|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
الفضاء الشاسع
لم يسبق لأحد أن رأى ثقب أسود. فلا شيء ولا حتى الضوء، ينجو من تلك الجاذبية. تسعون بالمائة من الكون مثل الثقب الأسود، غير مرئي. هذا ما يسميه علماء الفلك بالمادة الداكنة. لا يمكن استكشاف هذه الكتل المختبئة بأي موجة مهما بلغ طولها ومن أي أشعة راديو إطلاقا. بغياب تسعة أعشار الصورة المطلوبة، من المحتمل أن تكون نظرتنا إلى الكون خاطئة جدا. قد تكون المادة الداكنة مسئولة عن تطور وبنية الكون. تكمن المشكلة في أن غالبية هذه البنية غير مرئي، فكل ما نعرفه، هو أن الكون يتألف من وحوش كاسرة. نجمتين تتخذان مدارا فلكيا مشتركا، وتتمتعان بجاذبية متبادلة فيما بينهما. نحن لا نرى الجاذبية بل نرى تأثيراتها. جاذبية المواد الداكنة، تؤثر على دوران هذه المجرة. إذ يقاس دورانها من خلال ألوان تأثير دوبلر. تؤكد النتائج أن الجزء الخارجي من المجرة، يدور بسرعة أكبر مما تبرره المادة المرئية. أما السبب، فهي المادة الداكنة. ربما كانت الهالة المختبئة التي توازي عشرة أضعاف المادة المرئية هي التي تسرع المجرة. يجب ألا نمزج بين المادة الداكنة، والغيوم الداكنة التي تغمر هذه المجرة، فهذا مجرد غبار مرئي. المادة التي نبحث عنها، تجول متخفية في هذه النجوم.
وهي تلمع، لوجودها في هذا العنقود من المجرات. وتفاعلها يوحي بوجود مائة ضعف من المادة التي نراها. ولكن ما هي المادة الداكنة؟ هل هي نجوم ميتة؟ أو نجوم فاشلة؟ أو ثقوب سوداء؟ أم أنها جزيئات ما تحت الذرة من إثارة؟
هذا هو الكون المرئي حسب ما نراه. ولكن طبيعة المادة الداكنة ومساهمتها في تشكيل بنية هذا الكون تبقى بين أهم المسائل المبهمة في علم الكون. النجمة الأكبر تسحب المادة من شريكها الأصغر منها. تموت النجمة الكبرى في انفجار مستسعر. أما شريكها فيبقى حيا في مداره ويستمر بفقدان المادة. لأن النجم الأكبر تحول الآن إلى ثقب أسود. في الكون الحقيقي، سوف نرى النجمة التي بقيت على قيد الحياة تدور ظاهريا في فلك فارغ. هذا دليل يستخدمه علماء الفلك، للتعرف على الثقب الأسود. وهذا آخر، رغم أنه غير مرئي بذاته، إلى أن الثقب الأسود يشوه الضوء، والمدى في مساره. إذا اقتربت أكثر، تنتهي إلى العدم. الثقب الأسود هو نجمة مدمرة بكثافة هائلة، وجاذبية هائلة، بحيث لا يمكن لشيء ضمن الدائرة أن ينجو منه. لتشكيل ثقب أسود على قلب النجم المدمر أن يوازي على الأقل ثلاثة أضعاف حجم الشمس. ولكن تخيل الأرض كثقب أسود. حجم كوكبنا يقتصر على مجرد ثمانية ميليمترات. هي كثيفة لدرجة أن الضوء لا ينجو منها، ولا شيء يسافر أسرع من الضوء. ولكن يمكن للضوء أن ينحني، ما يمكن أن يساعد في العثور على المادة الداكنة. هنا، هذا الضوء من النجم الزائف، يسافر إلى الأرض.
إذا وضعنا عائقا كبيرا في الوسط ستشوه الصورة لدينا. قد يكون العائق مجرة تحتوي على كثير من المواد الداكنة، والكثير من الشد الجاذبي الهائل. تؤدي هذه الجاذبية إلى عدسة ضعيفة، تترك أثرا على ضوء النجم المزيف، فتحني وتضاعف صورته. الصورة التي تصلنا إلى الأرض هي أربع ملامح للنجم المزيف، تعكس المجرة في الوسط. درجة انحناء الضوء لتكشف عن حجم المواد الداكنة في المجرة.
عندما يكون تصوير الأشياء أقل تناسقا، يتشوه الضوء. الأقواس الزرقاء بعيدا في المجرات مشوهة بالعناقيد في مقدمة الصورة. ولكن المبدأ لم يتغير. تصوير الجاذبية، يساعد العلماء، على وزن المادة الداكنة.في طريق الحليب، حيث تتزاحم النجوم في مركز المجرة، نجد حلقة من الغاز. هي كتلة ثلاثين ألف شمس. بالنسبة لعلماء الفضاء، يؤكد ذلك مسألة رئيسية. السحب الهائل للثقب الأسود، هي حنجرة تتوسط مجرتنا، وتبتلع ملايين النجوم. يسود اعتقاد بأن اصطدام المجرات يؤدي إلى ثقوب سوداء هائلة الحجم. اندماج مجرتين أشبه بالرقص السماوي.
يتشكل الثقب الهائل عندما يتوحد قلبي المجرتين. هذه سانتوروس آ، التزاوج بين مجرتين إحداهما بيضاء مثل كرة السلة، والداكنة التي نراها على الطرف. عند قلبهما الواحد نجد ثقب أسود هائل الحجم. وهو بحجم يوازي ألف ضعف الثقب الذي في طريق الحليب. وهذا ثقب آخر، بحجمه تماما. يحيط بالثقب الأسود أسطوانة تعاظمية . تعرضها لجاذبية لا تقاوم، يجعل المادة تتوجه إلى الداخل. تتدفق بعض المواد في الزاوية الصحيحة للأسطوانة، لتنجو عند الهاوية، بموجات الصدمة المحيطة بفوهة الدوامة. في كل ساعة، يتم التهام ما يوازي حجم أربعة كريات أرضية.
وهنا ما هو أكبر حجما من السابق، إنه ثقب محاط بأكثر من بليونين ونصف البليون شمس. تتوسط مجرة فيرغو آ. هالة كبيرة من المواد ترتد عبر الفضاء. هذا هو فيرغو آ، كما يراه تلسكوب هابل الفضائي. حيث يمكن رؤية التدفق بوضوح تام. وهكذا يراه التلسكوب من على الأرض. لكن أكثر الثقوب السوداء غرابة ، تتصل بما يشبه النجوم المزيفة. ذلك أنها تشتعل في وسط المجرات البعيدة، بعنف شديد، لدرجة أنها تضيء المجرات بذاتها. تتغذى هذه على أشد الثقوب السوداء جشعا. وهي هائلة بحيث تستطيع أن تلتهم ما يوازي ست مائة كرة أرضية في الساعة. هذه صور هابل، التي تؤكد أن هذه المجرات هي أكثر الأشياء إنارة وأقواها في الكون.
ألبيرت أنشتاين أهم فيزيائي في القرن العشرين، توقع الكثير من تأثيرات هذه الأشياء الهائلة الحجم. توضح نظرية النسبية لديه، كيف لا تكتفي الأجسام بانحناء الضوء، بل تشوه الفضاء من حولها. يتنازع كوننا بين أخذ ورد الجاذبية، بجهد الأشياء الكبيرة الحجم.
الثقب الأسود هو المشوه الأكبر. فهو يميل بالمدى والضوء، بحيث لا نعرف ماذا يجري بداخله. مع أنه قد يشكل مدخلا إلى جزء آخر من الفضاء، أو حتى إلى كون آخر. --------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م