|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
البركان
انفجر بركان مونسرات مجددا، وقذف أنهرا من الصخور المنصهرة نحو المطار وأشعل النيران في منازل مهجورة من العاصمة بليموث.
أربعة آلاف من السكان غادروا الجزيرة الكاريبية الصغيرة، وتقول الحكومة أنه إذا استمرت الهجرة لن تكون الحياة ممكنة بعدها.
يتفجر البركان عادة بأشكال من العنف المستمر، ليقذف أطنان من الصخور المنصهرة مع كل انفجار، ليقتصر السكان على أعداد ضئيلة جدا في الشمال. أدى الانفجار البركاني الأخير إلى موت عشرين شخصا،وقضى على ثلثي مساكن مونسيرات، ما أدى إلى تشرد ألف لاجئ جديد يحتاجون إلى مساعدات عاجلة.
الكوارث الناجمة عن تساقط الصخور والحمم المنصهرة واضحة، ولكن هناك جانب آخر لا يقل فتكا عن الانفجار البركاني.
تدفق فلذيبركاني. هو نهر قاتل من الغازات السامة والرماد الساخن تنهمر بصمت على جوانب البركان. وهو ينطلق بسرعة سيارات الفورمولا وان لتقضي على كل ما في طريقها.
لا شك أن سيولا مسحت مدينة بومباي الرومانية مع انفجار بركان فيسوفيوس عام تسعة وسبعين ميلاديا. من السهل أن نرى تأثيرات البراكين على محيطها، ولكنها قد تؤثر أيضا على الأرض بكاملها، فهي تبعث بالغازات والغبار إلى الغلاف الجوي، ولا يهم ما ينزل على الأرض بل ما يتصاعد في الجو، ذلك أنه قد يغير مناخ الأرض ليؤثر في النهاية على العالم أجمع.
لمعرفة مدى إمكانية ذلك لا بد من التعرف أولا على ما تقذفه البراكين.
ما نراه يخرج من البراكين عادة هو مياه مركزة وجزيئات رماد معدني تتساقط من الجو بسرعة كبيرة.
أما الدخان الذي نراه ينتشر في أرجاء الكوكب فهو يتألف من قطرات حامض السولفر، وهي صغيرة جدا تعجز العين المجردة عن رؤيتها، ولكنها تتشكل في الغلاف الجوي الخارجي عندما تتحول غازات السولفر التي يطلقها البركان عبر عمليات كيميائية هناك إلى حامض السولفر الذي يتحول بعدها إلى ضباب رقيق. انفجر بركان بيناتوبا في الفليبين يوم الخامس عشر من حزيران يوينيو من عام واحد وتسعين، ليطلق أعداد هائلة من الجزيئات المجهرية تعرف بالهباء الجوي إلى الغلاف الخارجي.
بلغ ارتفاع الهباء الجوي ما يقارب سبعة وعشرين كيلومترا، أي في قلب ستراتوسفير الأرض. قدر حجم تلك المواد بعشرين مليون طن من ثاني أكسيد السولفر، هذا إلى جانب كميات من الرماد وبخار الماء.
هذا ما ضاعف ألف مرة حجم الهباء الجوي المنتشر في طبقات الستاتوسفير.
تراقب الأقمار الصناعية فوق الأرض تقدم الهباء الجوي المنتشر في الستاتوسفير وتوسعها من حول الأرض. شكلت في البداية حزاما حول المناطق الاستوائية، ولكنها في الحادي عشر من تموز انتشرت عميقا لتغطي الجانبين الشمالي والجنوبي من الأرض، وفي الخامس عشر من آب أغسطس أصبحت تغطي الكوكب بكامله. عند التأمل عرضيا في الغلاف الجوي نجد أن الهباء يتركز على ارتفاع يتراوح بين عشرين وخمسة وعشرين كيلومترا فوق خط الاستواء. عرف تأثير الهباء الجوي على الأرض عبر قياس كميات أشعة الشمس القادمة إلى مركز الطاقة الشمسية جنوبي كليفورنيا. من سوء الحظ أن كمية الطاقة الشمسية التي تصل من السماء قد انخفضت نسبيا بالمقارنة مع الأعوام الماضية، ما ينجم عن عدة أسباب، يعتقد أن من بينها انفجار بركان بيناتوبو منذ بضع سنوات، مستوى جزيئات ثاني أكسيد السولفر التي علقت في الغلاف الجوي أدت إلى انخفاض يتراوح بين خمسة وعشرة بالمائة من الإشعاعات الشمسية التي تصل إلى السطح. أضف إلى ذلك أنه من المتوقع مرحلة من ست سنوات جفاف في هذه المنطقة. عادة ما يتوقع ثلاثين يوما من الغيوم سنويا هذا هو المعدل.
أدى هباء الستراتوسفير الناجم عن بركان بيناتوبو مشاهد غروب مدهشة من حول العالم خلال عامي واحد وتسعين واثنين وتسعين.
أما مدى تأثير الهباء الجوي فهو يعتمد على حجم الجزيئات، وكم ستبقى في الغلاف الجوي. جمعت طائرات الأبحاث جزيئات هباء بركانية كهذه. وهي صغيرة جدا قد لا تتعدى جزء من عشرة آلاف من المليمتر. قدرتها على بعثرة الضوء تسببت بما هو أكثر من تعكير صفو السماء، إذ خفضت من حجم أشعة الشمس التي بلغت سطح الأرض. أطلق بيناتوبو كميات كبيرة من الهباء الجوي إلى الستراتوسفير بقيت لأكثر من عامين برّدت خلالهما الأرض، فكان عام اثنين وتسعين أبرد بكثير من عام واحد وتسعين.
وقد بلغ حجم التبريد الناجم عن بيناتوبو يوازي غازات تأثير الدفيئة على الجو حتى ذلك الحين. لهذا كانت الأرض أبرد وقد عمل ذلك بعكس تأثير الدفيئة.
بعد انفجار بينتوبو تحركت غيوم غازات السولفر وبخار الماء والهباء الجوي نحو الغرب لتحيط بالأرض خلال اثنين وعشرين يوما. ولكن تأثيرها على الحرارة لم يقتصر على البرودة البسيطة المتوقعة.
تعكس هذه الخريطة متغيرات الحرارة في شتاء عامي واحد وتسعين واثنين وتسعين.
ترمز المناطق الزرقاء إلى انخفاض الحرارة من واحد إلى ثلاث درجات سلسيوس، كما يرمز الأصفر إلى سخونة بطيئة وغير معتادة، والمناطق الحمراء ارتفاع الحرارة أكثر من العادة إلى أربع درجات ونصف سلسيوس . صعد هباء السولفر من البركان مباشرة إلى الستراتوسفير، ما زاد السخونة الاستوائية، ما أدى إلى فوارق أكبر من المعتاد في الحرارة بين المناطق الاستوائية والقطبية. أدى ذلك إلى تيارات أقوى غيرت أنماط دورة الغلاف الجوي، ما جعل الرياح الجنوبية أكبر من المعتاد، ما تسبب في شتاء أكثر دفئا من المعتاد في أوروبا وأمريكا الشمالية.
هذا التأثير الديناميكي الذي أصاب دورة الغلاف الجوي غير بديهي، لأنه بالإضافة إلى منع أشعة الشمس والتبريد البسيط، جاء التغير في دورة الغلاف الجوي وفي وجهة الريح بتأثير أقوى سبب مزيدا من السخونة.
من الظواهر التي تحدث عند انسياب الحمم البطيئة بدل انفجارها بعنف هو أن غازات السولفر تنبعث في الغلاف الجوي الأسفل، وتحديدا حيث نجد المناخ والغيوم والأمطار ما يعني أن الهباء الجوي هناك لن يدوم طويلا في السماء، قد لا تزيد هذه الفترة عن عدة أسابيع.
أما في حالات الانفجار البركاني فهي تبلغ أحجاما تدفع الهباء الجوي إلى الستراتوسفير، ما يعني بقائها في طبقاته لفترات قد تصل إلى سنوات عدة، لتترك آثارا جدية على تأثير المناخ، فالأمر لا يقتصر على كثافة الهباء الجوي بل يشمل أيضا المدة الزمنية التي تشكل فيها عجزا في شبكة الطاقة على سطح الأرض.
عام ألف وتسعمائة واثنان وثمانون انفجر بركان تشيشون في المكسيك، ليطلق رماد بركاني تم التقاطه بالأقمار الصناعية.
وقد كشفت صور ما فوق البنفسجية عن شيئا آخر فاق غيوم الرماد، هو جيب من الغاز انتشر بعد واحد وعشرين يوما ليشك حزاما رقيقا حول خط الاستواء.
بلغ وزن الهباء الجوي ثلاثة فاصلة ثلاثة مليون طن من ثاني أكسيد السولفر التي بقيت ثلاثة أعوام في الستراتوسفير. ولكن تأثيره المناخي لم يكن هاما بالمقارنة مع انفجار بركان تمبورا عام ألف وثمانمائة وخمسة عشر، الذي كان أكبر بخمسين مرة على الأقل. اشتهر العام التالي من تمبورا بعام بدون صيف.
يعتبر انفجار تمبورا أكبر انفجار بركاني نعرفه، وقد أدى إلى برودة في الكوكب قاربت درجة واحدة سنتيغراد. قد لا يبدو هذا كثيرا ولكن حين ننظر إلى الاضطرابات المناخية على المستوى المناطقي تجد أنه يتضمن معان هامة.
اعتبر صيف عام ألف وثمانمائة وستة عشر مثلا بالغ الصعوبة في نيوإنجلند، حيث ظهرت مراحل جليدية بين حزيران يوينو وآب أغسطس، أدت إلى تدمير واسع للمنتجات الزراعية هناك. ما يعني حصول خلل في الحرارة بلغت عشر درجات، أما فوق الكوكب فيصبح المعدل درجة واحدة لأن بعض المناطق قد تصبح أكثر سخونة مقابل برودة في المناطق الأخرى.
تؤكد معلومات تمبورا والبراكين الأخرى أن هناك علاقة وثيقة بين الغازات التي تطلق في الجو وما تتركه من أثر على المناخ. الانخفاض في الحرارة يتعلق بانبعاث السولفر من عدة براكين. جبل سانت هيلين، وكراكاتوا، وكاتماي وتمبورا. هناك علاقة وثيقة بين كميات السولفر المنبعثة وبرودة الكوكب المرتبطة بكل انفجار.
يشهد الغلاف الجوي ضبابية منذ بداية الانفجار البركاني، ما يعني وصول كميات أقل من أشعة الشمس. سرعان ما بلغت حدودها القصوى ثم تبع ذلك فترة زمنية طويلة انقشع بعدها الغلاف الجوي تدريجيا، وذلك مع تبعثر حامض السولفر عبر تساقطه.
هذا التساقط عبر المطر الحمضي أو الرماد البركاني ما زال محفوظا في قلب الجليد، حيث يخبئ معلومات هامة للعلماء حول الأحداث القديمة.
يجد علماء البراكين في حدث الصوَّة انفجار بركاني شكل جزيرة هائلة في سوماترا قبل خمس وسبعين ألف عام. يصل عرض الجزيرة إلى أربعين كيلومترا وطولها مائة كيلومتر.
انبعثت حينها حوالي ثلاثة آلاف كيلومتر من الرماد، يمكن تعقبها في أرجاء خليج البنغال، وفي شمال الهند الواقع على بعد ألفي كيلومتر من هناك. هناك آثار لسجلات حامض السولفر في طبقات جليد القطب الجنوبي. بلغ هول انفجار بركان توبا حدا يحتمل معه أن يسبب توسع الثلوج خلال العصر الجليدي الأخير.
مشاهد الانفجارات البركانية مدهشة فعلا، ولكنها لا تشكل السبيل الوحيد لتأثير البراكين على المناخ. فهناك عوامل أخرى تدوم فترات أطول من ذلك.
عام ألف وسبعمائة وثلاثة وثمانين انطلق أربعة عشر كيلومتر مكعب من الحمم البازلتية من تصدع لاكي في أيسلندا، لتشكل أضخم انبعاث بركاني في التاريخ المعروف. ترافق هذا الكم الكبير من الحمم مع انبعاث هائل للغازات البركانية التي تشمل الفلورين إلى جانب ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء وثاني أكسيد السولفر.
عند انبعاث الفلورين من البراكين يمتصه الرماد بجزيئاته ليسقط على الأرض ويلوث النباتات ومراعي المواشي التي عادة ما تهضم أعشاب المراعي ما يصيب القطعان بعدة أمراض من بينها الفلوروسيس وداء المفاصل وتساقط الأسنان الذي يؤدي نهاية إلى نفقها. وقد أدى ذلك إلى خسارة خمسة وسبعين بالمائة من المواشي في أيسلندا بسبب هذه الكارثة. أثر ذلك أيضا على عدد السكان في أيسلندا حيث انخفض حجم السكان هناك على مدار العامين التاليين بنسبة أربعة وعشرين بالمائة، ما اعتبر أكبر كارثة أصابت أيسلندا في التاريخ، وقد نجمت عن الانفجار البركاني، وكانت الغازات البركانية تحديدا هي السبب الرئيسي في هذه الكارثة الإنسانية.
يقدر انبعاث السولفر من المصانع اليوم بثلاثة أضعاف انبعاثات لاكي، مع أنها تصب جميعها في التروبوسفير، ما يعني أن عمرها قصير في الغلاف الخارجي وليس لها تأثير على المستوى العالمي.
يكمن الفارق الرئيسي بين تدفق الحمم والانفجار البركاني هو أن تدفق الحمم لا يؤدي إلى أعمدة دخانية عالية يصل ارتفاعها أحيانا إلى عشرة كيلومترات.
عند اقتصار الغازات على طبقة التروبوسفير وحدها لن يعيش الهباء الجوي طويلا ليصبح تأثيره ثانويا، لأنه يعاود الهطول مع الأمطار، كما ينضم إلى الدورة المناخية العادية.
وقعت حادثة أكبر من هذه غطت منطقة تصل إلى مائة ألف كيلومتر مربع بين ولايتي واشنطن وأوريغون شمال غرب الولايات المتحدة، وقد عرف ذلك بتدفق البازلت القاري.
تشكل كل من الطبقات الطويلة مرحلة من تدفق حمم البازلت التي تسربت من تصدع شبيه بلاكي في أيسلندا. تتراكم خمس طبقات من هذه الحمم فوق بعضها على ضفاف نهر غورج، تتراوح سماكة كل منها بين عشرة وثلاثين مترا. تعتبر محافظات البازلت بالغة الأهمية في علوم الأرض. فهي تتحدث عما شهدته المنطقة من ظواهر عندما غطت تلك الحمم سطح الأرض بالكامل.
ما نراه من بقع سوداء كبيرة على سطح القمر ناجم عن تدفق البازلت، لهذا نأمل أن ينطبق ما يقوم به العلماء من أبحاث حول طبقات البازلت في الأرض على الكواكب الأخرى أيضا. لا شك أن تدفق البازلت هذا قد أثر على تاريخ الأرض، ويبدو أنها تتكرر مرة واحدة كل عشرات ملايين السنين. تؤكد النظرية أن بقعة ساخنة تدفقت من الأعماق لتجد سبيلا لها عبر الليتوسفير، وتنفجر عبر القشرة لتشكل هذه الكتل الهائلة من الحمم قبل ما يتراوح بين خمسة عشر وسبعة عشر مليون عام.
تقدر الكميات المتراكمة تقريبا بحوالي مائة وأربعة وسبعين كيلومتر مكعب، وقد نجد في المنطقة المجاورة ما يقارب الثلاثة كيلومترات من البازلت، ومع التوجه شرقا يتقلص ذلك شرقا إلى كيلومتر واحد فقط. يعتقد أن ما حصل هو تدفق الحمم على مراحل خلال فترة قصيرة جدا تتراوح بين بضعة أشهر أو سنوات. كما فصلت فترة زمنية طويلة تقارب عشرين ألف عام قبل التدفق التالي.
هناك نظرية جديدة يعمل الآن على تجريبها وهي تقول أن تدفق الحمم كان بطيئا ليغطي مساحات شاسعة تماما كما يحدث الآن في هاواي ولكن على مستويات أكبر بكثير.
مشاهدة الحمم المتدفقة أشبه بجفاف لوحات الرسم، ولكنها تأخذ بالتراكم تدريجيا في طبقات البازلت.
توجد عدة رفوف في كومة الحمم نفسها، ما يعني أن تشكيل كل منها استغرق عدة أشهر أو سنوات أو ربما عدة عقود.
أحيانا ما تتدفق الحمم بطريقة أشد إثارة للدهشة. تتدفق الحمم عبر تصدع طويل وشبه مستقيم.
تصبح النتيجة طبقة هائلة من الحمم، سواء كان التدفق بطيئا أم سريعا ، أحيانا ما تمتد آلاف الكيلومترات المربعة. تجد اليوم في شمال غرب الهادئ أشجار السنديان والصنوبريات ومناخ معتدل نسبيا. أما قبل خمسة عشر مليون عام، عند تدفق بازلت نهر كولومبيا، تؤكد أحافير الأشجار التي عثر عليها وسط الحمم انتشار أشجار الجوز والتنوب والجنكة الهائلة الحجم والأكبر مما هي عليه اليوم، ما يشير إلى انتشار غابات شاسعة معززة بمناخ أكثر اعتدال مما لدينا اليوم.
يوجد واحدة من أكبر كتل حمم البازلت على نهر كولومبيا التي تصل إلى مائتين وخمسين كيلومترا. تبين أن سماكتها تصل إلى ثمانين مترا، مع أنها تبعد مائتي كيلومتر عن المصدر.
تعتبر هذه من أهم حمم البازلت في محافظة نهر كولومبيا التي تدفقت قبل أربعة عشر مليون وسبعمائة ألف عام. تحتوي هذه الحمم على نسبة من السولفر تصل إلى ثلاثمائة جزء من المليون بي بي إم.
من المعروف أن نسبة السولفر في الحمم القابعة تحت سطح الأرض تصل إلى ألفي جزيء بي بي إم. لهذا يمكن أن ترى بحسابات بسيطة، أن ألف وسبعمائة بي بي إم من السولفر قد انبعثت في الجو كثاني أوكسيد السولفر أثناء تدفق الحمم. يصل حجم هذه الحمم إلى ألف وثلاثمائة كيلومتر مكعب وهذا رقم هائل مدهش، لذا فإن كمية ثاني أكسيد السولفر التي انبعثت في الجو عبر تدفقها بلغت واحد فاصلة اثنان ضرب عشرة في الثلاثة عشر كيلو غرامات. أي أنها كميات هائلة من السولفر. لا شك أن انفجار هائل كهذا قد ترك آثار هامة على الغلاف الجوي. عام ألف وتسعمائة وواحد وتسعين انبعث من بيناتوبا عشرين مليون طن من هباء ثاني أكسيد السولفر الجوي. لإجراء مقارنة بسيطة نذكر أن كتلة واحدة فقط من تلك التي تدفقت في نهر كولومبيا بعثت ما يوازي خمسين ضعف لها في العام الواحد.
إذا وصلت هذه إلى الغلاف الجوي ستؤدي إلى متغيرات حاسمة في مناخ الأرض، بما يهدد الحياة على هذا الكوكب.
يعتقد أنهم إذا أدركوا التأثير المناخي لحمم البازلت في نهر كولومبيا، يستطيعون التوجه إلى دراسات مستقبلية للتعرف على ما جرى في وسط حمم ديكان الهندية الأكبر، التي تدفقت حممها في فترة انقراض الديناصورات مع نهاية العصر الطباشيري. وهكذا يمكن طرح أسئلة حول الانقراض الجماعي والدور الذي ربما لعبته حمم البازلت في هذا المجال. يثير الانقراض الجماعي كثير من الجدل، خصوصا مع نهاية العصر الطباشيري قبل خمسة وستين مليون عام.
تتحدث هنا عن ألف ميغاطن من هباء حامض السولفر في الغلاف الجوي بعد تدفق هائل لحمم البازلت. إذا دخلت هذه الكمية إلى الستراتوسفير ستكون كافية لتشكيل عجز بصري قد يصل إلى العشر.
إنه يوازي انفجار توبا البركاني . كانت الأرض بعد انفجار توبا قبل خمسة وسبعين ألف عام قد فقدت تسعين بالمائة من أشعة الشمس المباشرة.
وهذا شبيه بضوء القمر.
يقول البعض أن انفجار حمم ديكان قبل خمسة وستين مليون عام تسببت بفناء الديناصورات.
ساهم تدفق الحمم في انقراضها ذلك أن انحسار أشعة الشمس عبر الهباء الجوي في الستراتوسفير حينها حال دون التركيب الضوئي، وبرودة المناخ، وجلب أمطارا مشبعة بحامض السولفر، كأمطار حمضية هطلت فوق اليابسة والمحيطات، كلها عوامل ساهمت في الإساءة إلى الظروف على سطح الأرض، ما ساهم ربما في الانقراض الجماعي. عند التأمل بتواريخ الانقراض الجماعي وما ترى من تواريخ تدفق حمم البازلت، ستجد أن خمسة منها على الأقل تتوافق، وقد يصل ذلك إلى عشر حالات من التوافق بين تواريخ الانقراض الجماعي وتدفق حمم البازلت. هذا ما يرجح أنها على ترابط فيما بينها أو أنها ترتبط معا بظاهرة ثالثة تسبب الانقراض الجماعي وتدفق حمم البازلت في آن معا. ما زالت فكرة احتمال انقراض الديناصورات بتفاعل البراكين تخضع للنقاش. لكن هناك مسألة مؤكدة وهي أن قوة انفجار البراكين لا تغير بيئة الكائنات التي تسكن من حولها فحسب، بل تؤثر جدا على مناخ الكوكب. --------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م