ويأتي كشف النقاب عن هذه
القضية قبل أيام قليلة من زيارة وزيرة الخارجية المكسيكية، باتريسيا
إسبينوسا، لهافانا، انسجاماً مع سياسة ترمي إلى استئناف العلاقات بين
البلدين.
في شهر شباط/فبراير الماضي
كان الجيش الكولومبي قد ألقى القبض في بالميرا، إقليم فايي ديل كاوكا،
على الطبيب الكوبي إميليو مونيوز فرانكو، وهو طبيب عيون قيل بأنه همزة
وصل أساسية في شبكة للدعم اللوجستي لـ ‘فارك‘.
من المحتمل أن يكون مونيوز
فرانكو قد حمل طلاب طب كوبيين مارسوا دراستهم التطبيقية في معسكرات لـ
‘فارك‘ خلال عامي 2000 و2001.
وترى السلطات الكولومبية
بأن هناك أدلة كافية ضده تسمح باتهامه كأجنبي مرتبط بالقوى المتمردة.
جيرانه في بالميرا يؤكدون بأنهم لم يسمعوا منه أي صخب ولم يبدر منه أي
إزعاج".
إنها جليَة النية الحمقاء
على إشراك الكوبيين في القضية، بالإضافة إلى الكذب بشأن أمر مستحيل،
وهو تواجد طلابنا للطب في تلك الغابة الكولومبية النائية. عندما يغادر
مهندس أو طبيب كوبي بلده، إنما هو أحد ينطلق حاملاً معارف غطّى شعبنا
تكاليفها بتضحيات كبيرة. في الثالث عشر بالذات من هذا الشهر، عاد إلى
الوطن 177 عضو في الفرقة الطبية و35 معلم بعد تنفيذهم لمهمتهم المقدسة
على مدى سنتين في تيمور الشرقية.
أنا بنفسي كنت في وداعهم
حين غادروا.
في تيمور الشرقية، التي
وقعت فيها عملية إبادة قبل نيلها لاستقلالها، نشأت نزاعات داخلية
تدعمها أستراليا، حليفة الولايات المتحدة، التي –أي أستراليا- استولت
على حقول الغاز في أنحاء سواحل تيمور الشرقية. في أي حال من الأحوال لم
يتخلَّ الأطباء الكوبيون عن مرضاهم، وهم جميع سكان ذلك البلد الصغير.
وقد مكث هناك الطاقم الذي حلّ محلهم. هؤلاء نعم هم أطباء وخريجون
كوبيون، ويتوفر منهم الآلاف، والذين تبذل الإمبراطورية ما لا يمكن ذكره
في سبيل رشيهم، ولا يتحقق إلا الضئيل من مسعاها.
لا يملك مثل هذه الثروة أي
بلد في النصف الغربي من العالم أو في العالم أجمع. إننا نؤهل اليوم
مئات الشبان من تيمور الشرقية في كلياتنا الطبية. والأطباء الذين عادوا
للتو هم نموذج عمّا يمكن أن يفعله الوعي.
مقال صحيفة "إلـ نويفو
هيرلد" المذكور هو محاولة واضحة أيضاً للتبرير بأنه بين الضحايا كان
يتواجد شبان مكسيكيون يتقابلون مع رييس، صدفةً أو لأية أسباب كانت،
ولكن هؤلاء الشبان لم يضعوا قنابل ولم يكونوا يستحقون الاغتيال بقنابل
يانكية بينما كانوا يسترخون فجراً.
صحيفة "إلـ ميركوريو"
التشيلية، وتحت عنوان "فارُّ يؤكد بأنه يمكن لقائد ‘فارك‘ أن يتعرض
للاغتيال"، تذكر على لسان بيدرو بابلو مونتويا، وهو متمرد سابق في صفوف
‘فارك‘، ما يلي:
"المتمرد الفارّ الذي قام
في الأسبوع الماضي بقتل خوسيه خوفينال فيلانديا، الملقّب ‘إيفان
ريّوس‘، عضو قيادة الـ ‘فارك‘، أشار يوم أمس إلى أن المتمردين ذوي
المراتب القيادية المتوسطة والدنيا ربما يقدِمون على قتل قادتهم، ومن
بينهم القائد الأعلى للمجموعة الكولومبية المتمردة، بيدرو أنتونيو
مارين، الملقب ‘مانويل مارولاندا فيليز‘ أو ‘تيروفيخو‘.
بيدرو بابلو مونتويا،
الملقّب ‘روخاس‘، والذي يتواجد منذ يوم الخميس الماضي تحت حماية الجيش
بعدما سلم نفسه مع عضوين آخرين في الـ ‘فارك‘ على أثر اغتياله لـ
‘ريوس‘، قال في مقابلة أجرتها معه صحيفة ‘إلـ تييمبو‘ الصادرة في
بوغوتا بأن معنويات المتمردين الذين لا مناصب لهم في الحضيض ويشعرون
بالإحباط بسبب ‘سوء معاملتهم‘ من قبل قادة المتمرّدين...!
بعدما قتل قائده، قام
‘روخاس‘ بقطع يده اليمنى ومثُل أمام العسكريين الذين كانوا يحاصرون
وحدته المتمردة ومعه الوثائق الشخصية لهذا، وكذلك حاسوبه الشخصي
المحمول.
في تصريحات أدلى بها لإذاعة
‘راديو كاراكول‘، قال ‘روخاس‘ أنه ليس لدى ‘فارك‘ النية على إطلاق سراح
المرشحة السابقة إنغريد بيتانكور. ‘ولا حتى من أجل ‘الصيّاح‘
–لن يطلقوا سراحها لأي سبب كان. فلتفكّر السيدة يولاندا –والدة
بيتانكور– بذلك...‘
وقال المتمرّد الفارّ بأنه
يأمل أن تُدفع له مكافأة مغرية عرضتها الدولة الكولومبية، وتبلغ ما
يعادل 2.6 مليون دولار، مقابل المعلومات عن قادة المتمرّدين، بينما
هناك جدل بين محامين حول ما إذا كان يتوجب دفع المكافأة له أم لا.
‘روخاس‘ تلقى الليلة الماضية دعماً كبيراً، إذ أشار المدعي العام
لكولومبيا، ماريو إيغواران، إلى أن ‘الادّعاء ليس من شأنه أن يوجه
اتهاماً بالقتل إلى شخص إيفان ريّوس، وبذلك تتاح الفرصة أمامه لكي يقبض
المكافأة‘".
أما صحيفة "ذي واشنطن
بوست"، وهي صحيفة واسعة الاطلاع على المزاج السائد في واشنطن، فقد نشرت
من جهتها مقالة في العاشر من آذار/مارس تحت عنوان "الملاك الحارس لـ
‘فارك‘"، كتبها جاكسون دييهل، يقول فيها:
"بلدان أمريكا اللاتينية
وإدارة بوش يشرعان اليوم ببحث سؤال أخطر بكثير، وهو ضمنياً قابل
للانفجار: "ما العمل بما تم الكشف عنها بشأن إقدام الرئيس الفنزويلي
على إقامة تحالف إستراتيجي مع قوات ‘فارك‘ ضد الحكومة الديمقراطية في
كولومبيا؟
"... مئات الصفحات من
الوثائق التي كشفت عنها كولومبيا ترسم بمجملها وضعاً أكثر إثارة
للقشعريرة...
ويتكشّف ذلك في سلسلة من
ثلاث رسائل إلكترونية تم إرسالها في شهر شباط/فبراير إلى القادة
الرئيسيين لـ ‘فارك‘ من قبل كل من إيفار ماركيز ورودريغو غراندا، وهما
المبعوثَين اللذين عقدا سلسلة من الاجتماعات السرية مع شافيز...
عند الافتراض بأن صحة هذه
الوثائق ثابتة –ومن الصعب الاعتقاد بأن يقوم أوريبي الذكي وصاحب
التقديرات البعيدة بتسليم الوسائل الصحفية العالمية ولمنظمة الدول
الأمريكية وثائق يعرف بأنها مزوّرة-، سيتعيّن على إدارة بوش وحكومات
أمريكا اللاتينية أن تتخذ قرارات مشؤومة حيال شافيز. أعماله التي تم
الكشف عنها تشكل قبل كل شيء انتهاكاً للقرار رقم 1373 الصادر عن مجلس
الأمن التابع للأمم المتحدة، الصادر في شهر أيلول/سبتمبر 2001".
تنطلق صحيفة "ذي واشنطن
بوست" من الافتراض بأنه لم يمكن إلا لأوريبي أن يخترع أو يسلّم تلك
الوثيقة لحكومة الولايات المتحدة، ولم تأخذ بالاعتبار أي احتمال آخر في
الوضع المعقَّد. غير أنه من المعروف بأنه منذ يوم الخميس، 13
آذار/مارس، اتصل شافيز هاتفياً بأوريبي واتفق معه على تبادل للزيارات
بين الرئيسين وتطبيع علاقات التبادل التجاري التي تعود بمنفعة كبيرة
على الشعبين. وشافيز من جهته لا يتخلى عن السعي للسلام بين الشعوب
الأمريكية اللاتينية الشقيقة.
الأكثر مبعثاً للدهشة هو
بحد ذاته الخطاب الذي ألقاه بوش في الثاني عشر من آذار/مارس وإرسال
لوزيرة الخارجية كوندوليسا رايس على وجه السرعة إلى كل من البرازيل
وتشيلي، وهو أمر أرغت الوكالات الصحفية وأزبدت في حديثها عنه.
"برازيليا، 13 آذار/مارس
2008 (أ.ف.ب).- وقّع كل من وزيرة الخارجية الأمريكية، كوندوليسا رايس،
ووزير المساواة العرقية البرازيلي، إدسون سانتوس، هذا الخميس اتفاقاً
لإطلاق خطة عمل مشتركة ‘للقضاء على التمييز العرقي‘.
ويُبرز نص الوثيقة أن بين
البرازيل والولايات المتحدة قاسماً مشتركاً وهو ميزتهما "كمجتمعين
ديمقراطيين متعددي الأقليات ومتعددي الأعراق".
أقرأ هذه الكلمات وأعيد
قراءتها. وبينما أختار البرقيات الصحفية وأكتب، أظن أنه عكس ما يحدث في
الواقع في الولايات المتحدة. إنه لأمر مدهش!
سأواصل غداً!
فيدل كاسترو روز
15 آذار/مارس 2008
الساعة: 5:17 مساءً
الجزء الثاني
--------------------انتهت.