اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 التحالف الكبير
 

التحالف الكبير

يبدو كل شيء هادئ في غابات المطر، مع أن حربا طاحنة تشتعل فيها بين إمبراطوريتين، هي النباتات والحشرات، قوى المواجهة رائعة مدهشة، فهي تنقض على أجزاء الشجر بمختلف أشكال الحياة ضد بعضها البعض.

          تقاتل الحشرات على جميع الجبهات، فترد النباتات بتسميم نسغها أو كما تفعل نباتات السلوى المفترسة التي تقلب المعادلة ضد الحشرات.

          أدت ملايين السنين من التطور الطبيعي إلى تخصص مزيد من الحشرات والنباتات، التي ما عادت تستطيع العيش بدون بعضها، فنشأ بينهما تحالف هائل غير العالم أجمع.

          بالميراس البراونية لا غرابة في أن تحمل هذه القرية اسم شجرة النخيل، فغابات النخيل من حولها تعتبر من بين الأشهر في العالم.

          يؤكد وجهاء القرية أن في الغابات أنواع كثيرة من الحشرات.    

          يعتقد أن جميع الحشرات تنحدر من حيوان شبيه بالدودة الألفية التي تتغذى على الفضلات النباتية. إن كان هذا هو الجد ليس غريبا أن تأكل الحشرات البدائية النبات وحده.

          عاشت العواشب منذ ملايين السنين رغم ظهور الكثير من آكلات الحشرات. خمسون بالمائة من أنواع الحشرات ما زالت حتى اليوم تأكل النباتات وحدها.

          أعلنت هذه الحشرات البدائية عدوانيتها بتطوير مناقير مدببة تمكنها من امتصاص النسغ، وتصفيته لاستخراج الغذاء.

ما زالت الحشرة النطاطة والمنّة تتغذى على هذه الطريقة.

          ظهرت حشرات جديدة مع تنوع النباتات مسلحة بأدوات أكبر وأفضل كالفك لطحن أنسجة النبات.

          تركز غالبية النباتات هجومها على نوع محدد من النباتات، حتى أصبحت حياتها اليوم تعتمد كليا على هذا المصدر الغذائي وحده.

          تعجز بعض الحشرات عن مقاومة نسغ بعض الأشجار، والمثال على ذلك. أن النسغ المتدفق من الشجرة الجريحة يجلب كل خنافس الدمى في الجوار.

          تتمتع خنافس الدمى بالقدرة على التحليق لهذا فهي تجوب مناطق شاسعة، ولكنها لا تعثر على الشجرة المفضلة بأعينها.

          تلتقط هوائياتها الحساسة الرائحة الخفيفة المنبعثة من النسغ عبر المسافات.

          حين تتعرض الشجرة المفضلة لدى خنافس الدمى للأذى تحتشد أعداد كبيرة من هذه الحشرة لتولم عليها.

لتجنب الحشرات من آكلات النبات، تلجأ هذه الأخيرة لوضع حواجز كالأشواك الشعيرات اللاصقة.

بينما تني أخرى أوراق قاسية مشمعة الغشاء.

ولكن في لحظة الفصل في المعركة هي تلك التي توصل فيها النبات إلى سلاحه الكيميائي الفتاك: النسغ السام.

تنفر غالبية الحشرات من النباتات السامة.

          ولكن هناك من يتمكن دائما من تطوير قدرة على تحمل السم.

لا تدع الزهور تخدعك، فأوراق الكرمة تحتوي على سم السيانيد.

ومع ذلك فإن يرقة الهليكونيد يولم عليها، ذلك أن هذه اليرقات تكتسب المناعة أثناء تطورها.

هذا ما يكثر السم في جسمها ما يجعل الضواري تتجنبها. وعندما تكبر تجمع الفراشة حبيبات الرحيق، لتخصب النبات وتساعد كرمة الشغف على البقاء.

من الواضح أن الكرمة لا تسمح باليرقة أن تدمرها كليا، فهي تعتمد على أساليب غامضة للتحكم بأعدادها. تتجنب بعض الفراشات مثلا وضع البيض على أوراق التصق بها بيض آخر.

          تمكنت كرمة الشغف عبر أساليب التطور المدهشة ، من التوصل إلى نتوء شبيهة ببيض الهليكونيد لخداع الفراشات.

          يجول النمل في أرجاء الورق مطاردا الدخلاء، كما يهاجم اليرقة حال خروجها من البيض.

تكافئ النبتة حراسها بإنتاج عصارة عذبة شهية.

          هذا ما يفتح صفحة جديدة في العلاقة بين الحشرة والنبات.

الزهور أعضاء للتكاثر تعمل بطريقة بسيطة    تنبعث حبيبات الرحيق فيها على أمل أن تحط على وردة من النوع نفسه تقع على مسافة مئات الأمتار. لا شك أنها استراتيجية مصادفة للعاجزين عن الحركة. من حسن الحظ أنها تشكل أداة ترويج فاعلة.

وهي قادرة على منح هذه المهمة لأذكى وأرهف سعاة البريد إحساسا في العالم: الحشرة.

من المحتمل جدا أن تكون الخنفساء الصلبة أول الموقعين على هذه المعاهدة، قبل زمن طويل من وصول الملقحات الدقيقات من فراشات ونحل.

هناك نباتات بدائية كعمالقة زنبق مياه الأمازون ما زالت تعتمد على تحالفها التقليدي في نقل الرحيق.

تعتبر هذه الوردة سجن للخنافس، ولكن لا داعي للقلق فالسجينة هنا تتلقى معاملة حسنة. لديها ما يكفي من طعام، وتسكن في زنزانة دافئة، والأهم من هذا أنها تخرج بعد أربع وعشرين ساعة.

السجينة العالقة في قاع الزهرة هي خنفساء سيكلوسفيلا البنية التي تنتمي إلى فصيلة الجُعل.

مع حلول الليل تتفتح سوسنة الأمازون. ترتفع الحرارة داخل الوردة درجات عدة، لتسرع في تبخر عطرها القوي الذي يجلب الخنافس دون مقاومة تذكر.

تدخل الحشرة في الوردة التي تقفل عليها، وهكذا تزحف طوال اليوم داخل الزهرة، لتتغذى على أجزائها الغنية بالبروتين، ليصبح جسمها لزج مغطى بحبيبات الرحيق. مع غياب الشمس في اليوم التالي تفتح الزهرة من جديد، لتطلق الخنفساء المغطاة بالرحيق التي تطير مباشرة للبحث عن زنبقة ماء أخرى.

ثم تبدأ الدورة مجددا، حيث تحصل الخنفساء على الغذاء والملاذ بينما تجد النبتة حبيبات الرحيق اللازمة لتخصيبها.

وهكذا يكف انبعاث العطر من الزهرة المخصبة ثم تصبح بنفسجية وتختفي تحت سطح الماء، لتعاود الظهور ثانية وتتفتح كزنبقة مياه عملاقة جذابة.

هكذا بدأ التحالف الأول بين الحشرة والنبات، هذا ما يؤدي إلى تطوير حشرات أكثر نمو وتطور.

أخذت العلاقة بين الحشرة والنبات تزداد تخصصا عبر ملايين السنين.

تقوم بعض الزهور بتعزيز الولاء بعد التلقيح عبر تقديم الوقود على شكل رحيق سائل حلو المذاق يمنح الطاقة.

الفراشات ليست غبية، فقد سلحت نفسها بمناقير طويلة تساعدها على شرب الرحيق حتى الثمالة.

تسعى بعض النباتات لإثبات وجودها أمام رسلها البارعين فتضع الرحيق في أكواب شديدة العمق.

وحدها فراشة الفينكس قادرة على الاستفادة من هذه الزهور السخية.

أجزاء الفم الطويلة لدى فراشات الفينكس هذه وتلك الزهور العميقة، لم تظهر بين ليلة وضحاها، فمع ولادة كل جيل تحصل متغيرات صغيرة لتحسن باستمرار العلاقة بين إحدى أنواع الحشرات والنبات.

هناك نباتات تبدو على حوار مستمر مع ملقحها، فبعد التلقيح تغير الزهرة لونها من البنفسجي إلى الأبيض، وكأنه تدع النحل بأن لا يبدد وقته.

هذا ما تفعله هذه الزهور ولكن بالأحمر والبرتقالي.

غابات المطر تشبه المتاهات التي تسكن فيها نباتات من نفس النوع على مسافة مئات الأمتار من بعضها.

لهذا يصبح الأمر دقيقا بالنسبة لنباتات نادرة كالأوركيديا، من حسن الحظ أن هذه النباتات قد توصلت إلى اتفاق رابح مع أفضل حشرات التلقيح في العالم.

نحلة أوركيديا البراقة الصلبة التي لا تتعب، والتي يعيش بعضها ستة أشهر. تمضي الزهور جل حياتها بالقفز بين أوركيديا وأخرى.

والحقيقة أنها لا تنجذب إلى الرحيق، بل تجذبها رائجة محددة نجح علماء الحشرات في تصنيعها.

تربط الأوركيديا بقاءها على قيد الحياة ببقاء النحل مباشرة، فذكور هذا النحل لا تستطيع التزاوج دون هذا العطر.

كلما جمع الذكر من هذا العطر كلما أثبت جدارته وخبرته للإناث. يمكن للبطل منها أن يجمع مائة نوع مختلف من العطور.

تبث الأوركيديا مواد لتجبر النحل على حمل رحيقها. تعتمد الزهرة على آلية ذكية، تلصق بعض الرحيق على الزائر. إنها تلك الريات التي نراها على ظهر الذكر.

يعتمد أكثر من تسعين بالمائة من النباتات المزهرة على الحشرات بالكامل لتلقيحها. ولكن هناك مزيد من المعاهدات المدهشة للتعايش.

شجرة السيكروبيا. وأما عمال الحدائق فهم من نمل الأستيكا.

ينطلق المئات من هذا النمل كالسحر عند أول ارتجاج، لا غرابة في الأمر ذلك أنها تسكن في حفر داخل الأغصان. يدافع نمل الأستيكا بعنف ضد النمل الأبيض أو أي شيء آخر قد يؤذي نمو السيكروبيا.

يعتبر النمل مهما لشجرة السيكروبيا التي يتغذون منها، عند منبت الورق تجد حبيبات غنية بالبروتين يجمعها النمل مباشرة.

الهدف من الحبيبات هو تغذية النمل الذي يخبئها في مستودع صغير في جذع الشجرة.

تسمح هذه الشجرة لمنّة النمل أن تتغذى على نسغها. لا تتمتع اليرقة بالقوة الكافية لتقشير لحى الشجر، لهذا يضعها النمل على جدران الأغصان الداخلية اللينة حيث يمكنها امتصاص النسغ عبر مناقيرها المدببة، والعثور على سائل عذب يجده نمل الأستيكا شهي جدا.

لا يسكن نمل الأستيكا إلا في شجر سيكروبيا، لولا هذا النمل لتعرضت الشجرة مباشرة لآكلات النبات.

يعتبر هذا من أهم المعاهدات الهامة لضمان البقاء المشترك على قيد الحياة بين النبات والحشرات.

وأخيرا جميعنا نعيش على النباتات، ولكن لا شك أن الحشرات هي الأكثر استفادة من تحالفها مع النباتات.

          وقد أصبحت الأكثر تنوعا بين الحيوانات، ما يمنحها تفوق واضح في لعبة البقاء على قيد الحياة.

 

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster