اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
  عالم البيئة 38 أنغام الطبيعة
 

الرعد من انغام الطبيعة

لا يوجد مكان في مدن العرق الأبيض لسماع حفيف أوراق أشجار الربيع، أو طنين أجنحة الحشرات.

ولكني ربما كنت متوحشا، ولا أفهم.

 شيف سياتل.

 لم تضع أنغام الطبيعة لدى السكان الأولين للكوكب، فالأصوات المفاجئة التي تعترض انسجامها كانت تنبئ بالخطر.

أما اليوم فقد جعل النمو السكاني وتزايد استخدام الطاقة من هذا العالم جسما يعمه الضجيج والضوضاء. المواصلات البشرية، والانتاج الصناعي وتوليد الكهرباء، والتعطش للطاقة كلها عناصر تحدد أنغام بيئتنا.

يمكن القول أن الأصوات الناجمة عن الإنسان دخيلة في المناطق الأكثر عزلة. ما يعرض هدوء الطبيعة للخطر.

قد تستمر  السكينة البدائية  لعدة ساعات متقطعة في المناطق الغير متقدمة من العالم، ولكن استمرار الأمور على هذا النحو يجعل البلدان الصناعية تتمنى لحظة من الهدوء الطبيعي.تحديد الأصوات واختصار الضجيج بعد صدوره يقدم بعضا من العزاء. ولكن رغم تنامي القلق بشأن المشكلات البيئية الأخرى، إلا أن اهتماما قليلا يكرس اليوم لحماية الأصوات الطبيعية للبيئة. لحماية هذه الأصوات الطبيعية التي لن يعاود الإنسان الاستمتاع بها، يكرس غوردو هيمبتون جهوده لحماية هدوء الطبيعة.

يسافر غوردن منذ خمسة عشر عاما حول العالم لسماع أصوات الطبيعة المتنوعة الأشكال، وذلك انطلاقا من منزله في شبه جزيرة أوليمبيك على الجانب الآخر من سياتل، في واشنطن. استلهم مشروع كورسه موجات لا نهاية لها من أناشيد العصافير التي تتعقب دوران الشروق بلا كلل. إنه مسعى لا يفهمه الجميع.

غوردون هيمبتون متعقب الأصوات:

كثيرا ما أجد صعوبة في الإجابة على سؤال يتعلق بما أفعله، لأني الشخص الوحيد الذي يقوم بذلك فعلا. لهذا عندما أقول لشخص ما بأني أحترف الاستماع إلى الطبيعة، والأرض وأن الكوكب يتحدث معي، أحيانا ما يجزرني بعضهم بنظرة استغراب واضحة. لهذا أقول بأني فنان تسجيلي، مع أن ما أفعله هو السفر إلى مناطق نائية وتعريض نفسي لسماع نوع من الموسيقى السرية، التي تنضح بالانسجام والتناغم الذي لا يعكر الإنسان  روعة صفوه.

وجدت نفسي في أحد الأيام مستلقيا وسط حقل من الذرة في أيوا، وأنا في الطريق إلى دراسة عليا، فانطلق الرعد من فوق رأسي وسط نشيد من صرّار الليل وتعالي انبلاج الرعد الصاعق، فاحت رائحة الحصاد الحديث العهد من الأرض، فتنبهت إلى أن تجاربي قليلة جدا،  وكانت مسامعي حينها مفتوحة، أشعر اليوم بأن الرعد قد غير حالي كليا، مع أني يومها  لم أدرك ذلك.

جان هيمبتون منتج تنفيذي:

حين قام بأداء طوفان الخشب في الغابة، لم يصدق الناس ما كانوا يسمعونه من أصوات . هذا صوت الخشب، وهذا صوت من داخله. الجوهر الضمني لما كان يحاول القيام به، أعني فكر صوت الخشب من داخل الخشب، كانت أشبه بأداء في قاعة موسيقية.

يعتقد هامبتون أن الطبيعة غير موسيقية، بل هي الموسيقى. تسجيلاته التفصيلية تدعو المستمع لاكتشاف مؤلفات الطبيعة النائية لأول مرة. سافر غوردن ومعه فريتز لنقل تلك المدركات الحسية بدقة. يتولى جهاز التسجيل المضاعف هذا التقاط الأصوات التي تشكل بيئتنا السمعية الثلاثية الأبعاد.

هيمبتون:

هناك إمكانيات هائلة هنا، ليست أخاديد عميقة كالتي أتمناها ولكن يمكن أن ترى الأغصان القديمة لشجرة يانعة، تميل نحو الوسط، وهي تمنحنا فرصة للحصول على التركيز اللازم لتسجيل جميع الأصوات المنبعثة نحونا. يمكن من الداخل أن نستمع بداية ضربات المزلاج. لأن الخشب مواز لارتطام المزلاج، ولكنه يبرز الموجات الأكبر.قد يبدو أشبه بخفقان القلب، بوم، بوم.

رابينو ويتز:

من الصعب تسجيل عدد كبير من الأصوات التي يحاول غوردن التعامل معها، ولكنه توصل على مدار السنوات الماضية إلى مجموعة من التقنيات والسبل التي تكفل إيصالها إلى المستمع وهي تنبض بالحياة.

هيمبتون:

يمكن أن أسمع ما يحدث الآن لهذا اللوح. لدينا شيء جميل آخر هنا. هل ترى الحلقات المتداخلة نحو تلك الشجرة اليانعة جدا، التي تآكلت جدا في منطقة الجذور هذه، لتخلق مظلة سمعية جيدة، تجلب الكثير من تفاعل الأصوات الوافدة مباشرة؟ إنها أشبه بأذن عملاقة، يمكن أن تتخيل وكأنها أذن عملاقة تنصت إلى المحيط. هناك أنواع كثيرة من الأصوات المختلفة هنا. ولكنها لا تصدح فعلا. وضع اللوح في الاتجاه الخاطئ، ولكن ما يثير الفضول هنا هو هذه الحبيبات، أعني هذه الحجارة، أي أنه عندما يأتي المد سنحصل على نتيجة حقيقية. قد لا نحصل على الرنين، ولكني أدرك أن هذه فرصة للاستماع. عندما تأتي تلك الموجة، سيصبح الأمر أشبه بتمرير أصابعك على مفاتيح البيانو. أعني أن الأمر سيكون بغاية الجمال.

تبلغ الأشجار هنا بغالبيتها أربعمائة عام من العمر، ولكن الأهم من ذلك هو أنها تنمو في غابة عمرها آلاف السنين، أي أن الحبوب أيضا نمت بين العمالقة، ما يعني بأن المناخ كان ملائما، والحبوب رقيقة جدا قريبةمن بعضها، لهذا يسمع صوتها جيدا. إذ عملنا على زرع عابة جديدة لأربعمائة عام أخرى لن تنتج عمالقة كهذه، بالأصوات المميزة ذاتها. أي أن صوت على هذا الشاطئ عمره آلاف السنين، كما أنه في الواقع معرض للفناء.

عندما نتحدث عن البيئة اليوم قد نفكر بالحيوانات المعرضة للانقراض، أو بالنفايات السامة، قد نفكر  بكل هذه الأشياء معا، ولكن أحدا لا يفكر لحظة بالبيئة الصوتية بالأنغام وبأن سبل اتصالنا بالأرض غير محمي.

استلهمت المحميات المعنوية التي يسجلها غوردون في الجانب الأكبر فيها بتأثير من عالم طبيعة أمريكي بارز.

إنه جون موير، أب الحدائق الوطنية الذي سمع العالم بأنغام موسيقية، رقص على إيقاعها.

كان أستاذا كبيرا في تسجيل الأصوات التي في مذكراته، ولا شك أن هذه كانت التكنولوجيا الوحيدة في ذلك الوقت. كما أنه قام بعمل رائع لنا في رسوم تعكس لنا ما تعنيه النزهات مع موير والاستماع إلى الكوكب. أردت الانطلاق من كلماته وعصره نحو الفرص المتاحة لنا اليوم.

يجسد غوردون قسم جون موير بالقول: سوف أستمتع ما حييت بشدو العصافير وخرير الشلالات وأناشيد الرياح. سأترجم للصخور وأتعلم لغة الطوفان والعواصف وانهيار الجليد، والاقتراب من قلب العالم قدر المستطاع.

الخوض في النهر وتعقب أغنية المرسيد من لحظة ذوبان الثلج حتى مصيرها النهائي في المحيط، هو بالنسبة لي أشبه بعيش حياتي من جديد. أنزلق إلى جانبها بسرعة كبيرة قبل أن تكبر علي دون أن أتنبه إليها، لأن المتغيرات تحدث ببطء شديد. وهكذا يمكن أن أسمع هطول المطر من على مسافة بعيدة لأصفها على طريقة جون موير بالقول: صوت وقعها يختلف جدا عن جميع الأصوات، إذ يمكن سماعه عبر الأميال.

أبلغ ذروة مهنتي القصوى حين أتعرق وتنبعث مني الروائح على الطريق أتعقب الإيل أحس بأن الحياة دبت بمشاعري من جديد لأصبح وكأني جزء من تلك البراري التي أسعى لتجيلها وأكف عن التفكير. لم يعد العالم بلغتي بل بلغة السمع، التي لا صلة لها بالإنجليزية ، حتى أنها لا تلفظ بل تدرك بالإحساس.

تعتبر غابة هو فالي أفضل مثال على غابات المطر المعتدلة في الجانب الشمالي من العالم بأكمله. عندما يسمع الناس بكلمة غابات المطر يتخيلون الأمازون بلا شك، أما هنا في الولايات المتحدة، فلدينا غابات مطر خاصة بنا، وهي أماكن رائعة تستحق الزيارة، ومع ذلك فإن المزيد من الزوار يصعدون على الطرقات كل عام، بحيث تصبح مقاطع الصمت الخالية من الضجيج أقصر فأقصر. أما الأصوات الدخيلة على سكون البيئة فهي تتراوح معاطف صناعية وأناس يتحدثون عن أشياء يفترض أن يتداولوا بها في سياراتهم، وصراخ من على مسافة مائة يارد. عندما يتحدث المرء لا يمكن أن يسمع.

لنبقى هنا ويكتنفنا الصمت ونحتجب عن الرؤية.أعتقد أن الدهشة تتملك البعض حين يدرك بأني أستمتع بصحبة الناس. حين أرى حديقة مزدحمة، لا أحزن على الإطلاق، بل أرى في ذلك احتفالا بجمال الطبيعة. طوال خمسة عشر عاما من تسجيل الأصوات هنا في الحديقة، شهدت زوار الحديقة يتضاعفون مرة بعد أخرى بعد أخرى. السبب الذي يجعلني أعمل بمفردي وأبقى منعزلا في الأماكن البعيدة النائية، هو أن الناس الذين يأتون لزيارة الحديقة اليوم قد نسوا كيفية السمع. كما أن تجربتهم مع الطبيعة هي أشبه ما تكون بالرموز أو المعاني البصرية، مع أن هذا غير صحيح، فالطبيعة موسيقى ورائحة ومناظر خلابة، الطبيعة هي انجراف أجسامنا بكاملها إلى ما هو أبعد من الكلمات التي نقرأها نحو التجربة بحد ذاتها. إنها الحياة الأصلية، هي كما تبلغ مسامعي، هي منبع الشباب.

عام أربعة وثمانون كان باعي في التسجيل أربع سنوات فقط، وثقت خلالها عشرين منطقة من ولاية واشنطن، مقاطع خالية من الضجيج تزيد مدتها عن ربع ساعة. بعد خمسة أعوام من ذلك فقط، بقي ثلاثة من تلك الأماكن فقط. لا شك أن التلوث الصوتي للبيئة وصل بأسرع مما توقعت، ما يعني أنه لا يمكن القيام اليوم بغالبية التسجيلات التي أجريتها قبل عام خمسة وثمانين.

تؤكد دراسة المناطق البرية التابعة لصحراء يويبيت، أن ضجيج الطائرات موجود في أكثر من خمسين بالمائة من الوقت. ما يعني أن البيئة الصوتية ملوثة، لا تتحكم بها الطبيعة بل الإنسان. أحيانا ما يقول البعض بأن الأماكن الهادئة  رائعة جدا  ولكنهم يفضلون الحديث عن شيء آخر لأنها شبه مستحيل’ن ولكن هذا غير صحيح. كل ما يحيط بنا في المدينة من صنع أيدينا، نحن من قرر شكله وبنيته بما في ذلك حدود الحديقة الوطنية بحد ذاتها. ما يعني أننا إذا أردنا أماكن هادئة نستطيع الحصول عليها ولا شك أن الجميع يوافقني بأنها تستحق العناء.

هذا هو المفهوم الذي دفع غوردون للعمل بأشكال ملموسة جدا لحماية هدوء الطبيعة.

يبدو أن ثقافتنا فقدت بصيرة الطلائع الذين أنشأوا نظام الحدائق الوطنية. استخدم جون موير  عبارات الموسيقى والصوت والأغاني ليصف مسارح ومعزوفات البراري، التي هي اليوم في حدائقنا الوطنية، ولكن المدهش فيها هو أنها غير محمية على الإطلاق.  كل ما يجب ا، نفعله لإنشاء محمية نستمع فيها إلى معزوفات الطبيعة هو تحديد إنش مربع واحد لا يسمح فيه بالأصوات البشرية الدخيلة. هذا ما سيخلق فرصا من السمع الخالي من الضجيج، تمتد على مدى عشرين دقيقة أو ساعة كاملة، وذلك ضمن مساحة تقدر بعدة أميال.

روبن بوز تون مستشار سمعي:

أرى في إنشاء مساحة إنش مربع واحد من المساحة الهادئة مسألة واسعة النطاق، إذا حدثت فعلا ستكون رائعة لأنها ستعني بالمقابل أن الجميع ينصت.

هل يمكن لإنش مربع واحد من هدوء الطبيعة أن يواجه الاجتياح الصوتي للإنسان وآلاته؟

هيمبتون:

هذا الموضوع بالنسبة لي هو مجرد بداية شبيهة بكثير من الجداول في جبال أوليمبيك، هي ذوبان الثلج، هي شيء وصفه جون موير بذوبان الجليد وتحوله إلى موسيقى. إنها تلك القطرات الأولى، وتماما كما أعمل بتدفق الجداول، أنتقل من صخرة إلى أخرى، هنا لدي فرصة بالعمل من نقطة إلى أخرى. ولا شك بوجود تغير واضح، ولكن لا شك أن هناك صوت بالغ الحساسية لم أتمكن معه من استخدام الشاشة. يجب إزالة هذا، فهو يحتوي على مشكلة ضجيج الرياح. كان يجب أن أستعمل يداي للمكبرات الصوتية ولكن هذا ما زال ضمن الإمكانات البشرية أي أنه ضمن أسلوبي بعد.

يجد عدد كبير من أكثر تسجيلات غوردون حساسية ملاذا له في واحات طبيعية فريدة، هي شبكة الإنترنيت.

رابينويتز:

محاول تثبيت أصوات من جميع الأنواع على الإنترنيت. سيكون غوردون أحد الفنانين الذين يجمعون الأصوات المتنوعة التي ستكون جزء من شيء أسميناه بعالم الأصوات. وهي فكرة تكمن بالتوصل إلى صور صوتية، وملامح سريعة جدا من جميع أرجاء العالم.

دوغ هير مهندس مشروع عالم الأصوات:

انضمام غوردون في بداية هذا المشروع سيمكننا من الحصول على مجموعة ملفات في عالم الأصوات، قام بتسجيلها شخص فكر مليا بما يقوم به من عمل، كما ستشكل نموذجا لأشخاص كي يؤطرون مساهمتهم في عالم الأصوات.

هيمبتون:

مدننا تكاد تنفجر، بوقود يعتمد على النفط والكهرباء وكل ما يجعل الأشياء أسرع. مع أنها لا تتمتع بالكفاءة. والأسوأ من ذلك أنها تصدر الضوضاء. يجب ان أبتعد عن كل ذلك، فأجد أن أفضل طريقة للابتعاد هي التوجه نحو الجانب الذي يسوده الليل من العالم، لأجد المساحة السوداء، بما فيها من أماكن تتميز إما بكثافة سكانية منخفضة، أو بالتطور التكنولوجي المحدود. سوف تبقى هذه الأماكن مميزة بالهدوء.

إذا تبعنا الإيل،  أو الثعلب، أو طاردنا أحد النمور، سنجد بأنها تفكر بهدف محدد ولكن بهدوء. كما أنها لا تبدد الوقت إلا في الاستراحة والتمتع، أما الأماكن التي تختارها للاستراحة والاسترخاء فهي من وجهة نظري أفضل أماكن الاسترخاء والسمع.

 

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster