شديدة التعقيد. أخذت هذه المنظمة
مؤخرا تساهم في شبكة عالمية، تخضع حياة الملايين من الناس إلى الخوف
والإرهاب. أصبحت تعرف اليوم، بعصابة تراياد.
بدأت مجموعات تراياد تتشكل في القرن السابع عشر، وقد نشأت وسط نزاع بين
سلالتين على حكم الصين. وجدت العائلات المحلية نفسه عرضة للاعتداءات،
إلى أن تغلبت عليها أخيرا إمبراطورية تشين. اعتبر كهنة شاولين من بين
الذين ساهموا في تلك المرحلة، حتى استحقت مشاركتهم صنع مسلسل تلفزيوني
حمل عنوان كونغ فو. اعتبرت كفاءات شاولين في الفنون العسكرية مخيفة
جدا، ما دفع الإمبراطور تشين لتدميرها. أحرقت معابدهم بالكامل، حتى
سفكت دماء كل الذين ينتمون إلى مجموعات شاولين، ولم ينج إلا حفنة من
الكهنة بدأت تعمل تحت الأرض، وأقامت جمعية سرية أهدافها وطنية،
ومبادئها الولاء لجميع أعضاء المجموعة. تحولت مع الوقت إلى مجموعة
أشخاص تجمعهم المصلحة المشتركة، تربطهم الأعمال أو العلاقات العائلية
والروابط القبلية، يجمعها كل شيء إلا الجريمة.
هذا ما يميز تراياد عن عصابات الجريمة الأخرى. فقد كانت عبر التاريخ
وحتى يومنا هذا جزء من التاريخ والميراث الصيني، وكثيرا ما تقوم بأعمال
خيرية متعددة سواء داخل الصين أو في المجتمعات الصينية من حول العالم.
تورطت هذه الجماعة بالجريمة بعد عدة قرون من خروجها عن القانون. أخذت
تراياد تلعب دور بارز في الحياة السياسية للصين. أحيانا ما كانت
السلالات الصينية تتعرض للانقلابات والتغيير بمساعدة جماعات تراياد.
وكان الإمبراطور يستخدمها في الكتمان، كخدمات سرية، استمر ذلك حتى عصر
الإمبراطورية الأخيرة وأيامنا المعاصرة.
نجد مثالا على ذلك في الثورة التي وقعت عام ألف وتسعمائة، كانت تلك
مجموعات يستخدمها الإمبراطور لمحاربة تحالف القوى الأوروبية مع
الولايات المتحدة.
لعبت القوى السياسية دور رئيسي في جمعية تراياد وتطورها. كي نفهم ذلك
لا بد من التعرف على طريقة عمل جمعية تراياد. يخطئ بعض الأوروبيون في
الاعتقاد بأن الأشياء المعقدة يصعب فهمها، ومن بينها ما يبعد عن
الحقيقة مثل تراياد، التي تعتبر جمعية سرية محاطة بالغموض، حالها كحال
جمعيات أخرى كثيرة حول العالم. ما يجعل تراياد مختلفة، أو ربما ناجحة
جدا، هو التأثير الذي تمارسه على عناصر المجتمع. يقال أن هذه حقيقة
واقعة اليوم كما في الأمس. أحيانا ما يمتاز انتقامها من عناصرها وغيرهم
لأسباب بسيطة بالعنف والوحشية القاتلة أحيانا. وهي تعتمد مبدأ يقول أن
الناس ينسون الميت، ولكن المشوه يبقى مثل حي إلى الأبد. خاصة عندما
يتعرض للضرب المبرح.
غلب ما يبدو في هذا الهجوم الوحشي من عشوائية منظمة، على قرون من
الشعائر التي تعكس بنية السلطة وتأثيرها التقليدي العميق.
قد تتغير قيادة تراياد في سبيل الاستمرار، ولكن رأس الدراغون هو الشخص
الذي يتولى قيادة الجمعية، له الحق في اختيار شخص يطلق عليه لقب نائب
القائد، يليه بعد ذلك عدد من الضباط ومنهم ما يعرف بسيد البخور،
والمسؤول عن التموين والحوافز. الأعمدة الحمر هو الضابط المسؤول عن
تحديد الإستراتيجية المعتمدة في الحروب. أما الثالث فهو المسؤول عن حل
النزاعات القائمة بين المجموعات والفروع. أما الأعضاء العاديين فهم
بمثابة جنود في الجمعية. وأخيرا ما يعرف بالأنوار الزرقاء التي لا
تتمتع بعد بالعضوية الفعلية. يأتي هذا اللقب من التقليد المتبع في
إضاءة نور أزرق عند موت أحد أفراد العائلة، ما يعني أنها تضمن
استمرارية الجمعية.
تحمل كل منطقة رقما محددا، وهي تسعى بذلك لإبقائه غامضا، يفترض أن يكون
على صلة وثيقة بالأرقام الصينية. ربما كان ما يوحي بذلك هو أن الأعضاء
العاديين يحملون رقم أربعة تسعة، التي إذا ضربت معا تعطي ستة وثلاثون،
الرقم المطلوب للشخص ليصبح مجندا. رغم تبسيط الأمر، إلا أن ستة وثلاثين
ترمز إلى بداية مراسيم تستغرق سبعة أيام لتنتهي بتقديم الولاء التام.
صوت:
أقسم بألا أكشف عن سر الجمعية، حتى لأخي أو والدي أو زوجتي.
أقسم ألا أكشف عن السر مقابل المال، وأقبل إن فعلت بأن أقتل بحد السيف.
أقسم بألا أسبب الأذى والضرر لأخي في السيف أو حارس البخور.
أقسم بأن أتبع التوجيهات وأقبل بالعقوبات، وألا ألقي اللوم على أخي في
السيف.
أقسم أن أقبل إن أخطأت بأن أقتل بخمس صواعق.
معلق:
هناك شخصية أمضت حياتها في دراسة جمعية تراياد، إنه الكاتب البريطاني
مارتن بوب. كان انشغاله بأمنه بالغا، لدرجة أننا بالكاد تمكنا من رؤيته
لبعض الوقت في مكان يجب أن يبقى سرا. وقد قال أنه حتى قبل انتقال
تراياد إلى مجال الجريمة العالمية، كانت تفرض ولاء عناصرها بوحشية
وعنف.
مارتن بوب:
إذا انتهك أحدهم قسم تراياد، عادة ما يتلقى أشد العقوبات الجسدية، التي
عادة ما تبلغ حد تحطيم أعضاء الشخص الذي انتهك القسم. هذا ما يعرف
تقليديا بإنزال الجروح المائة أو الألف حسب المجموعة الذي ينتمي
إليها. المهم من حيث المبدأ أنه يتلقى ضربات بأدوات حادة جدا.
معلق:
يبدو أن اسم تراياد يعود إلى كلمة إنجليزية تعني الثالوث، الذي اعتمده
كهنة هاولين، وهو رمز الجمعية الذي تربط بين الجنة والأرض والإنسان.
وهي تختصر بصورة مثلث يضم في داخله الاسم.
الشيق في هذه القصة هو تصميم نجده في عدد من المنازل الغربية، إنها
صورة هذا البيت الذي يزين الكثير من الصحون الصينية الرفيعة المستوى،
هو في الواقع مقر تراياد.
إنها قصة شابين انتميا إلى هذه الجمعية ولكنهما في النهاية تعرضا
للقتل، ولكنهما ألهما هذه اللوحة التي لها معان أكبر، لأنها تصور
المعبد الأساسي الذي أحرق لينجو منه بعض الكهنة.
يعتقد البعض أن اللوحة صممت ليشجع الأعضاء بعضهم البعض في فترة من
المطاردة والتعقب. ترمز الشخصيات الثلاثة فوق جسر في هذا الصحن
الصيني، إلى كهنة شاولين الثلاث. عنى إحراق البيت في هذه اللوحة إحراق
الدير، أما لوحة العصفورين وسط هذا الصحن فهي ترمز إلى أرواح الأبطال
في رحلة تأخذها إلى الجنة.
نشأت جمعية تراياد المعاصرة وسط هذه الأجواء من الغموض والعقائد. وقد
أخذت ترحل مع التشرد الصيني عام ألف وثمانمائة وأربعين، عندما جلب
الذهب أعداد هائلة من الصينيين إلى الولايات المتحدة. جاءت تراياد مع
محبي الذهب، لتتحول مع المال إلى ما هو أشد سوادا من مجرد جمعية خيرية.
لا بد أن نفهم أولا أن جمعية تراياد تشكل جزءا من الحياة اليومية
للثقافة الصينية. إذا تأملت في المجتمعات الصينية في لوس أنجيلوس
وأستراليا طوال القرن الماضي، ستجد أن تراياد تقود الجريمة من وجهة
النظر الغربية، أما هذه المجتمعات فرغم الأعمال الخيرية التي شهدتها،
إلا أنها كانت تنتهك باستمرار ويفرض عليها الصمت الاجتماعي.
ساهمت تراياد بتعليم الأطفال، وبنت المستشفيات والمدارس، وأقامت ما عرف
بنادي الصم. أقامت هذه الجمعية شركة تأمين تغطي مصاريف دفن الميت، ما
يشكل جانب هام في حياة الصيني.
يعتبر مارك كريب ضابط سابق من رجال القانون وهو يتمتع بتجربة كبيرة في
المناطق الآسيوية، وقد تعرف على السبل التي تضمن نجاح تراياد
وازدهارها، حين عززت جرائمها في العصر الصيني الثوري قبل وخلال وبعد
الحرب العالمية الثانية.
كريب:
أعتقد أن تراياد خرجت من الصين منذ ما يعرف بمرحل التشرد الصيني
الكبير، عام ألف وثمانمائة وخمسين تقريبا، حيث هاجروا إلى جنوب أفريقيا
والولايات المتحدة وأستراليا وعدد من البلدان الأخرى. عند ذلك بدأت
مجموعات تراياد تنتشر على الساحة العالمية. ولكن نشاطاتها الإجرامية لم
تتخذ أهمية بارزة إلا بعد الحرب العالمية الثانية.
معلق:
سادت ظروف من البؤس والفوضى مع اشتعال الحرب اليابانية الصينية،
والحرب العالمية الثانية والثورة. انتهزت تراياد الفرصة، فكانت أحيانا
ما تلعب أدوارا مع الطرفين، لتبحث دائما عن السلطة والتأثير والحياة
والمال.
اتخذت بعض جمعيات تراياد موقفا مؤيدا للسلطة الشيوعية، بينما اتبع
البعض الآخر موقف المعارضة، وعمل البعض لصالح اليابان، بينما أسس البعض
الآخر شبكة معقدة من الاستخبارات داخل الصين المحتلة في الحرب العالمية
الثانية.
حين سيطر الشيوعيون على جميع الأراضي الصينية، فر الجناح المتصلب من
تراياد مع تشان كاي تشيك إلى تايوان، التي كانت حينها محمية بريطانية،
استعملتها الجمعية مقرا لنشاطاتها في جميع أرجاء العالم. وسط أجواء
التوتر التي سادت آسيا في تلك الفترة بدأت أعمال تراياد الإجرامية تتخذ
أبعادا ذات أهمية واضحة. انطلقت مجموعات داخل تراياد عرفت بلقب بام
بوغا الموحدة مع بداية الخمسينات. ربما كانت تعمل تحت قيادة الزعيم
البارز تشان كاي تشيك. شهدت الخمسينات أيضا ظهور مجموعات كي تراياد
الرابعة عشرة، التي تحولت لاحقا إلى الأشد قوة في العالم.
تعتمد مجموعات كي أربعة عشر أسلوب الارهاب، وهي تضم ثلاثين ألف عضو في
هون كونغ وحدها. وكان هذا الاسم في مدينة سان فرانسيسكو مرادفا
لمجموعات تراياد. تأسست مجموعات سان لي أون عام واحد وعشرين، لتتسم
بصفات التقليدية والمحافظة ضمن جمعية تراياد هونغ كونغ. وما زالت تعتمد
المراسيم الشبيهة بشعائر ستة وثلاثين التي سبق أن رأيناها، والتي ما
زالت تشمل قطع عنق دجاجة، ومزج دمها في فنجان يحتوي على النبيذ
الصيني، ليطلق على ذلك لقب نبيذ الزهرة الحمراء، الذي يشكل تحضيره جزءا
من مراسيم الارتباط بالجمعية إلى الأبد، لأن أعضاء هونغ كونغ توقفوا عن
شرب دماء بعضهم البعض خوفا من التعرض للإيدز.
نحن الآن أمام جدول يعكس حجم وعدد الأجنحة التي تتفرع عن المجموعات
الأساسية. تتحدث مصادر الشرطة المختصة ببنية العصابات أن مجموعات
تراياد أصبحت تقارب الستين.
المختص في الجريمة والعقاب الدكتور جو سيراكوسا، تعمق في دراسة عقدي
العشرينات والثلاثينات وأجواء الصين العصيبة، ليتعرف على مجموعات
تراياد وسط تلك الاضطرابات.
جو:
تتمتع هذه المجموعات بخلفية رومانسية شبيهة بالمافيا إذ أمضت القرن
السابع عشر في مقاومة الاضطهاد. وفي العشرينات مع بداية الجمهورية
الصينية المعاصرة، وقفت مجموعات تراياد بلطف مع الذين يحتاجون إلى
مساعدة لعدة أهداف، وقد استعملهم شان كاي شيك كمرجع سري، وأعتمد عليهم
كقوة ضاربة عندما أخذ يحارب الشيوعية في بداية الثلاثينات، أي أنها
لعبت أدوارا سياسية هامة. ربما كانت هناك صلة تربطهم بالعصابات في
شيكاغو ونيويورك، وهناك روابط بينهم وبين بعض القادة السياسيين، على
اعتبار أنها كانت تحافظ على مكانة فريدة اعتمد عليها السياسيون في
الصين منذ أكثر من خمسين عاما وما زالت اليوم هناك.
معلق:
يؤكد الدكتور سيراكوسا وغيره من الذين درسوا تراياد، أن هذه أول مرة
تتحول فيها الجريمة إلى قوة رئيسية. وقفت تراياد إلى جانبي طرفي النزاع
الوطني الشيوعي في الصين. وكان من بين أعضائها شخصيات بارزة في التاريخ
الصيني الحديث كما هو حال الزعيم الراحل سون يات سين،
جو:
يقول البعض أنه كان من العناصر الإجرامية القاتلة المعروفة، ولكني
أعتقد أن في ذلك بعض المبالغة، إلا أن المسألة المؤكدة هي أنه كان
قادرا على تجنيد عناصر من شانغ هاي، فيما عرف بمنظمة الشجرة الخضراء،
ليعملوا معه، وقد استعملهم كقوة ضاربة، ولكن هذه حوادث ما زالت غامضة
مبهمة بعد. أي أنها كانت كأي منظمة سياسية، وهو يحتاج إلى الدعم فلجأ
إليها، لأنها تمتاز بما يلزمه من ولولاء.
معلق:
ركزت جمعيات تراياد جل اهتمامها على مدينة شانغهاي التجارية، التي ما
كانت تعتبر العاصمة ولكنها كانت تشهد جميع الأحداث.
الدكتور شي كون لاين هو مؤرخ اقتصادي واجتماعي، وقد قال بأن شانغهاي قد
تحولت في الثلاثينات إلى مقر للأعمال والسلطة والجريمة.
شي:
كانت مدينة شانغهاي تعتبر مدينة سياسية كبرى في الثلاثينات، تستقبل
أعداد كبيرة من المهاجرين، أي أن عدد سكانها شهد نموا ملحوظا، لدرجة
أنه انتقل مع بداية الثلاثينات من مليون إلى ثلاثة ملايين نسمة.
أي أنها أصبحت مدينة تجارية وسكانية كبيرة، لم يكن لها مثيل حينها في
جميع أرجاء آسيا.
معلق:
يقول الدكتور شي كون أنه لا يستطيع الاستخفاف بالسلطة التي كانت
تملكها تراياد في هذه المرحلة من التاريخ، ليؤكد أنها كانت تشكل جزءا
من جميع المستويات الاجتماعية والأعمال التجارية في الصين.
شي:
كان لديهم أعضاء كثر، ليس في المجال السياسي وحده بل وفي المجال
الاقتصادي، وكانت تسيطر على تجارة الأفيون والدعارة والقمار. كما كان
أعضائها من كبار الموظفين، في الحكومة الصينية. كانت شانغهاي تضم عدة
قطاعات، وهي الأراضي الصينية، والقطاع الفرنسي، إلى جانب المؤسسات
العالمية. تولى مسؤولية الشرطة في القطاع الفرنسي مسؤول عصابات الخضر.
أرادت السلطات الفرنسية أن تستخدم عصابات الخضر لتنمية مشاريعها.
معلق:
استمرت انتهازية تراياد مع اشتعال الحرب العالمية الثانية، إذ وقفت هذه
العصابات إلى جانب القوات اليابانية المهاجمة.
جو:
عندما هاجم اليابانيون كبرى المدن الصينية، عرضت مجموعات تراياد العمل
معها، بدل التعاون مع الحكومة الوطنية، وقد أدارت العديد من مؤسساتهم
من بينها الدعارة والقمار، وقدوا الخدمات للفرق اليابانية المتقدمة، أي
أنهم كانوا مرتزقة حينهما تماما كما هو حالهم اليوم.
معلق:
وسط فوضى الحرب العالمية الثانية، وجدت مجموعات تراياد نفسها تواجه
الحزب الشيوعي الصيني، ولا شك أن النتيجة هنا لم تكن في صالحها، حيث
تلقت ضربات قاسمة.
جو:
بعد الحرب العالمية الثانية لم تجد عصابات تراياد مكان آخر تذهب إليه،
إلا تايوان، أو هونغ كونغ، ذلك أن الشيوعيون كانوا يطاردون عناصرها،
التي وضعها ماو تسي تونغ وشو إن لاي على اللوائح السوداء، ما أجبرهم
على الفرار، فأعادوا إقامة الروابط مع تايوان. الشيق هنا هو أن تراياد،
تسببت بما يكفي من الأذى لهونغ كونغ حتى تسليمها، أما اليوم فيمكن أن
ترى الكثير من الأدلة في دائرة الشرطة البريطانية، أن تراياد أخذت
تتعاون مع الحكومة الصينية المركزية. أي أنها ما زالت ترتزق وتتقرب من
السلطة الحاكمة بغض النظر عما تدعيه من وطنية. وما تفعله يؤكد بأن
تراياد ترى مستقبل هونغ كونغ بين أيدي بيجين والسلطات الشيوعية هناك.
معلق:
اعتبرت الخمسينات والستينات مرحلة تعزيز مواقع تراياد في عدد من
المناطق الآسيوية ومدن الولايات المتحدة الأمريكية، لتخوض في جميع
مجالات الجريمة المنظمة، بدءا من الدعارة وانتهاء بالابتزاز والسطو
والنهب وتهريب المخدرات، إلى جانب سعيها لتعزيز مكانتها على الساحة
السياسية.
من الرجال الذين تعرضوا مباشرة لأساليبها الوحشية العنيفة، الضابط
السابق في شرطة استخبارات هونغ كونغ كانو نومات، الذي كاد يتعرض
للموت أثناء مواجهته رجال العصابات، عبر تفكيك قنبلة وضعتها مجموعات
تراياد، ما أدى إلى عواقب فتاكة.
كانو:
بدأوا يضعون عددا من القنابل والألغام في عدد من المناطق التي تعج
بالسكان ردا على محاولات تقويض أعمالهم والحد من تحركاتهم أو إبطائها
على الأقل. كان لدينا أعداد كبيرة من الشرطة ولكن قلة منهم تتمتع
بالخبرة اللازمة، ولكنهم اعتمدوا على قنابل تصنع محليا، أي أنه لا
يوجد دليل يحدد أي زر يوقف القنبلة، كان علينا أن نكتشف ذلك أثناء
العبث بالقنبلة في محاولة يائسة أحيانا للتعرف على طريقة صنعها عبر
المخاطرة والمجازفة. القنبلة التي نالت مني في الثالث من أيلول سبتمبر
من عام سبعة وستين كانت كبيرة. أي أني ما كنت لأستطيع الخلاص منها،
سواء كنت بجانبها أو فوقها لا أهمية لذلك على الإطلاق، رغم بعض
الاحتياطات البسيطة التي اعتمدت عليها وحين شعرت بالخطر قفزت إلى الخلف
فانفجرت. دفعتني الموجة الانفجارية إلى أكثر من خمسة أقدام. حالفني
الحظ فعلا، فقد كان إلى جانبي ضابط من رجال الإطفاء يقف على مقربة من
المكان يراقب ما كنت أفعله، فأودى وقوع الانفجار بحياته، إلى جانب
إصابة عدد آخر من الأشخاص الذين كانوا على مسافة من هناك نتيجة الأوامر
الصارمة التي صدرت لإبعاد الجميع. نحن على ثقة بأن عناصر الجريمة على
صلة بهذه العملية. على اعتبار أن بريطانيا كانت قد قررت الانسحاب من
هناك.
معلق:
هناك عدد من تجارب رجال الشرطة المشابهة لتجربة كانو، وهي تؤكد جميعها
بأن ترك أحد الضحايا على قيد الحياة، ممارسة شبه اعتيادية لدى مدموعات
تراياد.
كانو:
سبق أن سمعنا وشاهدنا عدد من ممارسات الكابوني عبر البرامج
التلفزيونية، ومنها قيام شخص بإطلاق النار عشوائيا من سلاحه الرشاش على
المارة في جميع الاتجاهات، ولكن هذا ليس جزءا من الثقافة الصينية. ولكن
ما يحدث هنا هو أن الضحية يفقد أحد أعضائه ويتجول في الشوارع على قيد
الحياة وكأنه يذكر من حوله بأن هذا ما سيحدث له إن حاد عن مشيئة
تراياد. والجانب الأسوأ من الأمر هو أن أحدا هنا لا يتحدث عن ذلك أبدا.
لن تسمع حديث من أي شخص عن المافيا أو تراياد وما شابه ذلك. المقصود
هنا هو أن فكرة السرية والكتمان هي السائدة. أعتقد أن هذه وسيلتها
للدفاع عن النفس، وهي لا تقلق بعد ذلك من ذهاب أي شخص لإبلاغ السلطات
عنها.
معلق:
يعمل الرقيب دان بولي في دائرة مكافحة العصابات التابعة لشرطة سان
فرانسيسكو، وقد كان شاهدا على وحشية وعنف أحد عناصر مجموعات تراياد
الصينية.
دان:
من عادة عصابات تراياد أن تتعامل مع صغار الضحايا ممن يدينون لها
بالخوّة أو بخدمة ما، بطريقة العقاب الشديد، وذلك للحصول على المال في
النهاية. ولكنها بالنسبة للذين يحاولون النيل من سلطاتها، تفضل أن تقتل
ذلك الشخص، لأنه إذا بقي على قيد الحياة سيكتسب المزيد من القوة في
مواجهتها. أي أنها تقتل أعدائها، وتشوه الضحايا ليبقوا عبرة لمن يعتبر.
معلق:
بعد هذه التجارب أصبحت الشرطة في سان فرانسيسكو قادرة على التعامل مع
سلوك الجريمة الصينية المنظمة.
دان:
إذا تأملنا في تاريخ سان فرانسيسكو سنجد أن فيها العديد من الأنشطة
التي تنبع من عصابات الجريمة أو المنظمات السرية المشابهة لتراياد طوال
سنوات. ولكن بين عامي تسعة وثمانين واثنين وتسعين، جاء شخص اسمه بيتر
شونغ، وهو عضو في إحدى مجموعات تراياد، وقد تمكن من بناء عصابات مستقلة
داخل سان فرانسيسكو، لمهاجمة عصابات أخرى كانت تسيطر على المدينة منذ
سنوات مضت. أدى ذلك إلى مقتل أشخاص من كلا الطرفين، وأشعلت عدة حرائق
إلى جانب وقوع العديد من الجرائم، وجند الكثير من الفتيان للقيام
بأعمال سرقة الهدف منها تعزيز موقع العصابات الجديدة التي تحاول
الاستقرار هنا. عندما وصل السيد بيتر شونغ إلى سان فرانسيسكو بعد أن
جال في عدة مناطق من الولايات المتحدة، تمكنت دائرة الشرطة في سان
فرانسيسكو إلى جانب أجهزة أمنية محلية وفدرالية أخرى، من التعرف على
ما يجري، وخلال أقل من عامين أو ثلاثة لا أكثر استطاعت النيل من بنية
العصابة بكاملها، كما تم اعتقال السيد بيتر شونغ، الذي يخضع اليوم
لعقوبات فدرالية إلى جانب عدد آخر من قادة هذه العصابات.
معلق:
وهكذا لاحت في الأفق فترة ازدهار للجريمة على الساحة العالمية، حين
خاضت عصابات تراياد في أسواق تجارة المخدرات من خلال رجل واحد، هو زعيم
عصابة دموي أدرك أن الوقت حان لدخول مجال الجريمة عبر تجارة المخدرات.
دان:
جمعت عصابات تراياد مبالغ كبيرة جدا بعد أن ضربت الأسواق فعلا حين شهدت
تجارة الهيرويين العالمية حالة من الازدهار. لعبت تراياد دورا بارزا في
استقرار تجارة الهيرويين. هناك صيني من هونكونغ عرف باسم إنسيك بوب
ويحمل لقب ليمبي، اعتبر المفتاح الرئيسي الأهم للعصابات الأخرى حول
العالم في تثبيت واستقرار تجارة الهيرويين في العالم. أما أسواقه الأهم
فكانت أوروبا إلى جانب الشواطئ الشرقية للولايات المتحدة. كان هذا أول
زعيم عصابة يخوض في هذا المجال انطلاقا من سلوك رجال الأعمال. وقد نمت
منظمته بشكل ملحوظ، وأحرزت نجاحات لا مثيل لها. وقد أقام تحالفا مع
زعيم صيني لعصابة تراياد في أمستردام، واتفقا معا على القيام بأعمال
مشتركة، انتهت باستقرار تجارة الهيرويين كما نعرفها اليوم.
معلق:
تمكن ليمبي من إحراز النجاح في الجريمة طوال حياته. إلى أن تمكنت شرطة
هونغ كونغ اختراق سلطانه ومداهمة بعض الأماكن التي استعملها
كمستودعات. بينت التحقيقات اللاحقة أن الهيرويين كان يوزع على عصابات
هونغ كونغ وفيتنام ولاوس وكمبوديا. وأنه كان يجمع هناك بعد وصوله من
مزارع المنشأ في كل من بورما ولاوس وتايلاند، التي لقبت بالمثلث
الذهبي.
أي أن هذه المخدرات جاءت من هناك، أربعمائة وعشرون كيلو غرام من
الهيرويين، هي أكبر كمية صودرت في تاريخ هونغ كونغ، وكانت موجهة إلى
الولايات المتحدة وكندا وأستراليا. استغرقت وحدات الشرطة في هونغ كونغ
ستة أشهر للكشف عن مكانها. وقد عثر عليها في مخبأ سري داخل هذا المنزل
المخصص للسكن، وقد صودرت منه كميات من الأسلحة الأوتوماتيكية وملابس
الشرطة. يوحي ذلك أن هونغ كونغ تشكل جسر تاريخي لتهريب المخدرات، التي
كان في الماضي أفيون، ليصبح اليوم هيرويين.
يتم التحكم بها بالاعتماد على استراتيجية سرية جدا، كما تتبع طريقة
توزيع الأرباح مع كل خطوة فيها، بدءا من الاستيراد بالجملة حتى التوزيع
في الشوارع. أما الأرباح فهي عالية جدا، إذ يتلقى المزارع في بورما
خمسة وعشرون دولارا مقابل كيلو غرام واحد من الأفيون. عندما تصل هذه
البضاعة إلى الشوارع تبلغ قيمتها ألف وخمسمائة ضعف. لا تعرف الأسواق أي
منتوج آخر يساوي القيمة نفسها. لهذا يسود اعتقاد بأن المخدرات هي ثالث
أكبر تجارة مربحة في العالم، فهي تأتي مباشرة بعد تجارة المال
والأسلحة. يحكم تراياد رجال أعمال ناجحين، فهم يدركون أهمية احتكار
البضائع أولا قبل توزيعها، ثم يغلفونها بصورة تسويقية، يستعملون فيها
أغلفة خاصة تحافظ على نوعية البضاعة وجودتها. وعند ذلك يعززون التوسع
في الأسواق.
هذا ما فعلوه تماما في أوكلاند كليفورنيا. ولكن أثناء تدقيق روتيني على
السفن القادمة من الشرق الأقصى، كشفت كلاب الأثر عن أربعمائة وثمانين
كيلو غرام من الهيرويين، متخفية بهدايا أعياد الميلاد.
رجل:
ميلاد سعيد هيرويين.
معلق:
أزيلت كميات المخدرات إلا بعض منها، أستخدم لتنفيذ عملية تعتمد على
مائة ضابط وعميل سري. تولت طائرة للشرطة مراقبة الشاحنة التي أقلت
الحمولة وتوجهت إلى مستودع في سان فرانسيسكو.
عندما لاحظ المشتبه بهم وجود كاميرا الشرطة خفية، تدخلت قوات الأمن،
وقبضت على ثلاثة رجال يقضون اليوم أحكاما مختلفة.
الغريب في هذه الظاهرة العالمية أن بني البشر يصرفون مبالغ أكبر من
المال على المخدرات مما يصرفونه على الغذاء. يعود الفضل في ذلك إلى
نجاحات تراياد.
تخصص بعض العائدات الناجمة عن تجارة المخدرات لتمويل مجالات أخرى من
ارتكاب الجرائم، التي خرجت الآن من حدود الصين لتنتشر عبر آسيا
والشواطئ الغربية للولايات المتحدة.
كريب:
إذا أردنا التحدث عن نشاطات تراياد في العالم دون غيرها من عصابات
الجريمة الصينية الأخرى، يجب أن نركز على هونغ كونغ، وتايوان بشكل
رئيسي. تعتمد هذه النشاطات على التوسع الجغرافي، أي أن الخلاف على
التوسع الجغرافي مستمر. على سبيل المثال، لدينا هنا نموذج عن السلاح
الذي تستعمله تراياد في نزاعاتها. إنه ساطور للحم، رجال تراياد
يستعملونه للقتال، يمكن أن تلاحظ بأنه حاد جدا وثقيل الوزن أي أنه
قاطع.
ليس من السهل الحصول على أسلحة نارية في هونغ كونغ، كما أن استعمالها
ليس كثيرا لهذا نجدهم يعتمدون على هذا النوع من الأسلحة التقليدية.
ولكن الأمر يختلف على الساحة العالمية. يمكن أن ترى طبيعة حروب
العصابات القائمة في الولايات المتحدة. وإذا أردت الإمعان في ذلك يمكن
أن تعود إلى شريط الأحداث التي وقعت عام سبعة وسبعين في سان فرانسيسكو،
التي اشتهرت لاحقا بمجزرة دراغون. كانت تجربة دموية ما حصل فيها هو أن
مجموعة من مهاجري هونغ كونغ الجدد قد دخلوا قانونيا إلى الولايات
المتحدة، وأرادوا الشروع فورا بتنظيم عصاباتهم، فلم يحترموا النظام
القائم في المدينة الصينية هناك ولم يحترموا البنية القائمة هناك بل
أرادوا بناء عصابة لهم على الفور. فدخلوا إلى مطعم وهم يحملون الأسلحة
الأوتوماتيكية والمسدسات.
قتل في هذه المجزرة عدة أشخاص كان من بينهم أربعة يابانيين يحتفلون
بتخرج أحدهم، والآخر هو أبيض ينزل من على السلالم، فطعنوه في العنق.
ردت دائرة الشرطة في سان فرانسيسكو على تلك الجريمة بتأسيس جهاز ما زال
قائما حتى اليوم وهو قوة مكافحة العصابات، شكل أداة لتنظيف المدينة
الصينية.
معلق:
ما هي البنية التي اعتمدتها عصابة بيتي لاحقا؟ اتبعت في خيارها بنية
العصابات الجريمة الأخرى. يلي الزعيم شخص يتولى ما سمي بالإيجارات،
يجمع الديون، ويوزع المخدرات، ويقدم الدعم الأمني. يتولى الشخص الآخر
الذي يلي الزعيم مسؤولية ترويج الدعارة واللهو والابتزاز وتجار
الشوارع. بينما يتولى الثالث شؤون الخصوم وتسوية الخلافات مع العصابات
الأخرى والتنازع الجغرافي والمعارك.
يعتبر الابتزاز ضمن الأساليب المتبعة من قبل مجموعات تراياد. وهو أسلوب
يضمن جمع مبالغ كبيرة من الأموال عبر إقراض المقامرين.
رجل:
مرحبا.
شاب:
أهلا. اسمع، أعطني مهلة أخرى لأسبوعين. وسأحضر لك المال.
رجل:
انتهت المهلة.
شاب:
أقسم بأنيي..
رجل:
انتهت المهلة! هيا بنا إلى البنك، لتسحب المال
شاب:
ولكن حسابي فارغ. لا أملك شيئا.
رجل:
من الأفضل أن تأتي معنا إلى البنك.
أسحب المال هيا.
شاب:
لقد أخبرتك، إنه فارغ. أعطني أسبوعين، وسوف أحضر لك المال.
رجل:
اتصل بأمك ، بأبيك، بعمك بأي كان لا يهمني. لا بد أن أحدهم يملك المال.
شاب:
لا أعتقد.
رجل:
ألا تحبك أمك؟
شاب:
ماذا؟
رجل:
أم أنها تفضل رؤية، قطعة من لسان ابنها ؟ أو ربما من يده، أو أنفه؟ ؟
شاب:
حسنا . لا بأس.
بابا، أنا في ورطة كبيرة.
رجل:
(..) أمك تحبك فعلا.
شاب:
إنه عمي.
رجل:
أيا كان. إلى اللقاء الشهر المقبل. أنظر، إنه الإيصال. الرصيد الباقي:
صفر. حاول أن تبحث عن عم آخر.
معلق:
ما زالت عصابات تراياد تصعد العنف. حتى أنها تثير الخوف خارج المجتمع
الصيني.
كريب:
جاءت هذه المجموعة من كانتون، وكان من بينها رجال الحرس الأحمر سابقا،
ممن أودعوا السجن وقضوا فترة في معسكر اعتقال حول كانتون. أطلق سراح
بعضهم وهرب البعض الآخر إلى هونغ كونغ. سادت بينهم رموز مشتركة ومحددة،
وسرعان ما أطلق عليهم لقب فتية الدائرة الكبيرة، ما يعني دائرة معسكرات
الاعتقال حول كانتون. كان هذا لقبا أطلقه عليهم رجال القانون. سرعان ما
نظموا أنفسهم وقاموا بسطو مسلح على عدد من محلات المجوهرات، استعملوا
فيها أسلحة رشاشة مثل الآ كي وبنادق أخرى. استنفرت بعد ذلك عصابات
تراياد بكاملها على اعتبار أن كل منها يسيطر على منطقة محددة ولا يمكن
لأحد أن يخترق ساحة عصابة أخرى، للقيام بعملية سطو عشوائية. ولكنهم لم
يكترثوا بذلك وقاموا بأعمال السطو دون اهتمام.
على أي حال نشأت في السبعينات عصابة دا هون لاي، كواحدة من أقوى عصابات
الجريمة التي تقوم بالأعمال مختلفة، في عدة مناطق، من الولايات المتحدة
وكندا وأوروبا.
وهي اليوم في كندا من أبرز العصابات حتى بلغ عدد مجنديها أكثر من ألف
عنصر منتشرة في جميع أرجاء البلاد. الميزة في هذه العصابات المنظمة هو
أنها تعمل ضمن مجموعات من عشرة. وهي تعتمد بنية لها على طريقة المنظمات
الإرهابية، كما هو حال الجيش الجمهوري الايرلندي. أي أنهم لا يعرفون
شيئا عن بعضهم البعض. فإذا ما اعتقل أحدهم، أو أقنع بتقديم المعلومات،
قد لا يجد الكثير مما يقوله.
الهجرة الغير قانونية التي تأتي من محافظتي فو جي يان، وجوجي يان، تأتي
سريعا إلى أوروبا ليزج بالعمل مباشرة في مجموعات تا خون جا. وهكذا تمكن
رجال القانون من وضع اليد على الجيل الثاني والثالث أو الموجة الثانية
والثالثة من تا خون جا.
معلق:
عندما يخون المجموعة أحد أعضائها، يتلقى عقوبة وحشية ودموية من عصابات
الجريمة المنظمة لإفشائه سرها.
جو:
رغم تنظيمهم وولائهم لبعضهم البعض إلا أنهم حريصون وحذرون جدا على
طريقة المافيا الأمريكية ومجموعات الجيش الجمهوري الايرلندي. وإن كان
عليهم أن يقتلوا أحد زملائهم لحماية المجموعة لن يترددوا بذلك لحظة
واحدة.
معلق:
ينطبق هذا على جميع مجالات أنشطة الجريمة التي لتراياد أي تأثير بها.
دان:
السؤال عن طبيعة الجرائم التي ترتكبها تراياد أشبه بالسؤال عن نوع
الجريمة التي تلاحقها السلطات. أعني هنا أن تراياد مستعدة للتورط بأي
نوع من الجرائم التي تعود عليها بالمال، أما المجالات الأوسع انتشارا
فهي الدعارة والهجرة الغير مشروعة وتهريب المخدرات والقمار، وكل شيء
دون استثناء. أحيانا ما ينظر البعض إلى تراياد ويعتبرها شيء مختلف علما
أنها مجرد عصابات مافيا وإجرام لا أكثر، إذا وجدت فرصة سانحة لصنع
المال، تستعمل هذه الفرصة دون أن تأخذ بالاعتبار ما إذا كان في ذلك
انتهاك للقوانين. ولكن لا بد من القول بأن عددا من جمعيات تراياد تملك
اليوم مشاريع قانونية، قد يكون رأس المال الأساسي لهذا المشروع أو ذاك
من أموال الجريمة الغير مشروعة، ولكنه الآن قانوني جدا.
معلق:
ما زالت كفاءة ومجموعات تراياد ومهارتها تركز على تعزيز عولمة الجريمة
المنظمة، وقد ظهر العديد من الفرص الجديدة في الثمانينات والتسعينات.
كريب:
بالنسبة لمشاريعها يمكن القول أنها في هونغ كونغ مثلا تتحكم بصناعة
التسلية واللهو. بالإضافة إلى صناعة السينما. لا شك أن ترويج الدعارة
تبقى دائما في قمة أعمال ومشاريع تراياد الصينية ضمن إطار الجريمة على
المستويات العامة. وإذا أردنا التحدث على مستوى أشد تعقيدا لا بد من
ذكر تهريب المخدرات، وتهريب الأسلحة، إلى جانب تهريب البشر الذي طرأت
عليها خلال السنوات الخمسة عشر الأخيرة، وهي عمليات تعود عليها بملايين
الدولارات.
معلق:
كانت تراياد متورطة باستمرار في الهجرة الغير مشروعة، فالناس يدفعون
مبالغ طائلة مقابل حياة جديدة في الولايات المتحدة. ولكن تراياد تستعمل
الناس كمضخات تمولها بالعناصر الموالية لتوسيع صفوفها. شهدت السنوات
العشر الماضية ازدهار صناعة تهريب البشر التي تعود عليها بأرباح طائلة.
من الواضح جدا أن تراياد استغلت رغبة البعض اليائسة في الهجرة لتحقيق
الأرباح. فوعدتهم بالازدهار العائلي وفتح آفاق جديدة في العالم الجديد.
جو:
ما يعرفون بأبناء الزوارق، الذين يغامرون بالخروج من الصين عشوائيا
بطريقة غير مشروعة بحثا عن مكان ينزلون فيه. عادة ما يكون هؤلاء من
اليائسين الذين يبحثون عن فرص في المجهول كما كان يفعل الفينيقيون أو
الفايكينغ، فيركبون البحار وكأنهم ملاحين، ولكن عصابات الجريمة المنظمة
تستغل ظروفهم إلى أبعد الحدود.
معلق:
يعمل بيتر ضابط سابق ضمن مكافحة الجريمة المنظمة في الإف بي أي، وهو
ينتمي إلى أحد أقوى أجهزة المكافحة في الجانب الغربي من العالم، ليؤكد
وجود عدة إثباتات تشير إلى ارتباط مجموعات التراياد في عمليات تهريب
البشر.
بيتر:
نحن على مسافة قريبة من بلدان أخرى تسكنها أعداد كبيرة من الناس
وملايين البشر، بل مئات الملايين ممن يعيشون في ظروف فقر وعوز، يرزحون
تحت أنظمة قاسية ويرغبون بالفرار. وكثيرا ما يجد البعض شخصا ما يستطيع
نقله. ينطبق هذا على أعداد كبيرة من الأشخاص الذين يأتون إلى هنا على
متن سفن وطائرات بالطرق القانونية، إلى جانب آخرين يأتون بسبل غير
مشروعة يريدون أن يتخذوا أستراليا وطنا لهم.
معلق:
أصبح مشهد المهاجرين الغير شرعيين إلى أستراليا من آسيا مألوف جدا.
عادة ما ينتمي أبناء الزوارق إلى أصول يائسة متعبة. ولكن ما جرى مؤخرا
يثير الدهشة عندما وصلت إلى المياه الأسترالية سفينة مجهزة بطاقم يمتلك
جميع وسائل الملاحة اللازمة والمعقدة. ليتبين لاحقا أن المائة وتسعة
وثلاثون لاجئا يشكلون تهديد حقيقي للأمن الوطني.
بيتر:
تبين في بعض الحالات أن عددا من الذين وصلوا عبر هذه السفن قد أرسل من
قبل منظمة محدد للجريمة المنظمة، التي تقوم بذلك أولا مقابل مبالغ
كبيرة من المال، ثانيا يأتون بهم لتوسيع صفوف عصابات تراياد في هذا
البلد، ما يساعدها في التفوق العددي على العصابة التالية. أي أنها
عمليات مربكة ولكننا مع ذلك نحقق بعض النجاح في مكافحتها.
كريب:
على سبيل المثال، مجموعات تراياد العاملة بتنسيق مشترك بين الصين
وتايوان وهونغ كونغ، نقلت في فترة التسعينات مائة ألف شخص إلى الولايات
المتحدة الأمريكية وحدها، مقابل خمسة وثلاثون ألف دولار على الشخص
الواحد، يمكن أن ترى بأن هذه مبالغ طائلة.
معلق:
يكلف ذلك الولايات المتحدة ثلاثة مليارات ونصف المليار سنويا. تجربة
مارك كريب مع التراياد لم تترك أي مجالا للشك بوحشيتها ودمويتها، حين
تحدث عن قصة واقعية جعلت الموت يقف وجها لوجه مع ضحيتها، وتحديدا
بالنسبة لضابط شجاع يعمل متخفيا.
كريب:
لدي صديق يعمل في دائرة الشرطة في نيويورك، وهو من اصل صيني، عمل طوال
سنوات متخفيا داخل صفوف إحدى المنظمات الصينية. المهم أنه كان في أحد
الأيام خارجا من المدينة، لنقل مجرمين من عدة منظمات، إلى نيويورك.
أثناء انطلاق السيارة التي نقلهم فيها الضابط إلى خارج المدينة،
اعترضتها سيارة من شرطة السير، وتحدثت الشرطي مع السائق ليبلغه بأنه
يبالغ في السرعة.
شرطي:
عذرا سيدي، ولكنك تخطيت السرعة المسموح بها هنا. هل تسمح لي بالتأكد من
أوراق السيارة؟
كريب:
عاد الشرطي إلى السيارة للتأكد من أوراقه.
معلق:
كاد أحد ركاب السيارة المجرمين يفقد أعصابه حيال اقتراب الشرطي، ما دعا
لتهدئته، ولكنه أخرج المسدس، وأراد أن يقتل الشرطي. ما دفع الضابط
المتخفي إلى التصرف بسرعة لمنع وقوع الكارثة. ما زال كريب يتذكر كلمات
الضابط.
كريب:
قال لهم أن الذي يحق له إطلاق النار على الشرطي هو أنا، أنتم الآن في
مدينتي، وهذه إهانة لي، فأنا الذي سأقتل هذا الشرطي، ولكني سأفعل ذلك
عندما أرى الوقت مناسبا، لا أكثر ولا أقل. وتابع يقول أن الأمور هدأت
بعد ذلك، وانطلقنا.
معلق:
كيف تتعامل أجهزة المكافحة مع مثل هذه الشبكة من مجموعات رجال العنف
والوحشية؟ إلى جانب صعوبة اختراقها، فقد أخذت هذه المجموعات تتحول إلى
الأعمال المشروعة، يملكون مصارفهم الخاصة ويضعون ميزانيات أكبر من
دولة بكاملها.
تبين لرجال المكافحة أن تراياد تجرب كل مجالات الجريمة، لتخوض بكل ما
يمكن أن يحقق لها الأرباح.
بيتر:
رغم تلون هذه المجموعات، ولكننا تستطيع تحديد هوية كل منها على حداه،
المهم في الأمر أنها تنطلق من موطنها الأساسي الصين لتنتشر في أرجاء
هونغ كونغ وسيغافورا وماليزيا، جميعها متورطة في الجريمة المنظمة، حتى
أنها قد تكون أكبر جهة تستورد المخدرات وتشارك في التهريب الغير مشروع
للبشر إلى جانب انخراطها في عمليات الابتزاز وتزوير بطاقات الاعتماد
وتبييض الأموال وغيرها.
معلق:
نحن الآن أمام عملية للشرطة تكاد تنطلق في شوارع هونغ كونغ، يتحرك رجال
الجمارك باتجاه الهدف المحدد، والذي هو اليوم مخازن صغيرة لاسطوانات
الموسيقى المزورة. كثيرا ما يتورط هؤلاء الشبان في بيع هذه الاسطوانات،
وهم عادة ما يعملون لصالح التوسع الذي تنشده تراياد.
أي سائح يأتي إلى هونغ كونغ يعرف بأنه من الصعب التغلب على الصينيين في
التزييف. فهم خبراء في نسخ اسطوانات الموسيقى وبرامج الكمبيوتر، لتصبح
طبق الأصل عن المصدر، ولكنها أدنى ثمنا. وعادة ما يلجأ السياح هنا
لشراء كميات كبيرة منها، ما يحقق لتراياد أرباحا هائلة. ينطبق هذا أيضا
على بطاقات الاعتماد، التي تفاجئك نوعيتها المطابقة، حتى أنهم يروجون
لها في مجلات خاصة، علما أنها تحتاج إلى رقم سري يعتمدون فيه على أرقام
الحسابات المتوفرة لديهم. تعتبر الصين سوقا لملايين الدولارات من
البضائع المزيفة التي تشمل أيضا ساعات روليكس وحقائب لوشي. إنها معركة
طاحنة.
تم اعتقال هذا الرجل بتهمة ترويج البضائع، وهو يدافع عن نفسه بالقول
أنها تجارة كغيرها تعود بأموال طائلة. وقد ينتهي الأمر بدفع غرامة لا
تتعدى مئات الدولارات تزرع الابتسامة على وجوه رجال الشرطة والمتهم,
ولكنها ابتسامة قد تنم عن تحد ضمني للسلطات. فقد شهدت هونغ كونغ مؤخرا
ست اعتداءات على سيارات لأجهزة السلطات تأكد بأنها من أفعال تراياد
انتقاما لسجن زعمائها.
تعتبر هونغ كونغ من أبرز المناطق التي تكافح تراياد، وذلك بالاعتماد
على قوانين خاصة بها تحت عنوان قوانين الاستقرار الاجتماعي، ومنظومة
الجرائم الجادة، التي تمنح الشرطة قدرات واسعة للتحقيق بأعمال تراياد
وكل جرائمها. كثيرا ما يسعى أعضاء تراياد إلى إثبات عدم انتمائهم لهذه
الجماعة، على اعتبار أن الانتماء وحده يفرض على المتهم غرامة بقيمة
مليون دولار بعملة هونغ كونغ، إلى جانب السجن لمدة خمسة عشر عاما.
تبين للتحقيقات الجارية عالميا أن عصابات الجريمة التي تنتمي إلى
تراياد تضعها اليوم في مصاف منظمات الجريمة العالمية المعقدة جدا. ذلك
أنها تعتمد أساليب التنسيق والتعاون مع منظمات وعصابات جريمة أخرى تعمل
على المستوى العالمي.
بيتر:
من الصعب جدا في عصابات الجريمة المنظمة أن نحدد بدقة من هو الرأس
المدبر في مجال محدد. هناك أعداد كبيرة من العصابات المتورطة في
استيراد وتوزيع المخدرات على أنواعها وتهريب الناس والجرائم الأخرى،
وليس من السهل أن نعرف هوية الشخص الذي يلعب الدور الأبرز. وسع غالبية
هؤلاء مجال أعمالهم لتشمل إطار قانوني أو شبه قانوني. جميعنا يعرف مثلا
أن عصابات الجريمة المنظمة في روسيا تملك المصارف وتختص في مجال
الاستثمارات وتبييض الأموال، التي قد تبدو قانونية من حيث الخدمة
ولكنها في الواقع وسيلة لحماية أموال المخدرات وتبييضها لا أكثر.
معلق:
تعمل الأجهزة القانونية خلف البحار على إيجاد سبل التعاون فيما بينها
لتعقب منظمات الجريمة العالمية. هذه ليست بمهمة سهلة، لأنها تتطلب
إمكانات كبيرة من المال والسلطة والرجال، وهي الوسائل نفسها التي تعتمد
عليها عصابات الجريمة العالمية.
دان:
أعتقد أن العامل الأهم في متابعة هذه المهمات هو أن يكون لدينا في
دائرة الشرطة شخص يتحدث الصينية، شخص يتفهم البيئة والمجتمع، ليساعد في
التعامل مع المشكلة. الجانب الآخر من هذه العوامل هو الشبكة التعقب
العالمية لمجموعات تراياد. إذ أنها تعمل في عدة مناطق من العالم،
والتعاون بين الأجهزة الفدرالية والحكومية وتلك المحلية مسألة بالغة
الأهمية للتنسيق بين العمليات الجارية عبر المحيط تلك الجارية في
الوطن. أي أن القدرة على التعامل مع المجتمع بلغته هو عامل هام.
معلق:
هناك مساع حثيثة من اتجاهات عدة لتعقب جماعات تراياد. على اعتبار أن
أجهز القانون وجدت استحالة في اختراق جماعات تراياد. من أسباب ذلك
الجزع الذي يتملك الناس من الانخراط في المجتمع، إنها الرهبة، التي
استطاعت تراياد أن تزرعها في نفوس عناصرها لتتمكن بذلك من الانخراط في
الجريمة على المستوى العالمي.
كريب:
يمكن القول أن الشبكة التي تسيطر على العمليات الجارية عالميا هي تلك
التي تعرف بجماعات فو جي ني، وهي تملك فروعا لعصابات أثبتت وجودها في
نيويورك كما هو حال فو تشين مثلا، حيث يقدر عدد عناصرها بحوالي خمسمائة
شخص. تمكنت هذه العصابات من جمع أموال طائلة عبر تهريب الناس، واستيراد
المخدرات. ولكن جمع المال جعلها تتورط أيضا في الخطف للحصول على فدية.
هناك حالة محددة أتذكرها الآن، تورطت بها مجموعة تعرف باسم الدراغون
الأعمى. ما قامت به هذه المجموعة هو خطف ثلاثة أشخاص، كل على حداه بشكل
منفصل كليا الواحد منهم عن الآخر. ثم نقلوا الضحايا معا إلى الصين.
ليطلبوا هناك من الضحايا مبلغ ستة وثلاثون ألف دولار. علما أن هذا
الرقم يعني الكثير في الميثولوجيا الداخلية لتراياد، أي أنهم يبعثون
برسالة إلى العائلة تقول أن الضحايا أصبحوا الآن في عهدة تراياد. ولكن
العائلة الفقيرة في هذه الحالة لم تتمكن من جمع أكثر من خمسة آلاف
دولار. ما قامت به العصابة بهذه الحالة هو استعمال ساطور كالذي تستعمله
تقليديا لبتر أحد الأصابع. ولكن العائلة لم تتمكن من جمع المزيد من
الأموال لسوء الحظ، فانتهى الأمر بقتلها ولكن بعد أن تعرضت لتعذيب دام
أسبوعين.
معلق:
دفع هذا الخبراء للتوافق على مسألة واحدة، وهي أنهم قد لا يتمكنوا أبدا
من الإيقاع بعصابات تراياد. إلى أن علم مؤخرا بأن أجهزة الشرطة الصينية
اعتقلت مائة وخمسون ألف عنصر من عصابات الجريمة التي يبلغ تعدادها
مليون ونصف المليون شخص تنتشر اليوم وتعمل في جميع أرجاء الأراضي
الصينية. مع ذلك فقد شهد عام ثمانية وتسعون ارتكاب ثلاثمائة وخمسين ألف
جريمة، ما يثير القلق حيال تنامي حملات الجريمة في العالم. شارك بيتر
رايان في لجان لمكافحة الجريمة حول العالم، بدأت تحقق المزيد من
النجاحات، ما لا يترك مجالا للتراجع.
بيتر:
لا يمكن القول بأننا نفوز بالحرب أو نخسرها، ولكن الحقيقة هي أن الأمر
اختلف اليوم بطريقة تعقب الجريمة والأشخاص الذين وراءها وما تشهده من
متغيرات. ما أدى إلى زيادة الكميات المصادرة من المخدرات، فقد تمكنا في
العام الماضي من مصادرة سفينة تحمل أربعمائة كيلو غرام من الهيرويين،
أي ما قيمته خمسمائة مليون دولار، وصادرنا عددا من السفن التي تحمل
الأشخاص، وألقينا القبض على أفراد وصلوا إلى المطار، وتم وضع اليد على
شبكات لتبييض الأموال إلى جانب اعتقال عدد من زعماء العصابات، أي أننا
أصبحنا على مستوى الجريمة. ولكن المشكلة هي أن عصابات الجريمة المنظمة
لا يترددون في البحث عن سبل جديدة للقيام بأنشطتهم. فمهما تحسنت
وسائلنا وبذلت الشرطة من جهود لتعقبها والنيل منها، تنتقل مباشرة إلى
إطار جريمة أخرى. لديهم أموالا أكثر من أموال أجهزة الشرطة، جميعنا
يعرف أن هذه العصابات تعمل على المستويات العالمية، ما يعني أن بعضها
يملك من المال أكثر من بلدان كثيرة. أي أنها تستطيع الانتقال سريعا من
مجال في الجريمة إلى آخر.
معلق:
أي أنها عندما تجد مجالا لجمع الأموال تستنفر كل ما لديها من وسائل
عنف الجريمة المنظمة نحوه. تنمو الجريمة العالمية المنظمة اليوم بسرعة
أكبر مما نستطيع التحرك لمكافحتها. ولكن أحدا، لا يتراجع بعد.
جو:
أصبح من المفروض اليوم أن تتعاون سلطات الشرطة في البلدان الغربية مع
أجهزة الحكومة الصينية للعمل معا ضد الجريمة المنظمة وجماعاتها السرية.
إلى جانب ذلك، لا بد من القول أن جماعات تراياد تختلف بطريقة مدهشة، لا
يمكن القول أن المافيا هي جزء من الميراث الإيطالي، أو أن كوسا نوسترا
هي جزء من الميراث الإيطالي. ولكنك تستطيع القول بأن الجماعات السرية
الصينية هي جزء من المجتمع الصيني، وقد زرعت جذورها في هذه الثقافة منذ
عقود طويلة مضت. وفي بعض المجتمعات الصينية حتى اليوم، حيث تشكل نوعا
من طفيليات هذا المجتمع، لأنها تعيش على أموال الحماية، قد ترى أيضا
بأنه من المفيد لهذه المجتمعات بشكل أو بآخر، أن تنتقد جماعات تراياد،
كعصابات إجرامية وهذا من حقها. ولكن يجب ان نرى بأنها تاريخيا، لم تكن
إجرامية، بل خارجة عن القانون، ولكنها لعبت دوارا هاما في تأسيس وتطوير
التاريخ الصيني.
كريب:
لا يمكن القضاء على تراياد في عقر دارها في هونغ كونغ، لن يحدث هذا
أبدا. فقد منع الانتماء إلى جماعات تراياد في هونغ كونغ منذ
الأربعينات، ولم تتم تصفيتها. لهذا لا أعتقد أننا سنتمكن في الغرب من
القضاء على مثل هذه الجماعات السرية، رغم ما يجب أن نحققه من نجاح في
تعقب عصابات الجريمة منها.
بيتر:
هناك اعتقاد سائد يقول بأن أحدا من هذه الجماعات لن يتعاون مع رجال
القانون، سواء من الضحايا أو من أعضاء الجماعات نفسها، علما أننا
نعتمد على تعاون من قبل أعضاء من المجتمع، ومساهمة كبيرة من أوساط
أعضائها الذين يجدون أنفسهم في حالة من اليأس تجبرهم على التخلي عن كل
شيء. ولكن الشرطة ما زالت تصر على أنهم مجرد مجرمين، ولا بد للشرطة أن
توقع بهم ضربات مؤثرة. من خلال التعاون مع بلدانهم، نستطيع المجيء بهم
إلى هنا أو إلى مناطق أخرى ونخلصهم من المشكلة.
معلق:
حتى الآن وبعد قرون من مكافحة شبكات الجريمة والقتل، ما زال الطريق
طويلا في أعماق الألفية الجديدة. كلما سعت تراياد للبحث عن أساليب
جديدة فاعلة للقيام بجرائمها الوحشية، يعترف رجال القانون صراحة أنها
لن تدمر كليا. ولكن هذا لا يعني الهزيمة، بل يعني أن علينا الاستمرار
في مكافحة ما تبقى من أسوأ عصابات الجريمة في العالم.
معكم روبرت ستاك، شكرا لمرافقتي. --------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م