اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 أسرار القدس
 

القدس

يعود تاريخ مدينة القدس إلى ما يزيد عن ثلاثة آلاف عام من الأسرار والغموض والأساطير.

          هي مدينة يعمل ويستريح ويصلي فيها المسلمين والمسيحيين واليهود.

          وهي تلامس أعماق الذين يأتون إليها حتى الانهيار بمعنى الكلمة.

القدس مدينة غنية بأسرار التاريخ. لقد حولها الأنبياء والملوك إلى واحدة من أقدس الأماكن في العالم.

          اعتبرها البعض محورا للعالم طوال عدة قرون.

          أما اليوم فهي مدينة محتلة يتخذها الإسرائيليين عاصمة لهم.

          تتربع المدينة فوق تلال شبه صحراوية وهي مفتاح للتفاهم بين ديانات ثلاث. فالمسلمين والمسيحيين واليهود يعتبرونها بوابة السماء. 

 يعتبرالبعض القدس محطة لقاء بين الأرض والسماء. كل هبات الله وعطاياه التي تولد الحياة والوجود في هذا العالم تدخل عبر هذه البوابة.

          حتى الحجارة هناك هي شاهد صامت على المعجزات وحكايات وأسرار الأزمنة الغابرة.

           ليس في العالم أجمع مكان آخر شهد هذا العدد الكبير من الأنبياء، لهذا يشعر المرء فيها أنه أقرب إلى الله.

 آلاف السنين من العبادات خلفت ميراث من الأسرار وسط نصبها العريقة.

          تكمن أسرار جاذبية القدس لمليار ونصف المليار مسيحي في العالم بصلتها المباشرة بالسيد المسيح.

          فقد صلب في تلك المدينة، وقام من بين الأموات.

          تعتبر كنيسة القيامة اليوم أكثر الأماكن المسيحية قداسة في العالم.

     شيدت الكنيسة فوق مقلع الحجارة الذي صلب فيه المسيح. فالصخرة التي علق عليها صليبه حملت لقب غولغاثا، أي مكان الجمجمة.

          تحاط غولغاثا اليوم بالزجاج، وما زالت تؤثر عميقا في قلوب المؤمنين من الزوار.

 حين يعلم المرء بما جرى في ذلك المكان لا يسعه إلا التأثر جدا. 

 يعتقد الحجاج أنها صخرة مباركة، فيصبون الماء عليها ويجمعونه بالخرق والحقن. ظنا منهم أن الصخرة قد باركتها.

 يعتبر البحث عن تذكار مقدس جزء من التقاليد في القدس. يقال أن أحد حجاج العصور الوسطى قد عض جزءا من الصليب الخشبي الذي علق عليه السيد المسيح عندما انحنى لتقبيله. لهذا أصبح كل شيء هناك مغطى ومحمي من أصابع اللصوص.

          ولكن في أحشاء الكنيسة، ما زالت الحجارة الأصلية عرضة لكل شيء.

هناك بعض الأجزاء كسرداب القديسة هيلين، الذي أقيم على الصخور العارية للمحجر، الذي صلب عليه السيد المسيح.

          هذا ما يمكن رؤيته ولمسه.  

 الأسرار هناك تعيدك عبر الزمن.

          تشاهد على أساس الصخور لوحة مسيحية أقدم من الكنيسة ذاتها.

          وقد كتب عليها: لقد جئنا أيها الرب.

          يقول بعض الباحثين أنها قد تكون شعارات مسيحية مبكرة حفرها حاج جريء جاء في زورق حين كانت روما تمنع المسيحية بالقانون.

          منذ ذلك الحين والزينة تملأ المكان إلى أبعد الحدود.  حيث قبر المسيح الذي شيد فوق المغارة التي دفن فيها وقام من بين الأموات.

          من الأسرار التي يصعب على القدس إخفائها، هو أنها تحتضن قبرين للسيد المسيح.

          عام ألف وثمانمائة وثمانية وأربعين أعلن الجنرال الأنجلي البريطانية شارلز غوردون ذلك المكان موقعا حقيقيا لصلب المسيح ودفنه.

             قبل الانجليين في البداية فكرة غوردون، ولكنهم اليوم  يقولون أنه لا يوجد دليل قاطع.

          قد يكون لدى الجنرال غوردون سبب سري حين روج لقبر غاردن.

          كانت الانجيلية طائفة جديدة لا يحق لها التعبد في كنيسة القيامة.

          من الأسرار الغير شائعة هو أن أربع مجموعات مسيحية طالبت بكل إنش في الكنيسة.

          الأرثوذكس اليونانيين  والأرمن و المصريين الأقباط وكاثوليك روما، قد تقاسموا المبنى فيما بينهم. 

 كي يتمكنوا من التعايش معا، وضمان تعايش جميع المجموعات فيما بينها، قرروا تقسيم المساحات والأوقات وما شابه ذلك.

           كما تم تقسيم الوقت في كنيسة القيامة. على الجميع أن يصطف بانتظار دوره للصلاة في ذلك المكان. ولكن الصلاة والأوقات لا تختلط باستمرار.

          إذا تخطت أي مجموعة وقتها في الجدول، تثار المشاكل.

          يعتقد ان هذا نموذج مثالي للعالم المسيحي. لا يمكن للجماعات المتعددة أن تعامل بعضها بسخاء، ما يثير جوا من العدوانية والشك في أرجاء المكان بكامله.

 إذا نظرت إلى أعلى  كنيسة القيامة، قد لا ترى السماء، بل ستلقي نظرة على جماعة مسيحية أخرى مخبأة  على السطح.

          يدع الحبشيين أنهم سكنوا المدينة منذ ثلاثة آلاف عام. وأنهم من أوائل الذي صلوا في موقع كنيسة القيامة.

          كانوا يقيمون في الموقع الأساسي للكنيسة.

          ولكن في القرن التاسع عشر،ـ يؤكد الأثيوبيين أنهم وقعوا ضحية أب أرثوذوكسي اسمه جورج. وهم اليوم يقيمون على السطح.

 قال جورج للأثيوبيين أنه يريد ترميم الدير. وعدهم بالعودة إلى هناك فصدقه الأثيوبيين، ولكنه عندما أنجز ترميم المكان كليا لم يسمح لهم بالدخول، وما زالوا منذ ذلك الحين يسكنون على سطح كنيسة القيامة.

 يؤكد الأثيوبيين أنه لصب الملح على الجرح استعان الأقباط المصريين بحجة انتشار وباء ما لحرق ممتلكاتهم بما في ذلك صك الملكية.

وما زالوا يلعقون مرارة خسارتهم.

          تتماسك غرف سكنهم بالمسامير الصدئة وأغطية الزجاجات. وبما أن الصكوك قد أحرقت، لا يحق لهم إصلاحها.

 غالبية الرهبان يمرضون هناك، خصوصا في فصل الشتاء،  حين تدخل المياه إلى الغرف ولا يسمح لهم بإصلاحها.

 تعيش جماعة السطح في عزلة، ولكنها استطاعت الحفاظ على التقاليد.

          تستغرق شعائرهم الدينية فترات طويلة، لهذا يستعينون بعكازات أعدت خصيصا ليتكئون عليها.

 في السابعة مساء، وأثناء قيام الأثيوبيين بالصلاة تقفل أبواب كنيسة القيامة.

          وفي هذه العملية تجد سرا آخر من أسرار القدس.

          تتولى مهمة حراسة بوابة أهم الأماكن المسيحية قداسة في العالم عائلة مسلمة منذ تسعمائة عام.

  تولت عائلة نسيبة حراسة البوابة منذ استعادة القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي القدس من الصليبيين.

 أعطيت المفاتيح للمسلمين من قبل صلاح الدين الذي دخل القدس في تشرين أول أكتوبر من عام ألف ومائة وواحد وثمانين. منذ ذلك الحين والمسلمين يسيطرون على مدخل المبنى.

          كان ذلك يعني في الماضي السماح للمسلمين بفرض الجزية على كل مسيحي يدخل الكنيسة.

 أما اليوم فالوجود الإسلامي يجلب السكينة والاستقرار للانقسامات المسيحية العنيفة أحيانا.

 يعتبر هذا من أقدس الأماكن في العالم. والكل يريد الحصول على قطعة منه.

          المسلمون لا يواجهوا المشاكل مع أحد لهذا يقفون دائما على الحياد.

           للقدس رباط وثيق في أعماق الماضي بألغازه وتصوفه.

          السير في شوارع المدينة القديمة يمنح  المرء شعورا بالعراقة، كل المباني هناك صنعت من صخور محلية.

          في تلك الصخور تكمن أسرار قداسة المدينة.

          هذا ما يدعي بعض اليهود أنه جبل موريا الذي توج بقبة الصخرة منذ القرن السابع، ويدع اليهود قداسته منذ أربعة آلاف عام.

          يدعي البعض أن العهد القديم يورد اسم هذا الجبل كونه المكان الذي صعد إليه  إبراهيم عليه السلام للتضحية بابنه، حين تدخلت القدرة الإلهية، واصبح المكان موقعا للتحدث مع أتباعه.

          يعتبر إبراهيم عليه السلام نبيا للمسلمين والمسيحيين واليهود.

          ويدعي بعض اليهود أن أحد ملوكهم قرر بناء معبد في ذلك المكان.

          ويقولون أن الملك داوود  كان أول من وضع القدس على الخريطة.

          وهم يدعون أن داوود لم يدخل المدينة بالقوة أو الحصار، بل عبر أنفاق مياه سرية تسلل منها ليعلن القدس مدينة تحمل اسمه.

          وما زالوا يزورون اليوم قبر داوود ويكرمونه.

          تقول أساطيرهم أن داوود كان حارسا لتابوت العهد، يشكل موقعه أحجية أثارت الجدل في جميع العصور.

 يعتبر تابوت العهد من أقدس قطع الأثاث لدى اليهود، وهي على شكل صندوق فيه لوحتين نقشت عليهما الوصايا العشر.

 يدع اليهود أن سليمان الحكيم ابن الملك داوود قد اتخذ على عاتقه مهمة بناء معبد يضم الصندوق الثمين.

 يقولون أن سليمان  قد شيد المعبد في أعلى جبل موريا، وهي التلة التي شيدت عليها قبة الصخرة المقدسة لدى المسلمين.

  يرد في العهد الجديد أن غرفة تتوسط معبد سليمان قد أقيمت في أعلى إحدى الصخور، وقد عرفت هذه الغرفة بأقدس المقدسات، ذلك أنها تحتوي على تابوت العهد.

          يقال أن معبد سليمان قد دمر على يد البابليين عام خمسمائة وستة وثمانين قبل الميلاد، ما أدى إلى اختفاء الصندوق. تقول إحدى الادعاءات المغرضة أنه قد يكون مخفيا في أحد السراديب تحت قبة الصخرة.

          ما زال صيادو الكنوز يبحثون عنه في كل مكان.

  ما زال المعبد المفقود أهم الأماكن المقدسة لدى اليهود. ولكنهم يأتون بالآلاف إلى حائط البراق للصلات معتقدين أنه يحتوي على أسرار ديانتهم.

 يعتبر اليهود ذلك المكان أقدس الأماكن اليهودية في العالم،  وهم يعتبرون أن المعبد يقع خلف الجدار ، لهذا يتوجه اليهود في العالم أجمع نحو القدس، كما يتوجه اليهود في القدس نحو الجدار.

 ولكنهم هناك لا يتجهون إلى معبد سليمان. بل يوجهون صلاتهم إلى جدار عال شيد من الصخور الهائلة.

          يدع اليهود أنهم يصلون أمام الجدار الغربي لقسم صغير من المعبد الثاني الذي أقيم في الجوار قبل ألفي عام حين كانت المدينة تحت الحكم الروماني.

          يدعون أن المعبد الثاني يتألف من مبنى هائل مليء بالأسرار. وكان العقل المدبر وراء بنائه هيرودوس العظيم، قيل أنه حاكم قاس ومهندس عبقري.

 يدع اليهود أنه كان المعبد الوحيد لديهم. يمكن أن تجد الكثير من معابد عدد من الآلهة في الأبيض المتوسط، أما اليهود فيقال لديهم معبدا واحدا، ويبدو ان هذا ما جعله مميزا شهيرا وقد أدهش الجميع.

 كان كبار الكهنة وحدهم يعرفون أسرار المعبد. كان المدخل محاط بكروم ذهبية، تستعرض ثراء المعبد الذي تبرع به الأغنياء من أتباعه.

          وكان في داخله ستار عملاق عرضه ستين قدم، وارتفاعه مائة وعشرين قدم،  يضم أقدس المقدسات اليهودية ما جعلته يختلف عن بقية المعابد.

  عادة ما كانت المعابد في القدم تتألف من عدة قاعات متتالية حتى يصل المرء إلى قاعة متوسطة فيها صورة عن الإله أو نسخة عن الآلهة التي تعبد فيه.

          وعندما تدخل إلى معبد يهودي تعبر جميع القاعات وعندما تصل إلى القاعة المقدسة لا تجد فيها شيئا.

   لا شيء يحل محل تابوت العهد الضائع، ومع ذلك يصرون على أنه كان هناك.

          يقال أن المعبد الثاني كان هائلا وكأنه سيبقى إلى الأبد. ولكن الحكم الروماني لا يضمن شيئا.

          بعد أربع سنوات من اكتمال البناء قامت روما بتدميره عقابا لليهود على تمردهم.

          يتحدثون عن إبادة أربعين ألف يهودي، وطرد البقية من القدس. سمح للطائفة  التي اتبعت المسيح بالبقاء. تقول الأساطير أنهم ميزوا أنفسهم عن اليهود باختيار يوم الأحد عطلة بدل السبت.

          يمكن العثور على ميراث المسيح في أرجاء مدينة القدس، فقد صلى مرات عدة في جبل الزيتون مع أتباعه. أما اليوم فقد تحول المكان إلى موقع يمكن التعرف فيه على الكائنات البرية المحلية.

          ولكن هناك أماكن قلما يعرفها السياح في القدس.

          تأتي الدكتورة جوانا بيترونيلا  منذ عشرة أعوام بالحجاج المسيحيين إلى هناك لمنحهم لحظات  مقدسة في حياتهم.

  لا يقتصر المجيء إلى هناك على مشاهدة الأماكن، مع أن هذا ما قد يفعله الكثيرين، ولكن إذا فتح المرء قلبه، للقوة التي هناك يمكنه تلقي الكثير من الله.          

            كهنوت الدكتورة بيترونيلا الشهيرة في جبل الزيتون، تدفعها إلى أخذ الحجاج نحو مستويات أخرى.

          فهم يقفون على آثار خطى المسيح.

          ولكن هذا لا يدوم.

          فالقدس تتملكهم في سحرها.

 عند أسفل التل يقع بستان الزيتون الذي يقال بأن هودا قد خان المسيح فيه.

  من أسماء البستان معصرة الزيتون، الأشجار الصغيرة هناك ما زالت تحمل الثمار.

يقال أن ذلك الزيتون يحمل إلى الباب في روما، أما الحقيقة فهي ان غالبيتها تبقى في القدس، حيث تُصنع المسابح من بذورها.

لم يتغير الحي العربي في القدس منذ مئات السنين. مجرد نزهة في شوارع الحصى تفتح أمامك نمطا من الحياة لا يعترف بالزمن.

  حين تخرج في الصباح الباكر سوف تجد أسرار القدس الحقيقية، انه المكان الذي يخرج فيه السكان المحليين للتسوق. سترى نساء القرى يأتين لبيع الخضار.

          سترى كبار السن يأتون بكوفياتهم لشراء حاجاتهم اليومية وسترى الأطفال يذهبون إلى المدارس.

          حتى تباغتك رائحة الأسواق.

          أعتبر صوت المؤذن من الأشياء التي تجعل من القدس مدينة عربية. إنه صوت يلازمك عميقا.

ينطلق صوت الأذان في أرجاء القدس خمس مرات في اليوم.

   يأتي صوت الآذان لينقلك من حالة إلى أخرى، فهو يلامس القلب قبل الأذن، وكأنه يجهز الناس فهو ينقل المرء من حياة الدنيا والأعمال والأشغال ليشعر بأنه على اتصال دائم بالخالق.

  ينفرد الإسلام بالإجلال في التعبير، ولكن قلة يعرفون أسرار المؤذنين.  

          فهم يسعون في العالم أجمع على تقليد الأسلوب الفريد لأول مؤذن دعا إلى الصلاة وراء النبي محمد عليه الصلاة في القرن السابع.

          وكان هذا المؤذن هو بلال، الذي كان من التابعية الأثيوبية.

  سأل بعض الذين يصلون خلف الرسول قائلين أنه يعجز عن لفظ بعض الأحرف كما يجب،  فلماذا تأتي به للقيام بذلك؟ فرد بالقول لأن في قلبه إيمان وصدق عميقين.

  الجمعة يوم العطلة لدى المسلمين، يأتون فيه للصلاة في الجامع.

          يجتمع الآلاف خلال شهر رمضان  للصلاة في جامع الصخرة الذي يعرف أيضا بالحرم الشريف.

 هناك بعد الأماكن في العالم تثير شعورا عميقا، ويعتقد أن قبة الصخرة والحرم الشريف بعضا منها، حيث تشعر أن الحاجز بين السماء والأرض قليلا، هذا ما يشعر به المرء أيا كان.

 تغلب قبة الصخرة على مشهد الحرم الشريف، وهو من أقدم المباني الإسلامية، إذ شيد في القرن السابع، أي بعد ستمائة عام من طرد اليهود من القدس.

 أخرج اليهود من القدس على يد الرومان، ولم يتمكنوا من العودة بعدها. وقد أهمل المسيحيون معبد اليهود كليا خلال العصر البيزنطي حين استعمل مكبا للنفايات. وقد استاء المسلمون من ذلك معتبرين أنه يجدر المسيحيين حماية الأماكن المقدسة لولادة الديانة التي تعرف باليهودية.

          وقد منح المسلمون للقدس عددا من المباني الجميلة أكبر من أي شخص آخر بما في ذلك هيرودوس العظيم.

            شيدت تلك القبة لتضم الصخرة التي صعد منها النبي محمد عليه الصلاة في ليلة المعراج إلى السماء، أي أنها موقع ديني مقدس ولم تُشيد كهدف سياسي كما يدعي البعض.

   يعتقد أنه بناء يؤكد مكانة الإسلام فحجم القبة الهائل لا يقل شأنا عن كنيسة القيامة، وكأن المسلمين أرادوا بذلك أن يثبتوا قدرة الإسلام وأنه لا يقل شأنا مما سبقه من ديانات بل هو أكثر عظمة منها.

  القبة مغطاة بالذهب وكتابات الفسيفساء.

 وكأن الكتابات المرصعة حول القبة موجهة إلى المسيحيين واليهود وغيرهم لتقول ها نحن هنا وقد جئنا بالقوانين لمن يريدون اتباع دعوة محمد لعبادة الله سيكونون بخير.      

  الصخرة هي المكان الذي صعد منه محمدا ليلا   إلى السماء.

          وقد غادر الصخرة ليجول في أرجاء الجنة والسماء. حتى وصل إلى السماء السابعة.

          وتؤكد بعض المصادر أنه  تلقى هناك قواعد الصلاة وفروضها.

 يقال أنه قد بُلغ هناك بمواعيد الصلوات الخمسة كي لا يرهق عباد الله بصلوات أكثر قد لا يحتملونها.

 يتوجه المسلمون اليوم نحو مدينة مكة المكرمة المكرمة. مع أن القدس كانت في البداية قبلة المسلمين جميعا.

 يكمن سر القدس في أنها كانت أولى القبلتين، كان النبي محمد وأتباعه يتخذون القدس قبلة لهم في الصلاة طوال أحد عشر شهرا.

          وهكذا أصبحت قبلة المسلمين مدينة مكة المكرمة حيث بيت سيدنا إبراهيم عليه السلام والكعبة المقدسة.

          ولكن القدس ما زالت تجلب الناس من جميع أرجاء العالم.

   للمدينة تأثير مباشر على نفسية الحجاج.

  كأن الروح القدس تجسد حضور المسيح  بينهم، حتى يشعر المرء بكل شيء وكأن المسيح معهم وأنهم يعيشون التجربة معه.

  للمدينة تأثير عميق على عقول الحجاج لدرجة أنهم أحيانا ما يحتاجون إلى علاج نفسي.

   للمدينة دور فريد في العقل الباطني لكثير من الناس. إذ يرى الكثيرون في القدس بوابة السماء على الأرض.  هي المكان الوحيد الذي يتحدثون فيه مع آثار السيد المسيح والسيدة العذراء.

 يدير الدكتور يار باريل عيادة خاصة في القدس لمعالجة السياح الذين يتأثرون بالمدينة حتى الجنون، وهم يعتقدون أن القدس مدينة مميزة تمتاز بقوى مميزة. وهناك حالات مرضية تعرف بأعراض القدس.

  يأتي البعض إلى القدس كسياح عاديين، ثم يصابون هناك بردود أفعال نفسية هائلة من الهواجس الإلزامية التي تسمى أعراض القدس.

   تشمل هذه العوارض ارتداء ملابس بيضاء والغناء بأصوات عالية والاعتقاد بأنك تحمل رسالة بالغة الأهمية إلى الله لدرجة التصرف بعنف إن قاطعك أحدهم.

 يمكن القول عموما أن جميع السياح يعانون من أعراض القدس لأنهم يرون في القدس جاذبية فريدة، وكأنها خشبة مسرح يجب أن يمثلوا عليها، وكأنهم يجسدون ما في الإنجيل من أفكار دينية تتسم بالطابع السياسي في المدينة وما شابه ذلك.

  لكن الأعراض لا تدوم طويلا حسب الدكتور باريل، حتى أن السائح يغادر المدينة كما جاء إليها. ومع ذلك فهو يتصل بهم للتأكد من ذلك.

  يدخل المستشفى أكثر من مائة مريض سنويا، حفنة قليلة منهم يبالغون جدا في ردود أفعالهم تجاه المدينة.

          تتحدث بعض ملفات الدكتور باريل عن أشخاص ادعوا أنهم أنبياء ومخلصين.

          حتى أن أحد مشاهير المرضى ظن أنه شمشون الجبار.    

  يعتقد شمشون الجبار أن عليه الوصول إلى القدس لتغيير موقع إحدى الحجارة المقدسة. قال أحد الأطباء له: لست شمشون لأن شمشون لم يأت إلى القدس، فغضب جدا وحطم إحدى النوافذ ولاذ بالفرار.

 يرى من يستيقظون باكرا جموع اليهود المحتشدين على الجدار الغربي المعروف بحائط البراق والذي يعتبرونه مكانا مقدسا لهم.

هناك لحظات تشبه السحر صباح كل يوم . تأتي مجموعات متنوعة من اليهود للصلاة هناك قبل بزوغا الفجر بخمس وعشرين دقيقة حتى بلوغ لحظة الذروة في الصلاة  عبر لحظة الصمت مع بزوغ الفجر.

 عند حدوث ذلك تتوقف جميع الحركات في آن معا.

          الصمت الذي يسيطر فجأة على ذلك المكان يشبه السحر، لا تخترقه إلا زقزقة العصافير. يهمس الجميع هناك وكأنه كما يعتقد على مقربة من الله فلا داعي لرفع صوته. لا يعتقد أن ما يحدث هناك يتكرر  في أي مكان آخر من العالم.

          يبدأ يوم العطلة لدى اليهود من مساء الجمعة حتى مساء السبت. ولكن قبل أن يبدأ  يوم العطلة هناك أسرار يكشف عنها عند الجدار.

          يبعث اليهود من حول العالم برسائل إلى الله، وهي بأعداد كبيرة جعلت السلطات الإسرائيلية تقيم مكتبا خاصا بها.

          توضع هذه الرسائل فيما يسمونه بالجدار الغربي.

          أما ساعي البريد فهو بن مير. 

  يكتب الناس إليه من جميع أرجاء العالم بحوالي تسعين لغة. عادة ما يطرحون على الله أسئلة متعددة، ويطلبون منه المساعدة. لهذا يحمل جميع تلك الرسائل إلى الجدار.

    من أسرار الجدار أنك تستطيع الكتابة إليه عبر شبكة الإنترنت وعلى العنوان التالي: www.westernwall.org ، ليتولى بين ماير حمل البريد الإلكتروني، ولكن التواجد هناك أمر يختلف كليا.

  ذلك المكان يأتي إليه الكثيرين للتحدث إلى الله، ويطلبون منه ما يشاءون. يطلبون منه سيارة جديدة أو شقة أو زوجة أو زوج أو طفل بصحة جيدة أو الصحة لأنفسهم أو كل ما يتمنون، وهم يعتقدون أن الحوار معه من هناك حوار أكثر واقعية ومباشر جدا.

   ساعة المغيب يوم الجمعة، تقفل المحلات اليهودية في القدس أبوابها التزاما بقانون السبت.

          يتراكض آخر ركاب وسائل النقل العام قبل توقفها عن العمل أربعة وعشرين ساعة.

          تقفل الشوارع بكاملها في المناطق الأرثوذكسية التي تطبق فيها قوانين السبت بشدة بالغة.

  لا يمكن القيام بعمل إبداعي يوم السبت. يتوقف العمل الإبداعي لأن الله توقف عن الخلق في اليوم السابع. 

 مع توقف العمل يحتشدون بأعداد كبيرة أمام الجدار.

  يأتي الناس إلى هناك بأفضل ما لديهم من ملابس، يرتدون أفضل البزات ويعتمر أفضل القبعات. فهو يوم عطلتهم.

   مع غروب الشمس تنطلق صفارة السبت.

  تسمع القدس بكاملها الصفير، ويدرك اليهود أن وقت العمل المبدع قد توقف. وهكذا تشعل ربة المنزل شموع السبت. وتتوقف جميع الأعمال في المنزل منذ تلك اللحظة.

  القدس مدينة أسرار تثير اهتمام جزء مميز من عامة الزوار. هم الأموات.

          ترسل جثامين اليهود الأرثوذكس إلى مطار تل أبيب من جميع أرجاء العالم، وهم يصلون بالمئات كل عام.

         يستقبل الكاهن غيليبستين الأموات حال وصولهم، ويعبر بهم حاجز الهجرة.

          يرأس الكاهن جمعية المدافن في جبل الزيتون.

  مهم لليهودي أن يدفن في الديار المقدسة، وتحديدا في جبل الزيتون في مدينة القدس التي يعتبرها من أكثر الأماكن المقدسة لديه.

  أصبح جبل الزيتون مقبرة شاسعة، كما انه من نخبة العقارات. يصل ثمن القبر فيه إلى ثلاثين ألف دولار. وهم يطمحون للدفن هناك لاعتقادهم أن هذا سيجعلهم في أول المصطفين يوم الحساب، الذي يعتقدون أنه سيتم في القدس.

   دفن المرء في جبل الزيتون يشبه حصوله  على المقعد الأمامي، أي أنه على أقرب مسافة ممكنة من الأحداث الجارية يوم الحساب.

  تنتشر مئات الآلاف من القبور الممتدة على حدود الجدار. ولكن لا داعي لأن يكون المرء يهوديا حتى يسعى لأن يدفن في القدس.

  الدفن في القدس مهم للديانات الثلاث. يكفي أن تذهب إلى  جبل الزيتون، لترى المقبرة اليهودية على جانب من الوادي ومقبرة المسلمين على الجانب الآخر وفي القاع مقبرتين للمسيحيين.

          يعتقد أن هذا ينبع من اعتقاد يقول بأن البشرية سوف تجتمع هناك يوم الحساب حيث تكثر المقابر وهم  يراهنون على أنهم سيحاسبون في  الصباح  الباكر حين يكون المخلص منتعشا بعد، أما الذين يأتون من إنجلترا مثلا، فسيصلون في وقت متأخر يكون فيه متعبا عطشا ليفرض عليهم عقوبات أكبر.

  أما دور القدس في المستقبل فهو سر لن يكشفه إلا الزمن. ولكن أساطير يوم الحساب هناك كثيرة.

          يعتقد الكثيرون أن أرواح الموتى ستنهض يوم الحساب وتأتي إلى القدس. ولكن ليس للسياحة.

          تقول التقاليد المسيحية أن الأبواب الذهبية الموصدة سوف تفتح ليعبرها المسيح نحو جبل الهيكل.

   سيأتي المسيح ويسير عبر الوادي نحو المدخل الشرقي للهيكل. ويحتل مكانته كملك الملوك بلا منافس.

  تقول الأساطير اليهودية أن جسرين سينطلقان من جبل الزيتون، الأول من حديد والثاني من ورق.

          سيعبر الصالحين الجسر الورقي، أما المؤمنين بالحياة الدنيا فسيختارون الحديد.

          سيتحطم الجسر الحديدي كليا ليغوص كل من عليه في النسيان.

          يقال أن للحرم الشريف سر إسلامي  ليوم الحساب.

          تحيط بقبة الصخرة مجموعة من الأقواس تعرف باسم القناطر.

  يقال أنها ستكون الأماكن التي يعلق عليها ميزان العدل يوم الحساب. حين تزان قلوب الناس بريشة الحق.

   يعتقد البعض أن يوم الحساب قد أصبح وشيكا.

  يوم الفصح، حيث يجتمع آلاف المسيحيين حول كنيسة  القيامة، والمكان الذي قام فيه المسيح من بين الأموات.

          هذا السر الكامن وراء معجزة قد لا تكشف المدينة عنه أبدا. ولكن الذين يحتشدون هناك يتمنون رؤية معزات تخصهم.

          يأتون لملامسة بعضا من النيران المقدسة، وسط مراسيم عمرها ألف ومائتي عام تضع نور المسيح بين أيديهم.

          يعتقد الحجاج هناك أنه  في الثانية عشر ظهرا ستنزل من السماء ريشة من نار مقدسة. لتظهر في ضريح المسيح.

          وجيه نسيبة، بواب الكنيسة المسلم، يشرف على مراسيم ختم الضريح الشمعي.

  يطلبون منه وضع ختمه باسم العائلة، ويقولون انه بدءا من تلك اللحظة لا يحق لأحد دخول الضريح.

  ينتظر الكثير من هؤلاء الناس تلك اللحظة طوال حياتهم.

          يأتي بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية  الأكبر لتقبل الوهج.

          فيدخل إلى ضريح المسيح بمفرده.

          لا أحد يعرف ما سيحدث إذا تخلف اللهب عن الظهور.

          يطفئ الكهنة الأنوار لتغرق الكنيسة في الظلام.

           يمر اللهب من شمعة إلى أخرى حتى تعم النار أرجاء الكنيسة بكاملها.

 النار المقدس الذي يتلقونه من  كنيسة القيامة يرمز إلى نور القيامة.

     ولكن هل يأتي اللهب من الله كما يدعون؟

          لا أحد يعلم إلا البطريرك. وهو لا يخبر أحد.

 يعتقد أنه عمل مشترك. يعتقد أن اللهب ينجم عن الاحتكاك العادي بين اليونانيين والأرمن.

  ولكن المعجزة بالنسبة لأشخاص كالأسقف نيكوفوروس، لا تكمن باللهب.

  ليس مهما بالنسبة لهم كيف يشتعل اللهب بل ما يرمز إليه.

 يأخذ الحجاج الشعلة إلى أوطانهم حيث تستعمل في بركات الكنائس.

          يتمكن البعض من إبقائها مضيئة طوال حياتهم.

          وما زالت القدس تلهب قلوب جميع المؤمنين.

لا شك أنا أكبر أسرار المدينة قد دفنت مع ديانات بدأت هناك.

          زيارة الشوارع القديمة والمباني الدينية تُشعر المرء بأن طاقات المدينة تدفعه قدما، لتجعله أشد قربا من أسرار القدس.

 

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster