|
من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع | ||
|
|
|
الفضاء الشاسع
نعيش وسط غموض، يسمونه الكون. يمكن أن نقيسه، ونحلله، ونراقبه، وحتى أن نستكشفه. ولكن ما هو الكون؟ كيف بدأ؟ ولماذا بدأ؟ وكيف سينتهي؟ يرفض البعض فكرة أنه بدأ بالصدمة الكبرى. غالبية علماء الفضاء يقبلون بهذه النظرية، ورغم أنهم يشرحون كيفية ذلك، لكنهم لا يعرفون السبب. هذه نظرية الصدمة الكبرى.
انطلق كل شيء من خلال انفجار عنيف مفاجئ، من جزيء أصغر من الذرة، فولدت المادة، والمدى والزمن. وهي ساخنة جدا. في جزء الثانية الأول، توسع الكون إلى حجم المجرة. وبدأ حساء جزيئاتها ينمو أكبر وأكبر. وهي ساخنة جدا، لدرجة أن الطاقة تولد المادة ومضاد لها عشوائيا. إنها تبيد بعضها البعض، ثم تبدأ من جديد. تفوز المادة بجزء من البليون. للمادة أن تتحكم بكوننا. البروتون، والنيترون، والإلكترون. حتى أصبح عمر الكون ثانية كاملة. إنه مبهم، لا نستطيع أن نرى شيئا. ولكن علماء الفيزياء عالجوا الأمر. فقالوا أن عملية التوسع هذه جرت من خلال جزيئات أدنى من الذرة. فالذرات لم تكن قد تشكلت بعد. قبل ثلاث دقائق من الصدمة الكبرى، تشكلت العناصر الكيميائية الأولى. الهيدروجين، والهيليوم، وسلسلة من الليثيوم. لثلاثمائة ألف عام، كان الكون أشبه بالضباب. ولكن مع توسعه انخفضت الحرارة، وتحول الكون إلى الشفافية. للمرة الأولى، مر الضوء، والإشعاعات الأخرى، سريعا عبر الفضاء. لا يمكن للتلسكوب أن يعكس صورة بدايات الكون.
أما مسرع الجزيئات فيمكنه. هذا طاحن الذرات. تتزاحم الجزيئات المكهربة نحو بعضها البعض بما يقارب سرعة الضوء. وبجزء من الثانية، نصبح في بدايات الكون. يعيد الصدام المستمر توليد جزيئات الذرات التي غادرت مباشرة بعد الصدمة الكبرى، ليرفع الخمار عن الكون المبهم.
عام خمس وستين، اكتشف الأمريكيان روبيرت ويلسون وأرنو بينزاياس، أول إشعاع من الكون المرئي. التقط الجهاز الذي خلفهما صوت موجات مجهرية من جميع الاتجاهات. هي صدى الصدمة الكبرى، بمائتين وسبعين درجة تحت الصفر. بعد أن برد الكون، هذه الإشارة، وهي بالأصل فوق البنفسجية، انتقلت إلى موجات مجهرية، سميت بإشعاعات الفضاء الخلفية. هذه كوبي، مركبة استكشاف خلفية الكون، وهي تفسر صوت الموجات المجهرية. باعتبارها جهاز بالغ الحساسية لقياس الحرارة، تسجل كوبي حرارة الكون، بإزالة المنظومة الشمسية أولا،
وبعدها طريق الحليب. فلا يبقى سوى شحنة من الحرارة القديم، من أولى إشعاعات الكون المرئي، تؤكد بأن بنية بدائية قد ولدت. يستغرق تطور هذه البنية بليون عام.
المجرات الأبدية المتوسعة عنقوديا، والتعنقد المستمر، دون وجود ما يحول دون توسعها أكثر فأكثر. هنا التجاذب المتبادل يضم مجموعات من المجرات نحو التعنقد. ومنه إلى التعنقد الأكبر. ما زال تشكيل المجرات أشبه بالأحجية. نعرف كيف نمى عنقود أكبر كهذا، ولكن صدامها وتوالدها، يجعل من الصعوبة الكشف عن تاريخ المجرات منفردة. تشبيه الكمبيوتر يؤكد بأن عملية تطور عنقود أكبر عنيفة جدا، إذ تدور بعض المجرات خارج المنظومة بكاملها. تؤدي الجاذبية إلى رقصة فوضوية، قد تستغرق بلايين السنين. تبدو المجرات الشابة في بدايات الكون صغيرة جدا وغير اعتيادية. ربما نجم ذلك عن التوالد المتكرر لحطام أصغر. تلك المجرات الصغيرة لا تحتمل في حركة لولبية ناضجة كهذه. تؤكد الأفكار المعاصرة بأن نمو المجرات يعتمد على تجمعات أصغر من المادة، عبر اندماج بعد الآخر.
يمكن فهم حدث مباشر كهذا، بشكل أفضل. تفاعل المجرات مسألة معتادة. وكثيرا ما تستهلك بعضها البعض. المجرات الأكبر تلتهم الأصغر منها، هذا هو الحال حتى يومنا هذا. ولكن ما هو يومنا هذا؟ ما هو عمر الكون؟ إذا ما كان يتوسع ببطء نسبيا، يمكن أن نستنتج بأن الصدمة الكبرى وقعت قبل حوالي خمسة عشر بليون عام. إذا كان يتوسع بسرعة، فمعنى ذلك أن الكون أصغر، يتراوح عمره بين عشرة وخمسة عشر بليون عام. العودة إلى تاريخ الصدمة الكبرى هي إحدى الطرق ، أما الطريقة الأخرى في تحديد عمر الكون فتكمن في النظر إلى الكواكب التي تدور خارج ساحات مجرتنا. تشكل هذه النجوم جماعات تعد بما يقارب المليون، تسمى بحلقات عنقودية، وهي تضم أقدم النجوم الكونية. عبر تحليل ضوئها، نستنتج أن عمر هذه النجوم بقارب خمسة عشر بليون عام. إلا أن التفكير الأولي يوحي بأن عمر الكون يقارب أحد عشر بليون فقط. لا يمكن لهذه النجوم أن تكون أقدم من الكون. يساعد القمر الصناعي هيباكوس على حل هذه المعضلة. تكمن مهمته بقياس المسافة بين آلاف النجوم بدقة لم يسبق لها مثيل. يستخدم هيباكوس الخطوط الموازية. فهو يقيس انتقال النجمة من أقرب مسافة لها بالأبعد على الإطلاق. وهو يفعل ذلك من مواقع متعارضة في مدار الأرض حول الشمس. دقة هيباكوس أشبه بقياس كرة الغولف فوق مبنى الإمباير ستست، من الجانب الآخر من العالم. أثبت هيباكوس بأن بعض النجوم أبعد بنسبة عشرة بالمائة مما كنا نعتقد، ما يجعل عمر الكون يتراوح بين ثلاثة عشر وخمسة عشر بليون عام. واكتشف هيباكوس أن المجموعات العنقودية أبعد مما كان متوقعا لها أيضا. ما يجعل نجومها أصغر، بما يتراوح بين اثني عشر وثلاثة عشر بليون عام. كلما تقدم عمر الكون، كلما تباطأ في توسعه. إذا هل يمكن أن يتوقف، ويعود أدراجه؟ يحتمل، ولكن هناك نظرية تؤكد بأن توسع الكون سيستمر قدما. إلى أن تنتهي اللحظة كما في الألعاب النارية. ليتشتت الكون، ويسكن وينعزل. نظرية السحق الكبرى، أكثر مأساوية. عندما يوهن توسع الكون، يأخذ بالتمايل،، ويعود أدراجه. لن يحدث ذلك إلا بوجود ما يكفي من المادة في الكون. المادة تولد الجاذبية، والجاذبية وحدها قادرة على أداء عملية سحق فانية كهذه. قد يوجد ما يكفي من المادة، ومن المعتقد أن تسعون بالمائة من الكون، غير مرئي بعد. --------------------انتهت. إعداد: د. نبيل خليل
|
|
|
|
|
أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5
© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ / 2002-2012م