|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
تكنولوجيا
سنتحدث في هذا الموضوع عن الطبيعة والتكنولوجيا، عن الكمبيوتر والخصوصيه، وعن التوالد والجنس البشري. بطولات الكفاح الانساني للتغلب على المرحلة الحيوانيه بدأت بصناعة الادوات، من العظام والخشب والحجاره. الى ان تمكن الانسان من تدجين الذره. ولسوء الحظ ادى ذلك، لصناعة الاسلحة النوويه. الطريق الى التقدم، مليء بالالغام الخطيره. منذ بداية الحقبة البشريه، بذل اجدادنا كل ما لديهم في سبيل البقاء على قيد الحياة.
قبل مئات الالاف من السنين كان الانسان يبدو بظروف اسوأ مقارنة مع غالبية باقي الفقريات، فلم يكن لديه انياب او مخالب او قرون ، كما لم يكن رشيق الحركة قوي العود. الا ان جذعه العاري لم يكن عديم المهارات. فقد تمتع بدماغ يمكنه من تفهم الامور، وايد تمكنه من صناعة الاشياء. كان بأمكانه تخزين المعرفة التي يحصل عليها في دماغه، ويستعمل يديه لتحسين تقنياته، ولا شك انه تمكن من تعديل الاجواء المحيطة به حسب احتياجاته. وكانت هذه المسألة سلاح استخدمه بكفاءه. اول اداة استخدمها الانسان صنعت من خشب ومن عظم او حجر. وكانت خام تستخدم عشوائيا في الأيدي. فتسمح للانسان بأن يحف او يقطع او يطعن بها. بفضل هذه الادوات تمكن الانسان من التغلب على ما منحته الطبيعة لحيوانات اخرى فأصبحت ايدي الانسان مخالبه وانيابه وقرونه. ولكن الانسان لم يقتصر على تقليد الطبيعه فحسب، بل انطلق بعيدا، فقد ابتدع، واكتشف، فأذا ما قطع حجرا من الوسط، فهو يقوي ذراعة اضعاف المرات. ولهذا اخترع البلطة واكتشف ان قانون الاقوى يعتمد بحد ذاته على قوانين الفيزياء. وهكذا من اختراع الى اخر تطور الجنس البشري عبر القرون يحقق الانتصارات بعد الاخرى للسيطرة على الطبيعه. مع نهاية القرن التاسع عشر بدأت الامور تجري بسرعة فائقه. فكان العصر الذهبي للاختراعات الكبرى. التلغراف، والتصوير، والمذياع، والانارة الكهربائيه، والسيارات ، وهكذا دواليك. والمفارقة سجلت ان القرن التاسع عشر شهد اختفاء كبار المخترعين، لان التقنيات لم تعد اشغالا يدويه. منذ ذلك الحين اخذت الاختراعات الكبرى تصدر عن شركات، وليس عن افراد.توماس اديسون اخترع الصوره، ولكن شركة عالميه، اخترت اشعة اللايزر. فبدلت التقنيات جذريا صلتنا بالاشياء، وبالعالم. اولا المعارف الموظفة في الاشياء بالغة التعقيد لدرجة انها تضلل اسلوب عملها. حقول المعارف العلمية اصبحت اليوم متعدده، لدرجة انه لا يمكن ايجاد انسان يتمتع بالكفاءات جميعها. والحقيقة انه لا يوجد في العالم انسان واحد قادر على ابلاغك بالتفصيل كيف يمكن لاسطوانة مضغوطة ان تعمل. فالمهارات التي تسخر في عملية تصميم الاسطوانه، متعددة جدا، ولا يمكن لشخص واحد ان يتقنها جميعا. انها حصيلة مجموعة من المعارف، قبل مئة عام من اليوم كان من السهل على انسان ان يحفظ تصميم مركب في دماغه، اما اليوم فلا بد من مئات الادمغة لتخزين تصميم مركبة فضائية . ان كانت التصاميم تحتاج لاجتماع الادمغة كما كانت، فيمكن قول ذلك ايضا عن تصنيعها. في القرن التاسع عشر ، كانت مهارات نجار واحد كافية للقيام بكل ما يلزم لبناء عربه. اما اليوم فصناعة السيارة تحتاج الى جيش من التقنيين العاملين في مراكز التجميع. ساهم التطور التقني في توسيع المجتمعات الصناعيه. قوة هذه البلدان تضاعفت حين فتحت الادوات التقليدية المجال للآلات. والمجمعات الصناعيه. وبالوقت ذاته كان تقسيم العمل الرد المناسب على تعددية وتخصصية المعارف والمهارات.وتقسيم العمل مسألة هامه في استعمال اداة كل الادواة، اي المصنع. تنظيم العمل، ميراث اسلوب الانتاج الصناعي، ترك اثره في الطريقة التي تعمل بها مجتمعاتنا. مواعيد الناس اليوم تعتمد على ساعات عملهم. الحياة اليومية تتحرك على الايقاع الانتاجي. لا يتحرك الجنس البشري فقط وفق النظام التقني الجديد، بل يعتمد عليه. والا فكيف يتابعون متطلباتهم دون كل السبل التي تسهل الحياة وتريحهم من المشاكل. بدءا من الغسالة الاوتوماتيكيه، وانتهاءا بضابطة النبض، كلها اشياء تقينا من التعرض لمشاكل الحياة الصغيره. اما اليوم فقد اصبح الجنس البشري ممسكا بزمام نفسه. بأدواته الهائلة جدا، تمكن من السيطرة على كامل ارجاء الارض، فأخذ يقطع الغابات، ويسوي الحقول، ويشاكس معابر المياه، ويبحر في المحيطات، ويحلق في السماء. التقنيات وحدها، تعيد تشكيل الكوكب بما تراه مناسبا. واخذ الانسان يعيد بناء العالم صناعيا لتحل الصناعة محل الطبيعه. كانت التقنية اولا مجرد استراتيجية لضمان بقائنا على قيد الحياة، ولكنها اليوم تتحكم بحياتنا. لتتحول الطبيعة الى مواقع ثانوية من حيث الاهميه. ------------------ من منا لم يتلقى يوما وثيقة من الكمبيوتر، او كشف حساب من آلة مصرفية، او فاتورة للكهرباء؟ الكمبيوتر يجعل حياتنا اسهل، ولكنه يبرز مسألة بالغة الاهميه، حماية معلوماتنا الخاصه،حقنا بالخصوصيه. حركة المعلومات الحره مسألة رئيسيه بالنسبة لجميع الديمقراطيات. الا ان تقنيات الاتصال تجعل الحصول على المعلومات من مصادرها مسألة اكثر سهولة كل يوم، ما يثير مشكلة هامه، تتعلق بالسريه. انظمة الاقمار الصناعية واتصالات الرؤية الخليويه بتوافق مع قوة الكمبيوتر، يؤلفان شبكة معلومات سريعة وعالمية. حيث يتم تخزين المعلومات ومعالجتها وحفظها بوقت قصير. ما يعني ان العالم ينبض بانسجام. منذ بداية التاريخ اخذت المؤسسات العامة والخاصة بفتح ملفات تضم معلومات عن زبائنها. في سنة صفر الميلاديه اعلن القيصر اوغوست ان على جميع الرجال في امبراطوريته تسجيل اسمائهم في دوائر المناطق التي ولدوا فيها. اجراء الاحصاءات اصبح اسهل بكثير بالاعتماد على تطور الكمبيوتر، كما تضاعفت اعداد الكمبيوتر بسرعة هائله. هناك اسس للمعلومات قادرة على القيام بأحصاءات لجميع السكان. لا شك ان مختلف الديمقراطيات اتبعت قوانين للتحكم بجمع المعلومات الشخصيه. وهي دون شك للحؤول دون انشاء ملف هائل للمعلومات. عند سقوط الجدار صدم الكثيرون، عندما فتحت ملفات الستاسي، جهاز المخابرات السرية لالمانيا الديمقراطية سابقا. لم تفتح الملفات لجميع السكان فقط، بل ان الشرطة قامت ايضا ولاستخدامها الخاص، بجمع المعلومات في ملفات اخرى على طول البلاد وعرضها. في ديمقراطيتنا الغربية لا داعي للخوف من التهديد التوتاليتاري. على الاقل في المرحلة الراهنه. اذ يتم جمع المعلومات بطريقة حضاريه.دون ان يلجأ احدا الى سبل الشرطه. علما ان هناك بعض الملفات التي تقدم معلومات كافيه عن كل مواطن. وكأنها تصورهم شبه عراة، للحكومة الحق بأن تعرف كي تتأكد.الا ان لكل مواطن الحق بالخصوصيه. مع ان الكمبيوتر جعل مسألة الحفاظ على التوازن في هذا الحق اكثر صعوبه. لانه، بفضل الكمبيوتر، اصبح هناك ما يمكن تسميته بالملف الهائل. كما ان شبكة من الأتصالات تجعل من الممكن تحديث هذه الملفات، على حساب الافراد. من خلال المقارنه، وتواصل السجلات وجمع المعلومات، يمكن صياغة السيرة الذاتية الكامله، لاي شخص. لهذا فلا بد من تحديد الوصول الى ملفات الكمبيوتر، للحؤول دون وقوعها في ايد عابثه. يزداد الامر اهمية حين يتعلق بمعلومات حساسه. المعلومات الحساسة هي تلك التي لها صلة بالاوضاع الجسدية والعقلية للفرد، كما وخلفيته الاثنيه والدينية او السياسيه. وميوله الجنسيه، وحالته المادية كما وحاصل ذكائه. يمكن لكل هذه المعلومات ان تتحول الى مقاييس حساسة قد يتحول الشخص من خلالها الى ضحية التمييز العنصري. سرية الملفات تثير هنا مسألة النظام الامني. على اي حال فأن حل هذه المشكلة يعتبر تقني. فعلى سبيل المثال هناك بعض الانظمة التي لا تسمح بفتح الملفات الا من خلال رقم سري او بطاقة ممغنطه. هذه التقنية تتطلب تسجيل تاريخ فتح الملف واسباب فتحه واسم الشخص الذي فتحه في كل مرة يتم اللجوء فيها الى هذا الملف او ذاك. تضاف هذه المعلومات لاحقا الى الملف عينه. فلا احد سوى المؤسسة المعنية بالملف وصاحبه القادران على استعماله. ولكن لا شك ان هناك تسريبات دائمه، كما ستجد من يقوم بها، من بين الهواة الاخصائيين والقادرين على فتح الانظمة المحمية، سواء لمجرد اللهو او للاستفادة الشخصيه. لهذا تتردد بعض المؤسسات في الاحتفاظ بمعلومات دقيقه، لانه في بعض الظروف يمكن لهذه المعلومات ان تسبب المشاكل. نتساءل ما اذا كانت هذه الملفات ستؤدي يوما الى قيام مجتمع تتم مراقبته من خلال الكمبيوتر.علما ان الفائدة من وراء هذه الملفات لا تحتمل السؤال. فهي اشبه بمناجم الذهب كمصادر للباحثين في علم الاجتماع، والتربيه، والصناعة الطبيه، وخصوصا في مكافحة الامراض. يعود الامر لصانعي السياسة في ايجاد التوازن بين الامن العام، وحماية حرية الافراد. اذا كنا حريصين، يمكن للجميع الاستفادة من هذه التقنيات. من واجباتنا التأكد من ان انظمتنا، لا تسمح لبعض المواطنين بأن يصبحوا اكثر مساواة من الاخرين. ------------------- حين يتعلق الامر بالطب والاحياء الانسانيه، تصبح للاخلاق اعتبارات جديده. بفضل التكنولوجيا العضوية، اصبحنا نتحكم بشكل لا سابق له، في موضوع يهمنا جميعا، العيش بحد ذاته. منذ بداية هذا القرن، سجل الطب تقدما واضحا. يعود ذلك لاكتشافات ابحاث رئيسيه، وتطوير التكنولوجيا العضويه. الا ان تحكم العلوم في شؤوون الحياة، يثير مجموعة من المسائل الاخلاقيه. عام 1953، اقترح واتسون وكريك اللولب المضاعف لهيكلية الجزئيات في الDNA. هذه الجينات الطويلة تحتوي على كل المعلومات التي تحتاجها الكائنات الحية للعمل. وحين فعلوا ذلك، فتحوا حقلا كاملا من الاحياء الجزئيه، لكل جانب اسم يتألف من الاحرف الأبجديه. بذل العديد من علماء الاحياء جهودا لتعلم لغة الحياة. وقد رأوا اثناء ذلك امكانيه التعرف على كيفية تعبير بعض الامراض الجينية عن نفسها. وتمنوا الكشف عن الاخطاء في الشيفرة التي تحدث احيانا في الجينات الوراثية لبعض الافراد. فعلى سبيل المثال، بعض الامراض، المعروفة بأفرادية الجينات، تنجم عن اخفاق واحدة من الجينات المتواليه. الياف السيستيك هي احدى هذه الأمراض. لقد تمكن العلماء من التعرف على الجينات المخله لدى المصابين بهذا المرض. كما انهم يستطيعون تحديد هذه الاصابة بأجراء فحص على الجنين اثناء الحمل. ما يمكن ان يضع الوالدين في حيرة مؤلمه. يتساءل البعض، عما يدفعنا لاجراء معاينة للوالدين لتحديد مرض لا نستطيع معالجته الا من خلال الاجهاض؟ اذ ان هذا قد يعني فتح الباب واسعا امام عملية اختيار تهدف لتحسين النسل البشري. ولكن بالنسبة للباحثين، تعتبر مسألة التعرف على الاخفاق الجيني مجرد خطوة اولى في العملية الهادفة الى معالجة الاخفاق الذي يؤدي الى امراض افرادية الجينات.تعرف هذه العملية بمعالجة الجينات. وهي تكمن بزرع جينة صحيه في نواة الخليه، للحلول محل الجينة المصابه. تساعدنا التكنولوجيا المعاصرة على زرع جينات اجنبيه في الجينات الموروثه للعضويات. يلجأ بعض العلماء لاستعمال جينات نباتيه او حيوانية على اعتبار انها جديدة جدا. في هذه اللحظات يخصص الغرب مبالغ طائله للباحثين كي يتمكنوا من رسم خرائط تحدد تراتبية الجينات البشريه. وماذا بعد؟ هل سنتمكن يوما ما من وضع خط فاصل بين ما هو طبيعي وما هو غير طبيعي؟ ما الذي سيمنع بعض الاطباء امثال فرانكشتين من محاولة انشاء عرق متفوق؟ او بعض الاباء من برمجة ابنائهم ليكونوا كما يريدونهم تماما. بفضل خصوبة الانابيب يمكن لاباء اليوم ان يحددوا تاريخ ولادة ابنائهم وفق ما يناسبهم.يتم ذلك بأتباع تقنية جرت استعارتها من صناعة الاغذيه، وهي تكمن بأثارة ظاهرة التحفيز المبالغ فيه. يتم جمع ما يقارب العشرون بيضة قبل نضوجها في انبوب. ثم يزرع ما يقارب التسعة اجنة في الرحم. لتخزن الاجنة الفائضة في الثلاجه. والحقيقة ان هذه التقنية تبدو كأجراء مسكن اكثر مما هي اجراء علاجي. ويتم اللجوء اليها بشكل واسع بين ازواج يعانون من ضعف في الخصوبه، الا انهم ببعض الصبر والارادة يمكن ان يرون ثمرة جهودهم مكافأة من الطبيعه. الاشخاص الخاضعين لهذه التجارب ليسوا مرضى على الاطلاق ولكنهم عديمي الصبر. اما الازواج عديمي الخصوبة فأن التخصيب في الانبوب قد يساعدهم على الانجاب، ولكنه لن يمنحهم الخصوبه. نسبة خمسه بالمئه من هذه العمليات يؤدي الى انجاب طفل بصحة جيده. الا ان التكاليف العالية جدا تبدو بعيدة عن قدرة جهاز الصحة العامة على تغطيتها. هناك شيء ما يسير على غير هدى في هذا النوع من التطبيب الخاص بالتوالد. وهو ان هذه الممارسه تطرح مشكلة اخلاقية جاده. خصوصا فيما يتعلق بالأجنة التي تتراكم اليوم في ثلاجات مستشفيات التخصيب. هل تكفي موافقة الاباء، ممن يتركونها في ثلاجات العلوم، كي تحتفظ بها هذه المراكز في بنوكها؟ لا يمكن لمشكلة اخلاقية كهذه ان تحل على ايد العاملين على جمع المواد الخاصة بالاجنة البشريه. ولا حتى على ايد زملائهم ممن ينكبون على دراستها. فلدى العلماء مشكلات من نوع اخر ، قد لا تمس بأي صلة للمجتمع. اذا تمكن العلماء من تحقيق التقدم، علينا التخلص من مخاوفنا، على ان نبقى حذرين ايضا. لان العلوم منحتنا قدرات قد تغار منها جميع الآلهه. --------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م