اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 كشف تآمر هتلر
 

هتلر

           أكثر شخصيتان عرفتهما الأرض إثارة للخوف، أحدهما يتبجح بالعرق، والآخر بالغيبيات، وقد جمعت بينهما أرضية قاتلة مشتركة في استغلال الآثار. كانت الحفريات النازية تبرر غزواتها، وبالتالي قتل الملايين من الأفراد.

          معكم جون ريس ديفيس، ابقوا معنا للتعرف على اجتياح هتلر للعلوم ومن خلالها علم الآثار.

          معسكرات الموت هذه التي كشف عنها جنود الحلفاء في ألمانيا خلال الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، تنطق بالكلفة الحقيقية لهواجس أدولف هتلر العرقية، والتي أدت إلى مقتل عشرات الملايين من روسيا وبولندا وغيرها  من الشعوب التي اعتبرها النازيون أقل مستوى من البشر، والتي لاقى الكثيرون منها أشد أنواع العذاب قسوة في معسكرات أوشويتس وبيرغين بيلسين وغيرها. ولكن هناك قصة لم تطرح عميقا وهي ما حول هواجس هتلر العرقية إلى هواجس قاتلة أخرى، تتجسد في علم الآثار النازي.

          أعلن هتلر الألمان سادة الجينات العرقية، التي اختيرت لبنيتها الدموية كي تحكم العالم. وقد أطلق هنريك هيملير زعيم الإس إس علماء الآثار في أرجاء أوروبا لإثبات ذلك.

          تحولت هذه المجموعة من علماء الآثار إلى طليعة فكرية للحرب الوحشية المعلنة على أرض الغير، وما يجري في من تنظيف عرقي أطلق عليه لقب الحل النهائي.

          قد تكون هذه أكثر القصص السوداوية المتعلقة بتاريخ علم الآثار. ليس المقصود هنا انتصار العلوم بل استغلالها، وذلك عبر إبراز الأدلة المزيفة على حساب الأدلة الحقيقية. بلغ اجتياح هيملر على ما قبل التاريخ من سوداوية، أن عاثت في البلدان الأوروبية قتلا ودمارا، وجعلت علماء الآثار الألمان حتى يومنا هذا يرفضون الاعتراف بتزييف تلك الحقائق.

          من هذه المباني الهادئة لجامعة مينيسوتا الغربية الوسطى، انطلقت عالمة الآثار بيتينا أرنولد المتخصصة في عصر الحديد، للتحقيق في قصة تعود آثارها إلى مرحلة ما بثته  نازية الرايخ الثالث من رعب وخوف. ساهمت أبحاث أرنولد في كتابة أبشع وأكثر الأجزاء غموضا في تاريخ علم الآثار، والمتعلقة بكيفية تعرض علماء الآثار الألمان لضغوط  هنريك هيملير وخدمات الإس إس.

     أدرك النازيون أهمية الإعلام في مجال الآثار فخصصوا لها أموالا طائلة، وخلال حقبة قصيرة تمتد بين عامي ألف وتسعمائة وثلاثة وثلاثين وبداية الحرب العالمية الثانية، نجد أن أعداد المقاعد الجامعية المتخصصة في آثار ما قبل التاريخ قد زادت بنسبة ثلاثمائة بالمائة، ما يفسر الدعوات القائلة بأن آثار ما قبل التاريخ في ألمانيا قد ولد في تلك الحقبة تحديدا.

          لم يكتب أي من علماء ألمانيا لآثار ما قبل التاريخ على مدار أكثر أربعين عاما، أي مقالة حول أشياء الماضي النازي، أما السبب في ذلك فهو الولاء الشخصي والخوف من ردة الفعل.

          غالبية أساتذة الجامعات اليوم كانوا في تلك الفترة تلامذة متخرجين، وما كانوا ليفكرون حينها بتخطي نصائح مشرفيهم، الذين كانوا يلعبون دورا هاما في ممارسة الأبحاث الأثرية تحت السلطة النازية، لأن ذلك أشبه بقتل المرء لأبيه. ليس لدي أدنى شك في ممارسة الضغوط الشديدة على أي شخص يحاول اختراق جدار الصمت الذي فرض على هذه المسألة.

          كشفت أرنولد عن أن جذور الآثار النازية تعود إلى نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث شكلت معاهدة فيرساي إهانة لألمانيا المهزومة، عبر حرمان من أراضيه السابقة. وفي سنوات الركود المضطربة التي أعقبت ذلك فاز حزب أدولف هتلر النازي بدعم الملايين من فقراء ألمانيا، عبر مطالبته المتجددة بتلك الأراضي، وإضفاء صبغة بطولية على تاريخ الأمة.

          اعتبروا أنه لا بد من إقناع الشعب أولا بمصيره وهم لهذا يحتاجون أولا إلى صيغة تؤكد أمجاده الماضية، التي يفترض أن تتوافق مع مستقبله المنشود.

          اعتمد النازيون على الجذور التاريخية وسيلة لتعزيز مبادئها النازية وتنظيمها على غرار النظريات التطبيقية الأخرى.  وهكذا نسج النازيون أفكارهم العرقية  انطلاقا من أفكار المؤرخ غوستاف كوسينا، والأيديولوجي الحزبي ألفريد روزيمبيرغ، وذلك تعزيزا لادعاءاتهم القائلة بأن غالبية أوروبا تنتمي بالأصل إلى ألمانيا وسكانها الذين هم النخبة الجينية لأحفاد شعب راق أسموه الشعب الآري.

          تعتمد نظرية أو مبادئ النقاء العرقي على فكرة أن الشعب الآري الأصلي أو سكان ألمانيا الأوائل، تمكنوا من المحافظة على أنفسهم ضمن حالة من شبه الاستقرار الدائم نسبيا حيث طوروا غالبية أشكال تكنولوجيا الحضارة الغربية المتقدمة، وتحديدا ضمن المنطقة التي تعرف اليوم بأوروبا الشمال غربية.

           عزز النازيون عبر السياسة والإعلام ذلك الماضي الأسطوري، فاتخذوا رمزا لحزبهم الشمس الأوروبية القديمة سواستيكا.  واعتبروا أن الألماني الرياضي ممشوق القامة أشقر الشعر وأزرق العينين هو الخليفة النقي لأجدادهم الآريين، رغم الملامح المغايرة لغالبية زعماء النازيين.

          بلغت هواجس هتلر وتمسكه بالثقافة الإغريقية أنه أحيانا ما كان يقيم مآدب عشاء يحدث المدعوين عن جذور تلك الثقافة وأصولها.

          تبرز بين أغرب الأفكار التي روج لها النازيون  فكرة لهتلر يؤكد فيها أن الدوريان كانوا في الواقع قبيلة من الشمال هاجرت إلى مناطق الأبيض المتوسط، وباتوا البقية الباقية ممن نجوا من بعض الكوارث التي أصابت الشمال، وأنهم من حيث المبدأ وراء الحضارة الإغريقية الكلاسيكية التي أعجب هتلر بها جدا.

          لجأ هتلر إلى مصانع وبنوك بلاده كي تتوسع في صناعة الأسلحة على نطاق واسع، ما قضى على البطالة. فأخذ عند ذلك يمول علماء الآثار الألمان كي يؤكدوا بأن مصير الأمة  ناجم عن عواقب داروينية لتحسن الدم.

          كانت هناك وكالتين، يقود إحداهما هينريك هيملير، والأخرى ألفريد روزينبيرغ، التي كانت تبذل ما بوسعها لضمان الموارد المالية اللازمة للمشاريع الأثرية، ولا شك أن غالبية الأكاديميين الألمان، الذين يتولون المناصب الرئيسية اليوم في جامعات الآثار، هم أشخاص قاموا بالجزء الأكبر من الأعمال والمشاريع المطلوبة من قبل هاتين الوكالتين.

          رغم بعض الحالات الشاذة إلا أن غالبية علماء الآثار لما قبل التاريخ رحبوا بالاهتمام النازي في الموضوع،  الذي  كان يحتل المرتبة السفلى في مختلف الجامعات الألمانية. ولكنهم راهنوا بذلك على ضربة قاضية، لأنهم مقابل زيادة التمويل المالي، خضعوا للسلطة الحديدية لضابط الإس إس هينريك هيملير، وهو بيروقراطي قاتل يعاني من هواجس عرقية وغيبية، قاد علم الآثار الألماني إلى أحلك ساعاته السوداوية.

=-=-=-=

          صدم العالم صباح أيلول سبتمبر من عام تسعة وثلاثين، عندما شن هتلر حربه  في الشرق، فتقدمت دباباته سريعة لتجتاح بولندا، وتشيكوسلوفاكيا، ورومانيا، ليهاجم روسيا بعد ذلك بعام واحد. تعطش صناعة الأسلحة الألمانية للمواد الخام دفعها للسير قدما، ولكن علماء الآثار الألمان، برروا العدوان باعتباره استعادة تاريخية لألمانيا الكبرى.

          مولت الإس إس العديد من الحفريات، التي لم تكن أحيانا في قلب ألمانيا، بل أجريت في مناطق ألحقت بألمانيا نتيجة التوسع العسكري الألماني، ما يتوافق مع برنامج ليبينسراوم الذي صمم لتقديم مساحة عيش أوسع للشعب الألماني. فإذا تمكن علم الآثار من إثبات ألمانية هذه المناطق تاريخيا، سيؤدي ذلك إلى إيجاد تبرير أكبر لواقع سياسي قائم، يدعو لإلحاق هذه المناطق مباشرة بألمانيا، أو عبر دول تابعة تحت السيطرة الألمانية.

          انطلق علماء الآثار التابعين للإس إس إلى الأراضي المحتلة خلف  الوحدات الألمانية المنتصرة. من بين المناطق التي حفرها هيملير بيسكوبين في بولندا ودولني فيستونيك في تشيكوسلوفاكيا وفي مينسك ودونابيرغ، ودجينبروبيتروسك في الاتحاد السوفيتي السابق.

          نعرف بأن الألمان حفروا مستوطنات ألمانية في كرايمين، في قلب أوكرانيا، وفي قلب روسيا، لمجرد إثبات أن القبائل الألمانية استقرت هناك عام ثلاثمائة ميلادي والمطالبة بها لألمانيا الكبرى والرايخ الأكبر في الأربعينات. هكذا يمكن استغلال علم الآثار الذي قامت به النازية. علما أن هناك زملاء رفضوا أن يتحولوا إلى أداة لمثل هذا النوع من القومية.

           حملت المنظمة التي ترأسها زعيم الإس إس هينريك هيملير اسم أنينيرب، أو جمعية الميراث الثقافي، المعنية في تنسيق أعمال الحفريات النازية. كان هيملير من بين المتطرفين النازيين، المتعلقين جدا بهندسة الجينات والأساطير. وقد اعتمد على أثرياء رؤوس الأموال المعروفين باسم أصدقاء هيملير، لدعم التجارب الطبية الشريرة الجارية في معسكرات الاعتقال. سرعان ما تمكن خبير توالد الدواجن من إخضاع علماء الآثار لمشيئته.

          آثار إس إس هي جزء من منظمة أهنينيرب، التي أرسلها هيملير إلى أرجاء العالم بمعنى الكلمة، للبحث عن آثار أو أساطير ذات أهمية أثرية. وستيفان سبيلبيرغ رايديرز في ثلاثية الشراع الضائع، تعتمد على وقائع تاريخية إلى حد ما، على اعتبار أن الإس إس كانت تبحث عن أشياء كسفينة كوفينانت، أو الرمح الذي استخدم لطعن خاصرة المسيح وهو معلق على الصليب، بين أشياء أخرى تتمتع بقوة ذاتية.

          قلة من علماء الآثار الألمان أدركوا إلى أي مدى يمكن أن يصل هتلر وهيملر في البحث الجنوني عن النقاء العرقي. إلا أنهم لعبوا دورا حاسما في تبرير السياسة النازية العرقية، التي أدت إلى سياسة الطرد الجماعي، ومن بعدها سياسة المعتقلات والأسر التعسفي.

           اعتمدت بعض أشكال السعي لخلق مساحات للعيش عبر القضاء على السلافيين والبولنديين في أوروبا الشرقية، وقد أصبح ذلك سهلا على النازيين حين تمكنوا من إقناع الرأي العام بأن هذه شعوب مهتدية جاءت تعيش على أراضي كانت ملكا للشعب الألماني الذي له الحق بها.

          حتى في قلب ألمانيا تقدم علماء الآثار العاملين لدى هيملير بادعاءات خيالية فعلا. كانت صخور اكستيرسين في القرن الثاني عشر منتجعا لقرود بينيديكتين، ولكن النازيين وجدوا في الكهوف فرصة مستخدمين أدلة مزيفة، للتحدث عن صفحات مجيدة أخرى لألمانيا ما قبل التاريخ.

          ما حصل هناك هو أن اثنان من علماء الآثار أحدهما هيرمان ويرث، وهو من مؤسسي أهنينيرب إس إس الرئيسين، إلى جانب جوليوس أندري وهو أحد علماء الآثار، اتفقا على أن هذا المكان هو ما يعرف بعالم الأشجار الذي وجده الألمان، بعد أن كان  شارلماغن قد بدده أثناء الحروب الساكسونية، وأنه كان موقعا للعبادة. ويبدو أنهم قرروا ذلك حتى قبل البدء بأي نوع من الحفريات. بدا لهم أنه موقعا مناسبا فأخذوا بعد ذلك يحفرون بعض أرجائه لإثبات حقيقة ما يقولونه. ليتبين فيما بعد أنه لا يوجد هناك أي أثر من فترة ما قبل التاريخ أو غيرها هناك.

           أثارت حفريات اكتيرستين ازدراء غالبية علماء الآثار المحترفين، إلى حد أجبر هيملير على الابتعاد العلني عن ويرث. إلا أنه استمر في دعمه ضمنا، وهو يعلق على ذلك ساخرا: اعتمدت دراساتنا حول الأصول الألمانية على الزيف منذ عدة قرون. يحق لنا أن نفرض زيف آخر من تأليفنا.

          حتى أن هتلر علق ساخرا على هواجس هيملر الأثرية التي أثارت له بعض الإحراج. وقد تذمر لوزير حربيته قائلا: لماذا نصر على لفت أنظار العالم إلى أننا شعب لا ماضي له، يكفينا ما يقال بأن الرومان كانوا يشيدون المباني العالية عندما كنا نسكن أكواخ من الوحل. والآن يقوم هيملير بحفر تلك القرية من الأكواخ متحمسا لكل ساطور حجري يعثر عليه. كل ما نؤكده بذلك هو أننا كنا نستعمل السواطير الحجرية ونقفز حول المواقد عندما كانت روما في أعلى مراحلها الثقافية.

=-=-=--=

          اكثر ما يهم القيادة النازية في علم الآثار هو الإعلام. أعمال المؤرخ وصانع الأفلام لوثار زوتس تحديدا، لفتت أنظار وزير الإعلام جوزيف غوبلز، أنتج زوتس عدة أفلام يحيي فيها علماء الآثار ومساعيهم لإحياء ماضي ألمانيا القديم. وقد عرضت أفلامه على نطاق واسع قبل الحرب وأثنائها.

     تكمن الفكرة في أنك تستطيع الوصول إلى الناس عبر الصورة أكثر من الكتابة. كانت غالبية الناس هناك لا تعتاد قراءة الصحف، ولكن عبر تصوير وحدات إس إس وهي تسير نحو مواقع الحفر، واستعراض الحفريات أثناء تقدمها، واستخدام الصوت لابراز الجوانب الجميلة في تلك الأماكن من جهة، إلى جانب الإنجازات الثقافية للمحتل من جهة أخرى، وخلق الرابطة التي تصل السكان القدماء بالمواقع التاريخية، للأيحاء بوجود شبكة من المستوطنات في منطقة محددة.

          وأخيرا شملت قلة احترام النازيين للحقائق الأثرية مواقع الحفريات نفسها.

          علماء الآثار الذين نشطوا في بولندا تحديدا، حفروا واحدا من أشهر مواقع العصر الحديدي هناك، وهو موقع اسمه بيسكوبيني. وعندما أخذت الحرب تسير بغير صالح الألمان في الشرق، انسحب الإس إس من تلك المنطقة، ولكنهم قاموا قبل ذلك بعمل شنيع، إذ دمروا بشكل كلي، وهذا عمل لا يمكن وصفه إلا بالإجرامي، وقد دمر عن سابق إصرار وترصد كي لا يتمكن أحد غيرهم من الوصول إليه.

          بلغ حد التورط لدى العاملين في مجال آثار  ما قبل التاريخ مع النازيين حدا جعل من الصعب حتى اليوم، الخوض عميقا في أي من الأعمال الأثرية التي لها صلة بأحداث سنوات الحرب. يمكن تسليط الضوء على ذلك بعد أن اكتشف الباحثون مركز قيادة الشرطة السرية النازية المدفون منذ زمن بعيد تحت أنقاض برلين الناجمة عن الحرب.

          عند اكتشافه عام خمسة وثمانين بالقرب من جدار برلين، تبين أن العنوان الأشد إثارة للخوف في أوروبا كان يقع في المبنى الثامن من شارع الأمير ألبيرت. هنا تعرض الآلاف من السجناء للتعذيب والتنكيل في زنازين الشرطة السرية الألمانية، غيستابو. هنا كانت توضع الخطط لأعمال الإبادة الجماعية في أوروبا. ومن هنا أيضا كان هنريك هيملير يرسل علماء الآثار إلى أنحاء أوروبا. ولا غرابة في أن يرفض الأثريون الألمان القيام بأعمال الحفر.

          رفضت أعداد كبيرة من علماء الآثار المشاركة في هذه الحفريات لأنها تعيد إلى الأذهان الماضي النازي، كما أن جزءا من هذا الماضي كان مواضيع بحث أثرية أجريت بإشراف الإس إس.

          جميعنا يعرف بأن الألمان لا يحبون أن يذكرهم أحد بماضيهم النازي، لأنك تستطيع القول بأن غالبية الشعب الألماني كانت متورطة بهذا التناريخ. هذا جانب من المسألة ولكن الجانب الآخر هو أن هذا الموقع بالتحديد الخاص بالغيستابو، يذكرنا بمن وضع الخطط للنظام بكامله، ومن شكل البنية التنظيمية، وبين الخطط والتنظيم، يمكن أن نرى مئات الآلاف من الألمان المتورطين في النظام. هذه موقعة وجهة النظر الأخرى التي تختلف عن الذهاب لزيارة معسكر اعتقال حيث يعتبر المرء نفسه جزءا من الضحايا وينتابه الحزن الشديد والرهبة مما أصابهم. أما في الموقع الخاص بالغيستابو فعلى المرء أن يسأل نفسه لماذا حصل ذلك؟ إنه سؤال يطرح نفسه على من فعلوا ذلك وعلى من تورطوا في النظام ودعموا

     بدون مال أو مساعدات رسمية، اقتصرت  أعمال الحفر التي جرت في شارع الأمير ألبيرت، على المتطوعين ومهندسي البناء  وحدهم.

            أعتقد أن هناك صلة دائمة بين المادة والفكرة أو المخيلة. يمكن أن تأخذ قبوا في بوباي، ولكن يجب أن تعرف أنه في بوباي. وهذا، هو مجرد جزء، من مبنى قديم هنا. إنه مجرد قبو. ولكن يجب أن نعرف بأنه كان مركزا للإس إس، وأنه كان المركز الرئيسي للإرهاب، ورعب تلك المرحلة.

          أقيم اليوم متحف مؤقت في ذلك الموقع. أدى انتشار عنف النازية الجديدة في ألمانيا إلى اقناع البعض بأن حماية المواقع المشابهة لقيادة الغيستابو والاطلاع على الدور الذي لعبه الآثار في عصر النازية، قد يساهم في فهم الدرس التاريخي بكامله.

          إذا تم وضع الآثار في الطليعة لحماية هذه المناطق وتطويرها لتصبح أداة للتعليم، سيكون في ذلك مساهمة كبرى وقد نعتبره أيضا نوع من التعويض على الدور الذي لعبته الآثار لتبرير الأفكار النازية، وتمنعها عن انتقاد للمبادئ العنصرية التي تشكل جزءا من المشروع العرقي النازي.

          المراهنة الخطيرة التي قام بها علماء الآثار الألمان مع أسيادهم النازيين، تشكل تحذيرا لجميع الشعوب في العالم. عادة ما يحاول الطغاة إعادة كتابة التاريخ بما يخدم أهدافهم الوحشية، وعلى علماء الآثار أن يرفضون التحول إلى مجرد أداة للتوصل إلى أساطير من التعجرف الخطير.

 

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster