|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
شعب الغواهيرا
تميز الرسائل المنقولة عبر الأحلام الحياة اليومية لدى هنود الوايو
المعروفين أيضا بلقب الغواهيروس. تعيش أرواحنا التجارب التي نحلم بها.
تسافر أرواحنا نحن هنود الوايو أثناء النوم، تنفصل عن أجسادنا لتجول في
الشوارع والتلال، حيث تتواصل مع الأشباح.
وايو/ طريق الأحلام
تعالوا معنا، واصغوا إلى هذه الأغنية التي تحمل قصة. تحتوي هذه القصة
على حلم كالكثير من حكايات شعب الوايو. نحن أبناء الوايو ننشد القصص
بلغة الهايشي. الأغنية التي نسمعها تحكي قصة رحلة دليلها الحلم. إنها
قصة امرأة اسمها خواكينا وهي من نساء قبيلة إبوانا التابعة للوايو.
تبدأ خواكينا رحلتها في أسواق لوس فيلوس، حيث اشترت هدايا
لعائلتها في غواهيرا العليا. من عادة أبناء غواهيرا تقديم الهدايا لمن
يقومون بزيارتهم. لا يقوم ابن الوايو بزيارة خاوي اليدين.
أصاب ابن خواكين عضو في قبيلة أخرى بجروح أثناء المواجهات،
فقرروا تفادي الانتقام بحل المشاكل بينهم وفق التقاليد. تعتمد إحدى
قوانين غواهيرا على مبدأ التعويضات، الذي يمنح الجريح بأي طريقة كان حق
التعويضات على شكل أموال أو حيوانات أو ممتلكات.
لهذا السبب على قبيلة إبوانا أن تدفع مبلغ يوازي ثلاثمائة
دولار بالبوليفار للشخص الجريح، وعلى خواكينا أن تحاول جمع المبلغ
بمساعدة آخرين من القبيلة.
سكنت قبائل الوايو هذه المنطقة حين وصل الغزاة الاسبان، أما
اليوم فتتوزع هذه المنطقة على بلدين هما كولومبيا وفنزويلا. ولكن
الوايو لا يعترفون بهذا التقسيم، وهم يعبرون الحدود بحرية، كما تفعل
خواكينا لزيارة أقاربها المقيمين في غواهيرا الكولومبية.
الشاحنات تسهل الحياة على أبناء الوايو، لتقصر المسافات
وتقرب ما بين البشر. وضع أبناء الوايو سبل الغرب الاستهلاكية في خدمة
احتياجاتهم.
قد يبدو هذا حوارا عاديا، ولكنه أشد تعقيدا، خواكينا تطلب المساهمة
والتبرع بالمالأو البضائع، لدفع الغرامة والحفاظ على شرف القبيلة.
تسمى عملية جمع المال أونواوا، فالاعتماد على الذات هنا غير
قائم، ورغم أن ابن خواكينا هو المسئول عن المجابهة، إلا أن جميع أبناء
إبوانا يشعرون بالمسئولية تجاه الحادث.
لا يؤخذ المعتدي إلى الشرطة في مجتمعات الوايو. فهم لا يعرفون القضاة
أو السجون. تعتمد قوانين غواهيرو على مبدأ تعويضات هو جزء من تقاليد
المنقولة شفهيا.
لم تستطع قريبتها المساعدة، كان هذا العام قاسيا، فقد أضاعوا
موسم الحصاد والمواشي لديهم تتضاءل.
لا تستطيع خواكينا إطالة زيارتها أكثر، مع أن جولتها لم
تكتمل بعد.
=-=-=--=-=-=
الجزء الثاني
تتواصل أرواح الأموات بالأحياء في أحلامهم، وهكذا التقت خواكينا بروح
خالها الميت.
بوكاتيرا: قد لا يفهم الكثيرون أهمية الأحلام بالنسبة للوايو. فالأحلام
هي دليلنا، لأنها توجه الأفعال في حياتنا اليومية، هذا ما حدث
لخواكينا، التي أدركت بأن عليها السفر إلى هلالا، لأن خالها نصحها بذلك
في الأحلام.
قلما يتلقى الزيارات أبناء الإبوانا ممن يسكنون هلالا، لهذا
جلبت لهم زيارة خواكينا الفرح، لتصبح اجتماعا عائليا.
تتولى المرأة بين الوايو زعامة القبيلة، وتمتد مسئولياتها من
العناية بالأطفال إلى حل النزاعات مع القبائل الأخرى. بما أن المرأة
هنا تلعب دورا هاما في مجتمعها، تعتمد صلة القرابة أساسا على الأم.
قلما نرى هذا النوع من الروابط العائلية في الحضارات الأخرى التي تعتمد
على الروابط الأبوية.
تبلغ أهمية المرأة لدى الوايو في أنها تتولى أيضا التواصل مع
عالم الغيبيات، لهذا عادة ما يكون الكهنة بينهم من النساء.
الآلام والتشنج والحرارة هي علامات أول اتصال لأحدهم
بالأرواح، التي تكشف عن القوة الغيبية للشخص المختار. يستطيع الكهنة
الاتصال بالأسلاف والعلاج وتفسير الأحلام، وهم يعتمدون على التبغ
والمراكا أدوات في أعمال الشفاء. وعندما ينجح العلاج، تطلب الأرواح
أجرا.
أدركت بأني من الكهنة لأني رأيت الرواح وهي مخلوقات صغيرة نيرة، أصابني
دوار والتواء في الجسد. تخلصت من زوجي، ورفضت الطعام. ما عدت أعرف
الألم، الأرواح تقود يدي نحوه.
يتقاسم أبناء القبيلة عالم الأرواح إلى جانب الممتلكات والثروات كما هو
حال الأرض والمقبرة والمياه. وهكذا لدى كل تجمع سكني للوايو بركة ماء
اسمها هاغوي، وهي كثيرا ما تجف وتختفي أثناء فترات الجفاف الطويلة.
يضطر أبناء الوايو كل يومين لعبور مسافات طويلة بحثا عن
الماء. وهم قبل جولاتهم الطويلة يستعملون برهم نباتي اسمه باي باي
لحماية وجوه النساء من أشعة الشمس الحارقة.
تضمن مياه الآبار الارتوازية بقاء الناس والمواشي على قيد
الحياة. أي أن قبائل الوايو تحفر عميقا في الأرض لاستخراج الماء.
تفسر حكايات الوايو القديمة أسباب شح المياه، التي كانت
وفيرة في أزمان هلالا الغابرة، حيث كان يسكن هويا وقرد العواء. يتمتع
قرد العواء بقوة البرق، ويتحكم بالغيوم، وكثيرا ما كان يستفز هويا الذي
قرر سرقة البرق منه. وعندما فعل ذلك، طارده قرد العواء بعنف ولكن دون
أن يمسك به. وصل هويا إلى جبال بيريها، آخذا قوة المطر معه، ومنذ ذلك
الحين لا يعود إلى هنا إلا قليلا.
يخفف وصول هوا عن كاهل أبناء هلالا، الذين يعيشون على المياه
المويلحة، والتي يتعذر إيجادها.
ماتت شقيقة دولوريس قبيل تسعة أيام. دفنت جثمانها في مقبرة
العائلة. يرى أبناء الوايو في المقبرة مستودع لتقاليد العائلة، فهي
تدفن أقارب الأم جميعا هنا.
يعتبر الوايو أن في الموت رحلة إلى هيبيرا، حيث تسكن أرواح
الموتى أو اليولوهاس. بما أن الرحلة ليست مباشرة، يساعد الوايو موتاهم
في الوداع عبر حداد يمتد تسعة أيام.
تقع منطقة هبيرا بالقرب من رأس لا بيلا النائية بالكامل،
ونادرا ما يزورها أحد. يهاب أبناء الوايو هذه المنطقة ويعتبرونها أراض
مقدسة.
تسكن الأرواح في هبيرا ضمن مجتمع يمثل مجتمع الأحياء لدى الوايو، أي أن
أرواح الأموات هنا تستمر في اجتماعات القبائل.
يستغل الوايو مناسبة الموت للاجتماع والأكل والشرب معا على خلاف
التقاليد الكاثوليكية التي تكرم الميت بمراسيم قداس تسعة. يعتبر أبناء
غواهيرو أن الميت يجد في هبيرا عجلا مذبوحا يكفيه لأيام الحداد
التسعة، لهذا فإن الوليمة تضمن طعام الميت ومكانته الاجتماعية بعد
الموت.
الندب هنا يشبه الغناء، وهو يعكس الألم الناجم عن فقدان شخص عزيز.
يتحدى الرجال بعضهم في مسابقات لرماية. تقول اعتقاداتهم أن أصوات
البارود تخيف الأشباح.
تعتبر غواهيرا منطقة ظروف متطرفة، تختلط الحياة مع الموت هنا باستمرار.
فالطبيعة هنا توجه حياة شعب الوايو عبر ظواهرها المختلفة والتي تتميز
بالعنف أحيانا.
بالنسبة لخواكينا، يتدخل تأخير موسم المطر في مشاريعها كما يغير
مصيرها.
=-=-=-=-=
الجزء الثالث
الحياة في غواهيرا تتغير باستمرار، كانت شوارع بويرتو لوبيث قبل بضع
سنوات تعج بنشاط اقتصادي حافل شارك به أبناء الوايو. أما اليوم فلم
يبقى منها إلا الخرائب. عادة ما يؤدي التصادم المتصاعد بين مختلف
الثقافات إلى متغيرات عميقة.
تعرضت ثقافة الوايو إلى تحولات عميقة منذ وصول الأوروبيين.
أدى التواصل مع الأريهوناس، أي شعوب غير الوايو إلى تعلم أنواع من
الممارسات الغريبة.
يبرز نجاح ا|لأوروبيين في إدخال المواشي مع بداية القرن
الساتس عشر كيفية استغلال الوايو من تواصلهم مع الثقافات الغريبة،
فاختلفت بنية القبائل، وأصبحت الملكية أساسا للهيكلية الاجتماعية.
تعلم الوايو مع مرور الزمن أن العمل الفردي ه مصدر السلطة
والثراء، وهكذا أخذت تنمو بينهم وظائف الأجور والأنشطة التجارية.
يزداد التعاون بين الأقارب المتباعدين صعوبة مع مرور الزمن، مارينا لا
تشعر بالمسئولية تجاه مشاكل خواكينا. كانت تقاليد غواهيرا تشمل جميع
أفراد القبيلة، ولكن غالبيتهم اليوم يشعرون بأن مشاكلهم الفردية أكثر
أهمية من مشاكل القبيلة.
أخذت هذه الواجبات تثقل كاهلهم، كما قلّت أعداد المستعدون
لتحمل مسئولية دفع التعويضات.
لم تنتفع هذه المجموعات العرقية من العقلية الغربية التي تعتمد على
الفردية، ما جعل الوايو يواجهون اليوم مشاكل اجتماعية جادة.
لماذا يعيش الوايو في أزمة؟ أعتقد أن السبب في ذلك هو تقبلنا السلبي
لبعض جوانب الثقافات الغريبة التي تجعلنا نعيش في نزاعات دائمة
وتناقضات داخلية.
يخدم موقع الغواهيرا الجغرافي بعض الأنشطة كتهريب البضائع وتجارة
المخدرات، ما جعل الوايو يشاركون تدريجيا في هذه التجارة الغير مشروعة.
تسببت تجارة المخدرات بمتغيرات عميقة في قلب مجتمعات الوايو، فعززت
العنف في أوساطها ومنحت الثروة والسلطة بسهولة، وهو ما يستغل اليوم
لاضطهاد شعبنا.
يمكن تخطي هذه الأزمة من خلال آليات متنوعة تعزز قوة
مجموعتنا العرقية، في المجالات السياسية والعائلية والحدودية أيضا،
كما يمكن لهذه الآليات أن تجعل منا وحدة متكاملة. وإن لم نتبعها سوف
نغرق جميعا ليتهدد بذلك مستقبلنا.
معلق: يكافح الوايو رغم هذه الأزمة للحفاظ على هويتهم، وبما أنهم لا
يملكون متحفا أو مكتبة، فإن التناقل الشفهي لثقافتهم أصبح الأداة
الأساسية لبقائها.
الحكايات بالنسبة لنا نحن الوايو ما زالت حية. عندما نقص أسطورة، تصبح
حاضرة بيننا. نشعر بها ونصبح جزءا منها. أي أنها حقيقية.
خلق العالم حسب تقاليد الوايو مند بدايات الزمن، حيث وجد
الجيل الأول من الكائنات الحية في تلك الفترة. هويا هو ذكر التقى ب مّا
أثناء تجواله في العالم فأحبها.
عند ارتباط هويا ومّا معا، تغيرت ملامح الكائنات، فتحول هويا إلى مطر،
وتحولت مّا إلى أرض، وأصبحت بلوشي هي الظلام، وكاشي هي القمر،وهوتاين
الرياح، وكايي الشمس.
أنجبت مّا الأطفال من هويا، فجاءت بالنباتات أولا، وبعد ذلك البشر.
أطلقت مّا على البشر وايو، أي أبناء الأرض، ثم منحت كل من نساء الوايو
اسما، أنت ستكونيني إبوانا، وأنت جوسايو، وانت هاياليو. وهكذا تشكلت
القبائل.
هذه الحكايات هي مصدر العلاقة الحميمة بين شعوب الوايو والأرض. أي أنها
ليست أساطير ضاعت مع الزمن، بل ما زالت حاضرة بيننا حية كلما رويناها،
ونحن نرددها باستمرار.
يمكن أن نرى هنا علامات تحدد هوية كل من قبائل الوايو. لدينا هنا
الهاياليو والإبوانا وبوشاينا، وأوليانا. أنتمي أنا لقبيلة إبوانا لأن
أمي من هناك، وقد نقلت إليّ ما يعرف بالإروكو. الإروكو هي القبيلة،
واللحم الذي نقلته إليّ والذي سأنقله لأبنائي فيما بعد. نستعمل اليوم
هذه العلامات لتعريف المواشي والممتلكات الأخرى.
تشكل زيارات خواكينا مناسبات لرواية القصص. فالناس في ليالي الأكواخ
يروون القصص.
قاطع وصول القافلة حكاية إفنسيو، خرجت من عتمة الليل زيارة
غير متوقعة.
=-=-=-=-=-
الجزء الرابع
داهم ستار الليل القافلة وسط الصحراء. تمنح مساكن الإبوانا الرحالة
استراحات قصيرة، بينما تتحدث إحدى النساء عن رحلتها.
جئنا من مسافات بعيدة، من الشاطئ. كنا نبحث عن الملح. تؤلمنا أردافنا
وأقدامنا. تألمنا جدا. وصلنا إلى مستنقعات الملح في الصباح الباكر،
أخذنا ننظف الملح بأيدينا، وهذا مؤلم. إنه عمل صعب، يسبب العب
والمعانات. لا يوجد زراعة في منطقتنا، وهي قلما تمطر، والناس هناك
يتعرضون للجوع. لهذا سنستبدل الملح بالسكر البني الخام والبن. سنسافر
عبر مسافات بعيدة لبيعها في مكان ما قرب مايكاو، أو في أي مكان آخر حيث
يستطيع الناس شراءه. نعتقد أننا بهذا الملح نستطيع الحصول على شيء ما.
ليس لدينا شيئا، لسنا إلا وايو.
تلعب المرأة دورا هاما في مجتمع الوايو، لهذا عندما تبلغ الفتاة هناك
تخضع لعملية تعليمية تعرف بالاستهلال وهي تستغرق من ثلاثة إلى ستة
أشهر.
شهدت هيلدا دورتها الأولى، وهي تمر الآن بعملية تعليمية على يد جدتها
فسيليسيا، التي ستعلمها طوال الأشهر التالية مهمات يومية، وتسمعها
نصائح متنوعة، لتكتشف دورها الاجتماعي بين النساء.
ثم تقام رقصة رائعة لإعلان انتهاء فترة الاستهلال، ذلك أن
الفتاة أصبحت من الآن فصاعدا جاهزة للزواج.
الارتباط بين هويا المطر وبولوي سحر الأنوثة، يرمز إلى
الزواج بين الغواهيرو. رجل الوايو في حركة دائمة، مثل هويا، ولديه عدة
زوجات.أما امرأة الوايو فهي بالعكس تبقى في مكان واحد مثل بولوي، ولا
تعيش إلا مع رجل واحد، وهي تعنى بأفراد عائلتها في حياتهم وبعد الممات.
عند ولادة الفتاة يحتفل الوايو، ويفرح المسنين لأنهم سيجدون من يعنى
برفاتهم.
مات خال خواكينا قبل اثني عشر عاما، بقيت رفات أمها وخالها
دون دفن نهائي تنفيذا لتقاليد الوايو التي تجمع خمسمائة شخص في لقاء
يستمر عدة أيام.
يعتبر الوايو الدفن الثاني مناسبة اجتماعية، ويعد الناس لإيواء أفراد
العائلة والأقارب لعدة أيام. قد يستغرق الإعداد للدفن الثاني عدة
سنوات.
من شروط إتمام الدفن الثاني أن ينفصل اللحم عن العظم، ما لا
يحصل إلا بعد موت صاحب الجثة بأكثر من سبعة أعوام.
رغم اعتقاد الوايو بأن لمس عظام الموتى قد يسبب مخاطر
مميتة، إلا أن المرأة تصر على حقها بإخراجهم من القبر. يعزز هذا
مكانتها في القبيلة، كما يساعد على إبقاء الرجال بعيدا عن صورة الموت،
التي قد تضعف الشجاعة التي يحتاجون إليها في العناية بالقبيلة.
تغسل الرفات بالتشرنجي، وهي هدية، وتكريما لأرواح الموتى.
تؤكد معتقدات الغواهيرو، تسكن روح الموتى في هبيرا على شكل
ظلال. كما تتوافق فترة إقامته هناك مع فترة تلف الجثة. ولا بد من فصل
العظام، التي هي أجزاء الإنسان النبيلة، عن لحمه وهو الجزء الفاني،
وذلك لبدء رحلته نحو الكون.
يعتبر الوايو أن للرفات البشرية قدرة على الأذى، إذ تسبب
الأمراض والتوعك والموت. يتأثر من ينظفون العظام بأرواح الموتى، لهذا
عادة ما يتعرضون لعملية تطهير، يستحمون خلالها بالأعشاب، ويصومون
لفترات طويلة، ويسهرون لحوالي ثلاثين ساعة. يبقى رفيق معهم يحدثهم
ويغني لهم طوال هذه الفترة.
يعتبر الليل مناسبة لأغاني الهاييشي، والتسامر أو الاستراحة في
الأرجوحة.
يفتتح اليوم الجديد بقداس جنائزي. يتقبل الوايو جميع المراسيم الكفيلة
بمساعدة الراحل في مسيرته نحو الكون، وهم يتقبلون المراسيم
الكاثوليكية، لكن هذا لا يعني إيمانهم المطلق بها.
عند انتهاء مراسيم إجلاء العظام، يأخذها المجتمعون إلى مقبرة موتى
عائلة الأم. عادة ما تكون المقابر في أماكن بعيدة، وقد أخذت الرفات في
هذه المناسبة إلى سيابانا، في غواهيرا العليا في كولومبيا.
تستغرق الاحتفالات عدة أيام، يأكل فيها الناس ويشربون الشرنشي،
ويتسامرون ويلعبون ويشاركون في مسابقات الرماية.
توزع اللحوم على الضيوف، حسب أهميتهم الاجتماعية.
عند حلول الساعة، يرافق أفراد العائلة والأصدقاء رفات الفقيد في رحلته
الأخيرة. عندما توضع الرفات في مقبرة العائلة تغادر الروح هيبيرا كي
تصعد إلى الكون، وتتحول إلى ظاهرة طبيعية، كالمطر أوالرعد أو التلال أو
النجوم.
عند انتهاء مراسيم الدفن الثانية لا تبقى العظام محور الاهتمام، إذ
يعتبر الوايو أن المرء يموت مرات ثلاث.
أولا حين يموت اللحم ويتحول الميت إلى روح تجول في هبيرا، وثانيا
عندما تدخل الروح إلى الكون، أما الميتة الثالثة، في الأخيرة
والنهائية، فتتم في ذاكرة الذين ما زالوا على قيد الحياة.
هذه هي رحلة الموت. بدأ خال خواكينا رحلة الأخيرة. ولكن خواكينا لم
تنهي رحلاتها، وعليها أن تجابه عدة عوائق على الطريق.
=-=-=-=-=-=-
الجزء الخامس
لم يخرج أحدا للترحيب بخواكينا. من المحتمل أن تكون عائلتها قد هاجرت
مع المواشي إلى مناطق غنية بالمياه. لم تعثر خواكينا بعد على المساعدة
التي هي بأمس الحاجة إليها لحل مشكلة القبيلة.
دوريليس: تهاجر الحيوانات من الوايو حسب الذاكرة الجماعية لشعوبنا. كما
يقال بأن الوايو يتحولون إلى نباتات وجبال، كتلة إبيتز، التي كانت في
الماضي واحدا منا. لهذا نشعر أثناء النظر إلى الجبل، أنه على قيد
الحياة، وكأننا ننظر إلى شخص من الوايو.
يرى كثير من الوايو في المطر تجسيدا لحضور أحد الأسلاف تلبية لمتطلبات
البشر. ربما سمع خال خوكينا توسلات قبيلتها، فنزل إلى الأرض على شكل
مطر.
بعد استراحتها الطويلة تمنح الأرض خصوبتها لأبنائها، عندما
يحين وقت الزرع. يساعد الأصدقاء والجيران بعضهم في الأعمال الزراعية
بتشكيل ما يعرف باليوناماس، وهو الاسم الذي يطلقه الوايو على العمل
الجماعي.
تحسن الأمطار المراعي فتسمن المواشي، لتتمكن عائلة خواكين
أخيرا من مساعدتها في دفع الثلاثمائة ألف بوليفار. ستبيع الماعز في
أسواق مامون في مراكايبو. منحت الطبيعة خواكينا فرصة هذه المرة، ولكن
هل سينعم الوايو بفرص مشابهة لتخطي ما يواجهها من تهديدات.
ريميديوس فهاردو: نعرف أننا لا نستطيع البقاء في عزلة، لا بد من علاقة
بين الثقافات في إطار المجتمع القومي، لهذا من واجبنا نحن الوايو تصميم
برنامج تربوي ثنائي اللغة، يساعد الأطفال على تأكيد هويتهم، ومعرفة سبل
احترام ثقافتهم ولغتهم وديانتهم إلى جانب ثقافة أريهونا.
أبوي من الوايو، وهما يتحدثان لغة الغواهيرو جيدا، ولكني لا أفهم ولا
أتحدث اللغة. أنا بحاجة لتعلم لغة الوايو، ولكنها صعبة بالنسبة لي.
جدتي تتحدث الوايو جيدا، كما أنها لا تفهم الاسبانية، عندما أراها
وأسمع الأطفال يتحدثون الوايو، أتمنى التحدث معهم، ولكن اللفظ صعب جدا
عليّ.
طور الوايو عبر قرون من الزمن حكمة خاصة مكنتهم من الفهم والتطور في
عالمهم.
يعتمد الطب على معارف الأسلاف، ولكنها لا تشبه العلوم التي نتعلمها في
الجامعات. يعترف الوايو بنوعين من الأمراض. العضوية أو الطبيعية التي
يستطيع الأطباء معالجتها، والأمراض الروحية التي تؤثر بالنفوس ولا يمكن
معالجتها إلا من خلال الكهنة.
أنا كطبيب لم أعترف بالكهنة أو بطب الوايو، ولكني بعد العيش
بين الوايو بدات أؤمن بعلاج الكهنة، لأني رأيت النتائج.
تشهد مدينة مراكايبو تواصل كثيف بين ثقافتي الوايو والأريهونا. يسكن
هنا حوالي ثلاثين ألف وايو، هاجر الغالبية منهم إلى مراكايبو بحثا عن
الفرص.
هناك مدينة لا تظهر على أي خريطة لفنزويلا تعرف باسم مراكايا.
وهي تقع جغرافيا إلى الشمال الشرقي من مراكايبو.
تجري في هذه المناطق التي يحتلها الغواهيرو إعادة بناء لعالم
الوايو في مساحة يمكن رؤيتها عبر توزيع منازلهم، والملابس التي
يرتدونها، ولغتهم، وتنظيمهم الاجتماعي وحتى من خلال حضور عالمهم
الروحي.
لا تقتصر مراكايا على المساحة المادية، إذ أنها تجسد أحلام
وتطلعات شعوب الوايو. ولكن المؤسف هو أن الوايو أثناء التجوال المستمر
في شوارع ماراكايبو، يفقدون الكثير من زيهم وتقاليدهم، ومعهما الهوية
أيضا.
تقول الهايشي أن خواكينا تمكنت من بيع المواشي، وجمع المال، وتقديم
الدفعة الأولى. سنحتفل اليوم بنجاحها. تمكن الإبوانا من الوفاء بوعدهم
وحماية شرفهم. ولكن إلى متى سنتمكن من الاستمرار في حماية ثقافتنا؟
تطرأ المتغيرات بسرعة متنامية، وقد يأتي اليوم الذي لا نفاخر فيه
بانتمائنا إلى الوايو، أي أبناء الأرض.وقد يأتي اليوم الذي نتوقف فيه
عن سرد حكاياتنا.
يؤمن الذين يعرفون، ولا يؤمن من لا يعرفون. نحن نؤمن لأننا
من العارفين. هذا ما يقوله أحد كهلة الوايو. --------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م