اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 الخلية المنجلية
 

خلايا منجلية

   الخلية المنجلية مرض يألفه غالبية السكان السود في أمريكا، فهو اضطراب  دموي موروث ينتشر أولا بين ذوي الأصول الأفريقية إلى أنه يصيب سكان حوض المتوسط  والعالم العربي وصولا إلى شبه القارة الهندية. إلا أن المزيج العرقي  في مجتمعات اليوم يجعل هذا المرض محل اهتمامات الجميل.

     يقدر عدد الذين يولدون بالخلية المنجلية في العالم سنويا بأكثر من ربع مليون طفل.

     تخفض الخلية المنجلية جذريا من فرص العيش لدى المصابين الذين يعانون من نوبات آلام حادة متكررة. تعرف العوارض التقليدية لهذا المرض في أفريقيا منذ عدة قرون، كما أنها معروفة لدى المعالجين المحليين.

   يمكن القول أن غالبية الناس يعرفون المرض من خلال الإشارات والعوارض التي يعاني منها المصابين. وهم يمنحون العوارض أسماء محلية، منها على سبيل المثال الديس والويوي، وغيرها من الأسماء الخاصة بكل قبيلة على حدة، وهي عادة من تعبر أو تصف الآلام التي يعاني منها المصابين بالمرض.

   يطلق عليه مثلا اسم كوبلي ويريما، أي، المؤثر بالعضم والحم. إنه ألم مبرح، هو أشبه بالحرق. يشعر المرء وكأن عظامه ستنشطر جزءان.   

   اقتيد الأفارقة عبيدا  إلى القارة الأمريكية بدءا من القرن السادس عشر، ولكن رغم التعرف التقليدي على هذا المرض في أفريقيا ولكن يبدو الأطباء الأمريكيين لم يتنبهوا إليه حتى بدايات القرني العشرين.

    حتى أنه لم يكتشف حينها لدى أفريقي أمريكي بل لدى طالب من وست إنديا اسمه والتر كليمنت نويل ما زال قبر عائلته واضحا في جزيرته الأصلية غرانادا.

    صادف حينها أن قام  نويل باستشارة الدكتور جيمس هيريك المهتم حينها بدراسة الدم.

 

   ذهب طالب طب أسنان من غرانادا إلى مستشفى في شيكاغو وهو يعاني من عوارض أدهشت الأطباء حينها، ولم يتم التعرف على الخلية المنجلية في أمريكا إلا بعد إلقاء نظرة مجهرية على عينة من دمه. جاء الأفارقة إلى أمريكا منذ أربعمائة عام، ومع ذلك لم يكن هناك أي تقرير يتحدث عن الخلية المنجلية في أي من الأدبيات الطبية الأمريكية حتى تلك الواقعة، ما أعتبره مدهش فعلا.

   من المدهش أن يستغرق الأمر طويلا أخذا بعين الاعتبار تشابه العوارض التي يعاني منها المصابين وخصوصا مستوى الآلام المبرحة. لا يتخيل ما كان عليه تعليل الأطباء لتلك العوارض. كواكو كواكو

   يمكن تخيل أن هناك أعداد العبيد لم يتحملوا عوارض القاسية للخلية المنجلية، كما تغلب البعض على أشكالها الأبسط وعوارض الألم المبرح واحمرار الكفين والقدمين لدى الأطفال والالتهابات الصدرية وتعقيدات مشابهة أخرى نعرف جيدا أنها على صلة بالخلية المنجلية. 

   من المحتمل ألا يبقى الأفارقة المصابين بالخلية المنجلية على قيد الحياة حتى يحصلون على العناية الطبية اللازمة والخوض في سن المراهقة ومواجهة تعقيدات الخلايا المنجلية الأشد قسوة.

   لاحظ هيريك تحت المجهر أشكال غريبة من الخلايا الدموية، ما أدى إلى البحث عن أسباب المرض طوال خمسين عاما.

   أصبح هذا المرض معروف جدا الآن، أصبحنا ندرك أن الكريات الحمر لدى مرضى الخلايا المنجلية تقوم بأداء مختلف عن الكريات الحمر السليمة، حيث نجد ان المركب الكيميائي وتحديدا البروتين المسمى باليَحمور الذي يحمل الأكسجين في الدم، عادة ما يحافظ على شكل منتظم في الكريات الحمر ما يمنحها أسطح ملساء تمكنها من الانزلاق بسهولة عبر الأوردة الضيقة، أما الخلايا فتتبع سلوك مختلف.

    يتبع اليحمور المنجلي أثناء حمل الأكسجين سلوكا مشابها لليحمور العادي، ولكنه بعد التخلي عن الأكسجين المفترض نقله إلى الجسم، يأخذ اليحمور بالتحول إلى جل يجبر الخلايا على الاضطراب، لتأخذ شكل الخلايا المنجلية كما نسميها، لتصبح صلبة دبقة ما يحول دون عبورها الأوردة الضيقة والمساهمة في انسدادها. أي أن هناك مشكلتين رئيستين تنجمان عن مرض الخلية المنجلية، أولهما انسداد الأوردة بتلك الخلايا ومنع تدفق الدم في أرجاء الجسم، وحيثما يحصل الانسداد تلتهب الأنسجة وتتعرض للتلف إن تأخر ضخ الأكسجين إليها.

   أثبتت فحوص الدم البسيطة الجارية منذ عام ألف وتسعمائة وعشرين على الخلايا المنجلية أن توفرها في الدم لا يعني بالضرورة إصابة أصحابها بالمرض.  سرعان ما تأكد أن مرض الخلايا المنجلية ينتقل بالوارثة، وأن نمط التوارث يوحي بتفسير جيني بسيط نسبيا.

     النموذج الأول طبيعي نرى فيه خطوطا واضحة عبر المحلول.  وفي النموذج الثاني سمة منجلية تبدو في تعكر يمنع رؤية الخطوط. وفي النموذج الثالث لدينا تعكر أشد يمنع رؤية الخطوط، الفارق بين الثاني والثالث هو أن الأخير هو أخف كثافة بسبب الأنيميا، أو فقر الدم الناجم عن المنجلية، المهم أنها عكرة لا ترى الخطوط من خلالها.

   الخلايا المنجلية مرض متوارث أي أنه يولد مع المصاب ولا يتم انتقاله من شخص إلى  آخر كالأمراض المعدية. ألوان العيون والشعر عناصر نتوارثها من الآباء، الذين يمنحونها بجينات تتجسد عبر هذه المواصفات. أنواع الدم الذي نحمل تتصف بالجينات التي نرث عن آبائنا، وداخل اليحمور  المتوفر في الكريات الحمر الدموية لدينا هناك جينات نرثها عن الوالدين أيضا. هناك أصحاء قد يحملون جينات الخلايا المنجلية، عادة ما نسمي هؤلاء بحاملي السمة المنجلية الذين ورثوا جينات الخلايا الطبيعية من أحد الأبوين وجينات الخلايا المنجلية من الآخر. هذا ما يسميه البعض بالإيه إس، ذلك أنها تحمل نوعين من  اليحمور الإيه والإس.

    إن كان لدى الأبوين ما يعرف بالسمة المنجلية قد ينجبان أطفالا باحتمالات ثلاث: أولها طفل بيحمور طبيعي إيه إيه، أو طفل مثلهما بيحمور من نوعين إيه وإس أو السمة المنجلية، أو طفل مصاب بمرض الخلايا المنجلية أو ما يعرف بالإس إس.

    يعني ذلك في النسب أن الحمل معرض بنسبة خمس وعشرين بالمائة بإنجاب طفل بيحمور طبيعي، واحتمال إنجاب طفل صحي يحمل السمة المنجلية  بنسبة خمسين بالمائة واحتمال انجاب طفل مصاب بالمرض بنسبة خمسة وعشرين بالمائة.

    أكدت الأبحاث التي أجريت خلال الأربعينات أن الخلايا المنجلية مرض لاحق العبودية الأفريقية في أرجاء الولايات المتحدة.

    ثم تبين أن السمة المنجلية بين سكان القارة الأفريقية مسألة شائعة، حتى أنه تصيب أربعين بالمائة من الناس هناك، إلا أن قلة من الراشدين يعانون من هذا المرض،ما يوحي بأن غالبية المصابين يموتون في طفولتهم.

    يبدو اليوم أن الوفيات بين المصابين بالخلايا المنجلية من الأطفال كانت شائعة في بعض العائلات لدرجة أن خرافات التقمص نشأت في كثير من ثقافات غرب أفريقيا.

    يدعي المعالجين المحليين في غانا أنهم عرفوا أطفالا ولدوا وهم يحملون الخلايا المنجلية ثم ماتوا ليولدوا من جديد. 

   تتكرر حالات الولادة والموت في بعض العائلات، عند حدوث ذلك مرات ثلاث يشتهر الطفل الثالث بعلامة ما. وعندما يولد هذا الطفل مجددا يفترض به العيش، وذلك بسبب العلامة والمعاناة والمرض.

   أصبحت الجينات تفسر اليوم هذه الأساطير، ذلك أن طفل واحد قد يموت لإصابته  بمرض الخلية المنجلية من بين كل أربعة أطفال من أبوين يحملان السمة المنجلية.

    تشكل هذه النسبة العالية من الوفيات أحجية معقدة. كيف أصبحت الخلية المنجلية مرضا شائعا؟  رغم ندرة  الاضطرابات الجينية التي تفتك بالطفولة، وتقلص تكرار الجينات لدى السكان عبر الأجيال، ذلك أن المرضى عادة ما يموتون قبل تمكنهم من التوالد ونقل الجينات.

   كان هناك طالبا في كلية الطب عام واحد وخمسين، وقد سافر في بعثة لجامعة أكسفورت إلى مونت كينيا. تخصص حينها في علم الأعراق وقد عمل على أخذ نماذج من دم سكان شرق أفريقيا للتعرف على مواصفات دم مختلفة، ومن بينها حالة الخلايا  المنجلية.

    كان من الواضح أنها لم تتوزع بشكل منتظم حيث كان يعمل في كينيا، وقد توالت جدا هذه الحالات بين سكان الشواطئ والمناطق المحاذية لبحيرة فكتوريا، كما قلت جدا بين أبناء الأرياف الصحراوية والجبلية، ما يوحي بتأثرها بالعناصر البيئية، تقديرا لانتماء السكان لفئات دم مختلفة ولغات مختلفة، ما قد يشير إلى وجود نوع من الانتقاء الطبيعي.

    قام خلال تلك الفترة ببعض الأعمال ضمن مستشفى كيسومو القريب من بحيرة فكتوريا، ومستشفى مومباسا القريب من الساحل.  وقد شاهد في قسمي الأطفال في كلا المستشفيين كثير من مرضى الخلايا المنجلية الواضحة.

    المفارقة هنا هي أن لدينا من جهة عدد متوقع من مرضى الخلايا المنجلية الذين لا يبقوا على قيد الحياة، رغم انتشار جينات شائعة في بعض أجزاء البلاد دون أجزاء أخرى ، هذا ما أثار احتمال وجود عامل انتقائي فاعل، يساهم في تعزيز حالة المصابين بالخلايا المنجلية في مناطق الفعالية الانتقائية، وقد أوحى هذا التوزيع إلى أن الملاريا قد تكون على صلة بالأمر.

   تنتقل الملاريا عبر أنثى البعوض التي تتغذى بالدم.  يكثر البعوض في المناخ الرطب ذلك أن تكاثره يتطلب توفر المياه، وهذا ما ينطبق بالتالي على الملاريا.

    تنبه أليسون إلى أن انتشار السمة المنجلية في المناطق المائية لكينيا حيث البعوض والملاريا هو أكثر بكثير مما هو عليه في المناطق الجافة الأقل عرضة للملاريا.

   أجريت دراسات لاحقة في مناطق أفريقية أخرى رشحت عنها وجهات نظر تتحدث عن تردد انتشار أكبر لحالات الخلايا المنجلية في مناطق الملاريا الأفريقية.

   عند إجراء مقارنة بين خرائط انتشار الخلايا المنجلية في أرجاء من الأبيض المتوسط والجزيرة العربية وجنوب آسيا مع خرائط انتشار الملاريا تاريخيا تبين أن هناك نسبة عالية من التوافق بينها.

    تبين حينها أن الأطفال المصابين بالسمة المنجلية قد يمتازون بمقاومة الملاريا الحادة التي كثيرا ما تفتك بالأطفال، وهي اليوم سببا في موت ربع أطفال القارة الأفريقية. إذا تأكدت صحة ذلك سيثبت معه صحة تفشي جينات الخلايا المنجلية في مناطق الملاريا. سيعني ذلك أن ذوي السمة المنجلية من الأطفال أقل عرضة للموت بالملاريا من ذوي اليحمور الطبيعي، ما يعني انهم قادرين على بلوغ سن الرشد للتكاثر وتمرير جيناتهم المصابة لأبنائهم.

   سجلت ملاحظات حول أطفال أصيبوا بالملاريا الفتاكة وأدخلوا إلى المستشفيات في كمبالا أوغاندا وبلدان أفريقية أخرى. وقد تبين أن السمة المنجلية كانت شبه غائبة كليا لديهم، وأنها أقل بكثير مما نجده عادة لدى هؤلاء السكان. يعتقد أن هذا دليل قاطع على أن الطفل المصاب بسمة الخلايا المنجلية فهو أقل عرضة للموت بالملاريا من طفل لديه يحمور طبيعي.

  لم تتضح آلية مقاومة أطفال الخلايا المنجلية للملاريا بعد. ولكن ما يعرف هو أن طفيليات الملاريا تمضي جزءا من دورة حياتها داخل الكريات الحمر، كما أن الخلايا المنجلية تعتبر قاسية على الطفيليات.

    المؤسف هو أن المصابين بمرض الخلية لا يتمتعون بمقاومة للملاريا شبيهة بالسمة المنجلية.

     ما زالت الملاريا في غرب أفريقيا تشكل سبب رئيسا لموت الأطفال، كما أن ربع الراشدين من السكان مصابين بالسمة المنجلية. ولكن ماذا لو أزيلت الملاريا الفتاكة من الصورة؟ في المرحلة التي نقل الأفارقة عبيدا من بلادهم إلى أمريكا؟

في حال اختفاء الملاريا، وضاع التقدم الانتقائي للسمة المنجلية، من المفترض أن ينخفض تكرار الجينات لدى السكان.

     ربما حدث هذا عند نقل الأفارقة من غرب أفريقيا إلى أمريكا، وتحديدا الولايات المتحدة حيث اختفت الملاريا الانتقائية.

     عند مقارنة تكرار حوالي عشرين بالمائة  من سكان مناطق شاسعة من غرب أفريقيا بتكرار ثمانية بالمائة أو أقل تنتشر اليوم في الولايات المتحدة، سنجد أن هناك انخفاض في انتشار السمة المنجلية بما يقرب من التوقعات، إلى حد المزج بدماء غير أفريقية يمكن تمييزها بدقة عن علامات الجينات الأخرى.

   أخذ المصابين بالخلايا المنجلية يعيشون اليوم أكثر حتى بلوغ سن النضوج بفضل ارتقاء سبل العيش المترافقة مع الطب العصري، ما يعني أن الجينات المصابة لم تختفي كليا، مع أنها قد تضعف تدريجيا، لتنتشر على مساحة أوسع من المزيج العرقي للسكان.

     ومع ذلك ما زال الطب عاجزا عن علاج مرض الخلايا المنجلية الذي يصيب خمسة وسبعون ألف شخص في الولايات المتحدة وحدها، علما أنه شهد خلال السنوات الماضية بعض التقدم في سبل التعامل معه.

     يعتبر القسم المتخصص في أبحاث الخلايا المنجلية في مستشفى أطفال فيلاديليفا واحدا من عشر مراكز تعنى في دراسة هذا المرض وعلاجه في الولايات المتحدة. يعنى المركز بالأطفال المصابين بهذا الداء منذ الولادة حتى الثامنة عشرة من العمر، وهو يبرز اهتماما فريدا برعاية المرضى. يشمل ذلك فريقا متعدد الاختصاصات يعنى بالجوانب الطبية والنفسانية  الاجتماعية التي تواجه المرضى.

   إن سبل الوقاية الوحيدة تعنى بالالتهابات. ندرك اليوم أن حقن أطفال الخلايا المنجلية مرتين في اليوم يساهم في الوقاية من الالتهابات الصدرية الحادة، التي عادة ما تشكل سببا  للوفيات خصوصا في العام الثالث من العمر. هذا هو العلاج الأساسي المعتمد لدى الصغار في السن. كما يعمل على تدريب العائلة جيدا حول علامات ومؤشرات الالتهابات، لأنه رغم البنسلين وجرعات الحقن التي تقدم يبقى الطفل عرضة لتلك الالتهابات والموت منها. لهذا نرى من أهم ما يمكن أن تقوم به العائلة هو التعرف على تلك المخاطر والإسراع بالطفل إلى المستشفى حال ظهور العوارض لمعالجتها.

   كثير من الناس لا يعرفون الخلايا المنجلية حتى يتم شرحها لهم، لهذا أجبرت على إبلاغ المدرسة عن هذا المرض، بحيث يتنبهون إلى بعض المسائل وضرورة الإبلاغ عند تعرض أحد ما بأزمة كإصابته بالصداع وارتفاع الحرارة وما شابه.

   ساهم التقدم في الرعاية والعلاج في سن الطفولة إلى تحسن ملحوظ في معدلات العيش مؤخرا.

   أصبح مرض الخلايا المنجلية يختلف كليا عما كان عليه قبل أربعين عاما، حيث بدأنا ندرك بوضوح أهمية البنسلين الوقائية، كما أدركنا أهمية الفحص المبكر لحديثي الولادة لتحديد الإصابة، كما قادنا التغير في التقنيات الجراحية إلى ما يشبه العصر الجديد، فقد كانت توقعات الحياة قبل أربعين عاما تتراوح بين عشرين وثلاثين عاما أما اليوم فبلغت معدل الأربعين عاما. يعتقد أن خلال السنوات العشر القادمة سيصل إلى معدل عيش قريب من معدلات الأفارقة الأمريكيين.

    قامت جميع الولايات المتحدة الأمريكية باستثناء ستة ولايات فقط بضم فحص الخلايا المنجلية على حديثي الولادة. يعتقد أن هذا برنامج بالغ الأهمية كما يصر على ضرورة أن يشمل فحص الخلايا المنجلية حديثي الولادة في العالم أجمع.

   ساهم الدكتور أوهيني فريمبون وفريق عمله بإقامة أول برنامج لفحص حديثي الولادة في بلده الأصلي غانا. يعتمد البرنامج المتبع في مستشفى كونفو أنكويي التعليمي في كوماسي على أسس النموذج المعتمد في فيلادلفيا.

     يحاولون هنا تحديد المرض منذ الطفولة لتحسين سبل العلاج المقدمة لهم، إلى جانب معرفة المزيد عن أساليب نمو المرض بين الأطفال الأفارقة.

   تكمن الفكرة في الكشف عن المرض في سن مبكر لتتم متابعته في هذه الدراسة، بحيث يتعقب التاريخ الطبيعي لهذا المرض. لأن ما فعل حتى اليوم في أفريقيا يكمن بإقامة مستشفيات للخلايا المنجلية التي يأتي إليها المرضى، دون تعقب. أما اليوم فهناك متابعة لمعرفة المزيد عما يصيب الأطفال المصابين خلال السنوات الخمس الأولى من حياتهم.

     يفحص حديثي الولادة لدى مستشفيات الأطفال  باعتبار أن ستين بالمائة من أطفال كوماسي يولدون على أيدي كفاءات صحية مؤهلة، كما يولدون في مستشفيات للولادة والأطفال، تؤخذ بعد الولادة مباشرة  عينة من دم كاحل الطفل يوضع على قصاصة ورقية ترسل للفحص والتحليل، ضمن عملية في غاية البساطة.
 ترسل عينات الدم إلى مختبرات في معهد نوغوشي في أكرا لإجراء التحليلات عليها. يستخرج اليحمور من الدم المتجمد على الورقة ليتم تحليله عبر تقنية تعرف باسم كهروفروسيس، وهي تكمن بعبور تيار كهربائي عبر النماذج لتمرير اليحمور من خلال الجل. تنتقل أنواع اليحمور المختلفة لمسافات مختلفة حيث تخضع للمقارنة والتصنيف.

   فحص سبعة وعشرين ألف مولود أصيب خمسمائة منهم بداء الخلية المنجلية. تبين  أن اثنان بالمائة من الأطفال مصابين بهذا المرض.

   يتم إدخال الأطفال المصابين بالمرض إلى مستشفى كومفو أنوكيي، حيث يتلقون البنسلين ويخضعون لمراقبة صحية دورية مستمرة.

     يعتبر توجيه الآباء جزء هام من برنامج التوعية كما هو الحال في فيلادلفيا.

   من خلال الجلسات على محاولة إطلاع الأبوين  على أسباب إصابة المولود بمرض الخلايا المنجلية. هناك بعض العلب التي تسمى علب الميراث التي تحتوي على كريات تنس يعرض من خلالها مختلف الاحتمالات. يبدأ مثلا بسيدة لديها إيه إس وزوجها مشابه لها، يريدان إنجاب أقل من سبعة أطفال، فيقومان باختيار كريات متعاقبة تعكس الاحتمالات المتوفرة. عند ذلك يفهمان سبب إنجاب أطفال أصحاء أولا يليهم طفل مصاب أو يبدأان بطفل مصاب يليه أصحاء.

      عادة ما تتولى الأمهات هنا تربية الأطفال. لهذا يشرح لهن سبب زيارة المستشفى ويستعرض لهن أهمية البرنامج في رعاية الأطفال المعرضين لاحتمالات الخلية المنجلية. يؤكد لهن اكتساب الطفل للمرض من خلال الأم والأب معا وليس من خلال الأم وحدها.  أحيانا ما تخبر إحداهن زوجها فيرفض ذلك قائلا أنه ليس مريضا وأنه لم يسبق أن تعرض لمشكلة صحية من قبل.  يرفضون تقبل فكرة أن لديهم طفل مصاب بالمرض. وأحيانا ما يمنعون زوجاتهم من التردد على المستشفى.

   يتطلب نشر التوعية حول الطبيعة الحقيقية لمرض الخلايا المنجلية جهدا كبيرا من قبل وسائل الإعلام بما في ذلك برامج الحوار في الإذاعات، والأشعار والأغاني.

   أحيانا ما ينجب الأبوين طفلا مريضا، ومع ذلك غالبا ما لا يبذلان جهودا مشتركة لمساعدته، وعند الخلافات يقول الزوج أنها ورثت المرض عن أمها، وينسيان أنه مزيج منهما معا. 

   تعمل ماري ممرضة ضمن برنامج فحص حديثي الولادة. تكمن مهمتها بملاحقة الآباء المصنفين بإس إس، وجعلهم ينضمون إلى برنامج التوعية في المستشفى. كما عليها متابعة المرضى المسجلين في البرنامج دون حضور جلساته. يعني ذلك في غياب الهاتف البحث عن عائلات في المدينة مشيا على الأقدام. رغم غياب دقة العناوين والمواقع المحددة تستطيع الممرضات الوصول إلى أماكن غالبية العائلات التي تبحثان عنها.

   قال الشخص أنه يسكن بالقرب من مونلايت سيفين، ولكن المؤسف أن العنوان الذي يبحثون عنه بعيد جدا عن أرجاء الإشارة المحددة.

   يقوم الموظف الاجتماعي شوك أدامز في فيلاديلفيا أيضا بمتابعة المشاكل الاجتماعية التي تواجه مرضى الخلايا المنجلية وعائلاتهم.

   كثيرا ما يشكل المرض بحد ذاته عائقا أما إيجاد حل لمشكلة ما. في يوم بارد كهذا نجد أنه لا بد من نقل عائلة ما تسكن في مبنى مهجور إلى مأوى دافئ ولكن شرط أن يتمتع برعاية طبية. قد يكون هناك عائلة تواجه مشكلة في التدفئة أو الطعام أو ما شابه. سيؤثر هذا كله على عائلة لديها طفل يعاني من مرض الخلايا المنجلية. صحيح أنهم يواجهون مشكلة اضطراب في الجينات ولكن الفقر هو أول اضطراب عليهم مواجهته.

   تتحسن الآفاق المتعلقة بمستقبل الأطفال المصنفين مرضى بالخلايا المنجلية منذ الولادة باطراد عبر برنامج العلاج والرعاية المتبع في مستشفى أطفال فيلادلفيا. يرى العديد من أخصائيي هذا المرض في تنامي التوعية والتوجيه الاجتماعي عموما تحديا أساسيا لهم.    

   تحول مرض الخلايا المنجلية عبر السنين إلى داء شبه يتيم، من حيث أنه يصيب الأمريكيين السود وحدهم لما عانوه من ظروف تاريخية صعبة في الولايات المتحدة. مات الكثير من المصابين بالمرض في سن مبكرة.  يعتقد ان الأعداد آخذة بالنمو مع اكتشاف مزيد من حديثي الولادة المصابين بالمرض، فهناك مصاب واحد من بين ثلاثمائة وخمسة وسبعين طفل أمريكي أسود. يتأمل بلوغ هؤلاء الأطفال سن المراهقة والرشد، فإذا بدأوا في تعليم هؤلاء الأطفال وتوعية المجتمع المحيط به،  يمكن توجيه عدة مجتمعات إلى جانب عدة أفراد. يعتقد ان هذا هو السبيل الوحيد لتنبه المجتمعات إلى أهمية آفاق التشخيص قبل الولادة،وما هي آفاق العلاج بالجينات في المستقبل مثلا أو زراعة العظم النخاعي، والتعرف على آفاق العلاج الملطف كعمليات نقل الدم المتوفرة لمرضى الخلايا المنجلية. يجب أولا توعية المجتمع بكامله،ولا يمكن أن يحصل ذلك دون أن يمنح المرضى القوة من قبل الأطباء.

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster