اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 12 اكتوبر 1492 اكتشاف أميركا أم محنة الشعوب الهندية الأصلية؟
 

تشافيز

طلب الرئيس الفنزويلي هيوغو تشافيز من الشعوب الشقيقة في أميركا اللاتينية، أن تعيد النظر في التاريخ "حتى لا نبقى نقدم التكريم والخضوع والشرف للذين ارتكبوا أعظم الفظائع في تاريخنا المعروف".

وأعلن: "في فنزويلا لن نقوم بتكريم الفاتحين في 12 أكتوبر، بل ان ذلك التاريخ هو بداية الإجرام بحق الشعوب الهندية الأصلية"، وأضاف: "ان تعبير اكتشاف أميركا " في 12 أكتوبر 1492 هو اكبر عملية تزويرفي التاريخ".

منذ أن كان طفلاً لم يشارك تشافيز في الإحتفالات لتكريم كريستوفر كولومبوس، وقال معلقاً على ذلك: "لقد علمونا، بالرغم من كل ما حدث، أن نعجب بالفاتحين، وان نتجاهل بطولات الشعوب الهندية الأصلية في هذه الأرض، وبشهدائهم الذين دافعوا عن وجودهم"، وأردف قائلاً: "إذا أردنا ان نلاقي إشعاعات النهضة لمستقبلنا، يجب أن نفتخر بتاريخنا في أرضنا الأم - الهندية. أي في أرضنا الأم - أميركا".

عام 2002 أصدرت الحكومة الفنزويلية قراراً باعتبار الثاني من أكتوبر هو يوم "مقاومة الشعوب الهندية الأصلية"، فانتهى بذلك التقليد المتبع بالاحتفال بذكرى اكتشاف أميركا، والذي درجت العادة على تسميته في أميركا اللاتينية "بيوم العرق (RAZA) الذي نشأ بتمازج العرق الإسباني الأوروبي مع العرق الهندي". أما في الولايات المتحدة وكندا فيسمى بعيد اكتشاف أميركا، وفي إسبانيا يحتفل بيوم "اسبانيا - أميركا".

ان قرار فنزويلا يؤسس لمرحلة جديدة في النظر الى تاريخ القارة، على رؤية حقيقية لثقافتها وتاريخها، من وجهة نظر أصحابها، وليس من خلال النظرة الأوروبية الإستعمارية للفاتحين و إملاءاتهم الثقافية.

أصرّ الأوروبيون على اعتبار اكتشاف أميركا عملاً بطولياً لاسبانيا الكاثوليكية، التي جعلت الآلاف من الهنود الحمر يعتنقون الكاثوليكية، وأنقذتهم من "دموية" هنود الأزتيك والمايا، الذين كانوا يقومون بتقديم أضاح بشرية. ولكن وقائع التاريخ جاءت بعكس هذه الإدعاءات لما سببته من مآسٍ مرعبة ومذابح وإبادات بحق السكان الأصليين، من اجل السيطرة والحصول على الثروة والذهب، على انقاض القيم المسيحية التي استبيحت لمصالح الطامعين.

يقول تشافيز: "إن كولومبوس هو قائد الاجتياح، وهو المؤسس لتلك المذبحة الكبرى، فيجب التوقف عن تسمية 12 أكتوبر بيوم العرق (raza) لأن في ذلك تكريم لمن قاموا بأفظع المذابح... انه لم يكن اكتشافاً بل مجزرة".

عام 1992 سعت الحكومة الإسبانية لإقامة احتفالات كبرى تشارك فيها دول أميركا اللاتينية لمناسبة مرور 500 سنة على اكتشاف أميركا. ولكن تلك المحاولة باءت بالفشل، إذ جاءت ردود فعل الشعوب في أميركا اللاتينية عنيفة وعلى لسان العديد من المنظمات والجمعيات الشعبية، جرى التنديد بهذه الذكرى، واعتبر البعض أن يوم "اكتشاف أميركا" يجب أن يكون يوم حداد، لما جلبه الحدث من ويلات على السكان الأصليين. وبذلك فشلت كل التدابير لإحياء تلك المناسبة.

في إحدى المناسبات التي جمعت قادة من أميركا اللاتينية وملك اسبانيا في باناما، كان تشافيز يتحدث عن مآسي الشعوب الأصلية في التاريخ. فنظر ملك اسبانيا بغضب ، وما كان من الرئيس تشافيز الا أن قال له: "ليست المسألة معك يا جلالة الملك، بل مع فرناندو السابع في القرن السادس عشر".

لم تكن القارة الأميركية مجرد مساحات جغرافية خالية جرى اكتشافها، بل كانت مأهولة بالمئات من الشعوب والممالك والحضارات الهندية. ويقدّر بعض الباحثين أن عدد الشعوب الهندية الأصلية زمن وصول كولومبوس، كان يتجاوز ال 70 مليون نسمة. ومن الجدير بالذكر ان كولومبوس كان يؤمن بأن هذه الأرض ليست سوى آسيا وقد مات وهو يعتقد ذلك.

ومع وصول كريستوفر كولومبوس الى القارة الجديدة أخذت الدول الأوروبية الأخرى (إسبانيا البرتغال - انكلترا - فرنسا وهولندا) تندفع في بعثاتها الى القارة، مستولية عليها قطعة قطعة. فبالنسبة للأوروبيين، كان هذا الأمر اكتشافاً واستيلاءً على أراض جديدة ضمت الى ممالكهم، أما بالنسبة للسكان الأصليين فالأمر كان اجتياحاً مرعباً جرى عبره القضاء على حضاراتهم، وتجريدهم من أراضيهم، واستعبادهم، وفي أحيان كثيرة إبادتهم.

فمثلا، هناك حضارة "الإنكا" المزدهرة في جبال الأنديز امتداداً الى مناطق الأمازون التي بالرغم من قبول ملوكها الخضوع لملك اسبانيا واعتناق الديانة المسيحية، قام القائد الإسباني فرنسيسكو بيسارا، الذي أصبح نائباً للملك في البيرو، بنقض الاتفاق وقتل ملوك الإنكا وقادتهم، ثم قام بنهب كنوزهم، وتدمير حضارتهم، واستعباد شعوبهم في مناجم الفضة. كما لاقت حضارة المايا نفس المصير في جنوب المكسيك وغواتيمالا، وكذلك حضارة الأزتيك، والمئات غيرها من الأمم والشعوب الهندية في سائر أرجاء القارة الأميركية.

منذ وصول كولومبوس عام 1942 وحتى 1726 جرى التعامل مع الهنود على أساس قانون التلزيم (encomienda) . وهو ينص على أن يلتزم أحد القادة الإسبان شعباً هندياً معيناً ويقوم بالعمل على إحلال الدين المسيحي والحماية مقابل الحصول على جزية من الهنود، من ذهب أو فضة أو سلع أخرى، أو يد عاملة على أساس السخرة. وفي ظل هذا القانون جرى تجريد الهنود من الأراضي الصالحة، واستيلاء الفاتحين عليها، واستعباد الشعوب الهندية بالسخرة واستباحة حياتهم وممتلكاتهم ونساءهم. فمات العديد منهم بالمجاعة والمرض، حتى ان البعض كانوا يسخرونهم للعمل دون إعطائهم الطعام، وعندها يموتون، يأتون بغيرهم، في أبشع عملية وحشية في التاريخ. وما تزال آثار المناجم التي زهقت فيها أرواح ملايين الهنود، ماثلة للعيان في سائر أرجاء العالم الجديد. فمن اجل الحصول على الذهب والفضة جرى استباحة كل شيء. يقول أحد المفكرين الهنود: "إن الفاتحين كانوا يعبدون "مامون" (الثروة) وليس المسيح الذي باسمه ارتكبوا بحقنا أعظم الفظائع".

في الواقع، كان كل هم ملوك أوروبا وقادتها الحصول على الذهب والموارد، لملء خزائنهم وتمويل حياة البذخ في البلاطات، وهذا ما حكم تصرفاتهم حيال السكان الأصليين. فبالرغم من نداءات بعض رجال الدين والمصلحين، نجح ملوك أوروبا في إخضاع الكنيسة لمشيئتهم ومصالح مشاريع الاستيلاء على الثروات. فباسم المسيحية قاموا بكل ما يناقض قيم الدين والأخلاق الإنسانية. واليوم ترتفع أصوات كثيرة من رجال دين محترمين، متضامنين مع قضايا الهنود الأصليين، لتنتقد جوانب التاريخ المظلم والممارسات التي استغلت الدين لمصالح الأطماع بالثروة.

وفي الولايات المتحدة كان مصير الهنود أشد فظاعة من سائر أرجاء القارة. فالفاتحون الانكليز تعاملوا مع الهنود على أساس أنهم العرق الملعون. واعتبروا أن أميركا هي أرض الميعاد لشعب الله المختار، الأبيض الأوروبي، أما الهنود الأصليون، فإنهم الكنعانيون، مستحضرين بذلك ما ورد في العهد القديم (التوراة). فاعتبرت مسألة الإبادة عملية مقدسة مباركة من الله. ولم يبق من عشرات الملايين من الهنود سوى جماعات لا تتجاوز المليونين يعيشون في حالة من البؤس، وهم بمعظم موجودون في صحراء أوكلاهوما. ويوجد اليوم عشرات المجلدات التي تروي الفظائع التي ارتكبت من عمليات الإبادة ضد الهنود.

أما في أميركا اللاتينية، فقد جرى التعاطي مع الهنود على أساس استغلالهم واستعبادهم، وقد أنتج ذلك تمازجاً أنشأ شعباً خليطاً من الهنود الأصليين، والإسبان، والزنوج الذين استقدموا كعبيد أرقاء. وهذا المزيج هو اليوم أكثرية في معظم دول أميركا اللاتينية (Mestizos). أما الهنود الأصليون فمتواجدون بنسب متفاوتة في مناطق القارة، وهم يشكلون الغالبية السكانية في دول مثل غواتيمالا، البيرو، وبوليفيا، ونسبة عالية في التشيلي، والمكسيك، والإكوادور، وغيرها. وجميع هؤلاء الهنود الأصليين يعتبرون الأكثر فقراً بين السكان، ومن بينهم يبرز قادة، ومفكرون ورجال دين ورؤساء جمهوريات ك"إيفو مورالس" رئيس بوليفيا، وآخرون في دول أخرى.

في الحقيقة إن أميركا اللاتينية بدأت اليوم تكتب تاريخها وترسم معالم شخصيتها الثقافية. وأخذت تزيل خطوة بعد خطوة، تلك التشوهات التي طبعت حياة شعوبها، وأخضعتها على مدى عدة قرون، لإملاءات أوروبا الاستعمارية، وعمليات التزوير الثقافي والتاريخي. وعن تلك الحقبة الملمة من تاريخ أوروبا بحق هنود القارة الأميركية، يقول الرئيس تشافيز في تعبير بليغ ومختصر: "إن أوروبا الاستعمارية يجب أن تعتذر من سكان أميركا الأصليين".

--------------------انتهت.

د. غالب نور الدين، لبنان منزل:9615410162
                                                   عيادة: 9615557354
                       بريد الكتروني:gnoureddine61@yahoo.com

  الكاتب:

تحولات العدد 38

  المصدر:

14 كانون الثاني (يناير) 2009

  تاريخ النشر:

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster