|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
فيديل كاسترو
إن ذلك التحالف العسكري الوحشي قد تحول إلى ألئم وألد أداة
للقمع عرفته تأريخ الإنسانية.
تولى حلف الناتو ذلك الدور القمعي الشامل بعدما انهار الاتحاد
السوفيتي، التي كانت، هي الأخرى، الحجة المستخدمة من قبل الولايات
المتحدة لإقامة الحلف. تبرهن هدفها الإجرامي بالصرب، بلد من أصل
إسلافي، الذي ناضل شعبه بمثل هذه البسالة ضد القوات النازية في الحرب
العالمية الثانية.
عندما بعثت بلدان تلك المنظمة الوخيمة قواتها لتأييد الانفصاليين
الكوسوفيين في مارس عام 1999، في إطار جهودها لتفكيك يوغسلافيا بعد
وفاة يوسب بروز تيتو، واجهت مقاومة عنيفة لدى تلك الأمة التي قواتها
المجربة كانت سليمة.
إن الإدارة الأمريكية، على أثر نصيحة الحكومة اليمينية الاسبانية لهوسي
ماريا أثنار، هاجمت على قنوات التلفزة بالصرب وجسور نهر الدانوب
وبلغراد، عاصمة تلك البلد. تم تدمير سفارة الجمهورية الشعبية الصينية
بقنابل اليانكية، مما أدى إلى موت بعض الموظفين، وليس بالخطأ، لم يكن
ممكنا، كما أدعى المهاجمون. العديد من الوطنيين الصرب خسروا أرواحهم.
إن الرئيس سلوبودان ميلوسيفيش، وهو مرهق لقوة المهاجمين ولانقراض
الاتحاد السوفيتي، تنازل أمام مطالب حلف الناتو، وقبل بوجود قوات الحلف
داخل كوسوفو، تحت وصاية الأمم المتحدة، مما أدى في نهاية المطاف إلى
هزيمته السياسية ومحاكمته اللاحقة بالمحاكم التي ليست نزيهة أبدا، ألا
وهي للاهاي. إنه توفى بشكل غريب بالسجن. لو تصداهم وصمد الزعيم الصربي،
عدة أيام إضافية، لكانت حلف الناتو قد دخلت بأزمة خطيرة كانت على وشك
الانفجار. هكذا توفرت عند الإمبراطورية المزيد من الوقت لفرض هيمنتها
على أعضاء تلك المنظمة الذين يركعون أكثر فأكثر كل مرة.
بين يومي 21 شباط/ فبراير 27 نيسان/ أبريل، نشرت في الموقع الإلكتروني
كوباديباتي تسعة مقالات للتأملات حول الموضوع، حيث تعرضت بشكل واسع
لدور حلف الناتو في ليبيا ولماذا سيحدث حسب وجهة نظري.
أرى نفسي لذلك مجبورا على إيجاز الأفكار الأساسية التي طرحتها والأحداث
التي كانت تحدث مثلما توقعناها، فهناك شخصية محورية لهذا التاريخ، معمر
القذافي، انجرح بجروح خطيرة من قبل أحدث مقاتلات حلف الناتو التي حددت
موقع سيارته، اعتقلوه وهو ما زال على قيد الحياة، وتم اغتياله من قبل
الرجال الذين سلحتهم تلك المنظمة.
تم خطف جثته وعرضها كجائزة حرب، وهذا التصرف ينتهك المبادئ الأساسية
للمعايير الإسلامية وللمعتقدات الدينية الأخرى السائدة بالعالم. يعلن
أنه قريبا جدا ستصبح ليبيا "دولة ديمقراطية ومدافعة عن حقوق الإنسان".
أرى نفسي مجبورا على تكريس بعض التأملات لهذه الأحداث المهمة ذات
المغزى الكبير.
يتبع إذا يوم الإثنين.
فيدال كاسترو روز
23 تشرين الأول/ أكتوبر لعام 2011
الساعة 6:10 مساءا
(الجزء الثاني)
قبل ما يزيد عن ثمانية أشهر بقليل، في الحادي والعشرين من شباط/فبراير
من العام الجاري، أكدت عن قناعة كاملة أن: "احتلال ليبيا هو مشروع حلف
الناتو". وتحت هذا العنوان تناولت الموضوع للمرة الأولى في تأمل بدا
مضمونه وكأنه من نسج الخيال.
أدرجُ في السطور التالية عناصر الحكم التي قادتني إلى ذلك الاستنتاج.
"لقد تحوّل النفط إلى الثروة الرئيسية بأيدي الشركات اليانكية العابرة
للحدود؛ فبواسطة هذا المصدر للطاقة تمتعت هذه الشركات بأداة ضاعفت بشكل
كبير قوتها السياسية في العالم".
"مصدر الطاقة هذا شكّل أساساً لتطور حضارة اليوم. وفنزويلا هي البلد
الذي دفع أبهظ ثمن في هذا النصف من العالم. الولايات المتحدة استولت
على الآبار الهائلة التي منّت الطبيعة بها على هذا البلد الشقيق".
"عندما انتهت الحرب العالمية الثانية، بدأت تستخرج أكبر كميات من النفط
من إيران، وكذلك من العربية السعودية والعراق والبلدان العربية
المجاورة لها. أصبحت هذه البلدان مصادر التزويد الرئيسية. ارتفع
الاستهلاك العالمي تدريجياً ليصل إلى الرقم المذهل البالغ 80 مليون
برميل يومياً، بما فيها تلك الكميات التي يتم استخراجها من أراضي
الولايات المتحدة، والتي أضيف إليها لاحقاً الغاز والطاقة المائية
والنووية".
"يرتبط تبذير النفط والغاز بواحدة من أكبر المآسي التي تعانيها البشرة،
ولم تجد حلاً على الإطلاق، ألا وهي مأساة التغير المناخي".
"في شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 1951 تحوّلت ليبيا إلى أول بلد
أفريقي يحقق استقلاله بعد الحرب العالمية الثانية، بعدما شكّلت أراضيها
خلال تلك الحرب مسرحاً لمعارك هامّة بين القوات الألمانية وقوات
المملكة المتحدة..."
"95 بالمائة من أراضيها هي أراضٍ صحراوية بالكامل. وقد سمحت
التكنولوجيا باكتشاف آبار هامة من النفط الخفيف رفيع الجودة يصل حجم
إنتاجها اليوم إلى مليون وثمانين ألف برميل يومياً وآبار غاز طبيعي
وافرة.
[…]
تقوم صحراؤها القاسية فوق مستنقع هائل من المياه المتحجرة يعادل
بمساحته ثلاثة أضعاف مساحة كوبا، مما سمح لها ببناء شبكة واسعة من
مجاري المياه العذبة تغطي كل أنحاء البلاد".
"الثورة الليبية قامت في شهر أيلول/سبتمبر من عام 1969. كان قائدها
الرئيسي معمّر القذافي، وهو عسكري من أصل بدويّ، ألهمته في وقت مبكّر
من شبابه أفكار الزعيم المصري جمال عبد الناصر. لا شك في أن كثير من
قراراته على صلة بالتغيرات التي حدثت عندما أطيح في ليبيا بحكم ملكي
ضعيف وفاسد، على غرار ما شهدته مصر".
"يمكن للمرء أن يتفق أو لا مع القذافي. فقد غزا العالم كل نوع من
الأخبار، لا سيّما باستخدام وسائل الإعلام الكبرى. سيتعيّن انتظار ما
يلزم من الوقت من أجل المعرفة الدقيقة لمدى الصحة أو الكذب، أو الخليط
من أحداث من كل نوع وقعت في ليبيا في خضم حالة الفوضى. ما هو واضح بشكل
مطلق بالنسبة لي هو أن حكومة الولايات المتحدة لا يهمها السلام في
ليبيا على الإطلاق، ولن تتردد في الإيعاز لحلف الناتو باجتياح هذا
البلد الغني، وربما يكون ذلك خلال ساعات أو أيام معدودة".
"أولئك الذين ابتدعوا شائعة توجه القذافي إلى فنزويلا، بنوايا غادرة،
كما فعلوا عصر يوم أمس الأحد، العشرين من شباط/فبراير، وجدوا اليوم
إجابة أبية من جانب وزير العلاقات الخارجية الفنزويلي، نيكولاس
مادورو..."
"من ناحيتي، لا أتصور القائد الليبي مغادراً لبلده، متهرباً من
المسؤوليات التي تُنسَب إليه، أكانت هذه المسؤوليات كاذبة أم لا،
جزئياً أو كلياً".
"الإنسان النزيه يقف دائماً ضد أي ظلم يتم ارتكابه بحق أي شعب في
العالم، وأسوأ هذه المظالم في هذه اللحظة هو إطباق الصمت على الجريمة
التي يستعد حلف الناتو لارتكابها بحق الشعب الليبي".
"إن فعل ذلك هو أمر عاجل بالنسبة لقيادة هذه المنظمة. لا بد من كشف
ذلك!"
في ذلك الموعد المبكّر جداً كنت قد تنبّهت لما كان يبدو واضحاً على
الإطلاق.
يوم غد الثلاثاء، الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر، سيتحدث وزير
خارجيتنا برونو رودريغيز، للتنديد بالحصار المجرم الذي تفرضه الولايات
المتحدة على كوبا. سنتابع عن كثب هذه المعركة التي ستثبت من جديد، ليس
فقط ضرورة إنهاء الحصار، وإنما كذلك ضرورة إلغاء النظام الذي يولّد
الظلم في كوكبنا الأرضي، ويبذّر موارده الطبيعية ويعرّض بقاء الإنسان
للخطر. سنولي عناية خاصة لمرافعة كوبا.
يتبع إذا يوم الأربعاء، السادس والعشرين.
فيدل كاسترو روز
24 تشرين الأول/أكتوبر 2011
الساعة: 05:19 عصراً
(الجزء الثالث)
بيوم 23 شباط/فبراير، تحت عنوان "رقصة أموات الوقاحة "، طرحت:
"سياسة النهب التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها من "الناتو" في
الشرق الأوسط دخلت في أزمة". وقد جاءت هذه الأزمة بصورة حتمية مع
ارتفاع أسعار الحبوب، الذي تظهر نتئجه بقوة في البلدان العربية، حيث،
وبالرغم من الموارد النفطية الهائلة المتوفرة، تتناقض قلة المياه
والمناطق الصحراوية والفقر المنتشر مع الموارد المتأتية عن النفط في
أيدي القطاعات المتميّزة.
"بفضل خيانة أنور السادات في كامب ديفيد، لم تتمكن الدولة العربية
الفلسطينية من الوجود، وذلك بالرغم من قرارات منظمة الأمم المتحدة
الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1947،
وتحوّلت إسرائيل إلى قوة نووية كبرى حليفة للولايات المتحدة ولحلف
الناتو".
"المجمع العسكري الصناعي الأمريكي زوّد إسرائيل بعشرات الآلاف من
ملايين الدولارات سنوياً، كما زوّد الدول العربية نفسها، التي تقهرها
الأولى وتذلّها".
"المارد خرج من عنق الزجاجة، وحلف الناتو لا يعرف كيفية السيطرة عليه".
"سوف يسعون للاستفادة قدر الإمكان من الأحداث المؤسفة في ليبيا. لا
يستطيع أحد أن يعرف في هذه اللحظة ما يحدث هناك بالفعل. فكل الأرقام
والروايات، بما فيها أقلها احتمالاً، نشرتها الإمبراطورية عبر وسائلها،
زارعةً الذعر والتضليل".
"من الواضح أن الداخل الليبي يشهد حرباً أهلية. كيف ولماذا نشبت هذه
الحرب؟ من هم الذين سيدفعون الثمن؟ وكالة الأنباء 'رويترز' في معرض
نقلها لوجهة نظر بنك ياباني شهير، وهو بنك 'نومورا'، قالت أن سعر النفط
يمكنه أن يتجاوز كل الحدود".
"... ماذا ستكون عليه العواقب في خضم الأزمة الغذائية؟
"القادة الرئيسيون لحلف الناتو يعيشون حالة جزع. وكالة الأنباء 'أنسا'
أبلغت أن رئيس الوزراء البريطاني، دافيد كاميرون، '... اعترف في خطاب
ألقاه في الكويت أن البلدان الغربية أخطأت في دعمها لحكومات غير
ديمقراطية في العالم العربي' ".
"نظيره الفرنسي نيكولاس ساركوزي صرّح أن 'القمع الهمجي والدموي المطوّل
للسكان المدنيين الليبيين مثير للاشمئزاز' ".
"وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني قال أن 'رقم ألف قتيل في
طرابلس الغرب هو رقم ’قابل للتصديق‘، [...] أما الرقم المروّع فسيكون
حمام دم' ".
"هيلاري كلينتون قالت: '... ’حمّام الدم‘ هو ’مرفوض كلياً‘ و’لا بد من
وضع حد له‘...' ".
وتحدث با كي-مون، فقال: 'إن استخدام القوة كما يتم استخدامها في البلاد
هــو أمر غير مقبول على الإطلاق' ".
"... 'مجلس الأمن الدولي سيتحرك وفقاً لما يقرره المجتمع الدولي' ".
" 'إننا ننظر في مجموعة من الخيارات' ".
"ما ينتظر بان كي-مون في الواقع هو أن يقول أوباما الكلمة الأخيرة.
"رئيس الولايات المتحدة تحدث عصر هذا الأربعاء وأبلغ أن وزيرة الخارجية
ستغادر إلى أوروبا من أجل الاتفاق مع الحلفاء في 'الناتو' على
الإجراءات الواجب اتخاذها. وعكّسَ محيّاه فرصة للتناحر مع السيناتور عن
اليمين المتطرف الجمهوري، جون ماكين؛ والسيناتور الموالي لإسرائيل عن
كونيكتيكوت، جوزيف ليبرمان؛ وقادة 'حزب الشاي'، من أجل ضمان ترشحه عن
الحزب الديمقراطي.
"وسائل إعلام الإمبراطورية هيّأت الظروف للتحرك. لن يكون هناك غرابة في
حدوث تدخل عسكري في ليبيا، وبذلك يكون مضموناً لأوروبا أيضاً استلام
حوالي مليوني برميل من النفط الخفيف يومياً، إذا لم يحدث قبل ذلك ما
ينهي قيادة القذافي أو يقضي على حياته.
"على كل حال، دور أوباما على نحو بالغ من التعقيد. ماذا ستكون عليه ردة
فعل العالم العربي والإسلامي إذا أريقت الدماء بغزارة في هذا البلد
جرّاء هذه المغامرة؟ هل ستوقف الموجة الثورية التي اندلعت في مصر تدخل
حلف الناتو في ليبيا؟
"في العراق أريقت الدماء البريئة لأكثر من مليون مواطن عربي، حين تعرضت
البلاد لغزو بحجج زائفة".
"لا يمكن لأحد في العالم أن يكون على اتفاق مع قتل مدنيين عزّل في
ليبيا أو في أي مكان آخر. وأتساءل: "هل ستطبّق الولايات المتحدة وحلف
الناتو هذا المبدأ على المدنيين العزّل الذين تقتلهم الطائرات بدون
طيارين وجنود هذا الحلف يومياً في أفغانستان وباكستان؟
"إنها رقصة أموات الوقاحة".
بينما كنت أتأمل حول هذه الأحداث، بالأمم المتحدة بدأ الحوار الذي كان
من المتوقع اجراؤه يوم الأمس، يوم الثلاثاء، 25 تشرين الأول/أكتوبر،
حول "ضرورة إنهاء الحصار التجاري والمالي المفروض من قبل الولايات
المتحدة الأمريكية على كوبا"، وكان يطرح هذا الأمر من قبل الأغلبية
الساحقة للبلدان التي تنتمي إلى تلك المؤسسة على امتداد 20 سنة.
وقد أظهرت الأفكار العديدة والأساسية والعادلة بهذه المرة، هذه الأفكار
التي هي بالنسبة إلى الولايات المتحدة ليست أكثر من تمارين خطابية،
الضعف السياسي والأخلاقي لأقوى إمبراطورية كانت ولا تزال موجودة على
سطح المعمورة، التي تم إخضاع جميع سكان المعمورة وحتى شعبها نفسه
لمصالح اقلياتها ولعطشها وجشعها للهيمنة وللثروات.
إن الولايات المتحدة تفرض الطغيان على العالم وتنهبه، هذا العالم الذي
يسود فيه العولمة، بقوتها السياسية، الاقتصادية، التكنولوجية والعسكري.
وتتجلى كل مرة أكثر فأكثر هذه الحقيقة بعد الحوارات النزيهة والجريئة
التي جرت خلال العشرين سنة الأخيرة بالأمم المتحدة، بتأييد الدول التي
تفترض أنها تعبر عن إرادة الأغلبية الساحقة لسكان المعمورة.
قبل مداخلة برونو، عبرت منظمات بلدان شتى عن وجهات نظرها من خلال أحد
أعضائها.أولها كانت الأرجنتين، باسم مجموعة 77 إلى جانب الصين؛ وبعدها
مصر باسم حركة عدم الانحياز؛ كينيا باسم الاتحاد الإفريقي؛ بليسي باسم
الكاريكوم؛ كازاخستان باسم مؤتمر التعاون الإسلامي؛ وأوروغواي باسم
ميركوسور.
بغض النظر عن هذه التعبيرات، ذات الميزة الجماعية، إن الصين، البلد
الذي يزداد ثقله سياسيا واقتصاديا بالعالم،الهند وإندونيسيا، أيدت
بثبات وبقوة القرار من خلال سفرائها؛ وهذه البلدان الثلاثة مجتمعة تمثل
2700 مليون نسمة. وقام بذلك أيضا سفراء الاتحاد الروسي، روسيا البيضاء،
جنوب إفريقيا، الجزائر، فنزويلا والمكسيك. بين أفقر بلدان أمريكا
اللاتينية والكاريبي، رنت الكلمات التضامنية لسفيرة بيليسي، التي خطبت
باسم مجموعة الكاريبي، وسان فيسينتي، وغراناديناس، وبوليفيا، التي
براهينها المتعلقة بالتضامن مع شعبنا، على الرغم من الحصار الذي أصبح
يستغرق أكثر من 50 عاما، سيبقى دائما حافزا خالدا لأطبائنا،مربيينا
ولعلمائنا.
خطبت نيكاراغوا قبل التصويت، لكي تفسر بشجاعة لماذا كانت ستصوت ضد ذلك
الإجراء الغدار.
وألقى كلمته كذلك ممثل الولايات المتحدة لتأويل ما هو غير قابل
للتأويل. شعرت بالخجل تجاهه. ها هو الدور الذي خصص له.
لما حان وقت التصويت غاب بلدان، ألا وهما: ليبيا والسويد؛ ثلاثة بلدان
امتنعت عن الصوت وهي: جزر مارشال، ميكرونيسيا وبالاو؛ صوتان ضد وهما
بلدان: الولايات المتحدة وإسرائيل. إذا نجمع سكان البلدان التي غابتا
أو امتنعت عن الصوت أو صوتا ضد: الولايات المتحدة مع 313 مليون نسمة؛
إسرائيل 7,4 ملايين نسمة؛ سويد
9,1
ملايين نسمة؛ ليبيا
6,5
ملايين نسمة؛ جزر مارشال
67,1
ألف نسمة: ميكرونيسيا
106,8
ألف؛ بالاو
20,9
ألف نسمة؛ مجموع السكان 336
مليون،
و 948 ألف، أي أنها لا تتجاوز4,8
بالمائة
من سكان المعمورة، الذين يزداد عددهم ليصل العدد بهذا الشهر إلى 7
مليارات.
بعد التصويت خطبت بولا ندا باسم الاتحاد الأوروبي الذي رغم تحالفه
الوثيق مع الولايات المتحدة ومشاركته الإجبارية في الحصار، يعراض ذلك
الإجراء الإجرامي.
خطبت فيما بعد 17 بلد لكي تشرح بثبات وبعزيمة أسباب تصويتها.
يتبع يوم الجمعة الثامن والعشرين.
فيدل كاسترو روز
26 تشرين الأول/أكتوبر 2011
الساعة: 9:45 مساءً
(الجزء الرابع)
بيوم 2 آذار/مارس، تحت عنوان "حرب حلف الناتو التي لا مفر منها" كتبت:
"على خلاف ما يحدث لمصر وتونس، تحتل ليبيا المكان الأول في أفريقيا من
حيث التنمية البشرية، وفيها أعلى معدل لأمل الحياة في القارة. يلقى
التعليم والصحة عناية خاصة من الدولة. والمستوى الثقافي لمواطنيها هو
أعلى بدون شك. مشكلاتها هي من نوع آخر.
[…]
والبلاد بحاجة لقوة عمل أجنبية كبيرة من أجل تنفيذ مشاريع واسعة
للإنتاج والتنمية الاجتماعية".
"ولهذا، فإنها وفرت فرص عمل لمئات الآلاف من العمال المصريين
والتونسيين والصينيين ومن جنسيات أخرى. لديها دخول هائلة وكذلك
احتياطات من العملة الصعبة المودعة في بنوك البلدان الغنية، وهي أموال
تستخدمها في شراء المواد الاستهلاكية، بل وحتى الأسلحة المتطورة، التي
تزودها بها ذات البلدان التي تريد اليوم غزوها باسم حقوق الإنسان".
"حملة الافتراء الهائلة التي شنتها وسائل الإعلام تسببت بتضليل كبير
للرأي العام العالمي. سيمر وقت طويل قبل أن يتم التمكن من معرفة ما حدث
في ليبيا بالفعل، وتمييز وقائع الأحداث عن الزائف مما نشرته وسائل
الإعلام".
"لقد استخدمت الإمبراطورية وحلفاؤها الرئيسيون أكثر الوسائل تطوراً من
أجل نشر معلومات مشوّهة عن الأحداث، يتعيّن الاستدلال عما يحمل ملامح
الحقيقة بينها".
"الإمبريالية وحلف 'الناتو' - اللذان ينتابهما القلق الشديد جرّاء
الموجة الثورية المندلعة في العالم العربي، من حيث يرد الجزء الأكبر من
النفط الذي يستند إليه الاقتصاد الاستهلاكي للبلدان المتقدمة - لم يكن
بوسعهما إلا أن يستغلاّ النزاع الداخلي الذي نشأ في ليبيا من أجل
الترويج لتدخل عسكري".
"بالرغم من سيل الأكاذيب وحالة الارتباك القائمة، لم تتمكن الولايات
المتحدة من جر الصين والفدرالية الروسيّة إلى موافقة مجلس الأمن على
تدخل عسكري في ليبيا، مع أنها، وخلافاً لذلك، استطاعت في مجلس حقوق
الإنسان انتزاع موافقة على الأهداف التي سعت إليها في تلك اللحظة".
"الحقيقة الواقعة هي أن ليبيا قد دخلت في حرب أهلية، كما سبق وتوقّعنا،
لم تتمكن منظمة الأمم المتحدة من فعل شيء لمنع ذلك، باستثناء صب مجلس
أمنها جرعة كبيرة من الزيت على النار".
"المشكلة التي لم يكن يتصورها أصحاب القرار هو أن يدخل قادة التمرد
أنفسهم في هذا الموضوع المعقّد ويصرّحوا أنهم يرفضون أي تدخل عسكري
أجنبي".
أحد مسؤولي الانتفاضة، عبد الحفيظ جوقا، صرح بيوم 28 شباط/ فبراير في
لقاء مع الصحافيين:
'ما نريده هو الحصول على معلومات استخبارية ، ولكن ليس بأي حال
المساس بسيادتنا الجوية والبرية أو البحرية' ".
" 'ويعكس تشدد قادة المعارضة بشأن السيادة الوطنية رأي العديد من
المواطنين الليبيين الذين أعربوا عن ذلك بشكل عفوي للصحافة الدولية
الموجودة حتى قبل إثارة هذا الموضوع'، هذا ما جاء في برقية لوكالة
الصحافة الفرنسية يوم الاثنين الماضي".
"بنفس ذلك اليوم، أستاذة بالعلوم السياسية لجامعة بنغازي عبير امنينا -
وهي من خصوم القذافي- صرحت:
" 'الإحساس الوطني قوي في ليبيا'.
" 'علاوة على ذلك فان ما حدث في العراق يثير الخوف لدى العالم العربي
كله'، وذلك في إشارة إلى الغزو الأمريكي عام 2003 الذي كان يفترض أن
يأتي بالديمقراطية للعراق لتنتشر منه إلى باقي المنطقة وهو ما كذبه
الواقع تماماً".
وتابعت الأستاذة:
" 'نعرف جيداً كيف حدث ذلك في العراق، الذي يعيش في عدم استقرار تام،
وهو ما لا يعطي حقا أي رغبة في السير على هذا الطريق. لا نريد أن يأتي
الأمريكيون لينتهي بنا الأمر بالتحسر على القذافي'. "بعد
ساعات قليلة من نشر هذه البرقية، سارعت اثنتان من الوسائل الصحافية
الأمريكية الرئيسية، وهما 'ذي نيويورك تايمز' و'ذي واشنطن بوست' لعرض
روايات جديدة عن الموضوع، قامت وكالة 'د.ب.إ' بعرضها في اليوم التالي،
الموافق الأول من آذار/مارس: 'يمكن للمعارضة الليبية أن تطلب من الغرب
أن يقصف جواً المواقع الإستراتيجية للقوات الموالية للرئيس القذافي،
حسبما ذكرت الصحافة الأمريكية اليوم' ". "وأكدت
صحيفتا 'ذي نيويورك تايمز' و'ذي واشنطن بوست' في طبعتيهما
الإلكترونيتين أن هذا الموضوع يجري بحثه في المجلس الثوري الليبي".
"ونقلت 'ذي نيويورك تايمز' عن المتحدث باسم المجلس قوله بأنه في حال
القيام بالعمليات الجوية في إطار الأمم المتحدة، فإنه لا يترتب عن هذه
العمليات تدخل دولي".
"ونقلت صحيفة 'ذي واشنطن بوست' عن متمردين اعترافهم بأنه بدون دعم
الغرب يمكن للمعارك مع القوات الموالية للقذافي أن تستغرق وقتاً طويلاً
وأن تكلف عدداً كبيراً من الأرواح البشرية".
فورا تسألت بذلك المقال للتأملات:
"لمَ الإصرار على إظهار المتمردين على أنهم شخصيات بارزة تطلب من
الولايات المتحدة ومن حلف 'الناتو' القيام بعمليات قصف لقتل ليبيين؟
"يوماً
ما ستظهر الحقيقة من خلال أشخاص كأستاذة العلوم السياسية في جامعة
بنغازي، التي تروي بقدر رفيع من البلاغة التجربة المريعة التي قتلت
ودمّرت المنازل وحرمت من العمل أو حملت ملايين الأشخاص على الهجرة في
العراق".
"اليوم الأربعاء، الثاني من آذار/مارس، تعرض وكالة 'إ.ف.إ' المتحدث
المعروف باسم المتمردين وهو يدلي بتصريحات تؤكد، برأيي، أقواله يوم
الاثنين وتتناقض معها في ذات الوقت: 'بنغازي (ليبيا)، 2 آذار/مارس.
طلبت القيادة الثورية الليبية اليوم من مجلس الأمن الدولي أن يقوم
بهجوم جوي 'على مرتزقة' نظام معمّر القذافي' ".
"أي حرب تشبه هذه الحرب بين الحروب الإمبريالية الكثيرة؟"
"هل
هي حرب إسبانيا عام 1936، أم حرب موسوليني على أثيوبيا عام 1935، أم
حرب جورج دبليو بوش على العراق عام 2003 أم أي من عشرات الحروب التي
وقفت الولايات المتحدة وراءها ضد شعوب القارة الأمريكية، بدءاً من غزو
المكسيك عام 1846، وحتى حرب جزر المالوين عام 1982؟"
"وطبعاً، بدون استثناء الغزو المرتزق لشاطئ خيرون [خليج الخنازير]
والحرب القذرة على وطننا وفرض الحصار عليه منذ خمسين سنة، ستكتمل في
السادس عشر من نيسان/أبريل القادم".
"في جميع هذه الحروب، كما في حرب فيتنام التي كلّفت ملايين الأرواح،
سادت أوقح المبررات والإجراءات وأكثرها دناءة".
"إلى الذين يراودهم أي شك حول حتمية التدخل العسكري الذي سيحدث في
ليبيا، وزعت وكالة الصحافة الفرنسية، التي أعتبرُها مطلعة، برقية
صحافية اليوم جاء فيها: 'تعد بلدان حلف 'الناتو' خطة طوارئ تستند إلى
نموذج مناطق الحظر الجوي التي تمت إقامتها في البلقان في عقد
التسعينات، حالما قرر المجتمع الدولي فرض حظر جوي على ليبيا، حسبما ذكر
دبلوماسيّون' ".
أي شخص أمين وشريف، قادر على مراقبة الأحداث بموضوعية، يمكنه أن يدرك
خطورة المعطيات السخرية والوحشية التي تتميز بها سياسة الولايات
المتحدة والتي تفسر العزلة المخجلة لتلك البلاد في الحوار الجاري
بالأمم المتحدة حول "ضرورة إنهاء الحصار الاقتصادي، التجاري والمالي ضد
كوبا" .
إنني أتابع عن كثب، رغم عملي، الألعاب البناميريكانية في غوادالاهارا
عام 2011.
يتفاخر بلدنا من أولائك الشباب الذين هم مثال يحظى به بالعالم لنزاهتهم
وروحهم التضامنية. أهنئهم بحرارة، الآن لا أحد يستطيع أن ينتزع منهم
مكان الشرف الذي يستحقونه.
يتبع يوم الأحد 30.
28 تشرين الأول/أكتوبر 2011
الساعة: 7:14 مساءً
(الجزء الخامس)
بيوم 9 أذار/مارس العام الحالي، تحت عنوان "حلف 'الناتو' والحرب والكذب
والصفقات التجارية" نشرت مقال جديد للتأملات حول دور تلك المنظمة
الحربية.
إنني أختار الفقرات الأساسية لذلك المقال للتأملات:
"كما يعرف البعض، قاد معمر القذافي، وهو عسكري عربي بدوي ذو شخصية
فريدة، ومُلهَماً بأفكار الزعيم المصري جمال عبد الناصر، حركة داخل
القوات المسلحة في شهر أيلول/سبتمبر من عام 1969 أطاحت بالملك إدريس
السنوسي، عاهل ليبيا، هذا البلد ذو الأراضي الصحراوية برمتها تقريباً،
والقليل العدد من السكان، والواقع في شمال أفريقيا، بين تونس ومصر".
"القذافي، المتولد من عائلة تابعة لقبيلة من الرعاة الرحّل في الصحراء،
في منطقة طرابلس، كان مناهضاً شرساً للاستعمار".
"... بل وأن خصوم القذافي يؤكدون أنه برز بذكائه عندما كان طالباً؛ وتم
طرده من المدرسة بسبب نشاطاته المناوئة للنظام الملكي. تمكّن من
الالتحاق بمدرسة أخرى والتخرج في الحقوق لاحقاً من جامعة بنغازي وهو في
الحادية والعشرين من عمره. التحق لاحقاً بالكلية العسكرية في بنغازي،
حيث شكّل ما سمّيت "حركة الضباط الوحدويين الأحرار" السريّة، لينجز بعد
ذلك دراسته في كلية عسكرية بريطانية".
"كان قد بدأ حياته السياسية بوقائع لا يشك أحد بثوريتها".
"في شهر آذار/مارس 1970، بعد المظاهرات الوطنية الواسعة، تمكن من طرد
الجنود البريطانيين من البلاد، وفي شهر حزيران/يونيو أخلت الولايات
المتحدة القاعدة العسكرية الجوية الكبيرة القريبة من طرابلس، وسلّمتها
لمدرّبين عسكريين من مصر، البلد الحليف لليبيا".
"في عام 1970 تضرر العديد من الشركات النفطية الغربية والجمعيات
المصرفية القائمة بمشاركة رؤوس أموال أجنبية من إجراءات الثورة. وفي
نهايات عام 1971، واجهت شركة 'بريتيش بتروليوم' الشهيرة ذات المصير. في
المجال الزراعي-الرعوي تمت مصادرة جميع الممتلكات الإيطالية، وطرد
المستوطنين وذريتهم من ليبيا".
"انهمك القائد الليبي في نظريات متطرفة تتعارض مع الشيوعية ومع
الرأسمالية على حد سواء. كانت تلك مرحلة كرّس فيها القذافي كل جهده
للتنظير، الذي لا حاجة لإدراجه ضمن هذا التحليل، وإنما الإشارة إلى أن
المادة الأولى من الإعلان الدستوري لعام 1969 نصت على الطابع
'الاشتراكي' للجماهيرية العربية الليبية الشعبية".
"ما أودّ التركيز عليه هو أن الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف الناتو
لم يعيروا الاهتمام أبداً لحقوق الإنسان".
"العجيج الذي شهده مجلس الأمن، واجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف
والجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في نيويورك، ليس أكثر من
مسرحية".
"بعد وقوف هيئات التجسس الأمريكية وراء التمرد النابض في ليبيا، أو
قيام هذا التمرد سبب أخطاء القذافي نفسه، من المهمّ ألا تنخدع الشعوب،
فسرعان ما سيتوفر للرأي العام ما يكفي من العناصر لكي يعرف إلامَ يوجّه
اهتمامه".
"على غرار بلدان كثيرة من العالم الثالث، ليبيا هي عضو في حركة بلدان
عدم الانحياز وفي 'مجموعة السبعة وسبعين' وغيرهما من المنظمات الدولية،
ويتم من خلال هذه المنظمات إقامة علاقات، بغض النظر عن نظامها
الاقتصادي والاجتماعي".
"بخطوط عريضة: ثورة كوبا، الملهمة بمبادئ ماركسية-لينينية ومارتيئية،
انتصرت على مسافة تسعين ميلاً من الولايات المتحدة، التي فرضت علينا
'تعديل بلات' وكانت سيدة الاقتصاد في بلدنا".
"فور حدوث ذلك عملياً، حرّكت ضد شعبنا الحرب القذرة والعصابات المعادية
للثورة والحصار الاقتصادي المجرم والغزو المرتزق لشاطئ خيرون [خليج
الخنازير] بحماية حاملة طائرات وقوات مشاتها البحرية الجاهزة للإنزال
حالما حققت القوات المرتزقة أهدافاً معينة".
"كل البلدان الأمريكية اللاتينية، باستثناء المكسيك، شاركت في الحصار
المجرم الذي ما يزال قائماً، من دون أن يستسلم بلدنا أبداً. من الهام
إعادة ذلك لأذهان الذين يفتقدون للذاكرة التاريخية".
"في شهر كانون الثاني/يناير من عام 1986، وبذريعة أن ليبيا تقف وراء ما
يسمى "العنف الثوري"، أوعز ريغان بقطع العلاقات الاقتصادية والتجارية
مع هذا البلد".
"وفي شهر آذار/مارس من عام 1986، قامت قوة تابعة لحاملة طائرات في خليج
سرت، داخل المياه التي تعتبر إقليمية ليبية، بشن هجمات أدت إلى تدمير
عدة وحدات بحرية مزودة براجمات صواريخ وأنظمة رادار بحري كان هذا البلد
قد اشتراها من الاتحاد السوفييتي".
"في الخامس من نيسان/أبريل تعرض ملهى ليلي في برلين الغربية يتردد إليه
جنود أمريكيون لانفجار عبوات بلاستيكية، فقتل ثلاثة أشخاص، بينهم
جنديان أمريكيان بينما أصيب عدد كبير بجروح".
"اتهم ريغان القذافي بذلك العمل وأوعز لسلاح الجو بالرد عليه. ثلاثة
أسراب من الطائرات أقلعت من حاملات الأسطول السادس ومن قواعد في
بريطانيا وهاجت بالصواريخ والقنابل سبعة أهداف عسكرية في طرابلس
وبنغازي. أربعون شخصاً قتلوا في ذلك الاعتداء، بينهم 15 من المدنيين.
بعدما تنبّه القذافي إلى تقدم القاذفات، جمع أفراد أسرته وشرع بمغادرة
مقر إقامته الواقع في المجمّع العسكري باب العزيزية، جنوب العاصمة. لم
يكن قد انتهى بعد من ترك المكان عندما أصاب صاروخ مقر إقامته إصابة
مباشرة، فقتلت ابنته هناء وجرح اثنان آخران من أبنائه. وجد هذا العمل
إدانة واسعة؛ الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة أصدرت قرار إدانة
بسبب انتهاك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. وكذلك فعلت حركة
بلدان عدم الانحياز وجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية
بلهجة شديدة".
"في الحادي والعشرين من كانون الأول/ديسمبر 1988، تفجرت في الجو طائرة
من طراز بوينغ-747، تابعة لشركة 'بان أم' أثناء قيامها برحلة من لندن
إلى نيويورك، وذلك نتيجة انفجار قنبلة على متنها..."
"لكن التحقيقات كشفت، حسب ما ذكره اليانكيون، أن عنصرين من المخابرات
الليبية متورطّين في الحادثة".
"رواية مريعة تم نسجها ضده بمشاركة ريغان وبوش الأب".
"كان مجلس الأمن الدولي قد فرض عقوبات على ليبيا أخذت تتراجع عندما
وافق القذافي، بشروط معينة، على إخضاع المتهمَين الاثنَين بتفجير
الطائرة فوق اسكتلندا للمحاكمة القضائية".
"بدأت الدعوات توجَّه لوفود ليبية للمشاركة في اجتماعات أوروبية. في
شهر تموز/يوليو 1999 شرعت لندن باستئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة
مع ليبيا، وذلك بعد تقديمها بعض التنازلات الإضافية".
"في الثاني من كانون الأول/ديسمبر، أجرى رئيس الوزراء الإيطالي، ماسيمو
دي أليما، أول زيارة يقوم بها رئيس حكومة أوروبي لليبيا".
"بعد اندثار الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي قرر القذافي القبول
بمطالب الولايات المتحدة وحلف 'الناتو' ".
"في بدايات عام 2002، أبلغت وزارة الخارجية الأمريكية أن هناك محادثات
دبلوماسية تجري بين الولايات المتحدة وليبيا".
"مع بداية عام 2003، وبموجب اتفاق اقتصادي للتعويضات توصلت إليه ليبيا
والبلدَان المطالبان بهذه التعويضات، وهما المملكة المتحدة وفرنسا، رفع
مجلس الأمن الدولي العقوبات المفروضة على ليبيا منذ عام 1992.
"وقبل انتهاء عام 2003 تحدث كل من بوش وتوني بلير عن اتفاق مع ليبيا،
هذا البلد الذي كان قد سلّم لخبراء تجسس بريطانيين وأمريكيين وثائق
تتعلق ببرامج تطوير أسلحة غير تقليدية وكذلك صواريخ بالستية يتجاوز
مداها الثلاثمائة كيلومتر.
[…]
جاء ذلك ثمرة أشهر طويلة من المحادثات بين طرابلس وواشنطن، حسبما ذكر
بوش نفسه.
"كان القذافي قد نفذ وعوده بنزع السلاح. فخلال أشهر قليلة، سلّمت ليبيا
الوحدات الخمس لإطلاق صواريخ سكود-ج التي يصل مداها إلى 800 كيلومتر
والمئات من صواريخ سكود-ب، التي يتجاوز مداها الثلاثمائة كيلومتر على
شكل صواريخ دفاعية قصيرة المدى.
"اعتباراً من شهر تشرين الأول/أكتوبر 2002 بدأ سباق الزيارات لطرابلس:
برلسكوني، في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2002؛ خوسيه ماريّا أزنار، في
أيلول/سبتمبر 2003؛ برلسوكوني مجدداً، في شباط/فبراير وآب/أغسطس وتشرين
الأول/أكتوبر 2004؛ بلير، في آذار/مارس 2004؛ الألماني شرويدر، في
تشرين الأول/أكتوبر من تلك السنة؛ جاك شيراك، في تشرين الثاني/نوفمبر
2004".
"تجوّل القذافي في أوروبا كالفاتحين. فتم استقباله في بروكسل في شهر
نيسان/أبريل 2004 من قبل رومانو برودي، رئيس اللجنة الأوروبية؛ وفي شهر
آب/أغسطس من تلك السنة، دعا الزعيم الليبي بوش لزيارة بلده؛ 'إكسون
موبيل' و'شيفرون' و'تيكساكو' و'كونوكو فيليبس' كانت تضع اللمسات
الأخيرة على استئناف استخراج النفط من خلال شركات مختلطة".
"في شهر أيار/مايو 2006 أعلنت الولايات المتحدة سحب ليبيا من قائمة
البلدان الإرهابية وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين".
"في عامي 2006 و2007 وقّعت فرنسا والولايات المتحدة اتفاقات للتعاون
النووي لأهداف سلميّة؛ وفي شهر أيار/مايو 2007 عاد بلير لزيارة القذافي
في سيرت. "بريتيش بتروليوم" وقّعت عقداً "بالغ الأهمية"، حسبما أُعلن،
للتنقيب عن آبار غاز".
"في شهر كانون الأول/ديسمبر 2007 أجرى القذافي زيارتين لفرنسا، حيث
وقّع عقود تجهيزات عسكرية ومدينة بقيمة عشرة آلاف مليون يورو؛
وإسبانيا، حيث تقابل مع رئيس الحكومة خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو.
عقود بالملايين تم توقيعها مع بلدان هامة من حلف 'الناتو' ".
"ما الذي تسبب الآن بالسحب المتعجل لسفارات الولايات المتحدة وباقي
أعضاء حلف 'الناتو'؟
"كل شيء يبدو بالغ الغرابة.
"جورج دبليو بوش، راعي الحرب الحمقاء على الإرهاب، صرّح في العشرين من
أيلول/سبتمبر 2001 لطلاب مدرسة الضباط: 'سيحتاج أمننا [...] للقوة
العسكرية التي ستقودونها أنتم، وهي قوة يجب أن تكون جاهزة لكي تشن
هجومها فوراً في أي ركن مظلم من أركان العالم. وسيتطلب أمننا أن نكون
جاهزين لشن هجوم وقائي عندما يستدعي الأمر ذلك دفاعاً عن حريتنا...' ".
"علينا أن نكتشف خلايا إرهابية في ستين بلد أو أكثر [...]. وإلى جانب
أصدقائنا وحلفائنا، من واجبنا أن نعترض انتشار الإرهاب ومواجهة البلدان
التي ترعاه، حسبما تتطلب كل حالة".
اليوم أضيف بأن أفغانستان، وهو البلد الذي كان متمردا تقليديا، تم
غزوه؛ وقصفت القبائل القومية التي كانت قديما حليفة للولايات المتحدة
في كفاحها ضد الاتحاد السوفيتي والتي ارتكبت بحقها مجازر. اتسعت دائرة
الحرب القذرة بالعالم. جرى غزو العراق بحجج وتبريرات أثبتت أنها مزيفة.
وأصبحت مواردها البترولية الوافرة والفائضة بأيدي الشركات اليانكية.
فقد الملايين من الناس أعمالهم. وكانوا مجبورين على انتقالهم إلى أماكن
أخرى، داخل أو خارج البلد، تم نهب متاحفها أو كان ضحية للمجازر. إعداد
كبيرة لا تحصى ولا تعد من المواطنين فقدت حياتها أو كانت ضحية لمجازر
الغزاة.
أرجع إلى مقال التأملات، فقد أشرت إلى أنه:
"تكشف برقية لوكالة الصحافة الفرنسية واردة من كابول
[…]
أن 'العام الماضي سجل أكبر عدد من القتلى خلال السنوات التسع من الحرب
بين مقاتلي حركة ’طالبان‘ وقوات المساعدة الأمنية الدولية في أفغانستان
(إيساف)، حيث بلغ نحو 2800 قتيل. أي ما يزيد بـ 15 بالمائة عن العدد
المسجَّل عام 2009، حسبما جاء في تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة
هذا الأربعاء يتناول الكلفة البشرية المترتبة عن النزاع بالنسبة
للسكان' ".
"ويشير التقرير السنوي المشترك لبعثة الرعاية التابعة لأمم المتحدة في
أفغانستان إلى أنه 'بعدد القتلى البالغ 2777 بالضبط، يكون عدد المدنيين
الذي قضوا في عام 2010 قد ارتفع بنسبة 15 بالمائة بالمقارنة مع عام
2009...' ".
"الرئيس باراك أوباما عبّر في الثالث من آذار/مارس عن 'حزنه العميق'
للشعب الأفغاني على الأطفال التسعة القتلى، وكذلك فعل كل من الجنرال
الأمريكي دافيد بيتراوس، القائد العام لقوات المساعدة الأمنية الدولية
في أفغانستان، ووزير الدفاع روبيرت غيتس".
"...
ويُبرز تقرير بعثة الأمم المتحدة أن عدد المدنيين القتلى في عام 2010
يبلغ أربعة أضعاف عدد جنود القوات الدولية الذين سقطوا في معارك خلال
السنة المذكورة".
بما يخص ليبيا أشرت إلى أنه:
"على مدى عشرة أيام، تم في جنيف وفي الأمم المتحدة إلقاء أكثر من 150
خطاب عن انتهاكات لحقوق الإنسان تكررت مشاهدتها ملايين المرات عبر
التلفزيون والإذاعة والإنترنيت والصحافية الورقية".
"وزير العلاقات الخارجية الكوبي، برونو رودريغيز، قال خلال مداخلته في
الأول من آذار/مارس 2011 أمام وزراء العلاقات الخارجية المجتمعين في
جنيف:
"إن الوعي الإنساني ينبذ موت أشخاص أبرياء في أي ظرف وفي أي مكان.
وتقاسم كوبا الرأي العام قلقه إزاء فقدان الأرواح البشرية في ليبيا،
وتتمنى أن يتوصل شعب هذا البلد لحل سلمي وسيادي للحرب الأهلية الواقعة
هناك، بعيداً عن أي تدخل أجنبي، وأن يضمن وحدة وسلامة هذا البلد".
"إذا كان الحق الإنساني الأساسي هو الحق بالحياة، فهل المجلس مستعد
لإلغاء عضوية الدول التي تشن حروباً؟
"هل سيلغي عضوية الدول التي تموّل وتوفر مساعدة عسكرية تستخدمها الدولة
المستقبِلة لها في انتهاكات واسعة وصارخة ومنتظَمة لحقوق الإنسان وفي
اعتداءات على السكان المدنيين، كما يحدث في فلسطين؟
"هل سيطبّق هذا الإجراء على البلدان الكبرى التي تمارس الإعدام بدون
محاكمة في أراضي دول أخرى عبر استخدام تكنولوجية متقدمة، كالذخائر
الذكية والطائرات بدون طيّار؟
"ماذا سيكون عليه حال بلدان ترضى بوجود سجون غير قانونية سرية في
أراضيها، أو تسهّل مرور رحلات جوية سريّة لنقل أشخاص مخطوفين أو تشارك
في أعمال تعذيب؟".
"نحن ضد الحرب الداخلية في ليبيا، ومع تحقيق السلام والاحترام الكامل
لحياة وحقوق كل المواطنين فوراً، بدون تدخل أجنبي، لأن هذا لن يخدم إلا
إطالة أمد النزاع ومصالح حلف 'الناتو' ".
البارحة، 31 تشرين الأول/ أكتوبر، جرى حدث وشأنه شأن أحداث أخرى تبرهن
على انعدام الأخلاق بالسياسة اليانكية.
إن منظمة الأمم المتحدة للتربية وللعلم والثقافة كانت قد اتخذت
قراراشجاعا: منحت به للشعب الفلسطيني الباسل الحق في المشاركة كعضو
نشيط لليونسكو؛ صوتت لصالح القرار 107 دولة، صوتت 14 دولة ضد، وامتنع
عن الصوت 52 دولة. جميعنا نعلم تماما لماذا.
بتلك المؤسسة، ممثلة الولايات المتحدة، وفقا لتعليمات حامل جائزة
النوبل للسلام، صرحت فورا أن بلدها منذ هذه اللحظة تلغي كل المساعدة
الاقتصادية للمنظمة، التي تكرسها الأمم المتحدة من أجل التربية، العلوم
والثقافة.
إن اللهجة الدراماتيكية للسيدة لما أعلنت عن القرار، لم تكن ضرورية،
إطلاقا. لم يتفاجأ أحد بالقرار المتوقع والسخري.
أكثر من ذلك، لو كانت الصورة ناقصة، يكفي بمضمون برقية للوكالة
الفرنسية للأخبار التي نشرت بمساء اليوم بالساعة 16:05:
" 'بعد قمة مجموعة 20 (...) سيشترك الرئيس (أوباما) والرئيس ساركوزي
بفعالية بكانس لكي يحتفلا بالتحالف ما بين الولايات المتحدة وفرنسا'،
أشارت إلى ذلك الرئاسة الأمريكية، وأكدت على أن الزعيمين سيلتقيان كذلك
مع 'الجنود الأمريكيين والفرنسيين الذين كانوا قد شاركوا معا بالعملية'
بليبيا".
يتبع قريبا.
فيدل كاسترو روز
1 تشرين الثاني /نوفمبر 2011
الساعة: 4:32 عصراً
--------------------انتهت.
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م